عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 31 ديسمبر 2009

الهولوكوست.. التمثيلية الكبيرة

الهولوكوست.. التمثيلية الكبيرة

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 29 - 12 - 2009




السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تحية إلى العاملين على الموقع، وجزاكم الله خيرًا على ما تقدمونه من خدمات للإسلام والمسلمين. لا أدري إن كان هذا هو القسم المناسب لإرسال هذا السؤال.. إن لم يكن كذلك أرجو تحويله إلى القسم المناسب تلقائيا إن أمكن وأكون شاكرا لكم.

سؤالي بخصوص "المحرقة" اليهودية "الهولوكوست"، التي قام بها النازيون ويزعم اليهود أن ستة ملايين يهودي ماتوا فيها، وهي تُدرَّس في المدارس وتقام الدنيا ولا تقعد لأجلها.. هناك رواية تسمى "Night" يدَّعي كاتبها "Elie Wiesel" أنه ناجٍ من المحرقة ويروي فيها قصته وما مر به خلال تلك المحنة؛ وهذه الرواية تدرس في مادة الإنجليزي هنا في المدارس الحكومية باعتبارها نوعا من القصص الواقعية "non-fiction".

المشكلة هي كيف يجب أن تكون ردة فعلي تجاه قصص كهذه؟.. أظن أنه على الأغلب -إن شاء الله- جزءٌ من الدرس والواجب سيكون كتابة ردود الأفعال حول ما قرأت، وكذلك مقال أو اثنين حول موضوع مرتبط بالقصة.. فهذه ستكون فرصتي لأحاول كشف بعض أكاذيبه.


وما أريد معرفته هو ما يلي:

1- ما مدى صحة ما يقولون؟.. كيف يكون هتلر قتل ستة ملايين يهودي ولم يقتل عددًا مماثلاً من غير اليهود؟، هل اليهود هم الأقلية الوحيدة؟!

كذلك أعرف أن الحرب العالمية الثانية مات فيها خمسة وخمسين مليون شخص -أو شيء من هذا القبيل-, فمن المسئول عن مقتل باقي الخمسين مليون؟ أليس الحلفاء -أمريكا وبريطانيا وروسيا.. اللذين يريدنا الكاتب أن نعتقد أنهم حرروا اليهود- مسؤولين عن مقتل نصف هذا العدد على الأقل؟... أتمنى إرشادي إلى المعلومات والأرقام حول العدد الحقيقي للقتلى من اليهود ومن غيرهم.. حتى يكون كلامي دقيقا.

2- من هو هذا الكاتب؟، وهل هناك أي دليل على أنه كاذب؟

أنا أحسست طول الوقت أنه مخادع, فهو دائمًا يتمسكن حتى يتمكَّن, يدعي أنه لا يكره أحدا, ويأخذ بتصوير معاناة اليهود حتى يخيَّل للقارئ أن هؤلاء الفلسطينيين الإرهابيين الوحشيين مثل هتلر!!!.. فمن هو؟

3- الكاتب يقول كيف يمكن لله أن يدع أمرًا كهذا "أي المحرقة" يحدث, ثم يبدأ السب -تعالى الله عما يقول علوًّا كبيرا-، المشكلة أن كثيرين هنا لا يؤمنون أصلا بالله ولا يبالون ماذا يقول, ولا أدري كيف يمكن أن أرد على ما يفتريه, فمهما قلت فلن يقتنعوا! المشكلة الأهم كيف أقول كلامًا منطقيًّا دون أن أتَّهم بمعاداة السامية؟!!

فعند قراءة القصة, ما يحصل للتلاميذ هو تعاطفٌ كبيرٌ مع اليهود ومع الكاتب بالذات, وهذا لاحظته في المرة السابقة, وحينها لم يكن لي الجرأة على الاعتراض، حتى أن الأستاذ سأل مرة -وكأنما بطريقةٍ تهكمية- هل هنا من يعترض على تدريس المحرقة في المدارس؟ شعرت كأن مدرِّسًا يسأل في الدول العربية: هل يعترض أحدٌ على تدريس إنجازات الثورة وشمائل السيد الرئيس؟.. لكن هذه المرة لا أريد السكوت.

ادعوا الله لي أن يوفقني، سنبدأ بقراءة القصة بعد أسبوعين إن شاء الله حسب ما قالت المعلمة, يعني الوقت ضيق, وأحتاج المساعدة, فأعينوني، حتى لو جاء الرد متأخرا, فلا بأس, فسأستفيد منه إن شاء الله فيما بعد.
وجزاكم الله خيرا.


المستشار مجموعة مستشارين

الحل:

الأخ الكريم؛ حياك الله وبارك فيك وحفظك، ونفع بك الإسلام والمسلمين.. وشكر الله لك غيرتك على الحق، وحرصك على استيضاح الحقائق وتوضيحها.

نقدم لك الإجابة على سؤالك والتي اشترك فيها كلٌّ من الشيخ نمر سلفيتي، والأستاذ هاني محمود المحرر الدعوي بالموقع:

أخي الحبيب؛ نسأل الله تعالى أن يسدد لسانك، ويرشدك إلى خير أمرك، وأن يثبتك في غربتك على دينك وإيمانك، وأن يردك إلى بلدك العراق سالمًا وراية العراق الحر عالية في سماء بغداد الخلافة.


عن الهولوكوست:

دعنا أخانا نبدأ معك بمحاولة التعرف على مصطلح "الهولوكوست".

- أما عن مصطلح الهولوكوست، فهو –كما ورد في معجم لاروس- يعني: "طقس للتضحية مألوف لدى اليهود، وفيه تحرق النار القربان بالكامل"، وهى تترجم إلى العربية بلفظ "المحرقة".

غير أنَّ دلالة الكلمة صارت –كما يشير روجيه جارودي- منذ السبعينات من القرن الماضي تشير تحديدًا على مأساة الإبادة النازيَّة لليهود، وصار معسكر الاعتقال النازي "أوشفيتز"Auschwitz علامةً على ذلك.

وهذه التسمية تحوِّل ما حدث لليهود إلى حدث استثنائي فريد لا يمكن أن يقارن بالمذابح النازية التي راح ضحيتها آخرون من غير اليهود.. ذلك أن ثمة طابعًا مقدسًا لمعاناة اليهود و"استشهادهم"!!!

ويخصص لضحايا الكارثة النازية من اليهود يوم حدادٍ خاص في 27 أبريل من كل عام، وتقدر المصادر الصهيونية أنَّ عدد الضحايا هو ستة ملايين يهودي!!!

ولا يشكك أحد –أخي الحبيب- في حدوث هذه المذابح النازية، ولكن ما قوبل بالتشكيك والرفض من كثير من المؤرخين والعلماء هو الصورة التي يحاول البعض طرح هذه الجرائم بها، وتهويل بعض جزئيات أحداثها، مثل تضخيم ما حدث لليهود، وكأنهم المتضرر الأوحد من هذه الجرائم، أو الأرقام الفلكية لضحايا اليهود "الشهداء" التي يروج أنها نتجت عن هذه الجرائم.. وجعل تهمة "العداء للسامية" سيفًا مسلطًا على رقبة كل من يفكر في توضيح الحقيقة فيها.


وإليك بعضًا مما قيل فيها:

- كتب راسينييه –أستاذ التاريخ المعاصر بفرنسا-، وهو أحد الداحضين لفكرة "الهولوكوست" أنه لا يوجد دليل قاطع لاستخدام غرف الغاز لقتل اليهود أو غير اليهود، ورأيه أنه ربما كان هناك وجودٌ لغرف الغاز إلا أنها كانت تستخدم تطهير أسلحة وأدوات الجنود، كما أنه من المعروف -كما يقول أحد تلامذة راسينييه- أنه كان يلزم ساعتان كاملتان لحرق جثة واحدة، فكيف يستوي إعدام الملايين في غرف الغاز ثم حرق جثثهم في المحارق، فما هو الوقت الذي كانت تستوجبه هذه العمليات؟، إنه وقت يزيد بكثير عن كل ما استغرقته الحرب العالمية الثانية بأكملها؟!

- الكاتب والباحث الأمريكي "آرثر بوتز" كتب كتابًا بعنوان (أكذوبة القرن العشرين)، وفي هذا الكتاب معلومات علمية دقيقة عن معتقل (أوشفيتز) الذي قيل إن 1.2 مليون يهودي تم إحراقهم فيه، فأثبت (آرثر بوتز) أن هذا المعتقل أحرقت فيه جثث الموتى بفعل الحرب (يهوداً وغير يهود) وأن جثثهم أحرقت حتى لا تتسبب في انتشار الأمراض المعدية بسبب تركها في الشوارع لفترة طويلة وأنه من الأرجح أن الذي بناها ليس هتلر بل (البولنديين) بعد الحرب، وأن الروائح التي انبعثت في الأفران التي أحرقت فيها الجثث، كانت أيضاً لخيول نافقة بفعل الحرب، والطريف أن هذا الباحث المدقق، قد أخذ "عينات" لتحليلها من أماكن المحرقة المزعومة ومن بقايا المحروقات، وخرج من كل هذا بأن هذه (المحارق) بالوصف الذي قدمه (اليهود الإسرائيليين) ومن لف لفهم من مؤسسات الابتزاز الأخلاقي العالمي، أكذوبة آن أوان فضحها.

- كتاب "دوجلاس ريد" الذي صدر في الولايات المتحدة سنة 1947، بعنوان "بعيدا وواسعا" "Far and Wide"، وكان "دوجلاس ريد" واحدا من أبرز الصحفيين البريطانيين الذين غطوا الحرب العالمية الثانية، وقد استوقفته بعد الحرب أسطورة "المحرقة النازية" والترويج لها، خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية.. وكان أسلوب "ريد" في مناقشة الأسطورة عمليا يستند بالدرجة الأولى إلى الأرقام ودلالتها، التي لا تكذب في حسابه، وقد أورد -ضمن ما أورد- إحصاء عصبة الأمم عن عدد اليهود في العالم سنة 1938، وهو آخر تقريرٍ سنوي لهذه المنظمة الدولية قبل الحرب العالمية الثانية، ثم قارنه بما ورد في أول إحصاء أصدرته الأمم المتحدة هي المنظمة الدولية التي حلت محل عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الثانية -وقد صدر سنة 1947، وإذا المقارنة تظهر أن عدد اليهود في العالم بعد الحرب (1939-1945) بقي بعدها كما كان قبلها في حدود 11 مليون نسمة.

- أضف إلى ذلك الدراسة القيمة التي أجراها المفكر الفرنسي المسلم "روجيه جارودي" ونشرها في كتابه المعنون (‏الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية‏) دار الشروق - القاهرة - الطبعة الأولى 1998، وذلك في فصلٍ كاملٍ أسماه "أسطورة الملايين الستة "الهولوكوست"، الذي ناقش فيها الادعاءات اليهودية المحاولة لترويج هذه الفكرة، والهدف من وراء الترويج لها موضحًا أن "الهدف من هذه الأسطورة التبرير الأيدولوجي لإنشاء دولة إسرائيل"، ومفندًا بشكلٍ علميٍّ وعمليٍّ الادعاءات والوثائق اليهودية حولها، مؤكدًا: "‏إنّه لا توجد وثائق يقينية بأنه تمت إبادة ستة ملايين يهودي في معسكرات الإبادة والاعتقال أيام حكم النازيين في ألمانيا‏"، وعن فكرة "أفران الغاز" يقول: "هذه الفكرة غير ممكنة التنفيذ من الناحية الفنية، وأن أحدًا لم يوضح حتى الآن كيف كانت تعمل هذه الأفران المزعومة، وما الدليل على ثبوت وجودها، وعلى من لديه الدليل على وجودها أن يتقدم".

موضحًا كيف تتم عملية التزييف للوثائق، فعلى سبيل المثال "قد استندت محكمة ‏"‏نورمبرج‏"‏ التي أنشئت لمحـاكمة مجرمي الحرب من النازيين، على شهادة على شكل تقرير كتبته فتاة يهودية كانت من ضمن المعتقلات في المعسكرات الألمانية، وأصدرت كتابًا بعنوان‏:‏ ‏"‏يوميات آن فرانك‏"‏، وتحدثت فيه عن غرف الغاز لحرق اليهود،‏ ويقول ‏"‏جارودي‏"‏‏:‏ "إن مخطوطة الكتاب قد كتبت بقلم ‏"‏جاف‏"‏ وهو قلم لم يكن معروفًا قبل عام 1951، في حـين أن هذه الفتاة ‏"‏آن فرانك ‏"‏ قد ماتت عام 1945".. وغير ذلك الكثير مما يفيد مراجعته في الكتاب، وهو مترجم إلى اللغة العربية.


شهاداتهم:

ولا تستغرب -أخي الكريم- اعتراف اليهود أنفسهم بكذب هذه الدعاوى:

- جاء في اعتراف الدكتور Kubovy -مدير المركز العالمي للوثائق اليهودية المعاصرة في تل أبيب- الذى نـُشر في جريدة La Terre Retrouvee في 15 ديسمبر 1960، والذي يعترف فيه أنه لم يصدر أمرٌ واحدٌ بالإعدام من زعماء النازية.. هتلر، أو هملر، أو هايدريك، أو جورنج.

- وكذلك كتاب (صناعة الهولوكوست) تأليف: د. نورمان فنكلشتاين اليهودي الأمريكي، والذي نشرت ترجمته دار الآداب - بيروت 2002، والذي يؤكد فيه كاتبه على أن "الهولوكوست" أصبحت صناعةً رائجة ليهود أمريكا يبتزون من خلالها المال من أوروبا، مضيفًا أنه من خلال "الهولوكوست" يبرر يهود أمريكا سياسة إسرائيل "الإجرامية" تجاه الفلسطينيين.. هذا مع أن أبويه كانا شاهدا عيان على تلك الفترة من جراء فترات طويلة أمضياها في معسكرات الاعتقال النازية.

- كل ذلك إضافة إلى كثير من الاعترافات التي تناقلتها الكتب والمذكرات والجرائد والتي كان بعضها لعدد من اليهود أنفسهم حول دور "المنظمة الصهيونية" في حدوث هذه الجرائم ابتداءً والتي كانوا يرونها مفيدة لتحقيق حلم "الوطن القومي لليهود" لإحكام سيطرتهم على يهود أوربا، والتعجيل في دفعهم للهجرة إلى فلسطين هربًا من "الإبادة النازية"، وإليك شهادة "د. رودلف فربا" وكان أحد الفارين القلائل من معتقل "أوشويتز" النازي، وجاء في مذكراته التي نشرت عام 1961، بجريدة (لندن دايلي هيرالد):

"أنا يهودي، وبالرغم من ذلك، فإنني أتهم بعض القادة اليهود، بأبشع أعمال الحرب، هذه الفئة من الخونة علمت بما يحدث لإخوانهم، لكنهم فضلوا شراء أرواحهم بالصمت عما يجري!!".

ويكفي دلالةً على ذلك ما حدث للباخرة "باتريا" عام 1942، حين وصلت إلى ميناء حيفا، على متنها المئات من المهاجرين اليهود، لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بالنزول في حيفا، وعرضت عليهم التوجه إلى مدغشقر، وبعد أن فشل الصهاينة في إقناع الإنجليز، قاموا بنسف الباخرة بمن فيها، وقاموا عقب ذلك بحملةٍ دعائية شعواء، زاعمين أن ركاب الباخرة قد نفذوا عملية "انتحار جماعي" لأنهم "فضلوا الموت على مفارقة الوطن".. وهو نفس ما فعلته العصابات الصهيونية ضد ركاب الباخرة "سترومي".


أما عن الأعداد التي يكثر الحديث عنها دائما فنكتفي بذكر ما يلي:

- يؤكد الكاتب "فنكلشتاين" أنَّ رقم الستة ملايين هو أكذوبة كان الهدف منها الحصول على أكبر قدر ممكن من التعويضات، والحصول على الدعم الدبلوماسي الغربي تعاطفًا مع ضحايا "الهولوكوست" التي احتكرها الصهاينة، فكأن "الرايخ الثالث" لم يقتل سوى يهود، فتمَّ نسيان السلاف والغجر واليونان والشيوعيين والمسيحيين المتدينين، وأصبحت المحرقة حكرا على اليهود.. مع أن "الغجر" شركاء اليهود في "الهولوكوست".

- حاول المؤرخ الفرنسي الشهير بول راسنيينه أن يواجه هذا الزيف وتلك الأكذوبة من بدايتها فأصدر عام 1948م، أهم كتاب تاريخي حول هذا الزيف وأسماه "تجاوز الخط" استعان فيه بالأرقام والإحصاءات الدقيقة عن أعداد اليهود في أوروبا وفي ألمانيا تحديدًا قبل وبعد الحرب العالمية الثانية وقارنهما بدقة شديدة، ليخلص من ذلك أن عددهم الذي قتل بفعل الحرب أو بفعل اضطهاد هتلر لهم ولغيرهم من الجنسيات غير الألمانية لم يتجاوز عدة مئات من الألوف.

- يقول روجيه جارودي في كتابه سابق الذكر: "أسفرت الحرب العالمية الثانية عن مقتل 50 مليونًا من البشر، 17 مليون منهم من مواطني الاتحاد السوفيتي، و9 ملايين من الألمان، كما تكبدت بولندا وغيرها من بلدان أوربا التي احتلها النازيون ملايين القتلى، ومثلهم من الملايين من بلدان أفريقيا وآسيا".. ويستكمل جارودي: "لم تكن الهجمة النازية إذًا مجرد "مذبحة" واسعة النطاق استهدفت اليهود في المقام الأول، أو استهدفتهم وحدهم -وهو الأمر الذي تحاول بعض الدعايات أن ترغمنا على تصديقه- بل كانت بالأحرى كارثة إنسانية".

ولم تكن مذبحة اليهود على يد النازية هي الأكبر في تاريخ البشرية الحديث -كما يسعى البعض لتصويرها-، حتى ينحصر الكلام حولها وإنما كانت هناك سوابق أبشع وأفظع بكثير:

- كان عدد الهنود الحمر 80 مليونا، أبادت أمريكا منهم 60 مليونا.

- يقدر بعض المؤرخين أن عدد من قتلتهم أمريكا من سكان أفريقيا أثناء أسرها العبيد ونقلهم إلى أمريكا قد يزيد على 100 مليون إنسان.

- ضحايا قنبلتي هيروشيما ونجازاكي بلغ عددهم 200 ألف قتيل، إلى جانب 150 ألف جريح.

وغير ذلك الكثير..


لذلك كان من الطبيعي -كما يقول جارودي- أن تصبح خرافة إبادة اليهود هي الشغل الشاغل للعالم كله، فالحديث عنها باعتبارها "أكبر عملية إبادة جماعية في التاريخ" يعني -بالنسبة للاستعماريين الغربيين- نسيان للجرائم التي اقترفوها.

الأهداف الصهيونية من الترويج للهولوكوست:

الكثير من الكتاب والمؤرخين الذين أيَّدوا الرأي الذي يقول أن "الهولوكوست" هو صناعة صهيونية، قد بينوا أهداف الصهيونية من وراء ذلك في النقاط التالية:

1- اتخاذ الهولوكوست ذريعة لطلب دعم الدول الغربية لقيام دولة إسرائيل، كتعويض لليهود عما ارتكب في حقهم من الجرائم.. لذلك لم يكن غريبا أن يعلن أحد الحاخامات أن: "إنشاء دولة إسرائيل هو الرد الإلهي على الهولوكوست".

2- دفع الصهيونية لليهود على الهجرة لإسرائيل هربا من "هولوكوست" آخر.

3- كانت "الهولوكوست" وسيلة لابتزاز للعالم كله من أجل الحصول على تعويضات مالية كبيرة تمول الدولة الصهيونية.

3- التغطية على المذابح الإسرائيلية للشعب الفلسطيني ودعم فكرة العداء للسامية، وإشهارها كسلاح فوق رقبة كل من يحاول النيل أو الهجوم أو النقد لإسرائيل.


وقد استعلمت الصهيونية وسائل عدة للدعاية للهولوكوست -كما بيَّن كثيرٌ من النقاد والكتّاب- ومن الوسائل التي تحدثوا عنها:

1- السعي في سبيل فرض دول عديدة -وخاصة في أوروبا- قوانين وتشريعات تعاقب كل من يحاول التشكيك في الهولوكوست.

2- السعي إلى أعطاء أهمية ثقافية ومكانة محورية للهولوكوست في تاريخ أوروبا والعالم، حيث فرضوا "أدب الهولوكوست" على العديد من المناهج التعليمية في المدارس، وعلى خطط البحث في الجامعات والمعاهد الأوروبية والأمريكية.

3- إنتاج عشرات الأعمال الأدبية والفنية التي تتناول الموضوع وفق التصور الصهيوني، ويكتبها كتاب مشاهير يهود وغير يهود، كذلك العديد من الأفلام السينمائية الضخمة الإنتاج التي تتناول الفكرة بشكلٍ يثير التعاطف الشديد مع اليهود.


أخي الكريم:

فلتكن تلك النقاط التي بيَّناها لك جزءً من زادك في مواجهةٍ عقلانيَّةٍ بعيدةٍ عن التعصُّب أثناء نقاشك موضوع "الهولوكوست" في مادتك المقرَّرة، وننصحك أخي بعدم التعامل مع هذه القضية من منطلق ديني، لأن القانون في كندا -حسبما نعرف- ينص على تجريم ذلك، ولكن يمكنك التعامل مع الأمر من منطلق تاريخي بحت، وذلك بأن تقوم مثلاً بإحضار كتاب من الكتب التي فندت أكذوبة الهولوكوست لأحد الكتاب الغربيين –وما أكثرها- وتطرحه كأن يدك وقعت على كتاب أردت أن تعرضه على مدرستك وعلى زملائك للنقاش حول مادته التي رأيتها مغايرة لمادة القصة التي تدرسونها، وتكون حينها في موقع المناقش الذي يطلب معرفة ما هو الصحيح، لا موقع المهاجم الذي قد يعتبر عندهم "معاديًا للسامية".

ويمكنك الاستفادة بأحد الكتب التي ذكرناها في ثنايا الإجابة، وهي بشكل مجمل:

- (أكذوبة القرن العشرين).. للكاتب والباحث الأمريكي "آرثر بوتز".

- (بعيدا وواسعا).. للصحفي البريطاني "دوجلاس ريد"، والذي صدر في الولايات المتحدة سنة 1947.

- (صناعة الهولوكوست) تأليف: د. نورمان فنكلشتاين اليهودي الأمريكي، والذي نشرت ترجمته دار الآداب - بيروت 2002.

- (تجاوز الخط).. للمؤرخ الفرنسي الشهير بول راسنيينه.

- (أكاذيب أوليس).. للمؤرخ الفرنسي الشهير بول راسنيينه.

أما عن كاتب القصة التي تدرسونها -أخانا الحبيب- فليس لدينا معلومات عنه أكثر مما هو متوفر على الإنترنت، ومصادرها يهودية أو غربية، فلا نظن أنها ستضيف إليك جديدًا.

أسعدنا تواصلك معنا، ويسعدنا أكثر أن نسمع ما يستجد من أخبارك.. فكن على تواصل معنا.

الأربعاء، 30 ديسمبر 2009

حقيقة ما يجري على السـودان

حقيقة ما يجري على السـودان

حامد بن عبد الله العلي
أضيفت بتاريخ : : 17 - 12 - 2009




(إن الدور الإسرائيلي في السودان ، لا يجب أن يتوقف ما لم يتحقق لحركة التمرد في الجنوب السوداني ما تحقق للأكراد في شمال العراق؛ إذ يجب أن يحصل الجنوبيون على الاستقلال ولو بقوة السلاح، ومن بعدها يتم استقلال مختلف الأقاليم السودانية، وعلى رأسها إقليم دارفور). شاؤول موفاز وزير الدفاع سابقا في الكيان الصهيوني.

( حرصت "إسرائيل" على إيفاد أنشط الدبلوماسيين والخبراء والمستشارين إلى إفريقيا، على غرار "إيهود أحزبائيل" و"أشير بن ناتان" رجل المهمات الصعبة في الموساد، حتى تجد موطئ قدم لها في جنوب السودان، من خلال إثيوبيا والكونغو ثم أوغندا وكينيا. وقد لعب " أهرون زعير": أحد كبار رجال الموساد والمسئول السابق في جهاز الدفاع خطة الاحتواء، من خلال إيفاد أكثر من خمسة آلاف خبير ومستشار، في الزراعة والبناء ، والتشييد، بالإضافة إلى المستشارين العسكريين، من أجل تنظيم وتدريب وتسليح جيوش تلك الدول المجاورة للسودان ) عن كتاب( إسرائيل وحركة تحرير السودان ) لموسى فرجي العميد المتقاعد من الموساد السابق.

( دور إسرائيل بعد انفصال الجنوب وتحويل جيشه إلى جيش نظامي سيكون رئيسيا وكبيرا، ويكاد يكون تكوينه ، وتدريبه ، وإعداده ، صناعة كاملة من قبل الإسرائيليين، وسيكون التأثير الإسرائيلي عليه ممتدا حتى الخرطوم، ولن يكون قاصراً على مناطق الجنوب، بل سيمتد إلى كافة أرجائه ليتحقق الحلم الإستراتيجي الإسرائيلي في تطويق مصر، ونزع مصادر الخطر المستقبلي المحتمل ضدنا ) المصدر السابق.

ليس من قبيل محض الصدفة أن تنشط ـ بإعتراف الصهاينة أنفسهم ـ في دارفـور 20 منظمة يهودية عاملة في أميركا، من بين منظمات أمريكية ، وجماعات تمثل الطوائف الدينية المختلفة في أميركا، وأخرى ناشطة في مجال الحقوق المدنية ، ولا هو أيضا من قبيل العفوية أن يعلن المتسلّلون من دارفور عبر مصر! إلى الكيان الصهيوني دون سواه ! (بأنهم فوجئوا بأنَّ الإسرائيليين الذين قابلوهم كانوا أناسا طيبين، قدموا المساعدة لهم ).

ولم يكن خافيا قط أن العلاقات بين السودان ، والكيان الصهيوني ، كانت تتأرجح إلى أن وصلت جبهة الإنقاذ ذات التوجهات الإسلامية للحكم في السودان عام 1989م ؛ فوضعت حداً للعلاقات مع الصهاينة ، ثـمَّ بقي الكيان الصهيوني يسعى لإسقاط نظام الجبهة بوسائل شتّى ، أهمّها توفير الدعم للمتمردين في الجنوب.

ومعلوم أنَّ الصهاينة يلعبون منذ منتصف القرن الماضي على استراتيجية التحالف مع الأقليات ، وذلك لفصلها عن البلاد العربية والإسلامية ، التي يرى الصهاينة في بقاءها موحدةً خطراً عليهم *

كما أنَّ الصهاينة مازالوا يسعون للحصول على تسهيلات في دول منابع النيل ، لاستخدام قواعد عسكرية ، على غرار القواعد السرية في جزيرة حنيش ، وهلك ، بأثيوبيا ، تعمل إضافة إلى أنشطتها العسكرية ، بأنشطة استخباراتية ، وبيع منتجات الصناعة العسكرية الصهيونية ، وشراء الولاءات العسكرية الإفريقية لصالح الصهاينة.

وقد نشرت وكالة استوشيتد برس بتاريخ 17 فبراير 2009م الخبر التالي : ( قال مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية لوكالة «أسوشييتد برس» إن عبد الواحد محمد نور زعيم حركة تحرير السودان المسلحة في دارفور اجتمع سراً مع مسؤولين كبار في المخابرات الإسرائيلية (الموساد) في وقت سابق من هذا الشهر. ورفض المسؤول، حسب الوكالة، الكشف عن المحادثات بين نور ومسؤولين في «الموساد» على هامش مؤتمر للأمن حضره نور).

وذكرت صحيفة «هاآرتس» الصهيونية على موقعها الإلكتروني أن عبد الواحد محمد نور التقى أثناء زيارته للكيان الصهيوني ، برئيس مكتب الأمن السياسي في وزارة الدفاع الصهيونية عاموس جلعاد ، إلا أنه لم يلتق مسؤولين من وزارة الخارجية لأن زيارته ليست رسمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن عبد الواحد وصل إلى الكيان الصهيوني ، في وقت سابق من الشهر الجاري بناء على مبادرة شخصيّة منه للمشاركة في مؤتمر هرتزليا ، وحضر عبد الواحد مع مجموعة من اليهود الأوروبيين، معظمهم فرنسيون مهتمون بقضية دارفور.

وقالت الصحيفة : ولم يتحدث عبد الواحد في أي من جلسات المؤتمر إلا أنه حضر العديد منها ، وأثناء المؤتمر تم تقديم عبد الواحد إلى جلعاد ، ورتب الاثنان للقاء عُقد بعدها بأيام قليلة في وزارة الدفاع ، ونقلت الصحيفة عن وزارة الدفاع الصهيونية ،قولها : إنه لمصلحة الأمن القومي فقد عُقدت عدة اجتماعات، وليس من عادتنا التعقيب على مثل الاجتماعات )أ.هـ. من الصحيفة
وكان هذا الخبيث قد صرح سابقا : (إن الحركة إذا وصلت إلى السلطة في السودان فإنها ستفتح سفارة لإسرائيل في الخرطوم، وقنصلية في إقليم دارفور ).

ولعل هذا هو الحل الذي قصدته ليفني عندما صرحت في 24 /5/2006م أن حكومتها ستساعد في إيجاد حل للأزمة في إقليم دارفور السوداني،وذلك خلال لقاء جمعها مع عدد من السفراء الأفارقة في تل أبيب!

ولقد كان العنف المتصاعد في دارفور ، التي مساحتها مثل مساحة فرنسا ، فرصة لا تعوّض ، للتحالف الصهيوصليبي ، للإنقضاض على السودان من غربه ، وذلك بتدويل الأزمة الدارفوريّة ، تحت شعار حقوق الإنسان المنتهكة ، فنشطت العشرين منظمة التي ذكرناها آنفا ، بتشكيل تحالف أطلقت عليه (تحالف إنقاذ دارفور) عام 2004م ، ثم أطلق هذا التحالف مناشدة لبوش للتدخل في دارفور لإنقاذ ضحايا (الهولوكوست)!

وقد دخل هذا أيضا في ضمـن استراتيجية أمريكية في الإستيلاء النفط السوداني ، منذ الإعلان عن اكتشاف نفط قدرت احتياطاته بـ 3 مليارات برميل ، في وسط السودان ، وجنوبه ، وقد قطعت أمريكا شوطا في إقحام شركات النفط الأمريكية إلى جنوب السودان ، بعد أن وضعت ما يفتح لها الباب واسعا لذلك في اتفاقية السلام.

ثم انطلقت لعبة تسخير المنظمات الدولية التي هي أدوات الإستعمار الجديد ، فركبت أمريكا حمارها المفضـَّل ، مجلس الأمن ، لتحقيق أهداف الصهاينة في السودان ، فلاعجب أن صدر في قضية دارفور وحدهـا 21 قرارا من مجلس الأمن الذي لم يصدر في شأن السودان أي قرار منذ 50 عاما !

والمفارقة المثيرة للسخرية أنَّ قرار مجلس الذي قرر إحالة الملف إلى ما يُسمّى بالجنائية الدوليّة ، يستثني مثول أميركيين ممن قد يتَّهمون في السودان ، في إطار بعثة الأمم المتحدة أو الاتحادالإفريقي أمام المحكمة الجنائية الدولية!

كما المفارقة المثيرة للعحب أنَّ ثلاثة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، لم توقّع على إتفاقية هذه المحكمة المهزلة ، وأنَّ السودان نفسه لم يوقـّع عليها.

ومع ذلك فالنظام العربي الخانع الذي هو أعظم أسباب ما يجري للسودان ، وما جرى للعراق ، وفلسطين ، وكلّ مصائب الأم ، غير قادر أن يقف موقفا ينسف هذه المهزلة التي تُسمَّى محكمة الجنائية الدولية ، ليحـوِّل هذه المسرحية الصهيوأمريكية إلى نكتة سمجة ، تتندر بها وسائل الإعلام ، مع أنهم جميعا يعلمون أنه قد يأتي اليوم الذي تضرب فيه ظهورهم بهذا السوط نفسه الذي يُلوَّح به الآن للسودان !

بل يتعامل النظام الرسمي العربي مع القرار السخيف ، لأوكامبو المجرم ، كأنَّه تهديد حقيقي لدولة عربية هي بمثابة قارة حجمــا، وقدرات ، وهذه الدولة علاقاتها حسنة مع بقية جوقة النظام العربي البائس ، فكيف لو كانت عدائيّة !

ومن الواضح أن هدف هذا القرار تقوية المعارضة المخترقة أمريكيا ، وصهيونيا ، على حساب السلطة السودانية ، في مخطط يستهدف تغيير جذري في الحالة السياسية في السودان ، يبـدأ بإسقاط الحالة الراهنة ، وينتهي بتقسيم السودان .

ولم تحصـل هذه المهانة التي وصل إليها النظام العربي ، بحيث أصبح كلَّ رئيس فيه ، معرض لضرب السياط على ظهره ، والبقية ينظرون كالخراف البائسة ، تنتظر دورهـا ، إلاَّ بثلاثة أسـباب :

أحدها : تركهم عزَّتهم بدينهم ، وشريعتهـم ، ورضاهم وضع رقابهم في أغلال ما يُسمَّى بالمنظمات الدولية ، وإنما هي أغلال بيد الغرب الإمبريالي ، وأدوات للهيمنة ، لا خير فيها ،

ولاريب أنَّ الرضا بحكمها ، والتحاكم إليها ، قبول بسبيل الكافرين على المسلمين ، وهو مناقض لأصل العقيدة الإسلامية ، لايجهل هذا إلاَّ مغموص القلب ، مطموس البصيرة ، نعوذ بالله من الضلالة.

أولـم يـر هؤلاء التائهون ، كيف تستهزئ هذه المؤسسات بكلِّ قيم العدالة ، فتغضّ طرفها عن جرائم الصهاينة التي شهدهـا العالم كلَّه في غـزَّة ، جهاراً ، نهاراً ، وتظاهر ضدَّهــا ، ثـمَّ ودماء أهل غزة ما زالت تنـزف ، هـي لاترى إلاّ ذنـب عمــر البشير !

ووالله الذي لا إله إلاّ هو ، ما رُمي الإسلام بسهم أوهى لجلَدَه ، وأوهن لعضده ، وأدمى لكبده ، من هذا السهم الذي يطلق عليه زوراً ، مؤسسات المجتمع الدولي ، وإنما هـي أوكار عصابة الإستبداد الغربي التي هي فرعون العصر ، أمريكا ، والإتحاد الأوربي.

والثاني : تركهم الجهاد في سبيل الله ، وهو عـزُّهم ، ومجدهـم ، ثـمَّ ياليتهم تركوه وشأنه ، بل حاربوه ، وحاربوا أهله ، ولاحقوهم ، فأهل هذه الفريضة الإسلامية العظيمة ، وذرة سنام الإسلام ، بين قتيل ، وسجين ، وهارب ، ومتّهـم !

مع أنَّهم خير الناس ، وأعلاهم منزلة في الإسلام ، وهم ملاحقـون في بلادهـم ، أشـدّ مما يلاحقهم الغرب نفسه، حتى إنَّ من العجائب التي تبكي ، وتضحك ، أنَّ بعض المفرج عنهم من غوانتنامو فضَّلوا البقاء فيه ، على تسليمهم لبعض دول النظام العربي البائس !

الثالث : تفرقُّهم فيما يسمونه أوطانا ، وتصييرهم لهـا أوثانا تعبد من دون الله ، يقدِّمونها على وحدة الأمَّة الإسلاميـة ، وأهداف رسالتها ، وقوّة جانبها ، ورفعة مكانتها ، ثم اختزلوا هذه الكذبة ، في أنظمة سياسية مُتْخمة بالفساد ، إنما هي أجهزة استخبارات ، يسمونها دولا ، ثم اختصروها في الزعيم وأسرته ، التـي تتحكم في كلِّ شيء ، حتى تتوارث البلاد ، والعباد ، كما يُتوارث القطيع ، والناس مستعبدون لهـم بكذبة الوطنيَّة ، مع أنـّه لا يسرق الوطن ، ويعبث بمقدراته ، ويعيث فيه فسادا إلاّ هـم ، قاتلهم الله ، أنى يؤفكـون.

ووالله الذي لا إله إلا هو ، ما بلغ أعداء الإسلام ، أشدّ ما كانوا به ائتمارا ، وأعدى ما كانوا عليه عدوانا ، وأصدق ما كانوا رغبة في الكيد له ، والنكاية به ، ما بلغ هؤلاء المجرمون من الطعن في الإسلام ، وإضعافه .

ولن يخرج هذا النظام العربي من بؤسه ، إلاَّ إذا أزال هذه الأسباب ، أو هـو في ذله ما بقـي ، تساق فيه الرؤوس ليطأ عليها فرعون في محكمته التي رضي النظام العربي البائس بحكمها ، وسجد على عتباتهـا!

قال الحق سبحانه : {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا . الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ . أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ . فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}.

والله حسبنا عليه توكّلنا وعليه فلتوكّل المتوكّلـون.

______

*وهذا يجري أيضا على التحالف السري ـ وراء تلك الهتافات الشيعية "التجارية" ضد إسرائيل ـ مع الأقليات الشيعية في دول الخليج ، بترحيب خفي من إيران التي تتقاسم أيضا العمل الإستخباراتي السرّي مع الموساد في العراق لتدميره وتقسيمه ، بتكتّم شديد .

تربية الأولاد على الصلاة

تربية الأولاد على الصلاة

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 25 - 12 - 2009
نقلا عن : أيمن محمد عبد العظيم




مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أيها الأب الكريم؛ أيتها الأم الحنون؛ أيها المربي الفاضل:

إنّ أولادنا أمانة عندنا، وهبها الله تعالى لنا، وكم نتمنى جميعاً أن يكونوا صالحين، وأن يوفقهم الله في حياتهم الدينية والدنيوية.

تذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» [رواه البخاري 893، ومسلم 1829]. وأولادنا سوف نُسأل عنهم، وتذكّر دعاء المؤمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان: 74].

وفي أسلوب معاملة أولادنا يُرْوَى عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لأن يؤدّب الرجل ولده خير له من أن يتصدق بصاع » [رواه أحمد 20394، والترمذيّ 1951 وضعفه الألباني]. والقول المأثور: "لاعبوا أولادكم سبعاً، وأدّبوهم سبعاً، وصاحبوهم سبعاً"، ولنعلم أن أولادنا في حاجةٍ لأمور كثيرة، فهم في حاجة للحبّ وفي حاجة للتقدير وللحرية وللنجاح.


أيها الأب الكريم؛ أيتها الأم الحنون:

أنتم النماذج لأولادكم، وتذكروا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له» [رواه الترمذي 1376، وقال: حسن صحيح، والنسائي 3651]. فليكن هدفنا أن نجعل من أولادنا أفراداً صالحين، وتذكّروا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق» [صححه الألباني].

ومما لاشك فيه: أنَّ تربية الابن على الصلاة فريضة شرعية؛ لإعداد الفرد الصالح والأسرة الصالحة والمجتمع الصالح الذي يطلق عليه القران الكريم: (الأمة الوسط)، والتي حمّلَها ربُّ العالمين مسئولية إقامة الحياة على منهاجه وشريعته، لتكون نظاماً حياتياً شاملاً.

- كيف نربي أولادنا على الصلاة؟
قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] .


أيها الأب، أيتها الأم:

نعلم جميعاً مكانة الصلاة في الإسلام، فمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «...وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاةِ» [رواه أحمد 11884، والنسائي 3939 قال الألباني حسن صحيح].

يتبيّنُ لنا: أن رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، ووصية النبي صلى الله عليه وسلم عند الوفاة، وهي وصية للأمة كلها: «الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» [رواه أبو داود وصححه الألباني].

لذلك يجب أن نعلم أن تعويد الطفل على الصلاة هدف حيوي في التربية الإيمانية للطفل، وتذكَّر بأن الطفولة ليست مرحلة تكليف، وإنما هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد، وصولاً إلى مرحلة التكليف عند البلوغ، فيسهل على الطفل أداء الواجبات والفرائض.


مراحل الصلاة:

أولاً: مرحلة تشجيع الطفل على الوقوف في الصلاة:

ففي بداية وعي الطفل يطلب منه الوالدان الوقوف بجوارهما في الصلاة، رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا عرف الغلام يمينه عن شماله فمروه بالصلاة» [رواه أبو داود، والبيهقي وضعفه الألباني].

ولنعلم جميعاً أن الأبناء في بداية طفولتهم قد يمرُّوا أمام المصلين ويجلسوا أمامهم وقد يبكون، فلا حرج على الوالد أو الوالدة في حمل طفلهم في الصلاة حال الخوف عليه، خاصّة إذا لم يكن بالبيت من يلاعبه، وليتذكّر الآباء أن صلاة الجماعة بالمسجد هي الأفضل، ومع ذلك فقد طالبنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأداء النوافل والمستحبات في المنزل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً» [رواه أحمد 13986، ومسلم 778]. وفي رواية: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبوراً» [رواه البخاري 432، ومسلم 888]، فحينما يرى الطفل والده ووالدته يصليان فإنه سوف يقلدهم.


ثانياً: أبناء مرحلة ما قبل السابعة:

وهي مرحلة الإعداد للصلاة، وتشمل:

- تعليم الطفل بعض أحكام الطهارة البسيطة: في أهمية التحرُّز من النجاسة، والاستنجاء وآداب قضاء الحاجة، وضرورة المحافظة على نظافة جسمه وملابسه، مع شرح علاقة الطهارة بالصلاة.

- تعليم الطفل الفاتحة وبعض قصار السور استعداداً للصلاة.

- تعليمه الوضوء وتدريبه على ذلك عمليّاً كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يفعلون مع أبنائهم.

- وقبيل السابعة نبدأ بتعليمه الصلاة وتشجيعه على أن يصلي فرضاً أو أكثر يومياً مثل صلاة الصبح قبل الذهاب إلى الروضة أو إلى المدرسة، ولا نطالبه بالفرائض الخمس جملة واحدة قبل سن السابعة.

- وتذكّر أيضاً: أهمية اصطحاب الطفل إلى صلاة الجمعة بعد أن تعلّمه آداب المسجد، فيعتاد الطفل على إقامة هذه الشعائر، ويشعر ببداية دخوله المجتمع واندماجه فيه.


ثالثاً: مرحلة ما بين السابعة إلى العاشرة:

ففي الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» [رواه أبو داود 494، واللفظ له، والترمذي 407، والدارمي 1431 وحسنه لألباني].

فيجب أن نعلّم الطفل هذا الحديث حتى يعرف أنه قد بدأ مرحلة المواظبة على الصلاة، ولهذا ينصح بعض المربين أن يكون يوم بلوغ الطفل السابعة حدثاً متميزاً في حياته، وقد خصّص النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث سنوات متواصلة لتأصيل أمر الصلاة في نفوس الأبناء، وتكرّر طلب الصلاة من الطفل باللين والرفق والحب, وبنظرة حسابية نجد أن عدد التكرار يصل خلال هذه الفترة إلى:
عدد الصلوات / عدد الأيام / أعوام / المجموع... 5 × 354 × 3 = 5310 صلاة.

أيّ: أنَّ الوالدين سيذكّرون أولادهم ويدعونهم إلى الصلاة بقدر هذا العدد الضخم في هذه الفترة مع أول حياتهم، وهذا يوضح لنا أهمية التكرار في العملية التربوية، مع ما يناسب ذلك من بشاشة الوجه وحسن اللفظ.

وفي هذه الفترة يتعلم الطفل أحكام الطهارة، وصفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض الأدعية الخاصة بالصلاة، ونحثّه على الخشوع وحضور القلب، وقلة الحركة في الصلاة، ونذكر له حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنّ العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها» [رواه أحمد 18415، وأبو داود 796، والنسائي 796 وصححه الألباني]. على أن نتدرّج معه في ذلك دون إكراه لصغر سنه.


رابعاً: مرحلة الأمر بالصلاة والضرب عليها:

من الضروري أن نكرّر دائماً في مرحلة السابعة على مسمع الطفل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حدد مبدأ الضرب بعد العاشرة تحذيراً من الانصياع وراء الشيطان، فإذا أصر بعد ذلك على عدم المداومة على الصلاة لابد أن يعاقب بالضرب، ولكن يظل الضرب معتبراً بالشروط التي حددها لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

إذا نشأ الطفل في بيئة صالحة واهتم والداه بكل ما ذكرناه، وكانا قدوة له في المحافظة على الصلاة، فإنه من الصعوبة ألا يرتبط الطفل بالصلاة ويحرص عليها، خاصة مع التشجيع المعنوي والمادي.

وفي هذه المرحلة (بعد العاشرة) يجب على الوالد -أو من يقوم بتربية الأولاد- أن يعلمهم أحكام صلاة الجماعة، وصلاة السنن مثل ركعتي الفجر والشفع والوتر.

يجب الاهتمام بصلاتي الفجر والعشاء في هذه المرحلة، وإيقاظ الطفل لأداء صلاة الفجر بالمسجد حتى يتعوَّدها، ويكون الوالد قدوة لولده في ذلك، وتعويد الطفل على المداومة على كل الفرائض مهما كانت الأسباب، خاصّة أثناء الامتحانات: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. فإن فاتته صلاة ناسياً فليصلها متى تذكّرها، فإذا فاتته تكاسلاً فلنعلمه أن يسارع بالاستغفار، وأن يعمل من الحسنات كالصدقات من مصروفه، وغير ذلك من أعمال الخير؛ لعل الله تعالى أن يغفر له، وذلك كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم: «وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» [رواه أحمد 20847، والترمذيّ 1987 وحسنه الألباني]. وحبذا لو أسهم المسجد في توفير النشاطات التي يجذب بها كقيام الليل، وحلقات القرآن، ودروس السيرة، والرحلات.

وننبه بعد ذلك على الخطوات السابقة واتفاق الوالدين عليها وتعاونهما معاً من أجل أن يكونا قدوة للطفل، وعلى الوالدين أن يكثرا من هذا الدعاء: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].


نصائح للوالدين:

(1) على الأب والأم أن يحرصا على أن يرى ابنهما فيهما دائماً يقظة الحسّ نحو الصلاة:

أ- فمثلاً: إذا أراد ابنك أن يستأذن للنوم قبل العشاء، فليسمع منك وبدون تفكير أو تردد: "لم يبق على صلاة العشاء إلا خمس دقائق، نصلي معاً ثم ننام بإذن الله".

ب- وإذا طلب الأولاد منكم الذهاب للنزهة أو زيارة أحد الأقارب وقت المغرب فليسمعوا منكم: "نصلي المغرب أولاً ثم نخرج".

جـ- من وسائل إيقاظ الحس بالصلاة لدى الأولاد: أن يسمعوا منكم ارتباط المواعيد بالصلاة فمثلاً: "سنقابل فلان في صلاة العصر، وسيحضر لزيارتنا بعد صلاة المغرب".

(2) نسأل الله العفو والعافية، إذا حدث أن مرض الصغير خاصة بعد سنّ العاشرة؛ فعلينا أن نعوّده أداء الصلاة حسب الاستطاعة، حتى ينشأ ويتعوّد أنّه لا عذر له في ترك الصلاة حتى إن كان مريضاً.

(3) إذا كنت في سفر: فعليك أن تعلّم ولدك رخصة القصر والجّمع، وتعلمه نعمة الله في الرُّخص وأنَّ الإسلام تشريع مملوء بالرحمة.

(4) تدرَّج في تعليم ولدك النوافل بعد أن تعلمه الفرائض.


(5) اغرس في ولدك الشجاعة من أجل دعوة زملائه للصلاة، وألا يجد حرجاً في إنهاء مكالمة تلفونية، أو حديث مع شخص بالمدرسة أو النادي، أو غير ذلك من أجل أن يلحق بصلاة الجماعة في المسجد، وأيضاً اغرس فيه ألا يسخر من زملائه الذين يهملون الصلاة بل يحرص على دعوتهم إلى هذا الخير.

(6) حاول أن تجلس مع زوجتك كل يوم جمعة، ولا تنس قراءة سورة الكهف، والإكثار من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والغدو المبكر لصلاة الجمعة، والإنصات للخطبة، ولبس أحسن الثياب؛ لينشأ الأطفال على هذا الخير.

(7) احرص أن يحضر أولادك صلاة العيدين والاستسقاء فيتعلق أمر الصلاة بقلوبهم، وردّد أمامهم أنك صليت صلاة الاستخارة وسجدت سجود الشكر.

(8) مكافأته على تحريه الدائم للحلال والحرام، وعلى التحلّي بالطاعات، لتعويده الإخلاص وتنمية ضميره الديني والخلقي، وتعريفه بما قاله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «إنّ للحسنة نوراً في الوجه، وضياءاً في القلب، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في القلب» [رواه أحمد 10846].

أي أنَّ علامة الطاعة أو المعصية التي عملت في الخفاء بعيداً عن رقابة الناس يظهرها الله على صاحبها في سلوكه بين الناس، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.


(9) مشاركته في ترديد أذكار اليوم والليلة ومتابعته فيها، وتعريفه بمعنى قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [سورة العنكبوت: 45]، وتعريفه أن الأدعية والأذكار والصلاة تحصن المسلم من كيد الشيطان: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]، وتعريفه بأن الصلاة والذكر من أهم أسباب حفظ الإنسان.

(10) تحبيبه في حفظ القران والأحاديث النبوية، ومتابعته في ذلك، وتعريفه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يجيء القرآن يوم القيامة؛ فيقول: يا رب حلّه، فيُلْبَس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب؛ زده. فيُلْبَس حلة الكرامة. ثم يقول: يا رب؛ ارض عنه. فيرضى عنه. فيقال له: اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة» [رواه الترمذيّ 2915، والدارميّ 3311 وحسنه الألباني].


(11) استخدام كل الوسائل المباحة شرعاً لغرس الصلاة في نفوس أولادنا ومن ذلك:

- المسطرة المرسوم عليها كيفية الوضوء والصلاة.

- جداول الحصص التي تحث على الصلاة.

- أشرطة الكاسيت والفيديو، وبرامج الكمبيوتر التي تعلّم الوضوء والصلاة وغيرها.


(12) اهتم وأنت تعلم أولادك بالآتي:

- ترديد الأذان مع المؤذن والدعاء بعده.

- دعاء الخروج من المنزل لأداء الصلوات.

- دعاء دخول المسجد والخروج منه.

- دعاء دخول الخلاء لقضاء الحاجة، وكذا الخروج.

- التسبيح بعد كل صلاة.

وغير ذلك من الأمور المبينة في شرح الصلاة وفرائضها وسننها وأعمالها القلبية.

كما يجب تحذير الابن من أداء الصلاة بطريقة نقر الغراب، أو سرقة الصلاة، ويجب تذكيره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس: سرقة الذي يسرق من صلاته! قالوا: يا رسول الله؛ وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها. أو قال: لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» [رواه أحمد 22136، والدّارمي 1328]. كما يجب أن نبين لهم حرمة ترك الصلاة وعقوبة تاركها.


كيف نعامل أطفالنا؟

- لقد حثَّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على استخدام الرّفق في كل شيء فقال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» [رواه أبو داود 4941، والترمذيّ 1924 وصححه الألباني].

- على كل من يوجه الأطفال أن يجتنب كثرة الأوامر.

- يجب أن يُثاب الطفل على السلوك الطيب بجوائز معنوية مثل إظهار الرضى، وأن يُثاب كذلك بجوائز أخرى مادية.

- في حال وقوع الطفل في خطأ: فلابد أن يُنبه على خطئه برفق ولين، ويتم تصحيحه، وألا نقول له: "إنك أخطأت"، ولكن نقول: "هذا الفعل خطأ".

أما إذا تكرَّر الخطأ عدة مرات فيمكن حرمانه من بعض ما يحب، فإذا استمر فيمكن اللجوء إلى أسلوب الزّجر ولكن دون إهانة أو تحقير وبخاصة أمام الأقارب والأصدقاء، لأن ذلك يؤدّي إلى الشعور بالنقص.


العقوبة البدنية:

ونتيجتها سريعة فهي تؤدي إلى نظام ظاهري سطحي يخدع، يغري الوالد بسرعة اللجوء إليها، وهذا خطأ، ولكن إذا استخدمها الأب فهناك شروط:

1- الضرب للتأديب كالملح للطعام، لابد أن يكون قليلاً حتى لا يفقد قيمته.

2- أن يكون غير شديد وغير مؤذٍ.

3- لا تضرب وأنت في حالة غضب شديد خوفاً من إلحاق الضرر بالولد.

4- تجنّب الأماكن الحساسة كالرأس والوجه والصدر والبطن.

5- لا تزد الضربات على ثلاث إذا كان الولد دون الحلم.

6- قم بذلك بنفسك ولا تتركه لأحد.

7- من الخطأ عدم إيقاع العقاب بعد التهديد.

8- يجب نسيان ما يتعلق بالذّنب بعد توقيع العقوبة مباشرة.

9- لا ترغم الطفل على الاعتذار بعد توقيع العقوبة مباشرة.

10- يجب ألا نطلب من الطفل أو نرغمه على عدم البكاء بعد العقوبة؛ لأنه ربما يبكي لإحساسه بالألم.


وصايا:

أيها المربي الكريم نوصيك بهذه الوصايا:

- عرّفوا أولادكم بين يدي من سيقفون؟!، إنهم سيقفون بين يدي العليم الخبير الذي لا يغفل ولا ينام.

- أعينوا أولادكم على الخشوع وعلى تقوى الله.

- أرشدوهم إلى الإخلاص لله، لأنه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم.

- طهّروا أرزاقكم، ولا تطعموا أولادكم إلا من الرّزق الحلال، فإن الجسد الذي ينبت من حرام فالنار أولى به.

- اقرأ القران، وعلّم ولدك حسن تلاوته، واشرح له المعاني التي اشتمل عليها.

- ذكّر ولدك بنعم الله، واجعله يفكر في آياته في السماء وفي الأرض وفي النفس وفي كل ما حوله.

- اغرس في ولدك الأخلاق، فإنها أساس هذا الدين بعد الإيمان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق» [رواه أحمد 8729].

- ليعلم الوالدان أن الضمير الخلقي للأولاد يتشكل منذ الطفولة المبكرة، وأنه يتكون من مشاعره حول ما هو حلال وما هو حرام، وما هو شر وما هو خير.

- إنّ الطفل منذ سن مبكرة يحتاج إلى الضبط والتوجيه من الكبار بعيداً عن القسوة والتدليل، لأنه في هذه السن يكون حريصاً على طاعة الكبار، لأن رضاه عن نفسه يتوقف على شعوره برضى الكبار عنه وحبهم له، فنجده يتقبّل القيم الخلقية دون مناقشة، إرضاءاً لوالديه وأصدقائه والكبار حوله، وبذلك يتكون ضميره الخلقي، أما قرب البلوغ فإنه لا يقبل أي مبدأ إلا بعد مناقشته والاقتناع به.

--------------------------

المراجع:
1. من تربية الأولاد- دار الطباعة والنشر الإسلامية (1999): أبو الحسن الحسيني.
2. طفلك ومشكلاته النفسية- دار السفير (1993): أحمد علي بدوي.
3. المهام التربوية للآباء، مرحلة ما قبل البلوغ- المركز المصري للطفولة (1998): علي لبن.

المساحة المغطاة من جسدك هي الأخرى مستهدفة

المساحة المغطاة من جسدك هي الأخرى مستهدفة

عبد المنعم الشحات
أضيفت بتاريخ : : 25 - 12 - 2009
نقلا عن : موقع صوت السلف

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فجأة وبدون مقدمات، وفي جميع بقاع الأرض من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها قامت حملة منظمة على النقاب، لكي تلقي عليه مسئولية كل أزمات صراع الحضارات الذي يرى القوم أنه كان يمكن ألا يكون لولا النقاب، وأن حرب أفغانستان والعراق كان يمكن تفاديها لولا النقاب، وأن تصريحات بابا الفاتيكان ما كانت لتخرج لولا أنه رأى في النقاب إصراراً من المسلمات الأوربيات على ألا ينصهرن في المجتمع الأوربي.


وكأن لابد للحملة من غطاء شرعي، فخرجت بعض النسوة ممن يغطين رؤوسهن ولكن بغطاء غير شرعي في وسائل الإعلام يكلن الاتهامات للنقاب مناديات بالاكتفاء بالحجاب بناء على مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام مالك، متناسيات أن الأئمة الذين لم يقولوا بوجوب ستر الوجه والكفين قد قالوا باستحبابه، وأما هؤلاء النسوة فقد قلن في النقاب ما قاله الإمام مالك في التبرج، ولم يقلن في التبرج شيئاً مما قاله فيه الإمام مالك ولا غيره من أهل العلم.


وليت الأمر ينتهي عند هذا الحد، ولكن الأطم أن كل واحدة من هؤلاء خرجت على المشاهدين بزي ليس فيه من شروط الحجاب الشرعي إلا النزر اليسير، فلا هو واسع، ولا هو عار من الزينة والزخرفة، بدليل أن إحداهن راحت متناسية سنها ودرجة الدكتوراة التي تحملها والعلم الشرعي الذي من المفترض أن تتحدث باسمه، تتغزل في حجابها الأنيق الذي يساير الموضة، ولا يخل بشياكتها كأنثى.


وحيث أن المنقبات رغم تزايد عددهن -بفضل الله- ما زلن قلة بين النساء فقد مكث الجميع إلا قليلاً في مقاعد المتفرجين على هذا الاستهزاء والسخرية من هذه الشعيرة التي لا تقل عن الاستحباب بحال من الأحوال، وسكت دعاة تحرير المرأة وحركات المجتمع المدني والسلم الاجتماعي000 الخ من المنظمات التي رأت في يوم من الأيام أن تكسير تماثيل بوذا عدوان على حرية طائفة من البشر، ولكنها لم تر تكسير الدنيا على رؤوس المنقبات أي عدوان يذكر.


ولأن القوانين الاجتماعية التي تحكم البشر تشبه في بعض خواصها القوانين الميكانيكية التي تحكم الأجسام، وكما ترى في إذا ما اتصل إناءان من ماء ببعضهما فلا يصل على الهدوء إلا عندما يتساوى ارتفاع الماء في الإناءين، ولأن الذين يريدون المعركة على الحجاب ليسوا هم هذه الدكتورة المحجبة الأنيقة ولا تلك، ولكن الذين يديرونها هم نواب إبليس في الأرض، يديرون المعركة من البلاجات ونوادي العراة والمحطات الإباحية، فلن يقنع هؤلاء إلا بأن يدخل جميع النساء إلى هذه المواخير.


والمرأة التي تخلع النقاب وترتدي الحجاب الشرعي هو أهون شراً، وإن كانت مازالت مستودعاً للشرور في حسهم، وكذا التي تترك الحجاب الشرعي إلى التبرج وهكذا.


ولذلك فلا عجب أن طوَّر هؤلاء الهجوم وبسرعة فاقت تصورات الجميع، لكي يعلنوا أن حتى غطاء الرأس الأنيق لم يعد مرغوباً فيه، وإنما الرغبة في الشعر العاري الذي يجعل صاحبته كالوردة بين الناس (مع أن ورود الطريق تنتقل من النظر إلى الشم إلى الحذاء ثم إلى مزبلة الطريق)، وهكذا صارت الحرب على الحجاب أياً ما كان نوعه (شيك أم غير شيك).


وكنا نود من الذين نافحوا عن الحجاب أمام النقاب -مع أنهما ليسا خصمين- أن يدافعوا بحرارة أكبر عن الحجاب أمام التبرج، ولكن لم يحدث شيء من هذا, وكالعادة ستبقى المسلمات المتبرجات يتفرجن على المعركة بل ربما تستهوي هذه المعارك بعضهن، مع أن المرأة المتبرجة وأولياءها يقع عليهم تبعات كبيرة في هذه الحرب على هذه الشعيرة الإسلامية، فوجود التبرج هو الذي يغري هؤلاء القوم بمحاولة تعميمه وفرضه بالإرهاب الجسدي تارة والفكري تارات أخرى.


ويجب على المتبرجة أن تدرك أن ذنبها الآن لا يقتصر رغم عظمه في ذاته على الذنب ذاته، بل يتضمن إغراء الأخريات بمثل فعلها لاسيما إن فرحت بهذه الحملة أو استروحت لها، ومما ينبغي أن تعلمه المتبرجات وأولياؤهن أيضاً أنهم وإن رضوا بمعصية التبرج مع النفور والبعد عن المعاصي الأكثر خطراً والأكبر جرماً عند الله -مع أن كل معصية جرم وإن صغرت في عين فاعلها- فإن القوم لا يخفون أغراضهم ومآربهم، وسوف يسعون إلى تقليص المساحة المستورة من جسد المتبرجة إلى أن ترضى المسلمة بما ترونه على شاطئ البحر، أو بما هو دونه في المواقع الإباحية، وسوف تدار المعركة كما تدار المعارك الحربية تماماً اتخاذ هدف محدد، وبعد الوصول إليه يتخذ الهدف الذي يليه. فهل تفيق أمتنا قبل فوات الأوان؟؟

الاثنين، 28 ديسمبر 2009

النقاب عبادة وليس عادة

النقاب عبادة وليس عادة

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 21 - 12 - 2009
نقلا عن : سندس مجدي



(ردٌ على كتاب: النقاب عادة وليس عبادة)


قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65].

وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} [الأحزاب: 36].


تقديم:


الحمدلله.. فهذا ردٌ على كتاب (النقاب عادة وليس عبادة) الذي أعده الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري، وقد نقلت من أقوال العلماء والمفسرين ما أظنه يكفي للرد، ثم علقت على بعض أمور بالكتاب المذكور، فالحمدلله الذي وفقني في هذا وأسأله سبحانه أن ينفع به.

سندس مجدي
12 ربيع أول 1430
9 مارس 2009


أقوال العلماء في مسألة تغطية وجه المرأة

{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

جاء في (تفسير الجلالين) في قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}: "وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب". اهـ.

وجاء في (تفسير السعدي)": {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} كالثياب الجميلة والحلي، وجميع البدن كله من الزينة، ولما كانت الثياب الظاهرة، لا بد لها منها، قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} وهذا لكمال الاستتار، ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، كما ذكرنا". اهـ.

وفي (صفوة التفاسير) يذكر الشيخ محمد علي الصابوني – الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز – في تفسيره للآية الحادية والثلاثين من سورة النور ما يلي: "{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي ولا يكشفن زينتهن للأجانب إلا ما ظهر منها بدون قصد ولا نية سيئة، قال ابن كثير: أي لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، كما قال ابن مسعود: الزينة زينتان: فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب، وقيل المراد به الوجه والكفان فإنهما ليسا بعورة، قال البيضاوي: والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة". اهـ.


وفي تفسير البغوي المسمى (معالم التنزيل) يذكر الإمام البغوي قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يعني لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية مثل الخلخال والخضاب في الرجل والسِوار في المِعصَم والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة. قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أراد به الزينة الظاهرة ، واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى، قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي: هو الوجه والكفان، وقال ابن مسعود: هي الثياب بدليل قوله تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وأراد بها الثياب، وقال الحسن: الوجه والثياب، وقال ابن عباس: الكحل والخاتم والخضاب في الكف، فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة، فإن خاف شيئا منها غض بصره، وإنما رُخِّص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة، وتؤمر بكشفه في الصلاة، وسائر بدنها عورة يلزمها ستره". اهـ.

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59].


جاء في (تفسير الجلالين): 59 – {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة {ذَلِكَ أَدْنَى} أقرب إلى {أَن يُعْرَفْنَ} بأنهن حرائر {فَلَا يُؤْذَيْنَ} بالتعرض لهن بخلاف الإماء فلا يغطين وجوههن فكان المنافقون يتعرضون لهن {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً} لما سلف منهن لترك الستر {رَحِيماً} بهن إذ سترهن. اهـ.



وجاء في (تفسير السعدي): "هذه الآية، التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد من غيرهن، ولأن الآمر [لغيره] ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} أن {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي: يغطين بها، وجوههن وصدورهن.

ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} دل على وجود أذية، إن لم يحتجبن، وذلك، لأنهن إذا لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما استهين بهن، وظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.
{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم، بأن بين لكم الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب من جهتهن. اهـ.


وفي (صفوة التفاسير) يقول: "{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أي قل يا محمد لزوجاتك الطاهرات – أمهات المؤمنين – وبناتك الفضليات الكريمات، وسائر نساء المؤمنين، قل لهن يلبسن الجلباب الواسع، الذي يستر محاسنهن وزينتهن، ويدفع عنهن ألسنة السوء، ويميزهن عن صفات نساء الجاهلية، روى الطبري: عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة، وروى ابن كثير عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى، {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} أي ذلك التستر أقرب بأن يعرفن بالعفة والتستر والصيانة، فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد، وقيل: أقرب بأن يعرفن أنهن حرائر ويتميزن عن الإماء". اهـ.


ثم كتب الشيخ تحت عنوان (الرد على من أباح كشف الوجه، وطائفة من أقوال المفسرين في وجوب ستره) ما يلي:

1. قال ابن كثير: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب".

2. وقال ابن الجوزي: "في قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أي يغطين رءوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر".

3. وقال أبو السعود: "ومعنى الآية أن يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي".

4. وقال الطبري: "أي لا تتشبهن بالإماء في لباسهن إذا خرجن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن؛ لئلا يتعرض لهن فاسق".

5. وقال في البحر: "والمراد بقوله {عَلَيْهِنَّ} أي على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه".

6. وقال الجصاص: "وفي الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجانب لئلا يطمع فيها أهل الريب". اهـ.


وفي (معالم التنزيل) يذكر الإمام البغوي في هذه الآية: " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}، جمع الجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار ، وقال ابن عباس وأبوعبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر". اهـ.

ويقول الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي في (التفسير الوسيط للقرآن الكريم) تفسيرا لهذه الآية: "والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن تلبسه المرأة فوق ثيابها. والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدا عن مكان التهمة والريبة. قالت أم سلمة – رضي الله عنها - :لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأنّ على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها". اهـ.


وفي كتاب (حجاب المرأة المسلمة) يقول العلامة الألباني بعد أن أورد آراء لبعض العلماء في مسألة تغطية الوجه ورجح أنه ليس بعورة وذكر أدلته على ذلك ، كتب تحت عنوان (مشروعية ستر الوجه) ما يلي:

هذا، ثم إن كثيرا من المشايخ اليوم يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها كشفه بل يحرم، وفيما تقدم في هذا البحث كفاية في الرد عليهم، ويقابل هؤلاء طائفة أخرى يرون أن ستره بدعة وتنطع في الدين! فإلى هؤلاء نسوق الكلمة التالية:

ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهودا في زمانه صلى الله على وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» [البخاري 4/42].


* قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (تفسير سورة النور) ص56: "وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن. انتهى كلام ابن تيمية.

والنصوص متضافرة – والكلام للألباني - على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن، وإليك بعض الأحاديث التي تؤيد ما نقول:*(ذكر الألباني عدة أحاديث اكتفيت منها باثنين)

1- عن عائشة قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه.

2- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: " كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام".


ثم قال الألباني بعد أن ذكر الأحاديث:
ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على أن حجاب الوجه كان معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم، وأن نساءه كن يفعلن ذلك ، وقد استن بهن فضليات النساء من بعدهن:
عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين (1) وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله قال الله تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ}، قال: "فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟"، فنقول: " {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} "، فتقول: هو إثبات الحجاب"(2).

ويعلق الألباني قائلا: "فيستفاد مما ذكرنا أن ستر المرأة لوجهها ببرقع أو نحوه مما هو معروف اليوم عند النساء المحصنات أمر مشروع محمود، وإن كان لا يجب ذلك عليها، بل من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج". اهـ

وفي (رسالة الحجاب) يسوق فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عددا من الأدلة على وجوب ستر وجه المرأة ومنها بعض ما ذكرت من تفسير الآيات الكريمة ، ثم قام بالرد على القائلين بجواز كشف الوجه ، وكان مما قال ما يلي: "إننا إذا تأملنا أدلة جواز كشفه وجدناها لا تكافئ أدلة المنع. ويتضح ذلك بالجواب عن كل واحد منها بما يلي3) عن تفسير ابن عباس ثلاثة وجوه:
أحدها: محتمل أن يكون مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام ، ونقلنا كلامه آنفا".

ـــــــــ

1.هي أم هذيل الأنصارية البصرية ، وهي تابعية فاضلة،قرأت القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة،وماتت وهي ابنة سبعين،قال إياس بن معاوية:ما أدركت أحدا أفضل من حفصة. ماتت سنة 101.
2. اكتفيت بواحد من المثالين اللذين ذكرهما الشيخ.
3. اكتفيت برد واحد ومن أراد الاستزادة فليقرأ (رسالة الحجاب) الشيخ محمد بن صالح العثيمين.

الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ، ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}، كما سبق في الدليل الثالث من أدلة القرآن.

الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حُجَّة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر، فإذا عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى ، وابن عباس رضي الله عنه قد قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره. فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحا في تفسيرهما. اهـ.


تعقيب:

وأقول – مستعينة بالله – هذه هي أدلة مشروعية كشف الوجه وهذه آراء العلماء بين موجب للتغطية وبين مجيز مستحسن لها، فكيف يدعي وزير الأوقاف أنه لا يوجد دليل واحد في القرآن أو في السنة أو في العقول السليمة يؤيد تغطية وجه المرأة! ويزعم أن النقاب عادة وليس عبادة!

ثم إن حديث الفضل بن العباس والمرأة الخثعمية التي كان ينظر إليها ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، حيث يستدل به القائل بأن المرأة كانت كاشفة الوجه ولم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم، والحاصل أن هذا كان في الحج والمرأة كانت محرمة والمحرمة لا يلزمها تغطية الوجه كما هو معلوم من أن للمحرم أحكام خاصة.


كذلك حديث المرأة سفعاء الخدين التي قامت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وعظ النساء وأمرهن بالصدقة، فقد جاء في الحديث أنها من سطة النساء وفي رواية من سافلة النساء وفي رواية أخرى ليست من علية القوم، وكل ذلك يدل على أنها كانت من الإماء ، والإماء لا يلزمهن ما يلزم الحرائر.

وعلى الصفحتين الثالثة عشر والرابعة عشر من الكتاب يذكر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر طائفة من أقوال أهل العلم التي تفيد بأن وجه المرأة ليس بعورة، ويذكر أنه يميل إلى هذا الرأي، ثم يقول بأن النقاب عادة ولا صلة له بالعبادة كأنه استنتاج من الآراء المذكورة، غير أن أيا منها لا يفيد أكثر من جواز كشف الوجه ، ولم ينكر أي من العلماء –الذين ذكرهم- تغطية الوجه، بالإضافة إلى مناقضة هذا الكلام لكلامه في تفسير الآية 59 من سورة الأحزاب في التفسير الوسيط!


وعلى الصفحة الحادية والعشرين من الكتاب البحث الصادر عن دار الإفتاء المصرية في مسألة النقاب، وأجد فيه ما يلي: "ويرى بعض الفقهاء أن كل شئ من المرأة عورة بالنسبة للأجنبي عنها حتى ظفرها، ورُوي عن الإمام أحمد أنه قال: "إن من تَبِينُ زوجتُه منه لا يجوز أن يأكل معها"؛ لأنه مع الأكل يرى كفها"، فهذا من داخل الكتاب نفسه مما أورد وزير الأوقاف!!

وعلى الصفحة السابعة والعشرين: وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب، وغيرها فيستحب. هذا أيضا من داخل الكتاب!!

ويقول وزير الأوقاف على الصفحة السابعة والثلاثين: "يقول البعض: لا بأس أن تضع المرأة نقابا على وجهها اقتداء بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم".

ثم يقول: "لا بأس أيضا من تحريم الزواج على المرأة إذا مات زوجها امتدادا لهذه الأسوة". اهـ.


وأنا أتعجب حقا من هذا المنطق!، وأقول أن الأصل أنهن الأسوة والقدوة كما أن الأصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأسوة والقدوة، ولا يمكن قياس هذا على ذاك ، وإلا فقل لي أي التوجيهات التي وردت لنساء النبي صلى الله عليه وسلم لا تطالَب بها المسلماتُ عامة؟ قال الله تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً . وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، فهل بهذا المنطق نقول هذا خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يحل لغيرهن الخضوع بالقول والتبرج وترك الصلاة ومنع الزكاة ومعصية الله ورسوله!!، أستغفر الله من أن يكون هذا.


وعلى الصفحة الخامسة والخمسين من الكتاب أجد الاستدلال بالآية الكريمة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} هل من الممكن رد حكم شرعي لأننا نرى بعقولنا القاصرة أن فيه حرج؟، من الذي يحدد ويقرر؟، أليس هو الله جل وعلا الذي يعلم من خلق؟، ثم إن تغطية الوجه مسألة خلافية بين الفقهاء ما بين الوجوب والاستحباب، وهو ما يعطي سعة في الأمر، ولكن لا ينفي المشروعية، فالذي ينفي مشروعية تغطية الوجه إنما يُئوِّل كلام العلماء ويستغل جهل العامة.

وعلى الصفحة السادسة والخمسين والسابعة والخمسين يتحدث عن كون تغطية الوجه مشقة على المرأة، ويذكر حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: "ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما." ولم يذكر تكملة الحديث وهي".. ما لم يكن إثما".


وختاما أقول.. أليس من الأجدر أن يكون الخطاب للمتبرجة التي لا تلتزم أمر الله بعدم ارتدائها الحجاب الشرعي الذي لا خلاف فيه بين العلماء؟ سبحان الله.. أنترك العاصية التي تفعل ما من شأنه إفساد المجتمع ونتوجه بالكلام لمن لا تبدي شيئا منها، حقا أتعجب!!

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم آمين.


ـــــــــــــــــــــ


المراجع

1. التفسير الوسيط للقرآن الكريم ، ا.د./ محمد سيد طنطاوي ، دار السعادة ، المجلد الحادي عشر.

2. تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل، الإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي المتوفى سنة 516، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1414 – 1993، الجزء الثالث.

3. تفسير الجلالين، بيروت، لبنان، دار المعرفة للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1404- 1984.

4. تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله المعروف بابن سعدي.

5. حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة، محمد ناصر الدين الألباني، القاهرة، دار الاعتصام، توزيع دار الجهاد، الطبعة الخامسة، 1398هـ.

6. رسالة الحجاب، الشيخ محمد بن صالح العثيمين، دار الاتباع.

7. صفوة التفاسير، الشيخ محمد علي الصابوني (الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز- مكة المكرمة)، دار الصابوني، الطبعة التاسعة، المجلد الثاني.

8. فضل أم فرض، محاضرة لفضيلة الشيخ مصطفى العدوي.

بين عيدين جورج والعيد

بين عيدين جورج والعيد

عبد الملك القاسم
أضيفت بتاريخ : : 27 - 11 - 2007
نقلا عن : دار القاسم


جورج رجل أمريكي بدين الجسم عريض المنكبين تجاوز الخمسين من عمره ويتمتع بصحة جيدة وحيوية ونشاط.. يعيش في بلدة صغيرة شمال مدينة واشنطن، ورغم المغريات المادية في المناطق الأخرى إلا أنه أحب بلدته وأصر على العيش فيها حيث يقضي نهاره في عمله التجاري متنقلا بين أطراف المدينة وإذا أمسى النهار عاد إلى دوحته الصغيرة مستمتعا بالهدوء والراحة مع زوجته وابنتيه وابن شاب تجاوز مرحلة الدراسة الثانوية وبدأ يخطط للالتحاق بالجامعة.

لما أقبل شهر ذي الحجة.. بدأ جورج وزوجته وأبناؤه يتابعون الإذاعات الإسلامية لمعرفة يوم دخول شهر ذي الحجة.. وتمنوا أن يكون لديهم رقم هاتف سفارة إسلامية للاتصال بها لمعرفة يوم عرفة ويوم العيد فلقد أهمهم الأمر وأصبح شغلهم الشاغل.. فالزوج يستمع للإذاعة والزوجة تتابع القنوات والابن يجري وراء المواقع الإسلامية في الإنترنت.

فرح جورج وهو يستمع إلى الإذاعة لمتابعة إعلان دخول شهر ذي الحجة وقال: الإذاعة مسموعة بوضوح خاصة في الليل ولما حدد يوم الوقفة ويوم العيد وتردد في الكون تكبير المسلمين في أرجاء المعمورة. شمر جورج عن ساعده وأحضر مبلغا كان يدخره طوال عام كامل.. وبعد الظهيرة من اليوم التالي قال: عليَّ أن أذهب الآن لأجد الخروف الحي الذي لا يتوفر سوى في السوق الكبير شرق المدينة، ساوم جورج على كبش متوسط بمبلغ عال جدا ولما رأى أن المبلغ الذي في جيبه لا يكفي بحث عن أقرب صراف بنكي وسحب ما يكفي لشراء هذا الكبش فهو يريد أن يذبح بيده ويطبق الشعائر الإسلامية في الأضحية.. مسح جورج على الكبش وحمله بمعاونة أبناءه إلى سيارته الخاصة وبدأ ثغاء الخروف يرتفع وأخذت البنت الصغيرة ذات الخمس سنوات تردد معه الثغاء بصوتها العذب الجميل. وقالت لوالدها: يا أبي ما أجمل عيد الأضحى حيث ألعب مع الفتيات دون الأولاد ونضرب الدف وننشد الأناشيد، سوف أصلي العيد معكم وألبس فستاني الجديد وأضع عباءتي على رأسي، يا أبي: في هذا العيد سوف أغطي وجهي كاملا فلقد كبرت.. آه... ما أجمل عيد الأضحى سنقطع لحم الخروف بأيدينا ونطعم جيراننا ونصل رحمنا ونزور عمتي وبناتها ! ياأبي ليت كل أيام السنة مثل يوم العيد.. ظهرت السعادة على الجميع وهم يستمعون للعصفورة كما يسمونها.

انفجرت أسارير الأب وهو يلقي نظرة سريعة إلى الخلف ليرى أن مواصفات الكبش مطابقة لمواصفات الأضحية الشرعية فليست عوراء ولا عرجاء ولا عجفاء.. ولما قرب من المنزل وتوقفت السيارة هتفت الزوجة يا زوجي.. يا جورج علمتُ أن من شعائر الأضحية أن يُقسم الخروف ثلاثة أثلاث: ثلث نتصدق به على الفقراء والمساكين، وثلث نهديه إلى جيراننا ديفيد واليزابيث و مونيكا.. والثلث الآخر نأكله لحماً طرياً ونجعله لطعامنا في أسابيع قادمة.

ولما قرب الكبش إلى الذبح في سوم العيد احتار جورج وزوجته أين اتجاه القبلة! وخمنوا أن القبلة في اتجاه السعودية وهذا يكفي.. أحدَّ جورج شفرته ووجه الخروف إلى حيث اتجاه القبلة وأراح ذبيحته، بعدها بدأت الزوجة في تجهيز الأضحية ثلاث أثلاث حسب السنة وكانت تعمل بعجل وسرعة... فزوجها قد رفع صوته وبدا عليه الغضب وانتفخت أوداجه: هيا لنذهب إلى الكنيسة فليوم يوم الأحد!! وكان جورج لا يدع الذهاب إلى الكنيسة بل ويحرص أن يصطحب زوجته وأولاده. انتهى حديث المتحدث وهو يروي هذه القصة عن جورج وسأله أحد الحضور: لقد حيرتنا بهذه القصة هل جورج مسلم أم ماذا؟!!.. قال المتحدث: بل جورج وزوجته وابنه كلهم نصارى كفار لا يؤمنون بالله وحده و لا برسوله.. ويزعمون بأن الله ثالث ثلاثة - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - ويكفرون بمحمد و يحادون الله ورسوله!! كثر الهرج في المجلس وارتفعت الأصوات وأساء البعض الأدب وقال أحدهم: لا تكذب علينا يا أحمد.. فمن يُصدق أن جورج وعائلته يفعلون ذلك! كانت العيون مصوبة والألسن حادة والضحكات متتابعة! حتى قال أعقلهم: إن ما ذكرت غير صحيح ولا نعتقد أن كافراً يقوم بشعائر الإسلام! ويتابع الإذاعة ويحرص على معرفة يوم العيد ويدفع من ماله ويقسم الأضحية و...!

بدأ المتحدث يدافع عن نفسه ويرد التهم الموجهة إليه ! وقال بتعجب وابتسامة: يا إخواني وأحبابي.. لماذا لا تصدقون قصتي؟! لماذا لا تعتقدون بوجود مثل هذا الفعل من كافر.. أليس هنا عبد الله وعبد الرحمن و خديجة وعائشة يحتفلون بأعياد الكفار! فلماذا لا يحتفل الكفار بأعيادنا! لم العجب؟ الواقع يثبت أن ذلك ممكنا بل وواقعا نلمسه.. أليس البعض يجمع الورود لعيد الحب ويحتفل الآخرون هنا برأس السنة وبعيد الميلاد وعيد.. وعيد.. وكلها أعياد كفار؟!! لماذا يستكثر على جورج هذا التصرف ولا يستكثر على أبناءنا وبناتنا مثل هذا؟!!

إذا كنتم تتعجبون من فعل جورج فأنا أتعجب من فعل أبناء وبنات التوحيد كيف تكون حال التبعية والانهزام لديهم! ولما ارتفعت الأصوات وتسابقت السهام نحو أحمد قال: انصتوا إلى هذه المرة لأروي لكم قصة لا تكذبوني فيها: هذه عائشة ابنة هذا البلد ممن أسماها والدها باسم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما علمت بعيد إسمه عيد الحب وهو عيد من أعياد الرومان والوثنيين. يحتفل به الكفار كل عام ويتبادلون فيه الورود وهو يوم فساد وموطن إباحيه! سارعت عائشة إلى محلات الورود واشترت باقة ورد حمراء باهظة الثمن وهي طالبة جامعية لا دخل لها ومع هذا دفعت مبلغاً لهذه الورود ! وعلقت وردة على صدرها، ولبست في ذلك اليوم فستاناً أحمراً، وحملت حقيبة حمراء، وانتعلت حذاء أحمراً و.. !

هذه عائشة فعلت أتصدقون! قالوا بتعجب وألم: نعم فعل بعض بناتنا ذلك بل وانتشرت الظاهرة بشكل ملفت !

هز أحمد يده ورفعها وقال: عشت في أمريكا أكثر من عشر سنوات، والله ما رأيت أحداً من الكفار احتفل بأعيادنا، ولا رأيت أحداً سأل عن مناسباتنا ولا أفراحنا ! حتى عيدي الصغير بعد رمضان أقمته في شقتي المتواضعة لم يجب أحد دعوتي عندما علموا أن ما أحتفل به عيداً إسلامياً! لقد أقمت في الغرب ورأيت بأم عيني كل ذلك ولما عدت فإذا بنا نحتفل بأعيادهم وهي رجس وفسق!

والبعض من أهل الإسلام عطل الكثير من شعائر أعيادنا ولم يلق لها بالاً ولم يرفع بها رأساً. العام الماضي بعض من الشباب المسلم لم يصلوا صلاة العيد! أما أعياد الأم فكم اشتريت فيه الهدايا حتى أحب الصغار عيد الأم وفضلوه على عيد الإسلام!

والأعياد من شعائر الإسلام الظاهرة ومن خصائص هذه الأمة. لقد هجرنا عبادة نتقرب فيها إلى الله عز وجل وأغرقنا في الانهزامية والتبعية وملاحقة أعياد الكفار أعداء الملة والدين، قال ابن تيمية رحمه الله: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم (أي الكفار) في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك. ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع يما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، وبالجملة ليس لهم أن يختصوا أعيادهم بشيء من شائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام".

وقال ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنئا بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو يمن المحرمات، وهو بمنزله أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير من لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما يفعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر تعرض لمقت الله وسخطه".

وقال أحمد في صمت من الجميع: أربأ بمسلم ومسلمة أن يسمعوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يقع في قلوبهم: «من تشبه بقوم فهو منهم»،
قال ابن تيمية معلقاً على هذا الحديث: "هذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كن ظاهرة يقتضي كفر المتشبه بهم ككما في قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51]".

عاد أحمد ليقول بمرارة وحزن: أجيبوا هل ضحى جورج بذبيحته وقسمها ثلاثة أثلاث؟! أم أن ذلك محض خيال لا نرى له واقع إطلاقاً!.


دار القاسم

شراء الذمم وظهور العذراء

شراء الذمم وظهور العذراء

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 27 - 12 - 2009
نقلا عن : جمال سلطان - المصريون



أرجو أن يتخيل القارئ معي، مجرد تخيل، أن يقوم بعض المتصوفة المولعين بحكايات أولياء الله الصالحين وكراماتهم، بأن يعلنوا للناس أن السيد البدوي قد تجلي للناظرين بعصاه الخضراء فوق مئذنة مسجده في مدينة طنطا، ويتم التلاعب ببعض الألعاب الضوئية وأجهزة الليزر ويتولى أحد محلات الطيور إرسال عدة أفواج من الحمام الأبيض "الملائكي" قرب الفجر يتلألأ بين الأضواء المبهرة للسيد البدوي وهو يلوح للناس بعصاه الخضراء وسط أهازيج الدراويش والعامة، ثم يعلن المريدون أن الولي الصالح سوف ينتقل الأسبوع التالي إلى مسجد الرفاعي في القاهرة حيث يتجلى لمريديه، أتمنى أن يعمل بعضنا فكره وخياله في هذه الحالة ويتوقع ردات الفعل التي سيتم مواجهتها في الصحف الخاصة، وخاصة صحف ساويرس وغلمانه الثلاثة، وكمية المقالات النارية التي ستفرد لها صفحات في هذه الصحف وبرامج الحوارات و"التوك شو" في الفضائيات، وكمية الشتائم والإهانات التي ستوجه إلى العقل الإسلامي والفكر الديني الغيبي والفكر الظلامي والتخلف القروسطي، وطوفان من "استعراض العضلات" الفكرية والثقافية من كاتبات وكتاب يعطون الناس الدروس المملة في ازدراء هذه الخرافات وكيف أن المجتمع المصري سقط أسيرا للظلامية والرهاب الديني، وسوف يتحول الإعلام المصري المسموع والمكتوب والمرئي إلى مندبة وصوان عزاء كبير لوفاة العقل وسيادة الجهل والهلوسة الدينية، وقد حدثت أمور شبيهة بذلك من قبل في وقائع أهون على العقل كثيرا من حكايات ظهور العذراء أو السيد البدوي، وكانت ردات الفعل نسخة طبق الأصل مما ذكرت، فكيف إذا ظهرت العصا الخضراء للسيد البدوي، أضرب هذا المثال وأذكر به لكي نتبين إلى أي مدى وصل اختراق المالي الطائفي سوق الصحافة والإعلام المصري، وهيمن على قطاعات لا يستهان بها، وكيف اشترى ذمما بالجملة وأقلاما بالجملة والقطاعي، وكيف قام بترويض مثقفين يقدمون أنفسهم للناس بأنهم مناضلون سياسيون أو مناضلون من أجل العقل والتنوير..

فإذا بهم مجرد مرتزقة بائعي الضمير وأحذية في قدم صاحب دفتر الشيكات أو "ركوبة" يمتطيها ليحقق مشروعه الطائفي أو نفوذه المعنوي، ولا يكلفه ذلك إلا "شوية" فكة، من المليارات التي يكتنزها من مال الشعب المستباح عرضه وكرامته ودينه، بعض أقلام العار المشتراة من المال الطائفي في الداخل أو المال الطائفي الملوث أمريكيا في الخارج نشطوا فقط من أجل مهاجمة الدكتور محمد عمارة ـ الخصم الأول لصاحب دفتر الشيكات الطائفية ـ لأنه وضع دراسة علمية دفاعا عن عقيدة الإسلام التي حاولت دراسة تنصيرية تشويهها وتضليل الناس عنها، لكنهم ابتلعوا ألسنتهم في الوقت نفسه تجاه الخرافات والشعوذات التي روجها بعض رجال الكنيسة وقنوات ساويرس وإعلامه عن ظهور "العفاريت" فوق أبراج الكنائس، وأفضلهم حالا تحدث بشكل محايد عن "الظاهرة" الجميلة التي وحدت الأمة !!، وفاجرهم نشر تحقيقات ومقالات تتحدث عن حقيقة تجلي "العفاريت" فوق الأبراج..

وإذا كان المثل الشعبي المصري يقول "الدراهم مراهم" واطعم الفم تستحي العين، فالآن اطعم الفم يستحي القلم، المال الطائفي نجح في تحويل ذمة المناضل اليساري التقدمي المدافع عن الكادحين إلى مدافع عن الملياردير الليبرالي الطائفي المتأمرك ويعتبره نموذجا للمثقف المصري المستنير، تأمل، ونجح في قطع اللسان الليبرالي التنويري العقلاني الحداثي ليسكت عن فضيحة "العفاريت" فوق أبراج الكنائس، وليجعلهم يلوذون بالمتلازمة الرباعية : لا أسمع لا أرى لا أتكلم لا أكتب، والتحالف الكنسي مع لجنة السياسات نجح في جعل صحيفة قومية كبيرة تروج لظهور العفاريت فوق أبراج الكنائس كحقيقة علمية ودينية ونورانية!!، وتزف "البشارة" بأنها رسالة سلام إلى مصر المحروسة وربما تفاؤلا بقدوم ابنها "المحروس" .

27-12-2009 م

الأربعاء، 23 ديسمبر 2009

مسلمو «زنجبار» ينتظرون دعماً عربياً وإسلامياً لتثبيت هوّيتهم

مسلمو «زنجبار» ينتظرون دعماً عربياً وإسلامياً لتثبيت هوّيتهم !

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 20 - 12 - 2009
نقلا عن : زنجبار: د. أكرم المشهداني




تقع «زنجبار» في شرق أفريقيا، وتتشكّل من عدد من الجزر في المحيط الهندي قُبالة دولة «تنزانيا»، وتبعد عن السواحل الأفريقية قرابة 35 كيلو متراً، وأكبر جزرها جزيرتا «زنجبار»، و«بيمبا»، أما البقية فهي جزر صغيرة تتوزع حول جزيرة «بيمبا».

وقد واجه العرب المسلمون في «زنجبار» مذابح وتصفيات يندى لها جبين الإنسانية، تجاهلها الإعلام العالمي، كما تغافل عنها الإعلام العربي والإسلامي للأسف الشديد، وأصبح المسلمون في مختلف أنحاء العالم يكادون لا يعلمون شيئاً عن حجم المأساة في «زنجبار» التي كانت عربية مسلمة، ولكنها لم تعد اليوم كذلك!
دخل الإسلام أرض «زنجبار» منذ القرن الأول الهجري، وكانت تُدعى «برّ الزنج» ثم صار اسمها «زنجبار»، وقد حكمها العرب العُمانيون قرابة ألف عام، قبل أن يتم ضم الجزيرة قسراً بمعاونة الاستعمار مع منطقة «تنجانيقا» عام 1964م، ليتم تشكيل ما تُسمَّى اليوم بدولة «تنزانيا».


الوجود العربي

وقد استدلّ المؤرخون على أن الوجود العربي فيها يرجع إلى ما قبل الإسلام، وبقي ولاة زنجبار خاضعين لسلطان عمان، وفي عهد السلطان «سعيد بن سلطان البوسعيدي» حصل اتفاق على وجود بريطاني في الجزيرة، تطور إلى أن أعلنت بريطانيا الوصاية عليها.

وعندما أرادت بريطانيا الانسحاب، قامت كعادتها بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهرياً، فكانت المؤامرة التي دبّرتها للإطاحة الكاملة بالحكم العربي الإسلامي عام 1964م، من خلال سياسة «فرِّقْ.. تَسُدْ»، فعمدت إلى تكوين حزبيْن سياسييْن يفرِّقان بين المسلمين من أصل عربي والمسلمين من أصل أفريقي؛ تمهيداً لحرب أهلية تطيح بالعرب المسلمين وحكمهم، وبالفعل حصلت المذبحة؛ حيث سادت الفوضى، وقام بعض المأجورين من الأفارقة بهجوم شامل على عرب زنجبار، وانتهى الأمر باستشهاد أكثر من عشرين ألف عربي!

وبعد المذبحة، جاء «عبيد كرومي»، الذي حكم زنجبار باعتبارها تابعة لاتحاد تنزانيا الذي أُعلِن عقب الانقلاب، وتكوَّن من «زنجبار» و«تنجانيقا»، مع توسُّع النشاط التنصيري، حتى أصبح في «زنجبار» مائة كنيسة، بعد أن كانت نسبة النصارى فيها لا تتعدّى 3% من إجمالي عدد السكان، وصار اقتصاد البلاد بأيديهم، وكذلك الوظائف الحكومية المرموقة.. وأصبحت «زنجبار» تحت وطأة الحكم العلماني الذي انتهجته تنزانيا، وهو ما أضعف كثيراً من معرفة الأجيال الجديدة بتاريخها وإسلامها.


سياسة التنصير

ولعل من الصعب تخيُّل ما حدث للعرب المسلمين على يد مسلمين مثلهم، بعد أن عاشوا سوياً قرابة مائة عام، يربط بينهم عامل واحد هو الدين الذي يرفعونه فوق كل اعتبار.. لكن بالنظر إلى الأسباب التي رسمت هذه الواقعة، فإننا نجدها تعود إلى أسباب خارجية متمثلة في سياسة التنصير التي عملت على إثارة النعرة العنصرية بين المسلمين خاصة، بعد أن أشاع الاستعمار بين الأفارقة أن العرب كانوا من تجار الرقيق، في تجاهل للاتفاقية التي وقعها السلطان «سعيد بن سلطان» مع بريطانيا لإلغاء هذه التجارة التي كان يقوم عليها الغزو الغربي، ومطامع دول الجوار، وخاصة كينيا وتنزانيا في ضم «زنجبار» إليها واستقطاعها من حكم الدولة العُمانية، بجانب رغبة الدول الغربية في تقويض الإسلام في «زنجبار» وخاصة نظام الحكم؛ لأنها كانت بوابة أفريقيا الشرقية، ومنها دخل الإسلام إلى معظم الدول الأفريقية الشرقية والوسطى.

أما الأسباب الأخرى فهي أسباب داخلية تمثلت في أخطاء سلطان «زنجبار» في سياسة حكمه للطوائف؛ حيث فتح باب التنصير دون رقابة، فتغلغل وشوَّه تاريخ العرب، إلى جانب توثيق العائلة الحاكمة لعلاقاتها ببريطانيا منذ عهد السلطان «سعيد بن سلطان»، مما أثار سخط المسلمين الأفارقة الذين شعروا بأن العرب هم من جلب الاحتلال الغربي إلى بلادهم.

وعندما تُوفِّي السلطان عام 1856م على متن الباخرة البريطانية «فيكتوريا»، وقع الخلاف بين أولاده على الحكم.
وفى عهد السلطان «علي بن سعيد» أعلنت بريطانيا الوصاية (الاحتلال) على الجزيرة عام 1890م، واستمرت هذه الوصاية حوالي سبعين عاماً، ثم استقلت «زنجبار» من بريطانيا كسلطنة ذات سيادة في ديسمبر 1963م، وبعدها دخلت «تنجانيقا» مع «زنجبار» في اتحاد فيدرالي ليشكّلا دولة «تنزانيا» (بأخذ الحرفين الأولين من كل منهما) في 12 يناير 1964م؛ إلا أن «زنجبار» احتفظت بحكم مستقل؛ رغم كونها جزءاً من تنزانيا.


مجازر وانتهاكات

وفي الوقت الذي يتعمّد الإعلام الغربي اتباع سياسة التعتيم على ما حدث وما يحدث في «زنجبار» من انتهاكات واعتداءات ضد المسلمين، نجد للأسف أن الإعلام العربي الإسلامي يتجاهل - بتعمّد أو بدونه - إلقاء الضوء على هذه المجازر والانتهاكات التي تتكرّر بشكل مستمر في «زنجبار» المسلمة.

وما يحدث في «زنجبار» شاهد على هذا التعتيم والتجاهل؛ فهي جزء من ذلك الشريط العربي الممتد على الساحل الشرقي من القارة الأفريقية، ويرتبط معظم سكانها بصلات قربى ونسب مع عرب الساحل الجنوبي من الجزيرة العربية، غير أنها جزء يتعمّد التاريخ إغماض عينيه عنها، ويشيح الضمير الدولي بوجهه عن مآسيها؛ إذ لم يكتفِ المجتمع الدولي بالصمت إزاء المجازر التي قام بها الأفارقة والنصارى ضد العرب المسلمين في الجزيرة عام 1964م، التي صاحبت استيــلاء «تنجانيقا» (تنزانيا حالياً) على الجزيرة، بل لا يزال يصر على صمته إزاء المذابح التي يواجهها المسلمون حالياًً، والتي تجدّدت على مدى أكثر من ربع قرن.

فقد شهدت «زنجبار» عمليات عسكرية لقمع مظاهرات سياسية قام بها المسلمون احتجاجاً على تزوير الانتخابات العامة التي أُجريت عام 2000م، وانتهت هذه المظاهرات بحصار الجزيرة، واقتحام المساجد، والاعتداء بالضرب على السكان.. وفي الوقت الذي كان الجيش يحصد فيه أرواح المدنيين، كانت الشرطة تُكْمِل المهمة بتكسير عظام ومفاصل الجرحى، وتكويمهم بعضهم فوق بعض في سيارات مكشوفة!

إن ما حدث في «زنجبار» يكشف نفاق الإعلام العالمي، الذي لا يلتفت إلا للمآسي والمذابح التي تتعارض مع السياسات الغربية، أو تلك التي يتجاوز مداها حدود الصمت والتعتيم كما حدث ويحدث في الشيشان وفلسطين مثلاً!


صحوة إسلامية

وأمام هذا التجاهل الإعلامي الغربي والعربي، أبى مسلمو «زنجبار» إلا أن يكون لهم وجود في الإقليم الذي تبلغ نسبة المسلمين فيه أكثر من 98% من إجمالي عدد سكانه، حيث سعى المسلمون إلى أن يكون لهم دور حيوي في الانتخابات التي أُجريت في أكتوبر 2005م، فيما يُشبه صحوة إسلامية في الإقليم.

ويرى المراقبون للشأن الإسلامي أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردّية التي يعيشها إقليم «زنجبار»؛ فإن هذه الصحوة الإسلامية جعلت الانتخابات العامة أكثر حدة من الانتخابات التي أُجريت عامَيْ 1995م، و2000م.
«محمد سيد علي» سكرتير جمعية «الوعي الإسلامي» وأحد الأئمة بالإقليم، قال: «إننا نرى بوضوح فراغاً كبيراً داخل زنجبار، من الممكن أن يملأه النظام الإسلامي»، مشيراً إلى أن علماء الدين يطرحون الإسلام كحل سياسي في «زنجبار».

وقال «خميس بن علي» أحد أعضاء الجمعية: «نحن موجودون في كل حي بالإقليم، نجمع التبرعات للمحتاجين، ونقوم بالوعظ في المساجد، كما نعلم الأطفال في المدارس الدينية آداب وتعاليم الدين الإسلامي».

وقد ترعرعت جهود الصحوة الإسلامية من إرشاد ووعظ وكفالة للأيتام ومعونات للفقراء والمحتاجين، وبدت مظاهرها في تزايد أعداد المتردّدين على المساجد وعدد مرتديات الحجاب الإسلامي، ويطرح العلماء المسلمون الشريعةَ الإسلاميةَ بديلاً للديمقراطية الغربية الزائفة، وسط تأييد وتأكيد من القيادات الإسلامية بأن إقرار القيم الإسلامية هو الحل الأمثل لكل المآسي التي يعيشها الإقليم، وأن الإسلام هو العامل الوحيد الذي يوحّد الناس في الجزيرة.


مطالب ضرورية

وتواجه الصحوة الإسلامية في «زنجبار» العديد من المصاعب، أهمها: الفقر، وحملات التنصير، وتنازع بعض الفرق الإباضية والشيعية.. وفي خضم هذه الظروف والأوضاع المتشابكة، طرحت الأوساط الإسلامية في «زنجبار» جملة من المطالب ترى أن تلبيتها ضرورية لإحداث أي تطور إيجابي للأوضاع العامة، والعلاقات بين الطوائف الأخرى في البلاد، وأهم تلك المطالب:

- تداول رئاسة الدولة بين المسلمين والنصارى.
- مراعاة المساواة في توزيع الحقائب الوزارية بين المسلمين والنصارى.
- جعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية بدلاً من الأحد.
- منح الأئمة والعلماء المسلمين حقوقاً سياسية متساوية مثل نظرائهم من رجال الدين النصراني، للتمثيل والترشيح في البرلمان والمجالس المحلية.

- إيقاف استغلال المناصب الحكومية؛ لممارسة الضغوط والاضطهاد على الشباب المسلم في المؤسسات التعليمية والأكاديميات العليا.
- فتح المجال أمام الشباب المسلم - كغيره - في الحصول على منح دراسية في العلوم الحديثة.


وفي النهاية، يمكن القول: إن «زنجبار» العربية المسلمة تستردُّ اليوم عافيتها بصبر وصمود أهلها الأصليين، وإن الإسلام لا يزال مغروساً وموجوداً فيها رغم الهجمة الصليبية الشرسة، وإن عرب «زنجبار» لا يزالون يعتزّون بعروبتهم، ويتطلعون إلى عرب الجزيرة والوطن العربي في وقفة مساندة وتأييد لحقوق العرب، أهل البلاد الأصليين في «زنجبار» بلاد القرنفل والعطور.

النقاب عبادة وليس عادة

النقاب عبادة وليس عادة

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 21 - 12 - 2009
نقلا عن : سندس مجدي



(ردٌ على كتاب: النقاب عادة وليس عبادة)


قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء: 65].

وقال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً} [الأحزاب: 36].


تقديم:


الحمدلله.. فهذا ردٌ على كتاب (النقاب عادة وليس عبادة) الذي أعده الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري، وقد نقلت من أقوال العلماء والمفسرين ما أظنه يكفي للرد، ثم علقت على بعض أمور بالكتاب المذكور، فالحمدلله الذي وفقني في هذا وأسأله سبحانه أن ينفع به.

سندس مجدي
12 ربيع أول 1430
9 مارس 2009


أقوال العلماء في مسألة تغطية وجه المرأة

{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

جاء في (تفسير الجلالين) في قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}: "وهو الوجه والكفان فيجوز نظره لأجنبي إن لم يخف فتنة في أحد وجهين والثاني يحرم لأنه مظنة الفتنة ورجح حسما للباب". اهـ.

وجاء في (تفسير السعدي)": {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} كالثياب الجميلة والحلي، وجميع البدن كله من الزينة، ولما كانت الثياب الظاهرة، لا بد لها منها، قال: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} وهذا لكمال الاستتار، ويدل ذلك على أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، كما ذكرنا". اهـ.

وفي (صفوة التفاسير) يذكر الشيخ محمد علي الصابوني – الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز – في تفسيره للآية الحادية والثلاثين من سورة النور ما يلي: "{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي ولا يكشفن زينتهن للأجانب إلا ما ظهر منها بدون قصد ولا نية سيئة، قال ابن كثير: أي لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، كما قال ابن مسعود: الزينة زينتان: فزينة لا يراها إلا الزوج: الخاتم والسوار، وزينة يراها الأجانب وهي الظاهر من الثياب، وقيل المراد به الوجه والكفان فإنهما ليسا بعورة، قال البيضاوي: والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة". اهـ.


وفي تفسير البغوي المسمى (معالم التنزيل) يذكر الإمام البغوي قوله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} يعني لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية مثل الخلخال والخضاب في الرجل والسِوار في المِعصَم والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة. قوله تعالى: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أراد به الزينة الظاهرة ، واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى، قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي: هو الوجه والكفان، وقال ابن مسعود: هي الثياب بدليل قوله تعالى: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31]، وأراد بها الثياب، وقال الحسن: الوجه والثياب، وقال ابن عباس: الكحل والخاتم والخضاب في الكف، فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة، فإن خاف شيئا منها غض بصره، وإنما رُخِّص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة، وتؤمر بكشفه في الصلاة، وسائر بدنها عورة يلزمها ستره". اهـ.

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59].


جاء في (تفسير الجلالين): 59 – {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة {ذَلِكَ أَدْنَى} أقرب إلى {أَن يُعْرَفْنَ} بأنهن حرائر {فَلَا يُؤْذَيْنَ} بالتعرض لهن بخلاف الإماء فلا يغطين وجوههن فكان المنافقون يتعرضون لهن {وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً} لما سلف منهن لترك الستر {رَحِيماً} بهن إذ سترهن. اهـ.



وجاء في (تفسير السعدي): "هذه الآية، التي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عمومًا، ويبدأ بزوجاته وبناته، لأنهن آكد من غيرهن، ولأن الآمر [لغيره] ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} أن {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه، أي: يغطين بها، وجوههن وصدورهن.

ثم ذكر حكمة ذلك، فقال: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} دل على وجود أذية، إن لم يحتجبن، وذلك، لأنهن إذا لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن، وربما استهين بهن، وظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.
{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم، بأن بين لكم الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب من جهتهن. اهـ.


وفي (صفوة التفاسير) يقول: "{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أي قل يا محمد لزوجاتك الطاهرات – أمهات المؤمنين – وبناتك الفضليات الكريمات، وسائر نساء المؤمنين، قل لهن يلبسن الجلباب الواسع، الذي يستر محاسنهن وزينتهن، ويدفع عنهن ألسنة السوء، ويميزهن عن صفات نساء الجاهلية، روى الطبري: عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة، وروى ابن كثير عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى، {ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} أي ذلك التستر أقرب بأن يعرفن بالعفة والتستر والصيانة، فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد، وقيل: أقرب بأن يعرفن أنهن حرائر ويتميزن عن الإماء". اهـ.


ثم كتب الشيخ تحت عنوان (الرد على من أباح كشف الوجه، وطائفة من أقوال المفسرين في وجوب ستره) ما يلي:

1. قال ابن كثير: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب".

2. وقال ابن الجوزي: "في قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} أي يغطين رءوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر".

3. وقال أبو السعود: "ومعنى الآية أن يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي".

4. وقال الطبري: "أي لا تتشبهن بالإماء في لباسهن إذا خرجن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن؛ لئلا يتعرض لهن فاسق".

5. وقال في البحر: "والمراد بقوله {عَلَيْهِنَّ} أي على وجوههن، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه".

6. وقال الجصاص: "وفي الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجانب لئلا يطمع فيها أهل الريب". اهـ.


وفي (معالم التنزيل) يذكر الإمام البغوي في هذه الآية: " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}، جمع الجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار ، وقال ابن عباس وأبوعبيدة: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رءوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة ليعلم أنهن حرائر". اهـ.

ويقول الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي في (التفسير الوسيط للقرآن الكريم) تفسيرا لهذه الآية: "والجلابيب جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن تلبسه المرأة فوق ثيابها. والمعنى: يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة في التستر والاحتشام، وبعدا عن مكان التهمة والريبة. قالت أم سلمة – رضي الله عنها - :لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأنّ على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها". اهـ.


وفي كتاب (حجاب المرأة المسلمة) يقول العلامة الألباني بعد أن أورد آراء لبعض العلماء في مسألة تغطية الوجه ورجح أنه ليس بعورة وذكر أدلته على ذلك ، كتب تحت عنوان (مشروعية ستر الوجه) ما يلي:

هذا، ثم إن كثيرا من المشايخ اليوم يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها كشفه بل يحرم، وفيما تقدم في هذا البحث كفاية في الرد عليهم، ويقابل هؤلاء طائفة أخرى يرون أن ستره بدعة وتنطع في الدين! فإلى هؤلاء نسوق الكلمة التالية:

ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهودا في زمانه صلى الله على وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: «لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين» [البخاري 4/42].


* قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (تفسير سورة النور) ص56: "وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن. انتهى كلام ابن تيمية.

والنصوص متضافرة – والكلام للألباني - على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن، وإليك بعض الأحاديث التي تؤيد ما نقول:*(ذكر الألباني عدة أحاديث اكتفيت منها باثنين)

1- عن عائشة قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه.

2- عن أسماء بنت أبي بكر قالت: " كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام".


ثم قال الألباني بعد أن ذكر الأحاديث:
ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على أن حجاب الوجه كان معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم، وأن نساءه كن يفعلن ذلك ، وقد استن بهن فضليات النساء من بعدهن:
عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين (1) وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله قال الله تعالى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ}، قال: "فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟"، فنقول: " {وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ} "، فتقول: هو إثبات الحجاب"(2).

ويعلق الألباني قائلا: "فيستفاد مما ذكرنا أن ستر المرأة لوجهها ببرقع أو نحوه مما هو معروف اليوم عند النساء المحصنات أمر مشروع محمود، وإن كان لا يجب ذلك عليها، بل من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج". اهـ

وفي (رسالة الحجاب) يسوق فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عددا من الأدلة على وجوب ستر وجه المرأة ومنها بعض ما ذكرت من تفسير الآيات الكريمة ، ثم قام بالرد على القائلين بجواز كشف الوجه ، وكان مما قال ما يلي: "إننا إذا تأملنا أدلة جواز كشفه وجدناها لا تكافئ أدلة المنع. ويتضح ذلك بالجواب عن كل واحد منها بما يلي3) عن تفسير ابن عباس ثلاثة وجوه:
أحدها: محتمل أن يكون مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام ، ونقلنا كلامه آنفا".

ـــــــــ

1.هي أم هذيل الأنصارية البصرية ، وهي تابعية فاضلة،قرأت القرآن وهي ابنة اثنتي عشرة سنة،وماتت وهي ابنة سبعين،قال إياس بن معاوية:ما أدركت أحدا أفضل من حفصة. ماتت سنة 101.
2. اكتفيت بواحد من المثالين اللذين ذكرهما الشيخ.
3. اكتفيت برد واحد ومن أراد الاستزادة فليقرأ (رسالة الحجاب) الشيخ محمد بن صالح العثيمين.

الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ، ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ}، كما سبق في الدليل الثالث من أدلة القرآن.

الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حُجَّة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر، فإذا عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى ، وابن عباس رضي الله عنه قد قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره. فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحا في تفسيرهما. اهـ.


تعقيب:

وأقول – مستعينة بالله – هذه هي أدلة مشروعية كشف الوجه وهذه آراء العلماء بين موجب للتغطية وبين مجيز مستحسن لها، فكيف يدعي وزير الأوقاف أنه لا يوجد دليل واحد في القرآن أو في السنة أو في العقول السليمة يؤيد تغطية وجه المرأة! ويزعم أن النقاب عادة وليس عبادة!

ثم إن حديث الفضل بن العباس والمرأة الخثعمية التي كان ينظر إليها ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، حيث يستدل به القائل بأن المرأة كانت كاشفة الوجه ولم ينهها النبي صلى الله عليه وسلم، والحاصل أن هذا كان في الحج والمرأة كانت محرمة والمحرمة لا يلزمها تغطية الوجه كما هو معلوم من أن للمحرم أحكام خاصة.


كذلك حديث المرأة سفعاء الخدين التي قامت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وعظ النساء وأمرهن بالصدقة، فقد جاء في الحديث أنها من سطة النساء وفي رواية من سافلة النساء وفي رواية أخرى ليست من علية القوم، وكل ذلك يدل على أنها كانت من الإماء ، والإماء لا يلزمهن ما يلزم الحرائر.

وعلى الصفحتين الثالثة عشر والرابعة عشر من الكتاب يذكر الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر طائفة من أقوال أهل العلم التي تفيد بأن وجه المرأة ليس بعورة، ويذكر أنه يميل إلى هذا الرأي، ثم يقول بأن النقاب عادة ولا صلة له بالعبادة كأنه استنتاج من الآراء المذكورة، غير أن أيا منها لا يفيد أكثر من جواز كشف الوجه ، ولم ينكر أي من العلماء –الذين ذكرهم- تغطية الوجه، بالإضافة إلى مناقضة هذا الكلام لكلامه في تفسير الآية 59 من سورة الأحزاب في التفسير الوسيط!


وعلى الصفحة الحادية والعشرين من الكتاب البحث الصادر عن دار الإفتاء المصرية في مسألة النقاب، وأجد فيه ما يلي: "ويرى بعض الفقهاء أن كل شئ من المرأة عورة بالنسبة للأجنبي عنها حتى ظفرها، ورُوي عن الإمام أحمد أنه قال: "إن من تَبِينُ زوجتُه منه لا يجوز أن يأكل معها"؛ لأنه مع الأكل يرى كفها"، فهذا من داخل الكتاب نفسه مما أورد وزير الأوقاف!!

وعلى الصفحة السابعة والعشرين: وفصل زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب، وغيرها فيستحب. هذا أيضا من داخل الكتاب!!

ويقول وزير الأوقاف على الصفحة السابعة والثلاثين: "يقول البعض: لا بأس أن تضع المرأة نقابا على وجهها اقتداء بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم".

ثم يقول: "لا بأس أيضا من تحريم الزواج على المرأة إذا مات زوجها امتدادا لهذه الأسوة". اهـ.


وأنا أتعجب حقا من هذا المنطق!، وأقول أن الأصل أنهن الأسوة والقدوة كما أن الأصل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الأسوة والقدوة، ولا يمكن قياس هذا على ذاك ، وإلا فقل لي أي التوجيهات التي وردت لنساء النبي صلى الله عليه وسلم لا تطالَب بها المسلماتُ عامة؟ قال الله تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً . وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، فهل بهذا المنطق نقول هذا خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يحل لغيرهن الخضوع بالقول والتبرج وترك الصلاة ومنع الزكاة ومعصية الله ورسوله!!، أستغفر الله من أن يكون هذا.


وعلى الصفحة الخامسة والخمسين من الكتاب أجد الاستدلال بالآية الكريمة {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} هل من الممكن رد حكم شرعي لأننا نرى بعقولنا القاصرة أن فيه حرج؟، من الذي يحدد ويقرر؟، أليس هو الله جل وعلا الذي يعلم من خلق؟، ثم إن تغطية الوجه مسألة خلافية بين الفقهاء ما بين الوجوب والاستحباب، وهو ما يعطي سعة في الأمر، ولكن لا ينفي المشروعية، فالذي ينفي مشروعية تغطية الوجه إنما يُئوِّل كلام العلماء ويستغل جهل العامة.

وعلى الصفحة السادسة والخمسين والسابعة والخمسين يتحدث عن كون تغطية الوجه مشقة على المرأة، ويذكر حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها: "ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه سلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما." ولم يذكر تكملة الحديث وهي".. ما لم يكن إثما".


وختاما أقول.. أليس من الأجدر أن يكون الخطاب للمتبرجة التي لا تلتزم أمر الله بعدم ارتدائها الحجاب الشرعي الذي لا خلاف فيه بين العلماء؟ سبحان الله.. أنترك العاصية التي تفعل ما من شأنه إفساد المجتمع ونتوجه بالكلام لمن لا تبدي شيئا منها، حقا أتعجب!!

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم آمين.


ـــــــــــــــــــــ


المراجع

1. التفسير الوسيط للقرآن الكريم ، ا.د./ محمد سيد طنطاوي ، دار السعادة ، المجلد الحادي عشر.

2. تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل، الإمام أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي المتوفى سنة 516، بيروت، لبنان، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1414 – 1993، الجزء الثالث.

3. تفسير الجلالين، بيروت، لبنان، دار المعرفة للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 1404- 1984.

4. تفسير السعدي، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله المعروف بابن سعدي.

5. حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة، محمد ناصر الدين الألباني، القاهرة، دار الاعتصام، توزيع دار الجهاد، الطبعة الخامسة، 1398هـ.

6. رسالة الحجاب، الشيخ محمد بن صالح العثيمين، دار الاتباع.

7. صفوة التفاسير، الشيخ محمد علي الصابوني (الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبد العزيز- مكة المكرمة)، دار الصابوني، الطبعة التاسعة، المجلد الثاني.

8. فضل أم فرض، محاضرة لفضيلة الشيخ مصطفى العدوي.

الاثنين، 21 ديسمبر 2009

الشيعة ويوم الغدير.. كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا

الشيعة ويوم الغدير.. كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 20 - 12 - 2009
نقلا عن : محمد مصطفى عبد المجيد


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الشيعة لا يملُّون من الاستمرار في محاولاتهم لنشر اعتقاداتهم من خلال الزحف الفكري والعقدي والسياسي في بلاد المسلمين، ولا يسأمون من محاولة نشر عقائدهم وشعائرهم والجهر بها رغم أنف حكومات بعض الدول، على رغم ممَّا لهذه الاحتفالات من أبعاد سياسية فضلاً عن أبعادها العقديَّة.

وإن كان ذلك عجيبًا في أي بلد من بلاد المسلمين؛ فالأعجب منه أن يكون ذلك في بلد كالمملكة العربية السعودية، التي تُعتبر مهدًا الصحوة السلفية السنية في القرون الأخيرة، والأعجب منه أن يُقابل هذا الجهر بالاحتفالات والأعياد بالصمت ودون نكير من دولة كانت تمنع الشيعة من احتفالات الدماء واللطميات التي تسمى بالحُسينيات، ولكن لعلَّ ذلك يدخل في سلسلة من المزالق على كافة الأصعدة، من رفع راية حوار الأديان مرورًا بفساد الإعلام وصولاً إلى إباحة الاختلاط، تلك المزالق التي لا تؤدي في النهاية إلا إلى هاوية التاريخ، ونسأل الله العافية لبلاد المسلمين.

ولا يخفى أيضًا أن أرض الحرمين حلم من أحلام الرافضة؛ لما لها من مكانة في قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، ولذلك نسمع بين الحين والآخر عن محاولاتهم لإشاعة البلابل وإحداث الفتن، وكذا سعيهم الحثيث في الجهر بالاحتفالات الخاصة بهم، والتي ينبني كلٌّ منها على أصل عقديٍّ تُستغل تلك الاحتفالات لبثه ونشره بين الناس.


وكان آخر هذه الاحتفالات ما حدث بعد موسم الحج لهذا العام (1430هـ)، حيث احتفل رافضة المدينة بيوم الغدير والذي هو من أعظم أعياد الشيعة، والذي يزعمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصَّب فيه عليًّا خليفة مِن بعده على المسلمين!

وبحسب موقع "المختصر" الإخباري؛ فقد كانت تلك الاحتفالات في مجالس عدة، وبأحياء مختلفة، منها مجلس الرافضي محمد علي العمري، ومجلس المدعو صدقة بالعرماني، ومجالس متفرقة بالعوالي، وكذلك في كل من قربان وقباء بالمدينة المنورة.

ومن ضمن تلك الاحتفالات الاحتفال بمجلس الشدقاء بمنطقة قباء، حيث ألقى سلطان أبو عامر كلمة الحفل، وذكر فيها أهمية الحدث، وأهمية إقامة هذه المناسبة، ثم جاء بعد الكلمة قصيدة للشاعر حبيب ضيف الشريقي حول الغدير.


وكان في الحفل رافضيٌّ من مدينة الإحساء وهو حبيب الهديبي، فكانت له كلمة تحدَّث فيها عن حديث الولاية، وتحدَّث عن الرافضي عبد الحسين الأميني وما قام به من دور في تأليف "موسوعة الغدير"، ثم ذكر قصته عندما ذهب لغدير خُمٍّ، فقال بأنه كان مع زملائه في ذلك المكان، فصعد زميله على تلة مرتفعة قليلاً، وتكلَّم بصوت عادي، وإذا به وهو في آخر الوادي يسمع صوته بكل وضوح وكأنه يتحدث بجانبه، وهذا فيه دلالة كبيرة لتميز المكان بارتداد الصوت في جميع المنطقة، ولذلك اختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك المكان لخطاب الأمة؛ لتنصيب سيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب -على حد زعمه-.

وشاركت في الحفل فرقة بلابل الحجاز بالقصائد التحريضية والولائية، وبعدها قامت فرقة الأنصار بمشهد تمثيلي حول المناسبة.


وفي ختام الحفل قام الرافضي عطية حامد بلفظ تهنئة عيد الغدير، وهي: "آخيتك في الله، وصافيتك في الله، وصافحتك في الله، وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله والأئمة المعصومين -عليهم السلام- على أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنة؛ لا أدخلها إلا وأنت معي" (انتهى من موقع المختصر بتصرُّف يسير).

ولا يخفى كم التبجُّح من أناس يدينون بدين السِّرداب، وكانوا بالأمس القريب يستعملون التقية في كل شيء، ثم صاروا يجهرون بمعتقداتهم، وينشرونها من خلال مثل هذه الاحتفاليات، ثم تتناقل وسائل الإعلام فعاليات الاحتفالات بما فيها من أكاذيب وشبهات قد تنطلي على كثيرٍ من عوامِّ المسلمين الذين لم يقفوا تفصيليًّا على معتقدات الشيعة لاعِنِي أمهات المؤمنين، أو ممن انخدعوا بدعاوى مَنْ لا خلاق لهم بعدم التفريق بين السنة والشيعة، وشتان؛ (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)(القلم:35).


والناظر في قصة غدير خُمٍّ التي يستدلون بها على أحقية علي -رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان بل تكاد تكون أقوى حججهم النقلية؛ يجد أن مثلهم وما استندوا إليه كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا، (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)(العنكبوت:41)، بل إن الرد عليهم في مزاعمهم حول هذه القصة موجودٌ في سياق القصة نفسها، ولكن الإشكال في أن أصل القصة صحيحٌ رواه الإمام مسلم –رحمه الله-، مما قد يُحدث إشكالاً عند البعض بسبب عدم التفريق بين الخلاف في ثبوت الحديث والخلاف في مفهوم الحديث.

فنقف مع حادثة الغدير، ووجه استدلال الشيعة منها على أحقيَّة عليٍّ –رضي الله عنه- بالخلافة، ومناقشة ذلك، ولن نتناول بالذكر الأدلة التي فيها الإشارة إلى خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنها-، والتي هي أصرح وأوضح بكثير مما استدلوا به في حادثة الغدير -على فرض التسليم بأن في قصة الغدير أي نوع من أنواع الإشارة إلى الولاية أو الخلافة-؛ فإن هذا الأمر يطول، وليس هذا موضعه.

وكذا لن نتعرَّض لبقية الأدلة الواهية التي يستند إليها الشيعة في مسألة استخلاف عليٍّ –رضي الله عنه-؛ فالمقام مقام تنبيه على تلك الحادثة؛ لما استجد من شهرتها والجهر بالاحتفال بها في بلاد السنة.


قصة الغدير، وأهم رواياتها:

روى الإمام مسلم –رحمه الله- عن زيد بن أرقم –رضي الله عنه- قال: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ؛ أَلا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ)، فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: (وَأَهْلُ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِى أَهْلِ بَيْتِي)، فَقَالَ حُصَيْنٌ بنُ سَبْرَةَ لِزَيْدٍ: "وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ؟ أَلَيْسَ نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؟"، قَالَ: "نِسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ"، قَالَ: "وَمَنْ هُمْ؟"، قَالَ: "هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ"، قَالَ: "كُلُّ هَؤُلاَءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ؟"، قَالَ: "نَعَمْ".

وعند أحمد والترمذي والنسائي في "خصائص عليِّ" والحاكم زيادة: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ؛ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ)، وهي زيادة صحيحة.

وهناك زيادة أخرى وهي: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ)، وهي مختَلَفٌ في تصحيحها، والراجح تصحيحها.

وهناك زيادة: (وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ) قال الألباني -رحمه الله-: "في ثبوته عندي وقفة؛ لعدم ورود ما يجبر ضعفه، و كأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ)".

وقد ضعَّف شيخ الإسلام –رحمه الله- زيادة: (اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ)، وكذَّب زيادة : (وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ) (مجموع الفتاوى 4/417-418)، وقد أفاض الشيخ الألباني -رحمه الله- في الكلام على هذا الحديث وطُرُقه في السلسلة الصحيحة عند حديث رقم (1750) (4/330-344).


استدلال الشيعة بحادثة غدير خُمٍّ على استخلاف علي -رضي الله عنه-:

يتمسك الشيعة بهذا الحديث للدلالة على أحقية علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان –رضي الله عنهم-، فيقولون أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خطب في مفترق الحجيج، حيث ينفتل كل امرئٍ راجعًا إلى موطنه، وكأنها وصية من النبي –صلى الله عليه وسلم- لكل هؤلاء بعد حجَّة الوداع -التي كمل فيها الدين، وأتم الله فيها على الأمة نعمته- بأن يكون الخليفة بعده هو عليٌّ –رضي الله عنه-.

وبناءً عليه فيقولون أن المسلمين في هذا اليوم كانوا من كلِّ فجٍّ عميق، فهم كلُّ من أتى حاجًّا من المسلمين، فكان هذا أكبر تجمع للمسلمين –على زعمهم- كيوم عرفة في حجته –صلى الله عليه وسلم-، فيزعمون أن عدة من حضر خطبة غدير خمٍّ فاق المائة ألف نفس.


مناقشة الشيعة فيما ذهبوا إليه من الاحتجاج بحادثة غدير خُمٍّ:

- أما قولهم أن غدير خُمِّ في الجحفة كان هو مفترق الحجيج فهو كلام باطل عقلاً ونقلاً:

فالجُحفة التي فيها غدير خُمٍّ تبعد عن مكة تقريبًا مائتين وخمسين (250) كيلومترًا، فكيف تكون هي مفترق الحجيج؟ فمُجتمع الحجيج هو مكة، ومفترق الحجيج هو مكة أيضًا، لا مكان يبعد عن مكة كل هذه المسافة، فأهل مكة يبقون في مكة، وأهل الطائف يرجعون إلى الطائف، وأهل اليمن يرجعون إلى اليمن، وأهل العراق يرجعون إلى العراق، ويكون هذا التفرق من مكة، لا على بعد أكثر من مائتي كيلومتر.

- أما بالنسبة لقولهم أن عدة المسلمين في هذا اليوم تجاوزت المائة ألف نفس؛ فتعلم بطلانه مما سبق؛ حيث أنه على هذا البُعد من مكة وبعد افتراق الحجيج الحقيقي لم يكن مع النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا مَن كان معه من أهل المدينة في طريقهم إليها، وكذلك مَن كان معه على طريق المدينة.

- أما بالنسبة لمتن كلام النبي –صلى الله عليه وسلم- فالخلاف بين أهل السنة والشيعة ليس في ثبوت الحديث -أو بالأخص ثبوت الروايات التي ذكرناها- وإنما في مفهوم الحديث؛ فإنهم يستدلون بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ) على أحقية علي -رضي الله عنه- بالخلافة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقالوا أن معناه: من كنتُ واليه فعليٌّ واليه.


ومناقشة ذلك بما يلي:

كلمة "المولى" تحتمل عدة معانٍ، قال ابن الأثير -رحمه الله-: "وقد تكرر ذكر المَوْلَى في الحديث، وهو اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة، فهو: الرَّبُّ، والمَالكُ، والسَّيِّد، والمُنْعِم، والمُعْتِقُ، والنَّاصر، والمُحِبّ، والتَّابِع، والجارُ، وابنُ العَمّ، والحَلِيفُ، والعَقيد، والصِّهْر، والعبْد، والمُعْتَقُ، والمُنْعَم عَلَيه" (النهاية في غريب الحديث والأثر 5/228).

فلو أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- ما زعموا؛ لم يأتِ بكلمةٍ تحتمل كل هذه المعاني، وهو قد أوتي جوامع الكلم، فكان الأولى أن يقول: "علي خليفتي من بعدي"، أو: "علي الإمام من بعدي"، أو: "إذا أنا مت فاسمعوا وأطيعوا لعلي".

فهل يجمع الحجيج الذين جاوزوا مائة ألف -على زعمهم-، ثم يخطب فيهم حتى يبين لهم مَن الخليفة بعده -على زعمهم أيضًا-، ثم يقول مثل هذا اللفظ الذي يحتمل معانٍ عدة في مسألة يعتبرونها ركنًا ركينًا من أركان الدين؟!

ثم إن هذا على التسليم بأن كلمة المولى تعني الوالي؛ وإلا فكلمة المولى هي من الوَلاية -بفتح الواو-، لا الوِلاية –بكسر الواو-، والوَلاية هي الحب والنصرة والقرب والتأييد، ومن شواهد ذلك في القرآن:

- قال تعالى: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)(التحريم:4)، فالموالاة هنا من النصرة والتأييد، ولا يستقيم هنا أن نقول أن المولى بمعنى الوالي.

- وقال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ)(محمد:11)، والموالاة هنا من النصرة.

- وقال تعالى: (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)(الدخان:41)، والموالاة هنا من القرب، قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيرها: "أي: لا ينفع قريب قريبًا".

- وقال تعالى: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)(آل عمران:68)، قال الزمخشري: "إن أخصهم به وأقربهم منه، مِن الوَلْي وهو القُرب"، فأولى هنا من القُرب.

- وكذا قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(الحديد:15)، قال ابن كثير: "أي: هي أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم".

فقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ) يدلُّ على أنه تجب الموالاة لعليٍّ –رضي الله عنه-، وهي المحبة والنصرة والتأييد.


وبالرغم من أن الشيعة يعتبرون حديث غدير خمٍّ دليلاً قطعيًّا على تقديم علي –رضي الله عنه- في الخلافة؛ إلا أن بعضهم يُقرُّ بأن اللفظ في الحديث مجمل، ولا يدل دلالة قطعية على ما أراد الشيعة إثباته به، ومن هؤلاء النوريُّ الطبرسيُّ أحد كبار علماء الشيعة حيث يقول:

"لم يصرِّح النبي –صلى الله عليه وسلم- لعليٍّ بالخلافة بعدَه بلا فصل في يوم الغدير، وأشار إليها بكلام مجمل مُشترك بين معانٍ يحتاج تعيين ما هو المقصودُ منها إلى قرائن" (فصل الخطاب 205-206).


أما لماذا خُصِّص عليٌّ –رضي الله عنه- بالذكر في هذه الحادثة مع أن الصحابة أجمعين تجتمع فيهم مسألة الولاية، وكل منهم مولى للمؤمنين؛ فهذا لأن لهذا الحدث سببين اثنين:

السبب الأول:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدْ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلا تَرَى إِلَى هَذَا؟، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (يَا بُرَيْدَةُ، أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟)، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (لا تُبْغِضْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ)" (رواه البخاري)، وفي رواية الترمذي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال لبريدة: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ).

وذلك أن النبيَّ –صلى الله عليه وسلم- كان قد أرسل خالد بن الوليد ليغزو اليمن، وبعد أن فتح الله عليه أرسل خالدٌ إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- ليرسل له مَن يُخمِّس له الغنيمة، فأرسل –صلى الله عليه وسلم- عليًّا -رضي الله عنه-، فجاء -رضي الله عنه- وقبض الخمس، ثم اختار جارية من الخمس ودخل بها، ثم اغتسل، فلما رآه بريدة وقد اغتسل قال ما قال لخالد.

قال ابن حجر –رحمه الله-:

"قوله: "وكنت أبغض عليًّا، وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى؟"، هكذا وقع عنده مختصرًا، وقد أورده الإسماعيلي من طرق إلى روح بن عبادة الذي أخرجه البخاري من طريقه، فقال في سياقه: "بعث عليًّا إلى خالد ليقسم الخمس"، وفي رواية له: "ليقسم الفيء، فاصطفى عليٌّ منه لنفسه سَبِيئة" بفتح المهملة، وكسر الموحدة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم همزة، أي جارية من السبي، وفي رواية له: "فأخذ منه جارية، ثم أصبح يقطر رأسه، فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما صنع هذا؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليًّا"، ولأحمد من طريق عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه: "أبغضتُ عليًّا بغضًا لم أبغضه أحدًا، وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليًّا، قال: فأصبنا سبيًا، فكتب -أي الرجل- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-: ابعث إلينا من يخمِّسه، قال: فبعث إلينا عليًّا، وفي السبي وصيفة هي أفضل السبي، قال: فخمَّس وقسَّم، فخرج ورأسه يقطر، فقلت: يا أبا الحسن ما هذا؟ فقال: ألم تر إلى الوصيفة، فإنها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمد، ثم صارت في آل علي فوقعت بها" (فتح الباري 8/66).

السبب الثاني:

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "بعث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عليَّ بن أبي طالب إلى اليمن، فكنت فيمن خرج معه، فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا -وكُنا قد رأينا في إبلنا خللاً-، فأبى علينا، وقال: إنما لكم فيها سهم كما للمسلمين.

فلما فرغ عليٌّ وانطفق من اليمن راجعًا؛ أمَّر علينا إنسانَا وأسرع هو وأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ارْجِعْ إِلَى أَصْحَابِكَ حَتَّى تَقْدُمَ عَلَيْهِم)".

قال أبو سعيد: "وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان عليٌّ منعنا إياه ففعل، فلما عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت، ورأى أثر الركب؛ قدم الذي أمَّره ولامه، فقلت: لئن قدمت المدينة لأذكرنَّ لرسول الله ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق.


فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلقيت أبا بكر خارجًا من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رآني وقف معي، ورحب بي، وساءلني وساءلته، وقال: متى قدمت؟ فقلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدخل، وقال هذا سعد بن مالك بن الشهيد، فقال: (ائْذَنْ لَهُ)، فدخلت، فحييت رسول الله وحياني، وأقبل عليَّ، وسألني عن نفسي وأهلي، وأحفى المسألة، فقلت: يا رسول الله، ما لقينا من عليٍّ من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فاتئد رسول الله، وجعلتُ أنا أعدِّد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي، ضرب رسول الله على فخذي -وكنت منه قريبًا- وقال: (يَا سَعْدَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الشَّهِيدِ، مَهْ، بَعْضَ قَوْلِكَ لأَخِيكَ عَلِيٍّ، فَوَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ أَحْسَنَ فِي سَبِيلِ اللهِ)".

قال: "فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعدَ بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم ولا أدري، لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدًا سرًّا ولا علانية".

وهذا الخبر رواه البيهقي في الدلائل، ورواه الإمام أحمد مختصرًا في مسنده (3/86)، وقال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا إسناد جيد على شرط النسائي، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة".

وفي روايةٍ أن سبب ذلك أنهم لبسوا حُللاً من الغنيمة، فأنكر ذلك عليٌّ -رضي الله عنه-، ونزع عنهم الحُلل.

قال ابن كثير -رحمه الله-: "عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: إنما وَجَدَ جيش علي بن أبي طالب الذين كانوا معه باليمن لأنهم حين أقبلوا خلَّف عليهم رجلاً، وتعجَّل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعمد الرجل فكسى كلَّ رجلٍ حُلَّة، فلما دنوا خرج عليهم عليٌّ يستلقيهم، فإذا عليهم الحلل.

قال علي: ما هذا؟ قالوا: كسانا فلان، قال: فما دعاك إلى هذا قبل أن تقدم على رسول الله فيصنع ما شاء، فنزع الحلل منهم، فلما قدموا على رسول الله اشتكوه لذلك".

ثم عقَّب -رحمه الله- قائلاً: "والمقصود أن عليًّا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة، واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه، وعليٌّ معذور فيما فعل، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج.

فلذلك -والله أعلم- لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حجته، وتفرغ من مناسكه، ورجع إلى المدينة، فمر بغدير خم؛ قام في الناس خطيبًا، فبرَّأ ساحة عليٍّ، ورفع من قدره، ونبَّه على فضله؛ ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس" (البداية والنهاية 5/122-123).


فكان هناك من تكلَّم في علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- بسبب الحادثتين، وكانتا في وقت حج النبي –صلى الله عليه وسلم-، فنبَّه النبي –صلى الله عليه وسلم- على فضل عليٍّ بما ورد في هذا الحديث.

فإن قيل: لماذا لم يتكلَّم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في مكة في أيام منًى أو في يوم عرفة، وإنما أجَّل الأمر إلى أن رجع؟

فالجواب: أن الذين تكلموا هم من كانوا مع عليٍّ -رضي الله عنه- في السَّرِيَّة، وهم من أهل المدينة، فأراد النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يوجِّه كلامه لأهل المدينة، فبعد مفترق الحجيج في مكة، وعلى طريق المدينة الطويل -حيث كان يستغرق من خمسة إلى سبعة أيام- وقف النبي -صلى الله عليه وسلم- للراحة، وخطب فيمَن كان معه مِن أهل المدينة ومَن هم على طريق المدينة أو يمرون بالمدينة وهم في طريقهم إلى ديارهم، فذكَّرهم بأهل بيته، وفضل عليٍّ –رضي الله عنه-.


وبهذا يتضح تهافت استدلال الشيعة بحادثة الغدير على أحقيَّة عليٍّ -رضي الله عنه- بالخلافة على أبي بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم-، وبطلان مزاعمهم من أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد استخلف عليًّا يوم الغدير، أو أنه اجتمع بالمسلمين في مفترق الحجيج ليشهدهم على استخلاف علي، وغير ذلك من المزاعم الباطلة.

ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجمعنا مع نبيه الكريم محمد –صلى الله عليه وسلم- وصحابته أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة الكرام –رضي الله عنهم أجمعين- في الفردوس الأعلى من الجنة.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف