عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 29 أبريل 2010

لماذا السودان ؟!

لماذا السودان ؟!


راغب السرجاني
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2010
نقلا عن : موقع قصة الإسلام



نتابع جميعًا -منذ سنوات- ذلك الاهتمام المحموم من القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا بالسودان وما يجري فيه من أحداث وصراعات، وتابعنا ذلك التدخل الدولي من أجل الوصول لحلٍّ لمشكلة الجنوب، والحرب الدائرة فيه منذ أكثر من عشرين عامًا، ذلك التدخُّل الذي أسفر عن اتفاق للسلام بشروط مجحفة تُعَدُّ مقدمةً لانفصال الجنوب عن الشمال، وإقامة دولة مسيحية فيه.
دارفور والتدخل الغربي

خريطة دارفور بالسودانولم يهدأ ذلك التسابق المحموم بعد توقيع الاتفاقية، ودخولها حيّز التنفيذ، ولكنه بحث عن جبهة أخرى يستغلها في تحقيق هدفه، وكانت هذه الجبهة هي إقليم "دارفور"؛ حيث اتهمت أمريكا والدول الكبرى ما أسمتهم "بميليشيات الجنجويد" عربية الأصل بإقامة مذابح جماعية، مدعومةً من الحكومة السودانية، وشنِّ حرب إبادة عرقية لقبائل أخرى من أصول إفريقية.



ورغم أن الجميع مسلمون، وأن الخلافات بين القبائل في إقليم "دارفور" قديمة، وكلها بسبب الاعتداءات التي تحدث من الرعاة على حقول المزارعين؛ لأجل إطعام قُطعانهم، ويتم حلها بمجالس عُرفيَّة أحكامها ملزمة للطرفين، رغم كل ذلك إلا أن القوى الاستعمارية -وعلى رأسها أمريكا- نسجت خيوط حرب عرقية، وحوادث اغتصاب يقوم بها مسلمون ضد مسلمين آخرين ومسلمات، وانبرت هذه الدول للدفاع عن حقوق هؤلاء المظلومين المسلمين ضدَّ إخوانهم الظالمين المسلمين أيضًا.



مرامي التدخل الغربي

لغز التدخل الغربي في دارفوروإذا كنا نعلم علم اليقين أن أمريكا ومعها أوربا لا تفتآن تحاربان المسلمين وتبيدانهم في كل مكان من الأرض تصل أيديهما إليه، فما بالهما في قضية "دارفور" تأتيان للتدخل من أجل حماية فريقٍ من المسلمين؟!! إن الأمر يمثِّل لغزًا لمن لا يدرك الأسباب الحقيقيَّة للتدخل الصليبي، فتعالَوْا نعرف أبعاد هذا التدخُّل ومراميه.



فيما يظهر لنا فإنَّ لهذا التدخُّل أربعةَ أسباب مهمَّة وأساسية:



خوف الدول الصليبية من انتشار المد الإسلامي في إفريقيا أوَّلها: خوف الدول الصليبية الاستعمارية من انتشار المدِّ الإسلامي في إفريقيا وسطًا وجنوبًا، وخاصة في جنوب السودان؛ فهذه الدول التي ظلت تدعم التمرد في جنوب السودان طوال عشرين عامًا أو يزيد -حتى استطاعت الوصول لاتفاق السلام الذي يمهِّد لانفصال الجنوب- تطمح بعد هذا الانفصال إلى تحقيق حُلمها بإقامة دولةٍ مسيحيةٍ في جنوب السودان. هذه الدولة مُخطَّط لها أن تحقِّق عدة أهداف استراتيجية، منها:



1- أن تكون حاجزًا منيعًا أمام انتشار الإسلام في إفريقيا.

2- أن تمنع التواصل بين أيّ محاولات مستقبلية من المسلمين للتواصل مع الشعوب المسلمة المضطهَدة وسط وجنوب قارة إفريقيا.

3- إبقاء دول الشمال المسلم في حالة قلق وعدم استقرار مستمرَّيْنِ، عن طريق تصدير الاضطرابات من هذه الدولة التي ستكون مرتعًا لأجهزة الاستخبارات العالمية.



قضية البترول السودانيثانيها: قضية البترول السوداني، ومحاولات الاستيلاء عليه من الشركات الكبرى بهذه الدول الاستعمارية الصليبية؛ حيث يصل الإنتاج الحالي إلى 350 ألف برميل يوميًّا -في حالة استقرار الوضع السياسي- واحتياطي يصل إلى 3 مليار برميل، وتقع الاكتشافات النفطية بالجنوب، وجنوب شرق، وجنوب غرب؛ حيث جنوب دارفور ذي المساحة الشاسعة، والبترول الواعد الذي يمدُّ أمريكا حاليًا -من خلال أنبوبة النفط الممتدة بداية من تشاد- بحوالي 16% من احتياجاتها الاستهلاكية اليومية من البترول.



وهناك ما هو أخطر من البترول، حيث يختلط تراب إقليم دارفور باليورانيوم بكثرةٍ تجعله محطَّ أنظار كل القوى الكبرى عالميًّا وإقليميًّا.



السيطرة على منابع النيلثالثها: السيطرة على منابع النيل، وهذه السيطرة لها أهداف متنوعة منها:

(1) الضغط على مصر والسودان سياسيًّا، حيث سيصبح مصيرهما مرتبطًا بالدولة المسيحية المسيطرة على مجرى النيل، ومن ثَمَّ مرتبطًا بالدول الكبرى، ورغباتها، وعندها يصير القرار السياسي مرهونًا برغبات هؤلاء، وتفقد مصر والسودان استقلاليتهما عمليًّا، أو تضطران لخوض غمار حربٍ أمام القوى الكبرى دفاعًا عن الحياة ذاتها.



(2) تقديم مياه النيل هدية إلى إسرائيل التي ما زالت تحلم وتخطِّط بوصول مياه النيل إليها؛ ليروي ظمأ المحتلين، وييسِّر سبل العيش والزراعة لهم بأرخص الأثمان.



خصوبة الأراضي السودانيةرابعها: الاستفادة من خصوبة أراضي السودان سلة غذاء العالم العربي؛ في توفير الغذاء بأنواعه لكل الدول الاستعمارية المشاركة في إشعال الأزمة، مع إبقاء الوضع في شمال السودان على ما هو عليه من عدم استخدام هذه الأراضي بالصورة التي تخدم السودان والعالم الإسلامي، وذلك من خلال إبقائه في دوّامة الصراع، والضغط عليه باستخدام سلاح المياه.



إذن تتبدَّى الصورة في حقيقتها مختلفة عن الجزء الظاهر منها.. الذي تظهر فيه الولايات المتحدة وأوربا وهي ترتدي عباءة الأم الحنون التي تعطف على المساكين الذين يتعرضون للاضطهاد والإبادة، حيث يظهر الشكل الحقيقي لثعلبٍ ماكر يداور ويناور من أجل الْتِهام ذلك الجزء من العالم الإسلامي؛ لتنفتح له أبواب أخرى ظل يخطِّط لفتحها طويلاً حتى آن الأوان.

الحوار الإسلامي… المسيحي !!

الحوار الإسلامي… المسيحي !!


صفوت الشوادفي
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2010





الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله… وبعد:‏

فإن الله عز وجل قد أكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمته ، ورضي لنا الإسلام ‏دينًا، وإن من ثوابت الإسلام أننا نؤمن بإله واحد لا شريك له، كما نؤمن ‏بجميع الرسل الذين أرسلهم الله إلى خلقه، لا نفرق بين أحد من رسله، ‏صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.‏

ولقد عاش المسلمون والنصارى حينًا من الدهر في وئام ووفاق، وتمسك ‏المسلمون -وما زالوا يتمسكون- بالمبادئ العظيمة التي قررها الإسلام، ‏ونطق بها القرآن: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [سورة البقرة: 256]، {لَكُمْ دِينُكُمْ ‏وَلِيَ دِينِ} [سورة الكافرون: 6]، ثم نجح اليهود -للأسف- في إفساد هذه ‏العلاقة، وإثارة الفتنة كلما وجدوا فرصة سانحة.‏

وحدثت مناقشات ومجادلات ومواجهات واتهامات!!، وتمخضت هذه الأمور ‏وغيرها عن ثلاثة مصطلحات شائعة ومعلنة بين المسلمين والنصارى هي:‏

‏- الحوار.

- التنصير.

- الاضطهاد.‏



‎ ‎أما التنصير الذي يسمونه التبشير، فقد استعمل فيه الغرب المسيحي ‏وسائل غير مشروعة، كان على رأسها الاستعمار الغربي للدول المسلمة، ‏والذي تم تسخيره لخدمة أغراض التنصير؛ ولقد نجحوا وقتها في إخفاء ‏بندقية المقاتل في قلنسوة الراهب!!، واقترن التنصير بالغذاء، والكساء ‏والدواء والكتاب؛ وبعد انهيار الشيوعية في ألبانيا المسلمة كان يقدم ‏للمسلمين الذين أنهكهم الجوع الإنجيل والطعام!‏!

وانتهى الاستعمار العسكري وحل محله الغزو الثقافي والاقتصادي، حتى ‏أصبح الكثير منًا يفكر بعقولهم، ويتكلم بلسانهم، ويستورد منهاجهم، ويحذو حذوهم!!!، ويتغنى بحضارتهم إلى غير ذلك مما لا يخفى على ذي ‏عينين.‏

‎‎‏ وأما الاضطهاد فهو دعوى كاذبة، وأوهام لا أساس لها يطلقها نصارى ‏الغرب ويهود أمريكا من حين لآخر، ويحثهم على هذا أقوام من ‏الشرق!!؛ لحاجة في نفوسهم، وشيء أخفوه في قلوبهم: {وَاللَّهُ غَالِبٌ ‏عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سورة يوسف: 21].‏

‎ وأما الحوار الإسلامي المسيحي فقد تحمس له الفاتيكان بشدة، حتى ‏إنه شكل مكتبًا خاصًّا في عام 1967 م أطلق عليه اسم (المجلس البابوي ‏للحوار بين الأديان).‏

ومع أن الهدف الأعلى للحوار ينبغي أن يكون تقوية فاعلية الدين، وتعميق تأثيره ‏الروحي لتحقيق تماسك الأسرة والمجتمع، وإعادة القيم والفضائل الغائبة.‏

إلا أن كنيسة الفاتيكان قد خرجت بالحوار عن مساره الصحيح، عندما ‏أعلنت، بل أكدت بوضوح على أن الحوار يخدم أغراض التبشير (التنصير)؛ وهذا يعني فتح آفاق جديدة من خلال الحوار لتنصير المجتمعات المسلمة!!‏

ولذلك فإننا نورد هنا نماذج من الحوار والتساؤلات المطروحة من كلا الطرفين ‏‏(المسلم، والمسيحي)، ومنها سيتضح بجلاء مدى سيطرة اليهود على أنماط ‏التفكير عند نصارى الغرب وأمريكا على سواء!‏!



ونترك القارئ الكريم مع الحوار والتساؤلات:‏

د . خالد عكشة (مسيحي أردني) مسؤول الشؤون الإسلامية في المجلس ‏البابوي - الفاتيكان:‏
أرجو من الزملاء في الوفد الإسلامي أن يتسع صدرهم لتكرار تساؤلنا حول ‏عدم سماح المملكة العربية السعودية ببناء كنائس على أرضها، رغم أنه ‏يوجد الآن في السعودية قرابة نصف مليون مسيحي كاثوليكي مع نصف ‏مليون مسيحي من الكنائس الأخرى، مما يجعلنا نشعر بأن الأقلية المسيحية ‏في السعودية لا تتمتع بحقها الديني وممارسة عباداتها أسوة بالأقليات ‏المسلمة في ديار الغرب المسيحي، وقد أجيب على النحو التالي:‏

1- نؤكد للزميل د. خالد، ولجيمع أعضاء الوفد الكاثوليكي بأن تكرار ‏هذا السؤال لا يحرجنا ولا يزعجنا؛ لأن الإجابة عليه هي من الثوابت ‏عندنا التي لا تقبل المجاملة والمساومة؛ ولأنها قضية عقدية محسوم ‏أمرها في قيمنا الإسلامية من القرآن والسنة.‏

‏2- إن جوابنا الثابت والذي سبق أن وضَحناه في كل مناسبة يثار معها هذا ‏السؤال يتلخص بأننا نحن المسلمين نعتقد ونحسب أنكم في الكنيسة ‏الكاثوليكية تعتقدون كذلك بأنه يجب أن يكون لكل عقيدة دينية، وحصانة ‏جغرافية خاصة بها، لا تشاركها ولا تعايشها في تلك الجغرافية عقيدة دينية ‏أخرى، لكي يتوفر للعقيدة الدينية الحرية والاستقلالية المطلقة في الأرض ‏الخاصة بها، فمثلا أنتم الكاثوليك اتخذتم من حدود الفاتيكان الحصانة ‏الجغرافية للعقيدة الكاثوليكية، وأعلنتم أن دولة الفاتيكان هي دولة العقيدة ‏الكاثوليكية، وأنها المعنية برعاية أتباع شؤون العقيدة الكاثوليكية في العالم، وحرصًا منكم على حرية وصفاء مرجعية العقيدة الكاثوليكية ترفضون أن ‏يشارككم أو يتعايش معكم في حدود الفاتيكان أحد من أتباع الكنائس ‏المسيحية الأخرى، ولا تسمحون ببناء كنائس في داخل الفاتيكان لأتباع ‏الفرق المسيحية الأخرى مثل: البروتستانت، أو الأرثوذكس، وغيرهم، ‏وطبعًا لا تسمحون ببناء مسجد للمسلمين في داخل حدود الفاتيكان لتضمنوا ‏للعقيدة الكاثوليكية عدم اختلاطها مع المفاهيم العقدية الأخرى معها… ‏ونحن المسلمين اعتقادًا منا بهذا المبدأ السليم الذي قررته النصوص الشرعية ‏وأكد عليه رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قرر أن الجزيرة ‏العربية كلها تمثل الحصانة الجغرافية لعقيدة الإسلام، ولا يجوز أن ‏يشاركها أو يتعايش معها في هذه الجغرافية أي عقيدة دينية أخرى ، فهي ‏جغرافية حرة لعقيدة الإسلام، أما خارج هذه الجغرافية العقدية لشريعة ‏الإسلام؛ أي خارج الجزيرة العربية، فها هي كنائسهم تجاور مساجدنا في ‏بلدان المسلمين، والمسيحيون هناك يتمتعون بكل حريتهم التعبدية والوطنية، بل إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما قدم إلى القدس ورغب ‏المسيحيون من أهل القدس أن يدخل عمر ، رضي الله عنه، كنيسة القيامة، ‏وأن يصلي فيها، رفض عمر تلك الرغبة، وقال: "أخشى أن يقول المسلمون: ‏هنا صلى عمر؛ فيتخذها المسلمون مسجدًا"، وكما تعلمون أن مفتاح كنيسة ‏القيامة لا يزال حتى يومنا هذا بيد عائلة مسلمة، بعد أن اتفق المسيحيون ‏من الطوائف المختلفة على هذا الأمر، بسبب من الخلاف الذي نشب بينهم ‏على شرف حمل مفتاح الكنيسة، بعد أن تراضوا على اقتسام داخل الكنيسة ‏وتنازعوا في شأن الباب من يحمل مفتاحه، فكان الحل أن أسند هذا الأمر ‏لأحد المسلمين، ارتضوه لهذا الأمر من دونهم، أما قولكم: إن هناك مليونًا ‏من الطوائف المسيحية المختلفة؛ منها نصف مليون كاثوليكي في المملكة ‏العربية السعودية ، فلا نريد أن ندخل معكم في جدل حول هذا الرقم المبالغ ‏فيه ، والذي نعتقد أنه يحتاج إلى كثير من الدقة والمراجعة ، ولكن نريد أن ‏نؤكد لكم أنه لا يوجد في المملكة العربية السعودية مواطن واحد غير مسلم أو ‏يقيم إقامة دائمة، وأن جميع غير المسلمين من مسيحيين وغيرهم قد قدموا ‏إلى المملكة بعقود عمل مؤقتة، وأن عقود العمل تشترط على غير المسلم ‏احترام والتزام آداب وأعراف وتقاليد المملكة العربية السعودية، والعقد كما ‏هو معلوم ملزم لأطراف التعاقد، لذا فإن المتعاقد غير المسلم بنص عقد العمل ‏مطالب بقبول هذا المبدأ الإسلامي، وهو في عقد العمل صاحب خيار لا أحد ‏يجبره على الاستمرار إن وجد أن عدم بناء الكنيسة يشكل أمامه عقبة أو ‏مشكلة دينية، أما عن ممارسة الطقوس الدينية الفردية، فالمعروف أن ‏المملكة العربية السعودية لا تمنع أحدًا من المسيحيين أن يمارس حريته ‏الدينية في منزله أو في السفارات والقنصليات، بل إن نظام المملكة يسمح بفتح ‏مدارس خاصة بأبناء الجاليات التابعة للسفارات والقنصليات. ‏



أما قولك: بإعطاء حق الممارسة الدينية وبناء الكنائس للمسيحيين في المملكة ‏أسوة بالأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي، نود أن نؤكد أن هذه المقارنة ‏والمقابلة فيها كثير من المغالطة للأسباب التالية:‏

‏1- الأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي هي أقلية وطنية؛ فالكثير ‏من المسلمين هناك من أهل البلاد الأصليين والقسم الآخر حصلوا على ‏الجنسية، فهم مواطنون بالتجنس، والقسم الثالث مهاجر ولهم صفة ‏الإقامة الدائمة، لذا فإنه من المغالطة أن تقارن مجموعات وظيفية ‏متعاقدة لفترة محدودة وفق عقد وشروط محددة في السعودية مع أقلية ‏وطنية أو أقلية لها صفة المواطنة في ديار الغرب.‏

‏2- إن الأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي خارج دولة الفاتيكان (دولة ‏العقيدة الكاثوليكية) تتمتع بأقل مما تتمتع به الأقلية المسيحية في معظم ‏ديار الشرق المسلم، مثل: مصر، وسوريا، وتركيا، وغيرها.‏

فالأقليات المسلمة في ديار الغرب المسيحي لا تزال تعاني الكثير من المحاربة ‏والمقاومة في أبسط خصوصياتها الدينية مثل قضية الحجاب والتعليم في ‏المدارس والجامعات، ولا يخفى عليكم أن بعض الجامعات في الغرب بدأت ‏تحظر على الطلاب المسلمين بعض الاختصاصات العلمية وقصرها على ‏المسيحيين من أبناء البلاد الأصليين!!‏



‏3- إن قولكم: إن المسلمين قد سمح لهم ببناء مسجد ومركز ثقافي كبير في ‏روما معقل الطائفة الكاثوليكية، وهذا يتطلب المعاملة بالمثل، فهذا أيضًا ‏فيه مغالطة تحتاج لإعادة نظر منكم في المقارنة؛ لأن روما هي عاصمة ‏الحكومة الإيطالية، وليست عاصمة الفاتيكان، وليست من أرض ‏الفاتيكان الذي يمثل الخصوصية الجغرافية للعقيدة الكاثوليكية، مثلما ‏أن المملكة العربية السعودية تمثل الخصوصية الجغرافية للعقيدة ‏الإسلامية، فإذا أردت أن تكون المقارنة مقبولة؛ فإيطاليا تقارن مع مصر ‏مثلا، حيث توجد الكنائس والمجالس البابوية في الإسكندرية والقاهرة، وقل مثل ذلك في إسطنبول، ودمشق، والمغرب، وكثير من بلدان ‏المسلمين.‏

‏4- أما عن تساؤلكم: أليست اليمن وبعض دول الخليج من الجزيرة ‏العربية؟، ومن ثم أليست هذه البلدان من أراضي الحصانة الجغرافية ‏لعقيدة الإسلام؟ فإن كان الجواب بالإيجاب!!... لماذا قبل المسلمون في هذه ‏البلاد بناء كنائس؟!... أليس هذا يعني أن فكرة القول بأن الجزيرة العربية ‏تمثل الخصوصية الجغرافية لعقيدة الإسلام إنما هي فهم سعودي فحسب ‏لا يشاركها به بقية المسلمين حتى في دول الجوار والذين هم من أرض ‏الجزيرة العربية؟‏

فلا شك أن اليمن ودول الخليج هي أجزاء من الجزيرة العربية ، وهي داخلة ‏في حكم الخصوصية الجغرافية لعقيدة الإسلام، التي ما ينبغي أن يقوم فيها ‏دين آخر غير دين الإسلام، وشعوب هذه البلدان على مثل شعب المملكة ‏العربية السعودية اعتقادًا وإيمانًا بهذا المبدأ، إلا أن هذه البلدان خضعت ‏للاستعمار البريطاني وغيره في مرحلة من تاريخها، حيث قهرت إرادة ‏شعوبها وسلبت سيادتها على تصريف شؤونها الدينية والسياسية، وفي تلك ‏الظروف أقدم الاستعمار في تحدي إرادة هذه الشعوب، فأقام هذه الكنائس ‏طمعًا منه في تأصيل وجوده السياسي عن طريق تأصيل وجوده الديني، إذًا ‏هذه الكنائس لم تشيدها شعوب هذه البلدان، ولم تستأذن بأمرها، وإنما ‏الذي بناها هو الاستعمار البريطاني، منتهكًا بذلك أعراف وتقاليد وعقائد ‏أهل هذه البلدان المقهورة باستعمارهم وتسلطهم، أما وسط الجزيرة العربية ‏‏- أي المملكة العربية السعودية - فقد سلمت بفضل الله تعالى من أي استعمار ‏أجنبي، وبقيت على مدار تاريخها تُحكم بأبنائها المتمسكين بالإسلام ‏وشريعته إلى يومنا هذا، ولله الحمد. لذلك لم تتعرض لهذه الانتهاكات التي ‏تعرضت لها أطراف الجزيرة العربية.‏

هذا، ونود أن نؤكد أنه تم الاتفاق مسبقًا على عدم التطرق إلى حالات تخص ‏بلدانًا معينة، وإنما قضايا عامة.‏



أما وقد أثرتم هذه المسائل وقد سمعتم منا الأجوبة الواضحة الصريحة عليها، والتي عندنا المزيد من التوضيح والبيان بشأنها، ونحن بالمقابل لدينا ‏تساؤلات حول بعض القضايا منها:‏

‏1- تعلمون أننا نؤكد دائمًا وبنصوص واضحة من القرآن والسنة إيماننا ‏الكامل الصادق بجميع الأنبياء والرسل، وبكتب الله التي أرسلوا بها، ‏وأن إيماننا بكتب الله ورسله هو جزء لا يتجزأ من إيماننا بالقرآن ‏ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أننا وإلى هذه الساعة لم نسمع ‏منكم، ولم يصدر عنكم تصريح واضح محدد عن إيمانكم بأن محمدًا صلى ‏الله عليه وسلم رسول الله، وأنه خاتم الرسل، وأن القرآن الكريم هو ‏كتاب الله الذي يمثل دين الله الكامل، وأنه يتضمن ما جاءت به الكتب ‏السماوية التي أرسل بها الرسل جميعهم، نعم لقد صدر عن المحفل ‏المسكوني الثاني تصريح يصف المسلمين بأنهم مؤمنون، وأنهم من الفئة ‏الناجية يوم القيامة، إلا أن هذا الكلام عام لا يمس جوهر الاعتراف ‏الحقيقي بالإسلام والمسلمين، ولذا فإننا نطالبكم إن أردتم الدخول في هذه ‏المسائل بالإعلان الصريح عن إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه نبي ‏مرسل، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن القرآن الكريم هو كتاب الله ‏الكريم، وأنه خاتم الكتب والشامل لكل تعاليم الله تعالى للناس كافة.‏

‏2- تعلمون وتعتقدون بأن اليهود قد آذوا المسيح عليه السلام، واعتدوا عليه ‏وصلبوه (باعتقادكم)، وآذوا أمه العذراء البتول (سيدتنا مريم عليها ‏السلام)، واتهموها بالزنا، وخاضوا في عرضها، ومع ذلك لا نجد لكم ‏بعثة (تبشيرية واحدة) بين اليهود!!، بل عمدتم أخيرًا إلى تبرئتهم من ‏دم المسيح، وأنهم لم يصلبوه، مما هو مخالف لأصل اعتقادكم وشعاركم ‏الديني (الصليب)، الذي لا زلتم متمسكين به رمزًا لمأساة المسيح مع ‏اليهود، بينما هناك الآلاف من البعثات (التبشيرية) في المجتمعات ‏الإسلامية تعمل على تحويل المسلمين إلى المسيحية، أو تعمل على إفساد ‏عقائدهم وإبعادهم عن التمسك بإسلامهم، فهل هذا جزاء لإيماننا ‏بالمسيح وأمه البتول وتقديسنا لرسالته الربانية؟!‏

‏3- لقد أكثرتم من أخبار الأقليات المسيحية في العالم العربي والإسلامي ‏ومطالبتكم للمزيد من الحقوق والحريات، ولم نسمع منكم كلمة واحدة ‏عن المآسي التي يعاني منها المسيحيون الفلسطينيون في فلسطين المحتلة في ‏‏(بيت لحم، والخليل، والقدس، وغيرها)، رغم أنهم يتعرضون ‏هناك إلى ما يشبه الإبادة، وقد هجر معظمهم من بيوتهم وهدمت ‏كنائسهم، وحرموا من ممارسة طقوسهم الدينية، وها هو المطران ‏كبوشي لاجئ في روما، بعد أن أُبعد بالقوة من فلسطين، وأمثاله كثير ‏من رجال الدين، مثل : المطران قرمش، والمطران حنا، وغيرهم، ‏أليس عدم تعرضكم لحالة المسيحيين المأساوية في فلسطين هو نوع من ‏التعاطف مع اليهود على حساب حقوق المسيحيين والمسلمين العرب في ‏فلسطين؟‏



‏4- لقد انتهك اليهود حرمة الحرم الإبراهيمي المنسوب إلى أبي الأنبياء ‏سيدنا إبراهيم عليه السلام، وقتلوا المسلمين هم قائمون متعبدون يصلّون ‏لله تعالى ، وآراقوا الدماء ومزقوا المصاحف وداسوها بأقدامهم، فلم نسمع ‏منكم كلمة احتجاج واحدة أو تساؤلاً صحفيًّا على الأقل!!، أو كلمة عزاء ‏للمسلمين تواسيهم في أكبر مجزرة اعتداء على حرمات الدين والمتدينين ‏في فلسطين!!.. أليس هذا مما يؤكد تعاطفكم مع اليهود على حساب ‏المسلمين وحقوقهم الوطنية الدينية في فلسطين؟، أو ليس من العدل أن ‏تستنكروا الظلم والعدوان!!‏

5- لقد جاء قرار الكونجرس الأمريكي الذي أعلن فيه أن القدس عاصمة ‏أبدية لدولة إسرائيل، كنتيجة للمظاهرة الكبرى التي نظمتها الكنائس ‏الأمريكية من كاثوليكية وغيرها، وقد حشدوا لها مليون مشارك من ‏أتباع الكنائس المسيحية تطالب بأن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، ‏فكيف تريدون منا أن نفهم هذا التكامل بين موقف الكنائس وموقف ‏الكونجرس؟، أليس هذا مما يؤكد العداوة للإسلام والمسلمين في أخص ‏خصوصياتهم؟، ومع ذلك لم نسمع من الفاتيكان كلمة استنكار أو استفسار ‏عن هذا الموقف المؤذي للمسلمين في العالم، الذي يشكل اعتداءً صارخًا ‏على حقوق الفلسطينيين من مسيحيين ومسلمين في فلسطين، أوَ ليس هذا ‏انحيازًا واضحًا للاعتداء والظلم اليهودي المتزايد هناك.‏

6- ما كنا نرغب أن نتحدث بهذا ولا يزال لدينا المزيد مما نعلم أنه ‏يحرجكم ، لولا أنكم فتحتم الباب لهذا المنحى في الحوار، ونحن على ‏استعداد كامل لتقديم الكثير والكثير من مواقف الخلل لدى الجانب ‏المسيحي ضد الإسلام والمسلمين، كما لدينا الاستعداد للإجابة عن كل ‏تساؤلاتكم المكتوبة، فنحن لا نشعر بالحرج تجاه أي سؤال يوجه لنا ‏على كل مستوى ديني أو ثقافي أو تاريخي، ونأمل أن يكون نفس القدر ‏من الاستعداد وعدم الحرج فيما يوجه إليكم من تساؤلات أو معلومات ‏حول قيمكم الدينية أو مواقفكم التاريخية والمعاصرة تجاه الإسلام ‏والمسلمين.‏

وصلى الله وسلم وبارك على نبيا محمد وآله وصحبه.‏

كيف ينظر اليهود للمرأة أخلاقياً ؟ (قراءة في الأبعاد الفكرية اليهوديَّة في إفساد المرأة)

كيف ينظر اليهود للمرأة أخلاقياً ؟ (قراءة في الأبعاد الفكرية اليهوديَّة في إفساد المرأة)


خباب الحمد
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2010
نقلا عن : خاص بموقع طريق الإسلام



يغفل أو يتغافل بعض المسلمين عن المخططات الصهيونيَّة الآثمة تجاه المرأة عموماً، وخصوصاً إن كانت مسلمة، وأكثر خصوصيَّة من ذلك حينما تكون فتاة فلسطينيَّة، وهي تعيش بجانبهم أو قريباً من الأراضي التي اغتصبها الصهاينة، بل تعيش أحيانا وسط المدن التي اغتصبوها من الأراضي الفلسطينيَّة ...
وقد يظن بعض الغافلين أنَّ حديث بعض علماء الإسلام أو المثقفين والمفكرين المسلمين عن مؤامرة الصهاينة والعدو اليهودي تجاه المرأة ضرباً من الخيال، أو من قبيل نظريَّة المؤامرة، أو أنَّه من باب المبالغات !
لكنَّ المتصفِّح للكثير من الآراء التي يكتبها بعض القادة أو المحللين السياسيين اليهود أو حاخاماتهم كذلك، سيجد عياناً بياناً صحَّة ما يمكن قوله بأنَّ الدولة العبرية اليهوديَّة تكرِّس خطَّة قذرة وتحاول إيجادها في واقع المجتمعات النسويَّة، بغية إفسادها، ونشر ثقافة الرذيلة والتبرج والسفور وبالأخض فيما بين المجتمعات النسوية المسلمة!
والسر في ذلك أن هؤلاء فطنوا لمكانة المرأة الأساسية ودورها في صنع الأمة، وتأثيرها على المجتمع، لذا أيقنوا أنهم متى أفسدوا المرأة ونجحوا في تغريبها وتضليلها، فحين ذلك تهون عليهم حصون الإسلام بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة .

نماذج من الأقوال والممارسات اليهودية تجاه المرأة المسلمة

وحتَّى لا يكون حديثنا دون البيِّنة والبرهان، فإني سأضع بين يدي القارئ الكريم شيئاً من أقوال يهود من محللين سياسيين وخبراء، ورجال دين عندهم، يبيِّن مدى الحقد الدفين على جيل الأمَّة المسلمة وإفساده، من خلال إفساد المرأة المسلمة.
فلقد قال أحد اليهود قديماً وهو من الذين تخصصوا وتفننوا في إفساد الشعوب الإسلامية: (إن مكسبنا في الشرق لا يمكن أن يتحقق إلا إذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها، فإذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها كسبنا القضية واستطعنا أن نستولي على الشرق).
وجاء في بروتوكلات حكماء صهيون: (علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية)، وفي هذه البروتوكلات المنسوبة لبني صهيون، نجد أنَّ فيها حثَّاً كبيراً للنساء اليهوديات على نشر الفساد الأخلاقي، وأن تتصرَّف في جسدها كما تشاء!

إنَّ من أولى أولويات اليهود إفساد المرأة المسلمة؛ وذلك لأنَّ المرأة المسلمة في الأصل ملتزمة بحجابها وعفيفة وطاهرة، وعامَّة النساء الأخريات قد انزلقن في مهاوى الردى والفساد إلا قلَّة قليلة منهنَّ، فاستهداف المرأة المسلمة هو من ضمن استهداف المرأة عموما، وهو ما حصل وللأسف حيث تأثَّرت كثير من النساء المسلمات بدعايات الغرب والتبرج والسفور، بسبب ضعف الوزاع الديني، والانبهار بالمرأة المتحرِّرة والانصهار في الموضة التي تراها من أمم الشرق والغرب.
فاليهود يفسدون المرأة، وإزاء ذلك لهم خطَّة موازية لإفساد الرجل؛ ليكون الرجل المسلم بين امرأتين: مسلمة أفسدوها، وعير مسلمة منحلة!
ومن يعيش من الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، والذين يُطلق عليهم: (عرب الداخل) يذكرون أنَّ السلطات الصهيونية تدعو الشباب العربي بحملات منظمة وهادئة إلى الاختلاط باليهوديات وخصوصاً على شاطئ البحر وتتعمد اليهوديات دعوة هؤلاء الشباب إلى الزنا بهن، وتقوم السلطات اليهودية بملاحقة جميع الشباب الذين يرفضون هذه العروض، وتحاول إغرائهم بتلك الفتيات الساقطات؛ لكي يكون شباب فلسطين معول هدم في بلادهم المسلمة، ولكي لا يكون لديهم ارتباط بأي حركة مسلمة تريد الخير والدفاع عن كرامة فلسطين، بل إنَّ السلطات الصهيونيَّة لا تُدخل إلى الضفة الغربية إلا الأفلام الجنسية الخليعة جداً، وكذلك تفتح على مقربة من المدن والقرى الفلسطينية الكثير من المصانع الكبيرة التي يعمل فيها العمال العرب الفلسطينيون، والذين يرون من النساء والفتيات اليهوديات من أساليب الإغراء والإثارة، حتَّى يقوموا بما حرَّم الله، ثمَّ يُسقط هؤلاء على ممارسة الرذيلة ويكونوا شوكة وحربة بيد اليهود ضد بني جلدتهم من الفلسطينيين.

لقد قال أحد قادة الماسون: (كأس وغانية يفعلان بالأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع ودبابة فأغرقوها، أي أمة محمد أغرقوها في حب المادة والشهوات).
ولم تخل جرائمهم حتَّى في الدول العربيَّة، فلقد جاء في موقع : (أمان/ المركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضدَّ المرأة) أنَّ في الجزائر جمعيَّة يموِّلها اليهود تشجِّع نساء القبائل على الطلاق وفساد الأخلاق، وخصوصاً أنَّ هذه الجمعية مدعومة من طرف شركة يهودية سوكوداك إسبانية!
وهدفها إفساد المجتمع القبائلي وتشتيت العائلات بتشجيع النساء على الانفصال عن أزواجهن ونسج علاقات غير شرعية.
حيث أنَّ أصل الخبر شكوى تقدَّم بها شخص بصفته زوجاً لتلك المرأة التي شجَّعتها الجمعيَّة اليهوديَّة على أن تُطُلَّق منه، براتب مغرٍ، وبعد ذلك لاحظ زوجها أنَّ زوجته بدأت تنحرف عن الأخلاق من خلال ممارسات سيئة.[1]
ولهذا نجد الترويج للفساد الأخلاقي شائع عندهم، بل يفتاوى حاخاماتهم، فنجد مثلاً الحاخام (ريتشورون) يقول: ( شعبنا محافظ مؤمن ولكن علينا أن نشجع الانحلال في المجتمعات غير اليهودية فيعم الكفر والفساد وتضعف الروابط المتينة التي تعتبر أهم مقومات الشعوب فيسهل علينا السيطرة عليها وتوجيهها كيفما نريد) [2].

وفي الحقيقة فإنَّه يخدع الآخرين بقوله (شعبنا محافظ مؤمن) فإنَّ أقل الشعوب حفاظاً على القيم والأخلاق هو الشعب اليهودي، بل تعيش المرأة فيه حالة من الفساد والانحلال والانحطاط، وعملا بمقولة (( و شهد شاهد من أهله )) فإنَّه يمكن لمن يقرأ كتاب ( وجه المرآة) للمؤلفة الصهيونية ـ (ياعيل دايان) ابنة الإرهابي موشي دايان الذي كان زعيماً لعصابات الهاجاناه والذي تقلَّب في مناصب عدَّة وآخرها وزير خارجيَّة في حكومة بيجن.
فتتحدَّث هذه الفتاة عن المجتمع الإسرائيلي اللاأخلاقي, حيث أسهبت في وصف التجمع الإسرائيلي الاستيطاني وحقيقة المرأة والشباب في هذا المجتمع المنحل وقد شبهت حياة المرأة الإسرائيلية بحياة الغانيات والجواري..‏ وتشير إلى أطفال المستعمرات وهم الأطفال اللقطاء الذين يترعرعون في بيوت خاصة على نفقة الحكومة بعد أن تخلى آباؤهم وأمهاتهم عنهم..‏ حتَّى إنَّها قالت في كتابها :(فالفتاة الإسرائليَّة تستطيع أن تعيش مع أربعة وأن تعاشر عشرين, ولايجوز أن يتشاجر اثنان من أجلها.. نحن نعيش اشتراكية كاملة مطلقة).
بل نراها تتحدَّث بوقاحة عن مدينة القدس بعد أن أصبحت تحت سيطرة ما يسمى بـ "إسرائيل" حيث قالت: لقد أصبحت القدس مسرحاً للفجور وغصت ببيوت الخطيئة التي تدار تحت سمع حكومة "إسرائيل" وبصرها!

لقد أكدت تقارير إعلامية عبرية أن إسرائيل تعد أكبر راع لممارسة البغاء والدعارة في جميع أنحاء العالم، وأن الحكومة الإسرائيلية تتلكأ في استصدار القوانين والتشريعات التي تحد من هذه الظاهرة.
وقال موقع "نيوز وان" الإخباري العبري في سياق تقرير له عن تفشي ظاهرة البغاء داخل الكيان الصهيوني: إن عدد العاملين في مجال الدعارة والبغاء في "إسرائيل" يبلغ نحو 20 ألف شخص![3]
كل هذا يعطي انطباعاً سيئاً عن المجتمع الصهيوني المتفكك والمنحل، فقول ذلك الحاخام كذب وزور وبهتان، وهو من باب ترويج القيم الخاطئة بين من قد ينخدع بزخرف كلامه!
وممَّا يشهد بخطط الصهاينة تجاه الفتاة المسلمة، وبتشجيع الفساد الأخلاقي؛ ما نقلته وكالات الأنباء أنَّ الحاخام اليهودي 'مردخاي فرومار' أكَّد للمستمعين في أحد المعابد اليهودية أنه يمتلك حلاً سحريًا للصراع العربي الصهيوني، معتبرًا أن هذا الحل سيؤدي في حال تنفيذه إلى إنهاء الصراع الصهيوني مع الإسلام تمامًا.
وأعلن الحاخام لوسائل الإعلام التي لاحقته، أن لديه في الواقع ثلاثة حلول لإنهاء الصراع 'الإسرائيلي' مع المسلمين, ولكن الحل الأقرب إلى قلبه وعقله هو: أن تبذل الدوائر الصهيونية في 'إسرائيل' والعالم كله قصارى جهدها من أجل علمنة المجتمع الإسلامي كله بحيث يتم القضاء نهائيًا على كل أسس وتعاليم وتاريخ الإسلام على أن يتم ذلك عن طريق نشر فنون الجنس والإباحية ونشر ثقافة الدعارة في أوساط المسلمين.

وأشار إلى أن جميع هذه الوسائل ستؤدي إلي نزع الإسلام من صدور المسلمين وتحويلهم إلى مجتمعات علمانية بحته لن تبحث أبدًا خلف مقدساتها الإسلامية.
وأضاف أنهم سيسارعون حينذاك إلى بناء علاقات قوية مع 'إسرائيل' وأمريكا والغرب من أجل الحصول على أحدث التقنيات الجنسية, وعلينا حينذاك أن نستخدم الإنترنت بشكل أكبر من أجل ترويج الأفلام والفنون الجنسية التي تسيطر على حماس شباب المسلمين حتى يصبحوا أكثر اقترابًا من الغرب ويبتعدوا تمامًا عن ثقافتهم الإسلامية.
وأنهى حله السحري بقوله 'وعلينا شحذ حماسة المرأة المسلمة نحو تجميل نفسها وارتداء أقل الملابس حتى تكون أكثر فتنة للرجال.. وعلينا أن نضع في ذهن كل امرأة مسلمة أن إنجاب أكثر من طفل أو طفلين يذهب بجمالها.. وأن على المرأة المسلمة أن تعمل على الاهتمام بإظهار جمالها وليس ارتداء الحجاب الذي يغطي ذلك الجمال, ولنعمل على أن تسير كل امرأة مسلمة وهي عارية البطن'.[4]
فهذا إذاً ما يريده أعداء الإسلام من الصهاينة والغربيين والمستغربين لإفساد المرأة المسلمة، حسداً وغيظاً من عند أنفسهم، ولكي تكون الفتاة المسلمة كحال الفتاة الصهيونيَّة في التعري والانحلال، ولكي تكون وسيلة لإفساد المجتمعات الإسلامية.


الفتاة اليهودية وسيلة إغراء للمسلمين لإفسادهم!

العبارة الصهيونية الشهيرة تقول: (أتحالف مع الشيطان لأجل إسرائيل الكبرى!)، لأنَّ (الغاية تبرِّر الوسيلة) عندهم، ولأجل ذلك تستخدم المرأة اليهودية كسلعة للإغراء لدى الآخرين لكي يفسدوا من خلالها شباب المسلمين، ولكي تتأثر المرأة الفلسطينيَّة بطريقة لباس الفتاة اليهودية، وهو ما أثَّر بالفعل في كثير من النساء الفلسطينيات اللواتي يسكنَّ في ما يسمَّى:(عرب الداخل) أو (الخط الأخضر).
هذه المرأة اليهودية في سبيل نشأة إسرائيل؛ فإنَّها تقوم بالمتاجرة بعفتها وكرامتها من أجل إسرائيل الكبرى، ولذلك يعتبر استخدام المرأة كوسيلة للإغراء من الأعمدة الأساسية في الحياة الاجتماعية الإسرائيلية.

لقد أكدت مقرراتهم الماسونية السرية التي نشرتها جريدة (التايمز) اللندنية عام 1920 على الدور الهام للمرأة اليهودية في صراعهم مع بني البشر، فجاء في المقرر التاسع ما يلي: (... ليس من بأس بأن نضحي بالفتيات في سبيل الوطن القومي، وأن تكون هذه التضحية قاسية ومستنكرة، لأنها في الوقت نفسه كفيلة بأن توصل إلى أحسن النتائج، وماذا عسى أن نفعل مع شعب يؤثر البنات ويتهافت عليهن وينقاد لهن).
وفي كتاب للباحثة باسمة محمد حامد بعنوان (المرأة في اسرائيل بين السياسة والدين) فقد تحدَّثت فيه أنَّ الموساد يرى أن النساء هن أفضل وسيلة للإيقاع بمن يراد الإيقاع به، وقد تم الاعتماد على أجسادهن لتنفيذ المهام الاستخباراتية التجسسية القذرة، حيث تم إسقاط العملاء من خلال تصويرهم في أوضاع فاضحة مع (العاهرات الصهاينة) ثم جرى تهديدهم بتلك الصور إذا رفضوا تنفيذ الأوامر.

والمثير في الأمر أن (حاخامات) صهيون المتشددين يعتبرون أن الرذيلة نوع من خدمة الوطن! ومن هذا المنطلق فقد قامت الحكومة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة وفي سابقة فريدة من نوعها بتعيين (عيلزا ماجين) في منصب نائب رئيس الموساد وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ إنشاء هذا الجهاز، ومنذ توليها ذلك المنصب أطلقت (ماجين) العديد من التصريحات الاستفزازية تجاه العرب ومما قالته: (إن الموساد يستخدم النساء لإغراء الرجال العرب) إذ لا يمانع المتدينون اليهود من السماح للمجندات بعملية الإغراء من أجل إسقاط الأعداء، بل يعتبرونه نوعاً من الشجاعة المقدسة!
زد على ذلك ما جاء في صحيفة (معاريف) الإسرائيلية بتاريخ 11 أغسطس من السنة الماضية، أن المشروع الإسرائيلي الأهم هو استقطاب شباب عربي ومسلم في لعبة الحرب، وأن العرب يقعون بسهولة في فخاخ الإسرائيليات، وكان موقع جهاز الموساد عبر الانترنت قد نشر عرضاً للعمل يريد من خلاله توظيف يهوديات جميلات، لمهمات (إنسانية) وجاء في صحيفة (يديعوت أحرينوت) الإسرائيلية المتطرفة أن توظيف اليهوديات الجميلات سيكون واجبا قوميا لصالح إسرائيل، خاصة في حروبها القادمة ضد العرب!

ولن تنسى الذاكرة الإسلامية تلك الحادثة المشهورة في نشرالصهاينة لمرض الإيدز بين شباب المسلمين، حيث كشفت صحيفة الشعب المصرية في 26/7/1988م أن «ما يزيد على ألف فتاة يهودية مصابة بفيروس الإيدز تم قذفهن في مصر، تحت إشراف الموساد الإسرائيلي، بعد إقناعهن بأنهن يقمن بعمل «قومي نبيل» ـ يهودياً ـ يتساوى في أهميته مع خوض معركة عسكرية كبرى مع العرب، وأنها مهمة مقدسة، وضرورة لا بد منها لسحق العرب نهائياً في أية معركة قادمة).

وفي لقاء صحفي أجري مع وزيرة الخارجية الصهيونيَّة سابقاً:(تسيبي ليفني) ففي لقاء صحفي أجري معها، قالت بنص الكلمة:(نعم للقتل والجنس من أجل إسرائيل) [5] ولدى سؤالها عن استعدادها وقتذاك للانخراط بعلاقة جنسية مع شخص آخر كجزء من عملها، تقول ليفني: "لو تسألني إن كان قد طُلب مني أن أنام مع شخص ما في سبيل بلادي، فسوف يكون الجواب لا. لكن لو كان قد طُلب مني أن أفعل ذلك، فلا أعلم ما الذي كنت سأقوله فبدت وكأنها تقول: نعم، من أجل بلادي!."
وهذا ما يؤكِّد ما قلناه سابقاً بأنَّ الفتاة الصهيونيَّة ليست إلا وسيلة إغراء لدفعها إلى إسقاط الآخرين، فامرأة بحجم وزيرة الخارجيَّة الصهيونية تقول هذا الكلام؛ ما يعني أنَّهم بالفعل يعتقدون ذلك عقيدة أصوليَّة من خلال الجنس والفساد والعهر الأخلاقي لتحقيق ما يريدون !
حتَّى إنَّ هذا الإفساد يسري فيمن كانت لديهم علاقة وثيقة بهم، كالعلاقة المتينة بين أمريكا وإسرائيل، فلقد دسُّ الموساد الصهيوني إحدى اليهوديات المتدربات العاملات في البيت الأبيض (مونيكا لوينسكي) حيث قامت بعلاقة هابطة ومتحلِّلة مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون مع اليهودية المتدربة في البيت الأبيض، وحينما رفض الرئيس الأمريكي الانصياع لمطالب اللوبي الصهيوني في أمريكا، أظهروا فضيحته مع تلك الفتاة الساقطة؛ وحينها لن يستطيع مواصلة رئاسته للشعب الأمريكي الذي يرى أنَّ رئيسه قد أقدم على فضيحة تسيء لسمعة بلاده!


وفي إحدى الوثائق الصهيونية السرية التي كتبها المدعو (صلامون إسرائيل) وهو أحد اليهود الذين أشهروا إسلامهم نفاقاً عام 1906، تأكيد على هذه الحقيقة بالأدلة الدامغة، وقد أدلى ببعض النصائح لأبناء جلدته الصهاينة حرفيا: (... أيها الإسرائيليون، أيها الصهاينة، لا تحجبوا بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم عن ضباط أعدائنا غير اليهود، لأن كل واحدة منهن تستطيع أن تهزم جيوشا جرارة، بفضل جمال أنوثتها، ومكرها الفريد، أدخلوا بناتكم ونساءكم قصور وبيوت زعماء ورؤساء أعدائكم ونظموا شبكات جاسوسيتنا في جميع أجهزة الدول ولا تنسوا أيها الإخوان أن إفساد أخلاق وعقائد الأمة هو مفتاح فريد سيفتح لنا نحن الصهاينة جميع مؤسسات الأمم، شجعوا الإباحية والانحلال وجميع الفواحش بين الشباب، وأفسِدُوا إيمانهم وأخلاقهم، لكي لا تبقى عندهم ذرة من القيم الروحية، وهذه العملية ستجعل العرب في درجة الهمجيين، بل سيضيعون جميع شيمهم وشهامتهم، وبعد هذا سنفرق شملهم نهائيا) [6].
وهذا في الحقيقة حال اليهود المجرمين من بداية إشراق وسطوع شمس الرسالة حينما بعث الله تعالى محمداً بن عبد الله صلَّى الله عليه وسلَّم ودعا إلى الإسلام في مكة، ثمَّ انتقل للمدينة وصالح اليهود وأمَّنهم ومع هذا كلِّه، فقد ظهر فساد اليهود جلياً بالقصة التي كانت سبباً رئيسياً في غزوة بني قينقاع، حيث أنَّ امرأة مسلمة ذهبت لتبيع بعض حليها في سوق يهود بني قينقاع بالمدينة المنورة، وجلست عند صائغ منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا منها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله، فتبع اليهود المسلم فقتلوه، فغضب لذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فحاصرهم خمسة عشر يوماً، حتى أجلاهم عن المدينة تاركين وراءهم السلاح و أدوات الذهب الذي كانوا يصوغونه ....

هكذا أنبأتنا كتب التاريخ الإسلامي والمتحدِّثة عن سيرة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأمَّا كتب اليهود فلهم في ذلك أحاديث أخرى تبيِّن أنَّ أمر إجلاء الرسول عليه الصلاة والسلام لليهود إنَّما حصل ذلك لمجرَّد شجار بين اليهود والمسلمين دون التطرق للجريمة النكراء التي قام بها اليهود ضدَّ تلك المرأة المسلمة، فلقد أوردت "دائرة المعارف اليهودية" قصة هذه الغزوة، وأبدوا وجهة نظرهم فيها بقولهم في "المجلد 22" الصفحة "1013" الفقرة الأخيرة أنّ:"سبب إجلاء اليهود من المدينة ومحاربتهم بقسوة كان شجارًا بين مسلمين ويهود بسوق المدينة، وهو ذاته سبب محاربة اليهود بقسوة"! قاتلهم الله أنَّى يؤفكون!

ولربما يطرأ سؤال: وما علاقة الفتاة الإسرائيلية الفاتنة لغيرها بالموضوع الذي نتحدث فيه؟
والجواب على ذلك أنَّ الفتاة الصهيونية التي يريد اليهود إظهارها بهذا الشكل والطريقة، يهدفون من وراء ذلك لتحقيق أمرين:
الأول: إفساد فتيات المسلمين، فحينما ترى الفتاة المسلمة وخصوصا من تعيش في داخل ما يسمَّى بـ(إسرائيل) أوبالقرب منهم، فقد تتأثَّر بطريقة لبسها وتبرجها وسفورها، وهذا وللأسف ما قد حصل، وهي حقيقة لا نرغب الاعتراف بها، فقد نجحت اليهوديات بالتأثير السلبي على بعض المسلمات في لباسهن شعرن أو لم يشعرن.
الثاني: إفساد شباب المسلمين وأسقاطهم في وحل العمالة والخيانة والجاسوسيَّة لليهود من خلال هذه المناظر التي يرونها ومن ثمَّ الارتباط ببعض النسوة اليهوديات التي تحقق لإسرائيل من خلال الفساد الجنسي مع ذلك الشاب ما لا تحمد عقباه.


ما واجبنا إذا؟

إذا علمنا أنَّ اليهود قوم خداع ومكر، وأنَّهم كما قال الله تعالى يسعون في الأرض فسادا، وأنَّهم يريدون بنساء المسلمين الشر والرذيلة وأسقاطهم وشباب الإسلام فيما حرَّم الله، فما الواجب علينا تجاه ذلك؟

يمكن تلخيص ذلك بعدَّة نقاط وهي على سبيل الإجمال:

1) فضح الممارسات الصهيونية والأقوال اليهوديَّة والخطط التي تهدف لإفساد المرأة المسلمة عموماً والفلسطينيَّة خصوصا.

2) بيان طرق الوقاية من الوقوع في براثن الإفساد الصهيوني، بشتَّى الصور والأساليب، وتغليب مجال العقل على العاطفة، وظن السوء بأعداء الإسلام على وجه الإطلاق.

3) الحذر، والتحذير من بعض المناهج الدراسيَّة التي يدرسها بعض شباب وفتيات الإسلام، وفي بعض الجامعات الإسلاميَّة وللأسف، حيث إنَّنا نجد انتشاراً كبيراً للنظريات التي قال بها اليهود، وممَّا يمكن التمثيل عليه في ذلك: (ماركس في الاقتصاد، وفرويد في علم النفس، ودوركايم في علم الاجتماع، ونيتشه في علم القومية والوطنيَّة والسياسة) فالكثير من المسلمين درسوا كثيراً من نظرياتهم وتأثَّر بهذه النطريات كثير من طلبة الجامعات، خصوصاً إن كان الدكتور كذلك متوافقاً مع نظريات أولئك الكفرة، فهو يعطي للطلبة السم، والطلبة في عموم مجتمعاتنا العربية والإٍسلاميَّة ضئيلو الحظ من العلم والاطِّلاع، فلا يلبث الواحد منهم حتَّى ينادي بتلك النظريات التي درسها ويظن صوابيتها، والمصيبة أنَّ الكثير من أبحاثهم تركِّز على إفساد الأخلاق والدين، بل تُصَرِّح كتاباتهم بأنَّ القيم ليس لها وجود ذاتي إنَّما هي انعكاس للأوضاع الاقتصاديَّة وليس لها ثبات، وعليه فيجب الانتباه لهذه النظريات، والحذر منها، وبناء الحصانة الشرعية والفكريَّة التي تمنع من الانزلاق أو التأثر بها، ويكفينا عمقاً سلوكيا وسياسياً واجتماعيا واقتصاديا ونفسياً، ما في كتاب الله، وسنَّة رسول الله، ولقد قال تعالى: {أولم يكفهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [سورة العنكبوت:15] ويقول صلَّى الله عليهم وسلَّم: «تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن تمسَّكتم به: كتاب الله» (أخرجه مسلم:1218) ويقول صلَّى الله عليه وسلَّم : «فإنَّه من يعش منكم يرَ اختلافاً كثيرا، وإيَّاكم ومحدثات الأمور، فإنَّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء المهديين عَضُّوا عليها بالنواجذ» (أخرجه الترمذي من حديث العرباض بن سارية، برقم: 2676، وقال الترمذي: حسن صحيح)، ومع الاعتماد على الكتاب والسنة فإنَّه يمكن الاستفادة من النظريات الإسلامية من كل العلوم والمعارف التي انتشرت لمدة ألفٍ وأربعمائة عام، وكانت حضارة حقيقية حسدتنا عليها الأمم.

4) حثّ المرأة المسلمة على لبس الحجاب الشرعي الكامل، وستر جسدها، حتَّى لا تكون عاصية لربِّها أولا، وفاتنة لبني قومها ثانياً، ومطبِّقة لخطط أعداء الإسلام فيها ثالثاً، والله تعالى يقول وهو أصدق القائلين: {والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتَّبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما} ويقول تعالى: {ولا تبرَّجن تبرج الجاهلية الأولى} ويقول تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهنَّ ذلك أزكى لهنَّ}.

ما كان ربكِ جائراً في شرعه *** فاستمسكي بعراه حتى تسلمي
ودعي هراء القائلين سفاهةً *** إن التقدم في السفـور الأعجمِ
إن الذين تبـرأوا عن دينهم *** فهـمُ يبيعـون العفاف بدرهمِ
حلل التبرج إن أردتِ رخيصةً *** أما العفاف فدونه سفك الدمِ

5) على المرأة المسلمة واجب كبير في نصح رفيقاتها وأقاربها والقيام بواجب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكي يكون المجتمع النسوي المسلم باقية فيه روح العفَّة والطهارة والحياء، بعيداً عن الأخلاق البهيميَّة والوسائل القذرة التي يستخدمها المتحرِّرون من ربقة الإسلام، وصدق الله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتَّى تتبع ملَّتهم} وقوله تعالى:{لتجدنَّ أشدَّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا}.

6) نشر ثقافة العزة والتميز الإسلامي وعدم تقليد الصهانية والدخول في مخططاتهم، وفضح ممارساتهم وأقوالهم على ملأ من الناس؛ لكي يعرفوا كيد ومكر شرَّ أمَّة على وجه البسيطة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

ـــــــــــــــــــــــــ


[1] ) موقع أمان:
http://www.amanjordan.org/a-news/wmview.php?ArtID=18918

[2] ) نقلا عن كتاب: المراة في إسرائيل بين السياسة والدين. تأليف: باسمة محمد علي.
[3] ) موقع أمان.
[4] ) موقع مفكرة الإسلام:
http://www.islammemo.cc/2006/09/01/10788.html

[5] ) شبكة محيط الإعلام.

[6] ) نقلا عن كتاب: المراة في إسرائيل بين السياسة والدين. تأليف: باسمة محمد علي.


بقلم: خباب مروان الحمد
باحث وداعية فلسطيني.

Khabab1403@hotmail.com

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

أخاف عليك

أخاف عليك

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 25 - 02 - 2004



من حر يومٍ شديد الحر, طويل الانتظار, بالغ الفزع
تأتى فيه لتحشر تحت لواء الإسلام فتُبعد.. و تسمع حديث الرسول صلى الله عبيه و سلم « بين الرجل و الكفر ترك الصلاة » وتذهب إلى الله سبحانه و تعالى ترجوه و تستعطفه، فينظر إليك نظرة غضب يسقط لحم وجهك من هولها، و تتمسك بأعطاف الرسول صلى الله عليه وسلم ليشفع لك، فيزجرك و تأتي الصلاة فتشتكيك لربك و تقول لك ضيَّعك الله كما ضيعتني.

أخى هذا يوم الفزع و الخوف.. أفتبخل على نفسك أن تكون مطمئناً فيه و تطمئن قلبك بركعات و سجدات و تسبيحات فى الدنيا تؤديها لمن حفظك فى رحم أمك.. و أجرى لك غذائك فى ثديها.. و رعاك فى أرضه.. و سقاك من مائه.. و ما حبس عنك الهواء يوماً.. و أعمل فيك أعضاءً لم يوقفها لحظة.. سبحانه و تعالى.

اهرع إلى ربك..
إذا ضاقت نفسك يوماً بالحياة، فما عدت تطيق آلامها و قسوتها.. إذا تملكك الضجر و اليأس، وأحسست بالحاجة إلى الشكوى فلم تجد من تشكو له.. و إذا أحسست أن الألم يكاد يتفجر فى صدرك و تجمدت العبرات فى عينيك.. إذا ألممت بذنب في غفلة من أمرك فأفقت على لدغات ضميرك تؤرقك.. إذا نكست رأسك خجلاً من نفسك و أحسست بالندم يمزق فؤادك.. إذا انقلبت خطيئتك سجناً يحيط بك من كل جانب و حيثما توجهت سد عليك الأفق و حجبه بالظلمات.

اهرع إلى ربك... اهرع إلى ربك... اهرع إلى ربك...

اهرع إلى ربك رب الكون العظيم، التواب و مسبب الأسباب مناجياً.. طالباً.. راغباً.. شاكياً.. باكياً..

قف عند بابه و اسجد و اقترب منه فأنت عبده, بُثّه شكواك فهو الغني الواسع سبحانه و تعالى.


« أرِحْنا بِها يا بِلال »
إن الصلاة هي باب الرحمة و طلب الهداية.. هي اطمئنان لقلوب المذنبين والبؤساء.. هي معقل المسلم و مفزعه.. هي ميراث النبوة بروحها, وأحكامها متوارثة في الأمة بظاهرها و باطنها فهي تشتمل على أسمى معاني العبودية والالتجاء إلى الله تعالى والاستعانة به و التفويض إليه..

لها من الفضل و التأثير فى ربط الصلة بالله تعالى و التقرب إليه ما ليس لشئ آخر.. بها وصل المخلصون المجاهدون في هذه الأمة إلى مراتب عالية من الإيمان واليقين من الربانية والروحانية.. هي قرة عين النبي صلى الله عليه و سلم فقد كان يقول «و جعلت قرة عيني في الصلاة».. هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة.. فرضت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عند سدرة المنتهى في السماء السابعة.. هي وصية الرسول على فراش الموت « الصلاة..الصلاة وما ملكت أيمانكم » .. فما قولك؟

الصلاة هي أمّ العبادات، فهي عبادة شاملة للقلب والعقل و اللسان.. راحة نفسية.. طمأنينة روحية.. سلامة من الغفلة.. هي تغيير لوجه الحياة.. وتجديد للنفس..هي وجبات روحية.. تروي ظمأ الروح و تشبع أشواق النفس.. هي علاج من القلق و علاج من الجزع..

هي حفظ من المعاصي.. حفظ من البلايا والمحن.. حفظ من العذاب يوم القيامة.. تنمي العقل؛ فهي تحصر الذهن في المفيد النافع، وتعلمنا التركيز والانتباه.

الصلاة شعار حزب الله المفلحين.. الصلاة هي المقياس الصحيح الذي يُحكم به على دين الرجل في كل مناسبة..

إن الصلاة في الإسلام ترتبط ارتباطاً مذهلاً بكافة أنشطة المسلم كفرد وأيضاً بالأمة الإسلامية كلها.. فإذا أردت شيئاً من الله فلديك صلاة الحاجة و حتى إن لم يرد فيها نص صريح، فكفاك شرفاً السجود لله و طلب حاجتك منه، وما أسعدك يوم يستجيب الله لك..

وإذا أقبلت على عمل أياً كان في حياتك، فصلاة الاستخارة، حتى إن الصحابة كانوا يستخيرون على شراء ملح الطعام, و إذا اجتمعت الأمة على الفرح، كانت صلاة العيد، حتى إذا توُفِيَ المسلم، كانت صلاة الجنازة.

فلا يكون للعيد طعماً بدون صلاته، و لا ليوم الجمعة روعة و إجلالاً بدون فرضه، حتى الكسوف حفظنا الله من أضراره في ذلك اليوم بأن ننشغل فى صلاة طويلة إلى أن يمر على خير بإذن الله تعالى.

فسبحان الله العظيم..

و في كل حالة..
لا يتصور إنسان بغير صلة بالله سبحانه.. لذا لم تسقط الصلاة عنك في أي حالة كنت..
فالمريض يؤدي الصلاة حتى لو كانت بكيفية أخرى غير التي تعودنا عليها، وكما يؤديها الصحيح..
المسافر يؤدي الصلاة وله أن يقصر فيها..
المجاهد فى سبيل الله له صلاة الخوف..
و الرسول صلى الله عليه و سلم يخبرنا و يقول « وجُعِلَت لي الأرض مسجداً و طهوراً » . بل إن الماء إن غاب، تطهرت بالصعيد الطيب، ولا تقطعن صلتك بالله تحت أي ظرف.

الوضوء عبادة
يغفل الكثيرون عن أن الوضوء عبادة لها أجر عظيم، و لكنها تتحول عند البعض إلى حركات آلية أو لاإرادية أو طقس من الطقوس للإذن بالدخول في الصلاة.. ولكنه عند الواعين الطالبين لعليِّ الأجر والثواب، لا ولن ينفصل عن الصلاة لرب العالمين.

ويرشدنا حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى فضل الوضوء، فيقول صلى الله عليه و سلم « إذا توضأ العبد فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع آخر قطرة ماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع آخر قطرة ماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشت إليها رجلاه مع آخر قطرة ماء، حتى يخرج نقياً من الذنوب » رواه مسلم.

فإذا تيقَّن المسلم أنه حين يتمضمض فكل لفظ خرج من لسانه لا يرضي الله، فإن ذنبه يخرج مع ماء الوضوء، و كل نظرة منه لا ترضي الله عز وجل يسقط ذنبها مع غسل الوجه، و كل كلمة غيبة أو نميمة سمعها بأذنيه تتطهر من رجسها مع ماء الوضوء..

قل لي بالله عليك، إذا استشعر الإنسان ذلك أثناء الوضوء، فكيف يقابل ربه فى صلاته؟؟

لا بد أنه سيقابله بطهر داخلي و خارجي لا مثيل له.. و يقف بين يدي ربه مستشعراً حلاوة المناجاة.. مستعداً لنور الإيمان الذى سيتلقاه ذلك الإناء الطاهر.. قلبه.

الشرف عظيم الشرف
فقط و أنت طاهر.. حينما ترفع يديك و عيناك ملؤها الفرح والبشر والحب والإقبال على الله..
ثم تجهر بقولك.. الله اكبر.. و هي حين تخرج من فمك تكون قد خرجت من قلبك وعقلك وروحك بل من كل ذرة في كيانك.. وأخرجتها صادقاً مخلصاً من كل قطرة من دمك.. حينها فقط ستستمتع بلذة المناجاة وعذب الحوار بينك وبين الله جل في علاه.
حينها فقط ستدخل جنة ما رأيت مثلها قط..

ستقول { الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } فينادى الله عز و جل.. ((حَمِدَني عبدي)).. وتقول { الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ } فيقول سبحانه وتعالى ((مَجَّدَني عبدي)).. و تنادي { مَـلِكِ يَوْمِ الدِّينِ } فيقول سبحانه ((أثنى عليّ عبدي)).. و حين تعلنها صراحة { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } و حين تترجاه و تستعطفه { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ } يقول سبحانه و تعالى ((سألني عبدي و لعبدي ما سأل)) فيهديك صراطه المستقيم في الدنيا و الآخرة إلى أن تستظل بظله يوم القيامة, و تستمتع برؤية وجهه الكريم في جنات النعيم..

استشعر القرب.. اشعر به.. اشعر به اشعر به فإن الله ينتظرك..

الصدق... الصدق
المسلم الصادق يصدق الله فى قوله "الله أكبر" فحين تقول الله أكبر فليستقر في قلبك، ولتؤمن بأنه أكبر من أي شيء.. دع الدنيا خلف ظهرك فالله أكبر من الدنيا جميعاً.. دع العمل فالله أكبر.. دع الزوجة والأولاد فالله أكبر.. دع الأموال والممتلكات فالله أكبر..اقذف كل ذلك خلف ظهرك وخلِّص قلبك من شوائبه, وصفِّ عقلك من كل تفكير بغير الله, ساعتها ستشعر بحلاوة الصلاة.

الاثنين، 19 أبريل 2010

حين يذوق القلب .. حلاوة السجود ..

حين يذوق القلب .. حلاوة السجود ..

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 07 - 05 - 2004


مقدمة :
في الحديث الشريف أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربهِ وهو ساجـد .. »
وفي الحديث الآخر : « واعلم أنكَ لن تسجدَ لله سجدةً إلا رفعكَ الله بها درجة »

وحين قالَ ربيعةُ رضيَ اللهُ عنهُ لرسولِ اللهِ صلى الله عليهِ وسلمَ : أسألكَ مرافقتكَ في الجنةِ . قال له عليه الصلاة والسلام :
« أعنـّي على نفسكَ بكثرةِ السجودِ .. »

ولقد أخبرنا ربنا جل جلالهُ أن كل شيءٍ في هذا الكونِ الفسيحِ في حالةِ سجود وصلاة وتسبيح .. { .. كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ .. }

إن لحظاتِ السجودِ لحظاتٌ فريدةٌ في عمرِ الإنسانِ ، لأنهُ وقتها يكونُ في مقامِ القرب من الرب جل جلاله ..
وحين يستشعرُ القلبُ هذه المعاني كلها وأمثالها .. تنفتحُ له في لحظات السجودِ عوالمُ وآفاق ، وتتوالد في روحه معانٍ راقية يعجزُ القلم عن تقييدها ..

قيل لبعض العارفين : أيسجد القلب ؟
فقال: نعـم ، سجدة لا يرفع رأسه منها أبدا..

قال الراوي : في ساعة شفافية ، ذاق القلبُ بعضَ معاني القرب ، فحاول أن يسجلها ، لكنها جاءت متعثرة على النحو التالي ..وإلا فالأمر أبعد وأعظم .. وإلى الله المشتكى ..

في السجـودِ ..
في لـذاذاتِ السجـودِ ..
نبعُـكَ الفيـاضُ مـن قلـبِ السمـاءْ
وربـيعُ القلـبِ ..
مــن فيـضِ العطــاءْ
لحـظةٌ ســاميــةٌ..
طرقـتْ بــابَ السـماءْ
نسـيَ القـلبُ بها ،
كـلّ أصنـافِ البــلاءْ
في مقـامِ القـربِ سيـلٌ من عزاءْ
وضـياءٍ ... وصفــاءْ
هـزّتِ الأعمـاقَ أنـســاً
خفــقتْ كـلّ البنــودِ

في السجـــودِ
فرحـــةٌ قدســـيةٌ
جمعـــتْ كـلّ الحـشــودِ

تحــت رايــــاتِ السـجـودِ
هــذه الأعراسُ قـامـتْ ..
في انسجام

فإذا بالقلـبِ يحــيا في هيـــامْ
يتمـطّى بانتـــشاءٍ وابتــــسامْ
كيف لا ..؟
وهــو في خـــيرِ مقــامْ ..
حــينَ تبــــدو ..
لذرا الروحِ أنــسامُ الخــــلودِ
فيــضُ إكـــرامٍ وجـــــودِ
غيـــضُ فيــضٍ ..
مــن كنـــوزٍ للـــودودِ..!

تحتَ راياتِ الســجودِ
تهطــلُ الأنـوارُ تتــــرى..
ويطـــيبُ الاغــترابْ
ينــجلي كلُ حـجابْ
تســـقطُ الهالاتُ من فوق الوجوهِ الكالحةْ
ويعرّيها العــذابْ ..
أو يعـرّيها الثـوابْ..
تحــتَ آهـــاتِ الســجودِ
حُطّـــمَتْ كل القيـــــودِ
ظمـئتْ نفــسٌ تنــادي بالجحــودْ

فــي الســــــــجودِ ..
إشــراقةُ الروحِ الطليقــةْ..
قد مضــتْ نحــو الحقـيقةْ ..
قــد بــدتْ ..
تتــجلى .. تتـــزيا ..

هي في المعراجِ صُعداً في صعـــودِ
فإذا الأملاكُ بعــضٌ من شهـــودِ
فمضــتْ تجتــازُ آفاقَ الحــدودِ
قــد بدا ســرُ العــروجِ ..

في مقــامِ القرباتْ
يطهــرُ القلبُ المُعــنّى ،
بهـــطولِ العــبراتْ
وصـــدورِ الزفــراتْ
تُحــرَقُ الآفاتُ حرقــا ،
ينجــلي للقلبِ كنــزُ الحســناتْ
وتسيلُ العبـراتْ ..
فيــــطيلُ الســـجداتْ

ويطيــلُ الســـــجداتْ
ويطيــلُ الســـــجداتْ
قد بدا ســرُ الحيـــاةْ
في السـجودِ ..
لــذةٌ قدســـيةٌ ،
أشجــانُـها فــوقَ القيــودِ

في السجـــــودِ ..
تتمازجُ للــروحِ الأفــراحْ..
تتــــلاشى كل الأتــراحْ ..
تتجـــلى للقلـــبِ ...
بعـضُ مقـاماتِ القـربِ ..
فيصـيرُ عبيــرُ الأشواق..
شـــلالَ عنــــاقْ ..
كــــنزاً من زادٍ ووقــودِ
ينفــضُ عني ثـــوبَ رقـــودِ
يوقــظُ كل ربيـــعٍ في روحــي
يرفعــني لذرا الأنــوارِ..
ضمــنَ زيـناتِ السجــودِ..!

يخـسأُ الشـيطانُ في نـورِ السجـودِ
يتــــلظى ..
يتلظى فــوقَ نـارٍ وســـفودِ
وينـــادي بالثبـــورِ..!!
ود لــو تســــتـرهُ ،
كل أشـــكالِ الجحــــورِ
ود لــو تغــرقهُ ..
كل هاتيـك البحـــورِ..!
جمـعَ الحقــدَ نيرانـاً على هذا الوجـودِ
قــد تجــلى آدمُ .....
بين أنــوار السجـــودِ ...!!

في السجــــودِ ..
تُسكَـبُ الألحـانُ تتـــرى،
من شــفاهِ الحـوريــاتْ
تتــلاشى في صمــيمِ الروحِ ،
........... كل الظلمــــاتْ
يصــبحُ الكــونُ نــشـــيدا..
............ وتغــــــاريدَ ورودِ

اذ يبــاهي اللـهُ ســكانَ الســـماءْ ،
بالجبيـنِ الحــرِ في هذا الســـجودِ ..!

ضمـنَ آيـاتِ السجـــودِ ..
نغمــةُ توحــيدٍ خـالـصةٍ ..
بــاهــرةٍ ..
تطـوى ثــوبَ الأكـوانْ
تعــلو فـوقَ الأزمــانْ
تعــبرُ آافــاقا شـــتى ،
في بضــع ثــوانْ
يتــجلى قــربُ المعـــــبـودِ
يتــلاشى الكــلُ .. فلا صــوت ..
غــيرُ أنـــينٍ و شــــهودِ
يحـــلو للــروحِ معارجهـا..
ضمـــنَ ركــوعٍ وسجـــودِ

في السجــــودِ ..
ليــسَ للكـبرِ مكـانْ
وغــرورُ المـرءِ يغــدو كدخـانْ
قـد تجــلى :
الكـون فـان.. الكون فااان .. الكون فااااان ..!!
تـدركُ التقـصيرَ أصــلاً في الكــيانْ
فإذا بالروحِ تســــمو.. ثم تســمو ..
نـســـيتْ كـــل القـــــيودِ
ســبَـحتْ ..
في بحـارِ النـورِ صعــدا للخــلودِ

في السجــود ..
قد رأيـتُ الـروح تسـمو ثم تســمو..
قد وجـدتُ النـفسَ تصـفو ثم تصــفو..
قد عرفـتُ الكـونَ أصــغر من هـباءة
جُــدِدَ المعـراجُ في هـذا السـجودِ
فرحــةُ الـروحِ غــدتْ ..
ضمــن جنــات الخــلودِ ..!

يا عزيزي .. يا قريبي .. يا حبيبي ..
هـل تــلذذت بآهــات السجـودِ ..؟!
هـل غـدت روحُـكَ طـــيرا ..
هـل ســمتْ نفــسكَ ،
..........طــورا ثم طـورا ؟!

هـل سقـيتَ القــلبَ ينـبوعَ حنــانٍ
بــدمـوع كالـورود ؟!
إن وجــدتَ الأمـرَ ذوقــاً في شــهودِ ..
وتجـاوزتَ أســوارَ الحــــدودِ ..
وامتـطيتَ الصــــهـوةَ الكـــبرى،
كمــا يمـضي البـــراقْ..
قد تكـسّــرتِ الـوثـــاقْ ..
لـن تعـرفَ الفـترةَ في هـذا الطـريقْ
قـد غـدوتَ كالحـريـقْ ..
ذاك بعـضٌ من نعـيمٍ في السجـودِ

أيـها القلـبُ المعـنّى بالكــروبِ..
كلمـا أديـتَ ســـــجدةْ
رُفِـعَ القـلبُ قلــيلا فقلـيلا..
فـتحَ الخـــلدُ ســبيلا
فتــدبّـرْ ..
وتفــكّـرْ ..
وامـضِ في هــــذا السجـودِ
دعـكَ من كـلِ القــــرودِ.. !!
آآآه من كل القرودِ ....!!
دعكَ من هذي القرودِ ، في تضاعيفِ الوجودِ

شـاركِ الأملاكَ والأفــلاكَ ،
في سـرِ السجــودِ
واسـكبِ الدمـعَ غــزيراً وســــخيا..
وانهـلِ النـورَ مـــدرارا فتيــــّــا ..
امــــلأ الدنــيا دويّـــا :
ســوفَ نمـضي كالأســودِ
ننـثرُ الخـيرَ على هـذا الوجــودِ
ونعــــطّـرْ ..
كـل ركـنٍ بالسجــودِ
في رحـــاب الحـقِ ..
نمـضـي للـخـــــلودِ
في رحاب النور نحيا بالسجودِ
آه ما أحلى السجودْ ..!
آه ما أحلى السجودْ ..!
آه ما أحلى السجودْ ..!

وكيف لا ، وأقرب ما تكون من ربك وأنت ساجد ..؟!
فأطل السجود .. لتغمس قلبك في بحر النور ..
وأكثر من السجود ليعظم رصيدك عند الله جل في علاه ..

كيف تصنع من التراب تِــبراً ؟!

كيف تصنع من التراب تِــبراً ؟!

عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
أضيفت بتاريخ : : 21 - 06 - 2002
نقلا عن : خاص بإذاعة طريق الإسلام


التراب هو التراب ! لا قيمة له ...
والتِّبْـر هو الذهب قبل استخراجه وتخليصه ، وقيل : قبل تصنيعه .
يُروى للإمام الشافعي :


إني رأيتُ وقــوفَ المـاء يفسـدهُ




إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ

والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست




والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يُصب

والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمـة




لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَـرَبِ

والتَّـبْـرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى ً فـي أَمَاكِنِهِ




والعودُ في أرضه نوعً من الحطـب

فـإن تغـرَّب هـذا عـزَّ مـطلـبهُ




وإنْ تَغَـرَّبَ ذَاكَ عَــزَّ كالـذَّهَـبِ



أما إني لا أقصد التّغـرّب
ولكني أقصد أن تصنع من التراب ذهباً
كيف ذلك ؟
الأمر سهل جِـداً ....
تعمد إلى أعمالك اليومية المعتادة التي هي بمثابة التراب فتجعلها أغلى من الذهب لتتحوّل إلى كِفّة الحسنات ....
قال بعض السلف : الأعمال البهيمية ما عُملت بلا نيّـة .
وقد قيل :
بصلاح النية تُصبح العادات عبادات .
بل إن المسلم يؤجر أو يؤزر على نيّـته
فربما بلغ العبد الدرجات العُلى وكُتِب له من العمل ما لا يبلغه بعمله بِحُسن نيّـته
وربما كُتبت عليه الآثام والأوزار التي لم يعملها بسبب سوء نيّته وفساد سريرته
قال صلى الله عليه وسلم :
إنما الدنيا لأربعة نفر :
عبدٍ رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله عز وجل فيه حقّه . قال : فهذا بأفضل المنازل ...
قال : وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا قال فهو يقول : لو كان لي مال عملت بعمل فلان قال فأجرهما سواء .
قال : وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه عز وجل ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقه فهذا بأخبث المنازل .
قال : وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو كان لي مال لعملت بعمل فلان . قال : هي نيته فوزرهما فيه سواء .
[رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح] .
ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال لأصحابه : إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معـكم . قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة ؟! قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر . رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه ، ورواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه .
وإذا تعاهد المسلم نيّـته كُتب له الأجر فيما يأتي وفيما يذر .
وأصبحت أعماله اليومية في كفّة الحسنات .
انظر رعاك الله إلى حال الصحابة كيف كانوا يحتسبون الأجر ويطلبونه حتى في أعمالهم اليومية المعتادة ....
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن ، وبعث كل واحد منهما على مخلاف ( يعني على إقليم ) ثم قال : يسرا ولا تعسرا ، وبشرا ولا تنفرا فانطلق كل واحد منهما إلى عمله ، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه أحدث به عليه ، فسار معاذ في أرضه قريبا من صاحبه أبي موسى فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه وإذا هو جالس وقد اجتمع إليه الناس وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه فقال له معاذ : يا عبد الله بن قيس أيم هذا ؟ قال : هذا رجل كفر بعد إسلامه . قال : لا أنزل حتى يقتل . قال : إنما جيء به لذلك ، فانزِل . قال : ما أنزل حتى يُقتل ، فأمر به فقتل ، ثم نزل . فقال معاذ : يا عبد الله كيف تقرأ القرآن ؟ قال : أتفوقه تفوّقـاً . قال أبو موسى : فكيف تقرأ أنت يا معاذ ؟ قال : أنام أول الليل فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم فأقرأ ما كتب الله لي ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي . [رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري] .
فما عليك سوى أن تتعاهد نيتك ، وأن تُعالجها حتى يكون القصد هو وجه الله والدار الآخرة
في أكلك ... في شربك ... في نومك ... في يقظتك ... .... إلخ .

*****

قال زيد الشامي : إني لأحب أن تكون لي نيّة في كل شيء حتى في الطعام والشراب .
وقال : انْوِ في كل شيء تريد الخير حتى خروجك إلى الكناسة . يعني في قضاء الحاجة .
وعن داود الطائي قال : رأيت الخير كله إنما يجمعه حسن النية ، وكفاك بها خيراً وإن لم تنصب . يعني وإن لم تتعب .
قال داود : والبِرّ همّة التقي ولو تعلّقت جميع جوارحه بِحُبِّ الدنيا لَرَدّتْه يوماً نيّته إلى أصله
وقال سفيان الثوري : ما عالجت شيئا أشد على من نيتي ؛ لأنها تنقلب عليّ .
وعن يوسف بن أسباط قال : تخليص النية من فسادها أشدّ على العاملين من طول الاجتهاد
وقيل لنافع بن جبير : ألا تشهد الجنازة ؟ قال : كما أنت حتى أنوي . قال : ففكر هنيهة ثم قال : امْضِ .
وعن مطرف بن عبد الله قال : صلاح القلب بصلاح العمل ، وصلاح العمل بصلاح النية .
وقال بعض السلف : من سَرّه أن يكمل له عمله فليحسن نيته فإن الله عز وجل يأجر العبد إذا حسن نيته حتى باللقمة .
وقال ابن المبارك : رُبّ عمل صغير تعظِّمه النية ، ورُبّ عمل كبير تصغره النية .
وقال ابن عجلان : لا يصلح العمل إلا بثلاث : التقوى لله ، والنية الحسنة ، والإصابة .
وقال الفضيل بن عياض : إنما يريد الله عز وجل منك نيتك وإرادتك .
بهذه الطريقة تُحوّل التراب إلى تِبْر ....
ولو أردت أن أسرد كل ما يمر بالذاكرة من أمثلة لطال بنا المقام .
[ الآثار المتقدمة عن بعض السلف نقلا عن جامع العلوم والحِكم للإمام الحافظ ابن رجب – رحمه الله – ]

أخوكم عبد الرحمن السحيم - السعودية - الرياض - داعية بوزارة الشؤون الإسلامية .

الخميس، 15 أبريل 2010

الأغبياء لا يتعلمون

الأغبياء لا يتعلمون


ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 05 - 04 - 2010
نقلا عن : خالد الشافعي



الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن والثناء الجميل
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الحق وهو يهدى السبيل وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.


أما بعد:
فحينما قرأت وسمعت عن بدأ الهجوم الكبير لقوات الناتو على معقل طالبان فى هلمند وهو الهجوم الذي صاحب الإعلان عنه تصريحات من الرئيس الأمريكي والأفغاني والقادة العسكريين عن الحسم، والبقاء للأبد، والاجتثاث، والملاحقة.

حين سمعت وقرأت هذه التصريحات، تنازعتنى رغبة وانتابنى شعور: أما الرغبة فهي الاستلقاء على الأرض من الضحك من حجم الكوميديا الساخرة والهزل البالغ والفكاهة والطرافة في هذه التصريحات، وأما الشعور فهو الدهشة الهائلة من كون هذه التصريحات مكررة بالنص ومطابقة بالحرف لتصريحات هؤلاء المسئولين أو من سبقوهم قبل القيام بعمليات مماثلة.


و النتيجة أنه ربما يختلف الزمان أو يتغير المكان و ربما يختلف القائل ولكن هناك شيئان لا يتغيران: نص التصريحات ونتائج العمليات.
أعادتني هذه التصريحات إلى تساؤل قديم عن العلة وراء وقوع أعداء الإسلام في الخارج وخصومه في الداخل في نفس الخطأ عشرات المرات؟ تتعدد التجارب ويتكرر الفشل.

ما هو السبب في تبنى إستراتيجية واحدة في التعامل مع الجماعات الإسلامية ألا وهى إستراتيجية المواجهة العسكرية والضربات الأمنية مهما كان الثمن ومهما تكرر الفشل؟




خذ عندك المستنقع الأفغاني وراجع تاريخ الصراع مع طالبان هناك لتتأكد من صدق ما أقول فقوات التحالف لم تجن إلا الفشل ولم تجر إلا أذيال الخيبة وبدلاً من أن تبحث عن إستراتيجية مختلفة وتفكر في حل يثبت أنها تعلمت من أخطائها بدلاً من ذلك فإنها تستدعى المزيد من القوات وتجلب المزيد من الإمدادات وتهدد وتتوعد وترغى وتزبد لتلد لنا كالعادة فأراً قبيحاً.


ينطبق هذا على كل الجبهات المفتوحة في العراق والصومال وغزة وغيرها من الجبهات..


والأعجب أن هذا ينطبق بشكل مدهش على مواجهات التيارات الإسلامية مع خصومهم في الداخل سواء كانت الدولة بجهازها الأمني أو أعداء الصحوة من العلمانيين.

نفس الإستراتيجية البائسة من الضربات والطعنات والمحاولات المستميتة للقضاء التام والمبرم على هذه الصحوة ومظاهرها كالنقاب مثلاً ومع ذلك ورغم أن النتيجة في كل مرة هي في صالح الصحوة بامتياز إلا أنه ويا للعجب فإن رد الفعل في كل مرة هو العودة بكل غل وطيش إلى محاولة جديدة .
سبحان الله لم تسفر الحملات الكبيرة ولا الهجوم الكاسح ولا الضربات الشاملة ولا الاعتقالات العشوائية والقضايا الملفقة قط عن انتصار حقيقي ودائم، غاية ما هنالك انتصار زائف ومؤقت ثم سرعان ما تستعيد الصحوة عافيتها وتفاجئ الأغبياء عميان القلوب أنها مازالت حية بل المعجزة أنها تستمد حيويتها من هذه الضربات فسبحان الله!


العجيب أيضاً و كما أن هذه الضربات لا تزيد الصحوة إلا إصراراً على المضي في طريقها فإن نتائجها لا تزيد الحاقدين إلا غيظاً وحنقاً وحسداً وغلاً فيندفعوا في ثورة انتقام عمياء .


ترى ما هو السبب؟ وما هي الدوافع؟
في رأيي أن هناك ثلاثة أسباب مجتمعة أو منفردة: الحقد والحسد والخوف وهى الصفات الثلاثة التي تعمي صاحبها عن رؤية الحق ولو كان كالشمس في رابعة النهار.

فالحاسد والحاقد والخائف يتصرفون وهم مسلوبو الإرادة وفاقدو الوعي هم كالغاضب في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في القضاء والطلاق .
أعداء الصحوة إما حاسد يرى الصحوة تحقق في يوم ما عجز أصحاب النظريات والاتجاهات عن تحقيقه في مائة عام رغم ضعف الإمكانيات وكثرة الأعداء.

أو حاقد على الإسلام يرى هذا الدين يجتاح العالم ويغزو أوربا ويهدد تركيبتها السكانية ويمنع حضارتها من الهيمنة ويخالفها في كل شيء وهو مازال يتذكر ماض قريب سقطت فيه القسطنطينية ودقت فيه أبواب فيينا .

أو خائف بالحق أو بالباطل من الإسلام أعماه خوفه، وصنف أخير جاهل بحقيقة هذا الدين .

هذا هو التفسير المنطقي في رأيي لإصرار أعداء وخصوم الصحوة على نطح الصحوة مهما أدمى ذلك رأس الثور الهائج الذي فقد صوابه وسالت دماؤه ولكنه لا ينظر إلا إلى شيء واحد لا يرى سواه وفى النهاية سيسقط ضحية غله وحقده وحسده والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
ومن شاء أن يقرأ ليتأكد فدونكم القرآن و دونكم التاريخ ودونكم العقل والمنطق .


المشكلة أن القليل جداً من المعاندين هم الذين يملكون من البصيرة والشجاعة ما يكفى لرؤية الكارثة وتغيير الخطط مهماً كان ذلك شاقاً أو مؤلماً ومهما كان صادماً ومكلفاً .


وقد أخبرنا القرآن أن هذا لم يكن من أحد إلا قوم يونس عليه السلام فهم فقط الذين استوعبوا الدرس وأدركوا أنفسهم برحمة الله لهم.
{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ * فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ * وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}[يونس:97-99]


kaledshafey@yahoo.com

الأربعاء، 14 أبريل 2010

جذور الكتاب المقدس عند النصارى

جذور الكتاب المقدس عند النصارى

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 04 - 04 - 2010
نقلا عن : د/ بارت إيرمان - ترجمة: السيد كرم



لكي ندرس نسخ العهد الجديد التي بحوذتنا، نحتاج أولا إلى البدء بدراسة أحد الخصائص غير المألوفة التي تتميز بها المسيحية في محيط العالم اليوناني الروماني، ألا وهي طابعها الكتابيّ (Bookish). في الواقع؛ لكي نفهم هذه الخصيصة التي تتميز بها المسيحية ،نحن بحاجة ،قبل الحديث عن المسيحية، إلى البدء بالحديث عن الديانة اليهودية، وهي الديانة التي انبثقت منها المسيحية؛ حيث إن اليهودية التي كانت "ديانة الكتاب" الأولى في الحضارة الغربية، كانت قد سبقت كتابيّة المسيحية إلى حد ما وتنبأت بها.


اليهودية باعتبارها ديانة الكتاب:

كانت اليهودية، التي هي أساس المسيحية، ديانة غير مألوفة في العالم الروماني،على الرغم من أنها لم تكن منقطعة النظير؛ فمثل أتباع أيَّة ديانة أخرى من (المئات) من الديانات التي كانت موجودة في منطقة حوض المتوسط، كان اليهود يؤمنون بوجود مملكة إلهية تسكنها الكائنات العلوية (ملائكة، رؤساء ملائكة، طغمات الملائكة، القوى)؛ كما اتفقوا على عبادة إله عبر تقديم الأضحيات التي هي عبارة عن حيوانات وأطعمة أخرى؛ وكانوا يؤمنون بأن هناك مكانًا مقدسًا له خصوصية بحيث يسكن فيه هذا الكائن الإلهي هنا على الأرض (الذي هو الهيكل في أورشليم)، حيث تسفك دماء هذه الأضاحي. وقد كانوا يصلُّون إلى هذا الإله طلبا لقضاء حوائج جماعية وشخصية. وحكوا قصصًا عن الكيفية التي تعامل بها هذا الإله مع البشر في الزمن الماضي، وانتظروا عونه للبشر في الزمن الحاضر. في كل هذه النواحي، لم تكن اليهودية "مختلفة" في أعين كل المؤمنين بالآلهة الأخرى داخل الإمبراطورية، لكنَّ اليهودية في بعض النواحي، على الرغم من ذلك، كانت متميزة عن غيرها؛ فكلُّ الديانات الأخرى داخل الإمبراطورية كانت ديانات شركية ـ أي تعترف بالعديد من الآلهة من كل الأنواع وبمختلف الوظائف وتتوجه إليها بالعبادات: مثل الآلهة العظيمة للدولة، والآلهة الأقل شأنًا في الأقاليم المختلفة، آلهة تراقب المناحي المختلفة لميلاد الإنسان، وحياته، وموته. ومن ناحية أخرى، كانت اليهودية ديانة توحيديَّة؛ فاليهود أصرُّوا على عبادة الإله الواحد الذي عبده أجدادهم فحسب، الإله الذي ،حسب زعمهم، كان قد خلق هذا العالم، وحكمه،وهو وحدُه الذي كان في حاجةِ شعبِه. وفقًا للتقليد اليهودي، هذا الإله الواحد القادر على كل شيء دعى إسرائيل ليكونوا شعبه المختار ووعده بالحماية والدفاع عنه في مقابل إخلاصه المطلق له، وله وحده.


كان بين الشعب اليهودي، كما كان يُعتَقد، وبين الله "عهد"؛ أي اتفاق بموجبه يكونون وحدهم شعبه كما يكون هو ربهم وحدهم. هذا الإله الواحد هو المستحق وحده للعبادة وللطاعة؛ وهكذا، للسبب ذاته، كان ثمة هيكل واحد فقط، على عكس الديانات الشركيّة في ذلك العصر التي على سبيل المثال تسمح أن يوجد أي عدد من المعابد لإله مثل "زيوس".

بلا شك، كان بإمكان اليهود أن يعبدوا الله في أي مكان يعيشون فيه، لكنهم لم يكونوا يستطيعون إقامة واجباتهم الدينية مثل تقديم الذبائح لله إلا في الهيكل في أورشليم. أما في الأماكن الأخرى ،مع ذلك، فيمكنهم أن يجتمعوا معًا في "الكنيسات" للصلاة ولمناقشة التقاليد الآبائية التي تتعلق بشؤون دينهم. هذه التقاليد تشتمل على قصص تدور حول علاقة الله بآباء شعب إسرائيل -أو آباء وأمهات الإيمان- إذا جاز التعبير: إبراهيم، سارة، إسحاق، راشيل، يعقوب، رُفقى، يوسف، موسى، داوود، وهلم جرا، وأيضًا تعاليم مفصَّلة بخصوص الكيفية التي ينبغي أن يسيِّرَ بها هذا الشعب عبادته وحياته. أحد الأشياء التي تجعل اليهودية ديانة فريدة وسط ديانات الإمبراطورية الرومانية أن هذه التعاليم، إلى جانب التقاليد الآبائية الأخرى، كانت مكتوبة في ثنايا كتبٍ مقدسة. إلا أن المعرفة الوثيقة للإنسان المعاصر بالديانات الغربية الرئيسية المعاصرة (اليهودية، المسيحية، الإسلام)، ربما ستجعل من العسير أن يتصور المرء غرابة هذا الأمر، لكنَّ الكتب لم تلعب فعليًا أيَّ دورٍ في الديانات الوثنية التي كانت موجودة في العالم الغربي القديم. هذه الديانات كانت تقريبا وبشكل خاص معنية بتمجيد الآلهة عبر طقوس الذبح. لم يكن ثمّةَ عقائدٌ يمكن تعلُّمها، ومن ثمَّ تفسيرُها في ثنايا الكتب، وتقريبا لم يكن ثمَّة مبادئ أخلاقية تحتذى ، فيتم تضمينها في الكتب. وهذا لا يعني أننا نقول إن أتباع الديانات الوثنية المتنوعة لم يكن لديهم أي عقائد حول آلهتهم أو أنهم لم يكن لديهم أي مبادئ أخلاقية ،بل ما نقصده هو أن العقائد والأخلاق ـ وهو ما يبدو غريبًا على الأسماع في العصر الحديث ـ لم تلعب تقريبا أيَّ دور في الدين تحديدًا. فتلك العقائد والأخلاق كانت بدلا من ذلك من قضايا الفلسفة الشخصية، والفلسفات، بالطبع، يمكن أن تكتب في الكتب.

وحيث إن الديانات القديمة ذاتها لم تتطلب أي مجموعة خاصة من "العقائد السليمة" أو في الغالب من" القوانين الأخلاقية"؛ فالكتب لم تلعب تقريبًا أي دور فيها. كانت اليهودية فريدة في أنها أكدّت على تقاليدها، وعاداتها، وقوانينها الآبائية، وأصرت على أن يتمَّ تسجيلُها في ثنايا الكتب المقدسة، التي كانت لها من أجل هذا منزلة "الكتاب المقدس" في أعين الشعب اليهودي. في أثناء الفترة موضع دراستنا ـ القرن الأول من الميلاد (1)، عندما كانت الكتب المتضمَّنة في العهد الجديد في مرحلة الكتابة ـ كان اليهود الذين تشتتوا في كل مكان من الإمبراطورية الرومانية يعتقدون أن التعاليم التي أعطاها الرب بشكل خاص للشعب موجودة في ثنايا كتب موسى، المشار إليها مجموعةً بالتوراة التي تعني حرفيًا شيئا مثل "قانون" أو "هداية."

تتكون التوراة من خمسة كتب، يطلق عليها أحيانا (Pentateuch) أي ( أسفار موسى الخمسة) التي هي بداية الكتاب المقدس اليهودي (الذي يقابل مصطلح العهد القديم عند المسيحيين): التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية.

ها هنا يجد المرء روايات عن خلق العالم ،دعوة شعب إسرائيل ليصيروا شعب الله، قصص الآباء والأمهات وعلاقة الله بهم، والأهم (والأطول مساحةً)، القوانين التي أعطاها الله لموسى لتعرِّفَهم كيف ينبغي أن يعبد الشعبُ ربَّهم وكيف ينبغي أن يتعاملوا بعضهم مع بعض داخل المجتمع. لقد كانت قوانينًا مقدسة، ينبغي تعلُّمها، ومناقشتها، واتِّباعِها ـ و كانت مكتوبة في ثنايا مجموعة من الكتب.


كان لليهود كتبًا أخرى كانت تمثل شيئًا مهمَّا لحياتهم الدينية الجماعية أيضًا،على سبيل المثال، أسفار الأنبياء (مثل إشعياء، إرميا، عاموس)، الأشعار (أو المزامير)، والأسفار التاريخية (مثل يشوع وصموئيل). في المحصلة، بعد فترة من ظهور المسيحية، حدث وأن أصبحت مجموعة من هذه الكتب العبرية ـ اثنان وعشرين منهم تحديدًا ـ ينْظَرُ إليها على أنها القائمة القانونية للكتاب المقدَّس، أي الكتاب المقدس اليهودي في الوقت الحاضر ،الذي قبله المسيحيون باعتباره الجزء الأول من القائمة القانونية المسيحية ، أو ما يعرف بـ"العهد القديم" (2).

هذه الحقائق المختصرة حول اليهود ونصوصهم المكتوبة هي من الأهمية بمكان لأنها تمثل الخلفية بالنسبة للمسيحية، التي كانت أيضًا، منذ لحظاتاها الأولى، ديانة "كتابية". لقد بدأت المسيحية، بالطبع، من خلال يسوع، الذي كان نفسه حبرًا يهوديًا (Rabbi) (أي معلمًا) قَبِل سلطان التوراة، وربما الكتب اليهودية المقدسة الأخرى، ولقن تلاميذه تفسيره الخاص لهذه الكتب (3).

ومثل معلمي عصره الآخرين، أكد يسوع أن النصوص المقدسة، قانون موسى على وجه الخصوص، تمثل إرادة الله. لقد قرأ من هذه الكتب المقدسة وتعلَّمها وقام بتفسيرها، والتزم بها، وعلَّمها. لقد كان تلامذته منذ البداية يهودًا وكانوا ينظرون إلى الكتب التي تحوي تقاليد قومهم على أنها ذات قيمة خاصة. وهكذا بالفعل في بداية المسيحية، كان أتباع هذه الديانة الجديدة، أي تلاميذ يسوع، فريدين في الإمبراطورية الرومانية: فهم كانوا مثل اليهود من قبلهم، لكنهم لم يكونوا مثلَ أيِّ شخص آخر تقريبًا؛ فقد أوجدوا سلطة مقدسة في ثنايا كتب مقدسة؛ لقد كانت المسيحية في بدايتها ديانة الكتاب.


المسيحية باعتبارها ديانة الكتاب:

كما سنرى قريبا، لم تكن الأهمية التي احتلتها الكتب لدى المسيحية الأولى تعني أنَّ كلَّ المسيحيين كان بإمكانهم قراءة الكتب؛ بل على العكس من ذلك تماما، معظم المسيحيين الأوائل مثلهم مثل غالبية الشعب في أنحاء الإمبراطورية (بمن فيهم اليهود!)، كانوا أمِّيين. لكنَّ ذلك لا يعني أنَّ الكتب لعبت دورًا ثانويًا بالنسبة إلى الدين. في الحقيقة، كانت الكتب ذات أهمية رئيسية، بشكل مطلق، لحياة المسيحيين في مجتمعاتهم.


الرسائل المسيحية المبكرة:

أول ما يجب ملاحظته هو أن أنواعًا كثيرة ومتباينة من الكتابة كانت تحمل أهمية للمجتمعات المسيحية النامية في القرن الأول بعد وفاة يسوع؛ فأقدم البراهين التي بين أيدينا عن المجتمعات المسيحية تأتي من الرسائل التي كتبها القادة المسيحيون بولس الرسول هو أقدم وأفضل مثال لدينا.

أقام بولس الكنائس في أنحاء غرب المتوسط، بشكل أساسي في المراكز الحضرية وبصورة جلية عبر إقناع الوثنيين (أي أتباع الديانات الشركية داخل الإمبراطورية) بأن إله اليهود هو الإله الوحيد المستحق للعبادة، وأن يسوع كان ابنه الذي مات من أجل خطايا العالم وأنه سيعود قريبًا للدينوية على الأرض (انظر 1تسالونيكي 1 : 9-10).

ليس من الواضح إلى أيِّ حدٍ استخدم بولس الكتاب المقدس (أي نصوص الكتاب المقدس اليهودي) في محاولته لإقناع مُتنَصِّريه المُحْتَمَلين بأن رسالته هي رسالة الحق؛ لكنه يشير في واحدة من ملخصاته الهامة لرحلاته الوعظية إلى أن ما يعظ به هو أن "المسيح مات، حسب الكتب" (1 كورنثوس 15 : 3-4).

من الواضح أن بولس ربط بين أحداث موت المسيح وقيامته، بتفسيره لإحدى الفقرات الرئيسية في الكتاب المقدس اليهودي التي كان باستطاعته بشكل واضح باعتباره يهوديًّا واسع الثقافة أن يقرأها لنفسه وأن يفسرها لمستمعيه في محاولة لتنصيرهم كثيرا ما تكللت بالنجاح. وبعد أن يقوم بتحويل عددٍ من الناس إلى المسيحية في مكان معين، كان بولس ينتقل إلى مكان آخر ويحاول، وعادة ما يكون ذلك مصحوبا ببعض النجاح أن يحوّل الناس فيه أيضًا إلى المسيحية. لكنه في بعض الأحيان (وربما كثيرا؟) كانت تتناهى إلى مسامعه أخبارًا من إحدى مجتمعات المؤمنين الأخرى التي أقامها من قبل: وأحيانًا (أم هل نقول كثيرا؟) لم تكن هذه الأخبار جيدة؛ فأفراد المجتمع بدؤوا يسلكون سلوكا رديئا، وظهرت مشكلات الفجور الأخلاقي (Immorality)، و"المعلمون الكذبة" (false teachers) أصبحوا ينشرون تعاليم مضادة لتعاليمه ،بعض أفراد المجتمع بدءوا في اعتناق العقائد الباطلة.

وهكذا، عند سماعه هذه الأخبار، كتب بولس ردًا في رسالة إلى المجتمع، تتناول هذه المشكلات؛كانت هذه الرسائل شديدة الأهمية لحياة المجتمع، وفي النهاية أصبح عددٌ من هذه المجتمعات ينظر إلى هذه الرسائل باعتبارها كتابًا مقدسًا. حوالي ثلاث عشرة رسالة كتبت باسم بولس أصبحت جزءا من العهد الجديد. يمكننا تصوُّر الأهمية التي كانت تحتلها هذه الرسائل في مراحل الحركة المسيحية الأولى من أول الكتابات المسيحية التي لدينا، أي رسالة بولس الأولى إلى أهل تسالونيكي، التي عادة ما تؤرخ بعام 49 ميلاديًا تقريبًا (4)، أي بعد عشرين عامًا تقريبا من موت يسوع، وقبل عشرين عامًا تقريبًا من كتابة أيٍ من روايات الأناجيل عن حياته.

ينهي بولس رسالته بقوله: "سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ جَمِيعاً بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ؛ أُنَاشِدُكُمْ بِالرَّبِّ أَنْ تُقْرَأَ هَذِهِ الرِّسَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الإِخْوَةِ الْقِدِّيسِينَ" (1 تسالونيكي 5 :26 – 27).

لم يكن هذا الخطاب خطابا تقليديًا يقرأه ببساطة شخصٌ ما معنيٌّ به؛ إن الرسول يُصِرُّ على أن يُقرأ هذا الخطاب، وأن يتمَّ قبولُه باعتباره بيانًا رسميًا منه، كمؤسسٍ للمجتمع. كانت الخطابات من أجل ذلك يتم نشرها في كل مكان تتواجد به الجماعات المسيحية منذ أقدم العصور. كانت الرسائل حلقة الاتصال بين المجتمعات التي كانت تعيش في أماكن مختلفة؛ فقد وحَّدت إيمان و طقوس المسيحيين؛ وذكرت ما كان يفترض أن يؤمن به المسيحيون وكيف يفترض أن يكون سلوكهم. كانت تقرأ بصوت عالٍ على أفراد المجتمع في اجتماعاتهم ـ حيث لم يكن معظم المسيحيين، كما أوضحت ،مثلهم في ذلك مثل الغالبية العظمى من الآخرين، باستطاعتهم قراءة الرسائل بأنفسهم.


أصبح عددٌ من هذه الرسائل جزءًا من العهد الجديد . العهد الجديد ، في الواقع ، يتشكل بشكل كبير من رسائل بولس و القادة المسيحيين الآخرين للمجتمعات المسيحية (الكرونثيون و الغلاطيون على سبيل المثال) والأفراد المسيحيين (فيليمون كمثال). أضف إلى هذا أن الرسائل التي بقيت حية -منها إحدى وعشرين متضمنة في العهد الجديد- هي فقط جزء صغير من هذه الكتابات. بالنسبة لبولس وحده، يمكننا أن نفترض أنه كتب رسائل كثيرة أخرى أكبر من من تلك المنسوبة إليه في العهد الجديد؛ فقد كان أحيانًا، يذكر رسائل أخرى لم يعد لها وجود؛ ففي 1 كورنثوس 5:9، على سبيل المثال، ذكر رسالة كان قد كتبها قبل أن يكتب الرسالة إلى الكورنثيين (في وقت ما قبل الرسالة الأولى إلى الكورنثيين). وذكر رسالة أخرى أرسلها إليه بعض الكورنثيين (1 كور 3:1)، لكنَّ أثرًا لم يبق لأيٍّ من هذه الرسائل.

ارتاب العلماء لفترة طويلة في أن بعضًا من هذه الرسائل الموجودة في العهد الجديد منسوبةً لبولس هي في الحقيقة من كتابات أتباعه المتأخرين ونسبت إليه بالباطل (5). ولو صحَّت هذه الشكوك ،فستعطي دليلًا لا شك فيه على أهمية الرسائل عند الحركة المسيحية الأولى: فلكي يجذب الإنسان الأسماع إلى وجهات نظره، كان عليه أن يكتب رسالة ممهورة بتوقيع الرسول مفترضًا أن ذلك سيمنحها حجمًا من الموثوقية جديرًا بالاعتبار.

إحدى هذه الرسائل التي يزعمون أنها منسوبة إليه هي الرسالة إلى أهل كولوسي ، التي تؤكد بحد ذاتها أهمية الرسائل و هي تذكر رسالة أخرى لم يعُد لها الآن وجود: "وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هَذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ ايْضاً فِي كَنِيسَةِ اللاَّوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَاأنْتُمْ أيْضاً" (1كولوسي 4 : 16). من الواضح أن بولس -إما هو نفسه، أو شخص آخر يكتب باسمه- كتب رسالة إلى مدينة اللاودكية المجاورة، هذه الرسالة أيضًا مفقودة (6).

النقطة التي أدندن حولها هي أن الرسائل كانت تحمل أهمية لحياة المجتمعات المسيحية الأولى. هذه الرسائل كانت هي الوثائق المكتوبة التي كتبت لترشدهم في إيمانهم و عباداتهم؛ فقد وحَّدت تلك الكنائس برباط واحد، وساعدت على جعل المسيحية ديانة شديدة الاختلاف عن غيرها من الأديان الأخرى المنتشرة في أنحاء الامبراطورية، وذلك في أن المجتمعات المسيحية المتعددة التي تتوحد من خلال هذا الأدب المشترك الذي تشاركوه هنا وهنالك (قارن مع كولوسي 4 :16)، كانت ملتزمة بالتعاليم الموجودة في الوثائق المكتوبة أو "الكتُب". ولم تكن الرسائل هي الوحيدة التي حملت أهمية بالنسبة لهذه المجتمعات؛ فلقد كان هناك أدبٌ في الحقيقة يتم انتاجه ونشره وقراءته والالتزام به على نطاق شديد الاتساع من خلال المسيحيين الأُوَل، وهو أدب شديد الاختلاف عن أيِّ شئ آخر شهده العالم الروماني الوثني على الإطلاق، وبدلا من وصف كل هذا الأدب بتفصيل مملّ، يمكنني الآن ببساطة أن أذكر بعض الأمثلة من تلك الأنواع من الكتب التي كانت تُكتَب وتُوَزَّع.


الأناجيل المبكرة:

كان المسيحيون بالطبع معنيِّين بمعرفة معلومات أكثر عن حياة وتعاليم، وموت الرب و قيامته؛ ولذلك كُتِبَتْ العديد من الأناجيل التي قامت بتسجيل التقاليد المتصلة بحياة يسوع، أربعة من هذه الأناجيل أصبحت هي الأوسع استخدامًا -وهي تلك التي كتبها متَّى، ومرقس، ولوقا، ويوحنا في ثنايا العهد الجديد- لكنَّ أناجيلا أخرى كثيرة كُتِبت: منها على سبيل المثال: الأناجيل المنسوبة إلى فيليبُّس تلميذ يسوع، ويهوذا توما أخيه، ورفيقته مريم المجدلية، كما فقدت أناجيل أخرى بعضها من الأناجيل الأكثر قِدمًا. نعلم ذلك على سبيل المثال من إنجيل لوقا الذي يشير مؤلفه أنه يسترشد في كتابة روايته ب"كثيرٍ" من المؤلَّفات السابقة (لوقا 1 : 1)،التي من الواضح جدا أنها لم يعد لها وجود . إحدى هذه الروايات الأكثر قِدَمًا ربما كانت هي المصدر الذي حدده العلماء تحت اسم المصدر "Q"، والذي يحتمل أنه كان رواية مكتوبة تشتمل على أقوال يسوع بشكل أساسيّ، واستخدمها كل من لوقا ومتَّى كمصدرٍ لكثير من تعاليم يسوع التي انفردا بها (على سبيل المثال صلاة الرب والتطويبات) (7). فسَّر بولس وآخرون حياة يسوع، كما رأينا، على ضوء الكتابات المقدسة اليهودية. هذه الكتب أيضًا ـ أي كلا من الأسفار الخمسة و الكتابات اليهودية الأخرى، مثل أسفار الأنبياء والمزامير ـ كانت تُستخدم على نطاقٍ واسعٍ بين المسيحيين الذين سبروا أغوارها ليروا ما يمكنها كشفه بخصوص إرادة الله كما تحققت في شخص المسيح خاصةً. كانت نسخ من هذا الكتاب المقدس اليهودي مترجمة في العادة باليونانية (تسمى السبعينية)، منتشرة على نطاق واسع إذًا في المجتمعات المسيحية الأولى كمصادر للدراسة والتأمل.


الأعمال المبكرة للرسل:

ليست حياة يسوع فحسب، بل أيضًا حياة الأتباع الأوائل كانت محطًّا لاهتمام المجتمعات المسيحية المتنامية في القرنين الأول والثاني. ليست مفاجأة إذًا أن نرى أن قصص الرسل ـ مغامراتهم وأعمالهم التبشيرية، خاصة بعد موت وقيامة يسوع- أصبحت تشغل مكانة هامة عند المسيحيين المهتمين بمعرفة المزيد من المعلومات عن دينهم. إحدى هذه القصص، أي سفر أعمال الرسل، نجحت في النهاية في أن تصبح جزءًا من العهد الجديد. لكنَّ قصصًا أخرى كثيرة كُتِبَتْ عن الرسل كلٌّ على حدى، مثل تلك الموجودة في أعمال بولس، وأعمال بطرس، وأعمال توما، أعمال أخرى نجى بعضها من الضياع ولكن في صورة مقاطع صغيرة فحسب، بينما فُقِدَ البعض الآخر تمامًا.


الرؤى المسيحية:

كما أشرت، نشر بولس (مع الرسل الآخرين) تعليمًا يقول إن يسوع كان مُزمعًا أن يعود من السماء للحكم على الأرض. النهاية الوشيكة لكل الأشياء كانت أمرًا سَحَرَ باستمرار لُبَّ المسيحيين الأوائل الذين في العموم كانوا يتوقعون أن الله سيتدخل قريبًا في شئون العالم ليقهر قوى الشر وليقيم هنا على الأرض مملكته الخيِّرة، وعلى رأسها يسوع. بعض المؤلفين المسيحيين كتبوا قصصًا تنبُّؤيَّة
(prophetic accounts) عمّا سيحدث في هذه النهاية الكارثية للعالم كما نعرفه. لقد كان عند اليهود أعمال حاذت قصبة السبق في هذا النوع من الأدب "الرؤَوِيّ" (apocalyptic)، في كتاب دانيال على سبيل، في الكتاب المقدس اليهودي، أو كتاب أخنوخ1 (book of 1 Enoch) في الأبوكريفا اليهودية. ومن بين الرؤى المسيحية دخلت واحدة في النهاية إلى العهد الجديد: رؤيا يوحنا. بينما كانت رؤى أخرى من بينها رؤيا بطرس والراعي لهرماس شائعة القراءة في عددٍ من المجتمعات المسيحية في القرون الأولى للكنيسة.


نُظُم الكنيسة:

تضاعفت المجتمعات المسيحية ونمت ،بدءًا من عصر بولس ولتتواصل خلال الأجيال التي جاءت من بعده. كانت الكنائس المسيحية في الأصل ،أو على الأقل تلك التي أقامها بولس نفسه من المجتمعات التي يمكننا أن نطلق عليها مجتمعاتٍ ذات مواهب قيادية (charismatic)؛ فقد كانوا يؤمنون بأن كل فرد من المجتمع قد أُوتِيَ "موهبةً" (كاريزما باليونانية) من الروح القدس لمساعدة المجتمع في تسيير حياته الحاضرة: على سبيل المثال، هناك مواهب التعليم، موهبة الإدارة، موهبة إعطاء الصدقات، موهبة الشفاء، وموهبة التنبوء. إلا أنه في نهاية المطاف، حينما بدأت التنبؤات الخاصة بالنهاية الوشيكة للعالم في الاضمحلال بدى واضحًا أن هناك حاجة لإيجاد بنية كنسية أكثر صرامة خاصة إذا كانت الكنيسة ستظل قائمة لفترة طويلة (قارن 1 كرونثوس 11؛ مع متّى 16،18). بدأت الكنائس الواقعة على جانبي البحر المتوسط، ومن بينها تلك التي أسسها بولس، في تعيين قادة سيتولُّون المسؤولية واتخاذ القرارات (بدلا من النظر إلى كل فرد من أفراد الكنيسة باعتباره "متساويًا" في الموهبة من الروح)؛ فبدأت القواعد الخاصة بكيفية عيش المجتمع المسيحي معًا، وبكيفية ممارسته لشعائره المقدسة (العماد والقربان المقدس على سبيل المثال)، وتعليم الأعضاء الجدد..إلخ، يتمُّ صياغتها. وسرعان ما بدأ تدوين الوثائق التي تذكر الكيفية المثلى لتنظيم وهيكلة الكنيسة. لقد أصبح ما يعرف ب"النظم الكنسية" أمرًا ذا أهمية متزايدة في القرنين المسيحيين الثاني والثالث،لكن في العام 100 بعد الميلاد تقريبًا كان الكتاب المعروف باسم "ديداخي (تعليم) الرسل الاثنى عشر" هو أول (حسب ما نعلمه) ما كتب بالفعل، وخلال زمن قصير تبعه العديد من الكتب.


كتب اللاهوت الدفاعي المسيحي:

عندما كانت المجتمعات المسيحية في مرحلة النشوء، كانت تجابه أحيانًا بمعارضة من اليهود والوثنيين الذين رأوا في هذا الإيمان الجديد تهديدًا وارتابوا في انخراط أتباعه في طقوس لا أخلاقية ومدمرة للمجتمع (كما ينظر اليوم إلى الحركات الدينية الجديدة في أحيان كثيرة بالريبة ذاتها تماما). هذه المعارضة أدت في أحيان كثيرة إلى وقوع اضطهادات للمسيحيين في مجتمعهم المحلي؛ وفي النهاية أصبحت الاضطهادات ذات طابع "رسميّ"، حيث تدخلت السلطات الرومانية للقبض على المسيحيين وفي محاولة لإجبارهم على الرجوع إلى معتقداتهم الوثنية القديمة. وعندما كانت المسيحية تنمو، نجحت في النهاية في استمالة المثقفين إلى الإيمان، وهم الذين كانوا مؤهلين جيدًا لمناقشة الاتهامات التي رُفِعَت في وجوه المسيحيين ودحضها.

كتابات هؤلاء المثقفين يطلق عليها أحيانًا الدفاعيات، من الكلمة اليونانية (أبولوجيا) المقابلة لكلمة "دفاع". المدافعون كتبوا أعمالا فكرية دفاعًا عن الإيمان الجديد ، محاولين إظهار أن المسيحية هي ديانة تبشر بالقيم الأخلاقية ،وهي بعيدة كل البعد عن أن تكون تهديدًا للبناء الاجتماعي للإمبراطورية الرومانية، وأن المسيحية تمثل الحقيقة المطلقة في توجهها نحو عبادة الإله الحق وهي بعيدة كل البعد عن أن تكون تلك الديانة الخطرة المبنية على الخرافات.

هذه الكتابات الدفاعية كانت ذات أهمية للقراء المسيحيين الأوائل؛ لأنها أمدتهم بالحجج التي يحتاجونها عند تعرضهم للاضطهاد. هذا النوع من الدفاع نشأ بالفعل في العصر الذي كُتِبَ فيه العهد الجديد، على سبيل المثال، في 1بطرس 3:15 نقرأ "مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ"، وفي سفر الأعمال حيث يدافع بولس والرسل الآخرون عن أنفسهم ردًا على الاتهامات التي وجهت إليهم، قريبًا من النصف الثاني من القرن الثاني، كانت الكتابات الدفاعية قد أصبحت شكلا معروفًا من الكتابة المسيحية.


سِيَر الشهداء المسيحيين:

قريبا من الفترة الزمنية ذاتها التي بدأ فيها تدوين الكتابات الدفاعية، بدأ المسيحيون في تدوين روايات عن اضطهاداتهم و الاستشهادات التي وقعت نتيجة لهذه الاضطهادات. هناك بعض الوصف للأمرين كليهما في سفر الأعمال الموجود في العهد الجديد،حيث كانت المعارضة للحركة المسيحية، وإلقاء القبض على الزعماء المسيحيين، وإعدام أحدهم (ستيفانوس) على الأقل تشكل جزءا هاما من الحكي داخل السفر (انظر أعمال 7). بعد ذلك، في القرن الثاني الميلادي، بدأت سير الشهداء في الظهور، أول ما ظهر منها كان استشهاد بوليكاربوس الذي كان قائدا مسيحيًّا مرموقًا وكان أسقفًا لكنيسة "سميرنا"، في آسيا الصغرى، تقريبا طوال النصف الأول من القرن الثاني كاملا. قصة موت بوليكاربوس موجودة في رسالة كتبها أفراد كنيسته، حيث كتبوها لمجتمع مسيحي آخر.

بعد ذلك مباشرة ، بدأت قصص الشهداء الآخرين في الظهور، هذه القصص أيضا كانت واسعة الانتشار بين المسيحيين؛ لأنها منحت هؤلاء الذين كانوا محلا للاضطهاد من أجل الإيمان تشجيعا، ومنحتهم البوصلة التي بها يعرفون طريقهم في مواجهة أقصى التهديدات مثل الوقوع في الأسر، والتعذيب و الموت.


المقالات ضد الهراطقة:

لم تقتصر المشكلات التي واجهت المسيحيين على التهديدات الخارجية المتمثلة في الاضطهاد؛ فقد كان المسيحيون منذ أقدم العصور، يعون أن ثمة تنوُّعًا في تفسير "الحقيقة" الدينية كان موجودا بين صفوفهم؛ فها هو الرسول بولس يشتكي من "المعلمين الكذبة" -على سبيل المثال- في رسالته إلى الغلاطيين. فإذا قرأنا الروايات الموجودة، يمكننا أن نرى بوضوح أن هؤلاء الخصوم لم يكونوا من الغرباء؛ فقد كانوا مسيحيين فهموا الدين بطرق مختلفة على نحوٍ مطلق. وللتعامل مع هذه المشكلة بدأ القادة المسيحيون في كتابة المقالات التي تتصدى "للهراطقة" (أي الذين اختاروا الطريق الخطأ لفهم الإيمان)؛ تمثل بعض رسائل بولس، إلى حدٍ ما، أقدم النماذج لهذا النوع من المقال. في النهاية أصبح المسيحيون من كل الاتجاهات معنيين بمحاولة تحديد "التعليم الحق" (وهو المعنى الحرفي لكلمة "الأرثوذكسية") وبالتصدي لهؤلاء الذين يدافعون عن التعاليم الباطلة.

هذه المقالات المضادة للهرطقات أصبحت مَيزة مهمة من ميزات المشهد الأدبي المسيحي المبكر. الأمر الطريف هو أنَّ مجموعات" المعلمين الكذبة" كتبوا هم أيضًا مقالات ضد "المعلمين الكذبة"، حتى إن المجموعة التي أقامت ذات مرة وللأبد ما أصبح المسيحيون يؤمنون به ( هؤلاء مسؤولون ، على سبيل المثال، عن العقائد التي وصلت إلينا اليوم) أصبحت تتعرض أحيانا لانتقادات المسيحيين الذين اعتنقوا عقائدا اعتبرت في النهاية تعاليم باطلة. علمنا ذلك من خلال بعض الاكتشافات الحديثة نسبيًا للآداب "الهرطوقية"، التي يصر فيها من يُعْرَفُون بالهراطقة على أن رؤاهم هي الرؤى الصحيحة و أن تلك التعاليم التي يعتنقها قادة الكنيسة "الأرثوذوكسية" هي تعاليم باطلة (8).


التفاسير المسيحية المبكرة:

مساحة واسعة من الجدل حول العقيدة الصحيحة والعقيدة الباطلة تم الزج بها في تفسير النصوص المسيحية، ومن ضمنها "العهد القديم" الذي ادعى المسيحيون أنه جزء من كتابهم المقدس.

هذا يبين مرة أخرى كيف احتلت النصوص موقعا مركزيًّا بالنسبة للمجتمعات المسيحية المبكرة، في النهاية بدأ المؤلفون المسيحيون في كتابة تفاسير هذه النصوص ليس بالضرورة بغرض دحض التفاسير الباطلة على نحوٍ مباشرٍ (على الرغم من أن ذلك كثيرا ما كان في الحسبان أيضًا)، لكن أحيانا ببساطة لتفسير معنى النصوص ولإظهار علاقاتها بالحياة والممارسة المسيحيتين. من الطريف أن أول التفاسير المسيحيَّة التي نعرفها لأيِّ نص من نصوص الكتاب المقدس كان كاتبه هو واحد ممن يسمَّوْن هراطقة، وهو الغنوصي المسمى هيراكليون الذي عاش في القرن الثاني، والذي كتب تفسيرًا لإنجيل يوحنا (9).

في النهاية أصبح وجود التفاسير ،والحواشي التفسيرية ،والتفاسير التطبيقية، والعظات الدينية حول النصوص أمرًا شائعًا داخل المجتمعات المسيحية في القرنين الثالث والرابع.

لقد كنت أقوم بتلخيص الأنواع المختلفة من الكتابات التي كانت ذات أهمية لحياة الكنائس المسيحية الأولى، كما أتمنى أن يكون واضحًا للعيان أنَّ الكتابة كانت هي الظاهرة الأكثر أهمية بالنسبة للكنائس والمسيحيين المنضويين تحتها. لقد احتلت الكتب مكان القلب من الديانة المسيحية ـ على عكس الديانات الأخرى داخل الإمبراطورية ـ منذ البداية؛ فالكتب قصَّت علينا الروايات التي حكاها المسيحيون مرارًا وتكرارًا عن يسوع وتلامذته؛ وزودت الكتبُ المسيحيين بالتعاليم التي ينبغي ان يؤمنوا بها وبالطريقة التي يعيشون حياتهم من خلالها؛ كما وحَّدَت الكتب بين المجتمعات المنفصلة جغرافيًا لتنشأ كنيسة واحدة عالمية؛ ودعَّمت الكتبُ المسيحيين في أيام الاضطهاد وأعطتهم نماذج من التضحية بالذات ليتمثلوها في مواجهة التعذيب والموت؛ لم تعطِهم الكتب فحسب نصيحة نافعة بل صحَّحت العقيدة، وحذرت من تعاليم الآخرين الباطلة و عجَّلت من قبول المعتقدات الصحيحة (الأرثوذكسية)؛ وسمحت الكتب للمسيحيين أن يعرفوا المعنى الصحيح للكتابات الأخرى، معطية إياهم إرشاداتٍ عما ينبغي أن يفكروا فيه، وكيف يتعبدُّون، وكيف ينبغي أن يكون سلوكهم، لقد كانت منزلة الكتب في القلب تمامًا من حياة المسيحيين الأوائل.


تشكل قائمة الكتب الرسمية المسيحية (القانون):

في النهاية ،بعض هذه الكتب المسيحية بدأ المسيحيون ينظرون إليها ليس فقط باعتبارها كتبًا تستحق القراءة وإنما أيضًا باعتبارها كتبًا موثوقًا بها تمامًا كمصدر تستقى منه المعتقدات والممارسات الخاصة بالمسيحيين... لقد صارت هي الكتاب المقدس.


بدايات القانون المسيحي:

لقد كانت عملية تشكُّل القائمة الرسمية للكتاب المقدس المسيحي (Christian canon of s cripture طويلة ومعقدة، ولست بحاجة إلى أن أدخل في كل التفصيلات هنا (10). بدأ، كما أشرت بالفعل من قبل، المسيحيون بقانون مبنيٍّ على أن منشئ ديانتهم هو نفسه معلمٌ يهوديٌّ اعترف بالتوراة ككتاب مقدسٍ موثوقٍ به موحى به من الله، وعلَّم تلاميذه تفسيره الشخصيّ له. كان المسيحيون الأوائل أتباعًا ليسوع الذي قبِلَ الكتب التي يتكون منها الكتاب المقدس اليهودي (الذي لم يكن قد نُصِّبَ حتى هذه اللحظة و إلى الأبد ك"قانون") باعتباره كتابهم المقدس الخاص. في اصطلاح مؤلفي العهد الجديد، بما فيهم بولس، أقدم مؤلفينا، يشير مصطلح "الكتابات المقدسة (s-riptures)" إلى الكتاب المقدس اليهودي، وهو مجموعة الكتب التي كان الرب قد أعطاها لشعبه والتي تنبأت بالمسيح الآتي، يسوع.

مع ذلك، لم يدم الأمر طويلا حتى بدأ المسيحيون في قبول الكتابات الأخرى باعتبارها مساوية للكتب المقدسة اليهودية. هذا القبول ربما كان له جذوره في التعاليم الأصلية ليسوع نفسه، حيث أخذ تلاميذه تفسيره للكتاب المقدس باعتباره على قدم المساواة في الموثوقية مع كلمات الكتاب المقدس نفسه. من المحتمل أن يكون يسوع قد شجع هذا الفهم عبر الطريقة التي عبر بها عن بعض تعاليمه؛ ففي أثناء موعظة الجبل ،على سبيل المثال، تم تصوير المسيح وكأنه يذكر القوانين التي أعطاها الرب لموسى، ثم يعطي تفسيره الخاص الأكثر تشددا لها مشيرا إلى أن تفسيره هو الجدير بالاعتماد والقبول. هذا يوجد فيما يعرف في إنجيل متى، في الفصل 5 ب"المقابلات"، يقول يسوع ،" «قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ(وهي واحدة من الوصايا العشر) وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ « ما يقوله يسوع ، في سياق تفسيره للشريعة ،يبدو مماثلا في الموثوقية للشريعة نفسها . أو يقول يسوع ،" قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ.(وهي وصية أخرى من الوصايا العشر) وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ." في بعض المناسبات تبدو هذه التفسيرات الموثوقة للكتاب المقدس، في الواقع، ناسخةً لشرائع الكتاب المقدس (أي اليهودي) ذاتها. على سبيل المثال ،يقول يسوع: "وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ،(وهو أمرٌ موجودٌ في التثنية 24 :1) أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي."

من العسير أن نفهم كيف يستطيع شخصٌ أن يتبَع أمر موسى بإعطاء كتاب طلاق، لو لم يكن الطلاق في حقيقة الأمر خيارًا متاحًا. على أية حال، أصبحت تعاليم يسوع ينظر إليها باعتبارها تعاليم في الرتبة ذاتها التي تحتلها شرائع موسى ـ التي هي شرائع التوراة ذاتها. هذا الأمر أصبح أكثر وضوحًا فيما بعد في زمن العهد الجديد ، ففي الرسالة الأولى إلى تيموثي، التي من المفترض أن بولس هو كاتبها وإن كان العلماء كثيرا ما يعدُّونها مكتوبة بمعرفة أتباعٍ متأخرين نسبوها إليه . في 1 تيموثاوس 5 : 18 يستحث المؤلف قراءه إلى أن يدفعوا مالا إلى من يعظون بينهم ، ويدعم هذا الحث باقتباسٍ من "الكتاب المقدس". الأمر الطريف أنه حينئذ اقتبس فقرتين، اقتبس واحدة من التوراه ("لاَ تَكُمَّ ثَوْراً دَارِسًا" تثنية 25 : 4) والأخرى جاءت من كلمات يسوع ("وَالْفَاعِلُ مُسْتَحِقٌّ أُجْرَتَهُ")؛ انظر لوقا 10 : 7).

يبدو أنَّ أقوال يسوع، حسب وجهة نظر هذا المؤلف ، كانت على قدم المساواة بالفعل مع الكتاب المقدس، ولم تكن تعاليم يسوع فحسب هي التي كان الجيلان المسيحيان الثاني والثالث يعتبرانها جزءا من الكتاب المقدس، بل اعتبرت كتابات رسله أيضا كذلك. الدليل على ذلك يأتي من آخر أسفار العهد الجديد كتابةً، أي رسالة بطرس الثانية، وهو السفر الذي يعتقد معظم علماء النقد أنه لم يكتب في الحقيقة بقلم بطرس وإنما بقلم واحدٍ من أتباعه ، الذي كتبه تحت اسم مستعار؛ ففي 2 بطرس3 يشير المؤلف إلى أن المعلمين الكذبة يحرِّفون معنى رسائل بولس ليجعلوها تقول ما يريدونها أن تقوله "يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضا" (2 بط 3: 16).

يبدو أن رسائل بولس ً قد فهمت ها هنا على أنها كتاب مقدس. بعد عصر العهد الجديد بقليل، كانت بعض الكتابات المسيحية يتمُّ اقتباسها كنصوص رسمية نافعة لحياة ومعتقدات الكنيسة. الرسالة التي كتبها في بداية القرن الثاني بوليكاربوس، أسقف سميرنا المذكور سابقا، تعتبر مثالا بارزًا.

لقد طلبت كنيسة فيليبي النصيحة من بوليكاربوس فيما يتعلق تحديدًا بقضية تمَسُّ واحدًا من القادة الذي كان من الواضح أنه تورط في بعض أشكال سوء الإدارة المالية داخل الكنيسة (ربما اختلاس أموال تخص الكنيسة). رسالة بوليكاربوس إلى أهل فيليبي التي بقيت إلى الآن هي رسالة مثيرة لعددٍ من الأسباب، ليس أقلها نزوعها إلى الاقتباس من كتابات أقدم تخص المسيحيين؛ ففي أربعة عشر فصلا فقط ، يقتبس بوليكاربوس أكثر من مائة فقرة معروفة من تلك الكتابات الأقدم، مصرحًا بسلطانها على الوضع الذي كان أهل فيليبي يواجهونه (على العكس من اثني عشر اقتباسا فقط من الكتابات المقدسة اليهودية)؛ وفي أحد المواضع يبدو وكأنه يطلق على رسالة بولس إلى أهل أفسوس كتابا مقدسا، كان من المعتاد كثيرا أن يقتبس ببساطة من كتابات أقدم أو يشير إليها، مصوِّرًا للمجتمع كونها كتاباتٍ موثوقًا بها (11).


دور الطقوس الدينية المسيحية في تشكيل القائمة الرسمية للكتاب المقدس:

في وقت ما قبل تدوين رسالة بوليكاربوس ،نعلم أن المسيحيين كانوا يستمعون إلى الكتب المقدسة اليهودية تُقرأ أثناء تأديتهم الطقوس التعبديِّة. كاتب رسالة تيموثي 1 ،على سبيل المثال، يحفِّز مستلم الرسالة أن: "َ أعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ (أي العامَّة) وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ."(4 : 13). وكما رأينا في حالة الرسالة إلى أهل كولوسي ،يبدو أن رسائل المسيحيين كانت تُقرأ على المجموعة المجتمعة أيضًا. ونعلم أيضًا أنه قريبًا من منتصف القرن الثاني ، كان جزءٌ كبيرٌ من طقوس العبادة المسيحية يتضمن القراءة العامة للكتاب المقدس. في فقرة كثيرا ما تناولتها ألسنة المتناقشين من كتابات المفكر المسيحي و عالم الدفاعيات جوستينوس الشهيد، على سبيل المثال، لدينا إشارة إلى ما تضمنته الخدمة الكنسية في مدينته الأم روما:

"في اليوم المسمى يوم الأحد، كلُّ من يعيشون في المدن أو في البلد يجتمعون سويًا في مكان واحدٍ، وتُقرأ مذكرات الرسل أو كتابات الأنبياء، بحسب ما يسمح الوقت، ثمَّ، لما يتوقف القارئ، يلقي القسيس التعاليم، ويعظ بضرورة احتذاء هذه الأعمال الطيبة" (1 أبولوج 67).

يبدو على الأرجح أن الاستخدام الليتورجي (الطقسي) لبعض النصوص المسيحية -على سبيل المثال- أعلت "مذكرات الرسل" التي عادةً ما ينظر إليها على أنها هي نفسها الأناجيل، من مكانة هذه النصوص لدى معظم المسيحيين حتى إنها كانت تُعَدُّ جديرة بالاعتماد والقبول (authoritative) على قدم المساواة مع الكتابات المقدسة اليهودية ("كتابات الأنبياء") ذاتها.

(من كتاب Misquoting Jesus)

ترجمة كرم شومان عضو فريق الترجمة بمنتدي حراس العقيدة

بقية هذا الفصل دور مارقيون في تشكُّل قاءمة الطتاب المقدس

الفصول التالية

الفصل الثاني نسخ ( تدوين ) الكتب المقدسة - الفصل الثالث إختلاف مخطوطات العهد الجديد - الفصل الرابع البحث عن أصول الكتاب المقدس

الفصل الخامس مناهج النقد النصي - الفصل السادس التحريف لدوافع لاهوتية - الفصل السابع التحريف لأسباب اجتماعية - الخاتمة

____________________________________


هوامش

(1) يستخدم العلماء في عالم اليوم هذا المصطلح (Common Era) بديلا عن الشكل القديم (Anno domini) أو (A.D ) التي تعني: "في يوم ميلاد الرب"، لأن الأول منهما مناسب أكثر لكلّ الأديان.

(2) للاطلاع على وصف إجمالي يتناول تشكل القائمة الرسمية للكتاب المقدس اليهودي ، انظر مادتي ("Canon, Hebrew Bible") في كتاب "جيمس ساندر " (the Anchor Bible Dictionary) المطبوع بتحرير ديفيد نويل فريدمان (نيويورك ، دابلداي ،1992)، الجزء 1 ص 838 – 852.

(3) إن إطلاق لقب "ربِّي" أو "معلم" على يسوع لا يعني أنني أقول إن المسيح حظي باحترام رسمي داخل الديانة اليهودية لكنني ببساطة أعني أنه كان معلمًا يهوديًّا. لم يكن بالطبع معلمًا فحسب، ربما يمكن من الأفضل اعتباره كـ"نبيّ".

للاطلاع على المزيد من النقاشات، انظر كتاب بارت إرمان: يسوع: النبيّ الرؤوي للألفية الجديدة (Apocalyptic Prophet of the New Millennium) من مطبوعات (جامعة أكسفورد نيويورك . القسم المطبوعات،1999).

(4) لمعرفة معنى هذا الاختصار انظر هامش رقم 1 بالأعلى.

(5) سيشمل هذا الثلاث رسائل (الثلاثية البوليسية "Deutero-Pauline") إلى أهل كولوسي، أهل أفسس، والرسالة 2 إلى أهل تسالونيكي وبشكل خاص الرسائل "الرعوية " "pastoral" الثلاث وهي الأولى والثانية إلى تيموثي و الرسالة إلى تيطس.

للاطلاع على أسباب تشكك العلماء في صحة نسبة هذه الرسائل إلى بولس نفسه، انظر كتاب بارت إرمان "العهد الجديد: مقدمة تاريخية للكتابات المسيحية المبكرة (The New Testament :A Historical Introduction to the Early Christian Writings), الطبعة الثالثة (نيويورك: جامعة أكسفور .قسم المطبوعات، 2004)، الفصل 23.

(6) في وقت متأخر، كانت هناك العديد من الرسائل المزيفة تدعي أنها الرسالة إلى اللاوديكيين. ما يزال لدينا واحدة منها،التي عادة ما تدخل في إطار ما يعرف بأبوكريفا العهد الجديد. وهي تزيد قليلا عن كونها مزيج من أقوال وجُمَلٍ بولسية (أي منسوبة إلى بولس)، تم ترقيعها معًا ليبدو مشابها لواحدة من رسائل بولس. هناك رسالة أخرى تسمى "إلى اللاوديكيين" تزييفها من خلال مارقيون، المهرطق الذي عاش في القرن الثاني، أمر واضح؛ إلا أن هذه الرسالة لم يعد لها وجود.

(7) على الرغم من أن المصدر Q لم يعد له وجود، هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأنه كان وثيقة حقيقية ـ حتى لو كنا لا نعرف على وجه اليقين محتوياته الكاملة. انظر كتاب "العهد الجديد" لإرمان، في الفصل ال6 . الاسم Q هو اختصار للكلمة الألمانية Quelle، التي تعني "مصدر" (الذي هو مصدر لكثير من مادة لوقا ومتّى من أقوال المسيح).

(8) كمثال ،في الرسائل(tractates) المعروفة باسم رؤيا بطرس والمقالة الثانية لشيث العظيم (Treatise of the Great Seth)، اللذان اكتُشفا كلاهما في 1945 في مخبأ للوثائق "الغنوصية" قريبا من قرية نجع حمّادي في مصر.

للاطلاع على الترجمة، انظر مكتبة نجع حمادي بالإنجليزية ،لجيمس .م.روبنسون، الطبعة الثالثة (سان فرانسيسكو:هاربر سان فرانسيسكو ،1988 )،362 - 378.

(9) اسم غنصويين مأخوذ من كلمة جنوسيس اليونانية ،التي تعني "معرفة". الغنوصية تشير إلى مجموعة من الأديان من القرن الثاني فصاعدًا وهي تؤكد على أهمية الحصول على المعرفة السرية (secret knowledge) من أجل الخلاص من هذا العالم المادي الشرير.

(10) للاطلاع على نقاش أكثر تفصيلا "Lost Christianities:The Battles for ******ure and the Faiths We Never Knew(New York:Oxford Univ.Press,2003) خاصةً الفصل 11.

للاطلاع على معلومات أكثر العملية برمتها يمكن الحصول عليها في كتاب هاري جامبل""The New Testament Canon:Its Making and Its Meaning مطبعة (فيلادلفيا:فورترس برس،1985). للاطلاع على شرح نموذجي علمي موثوق ،انظر كتاب بروس ميتزجر ""The Canon of The New Testament:Its Origin,Development,and Significance طبع (أكسفورد: كلاروندون برس،1987).

(11) للاطلاع على ترجمة حديثة لرسالة بوليكاربوس، انظر بارت إرمان (الآباء الرسوليين) من منشورات (Loeb Classical Library;Cambridge:Harvard Univ.press,2003) المجلد 1.

(12) لمزيد من المعلومات حول مارقيون وتعاليمه، انظر "الديانات المسيحية المفقودة" لبارت إرمان ص 103- 108

الاثنين، 12 أبريل 2010

توازن القوة أم توازن السياسة ؟!

توازن القوة أم توازن السياسة ؟!

ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 08 - 04 - 2010
نقلا عن : من مقالات الزوار




ما برحت دول ما يسمى بالعالم الثالث عامة والدول الإسلامية خاصة، تمثل السوق الرابحة لمصانع الأسلحة الغربية والشرقية على حد سواء. فمنذ انتهت الحرب العالمية الأولى وتم اقتسام الغنيمة بين أقطابها المنتصرين، وهذه الدول تتصرف وكأنه قد فرض عليها أن تجعل منتجات مصانع الأسلحة بالدول الكبرى على رأس أولويات خططها التنموية، فما أن ينتهي عقد صفقة إلا ويبدأ عقد صفقة أخرى، مبررا كسابقه بالمحافظة على توازن القوة بالمنطقة وهلم جرّا. تمضي السنون وتتكرر الصفقات التي يدفع ثمنها المواطن من قوت يومه، صابرا مصابرا على أمل التوازن الموعود، والذي قد يؤدي إلى التفوق على العدو، مما يحيي الأمل بالنصر الذي يرفع رأس الأمة ويحرر أرضها ويعيد ما أغتصب من حقوقها، إلا أن هذه الآمال ما تلبث أن تتبخر وتذهب أدراج الرياح أمام الواقع المر الذي تعيشه الأمة، فتوازن القوة لم يتحقق، والعدو لازال يزداد صلفا وغطرسة، ومن هنا يبرز السؤال الكبير؛ أين الخلل؟؟ قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّـهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}[الأنفال:60]، فالله سبحانه وتعالى قال: {مَّا اسْتَطَعْتُم}، ولم يجعل توازن القوة مع العدو شرطا أساسيا للنصر، وإنما جعل شرط النصر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7]، فإذا تحقق بالمؤمنين هذا الشرط القائم على تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, أمكن قتال الكافرين ولو بعدد يقل عن عددهم قال تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّـهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال:66].

وبهذا يكون عندنا ثلاث قواعد للتعامل مع العدو، القاعدة الأولى: إعداد القوة حسب الاستطاعة، القاعدة الثانية: تحكيم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بجميع أمورنا الدينية والدنيوية، ثم تأتي القاعدة الثالثة: على شكل خبر بمعنى أمر بوجوب قتال الكفار ولو بنصف عدد قوتهم.


وهذه القواعد الثلاث تنافي إستراتيجية توازن القوة التي يحتج بها قومنا على مدار ستة عقود ماضية، ففي هذه السنين خاضت الأمة عدة معارك مع أعدائها، وفي كل معركة تكون الكفة راجحة لصالح الجندي المسلم إلا أن النتائج تتبدل بالنهاية لمصلحة العدو, في حرب فلسطين عام 1948م التي دخلتها الجيوش العربية من ثلاث جبهات، وكان باستطاعتها أن تجتث عصابات يهود من كل التراب الفلسطيني إلا أنها بليت بقيادة عميلة فرضت عليها من قبل الدول التي أرادت لهذا الورم الخبيث أن يبقى بالجسم العربي. يقول اللواء علي أبو نوار في مذكراته "المخاض القومي": "كنا نحرر بعض المغتصبات الفلسطينية من يهود وتصدر لنا الأوامر من قائد الجيش العربي الذي ينتمي للجنسية الإنجليزية، بالانسحاب منها ليعود اليهود لاحتلالها مرة أخرى". أتبع ذلك قبول الهدنة التي دعت إليها الأمم المتحدة وقبلها الساسة العرب، الأمر الذي مكن يهود من إعادة تنظيم قوتهم بمساعدة الإنجليز مما قلب موازين المعركة لصالحهم، وبهذا خسرت الأمة بفعل السياسة الحرب التي كسبتها في ميدان القتال.

أما حرب التحرير الجزائرية، التي خاضها المجاهدون الجزائريون بكل بسالة مما أرغم أنف قوة الاحتلال الفرنسية بالتراب وجعلها تبادر إلى الانسحاب من الجزائر تجر أذيال الهزيمة، إلا أن العدو كعادته لجأ إلى سياسة المكر والخداع لإجهاض النصر الذي حققه المجاهدون في ميدان القتال، مستعينا بعملائه داخل الجزائر، حيث أضفيت على بعض العلمانيين صفة البطولة الدعائية التي مكنتهم من حكم الجزائر بعد انسحاب المحتل، وبهذا تم إعطاء من لا يملك ثمرة انتصار المجاهدين لمن لا يستحق من العلمانيين، فخسرت الجزائر بالسياسة الاستعمارية ما حققه المجاهدون في ساحات الوغى.

وفي العاشر من رمضان سنة 1393هـ انتصرت كلمة التوحيد التي رفعها جند الإسلام على الجبهة المصرية مع العدو اليهودي, وتم اجتياز أكبر مانع مائي عرفته الحروب الحديثة, وبأسلحة تعتبر بدائية مقارنة بترسانة الأسلحة التي يمتلكها العدو تم تحطيم خط بارليف الإستراتيجي خلال ست ساعات, هذا الخط الذي قال عنه "موشى ديان" وزير دفاع يهود في ذلك الوقت: "على المصريين إذا أرادوا اجتياز خط بارليف أن يبنوا لهم قوة تعادل قوة حلف الأطلسي وحلف وارسو معا" إلا أن نتائج هذه الملحمة العظيمة تبدلت بالنهاية لمصلحة العدو, فالنصر الذي تحقق بالاستمساك بعروة الله الوثقى والتسليم له بكل الأمور {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ وَإِلَى اللَّـهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [لقمان:22], ضاع بالمزايدة على توازن القوة, فعند ما قال الزعيم المصري القائد الأعلى للقوات المسلحة: "كنت أقاتل دولة إسرائيل, ولكني لا أستطيع أن أقاتل أمريكا", تبدل الحال بهذا القول وأصبحت الثقة بالقوة المادية بدل من الإيمانية التي كان يستشعرها الجنود وهم يتسلقون الساتر الترابي الذي بلغ ارتفاعه عشرين مترًًا, على ضفاف قناة السويس مرددين كلمة الله العليا (الله أكبر) والتي بها تحقق لهم النصر.

إننا لا ننتصر بعدد ولا عدة, وإنما ننتصر بهذا الدين, ومن يشرك مع الله أحد فالله أغنى الشركاء, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»(رواه مسلم).

فعندما قال كسنجر للسادات إننا نعلم أن قواتك تحيط بقوات شارون غربي القناة إحاطة السوار بالمعصم وإنها تتفوق عليها بالعدد والعدة بما نسبته واحد ونصف مقابل واحد لمصلحة مصر, ولكن ثق أن أمريكا لن تسمح لك بالانتصار مرة أخرى, عندها استسلم رئيس مصر لهذا القول ورضي بفك ارتباط القوات المهين الذي فرضه عليه هذا اليهودي الماكر, وضاع بسببه النصر الذي كان محط أنظار الأمة الإسلامية, والذي بتحقيقه سيتحقق تحرير بيت المقدس من رجس الاحتلال اليهودي.


ثم تأتي حرب لبنان عام 1402هـ والتي انتهت بكارثة تهجير الفلسطينيين إلى بقاع بعيدة ومتفرقة بالوطن العربي, حتى لا يكون لهم ارتباط مباشر ببلدهم, وهذا التهجير تم بعد حصار للفلسطينيين في مدينة بيروت استمر أكثر من ثلاثة شهور ,كان الجيش اليهودي خلالها يقف موقفا لا يحسد عليه, فهو أمام خيارين أحلا هما مر إما أن يقتحم بيروت المحصنة في أنفاقها الخدمية تحت الأرض, وهذا يعني مقتلة لأخوان القردة والخنازير لم يشهدوا مثلها حتى بالمحارق النازية أن صدقت روايتهم, أو أن ينسحب من لبنان وهذا يعني خسارة الحرب أمام بضع مئات من المقاتلين الفلسطينيين, مما يعني بتر ذراع دولة يهود الطويلة وتحجيم جيشها الذي لا يقهر حسب زعمهم, فلجأ يهود إلى المعركة التي يجيدون إدارتها في مثل هذه الحالة, فكان تدخل مساعي الراعي الأمريكي عن طريق مندوبهم سيء الذكر, فيلب حبيب الذي تنحدر عائلته من أصول لبنانية, وبدأ رحلاته المكوكية بين الدول العربية, حيث انتهت بياسر عرفات قائد النضال الفلسطيني يرفع أصبعي السبابة والوسطى تعبيرا عن إشارة النصر من على سطح إحدى السفن اليونانية التي أبحرت به وبالمقاتلين الفلسطينيين آلاف الأميال عن حدود فلسطين, ولم يعد إلا بعد توقيع اتفاقية العار المسماة بـ(أوسلو).

ولنا أن نقيس على هذه الملاحم حرب المجاهدين في أفغانستان مع الإتحاد السوفيتي, التي هزمت أكبر قوة على وجه الأرض وتسببت في تفكيك حلف وارسو المنافس الرئيس لحلف الأطلسي, وانتهت بتقاتل المجاهدين فيما بينهم, الأمر الذي حرم الأمة من إقامة دولة إسلامية بهذا البلد الذي بذل المجاهدون, دمائهم رخيصة من أجل إقامتها.

فكل هذه المعطيات تجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا تحسبا لما قد يحدث بالعراق بعد انسحاب قوات الاحتلال الوشيك بإذن الله تعالى, فالأمة عندها إرادة قتالية لتحقيق النصر بالميدان ولكنها لا تملك إستراتيجية سياسية لاستثمار ما يحققه المجاهدون من أبنائها.

ماجد بن عيد الحربي
albairq@gawab.com