عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الجمعة، 29 أبريل 2011

رسالة إلى الدكتور عصام شرف

رسالة إلى الدكتور عصام شرف



السيد الدكتور/ عصام شرف..... رئيس وزراء مصر

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أرجو أن تصلك الرسالة وأنت على خير حال وأن تقرأها دون أن تتعلل بضيق الوقت.

التمست لك اللأعذار في كل تصرفاتك ظناً منّي بحسن طويتك وسلامة سريرتك ولولا ثقة لا يبررها إلا ما وصلنا من الأخبار عن تواضعك وطلبك للمشورة والتحري قبل اتخاذ أي قرار- لولا ذلك ما كنت كلفت نفسي مشقة دباجة هذه الرسالة والتي أرجو الله عز وجل أن تنتهي رحلتها بين يديك وأمام ناظريك.

ثم أما بعد......

وصلنا من الأنباء استعانتك بمن يدعون نفسهم ائتلاف شباب ثورة الخامس و العشرين من يناير، وبلغنا كما بلغ مصر أنباء أحداث قنا وما ترتب عليها، وقرأت غير مصدق نبأ تصريحك باستعداد شنودة بابا الكنيسة الارثوذكسية بسفره الى اثيوبيا لمحاولة التأثير على كنيسة الحبشة، وإليك ما أنصحك به لعلّه يكون فيه الفائدة لك وللبلاد، ولعلّه يكون أمانة أبلغها لك فتكون منجاة لي من ذنب كتم العلم، وعلّها تكون حجة عليك اعتق منها عنقي والقيها في عنقك، وهكذا سولت لي نفسي.



أما أمر ائتلاف شباب الثورة، فأنت تعلم وأنا أعلم أن الثورة لم تكن فقط من الشباب ولو أردت الـتأكد فعليك الرجوع الى عشرات الفيديوهات التي صورت في ميادين مصر وعليك أن تراجع احصائيات أعمار القتلى على أيدي الشرطة لتعرف هل هم منتمون الى الشباب أم الى غيرهم. كما أن كلمة شباب الثورة هي كلمة فضفاضة لا معنى لها، كأنك تلزم من يشير عليك برأي أو ينضم الى ائتلافهم أن يكون أصغر من سن معينة أو أن يكون قد أمضى عدداً محدداً من الليالي في ميدان التحرير قبل أن يصبح صاحب رأي أو مشورة.

و قد رأيت في هذا الشباب عندما رأيتهم، من السطحية و الركاكة وقلة الخبرة ما يخيفني بأن يلقى أمر الوطن في أيدي هؤلاء، فهم لا يمثلون الا انفسهم، حتى لو ادعوا أنهم يمثلون تيارات سياسية مختلفة، فكل تيارات مصر السياسية هي تيارات كارتونية لا صوت لها الا على شاشات التلفزة أو على صفحات جرائد كتابها أكثر من قراءها.

يا سيد عصام الثورة ليست فقط الشباب، يا سيد عصام الثورة لم تكن فقط في ميدان التحرير، يا سيادة رئيس الوزراء الاعلام ليس هو رأي الشعب بل هو رأي فئة استولت على الاعلام مذ عقود، يا سيادة رئيس الوزراء مصر ليست برنامج العاشرة مساءاً ولا برنامج مصر النهارده ولا المحور و لا أون تي في. يا سيادة رئيس الوزراء إن كان هؤلاء هم سدنتك وبطانتك ومستشاريك فبئس العشير......

تحرّ ثم تحرّ ثم تحرّ من تطلب منه المشورة.....

أما عن أحداث قنا فالعجب كل العجب من بطء قرارك وعدم استجابتك لصوت الشارع ناسياً أو متناسياً أنك في مكانك هذا بناءاً على صوت الشارع.

تعال أخبرك بحقيقة لا أعلم ان كنت تعلمها أم لا، لقد كان عدد المتظاهرين في ميدان التحرير يوم جمعة الغضب لا يزيد عن المائة والثمانين ألفاً – وهو عدد ضخم أن يتجمع في ميدان- و للتأكد من صحة هذا الرقم عليك سؤال أي من أعضاء المجلس العسكري لأنهم كانوا يقومون بتصوير المتظاهرين بالطيران وحصر عددهم. مائة وثمانون الفاً هم من خرجوا الى ميدان التحرير من أصل ستة عشرة مليوناً هم تعداد القاهرة.

ألا يستحق خمسة و ثلاثون ألفاً عندما يتجمعوا للتظاهر في محافظة لا يتجاوز تعدادها بضع مئات من الالاف- الا يستحقون ان يستمع رئيس وزراء مصر الى مطالبهم، بدلاً من اتهامهم بالتطرف واتهام السلفيين بانهم هم الذين قادوهم وكأنهم يقودون تمرد...

وهب أن السلفيين قد قادوا هذه الجموع، هل كلما دعا السلفيون الى امر نظرت له الحكومة باستعلاء كأنهم من ابناء وطن آخر..

لقد أمرتم بالافراج عن القس المسيحي المزور وهو المسجون في قضية جنائية بحكم القانون، القانون الذي قمنا بالثورة من أجل تطبيقه على كل المصريين دون تمييز، أمرتم بالافراج عنه عندما تظاهر ألفين و اعتصموا أمام ماسبيرو جلّهم من مربيي الخنازير والزبالين الذين أمرهم قسسهم بقطع طريق الاوتوستراد و الاعتصام امام ماسبيرو حتى تلبوا لهم مطالبهم عن يدٍ وانتم صاغرون، وقد كان.

و عندما يتظاهر عشرات الآلاف لتغيير محافظ، تصاب الحكومة بالحساسية فقط لأن المحافظ نصراني، ولأن الله أراد أن يظهر الحق، فقد انسحب السلفيون من مظاهرات قنا، بل وانضم اليهم اقباط، و يبدو أن حكومتنا لا تقتنع الا بتظاهرات الاقباط، فقمتم على الفور بتجميد عمله ثلاثة أشهر.

ألن تتوقف حكومتنا عن انتهاج ما انتهجته حكومات الفساد السابقة من محاباة الاقباط على حساب المسلمين...

لقد كان سلفكم يتعسف في معاملة المسلمين و يتجبر ثم يتساهل مع الاقباط عسى أن يكونوا له عند التوريث ظهيراً، فلماذا تكرر أنت ما فعله سلفك وأنت على حد ظني لست في حاجة الى ان تغبن طائفة حقها لتصل إلى مراد ما؟

أأ أما ثالثة الأثافي فهي نبأ تصريحك باستعداد شنودة بابا الكنيسة الارثوذكسية بسفره الى اثيوبيا لمحاولة التأثير على كنيسة الحبشة، و لا أدري من الذي فقد عقله فأشار عليك بهذا؟

منذ متى يا سيادة رئيس الوزراء يتوسط رجل دين لا يمثل أكثر من اربعة بالمائة من سكان الوطن في قضية مصيرية؟ ومع من، مع رجل دين لا يمثل الا ثلاثون بالمائة من وطنه (لعلم سيادتكم المسلمون هم الاغلبية في اثيوبيا و لكن الغلبة و الحكم و المناصب الرفيعة للنصارى)

بأي منطق يتولى شنودة في هذه الأيام بالذات ووسط حساسية ما تمر به البلاد ملفاً بهذا الخطر و هو ملف يمكن تأجيله حتى تضع الانتخابات اوزارها.

ألم تقرأ سيادتك حيثيات حكم المحكمة الصادر عام 1981 ضد المدعو"نظير جيد" الشهير بشنودة، و وصفه اياه بمثير الفتنة الطائفية؟ الم يخبرك بهذا الحكم نائبك ، الفقيه القانوني، رجل كل العصور؟ والذي أعجب من وجوده في مكانه حتى الآن في موقعه رغم زلاته التي لا تنتهي وتصريحاته المستفزة وحواره الوطني الذي فشل و شبهات انتمائه للنظام القديم قلباً و قالباً، مثله مثل مصطفى الفقي الذي أنعمتم عليه بترشيحه لأمانة جامعة الدول العربية وهو صاحب انتخابات مزورة شهير ومواقف مشبوهة مفضوحة مع النظام السابق. منذ متى يا سيد عصامنتياؤني

أظن والظن يكذب صاحبه أنك على علم بمأساة كاميليا و أخواتها، و مذبحة سلوى وأبنائها، ومذبحة أبي قرقاص. ولكنّي على يقين من علمك بمذبحة أذن أيمن القواد ومأساة هزيلة مفتعلة عن هدم كنيسة في حادث مجهول الأخبار وقد بناها المسلمون بأيديهم.

يا سيادة رئيس الوزراء العدالة ليس فيها أنصاف حلول، و الحق واضح أبلج لمن أراد أن يراه، وخفي مدلج لمن تجاهله وغض الطرف عنه....

أطلت عليك ولو أردت أن أحدثك بمكنون نفسي لدبجت صفحات وصفحات

أوصيك و نفسي بتقوى الله، و إياك إياك وسوء الظن بي فليس لي عندك من نعمة تجزى ولا منصب له أسعى، ولست أنت ممن أتزلف لهم علّني أنال ما أتمنى.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

دكتور/ يوسف عبد الغفار يوسف

القاهرة 26ابريل 2011-04-26

مقتل سلوى عادل وسقوط الاقنعة

مقتل سلوى عادل وسقوط الاقنعة



محمد بن سعد الأزهري

مشرف موقع فضيلة الشيخ ابي اسحاق الحويني

!



سلوي عادل



كانت يوما ما علي دين النصاري



ولكن رزقها الله البصيرة ، فرأت النور أمام عينها



ولامس الإيمان بالله الواحد القهار شغاف قلبها



فلم تتردد عن إعلان بداية حياتها الحقيقية



إعلان الشهادة



أشهد أن لا إله إلا الله



وأشهد أن محمد رسول الله



ومن ساعتها وهي في قلب حياة جديدة



لا تعرف الهرطقة ولا الخرافات



لا تعرف الأقانيم ولا صكوك الغفران



لم تسمع بعد هذا الإعلان لنشيد الإنشاد



وما فيه من ألفاظ يندي لها الجبين



انتقلت سلوي إلي مكان جديد



لكي تبدأ حياتها الحقيقية



حياة فيها الطمأنينة والسكينة والخشوع



حياة تتمتع فيها بالركوع والسجود



فلأول مرة تعرف معني البكاء من القلب



البكاء علي سنوات مرت وهي حيري



تعيش بين طلاسم لا تستطيع أن تجد لها حلا



وإذا سألت عن هذه الطلاسم يوماً قيل لها :



العيب في إيمانك فإنه لم يتخلل قلبكِ بعد ؟؟



وهي تقول في نفسها :



إنه لم يدفعني إلي تلك التساؤلات إلا إيماني ؟



إلي أن شفاني الله يوماً من وساوسي



وطويت صحيفة ذكره من قلبي



وأخيراً قد خلوت من الهم



وشعرت بأنني اليوم أعلي قدراً وأنزه شأناً



لأنني آمنت بالله الواحد الأحد



ليس له والد ولا ولد







هكذا شعرت تلك الزهرة البريئة سلوي



وبهذا يشعر كل من كان في الظلام الدامس



عندما يري الأضواء الباهرة



تزوجت هذه المولودة الجديدة



وأنجبت أطفالا صغاراً



لتكوِّن أسرة مسلمة



وتشعر أنها في حلم جميل



وقد لاح علي وجنتيها أريحية السرور



متهللة الوجه ، مشرقة الجبين



فرق عظيم بين ماضيها وحاضرها



عاشت حياة الطفولة بين صليب وصليب



صليب فوق الصدر



وآخر مطبوع علي اليد



وثالث فوق السرير



ورابع علي المنضدة



وخامس علي باب الحجرة



وسادس وسابع وثامن ......... الخ



فأصبح هذا الصليب قرين !



وكأن الايمان لن يثبُت إلا بذاك !



والآن قد أنجبت سلوي أطفالا



لا يعرفون هذا الصليب



بل لا يعرفون إلا كتاتيب المساجد



لن يسمعوا أبداً نشيد الإنشاد



بل يسمعون كلمات الرحمن



قل هو الله أحد



الله الصمد



لم يلد ولم يولد



ولم يكن له كفواً أحد



لن يعبؤا بأصوات الأجراس



فصوت الآذان يخترق القلوب قبل الأسماع



وطالما مست كلمات الآذان شغاف قلب سلوي



فترجع بذاكرتها إلي الوراء



وكيف أنها كانت محرومة من هذه المعاني



وكلما نظرت إلي صغارها وكيف نجاهم ربها



من ظلمات التعميد وهرطقة الآب !!



تقول بلسان حالها : اللهم لك الحمد



ولكن لم يظل هذا الحال طويلاً



فلقد كانت خطة الموت تُرسم



والأيدي الآثمة تستعد



فالقلوب التي لا تعرف إلا الشرك



لا تعرف التسامح



فتسللت عصابة الموت



في ظلام الليل الحالك



إلي بيتها الصغير



لا ليتسامحوا معها



فلقد أمطروها بوابل الزيف منذ زمن بعيد



التسامح والمحبة والعفو !!!



كانت تسبح في نومها



بقلب مطمئن عامر بذكر ربها



إلي أن فوجئت بما يوقظها فزعاً



سيوف وخناجر تلمع أمام عينيها



ووجوه عابسة تعرفها منذ زمن بعيد



فلقد كانوا أولاد بطن واحدة



ثم غزت خناجرهم جسد هذه الزهرة الطاهرة



سلوي !



وطفلها بجوارها



عمره خمس سنوات



لم يرحموا توسلاته ولا نداءاته



لماذا تقتلون أمي ؟



فأسكتوه للأبد



وتوالت الطعنات



كل طعنة أشدُّ من أختها



طعنة خسيس النفس



سافل الطبع



تجري عصارة اللؤم في دمه



فاعتُقل لسانها



واصطكت أسنانها



وخذلتها قدماها فلم تستطع المقاومة



حتي خرت إلي الأرض



ثم شخُصت ببصرها إلي السماء



فتذكَّرت زيف التسامح والمحبة



التي كانوا يتشدقون بها في كنائسهم



تذكَّرت زيف الباطل



وبدأت أنفاسها تتلاحق



وهي تحمد ربها أنها قُتلت بيد كافر



وهي تحمد ربها أنها قُتلت وهي علي الاسلام



ثم خفت صوتها



وسكنت جوارحها



وشخُصت عيناها



وصعدت روحها إلي مولاها



وصعدت معها روح ولدها



فهؤلاء لم يرحموا أحداً



صعدت روحها



تشكي إليه ظلم الظالمين



والصمت المريب الذي لحق بالمسلمين وغير المسلمين



إلا من رحم الله



ومنذ هذه اللحظة



ودمها النازف ينسكب من قلوبنا



أتذكرها وهي متلطخة بدمها



ومتوشحة بأكفانها



مسجَّاة علي سريرها







بأي ذنب قُتلت ؟؟



أين من ينصرها ؟



أين دعاة حقوق الإنسان ؟



أين الإعلام الهادف ؟



أين البرامج التي انتفضت لقطع أذن ؟



أين البرامج التي ثارت من أجل غزوة وهمية ؟



أين البرامج التي هاجت من أجل الموتى ؟



أين المصري اليوم والشروق ؟



أين العاشرة مساءاً والقاهرة اليوم ؟



أين دعاة الليبرالية والحرية ؟



أين الذين صدعونا بحرية العقيدة ؟



أين منظمات المجتمع المدني ؟



أين نقابة الصحفيين والمحامين ؟



أين مفتي مصر وشيخ أزهرها ؟



أين المجلس العسكري ؟



أين رئيس الوزراء ؟



أين يحي الجمل الذي قال عن كبيرهم :



علاقتي بقداسة البابا شنودة الثالث قديمة وعميقة،



قد لا يصدق كثيرون أنني وأنا المسلم أجد راحة كثيرة



عندما أجلس إليه،



وأشكو إليه بعض همي،



وأطلب منه الدعوات



وأحس أن كلماته ودعواته تتسرب إلى قلبي في يسر عجيب !!



ألا تسأله كيف تسللت خناجر الحقد



إلي قلب سلوي عادل في يسر عجيب ؟؟



هلَّا شكوت إليه همَّ هذه الأسرة المسكينة



وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد



حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم جميعاً



ولكن أذكركم :



كما سقط مبارك وحاشيته ذليلا صاغراً



سيسقط شنودة والجمل وساويرس



سيسقط الجلاد وحمودة وعيسي



سيسقط أديب ومني وخرسا



ستسقط كل الأقنعة



أقنعة الزيف والبهتان



أقنعة الإعلام المحايد !



أقنعة الإعلام الهادف !



أقنعة الحرية والمساواة !



وإن غداً لناظره قريب

الخميس، 28 أبريل 2011

العلويّون من الشيخ الى الجنرال الى الدكتور..

العلويّون من الشيخ الى الجنرال الى الدكتور..



عـهـد فـاضـل* | 28-04-2011 00:09

إذا كان ارتباط العلويين، كغيرهم، بسلطة الشيخ، في حس انتماء واحتماء تاريخيين، لهما سياقهما المعروف، فإن بروز شخصية الجنرال كوارث إيديولوجي لسلطة الشيخ عليهم، أخذت منحى جوهريا متصاعدا أبدلت السماوي بالأرضي، والمقدس بالمدنس والإلهي بالبشري. هذا سهّل عليهم قبول العزم السلطوي بأكثر قدراته بطشاً وسيطرة واحتكارا لوجودهم. فقد بات الجنرال هو الحامل الفيزيائي لقوة الشيخ وهو المعبّر غير المباشر عن الصلاحيات المفتوحة واللامنظورة لرجل الدين.

عندما كان العلوي يرزح تحت سلطة الجنرال، كان يمرر عباءة الشيخ فوق البزة العسكرية. والنجوم والنسور التي تعطي للكتفين صفة ودرجة الجنرال هي ذاتها البرزخ الذي يعبره المريد ليحقق الكفاءة الأعلى والدرجة السامية. ظن العلوي بأن أمن الجنرال استمرارٌ لأمن الشيخ، وأن عباءة الأخير تم حل خيوطها ونسج البزة الدالة للجنرال. عندما كان الضابط العلوي يتعامل بقسوة مفرطة مع العساكر في خدمتهم الإلزامية فيندر أن يثور واحد منهم أو يرد أو يدافع عن نفسه. فالجنرال المتوّج بالنجوم والنسور يمتزج بالشيخ حامل العصا طويل الذقن أو قصيرها. رزح العلوي التائه قرابة نصف قرن تحت مزيج الكلاشنكوف وقدس الأقداس. وشتائم الجنرال هي هي نصائح الشيخ وحكمته.

ضوابط الخدمة العسكرية وأدبياتها تتقاطع، في الصميم، مع آليات التأديب الديني عند العلوي التائه. فالجنرال سلطة يجب السمع والطاعة لها. والشيخ كذلك. وللجنرال درجة والشيخ كذلك. الجنرال محروس بعقيدة الجيش والدفاع عن الوطن، والشيخ محروس بقوة المقدس التي منحته مهمة التأديب السماوي. تحية للجنرال مثلها تقبيل يد الشيخ. نفذ ثم اعترض في الجيش هي هي لا تجادل في صميم المقدس. هكذا أصبح الجنرال سلطتين وقوتين ومستويين يتحرك بينهما العلوي التائه.

أصبح أداء الجنرال أسوة حسنة، وفي أي شيء يفعله. حتى عندما في بداية الثمانينيات من القرن الماضي عندما كان الجنرال يخبئ تحت البزة العسكرية علب المالبورو وزجاجات البلاك ليبل من لبنان الى سورية عبر الخط العسكري، كان أسوة للمساكين التائهين الذين لايجدون مايأكلونه سوى ورق الجريدة الرسمية. وكان هذا الجنرال يحوّل علب المالبورو وزجاجات الويسكي المهربة من لبنان الى أوراق نقدية يشتري فيها بيتا أو قصرا أو فيلا، حسب درجته وتصنيفه، كان العلوي التائه ينظر الى الشنرال ( نتفق على الدمج في كلمة واحدة مابين اسم الشيخ واسم الجنرال: شنرال) نظرة إعجاب وإكبار كأسوة وكنموذج. وكان الشنرال يسكن القصر والعلوي التائه يحرسه، يحرسه فقط.

ولأن العلوي التائه قد تم تذويبه كقطعة قصدير في علبة معدّة لحراسة عباءة الجنرال وبزة الشيخ (العكس مقصود طبعاً) فقد نجح في فهم نفسه حارسا للمقدس المسلَّح، بات سرّيا وغامضا وكتوما، وهو مايتقاطع، أيضا وأيضا، مع التقية القادمة من أدبيات الشيخ (!) تحول بفعل مزيج التقية المقدسة والكتمان السياسي الى وعي معزول عن محيطه، لايعرف إلا موعد استيقاظ الجنرال من النوم وموعد ركوبه السيارة أو موعد ذهابه الى لبنان.

الشيخ، أيام الجبال، يُنادى بـ "السيد". والجنرال، ايام المدينة، يُنادى بـ "السيد". هناك سيدي. وهنا سيدي. هناك تقبيل اليد وهنا التحية العسكرية. إذن، كل شيء متاح لأن يدخل العلوي التائه في مدينة التذويب الإرادي للشخصية. أخذ السيد مالبورو لبنان وإسمنت سورية وسيارات قيادة الأركان. بينما العلوي التائه يزداد كتماناً وغموضا وتفككاً وجوعاً. ولأن الشنرال ضمن لعبة المزج مابين العباءة والبزة، فإن إصبع العلوي التائه لم تتزحزح لحظة واحدة عن الزناد. كل شيء جاهز لإطلاق النار.

يعود العلوي التائه الى القرية: ذقن طويلة على طريقة الميليشيا المسلحة وليس على طريقة الجيش النظامي. كان يرى في ذقن باسل الأسد، الابن الراحل للرئيس الراحل حافظ الأسد، أول من أسس للشنرالية (نذكّر بمزج الجنرال بالشيخ) كان أيضا يرى في ذقن باسل تذكيرا باطنيا بذقن الشيخ، فأصبحت عادة لدى العلوي التائه من نهاية الثمانينات في القرن الماضي أن يتم تطويل ذقن العسكري المميّز (المدعوم). كل ذقن طويلة لعسكري تعني أنه يتمكن من تهريب المالبورو من لبنان الى سوريا، وتعني أنه مفوّض بصلاحيات مفتوحة.

اكتملت عناصر المزج بين الجنرال والشيخ من السلطة الى الرتبة الى الذقن، والأجواء معدة تقريبا للدخول الى منطقة الحظر. فهناك أجزاء لم تكتمل بعد لإتمام عملية التطابق. فبعد هذا الابتلاع الجنرالي للشيخ، يجب أن يأتي الشنرال حاملا لصفات القداسة والتجسيد. لايمكن أن يتم النموذج بدون أن يحمل الشنرال الصفة الصوفية للتجسد، ذلك الذي له حساسية خاصة عند العلوي التائه الذي صُمِّم لتقبّل التجسد كطريقة مثلى للإيمان بالمقدس. وأي تجسّد أكمل من تجسد قوة المطلق في شخص الشنرال!

هنا، أصبح الشنرال، وفي شكل رسمي، تجسداً إلهيا يفهمه العلوي التائه جيدا. و لهذا لازالت أدبيات التحدث عن الشنرال المؤسس حافظ الأسد تتحدث عنه بصفته خالداً، ويُقال عنه حرفيا: الرئيس الخالد! وعلى الرغم مما لدى هذه الصفة المقدسة من حساسية مفرطة عند السُّنّي، كونها تعطي إسم الله للمخلوق، فإن العلوي التائه لم يرف له جفن باستخدامها. ذلك أن اسم الخلود الإلهي الممنوح للمخلوق الأسد، هو نفسه آلية التجسيد الديني في محفوظات العلوي التائه.

رغم أن منح إسم الخلود يكفي لإتمام عملية المزج الجنرالي الشيخي، ويمنحها اكتمالا مذهبيا صافيا، إلا أن الأمر لا يزال يحتاج الى حجر واحد لتتم عملية البناء: الغياب. قوة الغائب تأكيد على مطلق الحاضر، أو من كان حاضرا بالأمس. فصور الشنرال المؤسس الأب لاتزال الى جانب الشنرال الابن، وفي هذا دلالة الى زمن الغيبة وقوة حضور اللامرئيين. مع تعليق صورة الشنرال المؤسس اكتملت كل عناصر تذويب العلوي التائه وتحوله الى قصدير مذهبي تم تذويبه بعناية فائقة.

من الشنرال الى الدكتور

بعد اكتمال عناصر التأديب الإلهي ومنح صفة التجسد على الشنرال المؤسس، لم يعد من الممكن قبول التجسد بصفته فعلا عسكريا صافيا أو وحيدا. فلهذا جاء الوارث مضافا اليه صفة حساسة أيضا عند العلوي التائه وهي الطبيب أو الحكمة وتحديدا طبابة العين التي ترتبط رأسيا بمؤسس المذهب أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي، فقد كان الآخر طبيبا وحقق اشتهارا بسبب هذه المهنة حتى إنه أقنع ملك الديلم بالانضمام الى مذهبه كونه شفاه وخلصه من مرضه. لهذا جمع له كتاباً سمّاها "الرأسباشية" تيمنا باسم ملك الديلم راسباش. ويعرف هذا الكتاب عند العلوي التائه باسم "مصحف التوحيد".

مع الشنرال الطبيب اكتملت حكاية العلوي التائه. يستطيع أن يرويها لنفسه ولأبنائه. ويستطيع من خلالها أن يذوّب قصدير الذات. فـ "الشركال" (مزيج ثلاثي للشيخ والجنرال والدكتور) يتمتع الآن بصلاحيات الخالد نفسه ويمارسها بحرية وشفافية مطلقة. الشنرال المؤسس خسف بحماه وحلب في ثمانينيات القرن الماضي، والشركال الإبن يخسف الآن في درعا واللاذقية ودمشق وادلب. وفي الحالين كان العلوي التائه يبحث عن فرصة لتقبيل يد الشيخ وتحية الجنرال وتعظيم الطبيب. لم تخرج مظاهرة علوية الى الآن تبرؤا من الشركال، فالشركال هو الخصيبي وهو الجنرال وهو الشيخ. لاقوة اجتماعية مذهبية في العالم يمكن لها أن تقاوم هذه المقدسات المجتمعة في عائلة الأسد من الشنرال الى الشركال. الشركاليون يجوبون سوريا الآن بحثا عن أعداء معبد الأسد، سيدمرون معابد الشمس ومعابد اخناتون انتصارا لمعابد القرداحة. والسّنّي الذي يُقتَل الآن في درعا وجبلة ودمشق هو عدو المعبد وخصم للشركالية وهو خطر على التجسد المتسلسل من الشيخ الى الجنرال الى الدكتور. لم تخرج مظاهرة علوية الى الآن تبرؤا من آل الأسد. والسبب واضح ببساطة: العلوي التائه يقيم في الكلاشنكوف وينظر الى زجاجات الويسكي المهربة من لبنان على أنها الهبة الإلهية التي كافأتِ السيد، كافأت الشيخ، كافأتِ الجنرال، منحت التجسد الإلهي للشركال. لايعرف العلوي التائه أن كل قطرة دم تسقط في درعا ستحوّل زجاجات الويسكي المهربة من لبنان الى علب دم بريء لن يبرئه أحدٌ منه. لا يعرف العلوي التائه الآن أن الشركال والشنرال سيذهبان في إجازة مفتوحة، بينما سيبقى هو وحده ينظر الى حذاء السيد كأفق لانهائي للقصدير الذائب.

لن يأتي الشركال ليدافع عنه، لايدافع سيدٌ عن عبده في اية ثقافة. وسيصحو العلوي التائه بعد تجرعه لكل زجاجات الويسكي على حقيقة ستدمّر له الهيكل الذي أسسه منذ نصف قرن: سيرى ممنوح القداسة عاجزاً، والمتجسّدَ رخواً، ومطق الصلاحية قزما يفتش عن مغارة في تلك الجبال التي لطالما حرست آخرين قبله. سيرى الشركال وحيدا ضعيفا جبانا قد يضحي بكل مريديه ليبقى هو على قيد الحياة.

•كاتب وصحافي سوري.

أنا قلت ما نِخْتِلفش!؟

أنا قلت ما نِخْتِلفش!؟



عبد السلام البسيوني | 25-04-2011 00:48

لم أقلها والله، بل أعتقد أن الاختلاف ضرورة، وأن بالاختلاف ينمو الدين و(يواكِب)، وأن الحضارة قامت على الاختلاف، وأن الإبداع لا ينمو إلا بالاختلاف، والعلم لا يحلق إلا بالاختلاف، وأن الله تعالى وحده هو الفرد الأحد، ولم يخلق في الكون واحدًا فردًا، بل كل شيء أزواج وأشباه، لا متطابقات متساويات! حتى إنه تعالى جعل من آياته الدالة على أحديته وعظمته: اختلاف ألسنتنا وألواننا، واختلاف بصمات أجزائنا، واختلاف مشاربنا وأهوائنا، واختلاف طبائعنا وأمزجتنا، لتتم عمارة الأرض، وتقوم سنة التدافع، ويهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة!

تخيل الكون بدون هذا التنوع المعجز، والاختلاف الباهر! تخيل ملامح وجوهنا وقد تطابقت، وعقولنا وقد استوت، وأحجامنا وقد خرجت من (فورمة واحدة) فكيف ستكون الحياة ونكون!؟ ألن تكون غبية رتيبة مملة، ألن نكون أشبه بالروبوتات والكائنات الإلكترونية السخيفة التي تزحم عيوننا في أفلام الإثارة؟

تخيل النساء وقد صرن جميعًا نسخة واحدة متطابقة – حتى ولو كن على هيئة أجمل الجميلات - فليس منهن من يميزها أنف أسيل، أو شعر رسيل، أو طرف كحيل، أو قد مائل مميل، أو أنوثة فائحة! هل سيكُنّ نساءً أم (بلوى مسيَّحة)!؟

تخيل الفاكهة وقد صارت كلها عنبًا (بس) أو مانجة فقط، أو بطيخًا أونلي، أو جوافة نُتْ مور! هل ستكون فاكهة، أو جديرة بأن تسمى!

تخيل الشجر والزهر لونًا واحدًا ونوعًا واحدًا، ليس فيه أحمر وأصفر، ولا أزرق وأخضر، ولا بنفسج وورد، ولا خزامى وفل، ولا أوركيد وياسمين! فقط نوع واحد: هل سنظل به متعلقين؟!

تخيل الحضارة دون قلم وورقة، دون كتاب وديوان، دون كمبيوتر وفضائية، دون ملعب ومعمل! هل ستكون حضارة، أو جديرة بأن تسمى!

تخيل الإسلام وليس فيه حنفية ومالكية، ومحدثون وفقهاء، وسلفية وصوفية، وأثريون وعقليون، وحركيون وإصلاحيون، تخيل عالمنا وقد زحمه لغويون لا يتكلمون بغير لغة: وناءَ بكلكلِ! أو متقعرون لا يستخدمون إلا منطق: أصقعت العتاريف! وتخيل شعرنا كله بلغة مقامات الحريري، فلم تكن موشحاتٌ ولا مقطعات، ولم يظهر المتنبي وأبو تمام، ولم يكن شوقي ولا البارودي، ولم يكتب نزار ولا مطر، ولم يلْحن نجم ولا إيمان بكري!

مش داهية بالله عليك أيها الكريم!؟

تعال نتفق قارئي حبيبي على أن الله تعالى جعل ما نتفق عليه أقل القليل، وأن أكثر الكثير محل اختلاف، لتعمر بنا الدنيا وتقوم الحضارة..

تعال نتفق قارئي حبيبي على أنه ليس ثم ما نتفق عليه إلا المعلوم من الدين بالضرورة – كما يقول الأصوليون والفقهاء – وأما الباقي فـ (لا بد أن نختلف فيه)!

(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك؛ ولذلك خلقهم) تصور! للاختلاف خلقهم، وللتدافع والصراع، والتنوع والإبداع!

حتى في المدرسة الواحدة، والمذهب الواحد، وتلاميذ الأستاذ الواحد يحصل الاختلاف الكبير، وأرجوك أثبت لي العكس.. منذ محمد صلى الله عليه وسلم حتى اليوم، وحتى ما شاء الله تعالى!

الغربيون (العفاريت) يعتبرون الاختلاف مزية، ويحرضون عليه، ويدعون له، ويرحبون به، ويسمونه (التعددية) فعندهم تعددية سياسية، وتعددية ثقافية، وتعددية فكرية، وتعددية دينية، وتعددية فنية، وتعدديات لا يحصيها إلا الله..

في الرسم وحده تجد الرومانتيكية والواقعية والواقعية الاشتراكية والطبيعية والدادائية والتجريدية والسريالية والتعبيرية والتكعيبية والانطباعية والرمزية والوحشية، وغيرها.. ولكل وجهة هو موليها، وفلسفة يترسمها، وغايات يتوخاها، وله إبداعاته، وله مفتونوه، أعجبني ذلك أم لم يعجبني، وأعجب حضرتك أم لم يعجبك!

أما نحن فموحدون (بالمعنى السلبي طبعًا) ولا نريد غير ذلك:

الرئيس في عالمنا العربي واحد (للأبد) - حتى لو ثبت أنه لص، أو عميل، أو جاهل، أو ميت الدماغ، أو معدوم الضمير - بسبب ضرباته الأرضية والجوية، وإنجازاته المضرية، وعطاءاته العنترية، وكأنه ترأّس ليأخذ لا ليعطي، ولينام لا لينجز، وليخلد لا ليموت، وليحصي أنفاسنا شريكًا للكرام الكاتبين!

وحزبنا واحد لا شريك له، وهو دائمًا حزب الشرفاء الأحرار، وسواه أحزاب الخيانة والعمالة، والرجعية، والإمبريالية، والتآمر والانقضاض على المكتسبات الحزنية! حتى لو نشّف البلد، وجفف المنابع، وهيَّف الناس، وكبس على الأنفاس!

وحركاتنا الدينية أيضًا مستبدة – أقولها ولو كره الإسلاميون - تعشق أن تكون وحدها بارزة مائزة، وأن يكون رأيها فذًّا لا معقب له، ولا مخالفة له، كأن أشباه العلماء فيها معصومون، رأيهم الرأي ومشورتهم المشورة، وكأن مخالفتهم جريمة وافتئات ونشوز!

ويعشق منتسبوها رموزها أحيانًا لحد التوثين، فهناك من يعتقد أن عطسة الشيخ فلان إبداع مرموق، وكُحة العلامة علان اجتهاد فائق غير مسبوق، وأن مخالفة المجتهد ترتان مروق!

وإبداعنا – كذلك - ينبغي أن يكون على مدرسة واحدة هي الحاكمة السائدة:

فإذا كان القابضون على مقاليد الإعلام حمرًا فاقعين يسوؤون الناظرين، وجب أن يكون الإبداع مَريدًا جحودًا ملحدًا وابن ملحد!

وإذا كان (حداسيًّا) وجب أن يكون تائها مسطولاً مخدرًا ضبابيًّا لا يفهمه حتى كاتبه! ويكون غيره من أشكال الإبداع رجعية وظلامية وسلفية ونكوصًا وانحرافًا وضلالا!

وإذا كان (إبداعًا) دينيًّا وجب أن يكون خطبة منبرية منظومة بلغة مملة، أو مكتوبًا بطريقة مخلة، أو تمثيلاً (يفطّس م الضحك)! وعزّ فيه الإبداع التقني، والتجسيد الدرامي، والتشكيل الفني، والتهويم الشاعري! وعلى هذا فانسج أيها الحبيب!

هذه النظرة (تشل) النهوض، بكل ما تعنيه كلمة الشلل! تشل الحياة، وتشل الإبداع، وتشل الدين، وتشل التغيير، وتشل الحضارة، والله تعالى سيسألنا عنها!

الاختلاف يا سيدي نعمة قدرها غيرنا، وحُرِمناها وربما حرّمناها، وهذا الخطأ عينه!

فلا بد من الاختلاف؛ على أن يكون رشيدًا مرشدًا، وجيهًا موجهًا، خالصًا ومخْلصًا، مضيفًا ومكملاً، غير عنيف، ولا رافض، ولا مستحوذٍ، ولا مُقْصٍ، ولا أناني غبي!

الاختلاف الذي يزيد ولا ينقص، ويعطف ولا يعنُف، ويحبب ولا يبغِّض، ويبر ولا يعق!

الاختلاف الذي لا يسب السابق ولا يحقر اللاحق، ولا يرى نفسه (جاب الديب من ديله) يحكون أن أبا العلاء العبقري أحس أنه فلتة، وأن لا أحد مثله، فتمطى، وقال متباهيًا:

وإني وإن كنت الأخيرَ زمانُهُ .......... لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل!

فقال له غلام شكس: يا عمووووو، عمو أبو العلاء: الألفباء تمانْية وعشرين حرف، ممكن تزود عليها حرف واحد بس؟ ممكن عموووو؟ فخجل عمو واعترف أن الصبي غلبه!

نريد الخلاف الذي يرفض المقولة الغبية: ما ترك الأول للآخر شيئًا، ويرفض أكذوبة عنترة: هل غادر الشعراء من متردم.. فقد غادر الشعراء الكثير الكثير، وترك الأول للآخر ما يعجز عنه الحصر..

دعونا نختلف دون تشاتم، وتعالم، دون إقصاء وحجر، دون أنانية وبخل، دون تحريض واستعداء؛ كما فعل عمو المفتي الكبير اللي رايح واشنطن بوست ليستعدي العم السامّ على أهل الإسلام! شنشةَ أخزمَ القديمة!

الله ينتقم من كل مجرم جائر أعمى البصيرة!

----------------

قال لزوجه: اسكتي وقال لابنه: انكتم/ صوتكما يجعلني مشوش التفكير!

لا تنبسا بكلمةٍ/ أريد أن أكتب عن حرية التعبير !

albasuni@hotmail.com

(أَلا لَهُ الخَلقُ والأمرُ تبارَكَ اللهُ أحسنُ الخَالِقين)

(أَلا لَهُ الخَلقُ والأمرُ تبارَكَ اللهُ أحسنُ الخَالِقين)

20-جماد أول-1432هـ 23-إبريل-2011



كتبه/ محمد رجب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فإن الله -تعالى- لمَّا أرسل نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، أرسله على حين فترة مِن الرسل، أرسله وقت ظلمة عمت الأرض بأهلها، واستحقت مِن الله -تعالى- غضبه وسخطه، لكنَّ الله -عز وجل- برحمته بعباده أرسل النبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين، فقام نبي الله -صلى الله عليه وسلم- خير قيام، ودعا خير دعوة، واستن بهدي كلِّ مَن جاء قبله مِن إخوانه الأنبياء والمرسلين.

قام النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يدعو قومه ويذكرهم، قام وحده في بادية واسعة، في صحراء شاسعة لا يجد فيها سندًا ولامعينًا، بل يجد العرب أجمعهم، وقريشًا خاصة يعارضونه، بل ويحاربونه!

وجد أنواعًا مِن التنكيل والتعذيب، ما مِن شأنه الصد عن سبيل تلك الدعوة المباركة، لكنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استند إلى الله ربِّ العالمين، وتوكل على الحي الذي لا يموت، وفوَّض أمره إليه -سبحانه-.

وجاءه كفار قومه بعد ما رأوا نجاح تلك الدعوة شيئًا فشيئًا، جاءوه يفاوضونه، يحاولون أن يصلوا إلى مهادنته، لكنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أعلنها لهم، وأعلنها لكل مَن جاء مِن بعدهم، ووضعها علمًا في طريق تلك الدعوة المباركة: (مَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَدَعَ لَكُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً) -يَعْنِي: الشَمْس-. (رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو يعلى في مسنده، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، وحسنه الألباني). هكذا أعلنها النبي إعلانًا خالدًا، إعلانًا باقيًا، علمًا في طريق الاستنان بهديه: (مَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَدَعَ لَكُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً).

النبي -صلى الله عليه وسلم- علَّمَ النَّاس مراد ربِّ النَّاس، ودعا إلى الإسلام الذي ارتضاه الله -تعالى- لنا دينًا، دعا إلى شريعة تحكم النَّاس في جميع شئونهم، لا الشمس ولا القمر، ولا الدنيا بما فيها تعدل شرف تلك الشريعة، تعدل شرف الانتساب إلى الدعوة إليها، لا يعدل شيء في تلك الدنيا أمرًا مِن أوامر الله -تعالى- في دينه وشرعه، كلُّ أمر مِن أوامر الله -عز وجل- له شرف في نفسه، منفعة في ذاته، لهو منجاة بيْن يدي الله -عز وجل- يوم يقوم النَّاس لربِّ العالمين؛ علِم ذلك رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وعلَّم ذلك كل النّاس، وأعلنها صريحة واضحة في غير خفاء: "هذا دين الله -تعالى-".

فما هو دين الله -تعالى- هذا الذي أعلن به محمد -صلى الله عليه وسلم-، وقام سنين طِوالاً يدعو النَّاس إليه، ويُربي أصحابه عليه؟! فإذا به فيمن خلَفه ينحصر، يضيق، يتشتت في أذهان هؤلاء المتدينين به، هؤلاء المؤمنين المسلمين، هؤلاء الذّين انتسبوا إلى دين ربِّ العالمين، شريعة الله -تعالى-، إلى الإسلام.

فما هو الإسلام الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-؟ هل هو ذلك الإسلام المقصور المحصور بيْن جدران مسجد أو زاوية، أو ربما بين جدران جامع كبير؟!

هل هو ذلك الإسلام المقصور المحصور على تلاوة للقرآن أو على ذِكر واستغفار؟! على تهليلات أو تكبيرات في صلاة العيد؟!

هل ذلك الإسلام الذي دعا إليه محمد -صلى الله عليه وسلم-.. هل هو محصور مقصور في عقائد المسلمين؟! في قلوب المؤمنين؟! هل هو محصور مقصور في سرادقات تقام، أو مناسبات يُدعى إليها؟

هذا شيء مما دعا إليه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قام داعيًا، وربَّى رِجالاً، وأقام دولة، وجاهد بجيش، فقُتِلَ مَن قُتِلَ، ورفع اللهُ مَن رفع، وأذل اللهُ من أذل؛ لأجل كلمة الإسلام، لأجل ذلك الدِّين.

فهذا دين عظيم، هذا مراد الله -تعالى- من عباده، إن ذلك الدِّين لَيُبين للنَّاس ما يريد الله منهم، اللهُ -تعالى- الذّي خلقهم، فهو يملكهم فـ (لَهُ الخَلقُ والأمرُ تبارَكَ اللهُ أحسنُ الخَالِقين) (الأعراف:54).

ذلك الدِّين الذي دعا إليه محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-، لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا بنى مسجده في مدينته -التي نُوِّرَت به -صلى الله عليه وسلم- لم يكن أبدًا يريد أن يَقصِر ذلك الدِّين داخل جدران ذلك المسجد المبارك -ولو كان مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما أراد ذلك!

وإنما أراد أن يشع نوره في كل فرع مِن فروعه، في كل أمر من أموره، في كل أمر من أوامر الله -تعالى-، أن يشع مِن المسجد، أن يشع مِن تلاوة القرآن، أن يشع من الصيام والقيام، أن يشع من الأذكار والاستغفار، أن يشع مِن تهليلات وتكبيرات العيد، أن يشع نوره على الأرض جميعًا؛ ليعم خيره البشرية جميعًا، فهذا تصديق قول الله -تعالى- لمحمد -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).

فلا تقصروها ولا تحصروها؛ فتلك رحمة واسعة عامة تشمل كلَّ النَّاس، فمن قَبِلَها؛ فله القبول والرضا، ومن أبَى؛ فلا يلومنَّ إلا نفسه؛ ولكن تبقى تلك الشريعة المحمدية شريعةً عامةً شاملة، لا تشمل النَّاس بأجناسهم فحسب، وإنما تشمل النَّاس في أفرادهم، كلُّ فرد في كلِّ شأن مِن شئونه لله -تعالى- عليه فيه طاعة، لله -تعالى- عليه فيه تكليف، لا يخرج أمر مِن أمور النَّاس في جموعهم، ولا في أفراد النَّاس في شخوصهم مِن أمر الله -تعالى-، وشرعه ودينه، فهذا شرع الله (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (غافر:64).

فالذي له الخلق هو الذي له الأمر، والذي يملك الخلق هو الذِّي يملك الأمر، يملك النهي، يملك التشريع، يملك الحكم: (لَهُ الحُكمُ وإِليهِ تُرجعون) (القصص:88)، فمن رضي بالله خالقًا، لابد أن يرضى بدين الله -تعالى- شرعة ومنهاجًا. رضينا بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً.

عباد الله: هذا دين الله -تعالى- الذي ربى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عليه الصحابة -رضي الله عنهم-، فخرج إلى العالم جيل يكاد يتشكل أمام النَّاس مِن "لا إله إلا الله"، ترى فيهم ما تسمع منهم، تكاد تتجسد فيهم أوامر ربهم؛ كان ذلك المجتمع خير مجتمع سار على تلك الأرض، كما كان نبيهم وإمامهم -صلى الله عليه وسلم- خير خلق الله -تعالى-، كذلك كان الصحابة -رضي الله عنهم-!

ما ذلك الجيل العجيب.. ؟! إنه جيل تحقق فيه مفهوم الدِّين بشموله، تحقق فيه مفهوم الإسلام بعمومه، فلم يترك شأنًا مِن شئون هؤلاء الرجال إلا وقد حكمه دين الله -تعالى-؛ فلما كان الأمر كذلك ظهر ذلك الجيل الذي حٌقَّ له أن يحمل بناء الدعوة؛ فإن دعوة الإسلام لم تحملها جدران المساجد فحسب، وإنما حملتها أعناق هؤلاء الرجال، هؤلاء الرجال حقاً بنص الله -تعالى-: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) (الأحزاب:23).

هؤلاء الرجال الذين صَحِبوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على أوامر الله، على دين الله، كانوا يرجعون إليه في مكةَ والمدينة، في كلِّ شأنٍ مِن شئونهم، ألا تراهم حينما أشار عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في تأبير نخلة، وهو أمر مِن أمور الدنيا، شأن من شئونهم، قد يكون الواحد فيهم بتجربته واشتغاله أكثر خبرة مِن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، لكنّهم ما ردوا على النبي -صلى الله عليه وسلم- مشورته، بل أخذوا تلك الكلمة على أنها أمر مِن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعملوا به، ولم يراجعوه.. مع كونهم يعرفون أن الأفضل لزرعهم خلاف ما قال نبيهم -صلى الله عليه وسلم-!

أخذوا كلمات النبي -صلى الله عليه وسلم- دون معارضة، بل دون مراجعة، دون انتقاء تلك المِصفاة التي منها يُغربل ذلك الدِّين، فيُؤمن ببعض الكتاب ويُكفر ببعض، لم تكن لديهم تلك المِصفاة التي تقول: "أعط ما لله لله، وأعط ما لقيصر لقيصر"! بل إن الأمر كلَّه لله.

فقبل الصحابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كلَّ توجيه، كلَّ لَفتة، كلَّ سكنة، هكذا كانوا ينظرون إليه؛ لأنهم كانوا يعلمون أنه -صلى الله عليه وسلم- الذي يبيِّن لهم مراد الله -تعالى- منهم، في كلِّ حركة، في كلِّ كلمة، في كلِّ سكتة، في كلِّ لحظة، في كلِّ إشارة، فإنك تجد في هديه فيما رواه عنه الصحابة -رضي الله عنهم-، تجد كلَّ ذلك يرويه الصحابة عنه، يعتبرونه دينًا، فإذا سكت: كان السكوت دينًا، وإذا تكلم: كان الكلام دينًا، وإذا نظر: كانت النظرة دينًا، وإذا نام: كان النوم دينًا!

هكذا تربى رجال حول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهكذا أُقيم دين الله -تعالى-، وهكذا تحمَّل الصحابة -الجيل الأول- ذلك الدِّين، تحمَّلوا وفَهِموا الإسلام، فبلغوه لمن وراءهم؛ ولذلك عُمِّرت البلاد، وفُتِّحت قلوب العباد، على أيدي هؤلاء الرجال.

عباد الله: عندما تربى الصحابة على تلك الشريعة رأينا فيهم أبعاد ذلك الدِّين واضحة في تصرفاتهم، إن هذا الدِّين لم يحكم مِن الصحابة ظواهرهم فحسب، ولا ما جرت به عادتهم فحسب، وإنما حكم ذلك الدِّين كلَّ شأن مِن شئونهم، حكم بواطنهم وقلوبهم، ما لايطلع عليه إلا الله -تعالى-، الذي يعلم السر وأخفى، فلمَّا علموا أنه يعلم السر وأخفى؛ راقبوا الله في سرهم وما كان أخفى.

رأينا ذلك الشرع.. يحكم مِن الصحابة الانفعالات، يحكم أحوال الاستثناءات، يحكم المشاعر، يحكم الغضبة، يحكم الفرحة.. يحكم كلَّ حال مِن شأنها أن تخرج العبد عن عادته وما جرى عليه، بل لا يستطيع قانون ولا دستور ولا رأي مِن البشر، أن يراقب تلك الأحوال التي قد يَحصُل فيها ما لا يعاتب فضلاً عن أن يعاقب عليه ذلك الإنسان!

لكن دين الله وشرعه الذي تربى عليه صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حكم ذلك كلَّه، قضى على ذلك كلِّه، فتربى هؤلاء الرجال ورأينا منهم ما لا يوجد في تاريخ الإنسانية مثله، ذلك بأن حكمهم أمر الله -تعالى- وحده، لا دستور، ولا قانون، ولا فلسفة، ولا فكر، ولا نظر، مِن نتاج عقول النَّاس وأهواء البشر، ذلك بأن الله -تعالى- هو ربُّ النَّاس وخالقهم، فتبارك الله أحسن الخالقين.

هذا خُبيب بن عَدي رضي الله عنه، وقد خرج في طائفة مِن الصحابة -رضي الله عنهم-، أرسلهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عينًا، فاجتمع عليهم بعض النَّاس مِن المشركين في أحداث انتهت بأسر خُبيب وزيد بن الدَّثِنة -رضي الله عن صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-، بعد ما قُتِل مَن قُتِل، فسار المشركون بخُبيب، وباعوه في مكةَ إلى أبناء الحارث بن عمرو، وكان خُبيب قد قتل الحارث يوم بدر، فباعوه إليهم؛ ليقتلوه، فحبسوه في الدار حتى تنقضي الأشهر الحرم، فلمَّا أَذِنَ وقت قتله، استعار خُبيب من ابنة للحارث موسى؛ ليستحدَّ به، فأعطته ذلك الموسى، فإذا ببُنيٍ -صبيٍ- لها، درج حتى وصل دون أن تدري إلى خُبيب، فنظرت إلى خُبيب فرأته مُجلسَ البُنيَّ على حجره، قالت: ففزعتُ فزعةً عرفها مني خُبيب.

فقال لها: أتخشينَ أن أقتله؟! "هذه عادة النَّاس، هذا ما جرى عليه النَّاس، ولا حرج في ذلك يا خُبيب، فأنت مأسور ظلمًا، ومحبوس هضمًا، أنت في حرب مع هؤلاء المشركين، وفي مثل تلك الأحوال قد تبرر الغايةُ الوسيلةَ، مقتولٌ مقتولٌ، فلِمَ لا ينجو بذلك بنفسه؟!".

"أتخشينَ أن أقتله؟!". فيجيبها خُبيبٌ، ويضع الإجابة علَمًا على ذلك الدِّين، ويضع الإجابة رايةً ترفرف على ذلك الجيل، وتعلن أنه تربية محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، على دين الله، الذِّي لا يمكن أبدًا أن يُنتج غيره، ذلك الَّذِي قد حصل. "أتخشينَ أن أقتله؟! لم أكن لأفعل ذلك"! فقط "لم أكن لأفعل ذلك"!

لماذا لم تكن لتفعل ذلك يا خُبيب؟!

لأنه واحد مِن الذين تربَوا على مائدة محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الغاية عنده لا تبرر كلَّ وسيلة، لأنه تخلَّق بأخلاق ذلك الدِّين، لأن الدِّين يحكم منه كلَّ أمره، حتى الباطن، حتى الانفعالات، حتى أحوال الاستثناءات، دين الله يقضي، حاكم، غالب، ليس بمقضي عليه، ولا محكوم، ولا مغلوب.

أسامة بن زيد يخرج في غزوة، فإذا برجل مِن المشركين يُعمِلُ سيفه في المسلمين ويُؤذيهم، فيَعمَدُ إليه أسامة مع رجل من الأنصار، فأولَ ما تمكَّنوا منه، قال الرجل: لا إله إلا الله، فامتنع الأنصاري، فإذا بسيف أسامة يهوي على الرجل فيقتله، فيستشعر أسامة في نفسه شيئًا، فيرجع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسأله، فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟!) قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا. فَقَالَ له -صلى الله عليه وسلم- "وأسامة هو حِبُه ابن حِبِه -رضي الله عنهم أجمعين-": (أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟!) قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. (رواه البخاري ومسلم).

تربية على منهج الله -تعالى-؛ أتظن أن الله -تعالى- يريد قتل الإنسان فحسب؟!

أتظن أن مَن غاية الدِّين أن يُقتل النَّاس؟! أن يُقتل المشركون؟! لا والله، بل الغاية الأولى أن يُهدَى هؤلاء إلى دين الله -عز وجل-.

هذا الانفعال الذي كان مِن أسامة هو الذي عَجِبَ منه المقداد بن عمرو، ذلك البطل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه فيقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنْ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تَقْتُلْهُ). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ قَطَعَ يَدِي، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا أَفَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ) (رواه مسلم).

ليس هكذا، ليس الأمر كما ترى، ليس الأمر كما يتربى النَّاس على الثأر، على الانفعال، على الغضبة، بل كلُّ ذلك محكوم بأمر الله، في دين الله.

يقول له -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ)!

ما هذا.. ؟! ما ذلك الدِّين الذي لا يسعى إلى تصفية حسابات مع الأعداء؟! الذي لا يسعى إلى شحن الثأر في نفوس أتباعه، ما هذا الدِّين الذي يحكم كلَّ شيء منهم؟! غضبتهم، انفعالاتهم، حماستهم، عاطفتهم، يحكم كلَّ شأنهم.

هذا دين الله.. فإن أردتم عودة إلى مجد الدِّين والإسلام، إن أردتم عودة إلى أن يَحكُمَ المسلمون لا يُحكمون، إن أردتم عودة إلى ازدهارٍ، وإلى إثمارٍ، وفخرٍ، إن أردتم عودة فلتعودوا أولاً إلى الله، فلتعودوا أولاً إلى دين الله، فلتعودوا أولاً إلى تلك الشمولية، إلى ذلك العموم؛ كلُّ شأنكم في دين ربكم محكوم، كلُّ أمركم، كلُّ ظاهركم، كلُّ باطنكم، كلُّ شأن من شئونكم محكوم بأمر ربكم. (أَلا لَهُ الخَلقُ والأمرُ تبارَكَ اللهُ أحسنُ الخَالِقين).

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف

الأربعاء، 27 أبريل 2011

ديكتاتورية الإقصاء!

ديكتاتورية الإقصاء!



د. حلمي محمد القاعود | 27-04-2011 01:23

الأقلية العلمانية في بلادنا تحتكر القول الفصل في مصيرنا ومستقبلنا منذ ستين عاما ، وقد حققت هزائم لا تحصى جلبت علينا العار والشر والأذى ، فضلا عن التخلف والانحطاط الحضاري.

الأقلية العلمانية في بلادنا نجحت في إقصاء الإسلام عن التعليم والثقافة والإعلام ، وأفرخت نخبا من أصحاب المصالح الذين يدافعون عن العلمانية ، ليس عن عقيدة بقدر ما يدافعون عن مصالح ومنافع يفتقدونها ، لو كان للإسلام حضور ووجود في مؤسسات التربية والتوجيه..

بعد نجاح ثورة يناير لعب العلمانيون لعبة خطرة من خلال الرفض المقنع للديمقراطية ، وأشاعوا ويشيعون أن الإسلاميين لو وصلوا إلى الحكم سوف يقصفون رقاب الناس ويقطعون أيديهم ويحرمونهم من متع الدنيا ، ويحرّمون الديمقراطية . ثم إن العلمانيين يلحون أن العلمانية ( بإقصاء الإسلام طبعا) ستحقق لنا نحن المصريين التقدم والتطور الذي لم يتحقق على مدى ستين عاما وهم في موقع المسئولية.

وقد راح الإعلام الأمني الذي صنعه ضباط لاظوغلي وصفوت ولجنة السياسات يشن حملة تشهير فجة ضد الإسلام ؛ من خلال استغلال بعض الحوادث الفردية التي تحدث هنا وهناك ، مع اتهام بعض فصائل التيار الإسلامي بالعنف والدموية والجريمة المنظمة آخرها إحراق الأضرحة ، وحتى الآن لم نر متهما واحدا أمسكت به الشرطة ، وأعلن عن انتمائه للتيار السلفي أو غيره من التيارات ، ولكن السادة العلمانيين من خريجي مدرسة لاظوغلي ، يوجهون الاتهام بل يدينون التيار السلفي بل الإسلامي عموما ؛ بوصف المسألة لا تحتاج إلى تحقيق أو إثبات . مع أن أي مراقب مبتدئ يلاحظ طبيعة ما يجري يعلم أن الجهاز السري للإجرام الذي شكله جهاز أمن الدولة ويضم اللصوص وعتاة الإجرام والمسجلين خطر وبعض أفراد الأمن المنحرفين ، يقفون من وراء الحرائق وعمليات السلب والنهب ، وأحداث الزمالك والإفريقي ، فضلا عن إحراق الأضرحة وإطلاق الشائعات ضد النصارى وإلقاء مياه النار على وجه السافرات وغير ذلك من أحداث هدفها الأول والأخير ، التحسر على النظام القديم وتمني عودته ، ثم إتاحة المجال للأقلية العلمانية كي تتوسد زمام الأمور وتحكم بما تريد ، وتقصي تيارات الأغلبية الإسلامية عن الفكر والسياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم والمجتمع ، وهو ما يتناقض مع الديمقراطية ويكرس الديكتاتورية المريحة للأقلية ورموزها التي لا تملك قاعدة شعبية حقيقية .

ويبدو أن توابع عملية الاستفتاء على تعديلات الدستور لن تتوقف ، فالأقلية العلمانية – وهي موالية للنظام السابق وصنيعته بامتياز - تصر على أن تتصدر المشهد وحدها ، ولذا تعمل من خلال قنوات عديدة أبرزها قناة يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الحالي ؛ على إبطاء نقل السلطة إلى المدنيين ، وإثارة اللغط حول الانتخابات القادمة ورئاسة الجمهورية والجمعية التأسيسية من أجل الدستور الدائم ، مع طرح مشكلات ، وإثارة اعتراضات ، وشكوك حول ما يجري ، فضلا عن الإبقاء على الأبواق والوجوه التي صنعها العهد البائد ، وذلك للبحث عن وضع أفضل بالنسبة لهم، يتيح لهم التخلص من الديمقراطيين والمنافسين الأقوياء .

وفي السياق العام تطرح مقولات التفزيع المعتادة من وجود الإسلاميين بدءا من اتهامهم بمعاداة الديمقراطية ، أو إنهم حين يصلون إلى الحكم سيعلنون الديكتاتورية ، ولن يسمحوا بالتعددية ، أو وجود القوى الأخرى ، بل إن بعضهم لم يجد غضاضة في اختراع حكاية أن بعض الدول النفطية ستدفع مليارات الدولارات لبعض القوى كي لا تقوم الديمقراطية في مصر خوفا على نفسها ، من امتداد تيار الثورة إليها !

ناهيك عن مقولات أن الإسلام والإسلاميين ضد الديمقراطية ، وضد الدولة المدنية ، وضد الآخر ( من هو هذا الآخر ؟ ) .

المفارقة أن العدو الصهيوني يتيح الفرصة هناك لما يسمى الأحزاب الدينية لتلعب في الميدان السياسي بمنتهى الحرية ، وتشارك في صنع القرار الخاص بالمفاوضات وشن الحرب ، والتعامل مع الآخرين .

إن خريطة السياسة في الكيان الصهيوني ، تتسع لأشد التيارات الدينية اليهودية تشددا وتطرفا ، وأبرز الأحزاب الدينية هناك تشارك في الحكومات المتتابعة سواء ما كان منها يتبنى فرض الشريعة الدينية اليهودية على حياة المجتمع والدولة في الكيان الصهيوني أو يرفض وجود الدولة الصهيونية بناء على تفسيره الديني الخاص ..

فهناك حزب المفدال الذي تأسس سنة 56 من حزبي مزراحي وهبوعيل مزراحي وظل يحتكر منذ ذلك التاريخ ؛ حتى سنوات الثمانينات تمثيل التيار الديني الصهيوني في الحكومة ، وأصبح يحمل شعار أرض إسرائيل الكبرى، وفي عام 92 أصبح حزباً دينياً متطرفاً. وهو أول حزب دعا جهاراً إلي الترانسفير أو ما يعرف بالتهجير الطوعي للفلسطينيين ، وهو يطالب صراحة بضم الضفة الغربية إلي الكيان الصهيوني ، ويعتقد بأن رأيه يمثل تسعة من بين كل عشرة صهاينة.

وهناك حزب يهودا هتوراة ، ويرفض الصهيونية ويعارض قيام كيان سياسي يجسد تقرير المصير لليهود، ويرى أن أرض “إسرائيل” هي منفى حتى ظهور المسيح وقيام الدولة اليهودية ، ويكرر الحزب في أدبياته المختلفة أن التوراة وليست الدولة هي التي حافظت على شعب “إسرائيل” طوال الأجيال السابقة• و يتمسك الحزب بتطبيق الشريعة اليهودية من ناحية جوهرية 'تطبيق الشريعة الدينية للتوراة عملياً، ومظهرياً من حيث اللباس وإطلاق اللحى . وقد مثل الحزب على مدى سنوات طويلة في الحكومة بواسطة حركتين متنافستين تغذت أحداهما على حساب الأخرى هما أجودات إسرائيل وديجل هتوراة ( علم التوراة ) .

وهناك حركة شاس التي تعد 'الصهيونية حركة كافرة تسعى لخلق يهودية جديدة' وإن كان أرييه درعي زعيم الحركة قد قرر أن 'الصهيونيون الحقيقيون هم نحن'، ويحظى حزب شاس بمباركة الحاخام المتطرف عوفاديا يوسف ، ويسعى هذا الحزب لوضع الكيان وحياة المجتمع على أسس التوراة وتعاليم الشريعة اليهودية 'الهالاخاة' ويركز على القضايا الدينية والمصالح المادية التي تخص جمهوره وخدمة المؤسسات والهيئات التابعة له.

وهناك أحزاب أخرى هامشية منها : حزب ميماد الذي أنشئ قُبيل انتخابات 1988م، على يد الحاخام إيهود عميطال ، وقد فشل في دخول الكنيست في انتخابات 1988م و 1992م و 1996م، حتى تحالف مع إيهود باراك وحزب العمل وحركة جيشر تحت قائمة إسرائيل واحدة في انتخابات 1999م، وحصل حسب الاتفاق بين هذه الكتل الثلاث على مقعد واحد في الكنيست الحالية.

ويؤكد أن الأراضي المحتلة في 1967م مقدسة كبقية 'أرض إسرائيل' بما في ذلك الجولان.

هذه الأحزاب وغيرها تتحرك على أساس ديني صريح ، ولا تخافت به ، ولها جمهور يصوت لها في الانتخابات التشريعية ، ولها حقوق مماثلة للأحزاب الصهيونية الكبرى في فلسطين المحتلة ، ومع ذلك لم تتململ الحكومة من وجودها السياسي ، ولم تخجل من انتمائها الديني ، ولكنها تساوم بها العالم الخارجي لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية .

من المفارقات أن الأقلية العلمانية في بلادنا ، تتحالف مع الكنيسة التي لا تفرط في دينها وتقيم كيانا دينيا صريحا داخل مصر ، وفي الوقت ذاته ترفع فزاعة الإسلام لإخافة الشعب والمجتمع والمواطنين من الحركة الإسلامية ، وتصوير الإسلاميين بالوحوش ، والإلحاح على أن الإسلاميين لا يعرفون التحضر ولا السلوك الديمقراطي ، وأنهم لا يحترمون القانون ، ويقيمون الحدود على الناس بقطع الآذان والأنوف...

ولا ريب أن الاستفتاء الذي تم على التعديلات الدستورية ، قد فاجأ الأقلية العلمانية حين جذب الإسلاميين ، وأخرجهم إلى مجال المشاركة بكثافة لم تكن معهودة من قبل ، وأحبط خطة هذه الأقلية التي تحالفت مع الكنيسة لإبقاء الوضع السياسي على ما هو عليه بالتصويت ب"لا"، والحيلولة دون نقل السلطة من العسكريين إلى المدنيين ، ثم تحقيق الهدف الرخيص خلقيا وفكريا بإلغاء المادة الثانية من الدستور !

وفي كل الأحوال ، فإن إقصاء الأغلبية لصالح الأقلية العلمانية لن يستمر ، لأنه ضد التوافق ، وضد الديمقراطية ، وضد الأخلاق !

العلمانية لمن سألني عن معناها أحيله إلى أتاتورك في تركيا حيث طبق العلمانية بتعليق علماء الإسلام على المشانق في الميادين كالأراجيح، وحرم الإسلام على المسلمين ، ومنع اللغة العربية ، وغير الأبجدية ، وفرض على الأتراك لبس البرنيطة بدلا من العمامة .

إسلام الأخوة الثلاثة

إسلام الأخوة الثلاثة



الأخوة الثلاثة النصارى الذين منّ الله عليهم بالإسلام، وكنت بفضل الله سببًا فى ذلك، وكنت أنوي أن لا أنشرها حتى تكون لله فقط إلى أن أشار علىّ أحد أهل العلم بنشرها لما فيها من فوائد.

تبدأ أحداث هذه القصة بعد صلاة فجر أحد الأيام عندما كنا نصلي بالمسجد الجامع بمنطقتنا، وبعد أن صلينا كنت أقف مع أحد إخواني بجوار المسجد للاطمئنان على أخباره؛ حيث إنه كان مشغولاً الفترة التى قبل هذه القصة مباشرة، ولم أكن أراه إلا مرة واحدة فقط كل أسبوع.

وأثناء كلامي مع أخي هذا فوجئنا بشاب يقترب منا، ويسألنا عن أقرب عيادة لأحد الأطباء أو مستشفى، وكان ظاهرًا عليه علامات الإعياء والمرض الشديد، فعرفنا سريعًا أنه ليس من أهل الحي الذي نسكنه؛ لعدم معرفته بالأطباء الموجودين أو المستشفيات، وكان الوقت مبكرًا جدًا ( بعد صلاة الفجر )، وكان صديقي على موعد للسفر فودعته سريعًا، ثم اصطحبت السائل هذا إلى مستشفى صغير تسمى نهر الحياة، هى الوحيدة القريبة منا، والتى تعمل فى ذلك الوقت، وللعلم فإن هذه المستشفى يملكها النصارى، ويديرها النصارى، ولا يعمل بها إلا نصارى، وكانت هذه المستشفى تبعد عنا مسافة واحد كيلو متر تقريبًا.

وبعد مائة متر فقط وجدت أن هذا المريض بدأت تزداد عليه علامات الإعياء والتعب، ولا يستطيع أن يمشي، فعرضت عليه أن أحمله، ولكنه رفض في بادئ الأمر، ولكن بعد ذلك شعرت بأنه فعلاً لن يستطيع أن يكمل المسافة إلى المستشفى ماشيًا بجواري، فحملته على كتفي بقية الطريق، وحتى أُهون عليه وأُنسيه آلام المرض، فتحت معه حوارًا للتعارف بيننا، فبدأت بذكر إسمي له، ومكان سكني فسكت هو، ولم يخبرني باسمه فسألته عن اسمه حتى أُخرجه من دائرة الألآم بكلامه معي فأخبرني باسمه فقال: مجدي حبيب تادرس.

فعلمت أنه نصرانى، وعلمت لماذا لم يرد أن يخبرنى باسمه من تلقاء نفسه، ثم توقع هو مني أن أُنزله من على كتفي، وأتركه يكمل طريقه بنفسه، فقال لى: الله يكرمك يا شيخ أحمد نزّلني واذهب أنت حتى لا أُؤخرك.


فقلت له: إن ديننا لا يأمرنا بذلك، إنه يأمرنا بإسداء المعروف، وفعل الخير لكل الناس، ومساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وبدأت أذكر له أكثر من ذلك طمعًا في إسلامه، أو على الأقل أن يعلم حقيقة ديننا، وأنه دين الرحمة فى مواطن الرحمة، وأنه ليس دين الإرهاب، وأن الآيات الحاثة على الانتقام من الكافرين لها مواطنها وهى الحرب، وما إلى غير ذلك من توضيح روعة الإسلام، فشعرت أن ذلك يشق عليه لأنه مضطر أن يسمعني، وهو لا يستطيع ذلك لشدة الألم الذي كان يشعر به، فسكت عن الكلام حتى وصلنا إلى المستشفى.

وعندما وصلنا إلى هناك وجدنا العاملين بالمستشفى نائمون، فتعجلتهم بفتح الأبواب، وإيقاظ الأطباء، فرأيتهم يتحركون ببطء شديد مع أن المريض (مجدي) يتأوه ويتألم بأعلى الأصوات، ففطنت أنهم يهملوننا لأنني مسلم ( ذو لحية ).

فبادرت بالنداء على المريض باسمه الذي يفهمون منه أنه نصراني فقلت له: يا جرجس.. أقصد يا مجدي، كأننى أخطأت عندما ناديته، ولكن في حقيقة الأمر كنت أنا أتعمد ذلك، وما ذلك إلا لأن اسم مجدي هنا فى مصر من الأسماء المشتركة بين المسلمين والنصارى، فإذا قلت يا مجدى لن يفهم العاملون أنه نصراني مثلهم.

وتوقعت أن العاملين بالمستشفى لن يزيدهم شيء معرفة أن هذا المريض نصراني، ولن يزيدهم نشاطًا وإسعافًا للمريض معرفة ذلك من عدمه، ودعوت الله بذلك، أى: أن لا تتغير معاملتهم للمريض بعد معرفة أنه نصراني مثلهم.

وبالفعل تم ما توقعته وما دعوت الله من أجله، وكان سبب توقعي لذلك أن هذا الوقت من الأوقات العزيزة على الإنسان، ويحب فيها النوم، وأن الله أخبرنا أنه أغرى العداوة والبغضاء بين النصارى بعضهم البعض،
وكان سبب دعوتي أن يتم ما أتوقعه، وأن يرى هو بنفسه الفرق فى المعاملة بين المسلم والنصراني؛ فالمسلم ليس من دينه، ولكنه ترك وقته ومصالحه ومشى به حاملاً إياه على كتفه، والنصارى بني دينه أهملوه مع ما يجده من شدة الألم، وبعد أن وجد هو بنفسه هذه المعاملة السيئة منهم، وجدته يبكي فقلت فى نفسي أتتك فرصة كبيرة إنه يبكى حزنًا على انتمائه لهذا الدين، وأنه لا يحث متبعيه على هذا السلوك الذي سلكته أنا معه، فبدأت أطمع أكثر في إسلامه، وقلت إنه الآن أقرب ما يكون إلى الهدى.

فقمت بتعنيف العاملين ونهرتهم على عدم إسراعهم فى إسعافه، ثم حملته إلى السرير للكشف عليه لتشخيص حالته، وإعطائه بعض المسكنات حتى يهدأ ويشعر بالراحة، فرفضوا أن يقوموا بالكشف عليه من الأساس إلا بعد دفع قيمة الكشف، فسألتهم عن القيمة فقالوا إنها ثلاثون جنيهًا. فقال هو لا يوجد معه غير خمسة جنيهات، فرفضوا أن يبدأوا الكشف إلا بعد دفع القيمة كاملة فصرخت فيهم: كيف تعلقون حياة شخص على دفع قيمة الكشف مقدمًا، فرفضوا ولم يكن معي وقتها أى نقود؛ فليس من عادتي أن أخرج إلى صلاة الفجر مصطحبًا نقودًا، ولكن كانت معى ساعتي اليدوية الخاصة بي، وكانت قيمتها تتعدى خمسمائة جنيهًا، فعرضت عليهم أن يأخذوها ويتموا الكشف على المريض، وإن لم أحضر لهم المبلغ كاملاً قبل يوم واحد تكون الساعة ملكهم، فوافقوا هم على ذلك، وكل ذلك يحدث أمام هذا المريض (مجدي).

فبدؤوا بالكشف عليه، فشخصوا حالته على أنها بعض الحصوات في الكلى، وأعطوه بعض (المسكنات) تحت حساب الساعة طبعًا،
ثم جلست بجواره على سريره حتى يطمئن بوجودي بجانبه، وبالفعل أخذ يمسك يداي ويقبض عليها كأنه يريد أن يشكرنى، فبادرته بقولى: متخفش أنا معاك لغاية ما تكون أحسن من الأول.

فابتسم وقال بصوت خافت:" هوا كل المسلمين مثلك ".


فقلت له:" إن هذه هي تعاليم ديننا لكل المسلمين، وأن الذي لا يفعل ذلك هو المخطىء، فليس العيب في الدين، ولكن العيب في الذي لا يتمسك به".

فنظر إلي وقال مبتسمًا: إنت خلبوص أوي يا شيخ. فبادلته الضحك وتبادلنا الضحكات والقفشات حتى أُؤنسَهُ.

فلما بدت عليه علامات الإرتياح وذهاب الألم طلب منا العاملون بالمستشفى مغادرتها؛ لأن المبلغ الذي سيأخذونه مقابل الكشف فقط، وليس مقابل الإقامة، فعلا صوت المريض: حرام عليكم أنتم مبتخافوش ربنا أنا لسه عيان.

فعرضت عليه أن يأتى معي إلى بيتي فرفض، وقال: بل اصطحبنى إلى بيتي أنا. فوافقته على أن أجلس معه أمرضه، ولأجل لو ساءت حالته، خاصة أنه يسكن وحده، وهو ليس من أهل الحي، فوافق على ذلك.

ثم خرجنا معًا من هذه المستشفى إلى منزله، ثم ذهبت إلى منزلي لإحضار نقود، ثم ذهبت إلى المستشفى، فأعطيتهم النقود، واستردت ساعتي، ثم خرجت منها إلى السوق، فأحضرت طعامًا، ثم عدت إلى مجدى فوجدته نائمًا، فلم أرد أن أوقظه فتركته نائمًا، وقمت أنا بإعداد الطعام، فلما انتهيت منه ذهبت إليه وجلست بجواره والطعام مجهز، فلما استيقظ هو أطعمته، ثم ذهبت لإحضار الدواء، وعندما عدت وجدته نائمًا فلما استيقظ أعطيته الدواء وأطعمته.

وهكذا ظللت معه أربعة أيام لا أتركه إلا للصلاة ثم أعود إليه مسرعًا أُطعمه وأعطيه الدواء، وأغسل له ملابسه، وأسهر بجواره، ولا أنام حتى ينام هو، وإذا استيقظ استيقظت معه لعله يحتاج مساعدتى. وفى خلال هذه الأيام أُلمّح له عن بعد بأن ذلك من تعاليم ديننا بدون توجيه مباشر مني حتى لا يفهم أني أفعل ذلك حتى يدخل فى الإسلام فقط، فقد كان شابًا ذكيًا جدًا.


وبعد أن أتم الله له الشفاء قلت له: إنت الآن كويس لا تحتاجنى معك، سأتركك وإذا شعرت بأي ألم اتصل بي، وستجدني عندك بأسرع ما يمكن.

وكانت المفاجاة المذهلة العظيمة الجميلة، إنها بركة العمل قد حلت سريعًا، إنها المكافأة من الله لمن عمل لنصرة دينه. إن هذا الشاب (مجدي) يسألنى سؤال، إنه أجمل سؤال سمعته بأذني في الدنيا، إنه يقول لي: كيف أستطيع أن أدخل في الإسلام؟

فلم أتمالك نفسي من البكاء الشديد، وكان لهذا البكاء منى (غير المتكلف) مفعول السحر عند هذا الأخ، فقام واعتنقني واعتنقته، فأرشدته إلى الشهادتين والغسل.

ومكثنا معًا لمدة شهرين تقريبًا (أقرب شخصين إلى بعض)، أعلمه مبادئ الدين، ثم قام بإشهار إسلامه في الأزهر الشريف، وطلب منى أن أختار له اسمًا في الإسلام، فاخترت له اسم (عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرؤوف)، ففرح به كثيرًا، وطلبت منه أن يتكتم الأمر حتى ندبر له أمور معيشته في مكان بعيد عمن يعرفه من أهله حتى يستتب له الأمر.

ولكن بعد يومين فقط حضر له أخواه ليقيما معه، فشعرا بتغير كبير على أخوهما حتى علما بإسلامه عن طريق الخطأ منه، فعنفاه وضرباه، ومنعا عنه الطعام، وعذبوه تعذيبًا شديدًا حتى يعود إلى دينه، ولكنه كان كالجبل.

فلما جربا معه كل المحاولات لرده إلى النصرانية فكرا في إلقاء الشبه عليه حتى
يشككوه في الإسلام، ويعود الى النصرانية، ولم يجدا أفضل من الشخص الذي دعاه للإسلام بأن يظهرا عجزه عن نصرة الإسلام أمامه، فطلبا منه أن أحضر لمناظرتهم، ففرح هو بذلك كثيرًا، وطلب منى الحضور، ودعونا الله أنا وعبد الله أن يمنّ عليهما بالإسلام.

وبالفعل حضرت لمناظرتهما، فمكنني الله من إبطال شبههما، ثم أوضحت لهم المتناقضات التي فى عقيدتهم، وظل أخوهم يتحدث بأسلوبه معهم حتى طلبا الدخول في الإسلام، ثم أسلما والحمد لله، ثم أسميتهما (عبد المحسن بن عبد الرحمن بن عبد الرءوف)، و (عبد الملك بن عبد الرحمن بن عبد الرءوف).

وبعد أقل من شهر توفى الأصغر منهم (عبد الله) وهو يصلى قيام الليل وهو يتلو قوله تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }، ثم كفناه وصلينا عليه، ودفناه فى مقابر المسلمين. رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته، وألحقنا به على خير؛ فلقد عرفته أقل من شهرين لم يفطر فيها يومًا، فقد صام كل أيامه فى الإسلام، ولم يترك ليلة لم يقمها، وحفظ ثلث القرآن.

وفى ليلة وفاته أتياه سيدنا (سلمان الفارسى وتميم الداري)، وقالا له:" أكمل عندنا يا عبد الله"

كلما تذكرته لا أتمالك نفسي من البكاء، وكانت هذه قصة (عبدالله )، أمّا عن قصة المناظرة التى بينى وبين (شنودة) و(حنا) أقصد بالطبع (عبد المحسن) و (عبدالملك ) فلها أيضًا قصة مشوقة.

الثلاثاء، 26 أبريل 2011

مارينز الكنيسة ومحافظ قنا

مارينز الكنيسة ومحافظ قنا
في عالم البغاء وعلب الليل وبيوت الدعارة ، كل شئ يسير بالعكس .. هناك الرذيلة فضيلة .. والفضيلة رذيلة .. هناك تختلف تصورات ورؤي رواد هذه الأماكن عن تصورات الأسوياء .. قد تجد نفسك متهما بالانحلال لأنك لا تشارك هؤلاء الفجرة فجورهم ! وقد تجد نفسك متهما بالخروج على القوانين والنواميس لأنك ترفض إجرامهم وشذوذهم .. تماما كما فعل قوم لوط ، عندما دعوا لرجم سيدنا لوط والمؤمنين به لأنهم " يتطهرون " ، والتطهر جريمة عظمي من وجهة نظر هؤلاء الشواذ !

لذلك لم أتعجب كثيرا طوال الأيام الماضية من تصريحات ومقالات مارينز الكنيسة من صبيان وغلمان وجواري شنودة وساويرس ، بشأن أزمة محافظ قنا النصراني الذي تم اختياره على عكس إرادة شعب قنا المجاهد ، وفي محاولة لتحويل جنوب مصر إلي جنوب سودان جديد ، من خلال فرض شخصيات نصرانية لتدير شئون المحافظات في الجنوب ..

القُمّص يحيي الجمل نائب رئيس وزراء مصر ، تعمّد اختيار " عماد ميخائيل " محافظاً لقنا ، ليرضي سيده شنودة الثالث ، وليرضي غرفة العمليات الموجودة في تل أبيب ، والتي تريد جنوباً مسيحيا في مصر عن طريق وضع السلطات في يد النصاري .. وفي محافظة بها 96 % يدينون بالإسلام .

حكاية محافظ قنا الذي أتي به الجمل الهزيل ، ليست عشوائية .. بل هو تعمد للسير علي خطي السفاح البائد مبارك ، الذي كان ينفذ نفس المخطط الصهيوني وجعل مصر تنقسم إلي جنوب مسيحي وشمال مسلم ، لنجد أنفسنا بعد سنوات ندخل في استفتاء علي تقسيم مصر ..

مشكلة محافظ قنا أثبتت أن يحيي الجمل هو رئيس الوزراء الفعلي لمصر ، وأن الدكتور عصام شرف لا يمتلك صنع القرار ولا يجرؤ أن يخالف هذا الجمل وكوارثه .. وأن أذناب مبارك لا زالوا يعملون بكل نشاط ، حتي تنشب الحرب الأهلية في قري ومدن الصعيد المليئة بالسلاح ..

المضحك في أمر هذه المشكلة أن مارينز الكنيسة صدعوا رؤوسنا بالحديث عن سيادة القانون ، ودعوا الداخلية لقمع أهل قنا وتعقبهم " شبر شبر .. زنقة زنقة " لتطهير قنا وتفعيل القانون ، وخرجت صحف ساويرس لتتحدث عن سياسة " لي الذراع " و " الحكومة المرتعشة " و " هيبة الدولة " !

هؤلاء السفلة - الذين يدعون لسحق أهلنا في قنا لأنهم عندما وجدوا أن كل الأبواب قد أغلقت في وجوههم من أجل تغيير المحافظ قاموا بقطع الطرق والسكك الحديد - هم نفس السفلة الذين كانوا يباركون خروج شنودة علي القانون ، واعتكافه في دير وداي النطرون ، من أجل خطف مواطنات مصريات ، أو من أجل الإفراج عن أشقياء متهمون في قضايا أمنية وجنائية .. وهم نفس السفلة الذين باركوا خروج النصاري عقب تفجيرات كنيسة القديسين التي نفذها الإرهابي حبيب العادلي ، ليحطموا ما يلاقونه وليكسروا المحلات والسيارات ، ويروعوا الناس بالسنج والسيوف والمطاوي ، وليقطعوا الطرقات ويعتدوا علي المساجد والسيدات المحجبات ، وأطلق بعضهم علي إجرام وإرهاب عصابات شنودة " الغضب النبيل " ! وقامت بعض الفضائيات المرتبطة بـ شنودة بعمل حملة عنوانها " اغضب ولا تخطئ " ، حتي يستمر الإرهاب الأرثوذكسي ويستمر التخريب والتدمير والاعتصام والتظاهر .

لم يتحدث أحدهم عن سيادة القانون ولا دولة المؤسسات ولا " لي الذراع " ، ولم يدع صفيق منهم إلي الضرب بيد من حديد فوق رؤوس هؤلاء البلطجية الذين خربوا ونهبوا واعتدوا عقب تفجيرات القديسين ، مثلما يدعون الآن لسحق عظام المعتصمين في قنا من أجل تغيير المحافظ ..

عقب ثورة 25 يناير افتعلت ميليشيات شنودة مشكلة في أطفيح بحلوان ، وقام قساوسة شنودة بشحن القطعان في الأتوبيسات للتخريب والتظاهر وقطع الطرق في منشية ناصر و السيدة عائشة وضرب الناس بالسيوف والسواطير ورفع الصلبان والاحتشاد أمام ماسبيرو ووضع الشروط ، والمطالبة بالإفراج عن قس مزوّر مجرم ، والإفراج عن مجرمات نصرانيات حكم عليهن في قضايا الإتجار بالأطفال ، وبالفعل تمكن يحيي الجمل من الإفراج عن القس المزور " متاوس عباس " .. وقتها لم ينطق أحدهم ليتحدث عن سيادة القانون ، وأنه علي الدولة ألا تخضع للإرهاب الأرثوذكسي وأنه يجب تفريق تلك القطعان من أمام ماسبيرو بالقوة واعتقال من يحرضونهم على التظاهر ، مثلما يقولون الآن في مقالاتهم عن أبناء قنا ويدعون المجلس العسكري لإبادتهم لأنهم يرفضون تحويل محافظتهم إلي مرتع لرجال مبارك وشنودة .

مارينز الكنيسة يعتبر أن القانون في إجازة إذا كان هذا القانون سيُطبق علي شنودة وأتباعه .. أما إذا تعلق الأمر بالمسلمين فلابد من تطبيق القانون بسرعة وحزم !

إنه منطق البغايا .. ذلك المنطق الذي يقلب الحقائق ويدهس المسلّمات دون خجل ، هو منطق الصفاقة والتبجح والوقاحة وعدم الحياء ..

الذين يتحدثون عن هيبة الدولة الآن ، هم آخر من يتحدث عن تلك الهيبة .. والذين يتحدثون عن لي الذراع هم آخر من يتحدث عن لي الذراع .. ذلك أنهم هم الذين كانوا يهللون ويُصفقون لـ شنودة ويؤيدون خروجه علي القانون .. يوم أصدر القضاء الإداري حكما بإلزام شنودة بمنح تصاريح زواج للمُطلقين ..وقتها صرح شنودة بأنه لا توجد قوة علي وجه الأرض تجبره علي تنفيذ ما يخالف كتابه علي حد زعمه .. لم يهمس أى صفيق منهم وقتها ولو بعبارة من قبيل : عيب يا قداسة البابا اختشي علي دمك ونفذ الحكم ! ولم يكتب أحدهم عن المدنية والمواطنة .. ولم يعلن أحدهم رفضه للدولة الدينية .. ولم يتحدث أحدهم عن ضرورة احترام شنودة للقضاء وأنه يجب حبسه واعتقاله إن خالف القضاء من أجل هيبة الدولة

وعندما خطفت عصابات أمن الدولة كاميليا شحاتة وسلمتها لـ شنودة ، قُطعت ألسنتهم جميعا .. فدولة الكنيسة لها دستورها الخاص وقوانينها ولا علاقة للاستنارة والليبرالية والعلمانية بتلك الدولة .. ولا سيادة لقانون أو دستور .. ونعم لسياسة لي الذراع من أجل عيون صاحب القداسة ..

إن بحثت في القاموس لتحاول أن تعثر عن كلمة لتصف بها قبح وعهر أدعياء الليبرالية والعلمانية في مصر ، فلن تجد .. فهم كائنات بليدة تتميز بصفاقة لا توجد حتي عند الخنازير .

حفظ الله مصر وشعبها العظيم من مؤامرات مارينز الكنيسة أدعياء الليبرالية والعلمانية .

ياليتني لم أكن علمانيــّــا!!

ياليتني لم أكن علمانيــّــا!!



أشرف فوزي | 19-04-2011 00:10

تجاورز المشهد (عند ذوي الفطر السليمة ) الدروس السياسية أو الاجتماعية أو التاريخية أو الثورية إلى الاعتبار بالآيات الربانية ..فالمتداول على ألسنة المصريين المؤمنين هي : سبحان الله ..حكمتك يارب ..يعزّ من يشاء ويذل من يشاء ..إلى آخر العبارات التي تشير إلى الإيمان بقدر الله المقدور في الأحداث.

ولاشك في كونها انفعالات فطريّة سليمة تصدر عن ذوي الوجدان المؤمن السليم..وأفهم أنه أمر يغيظ قلوب القوم العلمانيين فهو ( للأسف العلماني الشديد ) انفعال يخلط الدين بالسياسة! وبهذا يكون انفعال «ميتافيزيقي» ، «غيبي ،غيهبي ،دهاليزي، ماضوي ،سلفي ، بهجوري»! ( أضف من عندك أي شيء غير مفهوم )،وبالتالي فهو مرفوض رفعا ونصبا وجرا وفقا للمنظور العلماني المركب والمعتبر لدي القطعان التي تهرف بما لاتعرف !!

تعامل مبارك مع متطلبات الحكم وإدارة الدولة بقلب علماني ووعي علماني ووجدان علماني ، وكذلك فعل «زين العلمانيين» في تونس ,ومن ثم كره مبارك (كما كره زين ) الإسلاميين ( بحسب ويكيلكس ) وضيّق عليهم ، و مكّن العلمانين ووسع لهم ( بحسب المعاينة )، فصالوا وجالوا يحملون راية الفساد والإفساد في شئون البلاد والعباد كافة في كل ركن من أركان مؤسسات الدولة ، فساد الكبر والفساد وتراكمت المظالم والظلمات ، وعزّ في المتصدّرين أثر السجود، وندرت نفحات الإيمان والرحمة ، وتعكّرت السماء ، وأكلت صحراء العلمانية كبد المدنية ، فانعدمت الرؤية ؛لأن الوعي العلماني محروم من بصيرة القلب والوجدان ورؤية الممكن .

كما أن الملكات العلمانية يتصاغر فيها الضمير ؛لأن جوهر الضمير حلال وحرام، وجوهر الحلال والحرام رقابة إلهية ،ولا قيمة لرقابة لا يُعظَّم فيها الرقيب ؛وكذلك تفعل العلمانية ؛ فكانت النتيجة على نحو مانعاين: سقوط مبارك وسقوط دولة العلمانيين كما سقطت في تونس ( نموذج العلمانية القشيب !) وسقوط خرافة العلمانية ( في البلاد العربية والإسلامية) وليس هناك أخطر من محاولة إعادتها للحكم مرة أخري الأمر الذي تسعي له القوي الغربية ( الآن ) سعيها بتواطؤ أذناب الداخل .

ومع ذلك فإن أمام مبارك وعائلته وأعوانه من الطائفة العلمانية فرصة أتمني أن يدركوها ( وأن ندركها معهم ) قبل أن يدركهم ( ويدركنا ) الموت..فإن كانوالم يتمكنوا من إدراكها وهم ممكّنون ومتحكّمون ، يمكنهم الآن بمشيئة الله وفضله ورحمته أن يدركوها ( وندركها معهم ) وهم يحاكمون ، يمكنهم الآن أن يقفوا على حقيقة كل من الحكم والملك والموت والحياة .

وتاريخنا والحمد لله غني بنماذج مبهرة وأمثلة مدهشة على نباهة الإدراك ورقي الوعي ( الجدير بإنقاذ الجميع مما نحن فيه ) بفلسفة الحكم والملك والموت والحياة..إلخ ، فمنهم من أدرك وهو في ملكه ومنهم من أدرك عند وفاته ومنهم من أدرك بعدما تراكمت مظالمه ، ومنهم من أدرك (للأسف ) بعد فوات الأوان فقال » إنّي تُبت الآن » نسأل الله العافية .

ويحضرني مثلا الخليفة هارون الرشيد ـ المفتري عليه وعلينا وعلي ديننا ـ كان شجاعا قويا تقيا يخشي الله ( راجع سلسلة التاريخ الإسلامي للعلامة محمود شاكر ) وكان مستمعا جيدا للنصيحة !عكس ما نعاينه في حكامنا .

مر الخليفة هارون الرشيد بأحد الصالحين وهو في طريقه إلي الحج فطلب منه النصيحة ، لاحظ نائب عن الله ( وفقا للخرافة العلمانية ) يطلب النصحية من أحد الرعية: فقال له الناصح :
أرأيت إن ملكت الأرض طـرا ...ودان لك العباد فكان مـاذا
أليس غدا مصيرك جوف قـبر ...ويحثو عليك التراب هذا ثم هذا
فتأثر بها وطلب منه أخري !: فقال له : «من رزقه الله مالا وجمالا فعفّ في جماله وواسي في ماله كُتب في ديوان الله من الأبرار» ، وقال له أحدهم يوما : «تموت وحدك وتدخل القبر وحدك ، وتبعث منه وحدك ، فاحذر المقام بين يدي الله عز وجل ».
وقال له الفضيل أثناء حجه : «يا صبيح الوجه إنك مسئول عن هؤلاء كلهم وقد قال تعالي : (( وتقطعت بهم الأسباب ))» فبكي الخليفة تأثرا ، وكان هذا دأبه ( كما تحكي كتب التاريخ ) عندما يستمع إلى النصحية.

وطلب يوما من أبي العتاهية أن يصف له ماهو عليه ( أي الخليفة هارون ) فقال له أبو العتاهية :
عش مابـدا لك سالما ...في ظل شاهقة القصـور
تسعي إليك بما اشتهيت ...لدي الرواح إلى البكور
فإذا النفوس تقعقعت ...عن ضيق حشرجة الصدور
فهناك تعلـم مـوقنا ...ماكنت إلا في غــرور
فقيل لأبي العتاهية دعاك لتسرّه فأحزنته ، فقال هارون : «دعـه فإنه رآنا في عمي فكره أن يزيدنا عمي» !
وحكي عن هارون أنه انتقي أكفانه بيده عند الموت وكان ينظر إليها ويقول : ((مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)) ( الحاقة 28/29)
وقيل لعبد الملك في مرض وفاته كيف حالك قال حالي كما قال الله تعالي : ((وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ))(الأنعام 94) ( راجع البحر الرائق في الزهد والرقائق للشيخ أحمد فريد ) .

وفي محاسبة الحكام لأنفسهم، نعلم جميعا كيف كانت المحاسبة بين يدي الله من أهم ما يسيطر على وعي سيدنا عمر رضي الله عنه وأرضاه : فكان ينصح المسلمين : «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا» ..و«زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم»...كما لقن حكامنا درس في مفهوم المسئولية المدنية عن الإعماروحقوق الحيوان : «والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا»! ؛ وهي عبارة لها دلالتها البالغة على أثر المرجعية الدينية في الإثراء المدني والحضاري .

ولذلك لم يكن غريبا على أردوغان ( بمرجعيته الإسلامية وإنجازاته المدنية ) أن يكون الرئيس المسلم ( لدولة إسلامية مدنية واعدة ) الوحيد الذي ذكّـر مبارك بالآخرة « نحن بشر مكتوب علينا الفناء » ..فالعقلاء والمبصرون وحدهم يعلمون أن انفصال الدين عن الحياة هو سبب الشقاء للحكام والمحكومين.

وإذا قيل أن المأمون قد افترش رمادا واضجع عليه وقال : «يامن لايزول ملكه ارحم من زال ملكه »، فبإمكان الحكام العرب العلمانيين الذين زال ملكهم أن يطلبواالرحمة ممن لايزول ملكه .فهذا باب ـ بفضل الله ـ مفتوح ولم يغلقه حتي في وجه الذين فصلوا دينه عن حياتنا.

وإذا كان الحجاج على عظم ما اقترف من مظالم في حق المحكومين : دخل على ربه من باب الانكسار والرجاء مرددا : «اللهم اغفر لي فإن الناس يقولون أنك لن تغفرلي » وقد استحسنها منه عمر بن عبد العزيز وقال الحسن : عسي ( أي عسي أن يغفر الله للحجاج ) ،فإن الله ـ بفضله ـ يفتح نفس الباب للحكام العلمانيين ، الذي أرادو سلخنا عن الدين ومن ثم طغوا في البلاد فأكثرو فيها الفساد .

وإذا كان مروان بن عبد الملك قال في آخر أيامه :« ياليتني كنت غسّالا آكل من عمل يدي ولم أل من أمر الدنيا شيئا» ، فبإمكان الحكام العرب العلمانيين الذين أمعنوا ( برعونة )في فصل حياة الناس عن إسلامهم في إمكانهم الآن ويجدر بهم أن يضيفوا إلى أمنية مروان أمنية : «ياليتني لم أكن علمانيـّا» ولم أفصل أسباب الرحمة والرشاد عن حياة العبـاد..!!
الحـرية هـي الحـل
Ashraf.fawzy@live.com
Ashraffawzy.blogspot.com

الخدعة الليبرالية «باريتو»

الخدعة الليبرالية «باريتو»



أشرف فوزي | 26-04-2011 00:48

من يرصد ( بوعي وبدقة ) الحوارات التي يتم الدعوة إليها ،من قبل أعضاء أومؤسسات تنتمي إلي الجماعة الليبرالية العلمانية المصرية؛لا يخالجه شك ان هذه الحوارات هي «حوارات!» وفق الدلالة المبتذلة و المتداولة بين جماعات «اللصوص»و«النصابين»وليست وفق الدلالة الراقية والتي تستند إلى الشروط والقيم الأخلاقية والحضارية المعتبرة .



ومن المعروف أن للحوار شروط منها : شمولية التمثيل بحيث يشمل الحوار كافة الفصائل والقوي السياسية، والاستماع ،والاستعداد للتوافـق ، وعدم المصادرة ،إلى آخر الشروط التي تضمن حوارًا حقيقيـًا لا مُزيّفـًا .



وأيضا للحوار قيم منها : الحق في التمثيل, العدالة في التمثيل بحيث يمثل كل فصيل بنسبة ما يمثله من جماهيرية ، والثقة المتبادلة بين المتحاورين ،والأهلية والقدرة ( الفكرية والإنسانة والفنية ) علي الدخول في حوار،والاعتراف المتبادل بين كافة الفصائل بأهليتها وقدرتها على الدخول في حوار .. إلى آخر ضمانات الحوارات الفعّالة والمُنتجة .



هذه الشروط والقيم والمباديء وغيرها موضوعة ( كلها أو أكثرها ) تحت أقدام الجماعة الليبرالية العلمانية المصرية (باسثناء يثبت القاعدة ) خاصة عندما تتعامل مع التيار الإسلامي.



بدءًا بحوارات برامج «التوك شو»، مرورا بحورات «العلماني اليوم» وانتهاءًا بالحوارات الوطنية ،الرسمية منها ،وغير الرسمية ،والتي تهيمن عليها الجماعة الليبرالية العلمانية ؛لايُمثـّل التيار الإسلامي بكافة أطيافه ,والذي يُمثـِّل بدوره أكثر من (80%) من الشعب المصري..لايُمثـّـل هذا التيار بأكثر من (20%) من إجمالي المتحاورين ، في حين تـُمثـّل القوي السياسيّة مجتمعة خلاف التيار الإسلامي والتي لا تتجاوز شعبيتها نسبة (20%) المائة على أحسن تقدير بأكثر من (80%) !.



ويلاحظ هنا أن نسبة ( 80/20) تنطبق على نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية حيث قال مايقرب من (80% ) «نعـم» وقال مايقرب من( 20% )«لا» ،وفي حين ميّز التوجه الإسلامي اختيار «نعم » نجد أن التوجه الليبرالي العلماني ميّز اختيار « لا » .



ونستطيع أن نلاحظ أيضا سيطرة النخبة الليبرالية العلمانية على أكثر من (80%) من المؤسسات والوسائل الإعلامية والثقافية الرسمية وغير الرسمية .



وكأنّ الجماعة الليبرالية العلمانية المصرية تطبق مبدأ «باريتو» أو مبدأ «80/20» وهو( باختصار) مبدأ من مباديء الجودة الذي يبحث عن (20% ) من الأسباب التي تحقق (80% ) من النتائج ،والذي سمي باسم عالم الاقتصاد الإيطالي « فيلفريدوباريتو» الذي لاحظ أن (80%) من الثروة في إيطاليا يمتلكها (20% ) من السكان ! .



هذا المبدأ حولته الجماعة الليبرالية العلمانية إلى مبدأ من مباديء جودة « الخداع »و«اللصوصية» لسرقة مصر والشعب المصري ،بعد «تزييف » كل من الخرائط الروحية والثقافية والاجتماعية ومن ثم السياسية والقيادية لمصر.



لكن ( الحق يقال ) هذا المبدأ لا يُطبّق في كل الحالات , فهو لم يطبق مثلا في اختيار أعضاء المجلس «العلماني» لحقوق الإنسان ، والذي تم اختيار أعضاءه بمعرفة رموز ليبرالية علمانية (عتيدة ).



فمبدأ «باريتو» هنا لم يشبع «نهم» الضمير الليبرالي العلماني ( البلاستيك)، وتم تطويره إلى مبدأ ( 100 / 0) ، حيث لا تتجاوزنسبة حضور التيار الإسلامي صاحب الأرقام القياسية في التأييد الشعبي ،والذي طاله النصيب الأعظم من المظالم والانتهاكات والاعتقالات ، لم تتجاوز نسبة حضور «الإنسان» (التي انتهكت حقوقه )في مجلس حقوق «الإنسان» نسبة ( 0 % ) ، في حين بلغت نسبة حضور التيار الليبرالي العلماني نسبة ( 100% ) بعضهم كان شريكا متضامنا في عزبة النظام السابق !، وهو بلا شك سلوك ديمقراطي حضاري منقطع النظير !، ويتناسب تماما مع كون المجلس هو مجلس « يحمــوم !» الإنسان الليبرالي العلماني فقط !.وكأن من اختاروا أعضاء مجلس الحقوق أرادو أن يضربوا لنا مثلا في إهدارها !.



وفي حين قامت دنيا الليبراليين والعلمانين شجبا وطعنا ؛ لأن لجنة التعديلات الدستورية تغشتها رائحة التيار الإسلامي ، لم نسمع للأحرار! همسًا (ولو حياءًا) لتلاشي تلك الرائحة في مجلس « جمل البابا » الليبرالي العلماني .



شخصيا يمكنني أن أثق وأن أتواصل وأن أتحاور مع من يحترم الحد الأدني من الشروط والقيم والمعايير العادلة المتعارف عليها للتواصل أو الحوار ، لكن لا أعرف كيف أثق أو أتحاور مع ذوي الضمائر الواسعة والأفواه الكبيرة والأذن الضيقة .

الحـرية هــي الحــل .

Ashraf.fawz@hotmail.com

Ashraffawzy.blogspot.com

الاثنين، 25 أبريل 2011

إنتفاضة الأحـواز المحتلّ

إنتفاضة الأحـواز المحتلّ


حامد بن عبد الله العلي
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2011
نقلا عن : موقع الشيخ حامد العلي



آخر خبر من الأحواز المحتـل : أعلنت سلطات الإحتلال حالة الطوارىء في الأحواز ، وتعطـُّل المدارس ، و الشركات ، ونشرت آلاف من عناصر الأمن تحسبـا للإنتفاضـة الأحوازيـة الموعودة .

وقف الشيخ الجليل الداعية سعد المطيري في مسجـده في الأحواز المحتـلَّة ، وبشجاعة العظماء ، وبسالة أهل العزيمـة الأشـداء ، أخذ يحرض الأحوازيين على الخروج يوم غد 15 إبريـل ، ليوم الغضب في جميع مدن الأحواز ، وما أنْ وصل إلى بيته حتى جاءت قوات الإحتلال الإيراني للأحواز وطوقت منزله ، وبوحشيتهم المعهودة ، أرعبـوا النساء والأطفال ، واعتقلوا الشيخ الجليل ، وصادروا جميع أجهزته !

هذا المشهد ليس سوى حلقة من سلسلة طويلة من الإضطهاد الذي يعيشه عرب الأحواز منذ عقود مديدة تحت الإحتلال الإيراني ، وهو إضطهاد عنصري مقيت ممزوج بروح شعوبية حاقدة ، تنضح خبثا وخسـّة.

هذا .. ولايماري عاقـل أن سبب تسليط هذا النظام الإيراني المجرم على أمّتـنا عامة ، وعلى الخليج خاصّـة ، حتى كاد يحتل البحرين ، وهو يعبث اليوم بالكويت عبث الصبي بالكـره !! ويخطط لإحتـلال أرض الحرمين أخبث الخطط ، وألعنها .

وهو مع ذلك يتطاول بتصريحاته الوقحة ، يهـدّد ، ويتوعـّد ، يتوهـم أنه كسـرى ، ولم يدر أنه على وشك أن يُكسـر أنفـُه ، كما حُطِّـم أنفُ كسرى .

سبب ذلك هـو تخلينا عن نصرة قضايا المضطهدين تحت حكم هذا النظام الخبيث ، ومن أهم تلك القضايا :

تلك القضية العجيبة التي هي قريبة إلينا جـداً ، ومع ذلك بعيدة عنا ، وهي عظيمة الأهمية ، ومع ذلك مهملـة لاتكاد تذكـر !

وهي قضية الأحـواز المحـتل .

وقد كنت قد كتبت مقالا مطولا _ قبل سنتين _ عن معاناة إخواننا عرب الأحواز تحت الإحتلال الإيراني ، أقتبس منه اليوم في هذا المقال هذه الفقرات :

أما القضية الإحوازية المنسيِّة ، فهي قضية عجيبة ، لشعب يربو عدد سكانه على خمسة ملايين نسمة ، وينتشر على أرض مليئة بالخيرات ، والثروات الطبيعية ، حتى إنـَّه بات يُطلـق على هذه الأرض : القلب النابض للإقتصاد الإيراني ، ويطلق على هذا الشعب : إنه أفقر شعب على أغنى بقعة في العالم

هذا الشعـب الأحوازي محرومٌ من جميع حقوقه ، ويعيش إضطهادا عظيماً ، وتمييزاً عنصريّا خانقاً ، تحت سلطة النظام الإيراني

ومنذ أن ضمِّ الجيش الإيراني بالقوّة ، هذه الإمارة العربية التي يقطنها قبائل عربية أصيلة ، في 20 نيسان 1925م ، منذ ذلك الحين ، والأحواز رازحة تحت احتلال بغيض ، حرم شعب الأحواز من جميع حقوقه ، حتى الحقوق الثقافية ، بل وصل حدّ الإضطهاد إلى حظر اللغة العربية في المدارس ، وما يميّز اللباس العربي ، وتسمية الأولاد ببعض الأسماء العربية !!

وهو مع ذلك شعـب يعيش تحت قمع سياسي ، آخذ في تصاعد مؤخَّـراً ، ويستعمل فيه النظام كلّ إنتهاكات حقوق الإنسان ، حتى الإعدامات في الشوارع

وذلك كلُّه يجـري تحت صمت غربيّ ، وعربيّ مريب ، فلا أحـد يتحدث عن تلك الإنتهاكات الخطيرة

مع أنَّ ما يجري للأحوازيين ، لايوصف مثله إلاَّ في الكيان الصهيوني ، بل إنّه أشدّ مما يجري هناك

ومعلوم أنَّ سياسة العبث بالتركيبة السكانية في الأحواز ، والتضييق على الأحوازيين ، تسارعت وتيرتها في السنوات الأخيرة ، متزامنة بصورة مُلفتـة ، مع تسارع وتيرة تحريك الأحزاب الموالية للنظام الإيراني في دول الخليج لإثارة الإضطرابات ، والفتن

وتغيير التركيبة السكانية في الأحواز ، يشابه إلى حـدّ كبيـر ، ما يفعله الصهاينة في القدس ،

وذلك وفق المنهجية التالية التي وجدت في وثيقة رسمية للنظام الإيراني ، وقد نص فيها على ما يلي :


أولاً : يجب اتخاذ كافة التدابير الضرورية اللاّزمة بحيث يتم خفض السكان العرب في خوزستان _ أي الأحواز _ بالنسبة للناطقين بالفارسية الموجودين أساساً ، أو أولئك المهاجرين ، إلى مقـدار الثلث ، وذلك خلال السنوات العشرة القادمة .

ثانياً : اتخاذ التدابير اللازمة بحيث تزداد ظاهرة تهجير الشريحة المتعلّمة منهم ، إلى المحافظات الإيرانية الأخرى ، كمحافظات طهران ، وأصفهان ، وتبريز

ثالثاً : إزالة جميع المظاهر الدالّة على وجود هذه القومية ، وتغيير ما تبقى من الأسماء العربية للمواقع ، والقرى، والمناطق ، والشوارع

وبعد إفتضاح أمر هذه الوثيقة الخطيرة، انطلقت في الأحواز الإنتفاضة المشهورة عام 2005م ، وتـم قمعها بـ150 ألف جندي إيراني ، استعملوا القتل ، ووسائل العنف الذي انتهك كلَّ المحرمات

وهذه من أقوى الإنتفاضات التي انطلقت في الأحواز ، منذ إنتفاضة عام 1979م

وكلُّها كانت تقمع بنفس الأسلوب الوحشي ، حتّى استعمال سياسة الأرض المحروقة ، وتدمير القرى ، والمدن العربية.

ولم يتراجع النظام عن عنصريّته قيد أنملة ، وهو يواصل منع حتى إصدار الصحف باللغة العربية ، وتعليم الأطفال اللغة العربية في المدارس الإبتدائية ، بل وصل به الأمر إلى تحويل مجرى الأنهار إلى خارج الأحواز ، ليحرم القرى العربية منها !

وهذا الذي يحدث في الأحـواز.. يجري مثلـه على عمـوم أهـل السنة في إيران التي ينص دستورها على أن : (المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي) ، و: ( شرط تولي منصب رئيس الجمهورية أن يكون شيعي المذهب) ! ، فهـم يعيشون مثل هذا الإضطهاد البشع لإخواننا الأحوازيين .

كما يوجد مليون ونصف سني في منطقة (تركمنصحرا) يتعرّضون لأبشع صور الإضطهاد ، ومثلهم مليون سنّي في خراسان كذلك ، وتـمَّ تصفية أبرز علماءهم بإغتيالات _ تُشبـه تلك التي يفعلها النظام الإيراني في العراق _ وممن إغتالتهم المخابرات الإيرانية ، الشيخ الشهيد مولوي عبد العزيز الله ياري ، والشيخ الشهيد مولوي نور الدين غريبي، والشيخ الشهيد موسى كرمي خطيب جامع الشيخ فيض المشهور في مدينة مشهد ، والذي هدمه خامنئي مرشد الثورة عام 1993م

ومثلهم السنة في إقليم فارس ، يمنعون من أدنى حقوقهم ، ويتم تصفية الناشطين من دعاتهم ، وعلمائهـم ، وكذا مناطق الأكراد ، حيث لوحق علماء السنة ، وتم تصفية أبرز علمائهم ، ونذكر منهـم الشهيد العلامة أحمد مفتي زادة، والشهيد ناصر سبحاني ، ولايزال كثيـرٌ من علماء السنة الأكراد ، وغير الأكـراد ، معتقلا في السجون الإيرانية

ومن العلماء السنة الذين تعرضوا إمَّا للإغتيال ، أو محاولة للإغتيـال ثم نجوا بأرواحهم وهاجروا من إيران ، يقاسون الغربة ، أو هم في سجون المخابرات :

منهم لا على سبيل الحصر ، أولا الشيخ العالم المشهور د. عبدالرحيم ملا زادة وهو في لنـدن ، وله نشاط عالمي وجهاد مشكور في فضح جرائم النظام الإيراني ، والإنتصار للسنة ، ثم الشيخ العلامة إبراهيم دامني الذي يتعرض للتعذيب وحكم عليه بالسجن 17 سنة ، لأنَه يكافح نشر التشيّع بين السنة ، والشيخ إقبال أيوبي من إيرانشهر ، والشيخ أنور هواري ، والشيخ فيصل سيباهيان ، والشيخ واحد بخس لشكر زهي ، وغيرهم

وكذلك الشيخ محي الدين البلوشتاني ، والشيخ نظر ديكاه ، والشيخ على أكبر ملة زادة ، والشيخ إبراهيم صفي ملا زادة ، والشيخ عبدالمنعم الرئيسي ، يوسف كردهاني ، وحسين كرد ،والشيخ عبدالباسط كزادة ، والشيخ عبدالقادر ترشابي ، والشيخ عبد الحكيم غمشادزهي ، والشيخ عبد الواحد كمكوزهي ، والشيخ عبدالقادر عبدالله زهي ، والشيخ عبد الشكور زاهو ، والشيخ عبدالرحمن الله وردي ، والشيخ حبيب الله ضيائي ، والشيخ محمد أمين بندري ، والشيخ عزالدين السلجوقي ، والشيخ صلاح الدين السلجوقي ، والشيخ محمد ملا آخوند ، وغيرهم كثير ، فإنهم بالمئات ، ويصعـب حصرهم .

ومعلوم أنَّه يكفي إتهام السني بالإنتماء إلى الفكر (الوهابي) ، لإنتهاك كلِّ حقوقه ، وتصفيته ! ، مع أنه حتى الزوايا الصوفية ، لم تسـلم من بطش المخابرات الإيرانية وملاحقتها بتهمة النشاط الدعوي السني

كما تتعرض مساجد السنّة القليلة لرقابة أمنيّة صارمة، ولملاحقات لاتتوقف، وأمـّا المدارس الدينيّة فلايُسمح لهم ببنائها، ومعلوم أنَّ مليون سنيّ في طهران ، محرومون من أيّ مسجـد ، والعجب أنَّ للزرادشتيه معبداً مشهوراً في قلب طهران ، كما يوجد فيها 151 معبداً لديانات متعددة

ويقتصر الحديث في خطبة الجمعة في مساجد السنة ـ التي لايتدخَّـل النظام في بنائها ولا الإنفاق عليها قط ـ على بعض الأحكام الفقهية ، مع منع نشر شريط الخطبة ، إذْ يُعـد الكلام عن عقيدة الإسلام على المذهب السني خطَّـا أحمر

هذا ويحارب النظام الإيراني أيَّ حديث إعلامي عن هذه الإنتهاكات الخطيرة لملايين العرب ، والسنة في إيران.

وبعـد :

أيتها الأمة الإسلامية إنَّ هذه هي بعض جرائم هذا النظام الإيراني وهي جرائمه داخل حدوده ، أما إجرامه الخارجية فقد بلغت مبلغ الكوارث العامة ، وهو اليد الخفية وراء كل مؤامرة على الأمـّة من العراق إلى لبنان ، ومن سوريا إلى اليمن مروراً بالبحرين ، ولم تسلم منه مكة ، ولا المدينة .

ولاريب أنّ جهاده من أعظم الجهاد ، ويدخل في ذلك دعم إنتفاضة المضطهدين والمظلومين في إيران ، على رأسهم شعب الأحواز المحتـلّ .

وقد حدد الإحوازيّون يوم غد لإنتفاضة شاملة ضد الإحتلال الإيراني ، بغية الخلاص من طغيـان النظام ، كما انتفضت شعوب عربية وتخلصت من طغاتها .

فهبـُّوا لنصرة هذا الشعب الكريم ، شعب الأحواز في إنتفاضته المباركة ضد طغيـان النظام الإيراني ، ووحشيته ، وعنصريته ، وإجرامه .

ويارب أيـّد الأحوازيين بمدد من عندك ، وأنصرهم على عدوهم وعدوك ، وأعنهـم للخلاص من الطغـاة ، وارفـق بهم حتـى النجـاة ..آمين

والله المستعان وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكـل المتوكـلون

النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك

النقاب بين ساركوزي ومفتي حسني مبارك


ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2011
نقلا عن : عبد الباقي خليفة - موقع المسلم



علي جمعة ـ نيكولا ساركوزي ما الذي يجمع نيكولا ساركوزي، اليهودي المهاجر من بولندا ، وعلي جمعة الذي عينه حسني مبارك مفتيا على مصر؟. وإذا كانت مرجعية نيكولا ساركوزي، في منع النقاب بفرنسا نابعة من تصوره الشمولي والأحادي والمركزي لمفهوم المرأة لدى الطبقة اليعقوبية في الغرب، فإن مرجعية علي جمعة هي " ولي أمره " المخلوع حسني مبارك، الذي كان محاربا للتوجه الإسلامي.


ولا ندري كيف ترفض المحكمة الطعون المقدمة من قبل عدد من الطالبات المنقبات، ضد الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري برفض إلغاء قرار إلزامهن بكشف وجوههن أثناء تأدية الامتحانات في الجامعات المصرية، ومنع دخولهن الامتحانات بالنقاب، بناءً على رأي دار الإفتاء التي وقفت وراء حظر النقاب بتعلة "الخروج على ولي الأمر" وهو موقف خطير جدا، إذ يدل بما لا يدع مجالا للشك، بأن علي جمعة، يعتقد بأن اسقاط حسني مبارك حرام شرعا، إذ إن الثورة المصرية التي أطاحت به تدخل في هذا التصنيف لا محالة، بل أشد دلالة عليه، من ارتداء النقاب، وفقا للمنطق نفسه. والسؤال المطروح، هو كيف يبقى علي جمعة في منصبه، وهو يعد مخالفة قرارات حسني مبارك، خروجا على ولي الأمر، بمعنى أن الثورة خروج على ولي الأمر، فكيف فات الثوار، والحكومة الجديدة، والقضاء المصري النزيه هذا الأمر؟!


وإذا كان وجه المرأة ليس بعورة، وفق ما ذهب إليه "جمهور الفقهاء" أين إذن الحرية الشخصية. وهل منع المنقبات من دخول الامتحانات يخدم قضية العلم والارتقاء بالمرأة ؟. وهل عجزت السلطات عن ايجاد مخرج لهذه القضية، دون التورط من حرمان الطالبات من اجتياز الامتحانات بدون منغصات؟! ولماذا لم توظف نساء للتأكد من هوية المنقبات قبل الدخول إلى قاعات الامتحانات وبذلك يرفع الإشكال!
ومن باب المعاملة بالمثل، وإذا كان كشف الوجه ليس بعورة، فماذا عن العورات التي تدخل إلى قاعات الامتحانات وهي بكامل زينتها، فهل تم وضع معايير تجعل الجميع يلتزم بالحد الأدنى من اللباس الشرعي كالحجاب مثلا، أما إن الكل حر في ممارسة "عاداته " و"حريته" ما عدا المنقبات؟!


بين ساركوزي وعلي جمعة:
من العجيب والمستغرب، أن يتفق علي جمعة مع ساركوزي في قضية منع النقاب. إذ إن قضية اللباس من أشد الأمور حساسية لدى الإنسان. إنه أشبه بإجبار فتاة على الزواج من رجل لا تحبه ، لذلك فهو من أخص الخصوصيات التي لا يجب أن يتدخل فيها أي شخص أو أي جهة، إنه قمع وعدوان لا يصدر سوى من نفس مريضة، فكيف يمكن تغريم انسان بسبب لباس اختاره لنفسه، ولم يضر الآخرين في كثير أو قليل؟. كيف تجبر مسلمة منقبة في فرنسا على دفع غرامة 150 يورو لأنها ارتدت النقاب، أي عار يلحقه ساركوزي بفرنسا والغرب عموما، وأي عار يلحقه علي جمعة، بمصر والمسلمين عموما، بإعطائه مبررات لقمع المسلمات اللواتي اخترن النقاب، من منظور شرعي. فالإمام مالك رفض فرض الموطأ على الناس، وتركهم يختارون ما يطمئنون له من أحكام فقهية، حتى وإن رأى أنها غير واجبة، بل حتى غير صحيحة. كيف تعتقل امرأة لأنها خالفت قوانين اللادينية في فرنسا، أو اللائكية أو العلمانية ، ويبرر نفس القمع والاضطهاد بمخالفة " ولي أمر المفتي" الذي لم يكن يوما ما ولي أمر المسلمين، سواء في مصر أو غيرها، وأعني حسني مبارك. بل هو مغتصب للسلطة، محارب للمسلمين، ومستعدي للآخرين عليهم.


لقد استطاعت مسلمات فرنسا، أن تتحدين قرار منع النقاب، وخرجن في نفس اليوم الذي بدأ فيه سريان هذا القانون النيروني، مطلع شهر أبريل 2011 م، لكن ما الذي يمكن أن تفعله فتيات مصر المنقبات، لتتحدين قرار منعهن من حقهن المشروع في أداء الامتحانات ؟!
هل يحتاج الأمر في مصر إلى ثورة تطالب بحق المنقبات في الحياة، فضلا عن أداء الامتحانات، كما خرج الكثير من المسلمين في فرنسا احتجاجا على قانون منع النقاب، مما أدى إلى اعتقال 61 شخصا من بينهم 20 امرأة يوم 10 أبريل 2011 م.


النقاب بين مؤيديه ومعارضيه:
كان المفروض أن لا تكون هذه القضية مطروحة، وقابلة للنقاش، لأنها تدخل في باب الحرية الشخصية، وعلى الدولة أن تكفل حريات جميع المواطنين، والملائمة بين متطلبات الأمن، والدقة، وإبراز الشخصية والحرية الشخصية المقدسة. فالله لم يكن ليعجزه أن يجبر جميع الخلق على عبادته، كما تفعل المخلوقات المجبولة على ما تقوم به، لكنه لم يفعل" ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة" فلماذا يريد علي جمعة وساركوزي أن يفكر الناس مثلهما، ويتبنى الناس مذاهبهما، سواء اللائكية أو الغنوصية الصوفية.


لقد استغرب كثيرون، نشر علي جمعة مقالا في الواشنطن بوست، يهاجم فيه السلفية ويحذر منهم، وتساءلوا عن علاقة علي جمعة بالاستخبارات الأميركية والفرنسية، ولكن الحقيقة هي أن علي جمعة كان منزعجا من موقف وزارة الخارجية الأميركية التي أعلنت أن واشنطن تعتبر ما وصفته باللباس الديني جزء من الحرية الدينية وحرية التعبير، وذلك في تعليقها على تنفيذ قرار حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة بفرنسا. وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ردا على سؤال في هذا الخصوص" ندعم الحرية الدينية وحرية التعبير، الأمر يشمل تعبير الانسان عن معتقداته عبر لباس ديني"، كما انتقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، حكم المحكمة الإدارية العليا في بلاده والقاضي بإبطال قرار المجلس الأعلى للتعليم السماح للطالبات بارتداء الحجاب خلال الاختبارات، وقال أردوغان " إن قرار المحكمة الإدارية يناقض معايير عالمية أساسية تتعلق بالحريات العامة، ويزعزع الثقة في النظام القضائي التركي" وأردف " إن القوانين الحالية لا يمكن لها أن تقيد الحريات في مجال التعليم".


لقد عانت التونسيات طويلا من مناشير منع الحجاب، فضلا عن النقاب، ووجد النظام العلماني الحاكم على مدى تزيد عن 50 سنة من مشايخ الزور والخور، من يبرر له ذلك، حتى قال المفتي السابق إن" الحجاب لباس سياسي". واعتبر الملتزمات به خارجات عن "ولي أمره". وعلي جمعة يكرر نفس الأخطاء بل الخطايا، لاعتقاده بأن حسني مبارك لا يزال ولي (الأمر).


لقد عادت للتونسيات حريتهن كاملة، بعيدا عن الحرية المؤدلجة، والموضوعة في قوالب، لا تعترف بالمفاهيم الأخرى للحريات، وأصبحت التونسية تسير في الشوارع دون خشية من ميليشيا (ولي الأمر) وهي تنزع حجابها من فوق رأسها على غفلة منها، وتقاد إلى مخافر(ولي الأمر) للتوقيع على عدم ارتداء الحجاب. وتستطيع التونسية اليوم استخراج جواز السفر والحصول على هويتها وهي ترتدي الحجاب. ولم يأت ذلك اعتباطا بل من خلال تضحيات ونضالات استمرت عدة عقود ولا تزال.


ضد التنمية والسلم وليس الحريات فقط:
من يريد تسميم المستقبل في مصر، وغيرها من الحالات المشابهة؟ من يريد أن يفرض نمطا مغايرا للطبيعة التي تقضي بالتعدد؟ إذ إن منع النقاب، وإجبار الفتيات على كشف وجوههن، يعد إهانة لهن، فالناس منازل ومراتب فيما يعتبرونه إهانة، فلو طلب من امرأة متبرجة أن تكشف جزء مغطى من جسدها بلغة الأمر، لاعتبرت ذلك إهانة، فكيف لا تعتبر المنقبة التي تعودت على تغطية وجهها، وتعتبر ذلك عبادة، مطالبتها بكشف وجهها إهانة، واعتداء على خصوصيتها، واسترقاق مفضوح، في عصر يستطيع فيه المرء، أو هكذا ينبغي، أن يعبر عن قناعاته دون خشية من الإرهاب القضائي، والإرهاب السياسي، والإرهاب التعليمي، والإرهاب الوصائي باسم (ولي أمر) لم يعد كذلك ولم يكن كذلك قطعا، والسؤال هنا، ما مصير الفتيات اللواتي حرمن من التعليم بسبب النقاب؟
ولا شك أن ذلك يتم بوعي أو بدونه من أجل تكريس صورة نمطية سلبية عن المرأة المسلمة الملتزمة بدينها من منظورها الذي تعتقده، وهي صورة المرأة القابعة بين 4 جدران، تنتظر الزوج كمرحلة تسبق دخول القبر، بعيدا عن التحصيل العلمي، والمشاركة في عملية الانتاج والتنمية. المرأة الجاهلة، التي لا يحق لها أن تحصل تعليما، ولا أن تستشار فضلا عن أن تختار من تتزوج.


إن هذه الصورة السلبية، هي التي دفعت مدير التلفزيون المصري الأسبق (في عهد ولي أمر علي جمعة) إلى دعوة المذيعات المحجبات إلى التزام بيوتهن بعد ارتدائهن الحجاب، فالحجاب فضلا عن النقاب في عرفه هو عنوان القبوع في البيت، وليس الخروج منه، ونسي أن لا حجاب ولا نقاب على المرأة في بيتها ما لم يكن هناك أجانب، وأن الحجاب والنقاب هو تأشيرة خروج النساء لقضاء حوائجهن، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحوائج التحصيل العلمي، والنجاح في الامتحانات.
ومن هنا نفهم أيضا لماذا تم حرمان تركية من التكريم في مسابقة شعرية لارتدائها الحجاب، بعد أن حصلت على الجائزة الأولى، لأن الصورة النمطية لدى البعض عن الحجاب أنه رمز للتخلف لا المرتبة الأولى كما أثبتت تلك الشابة التركية سازينر أردوغان، في حديقة أتاتورك، وأفحمت المتبرجات العلمانيات.


إن لباس المرأة للحجاب، أو ارتدائها للنقاب، لا يغير من طبيعتها الانسانية في شيء، بل يؤكدها ويحافظ عليها لا سيما إذا كانت مختارة لذلك. وقد أثبتت الوقائع أن المرأة بالحجاب وحتى النقاب يمكن أن تتصدر المراتب العليا وتحصل على جميع الدرجات العلمية بامتياز، بعيدا عن المرضى بالتلبس، وهو رمي المحجبات والمنتقبات بما فيهم وفيهن، من قبح ، وبجاحة، وجهل. وقديما قيل" رمتني بدائها وانسلت".


22/5/1432 هـ

أمريكا وحربها الإسلام والمسلمين

أمريكا وحربها الإسلام والمسلمين


ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 25 - 04 - 2011
نقلا عن : عشري علام - خاص بموقع طريق الإسلام




الآليات والخطط:
هذه هي الحلقة الأولى من نحو وعي سياسي أصيل والذي ستتراوح بين رؤيتي للقضايا المهمة المثارة والتي تمس الواقع، وبين الحديث عن أهم كتب التراث السياسي الإسلامي ومنهجها في معالجة كافة قضايا المجتمع بتميز شديد يفوق كافة الأطروحات الوضعية وفلسفاتها المتناقضة في أنساقها وبنيانها الداخلي والذي انعكس فشلا في تحقيق السلام والأمن بين دول العالم، ولم يحقق الأمن النفسي للإنسان وفق منظور الحضارة الغربية وسياستها، كما تأتي هذه السلسلة للرد على الببغاوات العربية في ترديد كل ما تقوله القوى الصهيو صليبية ضد الإسلام والمسلمين من أننا نحتاج إلى تقليد الغرب سياسة وسلوكا وثقافة.. الخ حتى نتقدم، وسنقدم الأدلة على أننا حتى لو أخذنا بكل فكر الغرب وثقافته لن ينتهي الصراع حتى لو أصبحنا جميعا ليبراليين علمانيين.. الخ، ما دمنا نحمل اسما إسلاميا وديانة الإسلام فلن يشفع لنا كل هذا بل سيظل الصراع قائما وهذا ما أكدته كافة القيادات السياسية والمراكز البحثية المؤثرة في صناعة القرار كمؤسسة "راند" ومعهد "كارينجي" و "بروكنيجز" وباقي المؤسسات.


في هذه الحلقة نأخذ مركز "راند" ورؤيته في محاربة الإسلام والتيار الإسلامي كنموذج؛ والسبب في الاختيار أنه من أكثر المراكز تأثيرا في القرار الأمريكي، وأكثرها وضوحا في الإعلان عن الخطط والأهداف والآليات فماذا قال تقرير "راند"؟ ولكن لماذا الحرب على التيار الإسلامي والإسلام؟ يجيب التقرير:
1ـ لأنهم يعادون الديمقراطية والغرب.
2ـ يتمسكون بالجهاد في سبيل الله.
3ـ ولأنهم متمسكون بالتفسير الدقيق للقرآن والسنة، يعني ليسو حداثيين.
4ـ يطالبون ويعملون على عودة الخلافة الإسلامية.


ومن هم أول الناس الذين يجب التخلص منهم بحسب تقرير السلفيين والوهابيين والقاعدة؟ اربط هذا بما يتناوله الإعلام الآن في مصر والعالم العربي ضد السلفيين؛ لتعرف ما المقصود من هذه الحملة؟

وقد اعتمدت خطة الحرب على عدة محاور:
الأول: إعلامي من خلال دعم الإعلاميين والصحفيين وكافة الأجهزة الإعلامية التقليدية وغير التقليدية من خلال الإنترنت بكافة وسائله، وتوفير البيانات اللازمة لتشويه صورة التيار الإسلامي، هذا بالإضافة إلى الدعم المإلي والأدبي بل وتطويرهم ليصلوا في مستوى الخطاب الإعلامي لحجة السلفيين وباقي التيار الإسلامي وأن يركز الإعلام والإعلاميين على التشويه السياسي المتعمد وإظهارهم بأنهم متخلفون وغير جديرين بإدارة الحكم، هذا من جانب، جانب آخر وهو مهاجمة عقيدة الجهاد الإسلامية ووصمها بالإرهاب والتطرف.

وحدد التقرير بشكل واضح الهدف وطبيعة الصراع بأنه صراع عقائدي سياسي، فيقول أهم معد للتقرير ويدعي "رابا سا": "الحركة الإسلامية الجهادية العالمية حركة أيدلوجية متطرفة، والحرب عليها في أبسط مستوى تكون من خلال الأفكار"، إلى أن أكد على منع الإسلاميين من الحديث عبر الإعلام لماذا؟ لأنهم يجيدون ببراعة الخطاب الديني والسياسي.

2ـ الاستضافة وبكثافة لهؤلاء الإعلاميين من صحفيين وكتاب في الإذاعة والتلفزيون والفضائيات وعبر مواقع الانترنت لتشويه صورة الإسلاميين وأفكارهم ومعتقداتهم بل والإيقاع بين الإسلاميين أنفسهم من خلال عدة وسائل منها تقسيمهم إلى معتدل ومتطرف وإرهابي.. الخ.
بل تجاوز الأمر الوقيعة بين الإسلاميين إلى الوقيعة بيين الدول الإسلامية وإشعال الصرعات فيما بينهم بغرض تقسيمها فلا يكفي لتقسيم المسلمين إلى ليبراليين وعصريين وعلمانيين.. الخ، بل صراعات داخل الدولة الواحدة عرب ضد إما زيغ أو أكراد ضد عرب وشيعة ضد سنة وهكذا دواليك والغرض شق وحدة الأمة ضد الهيمنة الأمريكية وكمبرر للتدخل في شؤنها الداخلية.

ـ كما اعتمدت الخطة وفق تقرير "راند" إلى الاستعانة في مواجهة التيار الإسلامي على العلمانيين، وما يسمى "الإسلاميون العصريون".

3ـ وكذلك ما يسمى التيار التقليدي المعتدل.

4ـ وركز معي اعتمد على الدعاة الجدد، وأشبههم ودعمهم ليكونوا قادة جدد للتيار الإسلامي مستقبلا.

5 ـ الاستفادة من القيادات الليبرالية والعلمانية الأكاديمية واستخدامهم في المراكز البحثية كأحد أهم طرق بناء شبكات معتدلة؟ وسوف نوضح مفهوم الإعتدال الذي يقصدونه.

6ـ الاستفادة من القيادات الشعبية لتلعب دور المساندة للإتجاه الليبرالى والعلماني من خلال ما يسمى المجتمع المدني المرتبط بالاستراتيجية الأمريكية.

7ـ جمعيات حقوق المرأة التي تنادي بالمساواة الكاملة مع الرجل في كل شيء.

8ـ الاستعانة بالأقليات الدينية بحجة تضررهم من الإسلام وتطبيق الشريعة.

أفهمت لماذا تتبنى "اليوم السابع" و"المصري اليوم" هذا الخط الطائفي ومعهم عشرات الإصدرات الأخرى من خلال الشبكة الإلكترونية وبدعم معلن من ساويرس بل حتى للأحزاب كحزب الدكتور أسامة الغزالي حرب، حيث صرح ساويرس أنه يموله، لو فعل هذا رجل أعمال مسلم لقامت الدنيا في وجهه متهمة إياه بدعم الإرهاب؟ ولم تنتهي آليات حربهم للإسلام والتيار الإسلامي عند هذا الحد، بل يوصي التقرير بالضغط على الدول الإسلامية لتغيير مناهج التعليم لتتماشى مع الخطة الأمريكية تحت ستار التعليم الديمقراطي؟ أي ديمقراطي بل وإلغاء النصوص الدينية التي وصفوها بالتطرف بل يريدونها نصوص ليبرالية معتدلة وسطية بحسب فهمهم.
والتقرير دعى إلى الاستفادة من خطة المواجهة مع الشيوعية وتطبيقها ضد الإسلام سواء من حيث الاحتواء أو المواجهة.

9ـ وفي إطار أهمية الإعلام قامت الإدارة الأمريكية من خلال وزارة الخارجية بإنشاء وحدة التدخل السريع الإعلامية مهمتها: التدخل السريع ودون الرجوع لأحد في الخارجية في مراقبة كافة الوسائل الإعلامية والإلكترونية في العالم العربي والإسلامي وتقديم التقرير للإدارة الأمريكية، والأخطر تقديم وجهة النظر الأمريكية للإعلام العربي والتأكد من وصولها للمتلقي العربي والإسلامي، وتقدم للجهات الإعلامية والسياسة التابعة لها من الليبرليين والعلمانيين الملفات الشخصية عن الإسلاميين من دعاة وسياسيين ومثقفيين للاستعانة بها في مواجهتهم، كما ساعدت هذه الوحدة في إنشاء قناة "الحرة" وقناة "سوا" لكنهما فشلا في المهمة رغم ضخامة الراصد المالي الذي أنفق عليهما والذي بلغ سنة 2007 م حوالي 971،9 مليون دولار واحتياطي بلغ 50 مليون دولار.


وفي إطار سياسة الاحتواء التي اعتمدت على:
1ـ دعم الأفكار والمؤسسات البديلة المعادية للتيار الإسلامي وإنشاء شبكات منها ودعمها وتطويرها بتقديم الخطط والمال والبرامج ومساندة العاملين من أجل إنجاح الرؤية الأمريكية وتقييم وتطوير الأداء وبشكل دوري.

2ـ استخدام القطاع الخاص وما يسمى المجتمع المدني في سياسة الاحتواء.

3ـ ودعى إلى إحياء التراث واللغات القديمة التي مضى عليها آلاف السنيين في العالم العربي والإسلامي كإحياء لغة البربر واللغة القبطية وهو ما فعلوه مع الشيوعية من خلال تولستوي وغيره، والحقيقة أن الصراع حول بأي نمط حضاري وقيمي ومحتوى عقدي يريدوننا أن نعمل به، هذه حقيقة الصراع التي تدركها القوى الصهيوصليبية أكثر من غيرها من العملاء والببغاوات عندنا من إعلاميين وسياسين ومثقفين..
والغريب أن التقرير تكلم بصراحة عن هؤلاء وأنهم يجب أن يتحملوا الاتهام لهم بأنهم يعملون وفق الرؤية الأمريكية والغربية فهذا الأمر لا يمكن تجنبه.


بقي أمران مهمان في هذا المقال:
الأول: ما هو معيار الاعتدال وفق الرؤية الأمريكية؟
ثانيا: هل أمريكا تريد لنا الديمقراطية؟

أولا: مفهوم الاعتدال من المنظور الأمريكي:
من خلال مجموعة من الأسئلة يتم تحديد الاعتدال بحسب المفهوم الأمريكي
1ـ هل تؤيد الديمقراطية؟ وإن كان كذلك فهل يتم تعريف الديمقراطية بمعناها الواسع من حيث ارتباطها بحقوق الأفراد؟
2ـ هل تقبل تبديل الأديان كحقوق فردية؟
3ـ هل تؤمن بحق أعضاء الأقليات الدينية في بناء وإدارة دور العبادة الخاصة بدينهم "كنائس أو معابد يهودية" في دول ذات أغلبية مسلمة.
4ـ هل تؤمن بإمكانية أن يتولى أحد أفراد الأقليات الدينية مناصب سياسية عليا في دولة ذات أغلبية مسلمة؟
5ـ هل تؤمن بأن يحصل أعضاء الأقليات الدينية على نفس حقوق المسلمين؟
6ـ هل تؤمن بأن على الدولة أن تفرض تطبيق الشريعة الإسلامية؟


وببساطة كما ترى من خلال هذه الأسئلة أن يتحول المسلمون بعيدا عن دينهم بدعوى الاعتدال بحسب رأي الدكتور باسم خفاجي مترجم التقرير والمعلق عليه.

وأضيف: هل اختلف طرح الاتجاهات السياسية المحتشدة لدعم أمركة الإسلام ومعهم بعض دعاة التنوير عن هذا بل زادوا عليه؟ ويوضح التقرير بشكل دقيق من هم المعتدلون الذين يجب دعمهم

1ـ العلمانيون وهم العلمانيون الليبرليون فهم الأفضل من وجهة نظر التقرير؟ لأنهم يعارضون بشكل كامل تدخل الدين في شؤون الحياة، ومعهم الكتاب والإعلاميين الذين يعادون علماء الدين ويرفضون الوجود الديني بمختلف صوره في المؤسسة الحاكمة وحذر التقرير من التعامل مع العلمانيون الذين لا يجاهرون بالعداء للإسلام لماذا بحسب رأي معدوا التقرير؟ لأنهم قد يتعاونون مع التيار الإسلامي في مقاومة المشروع الأمريكي؟ يعني لازم تبقى عميل حتى النخاع فكرا وأداء سياسي ولا عزاء لحرية الفكر والتنوير إلا بالفهوم الأمريكي.

2ـ التيار الثاني المسمى "العصراني المسلم" وهم الذين لا يرون عدم التعارض بين الإسلام والديمقراطية التعددية والحقوق الفردية ثم اسمع لهذا الشرط المفاجأة أن يكون ماذا يا دعاة الحرية الأمريكية النابذين للتعصب والعنف ها هي الحرية في ثوبها القشيب
الشرط أن يكون متعصبا وضد فكرة قيام الدولة الإسلامية هذه حقيقة الهدف بأوضح صورة؟

3ـ يأتي ضمن أدوات الخطة لحرب الإسلام من الصوفية بحسب التقرير وحددهم بأنهم الذين يقدسون الأولياء ويصلون في الأضرحة وماذا من مهمة التيار الصوفي والإسلام التقليدي حربهم للسلفية؟ لماذا؟ لأنهم بحسب التقرير هدف مشترك يجب محاربته.

انظر حولك لتفهم ما يجري ولمصلحة من بل كتب أحد رموز التصوف منذ أيام في "الواشنطن بوست" رسالة أشبه بالاستغاثة تدعوا أمريكا لحرب السلفية.
يا الله إلى هذا الحد؟ ورفض التقرير بعض القائلين بالحوار مع التيار الإسلامي والتعامل حتى مع العصريين من الإسلامين؟


أكتفي بهذا القدر في هذه الجزئية وأنتقل إلى أمريكا لا تريد الديمقراطية؟ فشروط الديمقراطية الأمريكية:

أولا: رفض التقرير دعم ونشر الديمقراطية في العالم الإسلامي والعربي لأنها ليست من صالح أمريكا، وتأمل السبب الآخر: ولأنها تضعف الحكومات الحليفة ـ العميلة ـ التي تشكل جزءا من البنية الأمنية للولايات المتحدة في المنطقة والتي تدعمها أمريكا، وزاد التقرير الأمر وضوحا بأن الديمقراطية ستأتي بالإسلاميين إلى السلطة وهو ما يتعارض مع المصالح الأمريكية واستراتجيتها في المنطقة؟ يعني لو الديمقراطية ستأتي بالعملاء الأمريكيين أهلا بها لكن أذا اختارت الأمة أو أغلبها ممثليها ونظامها فلا داع للديمقراطية اتركها في الثلاجة متجمدة لحين تصنيع واقع جديد يقبل بخدمة الاستراتجية الأمريكية ليس خدمة الأمة ولا مصالحها إلا من خلال الدعاية الإعلامية البلهاء ومصدقوها الأبله منهم.


ودعوني أطرح سؤال: هل منع أحد من التيار الإسلامي الأنظمة المتعاقبة في عالمنا الإسلامي من تحقيق منجزات في كافة المجالات العلمية والحضارية وتحقيق الاستقلال الاقتصادي والسياسي لدولهم وهم أصحاب الحكومات منذ ما أسموه الاستقلال؟ وقد تقلبوا بين الاشتراكية وما زالوا يتقلبون في الرأسمالية وفوق هذا حاربوا الإسلام في شخوص ما يسمى "التيار الإسلامي" بكل عنف وقوة فاقت حربهم للمحتل وبكل وسيلة، ومن اعترض علينا فليقدم أدلته الموثقة بالواقع، أين التنمية بصورها المختلفة؟ وأين التقدم؟ وقبل هذا أين كرامتنا الوطنية التي تاجر بها الحكام في سوق النخاسة السياسية؟ تارة للشرق وأخرى للغرب وما زالت محاولات التمرد على أعظم نظام عرفته الدنيا ومعادته مستمرا، ولست أرى حماقة أكبر من أن يعادي أحدا عقيدة او فكرة أو شخصا دون معرفة حقيقته من مصادره الأصلية أو من لسانه هو دون كتابة الآخرين عنه؟


وأخيرا يأتي دور الوسيط الكميائي مع ما سبق من آليات وهو المسمى "المجتمع المدني" وهذا المصطلح اختير بعناية لإحداث جدل فهو يحمل مضامين مشتركة فلا يمكنك رفضه لأنه من حضارتنا التي اعتمدت عليه بل كان العمل الأهلي التطوعي الذي عرف في أغلب أنشطته بالأوقاف والأعمال الخيرية خارج عن إطار السلطة الرسمية بل ساهم وما زال للآن في حفظ المجتمعات الإسلامية، لهذا حاربته أمريكا والغرب بقانون دولي ظالم ووصفته بالجمعيات المساندة للارهارب.. الخ، لكن حين يتعلق الأمر بالمجتمع المدني وفق المفهوم والهدف الأمريكي ودوره في اختراق المجتمعات وتمزيقها فيرحب به، وعندها يسيل المال بلا حساب لدعم كافة مجالات المجتمع المدني لتنفيذ خطة المخابرات الأمريكية وفي المقابل تجفيف المنابع لكل مال للتيار الإسلامي بل ومنعهم من تقديم الخدمات للشعوب ما دامت تحت شعار الإسلام بل لقد دعى المدعو "دينيس روس" بدعم العلمانية وأخواتها لتقوم بالعديد من الأعمال الإغاثية والخيرية من التي تقوم بها الجمعيات الإسلامية وعدم الأخذ بالاعتبار لسيادة الدول.


أكمل معكم بإذن الله خلاصة التقرير مع خلاصة عملية لكيفية التعامل معه في المقال القادم. والله المستعان.