عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 30 يونيو 2011

تأملات في شريط العاصفة الشعبية ثورات مهاجرة (5)

تأملات في شريط العاصفة الشعبية ثورات مهاجرة (5)

من مفارقات الثورات العربية أنها ألقت المزيد من الأضواء على الأزمات الاقتصادية والمالية التي تطحن المركز، وتهدد بانهيار النظام الرأسمالي برمته. فالأزمة المالية العالمية التي سبق وفجرتها البنوك العقارية في الولايات المتحدة سنة 2008 لم تنته بعد.

إذ أن المشكلة واقعة في صلب النظام الرأسمالي نفسه الذي لا يخرج، بالمحصلة، عن كونه سلعة أيديولوجية ذات قيم جشعة ومضامين متوحشة .. أو منتج استهلكه الزمن فتآكلت قدراته ونخرت العيوب مناعته إلى أن صارت الأزمات تعصف به من كل جانب. فما الخلاص من مرض لا شفاء منه؟ ما من خلاص. وكما يقولون في المثل الشعبي: « اتسع الخرق على الراقع ». فما يدافع النظام الرأسمالي به عن نفسه ليس سوى « تلبيس طواقي»، لستر عورات وفضح أخرى بانتظار لحظة الإعلان عن الانهيار، كما قال الباحث عامر عبد المنعم في مقالته الشهيرة: « أمريكا ماتت فلا تكونوا كجن سليمان».

فكيف يكون الحال وقد اتسع الخرق ليصل إلى أوروبا؟ ها هي مسألة الديون المستفحلة في الولايات المتحدة تتفاقم لتبلغ ما قيمته 14.3 تريليون دولار. ولهذا حذر الرئيس الأمريكي، في تصريحات نشرت في 14/6/2011، من حدوث أزمة مالية عالمية، إذا لم يوافق الكونغرس على زيادة سقف الدين العام للبلاد بقيمة 2 تريليون دولار، لتغطية العجز في الإنفاق الحكومي حتى حلول موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

واعتبر أن: « التخلف عن رفع السقف يعد تهديدا للنهوض الاقتصادي ليس في الولايات المتحدة وحسب وإنما سيتجاوزها لبقية العالم ويؤدي إلى أزمة مالية جديدة». وحتى 24/6/2011 فشلت مفاوضات الكونغرس في تحقيق أي تقدم لرفع سقف الدين .. لكن دون أن يستبعد المحللون اتفاق اللحظة الأخيرة.

يحدث هذا في الوقت الذي تستفحل فيه الديون لتضرب دول أوروبا الواحدة تلو الأخرى. وفي سيناريو عجيب، يشبه ما حدث في تونس ومصر، فقد بدأت الأزمة تتفجر في اليونان وإسبانيا إلى الحد الذي أجبرت فيه بن برناركي، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، بعد مراقبة أمريكية للوضع اليوناني لأكثر من عام، على إطلاق صيحة فزع (22/6/2011)، تجاه الوضع « الصعب» في اليونان، والتحذير مما بات حقيقة تؤكد أن أزمة الديون اليونانية تهدد النظام المالي العالمي برمَّته، « إذا لم يوجد لها حل».

أما عن إجمالي المشكلات الاقتصادية في أوروبا فـ: « سيكون لها انعكاسات على أسواق المال العالمية، ممَّا سيضر أيضا بالاقتصاد الأمريكي .. لاسيما .. المؤسسات المالية الأمريكية». بل أن برناركي ذهب أبعد من ذلك حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنه في مؤتمر صحفي (26/6/2011) القول أن: « فشل حل الأزمة اليونانية يمثل خطرا على النظام المالي في أوروبا، وعلى العالم، ويهدد الوحدة الأوروبية».

والواقع أن الأزمة دفعت بقطاع من المستثمرين، وفق ما أشارت إليه صحيفة « الفايننشال تايمز 25/6/2011»، إلى سحب أموالهم من الأسواق الأوروبية. فقد سحبت البنوك الأميركية 51 مليار دولار تمثل سندات غير حكومية من أوروبا، وحولتها إلى سندات خزينة أميركية. وأكثر من ذلك، فـ: « البنوك الأميركية ذاتها تحولت من السندات الحكومية الأوروبية إلى السندات الأميركية أيضا بسبب الخشية من تدهور أزمة اليونان». وبحسب الصحيفة ذاتها فإن: « المسحوب من الأسواق الأوروبية لا يزال أقل بكثير من الأموال التي سحبتها المؤسسات المالية من أسواق المال الأميركية في الأشهر التي أعقبت الأزمة المالية سنة 2008، وبلغت 400 مليار دولار». وهذا يعني، مبدئيا، أنه ثمة وقت لتدارك الأزمة.

أما أكثر التوقعات قتامة، فقد استقبلها ديفد كوتوك، رئيس قسم الاستثمار في مؤسسة كمبرلاند أدفايزرز، بتسطيح مريب حين قال أنه: « حتى في حال إفلاس اليونان فإنها لن تكون النهاية»، مستشهدا بـ: « تركيا التي تعرضت لأزمة مالية واستطاعت أن تصبح من الاقتصادات الناشئة القوية ودول نمور آسيا سنتي 1997 و 1998 وانهيار الروبل الروسي، والعملة المكسيكية سنة 1994»، مشيرا إلى أن: « الأزمات المالية هي حقائق تاريخية»!!! وهذا صحيح من حيث المبدأ لكنه، بالمقارنة، ليس دقيقا في كل الأمثلة التي اعتمدها، خاصة إذا ما تعلق الأمر بأزمة بنك ليمان برذرز العقاري وأزمات أوروربا. فإذا ما أفلست اليونان؛ فإن التبعات ستكون كبيرة، كتلك التي خلفها انهيار بنك ليمان برذرز، بحسب ما أدلى به إيد يارديني، بمعهد يارديني للأبحاث في نيويورك، لوكالة الصحافة الفرنسية في 26/6/2011.

ولعل هذا ما يفسر تدخل الصين لحماية استقرار الاقتصاد العالمي ومنع انهيار اليورو. فقد قالت، في بودابست 26/6، على لسان رئيس الوزراء وين جياباو: « لقد اشترينا الكثير من السندات المقومة باليورو خلال السنوات الماضية، وسوف نستمر في دعم أوروبا واليورو». فالصين، التي شددت ملاحقتها للمعارضين، منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، ويتملكها الهلع كروسيا، من انتقال عدوى الثورات العربية إليها لا تنقصها المتاعب.

ورغم الاستنفار الأوروبي لإنقاذ اليونان من شبح الإفلاس، في السنة الماضية، إلا أن الحكومة أقرت من جهتها في 10/6/2011 برنامجا للتقشف يمتد لعام 2015 كي يتسنى لها الحصول على قروض بقيمة 161 مليار دولار تسمح لها في احتواء مشكلة سداد ديونها البالغة 480 مليار دولار إلى 730 مليار بحسب مصادر أخرى، أغلبها لألمانيا.

أما عن سبب الديون، وتحمل العامة لها، فقد أرجعها وزير العمل اليوناني إلى التهرب الضريبي. إذ أن: « ربع اقتصاد البلاد لا يدفع ضرائب». ولمنع الانهيار؛ فقد تجبر أوروبا الحكومة اليونانية على إشراك القطاع الخاص في تحمل عبء القروض.

ومن جهته فقد يضطر الاحتياط الفيدارلي الأمريكي والمصرف المركزي الأوروبي إلى التدخل عبر ضخ السيولة في أسواق المال العالمية « من أجل محاصرة العدوى»، إذ أن مشكلة اليونان ليست الوحيدة، لاسيما وأن بلجيكا وإيطاليا باتتا على قائمة الانتظار. ففي 19/6/2011 حذر جان كلود يونكر، رئيس مجموعة اليورو، من أن أزمة الديون التي تضرب اليونان ودولا أخرى قد تمتد عدواها إلى إيطاليا وبلجيكا. وقال في تصريحات لصحيفة ألمانية: « إننا نلعب بالنار»، فـ: « المشاكل التي أدت باليونان والبرتغال وأيرلندا لطلب حزمة دعم مالي دولي لتفادي الإفلاس قد تنطبق على إيطاليا وبلجيكا بسبب المستويات العالية التي بلغتها ديونهما».

أما ألمانيا الفزعة من الديون الأوروبية، فما كان من وزير خارجيتها غيدو فيسترفيله إلا توجيه انتقادات غير مباشرة لتصريحات يونكر، أملا في امتصاص حالة الفزع الأوروبي.

أما في إسبانيا؛ فمن العجيب حقا أن يتجرأ رئيس الوزراء خوزيه لويس ثاباتيرو (23/12/2010) على القول بأن: « بلاده تحتاج إلى خمس سنوات لتصحيح الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني وتحقيق الازدهار والرفاهية للشعب الاسباني»، بينما تعاني البلاد من بطالة وصلت إلى 20%!! فكيف يعقل لاقتصاد يعاني اختلالات بنيوية أن: (1) يتعافى أولا، ثم (2) يقطع مرحلة « الازدهار » ثانيا، و (3) يصل إلى مرحلة « الرفاهية» في خمس سنوات عجاف قد تودي بالنظام الرأسمالي برمته!!؟ تصريحات ثاباتيرو هذه جاءت في أعقاب إقرار مجلس النواب الاسباني لقانون الميزانية العامة لسنة 2011، وهي السنة الأكثر تقشفا منذ بدء الأزمة الاقتصادية، والأعلى تخفيضا في مستوى الإنفاق العام بنسبة 7.9% مقارنة بما كان عليه سنة 2010 .. تقشف تأمل الحكومة منه بتخفيض العجز العام لهذه السنة إلى 6% مقارنة بـ 9.3% لسنة 2010.

الآن، وفي السياق الذي نتحدث عنه، ما هي علاقة الثورات العربية بالأزمات الاقتصادية العالمية؟ وكيف يمكن لـ « المركز» أن يجمع بين نقيضين في موقفه من الثورات: موقف المؤيد والمناهض للاستبداد والطغيان السياسي، وموقف الاعتراضات السافرة لمسار الثورات بحيث تبقى في مواطنها بعيدا عن المركز؟ الجواب الوحيد هو مصالح المركز ولا شيء غيرها.

مبدئيا، ثمة مشهد مشرق للثورات العربية بعيون « المركز»، خاصة بعد أن « تدارك» خطأه في الثورة التونسية، وأخذ يتصدر الدفاع عن مطالب الشعوب المقهورة ويثني على شجاعتها!!! لكنه ثناء ماكر وخبيث فيما يزعمه من نصرة، ومع ذلك يجد من يصدقه ويدعوه للتدخل، بل ويعبر عن امتنانه له!!! بينما هو في الواقع كحال المومس من الطهر والعفاف حين تدعي شرفا.

فما يجري في العالم العربي من ثورات باغتت الجميع تمثل، من باب آخر، فرصة ثمينة لـ « المركز» كي يخرج من أزماته المستفحلة. فالتدخلات السياسية والأمنية والمسلحة تصب، هي ونتائجها، في خدمة مصالحه واستراتيجياته.

أما الثروات العربية المنهوبة، والمسجلة بحسابات مشفرة وغير مشفرة، باسم الفاسدين من العرب، والمكدسة في بنوك « المركز»، فقد باتت صيدا سهلا وثمينا له، كي يشرع في عملية نهب واسعة النطاق .. نهب ليس ثمة من هو قادر على مراقبته أو ردعه أو إخضاعه لأية مساءلة، طالما أن النهابين هم قادة « المركز»، وطالما أن الفاسدين سقطوا، وباتوا قيد التشهير والملاحقة القانونية.

هكذا يمكن أن نفهم لهفة « المركز» على التدخل في ليبيا، طمعا في ثرواتها، أو الصمت، الخبيث، على القتل الوحشي في سوريا، وكذا التدخل السافر في اليمن .. فهو، من جهة، تدخل يستدعي الاحتفاظ بالسيطرة على الهامش، ورفع التكلفة، أملا في إطالة أمد الثورات.

ومن جهة أخرى الاجتهاد في توفير فائض من الوقت، يكفي لإدارة عملية النهب بصورة منظمة لتحقيق أفضل النتائج !!! هذه هي حقيقة النظام الرأسمالي في بعضٍ من أوسخ قيمه وأخلاقه.

لكن المشهد المزعج للثورات العربية فهو ذاك الذي يبعث على الفزع في « المركز»، وهو الذي يجهد في اعتراضه بكل ما أوتي من قوة. إنه مشهد هجرة الثورات.

فماذا لو نجحت الثورات العربية في اعتراض النظام الرأسمالي، وهاجرت إلى ساحات وميادين أوروبا؟ فهناك يستوطن القتلة، وصناع الكذب، ورؤوس الطغيان، وعمداء الاستبداد، ورموز الشر والعدوان والهيمنة العالمية .. وهناك أيضا، مدارس لتعليم وتصدير فنون استعباد الشعوب، ونهبها، وإفقارها .. ألا يستحق « المركز» ثورة في عقر داره؟ لعله كذلك.

ففي هذا الوجه المقلق؛ يجتهد « المركز»، ليل نهار، لتشويه الثورات العربية عبر إغراقها في الفعل الدموي أو تمييعها .. لا لهدف، إلا لإطفاء بريقها، والحيلولة دون انتقالها إلى بلادهم، أو استلهام شعوبهم لها، كنماذج قادرة على التغيير، والخروج من الأزمات والمآزق، دون خسائر كبيرة !!!

هذا الوجه؛ هو الحقيقة المرعبة التي يعيشها « المركز»، ويخشى منها بدء من أوروبا .. وجه سارع الإسبان لاحتضانه، في ساحة « بويرتا ديل سول»، الواقعة في قلب مدريد، والاعتراف بفضله، وتوقيره، بصريح اللفظ: « الثورات العربية ألهمتنا»، وخاصة الثورة المصرية، التي حضرت حتى بشعاراتها في العاصمة الإسبانية!! لكن بماذا يطالب الإسبان؟ وماذا يقول اليونان؟ وكيف علق الفرنسيون على الحراك الشعبي الأوروبي؟

لنتابع: بداية لا بد من القول أن حركة الاحتجاجات الأوروبية تتباين من حيث قوتها وأثرها وانتشارها. فهي، حتى الآن لا تتجاوز ثلاثة دول. كما لا يمكن القول أنها تشكل أنوية صلبة لحركات تغيير بالمعنى الذي تنشده الثورات العربية، ولو أنها تبدو كذلك، من بعيد، في اليونان وإسبانيا.

لكن من المفارقات العجيبة أن تستلهم الاحتجاجات الأوروبية الثورات العربية، ليس في شكلها فحسب بل في صميم جواهرها.

فهي: • احتجاجات تصر على شعبيتها، وسلميتها؛ وهو ما تجلى في صورة مظاهرات واعتصامات وخيم وجماعات تنظيم وإعلام ودعم لوجستي في ساحات المدن والأحياء الكبرى في اليونان وإسبانيا.

• وتأبى الاحتشاد تحت أية دعوى أيديولوجية أو حزبية من أية جهة كانت. ومنعا للأحزاب من تسلقها؛ فقد بادر المعتصمون في العاصمة اليونانية أثينا ( 9/6/2011) إلى التأكيد في تصريحات لهم على:

(1) « عدم انتماء حركتهم إلى أي حزب سياسي أو نقابة عمالية»، بل أن أحد المنظمين للاعتصام أوضح بأن: (2) « المحتجين يشملون جميع فئات وأعمار المجتمع اليوناني، ورغم أن الكثيرين منهم ينتمون إلى أحزاب سياسية، فالجميع متفقون على أن حضورهم لا يعني تمثيلهم لأحزابهم». ولا شك أن مشاركة جميع الفئات العمرية تقطع الطريق على ما يسمى بـ « نشطاء الأحزاب» لصالح كل المجتمع

!!! • وتتماثل في مطالبها السياسية والاقتصادية مع المطالب العربية، لكن دون الحديث، حتى اللحظة عن إسقاط النظم.

ولعل الاختلاف في النقظة الثالثة راجع إلى أن البنية السياسية في النظم الأوروبية مختلفة ( الدولة المدنية والديمقراطية) عن مثيلتها في النظم العربية ( الدولة البوليسية والاستبداد).

هكذا إذن كانت البداية. إذ تصدرت اليونان واجهة الأحداث حين احتشد، بحسب « رويترز»، عشرات الآلاف في وسط العاصمة أثينا (5/6/2011)، أو بما اعتبر المظاهرة الأكبر منذ أربعين سنة الماضية، بحسب رأي الصحفي بيتروس باباكوستاندينو. هؤلاء رفعوا لافتات كتب على إحداها ثلاث كلمات ذات دلالة بالغة، وهي تختصر عمق الأزمة التي تعصف بالبلاد: « لصوص - محتالون - مصرفيون» .. أزمة، في المحصلة، تعصف بعالم، يهيمن عليه لصوص « المركز».

ومن يرغب في التأكد فما عليه إلا أن يراجع بعض نماذج النهب الدولي المنظم مثل وقائع الأزمة العقارية في الولايات المتحدة وبرنامج النفط مقابل الغذاء بخصوص العراق أو تعويضات الحرب التي سرقتها لجنة التعويضات الدولية برئاسة جيمس بيكر أو أسعار النفط وصفقات التسلح ... وقائمة ينتهي العمر في معاينتها ولا تنتهي.

في 9/6/2011 نقلت «الجزيرة نت»، أيضا، عن نشطاء وصحفيين آراء مثيرة عن أهداف الاحتجاجات في المدن اليونانية. ومن الطريف حقا أن نقرأ عن الناشط ذيميتريس إيكونوميذيس قوله: « إن أهداف الاحتجاجات هي:

(1) رحيل الحكومة

و (2) إلغاء الديون

و (3) الوصاية الأجنبية على اليونان»،

إضافة بالطبع إلى: « (4) إلغاء إجراءات التقشف ..

وفي مرحلة لاحقة (5) تأميم المصارف

و (6) تحديد موعد للانتخابات التشريعية».

من يتأمل هذه المطالب يظن أنها تخص دولا وشعوبا في العالم الثالث أو الرابع، حيث مستنقعات الكذب والفساد والطغيان!! ولو لم يكن الأمر كذلك: • لما اندفع « شباب اليونان» أو « شباب إسبانيا» للرد على خرافات « الازدهار والرفاهية» التي أدلى بها رئيس الحكومة؛ في احتجاجات جرى تنظيمها في 60 مدينة إسبانية؛

• ولما قررت حركة شباب 15 مايو/أيار أن يكون الاعتصام يوم 19/5 /2011 في الساحات العمومية للمدن، احتجاجا على: « البطالة وفساد السياسيين وتهميش النظام الانتخابي للأحزاب الصغيرة»؛

• ولما لخص المحتجون احتجاجاتهم بشعار غريب على الفضاء الأوروبي: « الديمقراطية الحقيقية الآن» .. شعار لشباب: « سئموا من الاضطرار إلى الاختيار بين السيئ والأسوأ»، أو بحسب مسرحي تساءل: « أين الديمقراطية؟ »؛

• ولما احتشد آلاف آخرين بعد عشرة أيام (28/5) في 120 حيا مجاورا للعاصمة – مدريد.

أما في فرنسا؛ فلم تكن عدوى الاحتجاجات لتصيبها في الصميم كما هو الحال في اليونان وإسبانيا. لكنها لم تفلت في 29/5/2011 من تجمع لمئات الأشخاص في العاصمة باريس للاحتجاج على السياسة السائدة، والبطالة والفساد. إذ رفع المتظاهرون الذين تجمعوا بساحة الباستيل، وعلى بعد خطوات من دار الأوبرا، لافتة عملاقة قالت ما قالته قبلها شقيقتها في مدريد: « الديمقراطية الحقيقية الآن»!!! دون أن تنسى الاعتذار عن تأخرها بلغة ساخرة: « باريس صح النوم»!!!

مطالب الاحتجاجات الأوروبية تدفعنا للتساؤل عن جدوى ما نرفعه من شعارات ومطالب!!! فالعرب يدعون إلى إقامة نظم ديمقراطية ودول مدنية. مطالب يتنافس عليها متنافسو الرئاسات!!! دون أن يمعن أحدهم النظر في تطابق الشعارات والمطالب، أو يتساءل: أليست دول أوروبا مدنية؟ وذات نظم ديمقراطية؟ فما حاجة أوروبا إذن للثورات إذا كانت ستطالب بالنهاية بما يطالب به العرب!!!؟

المفارقة المثيرة للعجب أن شباب أوروبا، وليس شباب المسلمين، هم من يطعن بنزاهة الديمقراطية في مواطنها وعقر دارها .. وهم الذين يصفونها بالزائفة، ويتهمون القائمون عليها باللصوص والفاسدين!!! فما قيمة المطالبة بها، وقد أصبحت موضع احتجاج، وطعن، ومساءلة، في ميادين أوروبا؟ وماذا بقي من منطق للاسترشاد بالنظم الرأسمالية وقيمها، أو العمل بأدواتها وآلياتها؟ ثم ألا تستحق مثل هذه الاحتجاجات، وما ترفعه من شعارات، لحظة تأمل صادقة، وسط فرصة سانحة، لمراجعة قيم استهلكتها العقود في مواطنها؟ أم أن الدولة المدنية المنشودة، وكذا الديمقراطية، ستكونان أكثر تحضرا ونزاهة في دول الثورات العربية!!!؟

من باب التذكير فقط، نشير إلى انهيار بورصة نيويورك سنة 1929 تسبب بعجز الولايات المتحدة عن تقديم القروض لألمانيا لتسديد ديونها .. وانتهى الانهيار والعجز إلى اندلاع الحرب العالمية الثانية.

أما السؤال الذي نطرحه: ماذا لو وصل المركز إلى النهاية المحتومة أو تسببت الديون الأوروبية باندلاع الفوضى في العالم ناهيك عن حروب كونية جديدة؟ فأي نظام حينها سنطالب به؟ وأي شريعة سنقتدي بها؟

أخيرا الثابت الذي لم يعد قابلا لأي طعن أو تشكيك أن :

• الإسلام كلي وشامل وليس جزئي أو محدود. هذا يعني أنه لا وجود لإسلام قوي أو لدولة إسلامية موحدة .. قوية .. ناهضة .. ومهيوبة الجانب ما لم تكن كذلك كل الدول الإسلامية بلا استثناء. وبالتالي لا يحق لدولة أن تزعم، دون غيرها، أنها دولة توحيد بينما هي ليست سوى انعكاس لواقع الدول الأخرى في ارتباطها التام بـ « المركز».

• العرب قلب الإسلام والعالم الإسلامي. فإنْ فسدوا وظلموا؛ فسد العالم وظلم وتجبر واستكبر واستبد واستعبد القوي فيه الضعيف. وهذا يعني أنه لا صحة للقول بأن الدولة المدنية أو الديمقراطية يمكن أن تكون دولة عادلة أو حرة طالما أن العرب مستعبدون وحكامهم مستبدون، كما يعني أنه لا يمكن لأية دولة عربية أن تتمتع بالحرية طالما بقيت إسرائيل، اليد الباطشة لـ « المركز»، قائمة في قلب « الهامش».

• الثورات العربية حدثٌ من الضخامة بحيث لا يمكن أن يبلغ نهاياته دون أن يتم اعتراضه، من أشراره وأشرار الأمة، بشتى الوسائل والسبل، إما لإجهاضه أو لاحتوائه أو طمعا في مكاسب وقتية. لكنه مع ذلك ما زال في حالة تقدم، بامتلاكه الشارع، واستيطانه عقل العامة، كثقافة مكتسبة، وقادرة على الإنتاج، والإبداع، والمبادرة والتأثير.

لن أدفع ! هذا هو ملخص الرد الشعبي على خطط التقشف الحكومية في دول أوروبا. لكن حين تلتفت أوروبا وغيرها من الأقوام إلى العرب لتستلهم منهم سبل الخلاص؛ فهي، في المحصلة، تلتفت إلى مهد الإسلام وأهله. إذ ليس للعرب قيمة تاريخية أو حضارية خارج الإسلام. فإذا أصبح أفول النظام الرأسمالي حديث العالم، على الأقل، ابتداء من الأزمة العقارية سنة 2008؛ وإذا أصبحت قيمه (الحرية والديمقراطية ... ) موضع احتجاج ومساءلات صاخبة؛ وإذا ما تضخمت الأزمة العالمية؛ وإذا تحدث الأوروبيون عن الديمقراطية بصيغة: « أين الديمقراطية»!؛ وإذا بدأت شعوب « المركز» تشعر، كما « الهامش» عامة والمسلمين خاصة، أنها وصلت مع نظمها وقيمها واختياراتها إلى طريق مسدود؛ فما هو البديل؟

وهل يمكن آنذاك قراءة الالتفاتة الأوروبية كلحظة استغاثة أو دعوة إلى الإسلام كي يتقدم؟ وتستمر التأملات ....

الشاب الحبلص وتابعه القلاوي

الشاب الحبلص وتابعه القلاوي



محمد المعتصم | 30-06-2011 01:18

الاسماء الواردة في عنوان المقال، هي أسماء بني آدمين، لكن اصحابها يختلفون عن بقية خلق الله في كونهم، ينتمون الي اكاديمية مبارك للامن، المعروفة شعبيا باسم كلية الشرطة، لا يختلف حبلص والقلاوي، عن سابقيهم ممن تخرجوا من الكليه المتخصصة في نزع قلب أي طالب يدخلها، وتبديل صماماته بأساور من حديد تغلق اندفاع كرات الدم الحمراء عن الوجه، الذي يصفر من انعدام الخجلان ويتكون حول الاعين الجاحظة التى تندب فيها الف رصاصة، ممن قتلت المتظاهرينن وعذبت المعتقلين وهتكت اعراض الاراض.

لم تقترب الثورة من مدينة نصر وضواحيها، لذا لم يعرف طلاب مدرسة البوليس، ان حبيبهم العادلي في السجن، أظن أنهم اخبروهم أن الوزير بيقضي الويك اند بتاعته في بورتو طره، أو أنه بياخد لون في الشمس لان شرم الشيخ مش قد كده اليومين دول، أظنهم اخبروهم ايضا أن البهوات الذين يحاكموا الان بتهم قتل المتظاهرين هم ابطال ستطلق اسمائهم على الشوارع الرئيسية، مستشهدين على ذلك بالترقيات التى حصل عليها الضباط بعد تورطهم في جرائم قتل، وعمليات النقل التى طالتهم من اماكن مغمورة في الشوارع الخلفية والادارات المنسية الى اماكن حيوية في قلب الوزارة بعد أن اثبتوا، الولاء والكفاءة النادرة ايام انتدابهم من اماكنهم الي المظاهرات.

لم يعرف الشاب الحبلص وتابعة القلاوي ان الثورة قامت وان الدبابير التى كانت تلمع على اكتاف خريجي الكلية السابقين لم تنفعهم وقت ان خرج الشعب، ولم يجدوا امامهم سوي ان يخلعوا البدل الميري، تلك التى كانت مصدر رعب للأطفال من تهديدات اهاليهم المستمرة " لو اتشاقيت هجيبلك الظابط يحبسك"، فالاطفال شاهدوا الضباط تجري مثل العيال، لم يعرف الشاب الحبلص ان مناظر الضباط في اقسام الشرطة بقت تصعب على الحرامية، حتى يخيل لمن يدخل القسم ان يشاهد ضباط معمولهم داون لوود من على الانترنت.

الشاب الحبلص الذي لم يسمع عن الثورة ولا ما حدث بها، كتب قصيدة، يستحق ان يدخل بسببها اي مركز لمحو الامية، لعلمه قواعد اللغة العربية، وحبلص في اللغة العربية معناها " القوي الشديد" وهو اسم ينتشر في لبنان ومصر خاصة في دمياط ودمنهور، لكن لا احد بالضبط يعرف اين ولد ونشأ ايمن حبلص طالب كلية الشرطة الذي كتب قصيدة " ضباط الشرطة اسيادك"، التى شتم فيها الشعب وهدده بوضع السيخ المحمي في نفس الحتة اللي دخلت فيها عصاية عماد الكبير، وهو يقول "أبو دبوره وشورت وكاب ح يخلو عيشه اهلك هباب"و"اتقي الله يا واطي في بلادنا دول ضباطها سيادك مش لعبه في ايديك" و" ماسك جيتار يا خسيس اش فهمك انت في البوليس" و " لو دخلت الشرطه أي يوم حتهرب ملط من غير هدوم" و " مش عجبك مباحث الآداب أكيد ماما هناك يا كداب" قبل ان ينهي "عصيدة" الشعر اللي كتبها بالتهديد "اخر كلمه حقولهالك الحق شوف اللي حيجرالك"

قصيدة الشاب الحبلص لا تحتاج ان تحاسبه الداخلية، بل تحتاج حسابا عسيرا من وزارة التربية والتعليم التى لم تعلمه شيئا، لكن بعيدا عن تفاهة القصيدة واعتذار الداخلية ثم اعتذاره هو، وتراجعه عن الاعتذار، وبعيدا عن تلك الصفحة الرائعة التى أنشاها شباب على الفيس بوك للسخرية منه تحت اسم "وزارة الحباليص الداخلية سابقا"، فالداخلية لم تتعلم شيئا، ولم تدرك أنها عادت الي الشارع على مضض، وأن الجلسات العرفية وقعدات العرب، وحدها هي التى اعادتهم مرة اخري، ولولا جهود مجموعة من الشرفاء مثل ضباط الائتلاف وغيرهم، لاستمروا لابدين في الدرة

التطور الطبيعي للشاب الحبلص هو القلاوين أو محمد على القلاوي، نجل نائب مدير أمن قنا، الذي لم يكتف بالشتيمه، بل تعامل على انه حكومة، وسحب في ايده كمين من كلية الشرطة مدججين بالعصيان الكهربائية، واقتحموا حرم جامعة القاهرة، وقاموا بالاعتداء علي طالب بكلية الحقوق أثناء تأديته الامتحان، لانه منعهم من معاكسة احدي الفتيات، يا نهار اسود، الطالب حاول منع ضباط المستقبل من معاكسة فتاة، فاقتحموا جامعة القاهرة، اثناء تأديته الامتحان، بالعصيان الكهربائية، ليلقنوه علقة ساخنه، ويؤكدوا له ان الحكومة ايدها طايلة، وهتجيبه هتجيبه

د. محمود كبيش عميد كلية الحقوق تقدم بمذكرة الي النائب العام، طالبه فيها بفتح تحقيق مع طلاب كلية الشرطة الاربعة، مؤكدا ان هذه الواقعة جريمة جنائية "الشروع في قتل طالب" واقتحام الحرم الجامعي لجامعة القاهرة، وتعطيل الامتحانات ، ودون ان تهتم بتفصيلة ان العميد تقدم بمذكرة وليس بلاغ فالرجل تساءل " هل هؤلاء الطلاب مؤهلون للحفاظ علي المجتمع من أعمال البلطجة"

لم تصل الثورة الي مدينة نصر وضواحيها، لأنها لو وصلت ما كنا سمعنا عن حبلص والقلاوي وسلومة الاقرع اللي ما يعرفش ابوه، الا اذا كان ابوه نائب مدير امن قنا

Moutasem_2@hotmail.com

الأربعاء، 29 يونيو 2011

فك طلاسم الثورة المضادة( 2 ـ 3 )

فك طلاسم الثورة المضادة( 2 ـ 3 )



صــلاح الامــام | 29-06-2011 01:54

فى الجزء الأول من مقالى هذا عرضت لنموذج واحد لنجوم وإبطال هذه الأيام، وهى لمن لم يقرأه فتاة جمعت فى وقت واحد بين الجهل وانعدام التعليم والقباحة وسوء الخلق، استقطبتها منظمات دولية فى عدة بلدان غربية، ثم عادت إلى مصر فى شكل جديد، على نمط السيدة العجوز بطلة مسرحية ؟الزيارة" للكاتب السويسرى فريدرش دورينمات.

ولم أكن أتصور أن رد فعل القراء سيكون بهذا الحجم، فقد جاءتنى مئات الرسائل عبر بريدى الإلكترونى، ومئات المكالمات عبر هاتفى، وأؤكد للجميع أننى لو ذكرتها لن يعرفها أحد، فهى ليست مشهورة، وتلك خطورتها، فهى تعمل فى الخفاء، ولو أصبحت مشهورة ستفقد فعاليتها، لكنها فى الخفاء تمارس دورها الذى تدربت عليه، وهو دعم الدعوات التى يجاهر بها (زملاؤها) من نجوم الفضائيات والإعلام الممول، والذين يقيمون بصفة دائمة فى استديوهات خمس فضائيات مصرية يملكها رجال أعمال عهد الفساد البائد، ولن أقول رجال أعمال مصر، ويقبضون نهاية كل "بؤين" كلام رزما من أوراق البنكنوت.

الفتاة التى أعنيها لها موقع على الانترنت، ولها صفحات على مواقع الفيس بوك وتويتر، ولها مؤيدون يطالبون بترشيحها رئيسا للجمهورية (اشمعنى هى يعنى)، ولولا أن سنها دون الأربعين كانت عملتها، لكنى عرضت لقصتها الحقيقية كمدخل للولوج إلى قلب القضية الأساسية، وهى أن هناك نشاطا تديره أيدى أجنبية مشبوهة بالفعل، ويمارس فى وضح النهار للسيطرة على فصيل كبير من أبناء هذا الشعب، ويتم دعوتهم إلى بلدان العالم الأول بما فيها من سحر وإبهار، ويجلسون فى قاعات، يتشربون ثقافات تبدو فى ظاهرها صحية، لكنها مشربة بالسم الزعاف، ثم يأخذون العطايا من مال وهدايا، ويعودون إلى مصر مقتنعين بأن من استضافهم وأجزل لهم العطايا صديق يخاف على بلدهم، ويحب شعبهم، ولا يدركون أنهم باتوا جزءً من مخطط شيطانى هدفه الأول إسقاط مصر بعدما سقط نظامها.

نشر موقع اليوم السابع فى 6 أغسطس 2009 خبرا عن قيام مؤسسة فريدوم هاوس الأمريكية بتدريب شباب مصرى على الثورة، جاء فيه أن 15 شابا مصريا تلقوا تدريبات على تفكيك النظام، وذلك ضمن برنامج متكامل للتدريب النظرى عن «استراتيجيات الكفاح السلمى»، تحت إشراف الناشط شريف منصور (نجل الدكتور أحمد صبحى منصور، والساعد الأيمن لسعد الدين ابراهيم)، والناشطة سارة أحمد فؤاد، فى منتجع (باليتش) فى صربيا، ضمن برنامج أعد خصيصا لجيل جديد من نشطاء العالم الثالث، ليتمكنوا- حسب البرنامج الذى تموله مؤسسة فريدوم هاوس بالتعاون مع بعض المنظمات المحلية - من خلق جيل جديد لدعاة الديمقراطية، إلى النضال السلمى ضد السلطة.

بعد سقوط نظام حسنى مبارك بالفعل، أعلنت مؤسسات متخصصة فى الإدارة الامريكية حالة الطوارىء القصوى، فلابد من تغيير اتجاه هذه الثورة الفريدة من نوعها، والعمل على أن تكون نقمة على الشعب المصرى، وبدلا من أن تواصل مسيرتها التصحيحية فى البناء الديمقراطى الصحيح، والإصلاح الإقتصادى والإجتماعى، لابد من إغراقها فى قضايا فرعية تثير خلافا بين كل التيارات السياسية فى مصر، لخلق حالة من الفوضى، قد تنتهى بمصر لأن تكون صورة مكررة للعراق.

نتذكر هنا تصريح الرئيس الأمريكى باراك أوباما في 5 مارس حين قال إن "القوى التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك يجب أن تتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل"

وفى سبيل ذلك، قامت المؤسسات الدولية بمضاعفة تمويلها لمنظمات المجتمع المدني المصرية، ليصل جحم التمويل الي200 مليون دولار، وذلك بعد أن قرر الاتحاد الاوروبي وهيئة المعونة الامريكية ضخ مبالغ مالية كبيرة لهذه المنظمات في الفترة المقبلة، وبدأت هذه المؤسسات في اعلان تمويلها لمشروعات كافة الحركات السياسية فى مصر، رغم أنها حركات غير مشهرة، وليس لها أى إطار رسمى.

ونشرت جريدة الأهرام في عدد الجمعة 25 مارس أن واشنطن تعرض المساعدة على الأحزاب المصرية، وقالت إن مسئولا عسكريا أمريكيا رفيعا أكد أن الولايات المتحدة ستعرض في هدوء على مصر مساعدتها على التحرك نحو الانتخابات‏، وأشار إلى أن منظمات أمريكية تساعد الأحزاب السياسية الناشئة في مصر على تنظيم نفسها‏.

ثم دخلت مؤسسة فورد الشهيرة إلى وسط الساحة، ومعروف عنها أن لها باعا طويلا وواسعا في تمويل العديد من المؤسسات الأهلية والحكومية في مصر، ومن آخر نشاطاتها تأسيس فرع للمركز الدولي للعدالة الانتقالية في مصر، وسبق لها تأسيس فرع مماثل في العراق بعد احتلاله عام 2003م، كما أنها أسست فرعا جديدا لها في تونس بعد الثورة.

هذا النشاط المحموم من قبل هذه المؤسسات، ذات الخبرات المتفوقة فى مجال إثارة الفتن والقلائل وسط الشعوب الإسلامية والعربية، اتفقت على إشاعة نوع من الفوضى فى مصر، تبدأ مرحلتها الأولى بانقسام حاد حول قضايا محلية يبدو فى ظاهرة فكريا، لكنه قابل لأن يتحول إلى صراع مادى، من خلال خروج انصار كل رأى إلى الشارع، فيتصدى له انصار الطرف الآخر، ثم تتصدى السلطات للطرفين .. وهكذا.

وكانت قضية الدستور أولا هى أكثر القضايا سخونة، التى تفتق عنها ذهن هذه المؤسسات المشبوهة، التى تدفع بسخاء لكل من يتبنى وجهة نظرها، وكان التمويل فى السابق له عدة شروط، لكن بعد الثورة فخزائنهم باتت مفتوحة لكل من يمد يده، ولا من شرط فى المرحلة الحالية سوى أن تطالب بتأجيل الانتخابات البرلمانية، فمصلحتهم أن تبقى مصر هكذا تعانى من فراغ دستورى ومؤسسى، حيث يكون المناخ مهيأ لمزيد من الفوضى والإضطرابات، أملا فى تكرار النموذج العراقى بها.

لقد اتفقت كل التيارات "النخبوية" فى مصر بعد نجاح الثورة فى إسقاط النظام، على عدة مطالب ليس لها من هدف سوى إشاعة الفوضى فى عموم مصر، كمرحلة تمهيدية لتقسيمها، وهو الهدف الاستراتيجى للقوى الدولية التى تعادى الإسلام ودوله ومؤسساته ورموزه من المفكرين والدعاة الحقيقيين، ومن يسمون بالقوى السياسية حاليا فى مصر، وهم المنتمون للتيارات اليسارية والعلمانية والليبرالية والطائفية، من خلال أحزاب ورقية أو جمعيات وائتلافات واتحادات ومراكز أصبحت فوق الحصر، هؤلاء جميعا يعملون وفق أجندات مشبوهة، هدفها الرئيسى أن تبقى مصر هكذا، دولة بلا مؤسسات، ومع طول المدة تتحول بعض الإئتلافات أو التيارات إلى ما يشبه تيارات انفصالية، وقد تتشكل ميليشيات تابعة لبعضهم، وتشتعل بينهم الحروب.

إن أى مجموعة من الشباب المستخدمين للانترنت والفيس بوك، بات من السهل أن تنسج علاقات بينهم وبين تلك المنظمات، بشكل مباشر أو عن طريق وسيط بالداخل، وأصبح التآمر على مصر يعد الثورة هو الشغل الشاغل للقوى الغربية التى تتزعمها أمريكا واسرائيل، وكل يوم يولد ائتلافات فى كل حى وفى كل شارع، فى كل جامعة وفى كل كلية، فى كل مقهى وفى كل بار، وكلهم يسكبون الزيت فى شوارع مصر، انتظارا للحظة يحلمون بها، وهى اندلاع الشرارة التى تشعل كل هذا وتأخذ مصرنا إلى الهاوية، وهو تصور قد يبدو تشاؤميا، لكن فى هذا الزمن كل شىء أضحى ممكنا، فى ظل وجود آلة إعلامية رهيبة تروج لأفكارهم، وتتبنى وجهات نظرهم وتدافع عنها باستماتة.

وانتظرونا فى المقال القادم حيث نعرض نماذج حقيقية لهؤلاء ...

وتبقى كلمة:

امرأة تتبوأ منصبا قضائيا رفيعا، صحيح أنها تبوأته بطريق غير قانونى، بتوصية من السيدة الفاضلة ناشرة الفساد فى المجتمع المصرى، لكنها مازالت فى منصبها، ولايجوز قانونا ولا عرفا ولا منطقيا أن تشارك فى أى نشاط عام بحكم منصبها، لكنها مازالت ضيفا دائما فى الفضائيات المشبوهة، وسط ما يسمون بالنخب، وآخر جرائمها مشاركتها ـ مع عدد من الصبية ـ فى صياغة ما يقال عنه "دستور الثورة"، وأرى أنها قانونا يجب أن تعزل فورا من منصبها، ويصدر اعتذارا رسميا للشعب من الجهة التى تنتمى إليها عن ممارساتها تلك، لأنها نزلت بها من مكانتها الرفيعة، واضرت بها وبتاريخا إضرارا بالغا.

salahelemam@hotmail.com

فك طلاسم الثورة المضادة( 1 ـ 3 )

فك طلاسم الثورة المضادة( 1 ـ 3 )



صــلاح الامــام | 20-06-2011 01:03

قبل 25 سنة ربطنى علاقة صداقة بزميل صحفى مجتهد كان يعمل معنا فى صحيفة يومية معارضة، كان مجتهدا بحق، ومحترفا فى الحصول على الخبر وصياغته، ويتمع ـ وقتها ـ بكثير من الوسامة تؤهله لأن يكون نجم سينما، لكن كان به نقطة ضعف خطيرة، هى تلك التى بسببها انتكست هامات وزالت عروش، وهى غرامه الزائد بالنساء، وولعه الشديد بالعلاقات النسائية المحرمة مهما كان الثمن، وكان العجيب فى زميلنا هذا أنه من النوع الذى يعشق نوعا معينا من النساء .. فهن غرامه وولعه وبسببهن يخوض مغامرات قد تهدد حياته.

كان زميلنا يركب حافلات النقل العام المزدحمة ليحشر نفسه بين الركاب، ثم يتخذ طريقه بهدوء كذئب أعمى نحو فتاة أو سيدة بين الركاب ليحتك بجسدها، وكثيرا ما تعرض للشتم والإهانة بل والضرب بالنعال بسبب أفعاله تلك، وذات مرة تمادى داخل أحد الأتوبيسات مع فتاة، وأقدم على فعل أكثر من قبيح، وانتهى به الحال إلى قسم الشرطة، ولما علمت إدارة الجريدة بما حدث تبرأت منه، وفصلته.

بعد مرور حوالى عشر سنوات وجدت اسمه فوق ترويسة صحيفة صفراء لا توزع أكثر من 100 نسخة، كرئيس تحرير، فى الوقت الذى أصبح فيه زملاؤه بجريدته الأم نواب رئيس تحرير، ثم أغلقت الصحيفة لفشله فى النهوض بها، فهو مازال متفرغا لاصطياد النساء، والجرى وراء بائعات المناديل الورقية بالاشارات.

فى العام 2001 التقيت به صدفة، فى مقر أحد الأحزاب تحت التأسيس، كمرشح لرئاسة تحرير صحيفة ذلك الحزب، ولم أعرفه، بل هو الذى تعرَف علىَ، وكانت صدمتى الكبرى أن يصل به الحال هكذا، فشعر رأسه الناعم الذى كان يتدلى على جبينه قد تساقط أغلبه، واحولت عيناه، وبدا وكأن عمره 60 سنة، ومع ذلك سعدت بلقائه، فقد كان بيننا "عيش وملح"، وجلست إليه نستعيد ذكريات الأيام السالفة، واسترجاع أحداثها.

لفت نظرى وأنا معه وجود فتاة فى العشرينات من العمر، ظننتها فى البداية ولدا، بل ولدا قبيحا، فى وجهه أثر لضربة مطواة أو خنجر، فإذا به يناديها باسم (؟)، إذن هى بنت، فقلت له: انت لسه ما تبتش؟ فقال لى ضاحكا وهو يعلم ما أقصد: يموت الزمار وايده بتلعب.

كانت صدمتى كبيرة حينما علمت بعد ذلك أن هذه الفتاة زوجته عرفيا، وأنه يصحبها معه فى كل مكان، ودخلت الوسط الصحفى من وراء ظهره، وبدأت تتعرف إلى عدد من الصحافيين ومن يسمون بـ "نشطاء المجتمع" المدنى، الذين ابتليت بهم مصر فى الأعوام الأخيرة !!.

بعد ذلك بعامين، كنت أعمل كمستشار إعلامى لمجموعة شركات صاحبها رجل أعمال معروف، وكان وقتها عضوا بمجلس الشعب، فإذا بالأيام تجمعنى بهذه الفتاة، كانت تأتى تتسول عملا أو مالا، أو أى شىء، ولما سألتها عن صديقى قالت بأنها لا تعلم شيئا عنه، وعرفت أن هذه الفتاة تسكن بمقابر الإمام الشافعى، ولا تحمل أى مؤهل دراسى، وليس لها من يسأل عنها، تهيم فى الشوارع والطرقات، تبقى ملابسها عليها لعدة أيان لا تتبدل، تقضى ليلها كل يوم فى مكان غير سابقه، وهكذا.

فى تلك الفترة كانت جريمة أمريكا فى احتلال العراق لم تتم بعد، فكنا نخرج كل يوم فى مظاهرات تندد بالعدوان الأمريكى على العراق وغزو أمريكا المنتظر له، وكنت أستعين بها فى توزيع بعض الدعوات أو النشرات، مقابل سندوتش فول أو جنيهات قليلة، واقسم بالله على أن ما أقوله صحيح خال من أى مبالغة، كانت شيئا لا قيمة له، شيئا مقززا لا تطيق أن تتحدث معها ولا تجلس إليها أكثر من ثوان.

وقعت الواقعة، ودخلت أمريكا العراق واحتلته، وأصبت مثل غيرى من الملايين بإحباط شديد، فقررت العزوف عن المشاركة فى أى تظاهرة، وانقطعت أخبار تلك الفتاة عنى، حتى جاءت أحداث مايو 2005، يوم الإستفتاء على التعديلات الدستورية، إذا بى أجد أن العالم كله ترك كل شىء، ولا يتحدث إلا عن واقعة التحرشات الأمنية بصحفيات مصريات، وكانت الصدمة الكبرى، التى زلزلتنى بحق، هو أن الصحافية الضحية هى نفسها تلك الفتاة، التى لاهى صحافية، ولا تحمل أى مؤهل دراسى، وليس لها سابقة عمل بأى جريدة، ولا تنتمى أصلا لجنس حواء حتى يتم التحرش بها، فهى أكثر خشونة من عساكر الأمن المركزى.

ثم توالت بعد ذلك أخبارها، فتم دعوتها من قبل بعض الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الحقوقية فى لندن وواشنطن وميونيخ وزيورخ ومونتريال ... والله هذا ما حدث !!!، وتقريبا تم عمل بعض جراحات تجميلية لها لإزالة "البشلة" التى كانت فى وجهها، لكن مازالت محتفظة بقباحتها التى عجز جهابزة طب التجميل فى العالم عن التعامل معها، ثم عادت إلى مصر بعد ذلك بشهور ..

نزلت فى مطار القاهرة .. كانت هناك سيارة ليموزين فى انتظارها، لكن هل ستذهب بها إلى مقابر الإمام الشافعى حيث تقيم وأسرتها؟ لا طبعا، اتجهت بها السيارة نحو أحد فنادق القاهرة الكبرى الواقعة على النيل بمنطقة وسط البلد، ليس هذا فحسب، بل كان معها موظف وموظفة يديران أعمالها، وجهاز كمبيوتر محمول متقدم جدا، وهى التى كانت أصابعها لا تجيد إمساك قلم الرصاص !!!.

يا للهول، كأنى أتابع فيلما سينمائيا، أنه واقع تفوق على خيال أعظم الكتاب والمبدعين، كأنى أتابع مسرحية "الزيارة" للأديب السويسرى العالمى فريدرش دورينمات (1921 ـ 1990) التى عرفت عندنا باسم "زيارة السيدة العجوز"، لكنى لا أتابع فيلما ولا مسرحية، بل أعيش واقعا مُرا أليما محزنا.

من وراء هذه الفتاة.. من صنع منها نموذجا للصحافى والإعلامى والسياسى الوطنى الغيور على بلده والمضطهد فى وطنه؟، وما هو المطلوب منها أن تفعله فى مصر؟ وهل هناك مثلها تم تصديرهم خارج مصر لإعادة تصنيعهم وتشكيلهم ثم شحنهم من جديد إلى مصر؟ كم عددهم؟ وماذا فعلوا؟ وكيف خال على الغالبية أنهم أبطال؟.

تساؤلات كثيرة سنجيب عنها فى المقال القادم إذا كتب الله لنا فى العمر بقية ...

salahelemam@hotmail.com

التصور العلماني للدستور

التصور العلماني للدستور



د. رفيق حبيب | 29-06-2011 01:34

يتضح من الجدل حول المواد الدستورية الأسياسية، أن هناك الكثير من الغموض والالتباس المقصود في موقف النخبة العلمانية من الدستور، وهي النخبة التي لا تريد أن تعلن أنها علمانية، وتريد ممارسة العلمانية تحت مسميات أخرى، حتى لا يتشكل موقف شعبي ضدها. لذا تحاول النخبة العلمانية صياغة موقفها بصورة تبدو أمام الناس وكأنها لا تعارض مرجعية الشريعة الإسلامية. ورغم أن كل الجدل الدائر بين العلماني والإسلامي كان يدور حول المرجعية الإسلامية، إلا أن النخبة العلمانية تريد إعادة إنتاج موقفها بصورة تظهرها وكأنها لا تعارض المرجعية الإسلامية، بل وتحاول تصوير التيار الإسلامي، ليس على أنه التيار الذي يحمل المرجعية الإسلامية، بل على أنه تيار مستبد باسم الدين. وكأن النخبة العلمانية هي التي تريد المحافظة على المرجعية الإسلامية بدون استبداد! لذا يصبح من الضروري وضع تعريفات محددة لكل موقف، حتى يمكن التمييز بين المواقف المختلفة من المرجعية الإسلامية والمرجعية العلمانية.

ومن الملاحظ أن الموقف العلماني في أساسه يرفض أن يكون في الدستور نصا للمرجعية الدينية أيا كانت، وعليه يصبح الموقف العلماني الأصلي هو معادي للنص على أن دين الدولة الإسلام، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. وهناك موقف علماني متطرف وآخر معتدل، ولكن كلاهما يتفق على أن المرجعية العليا لا يجب أن تستمد من قيم ومبادئ الدين، ولكن الموقف العلماني المتطرف يحارب أي ظهور للدين في المجال العام، أي يحارب الحجاب أو النقاب مثلا كما في فرنسا، أما الموقف العلماني المعتدل فلا يحارب ظهور الدين في المجال العام، أي لا يحارب الحجاب أو النقاب مثلا، كما في أمريكا. ولكن كل المواقف العلمانية ترفض النص على أي مرجعية دينية في الدستور، وبالتالي ترفض النص على أي مرجعية دينية للنظام السياسي والقانوني.

ولكن النخبة العلمانية في مصر، ولأنها أدركت أن نص المرجعية الإسلامية في الدستور يحظى بأغلبية ساحقة، لذا رأت أهمية أن لا تضع نفسها في مواجهة المرجعية الإسلامية في الدستور، أي نص المادة الثانية، ولذلك بحثت عن مخرج آخر. والمتابع لتصورات النخبة العلمانية عن النصوص الأساسية للدستور، والتي تسمى أحيانا بالمواد فوق الدستورية، يجد أنها تحاول صياغة نصوص تسمح بوجود نص المرجعية الإسلامية للدولة والتشريع، مع تقيد هذا النص.

فالتصورات التي تقدم تقوم على فكرة الحفاظ على نص المادة الثانية من الدستور، والخاصة بالمرجعية الإسلامية، مع المبادئ الأخرى المتفق عليها والخاصة بالمواطنة والمساواة والحقوق والوجبات والحريات، ولكن هذا التصور يماثل في النهاية موقف العديد من القوى الإسلامية، ولكن النخبة العلمانية تريد التوصل إلى صيغة أخرى، تشمل المرجعية الإسلامية وتحدها في الوقت نفسه.

وهذا التصور يقوم على تحصين المواد الخاصة بالمواطنة والمساواة والحقوق والحريات بحيث تصبح هذه القواعد أعلى من مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية، لأنها مواد محصنة ويتم حمايتها بقوة القوات المسلحة، وغير قابلة للتعديل حتى بالإرادة الشعبية الحرة، بحيث تصبح هذه المواد هي مقدس علماني مفروض على الجميع، ولا يمكن لأحد تعديله. وبعد ذلك يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية في ظل قواعد المواطنة والمساواة والحقوق والحريات، وبهذا سوف تفسر تلك القواعد حسب الفهم السائد عنها في المواثيق الدولية، وحسب الفهم الغربي، وتصبح الشريعة الإسلامية مقيدة بالفهم الغربي للقواعد السياسية العامة، والذي يعتبر فهما عالميا، نظرا لسيادة المفاهيم الغربية نتيجة سيادة القوة الغربية على العالم.

نقصد من هذا، أن أي نصوص دستورية تحدد ضمنا مرجعية المبادئ العامة في الدستور بصورة أو أخرى. لذلك فالخلاف الآن هو على موضع المرجعية الإسلامية في الدستور. فالتيار الإسلامي يقدم رؤيته على أساس الالتزام بقواعد المواطنة والمساواة والحقوق والحريات في إطار مبادئ الشريعة الإسلامية، ولكن النخب العلمانية تقدم تصور آخر، يقوم على أساس الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية في إطار قواعد المواطنة والمساواة والحقوق والحريات. إذن الفرق بين الفريقين هو أن مبادئ الشريعة الإسلامية لدى التيار الإسلامي هي القيمة العليا، أما بالنسبة للنخب العلمانية فهي قيمة ثانوية محكومة بغيرها من القيم. وبهذا تصبح القيمة العليا التي لها ثبات وقداسة في النص الدستوري بالنسبة للتيار الإسلامي، هي المرجعية الإسلامية، أما بالنسبة للنخب العلمانية فتصبح القيمة العليا التي لها ثبات وقداسة في النص الدستوري هي المواطنة بالفهم العلماني السائد لها، وتصبح الشريعة الإسلامية محكومة بالمفاهيم العلمانية لدى النخب العلمانية، وتصبح القواعد السياسية مثل المواطنة محكومة بالمرجعية الإسلامية بالنسبة للتيار الإسلامي.

وكأن العلماني هو من يقبل نص المادة الثانية ويجعلها محكومة بغيرها من القواعد مما يرهن تطبيقها بقيم خارجة عنها ومستمدة من المرجعية الغربية، أما الإسلامي فهو من يقبل القواعد السياسية العامة مثل المواطنة في إطار الشريعة الإسلامية.

الشيخ حافظ سلامة ومحنة مسجد النور

الشيخ حافظ سلامة ومحنة مسجد النور



ممدوح إسماعيل | 29-06-2011 01:41

الشيخ المجاهد الكبير حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الاسلامية رمز من قمم رموز الحركة الإسلامية والعمل الوطنى فى مصر وجهاده فى معركة السويس مع اليهود فى حرب العاشر من رمضان ساطع كضوء الشمس فى تاريخ النضال والمقاومة الشعبية ومنجزات جمعية الهداية فى العمل لدين الله ساطعة فى كل مجال ورغم السن الكبير كان الشيخ حافظ سلامة هو القائذ الثائر المجاهد فى ثورة 25 يناير وكانت السويس بقيادته من أهم أسباب صمود وقوة ثورة 25 يناير وبعد نجاح الثورة وسقوط الظلم والطغيان عاد الشيخ الى مسجد النور يراوده الحنين إلى عودة ذلك المسجد الشامخ الذى اغتصبته الأوقاف عنوة ليكون قبراً للطاغية مبارك وتكون خطبة الجمعة فيه حفلة نفاق لحسنى مبارك

ومسجد النور له تاريخ شامخ فقد عرفته وأنا طالب بالثانوية وكان المسجد عبارة عن أساس الدور الاول وأعمدة فقط ويحاضر فيه قمم الدعوة الإسلامية مثل الشيخ الغزالى والشيخ صلاح ابو اسماعيل وغيرهم من قمم الدعوة الإسلامية وخرجت مدرسة الدعوة فى مسجد النور آلاف من شباب الصحوة الإسلامية وكان للمسجد يوم مشهود فى عام 1985 عندما دعا الشيخ حافظ سلامة للمسيرة الخضراء المليونية الأولى فى مصر للدعوة لتطبيق الشريعة الإسلامية ولكن الطاغية مبارك غاظه نشاط المسجد فأمر جحافل الطغيان وكلاب الحراسة بالإستيلاء على المسجد وقد كان ولكن ثورة 25 يناير أسقطت الطاغية وصروح الظلم التى أقامها ولكن الواقع أن للظلم قواعد مازالت موجودة بقوة بيننا

وكافح الشيخ حافظ سلامة بعد الثورة لعودة المسجد لجمعية الهداية صاحبة الأرض والمسجد وقد حصل مسبقاً على أحام نهائية بعودة المسجد وتمت مفاوضات كثيرة مع الأوقاف وقيادات من المجلس الأعلى كلها تقر بحق جمعية الهداية والشيخ حافظ فى المسجد ولكنها لاتجرؤ على إرجاع الحق والمسجد كمنارة للدعوة قيل بسبب تدخل السقيرة الأمريكية وطلبها من وزارة الأوقاف التمسك بالمسجد

لكن الأهم الذى استوقفنى بشدة أن الشيخ حافظ الذى فتح المسجد منذ تأسيسه للدعوة والدعاة حتى بعد الثورة صعد بالشيخ محمد حسان وغيره من الدعاة الى منبر المسجد ليدعوا إلى الله لكن مع تعنت السلطة فى عودة الحق لجمعية الهداية والشيخ حافظ سلامة لم أرى مع الشيخ حافظ الذى بلغ التسعين من العمر مجاهداً مناضلاَ لم أجد معه أحد من الشيوخ كل من معه من الشباب وعوام المسلمين أما شيوخ الدعوة والفضائيات فلاأكاد أسمع لهم همساً بجانبه رغم أن تدخلهم بكلمة حق فى كل وسيلة اعلامية سيكون له تأثير لكن موقفهم مريب كأنهم أرادو أن يبتعدوا عن مشاكل مسجد النور طالما أنهم مستريحين بمساجد ومنابر أخرى وتركوا الشيخ الكبير وحيداً يصارع الباطل ويقاوم من أجل حق مسجد النور أن يكون منبراً للحق

ويزداد حزنى عندما أرى الشيخ الكبير يكاد يسقط من التعب ويستند على من حوله ولاأرى فيهم شيخاً من أصحاب الأسماء الذين كلهم كانوا صغاراً أولم يولدوا عندما كان الشيخ يجاهد ويناضل من أجل الحق والدعوة الإسلامية

وأقول لهؤلاء وللجميع كم من شيخ مر على حياة الشيخ حافظ سلامة بلاشك كثيريين جداً لكن بقى قلة تعرفهم الناس وبقى الشيخ حافظ سلامة قامة كبيرة ورمز احترمته مصر كلها حتى أعدائه بسبب صموده وتمسكه بالحق وإخلاصه لله فلم يرد من دعوته دنيا يصيبها فمازال الشيخ حافظ سلامة لم يتزوج حتى واحدة وليس أربعة عاش زاهداً مضحياًبحياته كلها لله ملابسه هى هى بدلته القديمة وطربوشه لم يتغير لم يلبس أفخر الثياب ولا يتجمل بأفضل العطور إنما لبس ملابس التقوى وتعطر بعطر الإخلاص فأحبه كل الناس وظل صامداً قوياً وسط أمواج الفتن والبلاء كالمنارة الساطعة تهدى الحيارى فى الظلمات إلى حتمية التمسك بالحق والصبر عليه

ومازلت أنظر إلى الشيخ وهو واقف كالجبل الشامخ وحيداً فى مسجد النور وأمسك دموع تحاول أن تقفز إلى عينى وأنا أرى الشيخ بلارفيق من شيوخ الدعوة بجانبه فى معركة الحق من أجل عودة مسجد النور وأحد الضباط بجانبى يهمس فى اللاسلكى يقول لرؤسائه لاأحد معه حوالى خمسين يافندم وأقول طوبى للغرباء ياشيخ حافظ صامد وحدك بفضل الله كأنك من جيل الصحابة الكرام وحدك ُأمة

وأقول فى نفسى لو أن الشيخ محمد حسان قال لأتباعه اذهبوا وكونوا مع الشيخ حافظ سلامة ولم يذهب هو حتى الى المسجد أو الشيخ محمد عبد المقصود أو الشيخ ياسر برهامى أو أى شيخ ممن نحسبهم على خير لكان موقف الشيخ أقوى بلا شك بملايين حوله ولكن لاحول ولاقوة إلا بالله

وأخيراً أقول هل لوعاد مسجد النور لجمعية الهداية وللشيخ حافظ سلامة ماذا سيكون موقف الشيوخ ألا يتسارعون للخطابة والدروس فى المسجد !!!!

ممدوح اسماعيل محام وكاتب

عضو مجلس نقابة المحامين

وكيل مؤسسى حزب النهضة المصرى

Elsharia5@hotmail.com

طلب الحماية الدولية !

طلب الحماية الدولية !



د. حلمي محمد القاعود | 29-06-2011 01:35

في غمرة الصراع الذي يخوضه المعادون للإسلام والجاهلون به ضد الديمقراطية ، وضد انتقال الدولة إلى الإدارة المدنية ، وتشكيل المجالس النيابية والمحلية ؛ يقوم المتطرفون في المهجر بتقديم طلب رسمي لفرض الحماية الدولية على مصر ، بالإضافة إلى النفخ فيما يسمى عمليات الاختطاف والأسلمة ، والضغط على السلطة لإطلاق حرية بناء الكنائس بلا قيود من أجل تغيير هوية مصر الإسلامية !

هذه الملفات جميعا لا يمكن أن تتم بمنأى أو معزل عن قيادة الكنيسة ، فملف بناء الكنائس يقوده رئيسها مباشرة ، وقد التقي بزعماء الطوائف المسيحية لممارسة مزيد من الضغط على السلطة لإطلاق حرية البناء بلا قيود ولا شروط وتغيير الهوية الإسلامية ، ولا أعتقد أن متطرفي المهجر قاموا بتقديم طلب الحماية الدولية دون معرفته ، أيضا فإن ما يقوم عملاء التمويل الأجنبي في دكاكين حقوق الإنسان للنفخ في ملف الفتيات اللاتي أسلمن ليس بعيدا عنه .

الرجل تخلى بصورة شبه تامة عن واجبه الروحي ، ودوره الديني في رعاية الطائفة روحيا ، وتفرغ لقيادة دولته السياسية التي ستعصف بالوطن والطائفة وتدخلها في متاهات لا حاجة إليها .. وسأتوقف عند طلب الحماية الدولية الذي قدمه المتطرفون المهاجرون ، لنرى إلى أي مدى بلغت الخيانة والإجرام بقيادات التمرد الطائفي لتوريط البلاد في متاعب لا قبل لها به ، عقب أن سقط النظام الذي منحهم ما لا يستحقون ، فتفرْعنوا وتجبّروا ، واستفادوا بإمبراطوريتهم الإعلامية والصحفية في ترويج الأكاذيب ضد الإسلام والمسلمين ، وتجنيد النخب الموالية التي باعت ضميرها بثمن بخس في سوق العمالة للغرب والكنيسة في آن واحد .

في 26/6/ 2011م بعث الخائن الطائفي القابع في وكره بواشنطن برسائل على البريد الإلكتروني إلى الكتاب والصحفيين ؛ يخبرهم بتقديم طلب الحماية الأجنبية ، ونشر الخبر في بعض المواقع الإلكترونية وتجاهلته الصحف الحكومية والخاصة . وقالت المواقع :

تقدم وفد من نصارى المهجر في أمريكا، رسميا، بطلب فرض الحماية الدولية على مصر إلى منظمة الأمم المتحدة ودولة الفاتيكان والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والكونجرس الأمريكي ومراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقالت ما تسمى الجمعية الوطنية القبطية الأمريكية، في بيان لها، إن وفدا مكونا من القمص مرقص عزيز، كاهن الكنيسة المعلقة بمصر القديمة والمبشر أحمد أباظة (؟) والمبشر أحمد بولس (؟) والمستشار موريس صادق، رئيس الجمعية الوطنية، سلموا خطابات فرض الوصاية، كما نص القانون والمواثيق الدولية .

وأضافت، إن المجتمع الدولي بكافة أطيافه (؟) ، أبدى ارتياحه الشديد للعرض المفصل والأسباب القانونية للحماية الدولية ، وأنه لأول مرة يتحرك مصريون ويطالبون المجتمع الدولي بالحل للاضطهاد العنصري والتمييز الديني في مصر ، بعد أن ظل المجتمع الدولي يسمع صراخ وعويل النصارى على مدى 40 سنة الماضية بدون أن يقدم نشطاء النصارى أية حلول عمليه لمنع هذا الاضطهاد.

وأكدت الجمعية، أنه تم الاتفاق على مواصلة الحوار بين الوفد وكافة الملتقى بهم لتسهيل حماية دوليه لكل المصريين ، لكي يتحرك خبراء الأمم المتحدة إلى مصر ووضع خريطة عمل لنظام الحكم في مصر للمسلمين والنصارى والبهائيين والشيعة والليبراليين والملحدين وغيرهم ، لتحقيق المساواة الكاملة لكافة المصريين، على أن يكون ذلك في خلال 6 أشهر وبعدها تقطع كافة المعونات عن النظام الحاكم فى مصر ويمنع الطيران ويوقف توريد السلع الإستراتيجية لمصر ويوقف تصدير الإنتاج المصري للخارج.

وأكدت الجمعية أن طلب فرض الحماية على مصر، يأتي تحقيقا لعدة أهداف، منها الفصل بين الدين والدولة ، واستبعاد النص الدستوري الذي يجعل من الإسلام دينا رسميا للدولة ، والشريعة الإسلامية مصدرا رئيسا للتشريع ، وإعداد لجنة لوضع دستور جديد في البلاد قبل الانتخابات التشريعية ، وإضافة مادة بالإعلان الدستوري لتسهيل قيام الأحزاب الجديدة وتحقيق الاستقرار الأمني من أجل إعادة السياحة والاستثمار ، وتقديم الجناة الذين تسببوا في الأحداث الطائفية إلى العدالة، وإصدار تشريعات تكفل حرية العقيدة ومنع التمييز والتمثيل العادل للأقليات في المناصب التشريعية والسيادية والوظيفية ، والإسراع نحو إصدار تشريعات لحرية بناء الكنائس.

وكما نرى فالأهداف التي يسعى إليها الخونة من خلال طلب الحماية الدولية هي الأهداف ذاتها تقريبا التي يسعى إليها الرافضون لإجراء الانتخابات أولا ، ويحرك بعضهم - كما يقال - بعض المليارديرات الطائفيين في مصر ، من خلال التمويل المالي ، والإمبراطورية الإعلامية الطائفية التي تتحالف مع القنوات التي يملكها رجال القروض الفاسدون !

إن الأغلبية الإسلامية الساحقة تتمنى أن تحظى ببعض الامتيازات التي يحظى بها النصارى ، وتنال شيئا من التدليل الذي تتمرغ فيه الطائفة ، ولكن الخونة يتجاهلون ذلك ، وينفذون المخطط الشرير الذي وضعه المتمردون لتحرير مصر من الإسلام والمسلمين .

والسؤال : لو أن بعض المسلمين المضطهدين من الجماعات الإسلامية ، أو المعارضة مثلا ، طالبوا المجتمع الدولي بفرض الحماية الدولية .. هل كانت الدولة ستتركهم ، أو تقبل ما يقال عنهم بأنهم مجانين أو مهووسون أو نحو ذلك؟

إنهم خونة بكل المقاييس مثلهم في ذلك مثل نظرائهم الذين تظاهروا أمام السفارة الأميركية والسفارة البريطانية في القاهرة ، طلبا للحماية والتدخل في شئون مصر لبناء الكنائس وتغيير هوية الدولة ، وكتابة دستور على مزاج الكنيسة المتمردة يخلو من الإشارة إلى الإسلام ، ومرجعيته في التشريع . وهو ما يعمل من أجله السادة العلمانيون الموالون للكنيسة ، ويستبيحون الانقلاب على إرادة الشعب واستفتاء 19 مارس !

وقد كرر المتمردون موقف خونة واشنطن من قبل حين تظاهروا في هولندا أمام السفارة السعودية في "دن هاخ" بالعاصمة أمستردام ( اليوم السابع - 23/5/2011 ) ، وطالبوا أن يكون الدستور الجديد مدنيا مساويا بين المواطنين على اختلاف أجناسهم وأديانهم، وتغيير المادة الثانية من الدستور التي تنص على إسلامية الدولة التي يرونها تضر النصارى ، ووصفوها بالمادة البغيضة !

ومن المفارقات أنه في اليوم الذي قام فيه الخونة بطلب الحماية الدولية ، كان النصارى في إحدى القرى المصرية ( أولاد خلف بسوهاج ) يستخدمون السلاح الآلي ويطلقون الرصاص الحي على المسلمين الذين تصدوا لإقامة كنيسة مخالفة للقانون !

وقد تكرر في العامين الأخيرين استخدام السلاح الآلي واقتراف جرائم قتل المسلمين أو الذين اسلموا كما حدث في الأميرية ، مثلما حدث حين قتل رامي عاطف نخلة أخته وزوجها وبتر ذراع طفلتهما ، وحين قتل آخرون أختهم سلوى عادل وزجها وأطفالهما الثلاثة ، وحين قام عادل لبيب بإطلاق الرصاص وأقاربه على المسلمين عند كنيسة إمبابة فقتل وجرح وأصاب عددا ليس قليلا من المسلمين ، بالإضافة إلى حوادث قتل وعنف أخرى قام بها النصارى المتمردون ويقومون بها تطبيقا لما يسميه قادة التمرد بالاستشهاد من أجل الصليب .

وفي أحداث قرية أولاد خلف كان الحادث يمكن حله ببساطة وفي إطار التفاهم ، ولكن التمرد وخططه المجرمة بزرع مصر بالكنائس ، دفعت بعضهم لاستخدام السلاح الآلي والرصاص الحي ، وهو ما جعل النيابة العامة بمركز دار السلام ، جنوب سوهاج تقرر حبس "وهبة حليم عطية بقطر" (40 عاما) و"إيهاب نعيم تامر" (45 عاما) 4 أيام على ذمة التحقيق، بعد أن وجهت لهم تهم الشروع فى قتل المواطنين وحيازة سلاح بدون ترخيص ، وضبط الأول وبحوزته بندقية آلية والآخر طبنجة 9 ملى فى واقعة أحداث الفتنة الطائفية التي وقعت بقرية أولاد خلف دائرة مركز دار السلام. حيث قام "إيهاب نعيم تامر" ، ويعمل نجارا بالصعود على سطح منزله وأطلق عدة أعيرة نارية على شباب القرية، مما تسبب فى إصابة "طلعت علم الدين" (28 عاما) مزارع بطلق ناري بالرأس، وإصابة "سامح أحمد حمدان" (21 سنة) مجند أثناء مروره بالشارع وثلاثة آخرين من المسلمين .

ومن الواضح أن طلب الحماية الدولية في ظل الاستفزاز الذي يقوم به النصارى في الداخل والتحرش بالمسلمين ينبئ عن تصرفات غير مسئولة ستكون نتائجها مدمرة ، وسيدفع ثمنها من يخططون لها ، وبيد رئيس الكنيسة أن يوقف هذا العبث بأمن البلاد واستقرارها ، وقبل ذلك حماية الطائفة نفسها .

الخط الهمايونى

الخط الهمايونى

كان السلطان عبد المجيد هو الذي تولى حكم الإمبراطورية العثمانية عامي 1839-1861 وهو صاحب الفرمان المرشح بالخط الهمايوني كجزء من برنامج الإصلاح العام. ولقد تضمن الخط الهمايوني مبدأين أساسيين هما: "أن سعادة الأحوال الكاملة من كل وجه يجب أن تشمل جميع المواطنين؛ لأنهم متساوون في نظر السلطان، الجميع متساوون"، وهذا هو الأصل في صدور الخط الهمايوني.

ما المقصود بالخط الهمايوني؟
"يقصد به الفرمان العالي الشهاني الصادر من السلطان عبد المجيد خان"، وهو الفرمان الذي صدر لإرجاء الامبراطورية العثمانية كافة، وكان أحد أعمال الإصلاح الذي قامت به السلطنة العثمانية في ذلك الوقت.

صدر هذا الفرمان العالي في أوائل شهري جمادي الآخر سنة 1272 هجرية فبراير سنة 1856م، وكان هذا المرسوم أو الفرمان العثماني ليس مقصودا به مصر وحدها، بل كان يشمل كافة الولايات أو الدويلات التي كانت تابعة للامبراطورية العثمانية، وما اشتمل عليه في حديث عن الطوائف ليس المقصود به الأقباط وحدهم.

كان والى مصر وقت صدور الخط الهمايوني سعيد باشا الذي تولى الحكم بين عامي 1854-1863 وفي عصره شهدت مصر إصلاحات بخصوص الأقلية القبطية، تمثلت في رفع الجزية نهائيا عن الأقباط، والسماح بانخراط أبناء الأقباط في سلك الجندية، وهذا المناخ هو الذي استقبل فيه الأقباط فرمان الخط الهمايوني الذي أكد في إطار الإصلاحات العامة للخلافة العثمانية.

مضمون الخط الهمايوني
تضمن الخط الهمايوني إصلاحات سياسية تمثلت في إدارة شئون الأقليات العرقية في الامبراطورية العثمانية، وأيضا تنظيم شئونهم الدينية، ولذلك كان الخط الهمايوني شاملا جميع الطوائف الدينية والمذاهب المختلفة التي تعيش في ظل الامبراطورية العثمانية.

وقد نص الخط الهمايوني على الآتي:
أولاً: "حفظ الناموس في حق جميع تبعتي الموجودين في أي دين كان بدون استثناء"، وهو ما نعرفه في لغة الدساتير المدنية بالمساواة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو العقيدة.

ثانيًا: بعد أن تصلح أصول انتخاب البطاركة الجاري والحالة هذه يسير كذلك إجراء أصول تعيينهم لمدة حياتهم، وهذا الأمر يستجيب لطموحات الكنيسة ورعاياها الذين يؤمنون بأن أحدًا لا يستطيع أن ينزع سلطة البابا طالما كان على قيد الحياة.

ثالثًا: لا يجوز أن تقع موانع في تعمير وترميم الأبنية المختلفة بإجراء العبادات في المداين والقصبات والقرى التي جميع أهاليها من مذهب واحد، ولا في باقي محلاتهم والمكاتب والمستشفيات والمقابر حسب هيئتها الأصلية، لكن إذا لزم تجديد محلات نظير هذه، فيلزم عندما يستصوبها البطريرك أو رؤساء الملة أن تعرض صورة رسمها وإنشاءها مرة إلى بابنا العالي؛ لكي تقبل تلك الصورة المعروضة، ويجري اقتضائها على موجب تعلق إرادتي السنية الملوكانية أو تتبين الاعتراضات التي ترد في ذلك الباب في ظروف مدة معينة.

الأصل هنا في بناء الكنائس هو الإباحة المشروطة بموافقة البطريرك وتصديق السلطة الإدارية، ولقد جاء في موضع تالي من النص ذاته والسياق نفسه، أنه متى لزم الطائفة أبنية يقتضي إنشاؤها جديدا يلزم أن تستدعي بطاركتها أو جماعة مطارنتها الرخصة اللازمة من جانب بابنا العالي، فتصدر رخصتنا عندما لا توجد في ذلك موانع ملكية من جانب دولتنا، والمعاملات التي تتوقع من طرف الحكومة في مثل هذه الأشغال لا يؤخذ عنها شئ.

إن النص يفرق في بدايته بين الترميم والإصلاح أو التجديد وبين الإنشاء والتأسيس. والنص يخلو تماما من ذكر المواقع أو أهلية عليها تلك التي تحول دون بناء كنيسة، ولكن حدد جملة الاعتراض الوحيدة وهي أن تكون موانع ملكية من طرف دولتنا العليا.

رابعًا: ينبغي أن تؤخذ التدابير اللازمة القوية لأجل تأمين من كانوا أهل مذهب واحد مهما بلغ عددهم؛ ليجروا مذهبهم بحرية، ثم تمحى وتزال مؤيدا من المحررات الديوانية جميع الألفاظ والتعبيرات والتمييزات التي تتضمن تدني صنف من صنف آخر من صنوف تبعة سلطتي السنية؛ بسبب المذاهب أو اللسان أو الجنسية لا يمنع أحد أصلا من تبعتي الشهانية عن إجراء فرائض ديانته .

هذا النص يؤكد على سيادة القانون بغض النظر عن الأقلية العددية، فاشتملت على التعدد اللوني والعرقي والديني والمذهبي ويظهر من النص أن حق ممارسة العقيدة حقا مطلقا.

خامسًا: أن جميع تبعة دولتي العلية من أية ملة كانوا سوف يقبلون في خدمة الدولة ومأموريتها بحسب أهليتهم وقابليتهم يقبلون جميعا عندما يفون الشروط المقررة سواء كان حق جعة السن أو الامتحانات في النظامات الموضوعة للمكاتب بدون فرق ولا تمييز في مكاتب دولتي العسكرية والملكية.

والمقصود بالنص الحرفي هنا هو أن الانتماء العضوي لجسم الدولة أصبح حقًا شرعيًا مقررًا دون تفرقة أو تمييز بسبب الدين أو المذهب أو اللون أو العرق، حق الاعتقاد أولاً، ثم حق ممارسة شعائر هذا الاعتقاد ثانية، ثم حق خدمة الدولة أيًا كان هذا الاعتقاد ثالثًا.

كما أن المساواة الحقيقية تستلزم المساواة في الوظائف أيضًا، فينبغي أن يكون المسيحيون وباقي التبعية غير المسلمة مجبورين أن ينقادوا بحق إعطاء الحصة العسكرية مثل أهل الإسلام، وهذا الحق في التجنيد والترقي إلى أعلى المناصب العسكرية في مساواة تامة بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم.

إذن الخط الهمايوني وثيقة إصلاحية متقدمة بمقاييس زمانها، ولم يكن القصد منها الحد من حريات الأقلية المسيحية أو القبطية في مصر، وإنما الخط الهمايوني أرسى وكرس مبادئ ثمينة، كحرية العقيدة، وحرية ممارستها، وحق المواطنة الكاملة دون تمييز لأصحاب الأديان والمذاهب.

الخط الهمايوني والإصلاح الديني
الفرمان العالي الشهاتي الصادر من السلطان عبد المجيد خان سنة 1856م كان له أثر ايجابي على الكنيسة الإنجيلية بمصر، ويمكن تلخيص هذا في النقاط التالية:
1- السماح بتنظيم الطائفة الإنجيلية.

2- تنظيم الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية.

3- العبادة:

أ‌- تسهيل إقامة وإنشاء دور العبادة.

ب‌- حرية ممارسة العبادة والشعائر الدينية.

ج‌- توفير الأمن والأمان، والراحة والسلام لرعية الطائفة الإنجيلية.

الملاحظ من قراءة نصوص هذا الفرمان أن هناك تمييز بين الطائفة الإنجيلية والطوائف والمذاهب الأخرى، كما أن القراءة توحي بأن الفرمان صدر أصلاً من أجل الطائفة الإنجيلية دون غيرها من الطوائف الأخرى في مصر وفي غيرها من ولايات الإمبراطورية العثمانية. إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك؛ لأن الفرمان العالي كان يهدف إلى إصلاح سياسي واجتماعي وديني عام وشامل لجميع الأقليات والطوائف والمذاهب التابعة للإمبراطورية العثمانية.
==========
مدونة الوزارة

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

عصام شرف والقوائم السوداء

عصام شرف والقوائم السوداء



نجلاء محفوظ | 27-06-2011 01:25

سألني صحفي عن رأيي في اقتراح تم طرحه في دولة عربية شقيقة بسجن النساء اللاتي تمت إدانتهن بجرائم مختلفة في منازلهن مع تقييد تحركاتهن، فرفضت لأن من آمن العقوبة ساء أدبه، وتغليظ العقوبة يؤدي إلى تقليل الجرائم بينما تخفيفها عن النساء قد يؤدي إلى " استخدامهن" من قبل الرجال ال......

وهو مافات عن رئيس وزرائنا الذي "بايعنا" في التحرير ومنحناه الثقة بل وخرجنا في مليونيات للمطالبة برحيل شفيق واحتفلنا في التحرير بمجيئه..

"اختار" شرف بملء إرادته أن يخذلنا المرة تلو المرات واعتمد على أن الشعب منحه رصيدا هائلا، "وتناسي" المثل الشعبي الرائع:خذ من التل يختل..

وبصفتي أحد المشاركين انا وولداي وابن اخي في الثورة والداعمين لها بالحشد أثناء الثورة وبعدها وبالنيابة عن الكثير من محبي الثورة وداعميها نطالب وقفة حاسمة مع د عصام شرف..

فلم نشعر بالتعاطف عند نشر أخبار تناول رئيس الوزراء للإفطار في مطعم شعبي مع أسرته فالأفضل من ذلك أن يشعر فعلا "بنبض" المصريين وأن يحترم إرادة الشعب بالفعل وليس بالقول أو بالمظاهر..

فقد "اهتزت" صورته كثيرا وتداعت عندما صرح للصحفييين بأنه "يفضل" الدستور أولا وتناسى أنه لا يحق له أن يفضل ما رفضه الشعب، وأن عليه أن يحتفظ برأيه لنفسه وألا يرتكب "خطيئة" احتقار الشعب حتى لا ينضم للقوائم السوداء الطويلة التي تضم "فلول" المخلوع من رجال أعماله وإعلامه الخاص والحكومي ونخبته ومعارضيه المستأجرين سواء في الأحزاب الديكورية والمرتزقة من مدعي الثقافة والذين تأرجحوا ب...... غريبة بين الشيوعية والساداتية وصولا للعلمانية والليبرالية وكانت عقيدتهم الثابتة "الزبون دائما على حق"..

والزبون بالطبع هو المخلوع وزبانيته و"أجنداتهم".

فقد بذل فلول المخلوع المجهود الجبار قبل الإستفتاء لشحن الشعب ليقول لا على التعديلات الدستورية وحشدوا بعض مرشحي الرئاسة المحتملين ودعاة مسلمين وفنانين وإعلاميين بالإضافة لساويرس وتعليمات الكنيسة الصارمة للمسيحيين برفض التعديلات..

وجاءت النتيجة مخيبة لآمالهم ومن الواضح أن نسبة كبيرة من الأصوات الرافضة للتعديلات لم تستمع لنصائحهم أو للحشود الإعلانية التي حاصروا بها الناس وربما نستثنى معجبي المثل الكوميدي أحمد حلمي الذين أضحكهم ولم يتوقعوا أنه سيضحك عليهم كما فعل من شاركوه الإعلانات برعاية ساويرس.

ولو احترم هؤلاء الشعب لانسحب مرشحي الرئاسة المحتملين من سباق الرئاسة "لفشلهم" في إقناع الشعب بوجهة نظرهم في أول اختبار لإقناع الشعب بآرائهم، ولما أصروا "بفجاجة" غريبة على رأيهم المناهض لإرادة الشعب، ولعلموا أنهم يقدمون أنفسهم للشعب "بأبغض" صورة فالشعب اختنق من الفرعون "وخلعه" وليس بحاجة إلى فراعنة جدد.

لذا ساءنا كثيرا عدم احترام شرف للشعب ونرفض –حتى الآن-وضعه مع هؤلاء في القوائم السوداء..

ونطالبه بالاعتذار للشعب وعدم تحدي إرادته مجددا.

ونربأ به أن ينضم ليحيي الجمل الذي بذل ويبذل المجهود المستميت للإساءة للمصريين والذي رأيته في تسجيل تليفزيون قبل تولي شرف رئاسة الوزراء وقد استضافه كصديق له!!

وهو ما يثير قلقنا، ومن حقه أن يصادق من يشاء "بشرط" ألا يؤثر ذلك بالسلب على احترامه لمبايعته للشعب وقد صرح مقربون ليحيي الجمل أنه كان قد أعد الإعلان الدستوري وفقا لرفض التعديلات "وصدم" للموافقة..

وعلى الجميع أن يعلموا أن زمن فرض الرأي على المصريين قد ولى للأبد، وأنه لا توجد كلمة فوق كلمة الشعب.

وإذا كان البعض ينادي بمليونية 8 يوليو للدستور أولا، فمن الأسهل أن نسارع بمليونيات 1 يوليو لاحترام الشعب ولتلقين كل من "يفكر" في إهانة الشعب الدروس التي يستحقها تماما.

ونذكر شرف بضرورة عدم الخضوع لإبتزاز هؤلاء ال....... وعدم الاستماع إليهم وقد صدمنا للأخطاء المتتالية، بدءا من ترشيح مصطفى الفقي للجامعة العربية وكتبت مقالا بالإنترنت بعنوان "الخيانة في ترشيح الفقي للأمانة" فإذا رشحه شرف عن اقتناع فتلك مصيبة وإذا كان "مجبرا" فالمصيبة أعظم..

ولا يكفي التراجع بعد الاحتجاجات عن الترشيح فقد خصم الترشيح من رصيد شرف بالفعل..

ونأتي "لسقطة" تشكيل مجلس حقوق الإنسان فإذا كان لا يعرف أن أغلبيته من ال...... فهذه كارثة وإذا علم وتجاهل "لإسكاتهم" فهذه أم الكوارث فالخضوع للإبتزاز أصبح ظاهرة لدى شرف..

ومن ذلك تشكيل اللجنة الغريبة المشاركة في حل مشاكل الفتنة الطائفية وغالبيتها العظمى من ال...... وال......

وما سمي زورا وبهتانا بجلسات الحوار الوطني والشقاق أو الوفاق الوطني والتوصيات "المريبة"الصادرة عنهما بالإضافة إلى ما سمي بالتيار المصري الرئيسي و....و.....

ونذكرشرف بالخضوع ال....... لمن أطلقوا على أنفسهم ائتلاف شباب الثورة ومطالبتهم بالتدخل في اصدار القرارات والموافقة عليها والمطالبة بمكتب لهم ملحق بمجلس الوزراء.

وما تلى ذلك من إبتذال غير مسبوق شاهدناه على الفضائيات..

ونذكر شرف بقول الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه وأرضاه: إذا وضعت أحدا فوق قدره فتوقع أن يضعك دون قدرك..

فهؤلاء الشراذم لا يمثلون سوى أنفسهم وكل شبر يمنحه لهم بعد الابتزاز سيأخذون بعده أميالا ستخصم مما "تبقى" من رصيده لدى الشعب..

ونتوقف عند من يسمون أنفسهم رجال أعمال وحملاتهم "لترويع" المصريين وايهامهم بأن محاكمة اللصوص ستمنع الاستقرار "وتهدد" الإستثمار الاجنبي وكأن مصر لابد أن تكون "مستباحة" حتى يأتي المستثمرون إليها، وهو ما يناقض القاعدة الإقتصادية بأن الاستثمار الأجنبي يزدهر في البلاد النظيفة والعكس صحيح أيضا.

ولابد من محاسبة وزراء شرف الذين أرادوا إغراق مصر بالإقتراض و"تعطيل"التنمية فسمير رضوان رحب بالإقتراض من صندوق النقد الدولي وأعلنت فايزة ابو النجا أنه لا توجد شروط للإقتراض وكأنها تخاطب شعبا "غبيا" لا يفهم أن النكبات الاقتصادية والخصخصة وبيع المصانع الوطنية كانت جزءا من شروط النقد الدولي وهو ما جعل "عامة" المصريين يسمونه "النكد" الدولي..

ولا يكفي التراجع عن الإقتراض فلابد من المحاسبة العلنية لمن "خططوا" للإقتراض للمزيد من "الإغراق" الاقتصادي لمصر وسرقة حقنا المشروع في النهوض ببلدنا..

ولابد من إقالة جودة عبد الخالق وزير التضامن الاجتماعي الذي يفترض أن يخدم الشعب لا أن يستهين به كما يفعل دائما ويتحداه ويستعين بالمجلس العسكري علنا لإجهاض ارادة الشعب بالاستفتاء..

ونطالب بتعجيل الانضباط الأمني ومحاسبة رادعة لمن "يتعمدون"تأجيله وكشفهم أمام الشعب دون أي تراخ..



ونطالب بمحاكمة رجال الأعمال الذين يعرفهم المصريون بالأسماء وعدم السماح لهم بالإفلات أو "بغسيل" السمعة بمشاريع وهمية أو تشكيل أحزاب أو بإعلانات في الصحف أو بابتزازنا بأنهم "يفتحون" بيوت المصريين وكأنهم يتصدقون على من يعملون لديهم ولا يعطونهم أقل القليل مما يستحقون..

ولابد من تفسير "الحصانة" الغريبة الممنوحة لساويرس والتي تجعله بتمادي في إهاناته للمسلمين وتنصيب نفسه حاكما فعليا لمصر، فتارة يرحب بالإسلاميين "بشروط" وأخرى يرفضهم وأخيرا يضع على حسابه الشخصي بتويتر رسما مهينا للإسلاميين ويعتذر بأسخف مما فعله بأنه كان يمزح.

نعرف أن شرف نظيف وليس على رأسه "بطحة" لذا نطالبه بإيقاف هذه الحصانة فالأغلبية المسلمة التي قامت بالثورة وسط "منع" الكنيسة الأرثوديكسية للمسيحيين من المشاركة ومشاركة قليلة من الإخوة الإنجليين وبعض الكاثوليك لقلة أعدادهم بمصر ..

فقد قدمت "الأغلبية" المسلمة الشهداء وجعلت شرف رئيسا للوزراء ومن حقها إيقاف كل البذاءات التي توجه لكل ما هو إسلامي بدءا من ساويرس وفرقه الإعلامية ووصولا بالمرتزقة الصغار "مهما كبرت أعمارهم" ..

ويجب ألا ينخدع شرف بما يقوله شيخ الأزهر أو المفتي فهما لا يمثلان سوى أنفسهما "وبعض" العاملين معهما أما الشعب فيعتز بإسلامه "ويلفظ" كل من يحاول الإنتقاص من الهوية الإسلامية وليتذكر مصير السادات الذي قال عن الشيخ المحلاوي "بأنه مرمي في السجن زي الكلب" ومصير المخلوع وكل من سيتم خلعه في البلدان الشقيقة..

يؤمن المصريون بحقوقهم في العدل والحرية والمساواة واحترام هويتهم ودينهم "وطرد" كل من يحاول المساس بذلك والحقوق لا يمكن التفاوض حولها ولكن التفاوض يمكن"بشروط" حول اسلوب التطبيق وليس حول الحقوق..

أخيرا .. استقال وزير الاعلام الاردني اعتراضا على قيود تم فرضها مؤخرا على الإعلام بالأردن..

فإذا كان عصام شرف غير راض عن كل ما ذكرناه ولا يتمكن من تغييره لأسباب نجهلها فمن حقه على نفسه الاستقالة "لفضح" من يفرضون القيود وحتى لا يكون وسيلة بأيديهم وليحتفظ بما تبقى من رصيده لدى الشعب..

أما إذا كان راضيا ومشاركا برغبته فأؤكد أن المصريين الذين سعدوا لأنه قام بإبلاغ الإسعاف لإنقاذ مصاب بالطريق سيرفضون تخاذله عن إنقاذ الثورة وسيتولون ذلك بأنفسهم، وهو ما أتمنى ألا نضطر لفعله فمازلت أرى أن شرف أفضل من ذلك وأن عليه "تنقية" مستشاريه بدءا من الحمل وحجازي "ومن" أشار عليه باختيار الغتيت مستشارا، ولا يكفي ابعاده فلابد من طرد كل من يحاول ابتزازه وفضحه علنا وبذا "فقط" يسترد ما ضاع من رصيده عند الشعب وتتضاعف قوته ويدخل التاريخ.

وأتمنى ألا يقول شرف ما قاله المخلوع: لا يهمني التاريخ ولا الجغرافيا..

وكما قام النائب العام باحضار مدرس ظهر على اليوتيوب وهو يضرب تلاميذ صغار لمعاقبته، فلابد أن يرى الشعب شرف يقود "محاسبة" علنية لكل من استهانوا به ويواصلون ذلك ب"........" غير مسبوقه

من الأقباط إلى الأقباط والعلمانيين

من الأقباط إلى الأقباط والعلمانيين



لواء دكتور / عادل عفيفي | 27-06-2011 01:24

لماذا الاعتراض على تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر؟

يجيب على ذلك أحد المتخصصين في شئون الحركات الإسلامية ودارسة المشروع الحضاري الإسلامي والمهتم بالحوار مع كل الحركات الإسلامية وهو الدكتور رفيق حبيب بقوله أنه إذا قامت دولة الوحدة الإسلامية فلن يستمر الغرب كقوة عظمي والأهم من ذلك ان دور الحضارة الغربية بوصفها الحضارة المتقدمة والمهيمنة علي العالم سوف ينتهي، ان حلم العولمة وهو حلم هيمنة الليبرالية الغربية علي العالم سوف ينتهي اذا قامت دولة إسلامية موحدة". فدولة الحضارة الإسلامية تحرر العالم أما دولة الحضارة الغربية فتستعمر العالم .

و يضيف أن الغرب بدأ يتقبل الحركة الإسلامية ولكن بشروط تفقدها أهم مايميزها في مشروعها الحضاري،أى "إسلام بلا خلافة" أي إسلاما يُقبل غربيا بقدر تنازله عن مشروع الوحدة العربية الإسلامية ،ومن الواضح أن العولمة الغربية عندما فشلت في مواجهة المشروع الإسلامي بالكامل أصبحت تحاول استقطاب الفصائل الإسلامية التي ترضي بالعمل وفق شروط العلمانية الغربية وهو ما جعل الغرب يتحمس لأي أطروحات إسلامية تقبل بالعلمانية السياسية مقابل التنازل عن فكرة الوحدة الإسلامية للأمة.

وعن تخوف الكثير من الأقباط من بقاء المادة الثانية من الدستور المتعلقة بالشريعة الإسلامية يقول الدكتور رفيق حبيب أنه يجب فهم تلك المادة بأنها تقدم المساواة في الحقوق والواجبات للمسيحيين ،وثانيا تقدم لهم حماية لتميزهم الديني ، وثالثا تتيح لهم قوانين الأسرة الخاصة بهم، إذن فالشريعة الإسلامية تحقق المساواة مع الحفاظ علي التميز، في حين أن القوانين الوضعية العلمانية تحقيق المساواة ولكن تلغي التميز فإذا طبقت العلمانية في مصر فلن تسمح للمسيحيين بأن يكون لهم قانون للأحوال الشخصية وسيخضعون للقانون الذي تتوافق عليه الأغلبية ، والأمر الآخر أن البعض لا يفهم أن مقاصد الشريعة الإسلامية هي نفسها القيم الثقافية الموجودة في الوعي الجمعي للمصريين جميعا مسلمين ومسيحيين وأن القيم الاجتماعية للشريعة الإسلامية لا تختلف عن القيم الاجتماعية للمسيحية والشرقية مما يجعل مرجعية الشريعة الإسلامية متفقة مع القيم والتقاليد السائدة للمسيحيين في مصر.

ويضيف د. رفيق حبيب أن شعار الإسلام دين ودولة يعني أن الإسلام عقيدة وشريعة، والعقيدة معروفة باعتبارها جانبا دينيا، أما الشريعة فهي جانب تطبيقي للحياة وهو الذي أنتج الثقافة والحضارة الإسلامية وهي الجانب الذي اشترك فيه المسلمون والمسيحيون عبر التاريخ وهو الجانب التطبيقي الذي تعمل فيه جماعة الإخوان المسلمين، وهو الجانب السياسي وبمعني آخر الشريعة الإسلامية هي الأرضية الثقافية والحضارية التي يمكن ان يجتمع فيها المسلم والمسيحي في مشروع حضاري وسياسي واحد.

ويقول د. حبيب أن الأمة الإسلامية لها خصائص حضارية أكسبتها صفة "الأمة الوسط" فهي تتميز بالتكامل بين الدين والدنيا والروح والجسد وهذه التكاملية تحميها من أي نزعات دينية متطرفة أو نزعات مادية متعصبة لذلك كانت الحضارة الإسلامية وتميزها في التاريخ البشري وعندما تنهض الأمة الإسلامية من جديد ستعود للقيام بدورها في التاريخ البشري كما كان في الماضي.

المصدر : حوار أجراه الأستاذ عبدالجواد توفيق .أنظر:

(http://ar-ar.facebook.com/note.php?note_id=213607921990008

*********

و من جانب آخر، فقد كتب الأستاذ جون عبد الملاك فى صحيفة(المصريون) فى 28مايو2010 أن القمص المشلوح أندروس عزيز طالب البابا شنودة الثالث بالتوقف عما يخالف تعاليم الكتاب المقدس بالعديد من الأفكار الخاطئة التي يزرعها فى عقول النصارى ،جاء ذلك خلال باكورة كتبه " الكنيسة الأرثوذكسية وصراع الاجيال " الذى يتكون من 12 جزءا, يحمل الجزء الأول عنوان " الكنيسة والسياسة " ، يتناول الدور الذى يلعبه البابا فى السياسية المصرية والذي أهداه للبابا شنودة.ورفض عزيز قول بعض الأقباط بأن اللغة القبطية مقدمة علي كل اللغات مؤكداً أن هذا الكلام غير صحيح بالمرة ، كما رفض عمل البابا في السياسة وأعلن رفضه للدور الذى تقوم به الكنيسة فى دعمها لأقباط المهجر والمظاهرات التى يقومون بها للضغط على الحكومة المصرية لحل مشاكل الأقباط وأكد عزيز على موافقته على تطبيق الشريعة الإسلامية فى مصر . من جهة أخري اعتبر عزيز حديث الكنيسة عن تعداد لأقباط مصر " جريمة سياسية " والذي قدرته الكنيسة " بتقديرات " مختلفة بين 10 – 15 مليون ، متسائلاً من أين للكنيسة بهذا التعداد .

وبعد ،فهذه كلمات قليلة ذات مغزى كبير من أقباط إلى الأقباط والعلمانيين المعادين للشريعة لعلهم يعقلون .

الاثنين، 27 يونيو 2011

الصــرصــور

الصــرصــور



عبد السلام البسيوني | 27-06-2011 01:11

قلت في المقالة الماضية إن هناك رجالاً نسورًا، يرتفع الواحد منهم بنفسه، فلا يحب السفوح، ولا المنخفضات، بل دائمًا في العلياء يحلق، وفي القمم يستقر. وأشرت إلى أن مقابلهم رجالاً صراصير، المثَل الأعلى لأحدهم هو الـPeriplaneta Americana ذو الحجم الكبير، يعشقون الحياة الصرصورية عشقًا متطرفًا.. تصوروا؟ و(يموتون) في ذلك الكائن التافه الضار المغثي، الذي يعافه الخلق! تصور!

آسف إذ جرفتني الحماسة في التعبير.. هم طبعًا لا يعلنون هذا العشق، ولا يصرحون به بلسان المقال؛ لكن لسان الحال واضح فاضح، ولا يحتاج المتفحص لكبير جهد ليكتشفه!

فما الصرصور، ومن الرجل الصرصور؟

رغم شذوذ أهل الفرقعات، الذين عرضوا هذا الكائن المقزز في برنامج صدق أو لا تصدق، على أنه كائن لطيف، ومتميز..

ورغم أن التلفزيون قد عرض - ذات سهرة - أناسًا يأكلون منه كميات، في وجبة همبرجر صراصيرية دسمة..

ورغم ما يقوله علم الأحياء من أن هذه المخلوقات وأشباهها هي مخازن للبروتين..

فإن البشرية كلها تجُمع على أن هذا الكائن وسخ، ومقزز، يعشق العيش في البالوعات والقاذورات والأماكن الرطبة، وفي المستشفيات، والكتب، والملابس، وهو ناقل مثالي للأمراض المُعدية كالكوليرا والزحار (الدوسنتاريا)، كما يُهيج نوبات الربو عند الصغار، وغالبًا ما يحب الظلام والاختباء، ويكره النظافة والنور، وتصدر عنه رائحة بشعة، يعتادها أهل العشوائيات الذي يتجاهل إنسانيتَهم (أهل القصور والمنتجعات) وهو جالب للمرض والأذى، فإذا تمكن منه الناس هرسوه بأقدامهم، وطاردوه (بالشباشب والجِزم) أو - على أقل تقدير - استخدموا المضاد ذي القوة الثلاثية، اللي بيعملش حاجة.

ومنذ كم مائة مليون سنة، وحتى هذا اليوم، يتأستذ هذا الكائن الكريه في إزعاج الإنسان، واقتحام حياته، كما نجح ببراعة في اجتناب كل الوسائل التي استخدمها البشر في مواجهته، حتى إن من العلـماء من يؤكد بأن الصرصور يمكن أن ينجو من انفـجار نووي!

ويرى أهل تعبير الرؤى أن الصرصور في المنام عدو ضعيف لا يضر، أو هو شخص هامشي لا قيمة له أو هدف في الحياة، يعيش من أجل ملذاته، ويقضي عمره عالة على الآخرين!



نرجع مرجوعنا: من الرجال يا سادتي نسور، ومنهم صراصير، منهم أناس يحبون المعالي في كل شيء، ومنهم قمّامون يرتاحون للزبالة من كل شيء، ويستروحونها، ويرونها أجمل من شاطئ النيل ساعة الأصيل!

والزبالة ليست دائمًا فضلات، وأوراقًا، وأكداسًا من المخلفات الضارة، أو التي لا قيمة لها؛ فإن في الأفكار فضلات وقمامات، وإن في العقائد قمامات وفضلات، وكذا في البشر، وأنماط السلوك، وطرق المعاملة، وأساليب الحياة.. حيث يتدخل العنصر الصرصوري، ويبث روائحه وأمراضه وخطره!

** ألم تر إلى بعض البشر الذين يبحثون عن عقائد مستبيحة، تقدس الحجارة، وتمجد الشيطان، وتتعمد بالدم، وتؤله الذات، وتحول الدين إلى هلوسات وخرافات، تاركين استخدام العقل، وقوة الدليل، ونصاعة التوحيد، وإنسانية الدين!؟ فإذا لمّحت لأحدهم بشيء من النقد هاجمك بأسلحة لا قبل لك بها، واستدعى لاغتيالك المارينز، والسي آي إيه، والأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، ومجلس الأمن، والمجلس العسكري، ومجلس العيلة، والصليب الأحمر، وهالك هوجن، ورامبو، وهددك بالسجون والمعتقلات والعذاب الأليم.. فإذا قلت إن هذا فكر صرصوري، قيل لك بلغة مستعلية ونفخة كدابة: شت أب: إنها حرية، وانفتاح، وأصالة، وتقدمية، وسبق حضاري، ورؤية يعجز النسور أمثالك عن دركها!

** أم إنك لم تر إلى بعض البشر يفتشون في أحشاء الكتب، لينتقوا رواية موضوعة، أو حادثة مفتراة، أو قصة مختلقة، أو إشارة ملفقة، أو يجتزؤون جزءًا من سياق بريء، ثم يبنون عليه سيناريوهات، ويكتبون عنه القصص، ويهدمون به ثوابت، ويشوهون تاريخًا، ويجلدون أمة، فإذا أبديت اندهاشك، وقلت إن ذلك تزييف، وغش منهجي، وقفز على الحقيقة، وخيانة للأمة وللعلم وللعقل، قيل لك: اصمت أيها الجامد النصوصي، إنها حداثة، وإعادة قراءة، واستنطاق للوقائع، وإعادة صياغة للحقائق!

** ثم ألم تر إلى بعضهم ينسلّ، ويسري في جوف الظلام، لينتهك عرضًا، أو يغتال غرضًا، أو يحيك مؤامرة، أو يروع بريئًا، أو يعب من المنكرات عبًّا، ويجترئ على الكبائر انتهابًا وشربًا، ويعاقر كل ما يُـتخيل وما لا يتخيل، فإذا اندهشت قيل لك: يا متخلف: إنه الانعتاق، إنه كسر التابوهات وتكريس الذات.. ويرى أحدهم نفسه وفعله شيئًا متطورًا متحررًا منفتحًا مبدعًا جريئًا!

** ألم تر إلى بعض الناس يرضى حياة التشرد، والصعلكة، والهدوم الجربانة، التي قطعها بعناية شديدة فوق ركبتيه، وعلى مؤخرته وساقيه، وطوق يديه بجنزير، وأحاط عنقه بستة جنازير متنافرة النوعية والحجم، ودلى من إحدى أذنيه فردة حلق، وعصب جبهته بمنديل محلاوي مخطط، فإذا علقت، قال لك: إنه وادْ رِوِش - بكسر الراء والواو وتسكين الشين، أي ولد مِخَلَّص وبُرم، ومخربش.. واضح حضرتك!؟- وإننا جيل ديناصوري محنط، ما تعرفش نقدر مواهب سيادته..

فإذا قلت: يا ناس دا صرصور والله، قيل لك: أنت أعمى البصيرة، ضيق الخيال، لا تحسن تقدير المواهب، والعبقريات! بكرة دا يسوي الهوايل، في ظل النظام العالمي الشديد!

** ألم تر إلى انتهازي، يسكن حتى تهدأ الحركة، وتخف الرجل، فيتحرك بخفة، وصمت، ومكر، ليصيد أو ليكيد، فإذا أضيئت الأنوار، أو أزيح الستار، هرب بسرعة إلى أقرب شق، أو اختبأ في أقرب زاوية مظلمة، يرتقب ثانية أن ينطفئ النور، وتنسدل الستور، ليعود لصيده وكيده، فإذا قلت له: يا صرصور عيب، قيل لك إنها مهارة، وإنه أكل عيش، وإن الحياة تحتاج وعيًا، والرزق بيحب الخفية، واللي تغلب بُّه، اخرب بُّه!



في حياة الصراصير والشقوق هذه - يا عمي - ضع المنافقين، وضع بعض المتسيبين، وضع قمّامي الأفكار والقيم، وضع ضعاف الهمم.. في القديم والحديث..

ضع المنافقين الذين إذا رأوا غُنمًا هشوا وأقبلوا، وإذا رأوا غرمًا قالوا: (احنا ما لناش دعوة، دا هوّ يا حظَّابط)! الذين يفرحون بمصائب المسلمين عند الاقتضاء، لكنهم إذا كان الأمر مفيدًا يصيرون شيوخ إسلام ومفتين مجتهدين: {إن تصبك حسنة تسؤهم، وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها}!

وضع – مع الصراصير - الانتهازيين الذين يكمنون حتى تحين اللحظة المناسبة، فيجتاحوا وينقضُّوا على الخلائق؛ ليعيثوا في الأرض وفي الأشياء والقيم فسادًا!

ضع معهم يا سيدي قمامي الأخلاق، ومتسولة الثقافة، وكناسي الكتب، الذين يريدون أن يلغوا من القواميس كلمة عيب، ومن النفوس كلمة أخلاق، ومن المجتمع كلمة قيم، ومن وجوه الستات معنى الحياء!

ضع يا سيدي اللاعبين بالبيضة والحجر، المتلونين بكل لون، اللابسين كل قناع، النهمين الذين لا يشبع أحدهم حتى لو شرب محيطًا من السيولة، وأكل جبالاً من النقد، بل هو جهنم متحركة، تقول: هل من مزيد؟!

وضع ضعاف الهمم الذين يهربون من أية مواجهة، ويأبون أي إنجاز، ويكرهون المبادرة، والإيجابية، والعطاء، ويحيون حياة تنابلة السلطان!

وضع معهم من شئت، ممن هو على شاكلتهم في (الصرصرة) والرائحة المنفرة!

ستظل الصراصير يا سادتي مقززة، حتى لو لبست أقنعة، وتدثرت بالحرير، وتحممت بأفخر العطور، وحملت تحت آباطها كتبًا ومجلات، وادعت أنها حامية حمى الثقافة، والحرية، والديمقراطية..

وآه يا زماننا.. يا زمان الصراصير!

_______________________

يقول مطر في قصيدته (أعـذار واهيـة):

أيُّها الكاتِبُ ذو الكفّ النظيفَـةْ/ لا تُسـوِّدْها بتبييضِ مجـلاّتِ الخَليفـةْ

- أيـنَ أمضي وهـوَ في حوزَتِـهِ كُلُّ صحيفَـةْ؟

- امضِ للحائِطِ.. واكتُبْ بالطّباشيرِ وبالفَحـمِ

- وهلْ تُشبِعُني هـذي الوظيفَـةْ؟!/ أنا مُضطَـرٌّ لأنْ آكُلَ خُبـزًا!

- واصِـلِ الصّـومَ، ولا تُفطِـرْ بجيفَـةْ .

- أنا إنسانٌ، وأحتـاجُ إلى كسبِ رغيفـي!

- ليسَ بالإنسانِ مَن يكسِبُ بالقتلِ رغيفَه/ قاتِلٌ من يتقـوّى بِرغيفٍ قُصَّ من جِلْـدِ الجماهيرِ الضّعيفـةْ/ كُلُّ حَـرفٍ في مجـلاّت الخَليفَـة/ ليسَ إلاّ خِنجـراً يفتـحُ جُرحـًا يدفعُ الشّعبُ (نزيفَـهْ) !

- لا تُقيّـدني بأسـلاكِ الشّعاراتِ السخيفَـة/ أنا لم أمـدَحْ ولَـمْ أردَحْ!

- ولـمْ تنقُـدْ ولم تقْـدَح، ولمْ تكشِفْ ولم تشـرَحْ/ حصـاةٌ عَلِقـتْ في فتحـةِ المَجْـرى/ وقَـدْ كانتْ قذيفَـةْ!

- أكلُ عيشٍ!

- لمْ يمُتْ حُـرٌّ مِنَ الجـوعِ/ ولـمْ تأخـذْهُ إلاّ مِـنْ حيـاةِ العبـدِ خيفَـةْ/ لا.. ولا مِن موضِـعِ الأقـذارِ يسترزِقُ ذو الكفِّ النّظيفَـةْ!

أكلُ عيـشٍ؟/ كسـبُ قـوتٍ؟/ إنّـهُ العـذْرُ الذي تعلِكُـهُ المومِسُ/ لو قيلَ لهـا: كوني شريفَـةْ !

albasuni@hotmail.com

الخميس، 23 يونيو 2011

عُقاب... مش نسر

عُقاب... مش نسر:



عبد السلام البسيوني | 23-06-2011 01:17

كتبت المرة الماضية أن الرجال أنواع، وأن النساء أنواع، كما أن المفكرين أنواع، والمفجرين أنواع، والتجار أنواع؛ والفجار أنواع؛ وهذه طبيعة الدنيا المضحكة المبكية، المليئة بالمفارقات والغرائب.

وقلت إن من أنواع الرجال: الرجل المرَة، والرجل المسخرة/ والرجل الغيور، والرجل الطرطور/ والرجل الهايف، والرجل الرزين/ والرجل الأنِف، والرجل الرِّمة/ والرجل العُقاب، والرجل الدودة/ والرجل الأسد، والرجل الضبع/ والرجل الممـيز، والرجل البرطوشة/ والرجل الطاووس، والرجل المِدَهْوِل/ والرجل العصامي الصاعد بجدارته، والرجل الطفيلي المتسلق، الذي يصعد ويجني ويعيش من دم الآخرين وجهدهم، ويستعلي عليهم، ويزهو بقدرته على مص الدماء!

ولأقف قليلاً اليوم أمام نوع من هذه الأنواع هو الرجل العُقاب (بضم العين) فمن هو؟ وما صفات الرجال العُقبان؟

العقاب من الجوارح النبيلة القوية، يخلط المعاصرون بينه وبين النسر، مع أنه أشرف من النسر وأنبل، فهو كائن قوي، تعكس ملامحه العزيمة والصلابة، لا يأكل إلا مما يصيد، وينقض على طرائده من عل، وله نظر ثاقب يضرب به المثل، فيقال: (أحدُّ من نظر العقاب)، وسمت العرب بها أبناءها، وجعلته دول كثيرة شعارها، وفي عملتها، وعلى ثياب جنودها. ومنها مصرنا العزيزة، التي رسمته على (فلوسها) في الثمانينيات، كما تسمي طياريها الشجعان (نسور) الجو! وكان العُقاب شعار القائد المجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي، وهو مرسوم على أسوار قلعته بالقاهرة!

وهو مرتفع بنفسه، لا يحب السفوح، ولا المنخفضات، بل دائمًا في العلياء يحلق، وفي القمم يستقر، وهو أيضًا - كما علمونا في الكتب - شديد الحذر، حديد البصر، خفي السفاد (أي يتوارى عن الأعين في اللحظات الحميمة مع المدام بتاعته) وهذه صفات كلها حميدة، رغم أنها كلها متعبة مكلفة.

وإذا كان من الرجال رجال صراصير، يحبون البلاعات والمجاري (الأخلاقية والعقيدية والسلوكية) ويرتاحون للزبالة من كل شيء، ويستروحونها، ويرونها أجمل من ربوع مكة المكرمة ورحاب الروضة الشريفة، وجبال سويسرا، وغابات ألمانيا، وشواطئ الريفييرا! فإن من الرجال نبلاء عُقبانًا ينشغلون بالكمالات، والمكارم، ومعالي الأمور؛ مع ما يكلفهم ذلك من كبَد ومعاناة، وغرامات من المال والجهد والوقت والتعرض للأذى:

ومن تكن العلياء همةَ نفسه......فكل الذي يلقاه فيها محببُ

لا تحسبن المجدَ تمرًا أنت آكلُهُ......لا بد دون الشهد من إبرِ النحلِ

إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ......فلا تقنع بما دون النـجومِ

إذا المرءُ لَم يدنس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ = فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

فأحدهم يستعذب العذاب، ويستمرئ العناء، ويصبر على اللأواء، لأنه صاحب همة، وصاحب مروءة، ويرى أنه خلق عُقابًا، ليكون في الأعالي، ويتربع على القمم، تأملوا معي مثلاً هذا الرجل العجيب، الذي يضع نفسه في موضع النجم بقيمه ونبله، حين يقول:

وإن الذي بيني وبين بنـي أبي.......وبين بني عمي لمختلفٌ جــدا فإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهم.......وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجدا وإن قدحوا لي نارَ حربٍ بزندهم.......قدحتُ لهم في كل مكرمةٍ زندا وإن ضيعوا غيبي حفِظت غيوبهم.......وإن هووا غيي هويت لهم رشدا ولا أحمل الحقدَ القديم عليهمُ.......وليس رئيسَ القوم من يحمل الحقدا لهم جُلُّ مالي إن تتـابع لي غنىً.......وإن قل مــالي لم أكلفهم رِفدا وإني لعبد الضيفِ ما دام نازلاً.......وما شيمةٌ لي غيرهـا تشبه العبدا

رجل عجيب، يهوى - بهمته - وجع الراس، ويسلك سلوك النبل والسيادة، وحراسة القيم، والحقوق، حتى لو ترك ذلك أهلُه وأقرب المقربين منه، وما يضيره إذا كان عُقابًا حين يرضي آخرون بحياة الصراصير؟!

وأخلاق الرجال العقبان تتجلى في أشياء، منها:

** أنهم لا يسقطون على الناس الناقصين، بل لا يعاشرون إلا الكرام والمستقيمين، ولا يجالسون إلا النبلاء والصالحين؛ قال أبو حاتم رحمه الله: أجمع أهل التجارب للدهر، وأهل الفضل في الـدين، والراغبون في الجميل على أن أفضل ما اقتنى الرجل لنفسه في الدنيا، وأجل ما يدخر لها في العقبى، هو لزوم الكرم، ومعاشرة الكرام؛ لأن الكرم يحسن الذكر، ويشـرف القدر، وهو طباع ركـبها الله في بني آدم، فمن الناس من يكون أكرم من أبيه، وربما كان الأب أكرم من ابنه، وربما كان المملوك أكرم من مولاه، ورب مولى أكرم من مملوكه.

وحين أراد أبو حاتم نفسه أن يحدد ما يقصد بالرجل الكريم قال: الكريم من إذا أُعطي شكر، وإذا مُنع عذر، وإذا قُطع وصل، وإذا وصل تفضل، ومن إذا سأله أحد أعطاه، ومن لم يسأله ابتدأه، وإذا استضعف أحدًا رحمه، وإذا استضعفه أحد رأى الموت أكرم له منه، واللئيم بضد ما وصفنا من الخصال كلها؛ قلت: وهو الصرصور!

وقال كذلك: الكريم يلين إذا استُعطف، واللئيم يقسو إذا ألطف، والكريم يُجل الكرام، ولا يهين اللئام، ولا يؤذي العاقل، ولا يمازح الأحمق، ولا يعاشر الفاجر، تراه مؤثرًا إخوانه على نفسه، باذلاً لهم ما ملك، إذا اطلع على رغبة من أخ لم يدع مكافأتها، وإذا عرف منه مودة لم ينظر في قلق العداوة، وإذا أعطاه من نفسه الإخاء لم يقطعه بشيء من الأشياء.

وقال الإمام الشعبي: إن كرام الناس أسرعهم مودة، وأبطؤهم عداوة، مثل الكوب من الفضة يبطئ الانكسار، ويسرع الانجبار، وإن لئام الناس أبطؤهم مودة، وأسرعهم عداوة؛ مثل الكوب من الفخار، يسرع الانكسار، ويبطئ الانجبار!

** ومنها أن الرجل العُقاب، لا يأكل من فضلات غيره، ولا يسطو على عرق أحدٍ وعمله، فينسبه لنفسه، ولا يغير على عرضه فيستبيحه ويلِغ فيه، ولا يسطو على ماله فينتهبه، ولا يستبيح غيبته بما يسوؤه، فهو دائمًا في ارتفاع؛ يربأ بنفسه عن المخازي، ويعلم أن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها. يقول القاضي الجرجاني رحمه الله:

يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما

أرى الناس من داناهم هان عندهم ... ومن أكرمته عزة النفس أكرما

ولم أَقْضِ حق العلم إن كان كلما ... بَدَا طمَعٌ صيَّرته لي سُلَّما

وما زلت منحازًا بعرضي جانبًا ... من الذل أَعْتَدُّ الصيانة مغنما

إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما

أنزّهها عن بعض ما لا يشينها ... مخافة أقوال العِدَا فيمَ أو لِما

فأُصبحُ عن عيب اللئيم مُسلَّما ... وقد رحت في نفس الكريم معظَّما

وأقبض خطوي عن حظوظ كثيرة ... إذا لم أنلها وافر العِرض مكرما

وأُكرم نفسي أن أضاحك عابسًا ... وأن أتلقَّى بالمديح مذمَّـما

وكم طالبٍ رقّي بنعماه لم يصل ... إليه وإن كان الرئيس المعظما

وكم نعمة كانت على الحُرّ نقمة ... وكم مغنم يعتده الحر مغرما

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لأُخدما

أأشقى به غرسًا وأجنيه ذلة ... إذا فاتِّباع الجهل قد كان أحزما

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظَّما

ولكن أهانوه فهان ودنَّسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما

وما كل برق لاح لي يستفزني ... ولا كل من في الأرض أرضاه منعما

** كذلك هو لا يستعرض لحوم نسائه، ولا يعرضها على النسور - واللي ما يشتري يتفرج - بل هو (خفي السفاد) وهذا من عجيب الأمور، فأين منه الصراصير المتحضرة، التي تحب أن تعرض وتستعرض، وتكشف وتنكشف، وتفضح وتنفضح؟!

** ومنها أن الرجل العُقاب أسير الجميل، إذا أحسنت إليه مرة حملها لك مدى عمره، لم ينس مكرمة غيره، في حين لا يذكر من عمـل نفسه شيئًا، إذا أحسنت إليه أسرته واستعبدته:

إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَهُ......وإن أنت أكرمتَ اللئيم تمردا

** ومنها أنه لا يرضى بالدنية، ولا يقبل الإهانة، بل هو عَيوف، صَدوف، خصوصًا إذا ديس على طرفه، أو غُمز كبرياؤه، أو أحس بتلميح لا يليق:

خلقت عيوفًا لا أرى لابنِ حُرةٍ......عليّ يدًا أُغضي لها حين يغضبُ

إذا أنا لم أعـط المكارم حقـها......فلا عَزني حال.. ولا عـزني أب

** وهو كائن صبور حليم، واسع الصدر، يصبر، ويتجاوز، ويحلم ويصفح، ويسبق بالعطاء، ويكظم عند الابتلاء، فإذا أسرته قهرته، وكنت على وشك من قتْلِه.

والعُقاب لا يتلون، ولا يتظاهر، ولا يتماوت، ولا يحب الضعف والضعفاء، وسعادته أن ينطلق على مخدات الهواء، يطفو الهويـنى، كأنما ينزلق على الماء، دون اكتراث، ولا تعمُّل؛ فالجو ملعبه، والنسيم مستراحُه، والغيوم منتجعه.

** وهو عصيٌّ أن يؤكل أو يشوَى أو يُطبخ، أو تعبث به النساء ذوات العضلات في السجون (الحرة) وعصيُّ كذلك أن ينحني، أو يهادن، أو يلين، لذا فالحل معه أن يُنـتف ريشه، أو يكسر عظمه ومنقاره، أو يخنق من عنقه، أو يطارَد فراخه في أعشاشها، أو تُنقض هذه الأعشاش، وتقوض، وأن يُرش هو ذاته بالسموم والنابالم، والمواد الكيماوية، واليورانيوم المنضب، والقنابل الألف رطل، والفسفور الأبيض،وأن يقطع إربًا، فقط ليقول: آه، أو لعله يتوسل ويرجو؛ تحت طائلة لغة قهر الرجال!

لكنه مع ذلك يبقى نسرًا.. ولن يصنف أبدًا - مثل الآخرين - في فصائل الصراصير! وهل حياة الصراصير حياة؟! بلاش قرف!

_____________________________

ينسبون للسموأل بن عادياء هذه الأبيات الفحلة الجزلة، فاستمتع معي:

إِذا المَرءُ لَم يدنس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ = فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها = فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ

تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا = فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ

وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا = عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ

وَإِنّا لَقَومٌ لا نَرى القَتلَ سُبَّةً = إِذا ما رَأَتهُ عامِرٌ وَسَلولُ

يُقَرِّبُ حُبُّ المَوتِ آجالَنا لَنا = وَتَكرَهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ

وَما ماتَ مِنّا سَيِّدٌ حَتفَ أَنفِهِ = وَلا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قَتيلُ

صَفَونا فَلَم نَكدُر وَأَخلَصَ سِرَّنا = إِناثٌ أَطابَت حَملَنا وَفُحولُ

عَلَونا إِلى خَيرِ الظُّهورِ وَحَطَّنا = لِوَقتٍ إِلى خَيرِ البُطونِ نُزولُ

فَنَحنُ كَماءِ المُزنِ ما في نِصابِنا = كَهامٌ وَلا فينا يُعَدُّ بَخيلُ

إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ = قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

وَما أُخمِدَت نارٌ لَنا دونَ طارِقٍ = وَلا ذَمَّنا في النازِلينَ نَزيلُ

سَلي إِن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وَعَنهُمُ = فَلَيسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ

albasuni@hotmail.com

الأربعاء، 22 يونيو 2011

حادثة شرف

حادثة شرف



فراج إسماعيل | 22-06-2011 01:11

قال محمد العرابي المرشح وزيرا للخارجية: لن يكون هناك فرق كبير بين العربي والعرابي، رافضا التعليق على ما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس حول الفترة التي عمل خلالها في إسرائيل وصداقته للبعض هناك خلال إقامته في أحد أحياء تل أبيب.

ترشيح العرابي جاء مفاجئا وصادما لمن يعرف أن بين سنوات خدمته التي خرج منها إلى المعاش في نهاية يناير الماضي، تلك التي قضاها في إسرائيل وذكرت بها الصحافة العبرية معتبرة أن وزير خارجية صديقا لدولتها هبط أخيرا على رأس الدبلوماسية المصرية.

بداهة فان اختيار الوزارات السيادية من شأن رأس الدولة التي يمثلها المجلس العسكري حاليا، إلا أن الوزير الجديد اختاره عصام شرف الذي يعوزه الخيال السياسي بدليل أن ترشيحاته للوزراء والمسؤولين تلقى دائما اعتراضات كأنه لا يجد في طريقه إلا هؤلاء!

المشكلة شرف نفسه، فقد جاء رئيسا لحكومة على طريقة "حادي بادي" بمعنى أن اختياره تم عشوائيا. المسألة ليست طيبة قلب الرجل ولا أدبه الجم، لكنها قدرات إدارية وسياسية وإبداع يحتاجه المسؤول عن الإدارة التنفيذية لشؤون مصر في أصعب أوقاتها للخروج من عنق زجاجة فاصلة بين سجن نظام سابق وفضاء نظام قادم.

في الأوقات الفاصلة العصيبة لا ينبغي المغامرة وإنما الحكمة والتروي. مصر كانت بحاجة إلى رئيس حكومة قوي وسياسي بارع وذكي وليس إلى مهندس طرق لم يدخل الحياة السياسية من قبل.

هل التجريف الذي مارسه نظام مبارك طوال عهده الثلاثيني كان سببا في البوار وندرة الكفاءات؟!

في رأيي أنه مهما حدث من تجريف فإن مصر مليئة بالكفاءات، لكن أحمد شفيق ضحك على الجميع بفزاعة أنه لا أحد مستعد لرئاسة حكومة مصرية تستغرق شهورا قليلة في فترة عصيبة، وأنه لم يجد من يقبل منصب الوزير (المؤقت)!

صدقناه فأرحنا انفسنا عند أول طالب للولاية. عند عصام شرف!

كنت في ميدان التحرير عندما جاءني اتصال من أحد الأصدقاء يخبرني باختيار عصام شرف. لم اتذكره حتى وهو يخبرني أنه كان وزيرا للنقل لمدة قصيرة. تذكرت فقط حادث قطار الصعيد الذي أدى لإقالته.

تخوفت كثيرا من المغامرة. كل مؤهلاته أنه خرج لميدان التحرير مع الثوار.. ماذا عساه أن يفعل في وقت حساس يحتاج لقدرات خاصة وإبداع وفقه سياسي؟..

كانت مصر هادئة رغم مضي وقت قصير على الثورة والانفلات الأمني الذي أطلق لجامه العادلي. لم تمر أيام طويلة حتى تحققت مخاوفي، فاختياراته للوزراء جاءت عشوائية بطريقة "حادي بادي". كان الرجل خائفا مرتجفا فابقى على يحيي الجمل لعله يسد ما نقص، لكن الجمل مشكلته أجندته الخاصة وأفكاره الصادمة للمجتمع، وكسله السياسي، ومن هنا أصبح عبئا عليه لا ساعدا أو مساعدا.

القائد الطيب المرتعش اغرى على مزيد من الانفلات. البلطجية ملأوا ربوع مصر. تجار المخدرات استغلوها فرصة فجابوا الصخر بالواد. الشرطة تمردت هي الأخرى. المحتجون على أي شيء ملأوا الشوراع والميادين. انهارت سلطة الدولة وهيبتها.

ولولا الجيش وقدراته وتدخله لتفككت الدولة خصوصا مع بدء نذر الفتنة الطائفية.

ولأنه لا يملك خبرة ولا ابداعا جعل مصر عرضة للبيع في المزاد العلني. أعاد كوابس الخديوي اسماعيل بفتحه باب الاقتراض الخارجي على مصراعيه، ولو جاء شخص آخر قوي، لوهب كل فكره وامكانياته لخدمة الأمن، فإذا توفر أصبحت مصر قبلة للزائرين من أنحاء العالم الذين كانوا يشتاقون لرؤية ميدان التحرير الذي صنع المعجزة.

الأمن مع التركيز على الاحتياجات العاجلة للمجتمع يساوي استقرارا ودخلا وإعادة سريعة للاستثمار، والناتج يكفيه لتجاوز المرحلة الانقالية بدون اقتراض اضعفنا كثيرا وجعلنا نفقد قرارنا والطريق الذي اخترناه لأنفسنا.

لم يعر شرف أي اهتمام لهذه الأمور. عشق السفر كمبارك وجاء محملا بالقروض. أعلن عن مشروعات قومية مع أنها ليست من مهام حكومة تسيير أعمال. تعرض لسن قوانين خطيرة كقانون دور العبادة الموحد في وقت قصير وفي غيبة البرلمان. ارتاح للتصوير بجانب أحمد زويل في مشروعه العلمي مع أنه لا داعي للتعجل في ظل أمور أكثر عجلة.

عين محافظا لقنا دون أي تفكير فكاد يقسم مصر لأول مرة إلى نصفين منذ عهد مينا موحد القطرين، وأخيرا رشح أو عين العرابي رغم أنه قضى سنوات من خدمته في إسرائيل، وهذه كافية لصرف النظر عنه والبحث عن شخص لا يثير أي شبهة.

ومع ذلك ليس أمامنا سوى أن ننتظر الشهور الثلاثة القادمة لننتخب البرلمان وتؤول السلطة إلى حكومة منتخبة تعرف أن الشعب سيحاسبها ويقيلها إن خرجت عن الجادة، وندعو الله أن يعين الحكومة القادمة على ما سيتركه شرف من أعباء وكوارث.

تنصيب شرف رئيسا لحكومة مصر، هي حادثة مؤلمة بكل المقاييس. والالتزام بما قاله الشعب في استفتاء 19 مارس سينقذنا من أن تؤدي تلك الحادثة لبتر أطرافنا واعاقة أي محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية

نص مشروع قانون دور العبادة

نص مشروع قانون دور العبادة

نص مشروع قانون دور العبادة الموحد الذي أثار جدلاً واسعًا في الأوساط المسيحية ورفضته الأوساط الإسلامية لإغفاله طبيعة التركيبة السكانية بين الأغلبية 96 % والأقلية في شروط البناء، والذي من الواضح أن وزارة الأوقاف لم تتسلم نص القانون لمناقشته رسميًا حتى الآن، وهي من المفترض الجهة المنوط به المسئولية عن المساجد

وينص المشروع على:

بعد الإطلاع على الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 13 / 2 / 2011 وعلى المرسوم بقانون رقم 1 لسنة 2011 وعلى القرار بقانون رقم 42 لسنة 1967 في شأن التفويض في الاختصاصات وعلى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 391 لسنة 2005 وعلى القانون رقم 119 لسنة 2008 بإصدار قانون البناء

وبعد موافقة مجلس الوزراء.. قرر المرسوم بالقانون الأتي نصه وقد أصدرناه

المادة الأولى

يفوض المحافظون كل في نطاق محافظته في مباشرة الاختصاص بالترخيص ببناء دور العبادة أو هدمها أو إحلالها أو تجديدها أو بإجراء تعديلات بها أو توسيعها أو ترميمها أو تدعيمها، على أن يبت في طلب الترخيص بعد أخذ رأى الجهة الإدارية المختصة بشئون التخطيط والتنظيم وفقا للاشتراطات البنائية وقت الترخيص وذلك كله خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التقدم بالطلب ويعتبر فوات المدة المذكورة دون البت في الطلب بمثابة موافقة عليه ولا يجوز رفض الطلب إلا بقرار مسبب.


المادة الثانية

يجب على المحافظين عند إصدار الترخيص بالبناء لدور حديث للعبادة مراعاة الشروط الآتية :


1 ـ أن يقدم طلب البناء مشفوعاً بموافقة وزارة الأوقاف أو من مسئولي الطائفة الدينية المختصة والمعترف بها في جمهورية مصر العربية.

2 ـ أن يتناسب عدد دور العبادة لكل ديانة من الديانات المعترف بها في جمهورية مصر العربية في كل قسم أو مركز داخل كل محافظة مع عدد وكثافة السكان المقيمين بالفعل في القسم أو المركز لتلك المحافظة والمنتمين للديانة المطلوب بناء دور العبادة فيه وبما يفي بحاجتهم الفعلية لممارسة شعائرهم الدينية.

3 ـ ألا تقل المسافة بين المكان المطلوب بناء دور العبادة فيه وبين أقرب دور عبادة مماثل وقائم بالفعل عن ألف متر.

4 ـ ألا يتم بناء دور العبادة على أرض زراعية إلا في حالة الضرورة القصوى، وبعد موافقة وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ومجلس الوزراء على تبوير الأرض الزراعية المخصصة لأرض وبناء الدور المطلوب.

5 ـ ألا يتم بناء دور العبادة على أرض متنازع على ملكيتها.

6 ـ ألا تقل مساحة بناء دور العبادة عن ألف متر مربع، ويشترط كذلك بناء دور أرضى فيه يخصص لمزاولة أنشطة خدمية لدور العبادة ومحل إقامة لمقيمي الشعائر.

7 ـ يحظر إقامة دور عبادة تحت العمارات السكنية أو فوقها أو على شواطئ النيل أو الترع أو المناطق الأثرية أو التاريخية أو أي مناطق أخرى محظور البناء فيها وفقاً لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء.


المادة الثالثة

يلتزم المحافظون كل في نطاق اختصاصه خلال شهر من نشر هذا المرسوم بإصدار القرارات الإدارية المنظمة لكيفية تلقى طلبات الترخيص ببناء دور العبادة أو تدعيمها أو ترميمها أو نوسعتها أو إحلالها وتجديدها والإجراءات اللازمة لفحصها.



المادة الرابعة

تقدم طلبات ترميم أو تدعيم أو توسعة أو إحلال وتجديد دور العبادة أو تعديلها من الجهة المشرفة على الدور أو مسئولي الطائفة الدينية المختصة حسب الأحوال إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في كل محافظة.


المادة الخامسة

مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد في قانون العقوبات أو في أي قانون أخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز خمس سنين وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيهاً ولا تتجاوز ثلاثمائة ألف جنية كل من أقام أو هدم دور عبادة أو أجرى تعديلاً بها أو جددها أو وسعها أو رممها بالمخالفة لأحكام هذا المرسوم بقانون.


المادة السادسة

يلغى قرار رئيس الجمهورية رقم 391 لسنة 2005، كما يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا المرسوم بقانون.


المادة السابعة

ينشر هذا المرسوم بقانون في الجريدة الرسمية وتكون له قوة القانون ويعمل به اعتبارا من تاريخ نشره.
صدر بالقاهرة في سنة 1432 هـ

الموافق سنة 2011 م

المشير / حسين طنطاوى

رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة

الحريق القادم !

الحريق القادم !
لا أدري لماذا الإصرار على السرعة غير العادية في إصدار ما يسمى قانون دور العبادة الموحد !

كتبت إحدى الصحف الموالية للكنيسة في عنوان رئيس وباللون الأحمر : " الكونجرس يتدخل في بناء الكنائس " – وأردفته بعنوان آخر أسود ، يقول : " قيادات قبطية بدأت الاتصال بواشنطن والكنيسة تتحفظ على مدة طلب الترخيص " . وتحت هذا العنوان كتبت الجريدة الموالية للكنيسة :

[ كشفت مصادر مطلعة بين صفوف أقباط المهجر ، أن اثنين من النشطاء الأقباط البارزين بالولايات المتحدة عقدا اجتماعات مكثفة مع أعضاء الكونجرس بهدف التدخل والضغط على مصر لتغيير قانون بناء دور العبادة . وأوضحت المصادر أن الناشطين اتصلا بقيادات كنسية في الداخل للتنسيق ، والتأكيد على مطالب الأقباط من قانون دور العبادة الذي يناقشه مجلس الوزراء حاليا ، وأعده المجلس العسكري ، ومنها إلغاء شرط تفويض المحافظين بالقرار ومنحه للمجالس المحلية ، على أن يكون المحافظ حكما في حالة وجود خلاف ، وإلغاء شرط تناسب عدد دور العبادة في المنطقة مع عدد أصحاب الديانة ..... وأشارت المصادر إلى أن أعضاء الكونجرس وافقوا على تبني مطالب الأقباط ، وسيضغطون على مصر لتنفيذ هذه المطالب" . ( اليوم السابع – 12/6/2011م) .

المتمردون الطائفيون الذين اعتصموا في مايو الماضي بماسبيرو ؛ فرضوا شروطهم على السلطة ، وكان من بينها الإفراج عن مسجونين مدانين ، وفتح كنائس غير قانونية ، وإصدار قانون منع التمييز ، وإصدار قانون دور العبادة الموحد ، وكلها شروط ابتزازية استغل أصحابها لحظة حرجة يمر بها الوطن ، وفرضوا إرادتهم التي استجابت لها السلطة ، وساعد على تقبّلها بعض المسئولين الموالين للكنيسة في الحكومة ، الذين جاهروا بهذا الولاء علنا ، في الوقت الذي يهينون فيه الجماعات الإسلامية على رءوس الأشهاد ، ويصرحون بتصريحات غريبة وغير عقلانية تجاه الإسلام والحركة الإسلامية .


إذا كان الإفراج عن بعض المحكومين ، وفتح بعض الكنائس غير القانونية يمثل جانبا محدودا من الاستسلام يمكن احتماله ، إلا إنه يعبر عن تفريط في سيادة القانون وهيبة الدولة لحساب عصابات خاصمت الوطن ، واستخدمت العنف ، واعتمدت على بعث عوامل التعصب والكراهية في نفوس الأتباع والأشياع ، ووجدت في السلطة من يستجيب لإرادتها الشريرة ، ومن يربت عليها ، ويهدهدها بدلا من إخضاعها للقانون ، ومحاكمتها ،خاصة وأن بعضهم أعلن تحديه للنظام ، وطالب بإعدام السلفيين ، وقبض على بعض المواطنين وعذبهم ، وأرغمهم على قراءة الإنجيل ، وترديد ترانيم غير إسلامية ( وقصة الفتاة رغدة التي حلقوا شعرها ووشموها بالصليب مع أخريات معروفة)! .

وتأتي الاستجابة لما يسمى قانون دور العبادة الموحد ليمثل حالة من حالات إذلال الأغلبية والتمييز ضدها ، والتضييق عليها في ممارسة شعائرها والتعبير عن عقيدتها .

إن بناء الكنائس يمثل هدفا عدوانيا ينهض به المتمردون الطائفيون من منطلق ما يسمونه تحرير مصر من الإسلام وطرد الغزاة المسلمين وتغيير هويتها الإسلامية لتكون خلقا آخر ، والهدف الاستراتيجي الأول للتمرد هو زرع مصر المسلمة بالكنائس وشراء الأراضي والاستحواذ على الصحاري لإقامة الأديرة والمباني الكنسية على هيئة قلاع ضخمة سميكة الأسقف والجدران ، وكأن القوم يخوضون حربا نووية على الأبواب !

يعلم القاصي والداني أن المشكلة المتعلقة بدور العبادة تكمن في ضيق المساجد الإسلامية عن استيعاب المصلين ، ويوم الجمعة يفرش الناس الأرض أمام 90% من المساجد ليصلوا الصلاة الأسبوعية . بينما الكنائس والمعابد لا يتم شغلها أيام الأحد والسبت بالمصلين النصارى أواليهود إلا بأعداد قليلة !

يتصايح المتمردون الطائفيون أنهم محرومون من بناء الكنائس ليعبدوا الله فيها . بينما الكنائس فارغة ، وتشكو من قلة الزوار ، ولكن القوم يحولون الأمر إلى قضية دولية ، ويستقوون بالكونجرس ليضغط على الحكومة المصرية وينسقون مع الكنيسة في الداخل ليخرج القانون على مقاسهم : يسمح لهم بالبناء في كل حارة وزنقة وشبر . أما المسلمون الذين يمثلون أكثر من 95 % من السكان فيحرم عليهم البناء ، ومن يفعل مصيره السجن خمس سنوات ، وثلاثمائة ألف جنيه . لماذا يامن وضعت هذا القانون المذل للأغلبية ، القاهر لها دون مبرر ؟ القانون يا سادة يمنع المسلمين من بناء المساجد والزوايا أسفل العمارات أو على الأدوار العليا ، كما يمنع البناء على شواطئ الترع والأنهار ، ويفرض أن يكون بين كل مسجد وآخر ألف متر، ويمنح النصارى حق البناء وفقا لمبدأ هلامي يتحدث عن الكثافة السكانية دون أن يحدده .. ثم إنه لا يشير من قريب أو بعيد إلى ما قررته الأمم المتحدة في ميثاق "الحق في العبادة " من مساحة تخصص للفرد في مكان العبادة ، فضلا عن عدم إعلان التعداد العام للسكان وفقا لمعتقداتهم ..والنقطة الأخيرة تنسف كل قواعد القانون ،وتفتح المجال لحريق قادم يأكل الأخضر واليابس ، فكيف تسمح لأقلية يقودها متمردون طائفيون ، بتغيير هوية وطن ، وفي الوقت نفسه تحرم الأغلبية الساحقة من بناء مسجد ؟

إن من حق المسلمين بموجب ميثاق العبادة العالمي أن ينشئوا قرابة ستين ألف مسجد ، وفقا لما يقرره الميثاق من مساحة تتراوح بين 60 – 100سم مربع للمواطن ، حيث إن المساحة التي عليها دور العبادة غير الإسلامية في مصر تبلغ أضعاف المساحة التي تقوم عليها المساجد في مصر ، فهناك أديرة وكنائس تصل مساحة بعضها إلى مئات وآلاف الأفدنة [ دير (أبو مقار) تبلغ مساحته 2700 فدان، ودير أبو فانا وما رمينا (600 فدان)على سبيل المثال ] ، وهو ما يعني أن يتوقف البناء في الكنائس والأديرة ، حتى يتاح للمسلمين البناء على مساحة تتناسب مع أعدادهم ، ولكن القانون المنتظر ويتم إعداده بسرعة البرق يتجاهل ذلك ، ويبالغ في استسلامه للإرادة الطائفية المتمردة فيجعل من حق كل أسرة نصرانية بناء كنيسة مادامت أقرب كنيسة لهم تبعد مساحة كيلو متر واحد ، فى حين أن ألف أسرة مسلمة أو أكثر لن تملك قانوناً حق بناء مسجد لو كان هناك مسجد على مسافة كيلو متر واحد منهم ، وبالتالي سيتم حرمان المسلمين وفقا للقانون من الحصول على دار عبادة مهما كان عددهم في المنطقة ، ما سيضطرهم للصلاة في الشارع كما هو الوضع الراهن . أضف إلى ذلك أن عجوزا متهالكا مثلي يتوجب عليه أن يمشي كيلو مترا في الذهاب ومثله في الإياب عند كل صلاة أي عشرة كيلو مترات في الصلوات الخمس يوميا ، وهو ما لا أستطيعه ؛ لأن القانون العجيب جعل المسافة بين كل مسجد وآخر ألف متر.

إن المتمردين الطائفيين مع هذا الخلل الشنيع في القانون المنتظر ، ومحاباته لهم بطريقة مريبة ؛ يرفضون خضوع تمويل الكنائس من الداخل والخارج لرقابة الدولة والجهاز المركزي للمحاسبات للاطلاع على التبرعات الخارجية المجهولة المصادر والأغراض التي تصرف فيها والمخصصة لصرفها داخل مصر ، كما يرفضون الاحتكام لرئيس الجمهورية في حالة رفض بناء الكنيسة ، ويرفضون حبس المخالفين الذين يحولون مساكنهم إلى كنائس ، ويرفضون عدم البناء علي الأرض المتنازع عليها لأن ذلك قد يعرقل إصدار تصاريح بناء ، ثم إن بطرس فلتاؤس رئيس الطائفة المعمدانية الأولى بمصر، وصف القانون المحابي لهم بأنه طائفي وعنصري، وطالب بعدم الاستعجال فى إصدار القانون لأنه "يهدد بكوارث أخرى" !

عند كتابة هذه السطور كان رئيس كنيسة العباسية يجتمع برؤساء الكنائس غير الأرثوذكسية لبحث القانون ، وفي الغالب سيتقدمون بمطالب تجعل البناء بالنسبة لهم حرا تماما من خلال الوحدات المحلية ، مع المزيد من التضييق على حركة المسلمين في بناء الكنائس ، وتحقيق هدف التمرد الطائفي الرئيس بتغيير هوية مصر الإسلامية !

وفي هذه السياق فإن ما يقال عن التعاطف الشديد من جانب الفقيه الدستوري يحيى الجمل – نائب رئيس الحكومة - مع المتمردين الطائفيين ، وتعبيره المستمر عن ولائه للكنيسة ، ومن ثم دوره في التعجيل بإصدار هذا القانون الظالم الذي يهدد بإشعال حريق وطني لا يعلم مداه إلا الله ، يوجب أن تتريث السلطة المختصة في إصدار هذا القانون ، وتأجيله حتى يتم تشكيل مجلس الشعب ، ومناقشة القانون مناقشة مستفيضة صريحة تضع النقاط على الحروف ، فغير المسلمين لا يصلون في الشارع ، ولا تمتلئ كنائسهم بالمصلين !

كما أن تدخل الكونجرس الأميركي في الموضوع يوجب على الشعب المصري مسلمين وغيرهم ، أن يتصدوا لهذا التدخل الفاضح في شئون داخلية لا تعني الأميركيين ، والأولى أن ييسروا بناء المساجد للمسلمين في الولايات المتحدة .

أما كتاب الختان وتحديد النسل من الموالين للكاتدرائية ، فيجب عليهم أن يحترموا أنفسهم ، ولا يجرحوا شعور الأغلبية الإسلامية ، ويكفوا عن ولائهم الرخيص للتمرد الطائفي ، ولا يسهموا في إشعال الحريق .

إن الحريق القادم – ونسأل الله ألا يحدث – ستكون له عواقب خطيرة وسيدفع ثمنه من حاولوا إشعاله ، ولو ظنوا أنهم في مأمن من دفع الحساب !

الثلاثاء، 21 يونيو 2011

مأساة إمارة الأحواز المحتلة !

مأساة إمارة الأحواز المحتلة !


ملفات متنوعة
أضيفت بتاريخ : : 19 - 06 - 2011
نقلا عن : سالم بن عمار



بسم الله الرحمن الرحيم
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم:42].

كل بني آدم عليه السلام العقلاء فضلًا عن المسلمين الأتقياء يبغضون الظلم، ويمجون العدوان، ولا يترددون في مقاومته على قدر استطاعتهم أيًا كان جنس المظلوم أو الظالم ودينهما، بل هم يذهبون إلى أبعد من ذلك، فيهب القادر منهم لمساعدة الحيوانات العجموات إذا تعرضت لظلم الظالمين؛ يدفعهم إلى ذلك الإيمان العميق بالعدل وسموه في نفوسهم، وإدراكهم كذلك بأنّ الصمت إزاء ظلم جماعةٍ ما هو خطر يهدد كيان البشر جميعًا، فهو عامل كبيرٌ في تشجيع الظالمين على المضي في ظلمهم وعدوانهم، وربما أصبحوا هم الضحية المقبلة لهؤلاء الظالمين المعتدين إذا لم يفعلوا شيئا لمقاومته، وقبل هذا هو إثمٌ عظيم يبغضه الجبار سبحانه وتعالى ويعاقب فاعليه إذا لم يتوبوا.


ومن هنا يحز في نفسي كثيرًا الصمت الذي نعامل به قضية احتلال دولة بأسرها منذ ست وثمانين سنة، دولة عربية مسلمة ترزح تحت احتلال دولة الفرس الإيرانية، ولا منجد ولا مغيث!، إنها إمارة الأحواز المحتلة!

ولعله من المناسب أن أقدم للقارئ الكريم نبذة عن هذه الإمارة المحتلة المنسية.

يبلغ عدد سكان إمارة الأحواز المحتلة 10 ملايين أحوازي من المسلمين العرب الذين ينحدرون من قبائل عربية كثيرة مثل الزرقان، وآل نعمة، وبني كعب، وبني طرف، وبني تميم، وبني أسد، وبني عبس، وبني مرة، وبني عيد، والخزرج الكرام، وغيرهم. مساحة الأحواز تبلغ 375 ألف كيلومتر مربع، ومن أسماء الأحواز المشهورة عربستان، ومن المفارقات العجيبة أن هذه التسمية أطلقها الفرس أنفسهم في عهد الشاه إسماعيل الصفوي اعترافًا منهم بأنها أرضٌ عربية لا حق لهم فيها، وأن شعبها شعبٌ عربيٌ، ومع ذلك احتلها الفرس الغزاة حين علموا بما تحتويه أرضها من نفط وخيرات كثيرة أخرى، تماما كما فعل كل المحتلين الغزاة عبر التاريخ، من رومان وفرنسيين وإنجليز.

ففي سنة 1925 داهمت جيوش دولة إيران إمارة الأحواز، فاحتلوها بقوة البارود والنار والإرهاب، ومع ذلك لم يفت في عضد المقاومين الأحواز الشجعان إرهاب وشدة تنكيل الغزاة بهم، فوقفوا في وجهه، وهبوا لمقاومته بالرغم من الفارق الكبير بينهم وبينه في العدة والعتاد، وتفجرت كثيرٌ من الثورات، وكانت أول ثورة هي ثورة الشهيدين -بإذن الله- (شلس) و(سلطان) رحمهما الله، بعد أشهر قليلة من بدء الاحتلال.


وقد أسرت القوات الفارسية، آخر أمير للأحواز المحتلة، وهو الأمير الشيخ خزعل بن جابر الكعبي -رحمه الله- ونور ضريحه، والذي مات مسموما بعد أسرٍ دام إحدى عشر سنة في سجون الصفويين القتلة، والله أعلم بأصناف التعذيب والإذلال الذي تعرض له قبل استشهاده -رحمه الله-.

واستمرت ثورة الشعب الإحوازي المسلم ضد إرهاب وقسوة المحتلين الفرس، فتفجرت ثورات كثيرة أخرى، كثورة الحويزة في عام 1928، وثورة بني طرف سنة 1936، وثورة بني طرف الثانية سنة 1945، وفي كل مرة كانت جيوش الفرس الغازية تقمع هذه الثورات باستعمال مفرط للقوة، وارتكاب مجازر دموية بشعة، آخرها ما حدث يوم الجمعة 15 من نيسان 2005 بعد انتفاضة نيسان المجيدة، وقبلها مجزرة المحمرة يوم 29 من أيار سنة 1979 بعد قدوم الهالك الخميني للحكم، وقد خلفت آلاف الشهداء والمعاقين والجرحى.

ولا تسأل عن عدد السجناء الأحوازين الأحرار -رجالا ونساءً- الذين يُسامون أصناف الهوان والتعذيب في سجون الصفويين، فوق أرضهم وأرض جمهورية إيران، جنبا إلى جنب مع إخوانهم سنة إيران الذين يُسجن بعضهم لإقامتهم صلاة الجمعة في بيوتهم! وهذا غيض من فيض جرائم الصفويين الجدد في العالم.

إن 90 في المئة من نفط جمهورية إيران يأتي من أراضي الأحواز المحتلة بامتلاكها ثالث أكبر احتياطي للنفط بعد كندا والمملكة العربية السعودية مع امتلاكها لثاني أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم بعد روسيا الاتحادية، وتتربع الأحواز أيضًا على ثلثي المياه العذبة التي تستخدمها إيران، ومع ذلك أفقرت شعب الأحواز، وضيقت عليه في رزقه، حتى شاعت بينهم مقولة "أفقر شعب على أغنى أرض!" ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ينبغي على كل حر من أحرار الدنيا أن يسعى قدر استطاعته للتعريف بقضية احتلال الأحواز، والمساهمة لرفع الظلم والإرهاب الذي تمارسه قوات جمهورية إيران فيها.


إنّ الصمت الذي نبديه تجاه هذه القضية مخجلٌ جدا، خاصة في وقتٍ ظهرت فيه الأطماع الإيرانية في المنطقة واضحة جلية لا يتعامى في النظر إليها إلا من طمس الله على قلبه، وتجذر الهوى في نفسه.

وليست إمارة الأحواز المحتلة الوحيدة التي غزتها جيوش فارس، ومارست فيها شتي أنواع الإذلال لأهلها العرب المسلمين في هذا العصر، مستغلة صمت المسلمين المشين، وتبلد إحساسهم المهين، وعدم رغبتهم في التحرش بهذه الدولة القوية التي تجيد فن الدعاية، ودغدغة المشاعر، وإظهار نفسها بمظهر المدافع عن حقوق الفلسطينيين، ولكن هناك مناطق أخرى ابتلعتها هذه الجيوش، مثل الجزر الإماراتية!

ولا تسأل عن مسلسل التآمر والفتن الذي تتولى كبره هذه الدولة في المنطقة بأسرها، فأصابعها تحرك عميلها في لبنان حزب الله كيفما أرادت وفق مصالحها، ووقوفها مع نظام بشار القمعي ضد أهل السنة لم يعد بالإمكان إخفاؤه، وتآمرها ضد البحرين أصبح واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، والهوان والذل الذي تلحقه حكومة إيران -الشجاعة!- بملايين من مواطنيها السنة لا يبدو أنه سيتوقف قريبا.

ومما هو معلوم أن طهران هي العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها مسجد واحد لأهل السنة، بينما رايات حسينيات الشيعة ترفرف في مناطق سنية كثيرة، ولا يجرؤ أحدٌ على الاعتراض!، فهل بعد هذا الذل ذل؟، والحوثيون لم يعُد من ينكر استلامهم لعونها، وتبنيهم لنهجها، حتى يكونوا شوكة في حلق دولة عربية مسلمة أخرى لا تدين بمذهبها، وقائمة الدول المستهدفة في المنطقة أحسبها طويلة، وقد يأتي اليوم الذي نقول فيه: أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض.


إن نشر التمرد والفتن في المنطقة العربية المسلمة من قبل إيران ما ينبغي أن يختلف فيه عاقلان يحتكمان إلى العقل والعدل، والرؤية الهادئة الفاحصة التي لم تؤثر فيها العواطف الهائجة بلا خطام ولا زمام، ولذا نراها جعلت من أولويات نشاطها الاستعماري نشر التشيع في المنطقة بشتى الوسائل، حتى تجعل لها مواطئ أقدام، فتستطيع تحريك المتشيعين الجدد لخدمة مصالحها في الوقت المناسب كيفما شاءت.

لقد أظهرت كثيرٌ من الوقائع أن ولاء السواد الأعظم من الشيعة في الدول العربية هو لإيران، وليس للدول التي يعيشون في كنفها وينعمون بخيرها، وما حدث في المغرب مؤخرا ليس منا ببعيد، فقد وجدت الدولة أنّ المتشيعين المغاربة يأتمرون بأوامر إيران، وآيات (قم) ضد مصلحة البلد مثلما يفعل حزب الله تماما في لبنان مستغلا شعار المقاومة الفضفاض، ومستغلا الضعف العربي الإسلامي استغلالا جيدا، وقديما قالوا: الأعور ملك في دولة العميان!


إنّ الذين يقولون لنا: دعونا من الخوض في موضوع الشيعة وإيران بالرغم من معرفتهم بكل جرائمها، منحرفون جهلة، يريدون منا أن نضع رؤوسنا في الرمال كالنعام، وعذرهم المخروم الواهي أن العدو الذي يفتك بنا يرتدي عباءة المسلمين، ويتمسح على عتبة الإسلام، وأن الوقت غير مناسب للخوض في هذه المواضيع، بمعنى آخر يريدون أن يقولوا لنا: دعوا الإيرانيين الذين نراهم مسلمين يحتلوا أرضكم، ويسبوا صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن صحابته، ويطعنوا في بعض عقائدكم لأنهم يواجهون الغرب!!

يريد المتحمسون لإيران أن يقولوا لنا: الزموا الصمت إزاء جرائمها في الأحواز والعراق -دعمها لفرق الموت-، مع أنها وقفت بجانب أرمينيا في صراعها مع إذربيجان المسلمة -أليس هذا دليل على أن عونها الظاهر للقضية الفلسطنية لا يمت للدافع الديني بصلة، بل هو من أجل استثمار ما لهذه القضية من ثقل في نفوس المسلمين، ومن أجل أهدافها التوسعية في منطقة الشرق الأوسط فحسب، وهو عون تراه هينا مقابل الفائدة العظيمة التي تجنيها من الدعاية؟ ولم تتفوه بكلمة ضد مجازر روسيا في الشيشان.

فهل رأيتم سقما في الرؤية، وطمسا على البصيرة، وانحرافا في السلوك كهذا الذي نراه عند مؤيدي إيران من أهل السنة!


وأخيرا يا أحرار العالم، ومحبي العدل فوق كل أرض وتحت كل سماء، لا يكيلن أحدٌ منكم بمكيالين، فهذه دولة عربية مسلمة تعاني مرارة الإحتلال ومرارة خذلان المسلمين لها، وصمتهم إزاء ما يجري في أرضها من جرائم، فهل أنتم فاعلون شيئا؟


وظلم ذوي القربى أشد مرارة *** على النفس من وقع الحسام المهند


تذكروا أن العدل سبحانه وتعالى سيسألكم يوم القيامة عن موقفكم تجاه إخوانكم أهل الأحواز، فبماذا ستجيبونه يا ترى، وهل تكون لكم صفحات بيضاء في نصرة المظلومين من بين إخوانكم وأخواتكم من أهل السنة في إيران، وفي أرض الأحواز المحتلة ضد دولة ماكرة تجيد فن الدعاية والكذب؟


سالم بن عمار