عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 3 نوفمبر 2011

لا تقل: أنا ضعيف الحفظ.. لكن قل: أنا ضعيف الهمة!

لا تقل: أنا ضعيف الحفظ.. لكن قل: أنا ضعيف الهمة!
أبو مالك العوضي



تاريخ الإضافة: 27/10/2011 ميلادي - 29/11/1432 هجري
أقول لك جازمًا: لا تقل "أنا ضعيف الحفظ"!
قد تتعجب وتقول لي:

لماذا تقول ذلك؟ فأنا ضعيف الحفظ فعلا، بل لم أر أحدًا على ظهر الأرض أضعف حفظًا مني.



فأنا أحاول وأحاول مرارًا وتكرارًا أن أحفظ شيئًا من الأشياء، فأخفق أحيانًا كثيرة، وحتى في الأحيان القليلة التي أنجح فيها، لا أجد الحفظ مستقرًّا في ذهني، بل سرعان ما يذهب أدراج الرياح، فأنساه تماما، وكأني لم أحفظه أصلا!!



وقد يقول آخر:

ما هذا الهراء الذي تقوله؟ لا يشك أحد أن هناك بعض الناس لديهم ذاكرة قوية، وبعضهم لديهم ذاكرة ضعيفة، فكيف تزعم أن المشكلة في الهمة لا في الذاكرة؟!



وقد يقول ثالث:

وما علاقة الهمة بالموضوع؟ العبرة بالمنحة الربانية التي يرزقها الله بعض عباده؛ ألم يكن الإمام البخاري يحفظ من مرة واحدة؟ ألم يقل الزهري: ما رأيت سوداء في بيضاء قط فنسيتها، إلى غير ذلك من الأقوال الشائعة عن السلف.



ولكني أسارع فأجيب عن جميع هذه الاعتراضات بقولي:

يا أخي الكريم، يا طالب العلم، لا ينبغي لك أن تقول: أنا ضعيف الحفظ؛ حتى لو فرضنا جزمًا وقطعًا أنك ضعيف الحفظ، فلا ينبغي لك أن تقول هذا مطلقا؛ لأسباب كثيرة:

• منها أن هذا القول يشبه (الشماعة) التي يعلق عليها الإنسانُ ضعفه.

• ومنها أن هذا القول لا يفيدك شيئًا إلا التثبيط والإحباط.

• ومنها أن هذا القول يحملك على الإزراء بالحفظ والحفاظ.

• ومنها أن هذا القول يحملك على الاقتناع بأشياء لا أساس لها من الصحة.

• بل منها أن هذا القول نفسه قد يحملك على ترك طلب العلم من أصله.



ثم أثني على ما سبق فأقول:

يا من تقول هذا القول، ما يدريك أنك فعلا ضعيف الحفظ؟! وهل تعرف ما الحفظ؟ وما آليات الحفظ؟ وما وسائل تقوية الحفظ؟ وما وسائل تثبيت الحفظ؟ وهل حاولت أن تسير على نهج الحفاظ؟ وهل مشيت على الدرب؟ أم أنك استصعبت الطريقَ ورأيته طويلا فسوّلت لك نفسُك أن اتهام الحفظ هو أسهل الطرق لتحصيل العلم؟!




هناك من الحفاظ من يكرر درسه ألف مرة حتى يحفظه؟! فبالله عليك هل حاولت مرة واحدة في حياتك أن تكرر شيئًا ألف مرة؟!




وهناك أشياء لا بد أنك تحفظها، فلماذا لم تسأل نفسك: ما السبب في حفظي لهذه الأشياء دون غيرها؟



قد تقول: إن هذه الأشياء قد حفظتها في الصغر وأنا الآن كبير!!.



وأسارع فأقول لك:

من المعلومات الشائعة عند كثير من الناس أن الحفظ في الصغر كالنقش على الحجر، وأن الحفظ في الكبر كالنقش على الماء. ولا شك أن الجملة الأولى صحيحة، ولكن الكلام في الجملة الثانية! فهي باطلة تمامًا!! وأحسن حالها أن تكون وصفًا لحال الكبر عند كثير من الناس، وليست بيانًا لعلة ضعف الحفظ، فإن سبب ضعف الحفظ في الكبر هو إهمال هذه الملكة التي تولد مع الإنسان، وعند التأمل يظهر أن ذلك حال كل شيء؛ فإن كل شيء إذا ترك فإنه يضمر، ولذلك ترى الحافظ أيضًا إذا أهمل تدريب عقله على الذكاء والفهم يضعف فهمه وعقله، ويصير كأنه آلة للتسجيل فقط.



ولا بد من الممارسة والاستمرار لكي يحافظ الإنسان على ما عنده من ملكات وقدرات ومهارات.



• كان فلان الرياضي على لياقة بدنية عالية جدا، ولكنه صار سمينًا مترهلا ضعيفا بسبب إهمال الممارسة وترك التدريب، فلا تقل لي بربك إن السبب في ذلك هو أنه قد صار كبيرًا!



• كان فلان العامل ذكيًّا في السنة الأولى الابتدائية، وأبدى نشاطًا عقليًّا ملحوظًا، إلا أنه ترك المدرسة ولم يكمل تعليمه، وأهمل تثقيف نفسه وتدريب عقله، فصار غبيًّا جاهلا لا يكاد يفقه شيئا، فلا تقل لي بالله عليك إن السبب في ذلك أنه صار كبيرًا!



فالسبب الحقيقي وراء ضعف الذاكرة (عند الكبر) هو إهمالها وعدم صقلها؛ لأن كل شيء يضعف إذا ترك وأهمل كما هو معروف، ولذلك فينبغي لطالب العلم أن لا يغفل عن ممارسة الحفظ وتقوية ذاكرته دائمًا وأبدًا، ومهما طال به العمر؛ لأن ذلك -فوق أنه يزيده علما وحفظا للجديد- يحافظ على ما كان قد حفظه قديمًا فلا يتطرق إليه النسيان إلا بصعوبة.



فالمقصود أن طالب العلم لا يستغني عن تقوية ملكاته وقدراته جميعا؛ ومنها:

• تقوية مهارة الحفظ

• وتقوية مهارة الفهم

• وتقوية سرعة البديهة

• وتقوية التفكير والاستنباط

• وتقوية مهارة قراءة ما بين السطور

• وتقوية مهارة سرعة الكتابة

• وتقوية مهارة سرعة القراءة

• وتقوية مهارة التنظيم والترتيب



وغير ذلك كثير، من المهارات المهمة جدًّا لطالب العلم، ولا يستغني عن معظمها، ولكن مع الأسف كثير من الناس لا يستطيعون السير في طرق متوازية لتقوية جميع هذه الملكات، فتراهم يؤثرون بعضها على بعض، إما جهلا بقيمة ما بقي، وإما إيثارًا للدعة والراحة!



فعليك أن لا يمر بك يوم إلا وقد حفظت شيئًا جديدًا، وأيضًا فلا ينبغي أن تحفظ شيئًا إلا وتربطه ببعض كنت حفظته من قبل، ومن المفترض أن يكون ذلك تلقائيًّا، ولكنه أحيانًا يتخلف لسبب عارض.



ومن عجائب الحفظ أن العقل يمكنه أيضًا أن يحتفظ بذكرياته وما حصل له يومًا بيوم!! وذلك إذا ارتبط ذلك عنده بمحفوظ، فلو فرضنا أنك حفظت كل يوم بيتًا وكررته طوال اليوم في مسيرك وذهابك وإيابك فإنك عند استذكار هذا البيت ستتذكر تلقائيًّا أنك مررت بالمكان الفلاني عند حفظ البيت، وأنك كنت تفعل كذا وكذا وقت حفظ هذا البيت، وأنه في هذا اليوم الذي حفظت فيه البيت حصل كذا وكذا.



وكل هذه أشياء مجربة وليست بدعًا من القول.



كما أن الحفظ المستمر يقوي الحافظة ويزيد من قدرتها على الحفظ، فتستطيع حينئذ أن تحفظ قدرًا أكبر في مدة أقل، وهذا أيضًا يقوي الحافظة مرة أخرى ويزيد من قدرتها، وهكذا حتى تستطيع أن تصل إلى قدرة عالية جدا في الحفظ.



ولعل هذا هو التفسير القريب لما نراه ونسمع عنه من عجائب الحفاظ في القديم والحديث.



والله تعالى أعلم.

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

وداعا أيها الدولار

وداعا أيها الدولار
وداعا أيها الدولار



قبيل الحرب العالمية الأولى كانت مملكة النمسا أكبر بكثير من حجمها الحالي. كانت لاعبا أساسيا في القارة الأوروبية و يخضع لها جزءا كبيرا من أراضيها، ولكن الامبراطورية كانت في مرحلة الانهيار. كان التفكك قد بدأت تتضح معالمه و شبت الشعوب عن الطوق ورغبت في الاستقلال. و في عالم الأمم و التحالفات الدولية لا مكان للضعفاء، فما أن يهم أحد بالسقوط حتى يرغب الجميع في تقاسم التركة.



حاولت النمسا تقوية مركزها عن طريق التحالفات فقام تحالف ثلاثي بين ألمانيا و مملكة النمسا و إيطاليا. وقد كان ذلك عن سوء بصيرة فعلا، ولو درس أحد نفسية الشعوب لأدرك تمام الإدراك أن إيطاليا لا يمكنها أبدا أن تقاتل إلى جانب النمسا، فالشعب الإيطالي لم ينس أبدا موقف النمسا من وحدة بلاده واستقلالها. ولئن تكن روما قد انتظمت في الحلف الثلاثي فعن رغبة منها في كسب الوقت و تضليل خصمها التاريخي، بحيث يركن إلى المواثيق المعقودة بينما تستعد هي للحرب. وبالفعل عندما قامت المعركة كانت البندقية الإيطالية موجهة إلى النمسا لتطعنها في سويداء القلب.



أما ألمانيا فقد كانت الرابطة بينها وبين النمسا أقوى من ذلك فهي أقرب إلى رابطة الدم والمصير المشترك. وانضم إلى هذا التحالف الخاسر الدولة العثمانية في حرب قضت على البقية الباقية في رجل أوروبا المريض. لقد كان تحالف لامبراطوريات قوية أوشكت على السقوط مما شجع الجميع على حربها. وكان الأولى بالدولة العثمانية في هذه المرحلة أن تدع الدول في أوروبا تتطاحن، وتبني نفسها استعدادا لاستعادة مجدها. ولكن رجل أوروبا المريض كان يقاد للسقوط بواسطة أعداء الداخل.



والعالم اليوم يمر بمرحلة شديدة الشبه جدا بالحال قبل الحرب العالمية الأولى عندما كانت الدولة العثمانية و إمبراطورية النمسا على وشك السقوط، وبحالة تشبه تلك الحال قبيل الحرب العالمية الثانية عندما كان واضحا جليا أن الشمس قد أوشكت أن تغيب عن "الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس".



فالعالم الآن مقبل على مرحلة قد تتغير فيها عجلة التاريخ تماما مع اقتراب سقوط الولايات المتحدة الذي لا تخطئه عين خبير، أو على الأقل تضاؤل دورها العالمي ليصبح شبيه ببريطانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة وبوادر أزمة اقتصادية كبيرة بدأت تلوح في أفق الولايات المتحدة.



وإن أردت أن تطلق اسما على المرحلة العالمية المقبلة فيمكنك بحق أن تطلق عليها مرحلة "وداعا أيها الدولار".



ويجب على مصر التي يتبعها أغلب العالم العربي والإسلامي أن تتخير بعناية خطواتها في المرحلة القادمة لتستغل الفرصة المتاحة أمامها وتقود الأمة إلى رحلة البناء الحقيقي، فيجب عليها أولا الإسراع بإنهاء انتقال السلطة بشكل سلمي فقد اتضحت آثار ذلك التأخير لكل ذي لب، كما يجب عليها ألا تلقي بالا لضغوط الولايات المتحدة فيما يتعارض مع مصالحها الاستراتيجية.



بل ويمكن لمصر مصارحة الولايات المتحدة واللعب معها على المكشوف وتكون الرسالة كالتالي: نحن ندرك موقفكم الحالي ويمكننا مساعدتكم فيما لا يتعارض مع مصالحنا الاسترايجية. نحن مفتاح المنطقة فلا داع لأن تخسرونا في تلك المرحلة الحرجة من التاريخ.



وأولئك الذين يحاولون صياغة قراراتهم المصيرية بشكل يقدم مصالح الولايات المتحدة على مصلحة مصر هم حقيقة لا يستحقون حتى لقب "مبتدئي سياسة"، فعلى الرغم من كل تلك الدروس المجانية لم يستطيعوا أن يدركوا بعد أصول اللعبة الحقيقية.



وهناك حكمة تقول: لا تتوقع من نبتة الصبّار أن تثمر لك التفاح، وأظن أن الفترة الماضية كانت كافية جدا لندرك مرارة الصبار الأمريكي.



إن ما ينبغي علينا أن ندركه أنه قد آن الأوان أن تنتقل السلطة الحقيقية للشعب في المستقبل القريب لتبدأ رحلة البناء. فعفوا لن تحكمنا أمريكا بعد اليوم. وإن كنت لا أدعو إلى مواجهة صريحة معها، بل إلى صياغة العلاقات بشكل أكثر واقعية و ملائمة للمصالح الاستراتيجية. ولمزيد من الإيضاح حول هذه النقطة يمكنك مراجعة المقال السابق "أمريكا والصين، والطائرة المخطوفة".



وختاما، وداعا أيها الدولار.



الفقير إلى عفو ربه،

محمد نصر

دم الشهداء المجهولين !

دم الشهداء المجهولين !



د. حلمي محمد القاعود | 21-10-2011 21:23

يبدو أن في مصر الثورة حكومتين متنافستين . الأولى قوية وراسخة وكلمتها لا تُرد ولا تنزل الأرض ، والأخرى ضعيفة ومترددة وكلمتها تُرد وتنزل الأرض ، الأولى هي دولة الصرب الطغاة ، وتضم الكنيسة الأرثوذكسية وغلاة العلمانيين وبقايا النظام الفاسد البائد في الإعلام والصحافة والثقافة ومؤسسات أخرى ، أما الدولة الأخرى فتضم مؤسسات الدولة المصرية العتيدة التي تحكم مصر رسميا ، ويقيم معها العالم علاقات دبلوماسية ، ويتبادل معها السفارات .
الدليل على ذلك أن الدولة الأخرى لم تتخذ إجراء يذكر حين قتل من جنودها وضباطها ما يقرب من سبعين ضابطا وجنديا مساء 9/10/2011، على بوابة ماسبيرو ، عدا الجرحي والمصابين – وبعضهم حالته خطيرة لما تزل – في حين أن دولة الصرب المصرية صنعت مأتما كبيرا مازال منصوبا حتى كتابة هذه السطور ، وخصصت موكبا جنائزيا كبيرا لمن قتلهم قادة الصرب بالشحن والتحريض والتهييج ، ودفعوهم لحمل السلاح الآلي أو الخرطوش والسنج والمولوتوف والسلاح الأبيض وأنابيب البوتاجاز ..
الإعلام الصربي في مصر حوّل القاتل إلى ضحية والضحية إلى قاتل ، مثلما فعل الصرب المتعصبون الدمويون في البوسنة والهرسك حين استغلوا ضعف المسلمين الذين يمثلون الأغلبية، وأقاموا لهم المذابح والمجازر في سربرنيتسا وسراييفو وتوزلا وبنيالوكا وبرتشكو وزينتشيا وغيرها ، وساعدتهم قوات الناتو على مذابحهم كما فعلت القوات الهولندية ، وراحوا يزعمون أن المسلمين العزل يعتدون عليهم وهم المدججون بكل أنواع السلاح ؛ ثم دقت أجراس الكنائس الأرثوذكسية في بلغراد عاصمة يوغوسلافيا السابقة والصرب حاليا ، وموسكو ابتهاجا بقتل مائتي ألف من المسلمين العزل ، وألقى الأنبا مكسيموس خطبة طويلة مليئة بالشماتة والحقد على الإسلام والمسلمين !
الإعلام الصربي في مصر ، لم يذكر جنود الجيش المصري بكلمة ، بل روج لأكاذيب الصرب المصريين ، وخاصة أذرع كنيسة العباسية الذين استباحوا كل قيمة شريفة وكل كلمة صادقة ، وأدمنوا الكذب والتدليس والتضليل ، وزعموا أن الجيش قتل ضحاياهم البائسين ، ودهسهم بالمجنزرات بينما الحقيقة تقول غير ذلك ، والاسطوانات والأفلام التي التقطت للجريمة تكشف وحشية الصرب المصريين وتقودهم إلى حبل المشنقة .
المفارقة أن الصرب المصريين يطبقون المنهج الصربي اليوغوسلافي الذي يقوم على السبق بالفعل الدموي ، ثم السبق بالشكوى ، وقلب الحقائق ، وهو ما نراه على سبيل المثال مع كبير المحرضين على القتل ، وأبرز المهيجين ضد الدولة والإسلام والمسلمين وهو السيد نجيب جبرائيل، رئيس ما يسمى الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، حيث أعلن عن إدانته لأحداث ماسبيرو، التي أرجع أسبابها لتجاهل الحكومة لما يسميه مطالب الأقباط وحقوقهم، ولم يكتف بذلك بل إنه أنذر الحكومة والمجلس العسكري أسبوعا لتنفيذ مطالب النصارى ، وإلا فإنه سوف يدعو النصارى لمظاهرات حاشدة، وسيلجأ إلى المجلس الدولي لحقوق الإنسان .
وأهم المطالب التي يطرحها السيد جبرائيل هي فتح الكنائس المغلقة ( أي المبنية دون ترخيص ) قبل صدور قانون دور العبادة الموحد، والإفراج الفوري عن الـ 28 نصرانيا ، المتهمين فى أحداث ماسبيرو وتعويض القتلى فى أحداث ماسبيرو الأخيرة، أسوة بشهداء ثورة 25 يناير. وإقالة محافظ أسوان فورا ومحاكمته، وإقالة وزير الإعلام ومحاكمته ومحاكمة رئيس قطاع الأخبار والمذيعة رشا مجدي. ثم شدد السيد جبرائيل على ضرورة القبض على من يسميهم الجناة وتقديمهم للمحاكمة، وتخصيص كوتة للنصارى فى البرلمان، والتحقيق فى الأحداث السابقة من يناير وحتى الآن ضد الكنيسة..( اليوم السابع ، 15 أكتوبر 2011 ) .
من يكون السيد نجيب جبرائيل لكي يتحدث بهذه اللغة ؟ ما هي وظيفته الحكومية أو منصبه الرسمي أو التنفيذي لكي ينذر قيادة الجيش ويأمرها بالاستسلام لابتزازه والانبطاح لمطالبه الشاذة ؟ وما هي القوة التي يستند إليها وتجعله يتحدث بمثل هذه العجرفة وتلك الصلاقة ؟ ومن الذي علمه أن يكون الأعلى صوتا في التحريض والتهييج والإثارة ودفع الطائفة إلى القتل والفجور؟
السيد جبرائيل ينفذ سياسة متفقا عليها مع خونة المهجر الذين دعوا إلى مظاهرات في الخارج وطلب الحماية الدولية ومحاكمة المسئولين في المجلس العسكري والحكومة ، وقد أرسلوا نداء للصرب المصريين في كل من أميركا وكندا ، يقول :
"إلى جميع الأخوة فى الولايات المتحدة وكندا، سوف تكون هناك مظاهرة ضخمة يوم الأربعاء 19 أكتوبر من الساعة الحادية عشر صباحا حتى الخامسة مساء أمام البوابة الرئيسية للبيت الأبيض تتخللها مسيرة من البيت الأبيض إلى الكونجرس ثم إلى وزارة الخارجية الأمريكية.
رجاء بلغ جميع أصدقائك ( كذا ! ) فى جميع الولايات الأمريكية للحضور للتعبير عن رغبتنا فى محاكمة المسئولين فى الجيش والإعلام عن المذبحة الرهيبة التي حدثت للأقباط المسالمين العزل.
إذا رغبت فى أي استفسار رجاء الاتصال بى فى واشنطن، وسوف نصدر لاحقا بيان صحفي( كذا !) إلى كل وسائل الإعلام الأمريكية للإعلان عن المسيرة.
وقد نفذ الصرب المصريون هذه المسيرة ،ووصفوا المصريين المسلمين بالغزاة المحتلين ، ووصفوا الجيش المصري بجيش الاحتلال الإسلامي النازي ، وأهانوا رموز مصر وإسلامها ومسلميها في وقاحة غير مسبوقة ، فضلا عن دعوة البيت الأبيض والكونجرس والناتو للتدخل في مصر لحماية الأقلية الطائفية التي يذبحها المسلمون الغزاة !
ومثلما فعل جبرائيل وخونة المهجر هدد نشطاء من صرب مصر الداخل باللجوء إلى التحقيق الدولي فى أحداث ماسبيرو ، ومنهم القس فلوباتير كاهن كنيسة الطوابق الذي قاد المظاهرات وأعلن أنهم سيدخلون مبنى ما سبيرو واقتحامه والاستيلاء عليه ، وآخرون رفضوا أن تتولى النيابة العسكرية التحقيق في الجريمة الصربية ، وهددوا باللجوء إلى التحقيق الدولي ، واتهموا المجلس العسكري بقتل ضحايا المجرمين الصرب ، والطريف أن أحدهم فسر عدم إعلان ضحايا الصرب من الجنود بأنه نوع من التمييز الواضح فى المعاملة ..! ( اليوم السابع 14 أكتوبر 2011 ) ..
إن الصرب القتلة في بلادنا وجدوا المجال فسيحا فتمدّدوا ، وفعلوا ما بدا لهم لدرجة أن هددوا الجيش والمشير والمحافظ علنا بالضرب والقتل ، ولم تحرك السلطة ساكنا ، ولم يتحدث الإعلام الصربي عن ذلك أبدا ، بينما ظل يمضغ حديث الإفك عن الأذن المقطوعة وغزوة الصناديق وهدم الأضرحة أياما وليالي وشهورا طويلة ، ووجد الصرب أن الجيش الذي يعد عماد البلاد والأساس الباقي بعد انهيار النظام ، يُخفي خسائره ، ويدفن الشهداء في صمت ، ولا يحتفي بهم ولا يعزي أهليهم وذويهم بينما ضحايا الصرب من الطائفة تقام لهم المندبة حتى هذه السطور ، ولا تتوقف !
إن الجيش المصري يجب أن يعلن أسماء الشهداء الذين قتلهم الصرب المصريون ، ويحتفي بهم في كل مكان ، ويعزي أهليهم وذويهم ، ويقيم لهم تذكارا يعرّف بهم وبنبلهم في مواجهة همجية الصرب القتلة الذين عاثوا في الأرض فسادا ، وصار الدم منهجهم والتخريب ديدنهم والولاء للغرب خصلتهم ، ثم يعلن أن قادة المجزرة لن يفلتوا من العقاب بدءا من نجيب جبرائيل وماتياس نصر وفلوباتير جميل وأنطونيودس إلى عبد المسيح بسيط ومرقص عزيز الهارب وصليب متى جرجس وبولا وبيشوي الذي يعد المسلمين ضيوفا ، وأن القرآن مصنوع، وتوماس الذي أعلن أنه يشعر بالعار من العروبة واللغة العربية ..
أما خونة المهجر فلا بد أن يأتي يوم حسابهم ، وليدعوا أميركا والغرب لحمايتهم من المساءلة ، فلن يحميهم أحد من القانون على جريمة الخيانة العظمي ، والتغرير بالطائفة وشحنها ضد البيئة الحاضنة بأبشع المشاعر وأخس القيم .
ولعل شنودة يتعظ ، ويكف عن الاستمرار في اللعب بالنار !
ويوم يتم تطبيق القانون على المجرمين الصرب وإعلامهم الكذاب فإن التمرد الطائفي سيتوقف ، وسيكف عشاق الدّم الذين يعتبرون قتل المسلمين شهادة ؛ عن ممارسة شهوة القتل والتدمير والتخريب ! ولن تضيع دماء الشهداء المجهولين هدرا!

الموارنة والصرب

الموارنة والصرب



د. حلمي محمد القاعود | 01-11-2011 23:50

هل هي حرب صليبية ضد الإسلام والمسلمين ، يشنها الصرب اليوغسلاف والصرب المصريون والصرب الموارنة في لبنان ؟

الإجابة فيما أتصور بالإيجاب ، لأن القوم يتحركون وفقا لأجندة صليبية غربية ، ويقودون طوائفهم المسالمة إلى ما لا تحب ، ولكن مع الشحن الطائفي ، والتعصب الأعمى ، والرغبة الدامية في استعادة تجارب الأندلس والتجربة الصهيونية والتجربة البوسنية تتحرك بحيرة العنف والجريمة ، ويبدو أن من يخططون لهم ويدفعون يعتقدون أن الحاضر يمكن أن يكون صورة طبق الأصل من التاريخ ، وأن المسلمين المتناحرين في الأزمنة القديمة والماضية موجودون لم يتغيروا ، وأن الشعوب الإسلامية ما زالت ساذجة وأسيرة الماضي ، وأسيرة الحكام الطغاة الظلمة الذين يمتلكون مقاديرها ، ويفرضون عليها أن تنام وتستسلم أمام الجبروت الصليبي الاستعماري ، وتناسوا أن الربيع العربي جعل الناس في كل مكان يسقطون الخوف والرعب والانبطاح ، وأنهم قادرون على أخذ الأمور بأيديهم لإقامة العدل إذا قصرت السلطة الحاكمة أو تواطأت أو انبطحت أمام الجبروت الصليبي الاستعماري .

لم يكن غريبا أن تحمل الأخبار تضامن الموارنة مع الصرب المصريين من قادة التمرد الطائفي ، وتحريضهم على حمل السلاح ضد شركاء الوطن . وأن يحضر أمين الجميل رئيس لبنان الأسبق وابن مؤسس حزب الكتائب الإرهابي إلى مصر لإعلان تضامنه مع القيادة الصربية للتمرد الطائفي وأن تشكره هذه القيادة على تضامنه ، وتصفه بالذي قاسى واستشهد أخوه وابنه (؟!) في أعمال اعتداءات وقعت سابقا، وأنه يشعر بكل ما يشعر به " أناس آخرون من متاعب في حياتهم ، وهم يصلون من أجلنا ونحن نصلي من أجلهم، وكما علمت فإن كثيرا من الموارنة صاموا معنا أيضا في الوقت الذي صمنا فيه، وقد ظهر في صحفهم تعاطفهم معنا".

والذي نذكّر به الناس في مصر ولبنان معا أن أمين الجميل الذي كان رئيسا للبنان في ظل دستور ظالم وضعه المستعمر الفرنسي ، هو ابن بيير الجميل ( 1905 – 1984) مؤسس حزب الكتائب ( 1936 ) وجناحه العسكري القوات اللبنانية ، وكان من أبرز أركان الجبهة اللبنانية العدوانية في الحرب الأهلية التي أشعلها الصرب الموارنة عام 1975 وامتدت حتى عام 1990، وكان وزيرا في الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ عام 1958 حتى رحيله عام 1984، وكانت عائلة الجميل موالية للغزاة الفرنسيين ضد العثمانيين ، وقد هاجر الجميل مع عائلته وهو في سن العاشرة إلى مصر ، حيث استقرت في المنصورة عام 1915 ، وتعلم في مدارس الفرير ، وقد عاد إلى لبنان في عام 1919 على متن المدرعة الفرنسية كاسار بعد هزيمة الدولة العثمانية وسيطرة الحلفاء الصليبيين الاستعماريين على الشرق العربي .

تأثر الجميل بالفلسفة النازية الفاشية عقب زيارته لكل من ألمانيا على عهد هتلر ، وإيطاليا على عهد موسوليني ، فكانت سياسة الطاعة العمياء هي منهجه في حزب الكتائب ومن بعده الجناح العسكري ( القوات اللبنانية ) ، وقد نقل عنه قوله " المسلمون لم يفهموا لبنان إلا جزءا من سورية أو من الوطن العربي الكبير ، بينما المسيحيون يتوقون بكل قواهم إلى الاستقلال ! " ( العدد السنوي لصحيفة العمل 1970 ) .

لقد كان دور بيير الجميل أساسيا في تفجير الحرب الأهلية اللبنانية ، وقاد ابنه بشير مذبحة تل الزعتر ضد الفلسطينيين اللاجئين ، وتحالف مع العدو الصهيوني ، وفتح له أبواب بيروت حيث وصل مناحم بيجين بجيشه إلى قلب العاصمة اللبنانية ، وعينه رئيسا لجمهورية لبنان ليقوم باستئصال الفلسطينيين والمقاومة العربية ، وعندما تراخي ، قام بيجين باغتياله مع عدد من أفراد أسرته ، وخرج من بين الكتائب اللبنانية الخائن سعد حداد الذي انفصل بجنوب لبنان ، وأقام دولة تحت قيادته يحميها الكيان الصهيوني .

الموارنة بقيادة آل الجميل كانوا وما زالوا ضد الإسلام والعروبة وشركاء الوطن اللبناني ، وقاموا بمذابح لن يغفرها لهم التاريخ ، ومع ذلك يقول لهم قائد التمرد الطائفي في مصر إنهم قاسوا ، واستشهد (؟!) أخوه – يقصد الخائن السفاح بشير الجميل ، وابنه - في اعتداءات وقعت سابقا ، ونسي أن يقول : من الذي أمر بتصفية الخونة الذين تراخوا في تنفيذ الخيانة والمذابح ضد شركاء الوطن؟ .

لقد شارك الموارنة في مذبحة ماسبيرو ضد الجيش المصري في التاسع من أكتوبر التي أودت بـ "66 جنديا " عدا الجرحى والمصابين ، وهاهم يحرضون في ندوة عقدت ببيروت يوم الثلاثاء الماضي نصارى مصر على رفع السلاح ، إذا ما وصل الإسلاميون إلى الحكم في مصر، بدعوى الدفاع عن هويتهم، في الوقت الذي هاجموا فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة- الذي يدير شئون البلاد – واتهموه بالتواطؤ ضد النصارى، مع ما أظهرته اسطوانات مدمجة "سيديهات" من قيام رجال دين نصارى بالتحريض على العنف وقيادتهم لعملية الحشد والتعبئة ، ومشاركتهم في الهجوم على مبني التلفزيون وقتل جنود الجيش المصري الذي لم يكن مسلحا إلا بطلقات فارغة .

لقد عقدت الندوة يوم 25 أكتوبر، في المركز الكاثوليكي بدعوة من الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة اللبنانية بيروت تحت عنوان "ماذا يحدث مع الأقباط في مصر؟"، وشن المشاركون- وجميعهم أعضاء بحزب الكتائب اللبناني- هجوما عنيفا على القوات المسلحة المصرية، والمجلس العسكري، وما سموه بقوى خفية شاركت الجيش في إبادة الأقباط (!!) المتظاهرين سلميا، على حد قولهم.

وقال أحدهم ويدعى مقار يونس راعي الأقباط الكاثوليك، وأمين عام رابطة الأقباط الكاثوليك، إن "أرض مصر منذ نشأتها ترتوي بدماء الشهداء الأقباط وهذه الدماء تنبت القديسين والأبرار، فلم نستغرب ولم نتعجب لحادثة القديسين أو مجزرة ماسبيرو، لأن الفاعل واحد، والأسلوب واحد، لكن الرب لن يسكت عن ذلك، وسينتقم من كل من يجرؤ ويمد يده علي أي مصري (يقصد قبطي مسيحي)".

وزعم المذكور أن ما حدث هو نوع من أنواع السلب والاعتداء علي أملاك المسيحيين العزل، وكان آخر هذه الأعمال ما قام به الجيش، الذي ادعى أنه يخضع لسيطرة ما دعاهم بـ "الإسلاميين المتشددين"، حيث هاجموا متظاهرين عزل بالدبابات والأسلحة الثقيلة والذخيرة الحية علي مواطنين وأطفال ونساء يطالبون بحقوقهم، بحسب قوله.وتبارى الحاضرون في الندوة في الدفاع عن المتمردين الطائفيين المصريين، وشيطنة المسلمين في مصر والقوات المسلحة ( راجع : المصريون 31/10/2011م ) .

وكانت جريدة النَهَاراللبنانية قد نشرت يوم السبت 15 تشرين الأول( أكتوبر ) 2011 - مقالا طويلا بقلم المطران جورج خضر - بعنوان :الأقباط ، ملأه بالتخليط وسار على نهج الندوة أو سارت الندوة التي أقامها المركز الكاثوليكي في لبنان على نهجه ، وراح يلقي المواعظ والنصائح على الشعب المصري المسلم في كيفية التعامل مع المتمردين الطائفيين الصرب في مصر . والغريب أو ليس غريبا أنه يطرح مسألة تعداد الأقباط في وقت يقوم فيه رئيس دولة الصرب المصريين بإجراء تعداد للطائفة في تحد سافر لمهمة الدولة المصرية . ويعنينا ما يقوله المطران الماروني في النهار لأنه يكشف عن التخطيط المشترك الذي يحكم شركاء التعصب ، والحرب الصليبية ضد الإسلام والمسلمين في مصر والشرق العربي . يقول خضر : " كان عدد الأقباط الذي كانت دوائر الدولة تقر به لا يتجاوز النصف أو الثلث من العدد الحقيقي الذي تعرفه الكنيسة بسبب من واجب الإحصاء في الرعايا. وكأن الحكم نفسه في هذه السنوات الخوالي ضالع في استصغار الأقباط. هل للحكم الذي يسعى إلى أن يقوم اليوم مدني حقا كي لا يخفي الحقيقة؟ هذا الاستصغار مريب ومصر تقول منذ جمال عبد الناصر إن قوميتها عربية وتاليا إن الأقباط عرب والعربي أخو العربي في السراء والضراء. الزاوية العربية مقاربة شرعية لوحدة مصر. وإذا أصر المصريون شعورياً على الوطنية المصرية فلا أحد ينازع الأقباط على هويتهم".

ما معنى هذا الكلام ؟ وما مفهوم الاستصغار ؟ وهل يجب أن يفرط المسلمون في هويتهم ليرضى عنهم الصرب هنا وهناك ؟ هل سمع المطران خضر عن دولة العباسية التي تعلو الدولة المصرية ، ولا تعبأ بقوانينها ، ولا تنفذ الأحكام القضائية النهائية ؟ هل سمع أن المليارديرات الأُول في العالم من الطائفة ، وأن الدولة التي يتهمها باستصغار الطائفة تميزها على الأغلبية الساحقة في كل شيء ؟

واضح أن المسألة ليست مطالب طائفية محدودة ، ولكنها سياق عام يقوم على مواجهة الإسلام ، ومنع المسلمين من التعبير عن إسلامهم وتطبيقه في حياتهم بدعوى وصول الإسلاميين إلى الحكم ، وهو أمر غريب في دولة أغلبيتها الساحقة من المسلمين .

ثمة سؤال :هل يرد الموارنة الجميل إلى الصرب المصريين الذين حاربوا معهم في الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت خمسة عشر عاما ، وكان من بين المقاتلين بعض المثقفين النصارى ؟

إرهاصات قيام دولة

إرهاصات قيام دولة



صــلاح الإمام | 01-11-2011 23:51

فى أغسطس عام 1897 انعقد المؤتمر الصهيونى الأول بمدينة بال بسويسرا، وانتخب الحضور اليهودى المجرى تيودور هيرتزل رئيسا للمؤتمر، والذى كان قد أصدر فى العام السابق كتابه الشهير "الدولة اليهودية" والذى كان يقع فى 65 صفحة فقط، وحضر المؤتمر 294 يهوديا يمثلون 117 جمعية يهودية، بينهم 70 من يهود روسيا، وافتتح هيرتزل المؤتمر بكلمة أكد فيها أن هدف المؤتمر هو وضع أساس "البيت اليهودى" لجمعهم من الشتات.

وبعد عشرين عام فى نوفمبر 1917 صدر وعد بلفور المشئوم، وبعد خمسين سنة على المؤتمر فى 29 نوفمبر 1947 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 ، الذى قسم فلسطين بين العرب واليهود، وفى 14 مايو 1948 أعلن الإرهابى بن جوريون قيلم دولة اسرائيل.

كلنا نعرف هذه القصة، لكن الذى لا يعرفه الكثيرون أن خطوات إنشاء هذه الدولة كانت تتم بمباركة كل رموز الحكم والسياسة فى الوطن العربى، فمثلا خلال مؤتمر فرساى الشهير (مؤتمر الصلح) عام 1919 التقى الأمير فيصل بن شريف مكة الملك حسين بن عبدالله الهاشمى ، التقى الدكتور حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية وخليفة هيرتزل، وأبرم معه اتفاقا يكفل تقديم الضمانات اللازمة لتنفيذ وعد الحكومة البريطانية (وعد بلفور) فى إقامة وطن قومى لليهود بفلسطين، بما فى ذلك تسهيل كافة الإجراءات أمام الهجرات اليهودية إلى فلسطين !!.

والذى لا يعرفه الكثيرون أيضا، أن أشهر رمز ليبرالى فى مصر ظهر فى بدايات القرن العشرين، وهو الدكتور أحمد لطفى السيد، ذهب إلى القدس موفدا رسميا من قبل حكومة أحمد زيوار باشا لحضور حفل افتتاح الجامعة العبرية (!!).

والذى لا يعرفه الكثيرون أيضا أن ملك مصر وقتها (الملك فؤاد) صرح عقب صدور وعد بلفور بأن: "مصر تنظر بعين العطف إلى قضية اليهود، وتأمل أن يتحقق أملهم وتعلن حمايتها لهم" !!.

وبعد فؤاد جاء ابنه الفاسد الماجن فاروق، وكانت تربطه بحاخام اليهود فى مصر "حاييم ناحوم" علاقة وطيدة، والذى أقنعه بأحقية اليهود فى القدس، فقال له: "المسيحيون تركوا القدس وذهبوا إلى روما، والمسلمون غيروا توجههم إليها وتحولوا إلى مكة، وأما اليهود فقط بقوا طول العمر يبكون ضياعها"، ودس الحاخام اليهودى عاهرتان من ساقطات اليهود على فاروق، وهما: ايرين كيونيللى ويولندا هامر يشاركانه الفراش الحرام، وكانتا تعملان بالتنسيق مع الحاخام اليهودى من أجل ترويضه لصالحهم.

والذى لا يعرفه الكثيرون أن سعد باشا زغلول استقبل حاييم وايزمان أكثر من مرة خلال زياراته المتعددة لمصر بعد صدور وعد بلفور، وارتبط الزعيم الليبرالى الكبير بعلاقات وطيدة برموز الحركة الصهيونية فى مصر، بل وكانوا أعضاء مؤسسين بحزب الوفد، ومنهم: زكى شويقة المحامى، والصحفى ألبرت مزراحى، وإلياس فينير، وديفيد حزان، ، ويوسف بيشوتو الذى عينه سعد باشا عضوا فى مجلس الشيوخ عام 1924، فضلا عن يوسف قطاوى الذى كان عضوا فى مجلس النواب ووزيرا للمالية فى حكومة زيوار باشا، وهو الذى بنى المعبد اليهودى الشهير فى شارع عدلى عام 1899، وتم تجديده عام 1990 فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وقام شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل بافتتاحه بعد التجديد بحضور كبار رجال دولة مبارك.

كان هناك حزب "ليبرالى" آخر يناوىء حزب الوفد، إنه حزب الأحرار الدستوريين، والذى ضم زعامات لها ثقلها السياسى والإجتماعى والثقافى فى ذاك الحين، وكلهم من الرموز الليبرالية فى مصر، ومن هؤلاء: محمد محمود الذى أبدى تعاطفا شديدا مع اليهود، وأحمد لطفى السيد الذى شهد حفل افتتاح الجامعة العبرية فى القدس، وارتبط بصداقة وطيدة مع الدكتور "ماجنس" رئيس الجامعة، وكذا محمد حسين هيكل، وأحمد زيوار باشا.

لم يقف الأمر عند مجرد التعاطف (الليبرالى) مع اليهود فى إنشاء دولتهم، بل وصل الأمر إلى التنكيل بالفلسطينيين المقيمين فى مصر، الذين تظاهروا ضد آرثر جيمس بلفور خلال زيارته لمصر فى طريقه لحضور افتتاح الجامعة العبرية عام 1924، إذ قام اسماعيل صدقى باشا وزير الداخلية فى حكومة زيوار باشا (مؤسس حزب الشعب لاحقا) باعتقال الفلسطينيين الذين اشتركوا فى التظاهر ضد وجود بلفور بمصر، ثم قام صدقى باشا أيضا بإغلاق جريدة "الشورى" لصاحبها الفلسطينى محمد على طاهر لأنه كان يهاجم الصهيونية!!.

وفى تلك الحقبة السوداء قال أمير الشعراء:

وليال من الزمان حبالى .. مثقلات يلدن كل عجيبة

وكما يقال بأن التاريخ يعيد نفسه، فنحن نعيش إرهاصات قيام دولة جديدة، لكن من جسد الأمة المصرية، وأعنى الدولة القبطية المنتظرة، التى يتسابق المئات من أقباط المهجر ـ بمباركة الحبر الأعظم ـ فى سرعة قيامها، وكل يحلم بأن يكون مثل هيرتزل.

كان الحكام العرب من الأسرة الهاشمية يباركون خطوات تأسيس الدولة اليهودية، وهو نفس الدور الذى لعبه مبارك فى مصر مع رموز التمرد القبطى، ومن بعده المجلس العسكرى الذى يطبطب على هؤلاء.

كان رموز الليبرالية يظهرون الود والعطف نحو اليهود، وهو نفس الدور الذى يلعبه رموز الليبرالية فى هذا الزمن، وهم كثيرون وباتوا فوق الحصر، يعملون تحت غطاء إعلامى رهيب ، يملك كل أدوات التضليل والإقناع بالباطل.

كان الليبراليون فى بداية القرن العشرين يتصورون أنهم يتصرفون "بشهامة" وتحضر مع الآخر، دون أن يدركوا أن هذا الآخر لا يمكن أن يقبل بدوره سوى من على شاكلته، وما دون ذلك فهو عدو يستحق السحق والإبادة مهما أسدى إليهم من معروف.

كان أنور السادات بحنكته متنبها إلى ذلك، فرفع شعار "دولة العلم والإيمان"، وشجع المد الإسلامى، ورصد الجوائز والحوافز للمتفوقين فى حفظ القرآن الكريم، وزاد الجرعة الإسلامية فى كل وسائل الإعلام، أما خلفه الغشوم الفاسد القبيح فقد محا هوية الدولة المسلمة، وترك الحبل على الغارب للشيطان يصول ويجول، ويرعى مملكة الشر حتى باتت خطرا محدقا إذا استهنا به نكون من السذج المستحقين للعنة الأجيال القادمة.

دولة اسرائيل كانت فى البدء فكرة ثم تحولت إلى كلام ومؤتمرات، وخلال وقت قصير أضحت حقيقة، وأمست كالورم السرطانى فى قلب الأمة العربية، لن تقوم لهذه الأمة قائمة ما دامت هى موجودة، ودولة المتطرفين المهجريين بزعامة الحبر الأعظم باتت على وشك الظهور، ونحن مشغولون بالحرب على المفتى الذى قدم بلاغا ضد الشيخ فلان، ومشغولون بسطرين فى كتاب الشيخ علان هاجم فيه الداعية ترتان ... وهكذا، ومغيبون وسط بحور من المشاغل التافهة ولن نستفق إلا على قرار من الأمم المتحدة بتقسيم مصر، وسباق بين الدل الكبرى لنيل شرف الإعتراف بالدولة الوليدة.

النبى الوحيد الذى تناول المولى سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم حياته بالتفصيل فى سور كثيرة هو موسى عليه السلام، وتقريبا ربع القرآن الكريم عن موسى وبنى اسرائيل، وموسى عليه السلام ولد وقتما كان فرعون يقتل كل المواليد، فكانت آية الله تعالى أن يتربى موسى فى بيت فرعون، وهو المولود الذى كان من أجله يقتل فرعون كل مولود لبنى اسرائيل، وفى دار فرعون تربى موسى وترعرع، ليكون مقتل فرعون على يده، مثلما تربى الحبر الأعظم فى بلدنا، ونمت مخالبه واشتدت أنيابه وقواطعه، وبات ينهش فينا لنكون له غذاءً قبل أن يكون هو لنا عشاءً كما تصور له ظنونه.

هذا المقال يجىء فى ذكرى وعد بلفور المشئوم الذى صدر فى 2 نوفمبر 1917، ونحن نعيش إرهاصات قيام دولة الشيطان الأكبر الذى يجلس على عرشه منذ 40 سنة .. والذى يجمع بين شخص بطرس الناسك (مشعل الحروب الصليبية)، وهيرتزل (مؤسس دولة اسرائيل)، ودزرائيلى (هادم الدولة العلية العثمانية).

salahelemam@hotmail.com

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

تفتكر إحنا بنتسرق؟..

تفتكر إحنا بنتسرق؟..



حسام فتحي | 01-11-2011 01:24

سؤال شديد البراءة.. سألني إياه صديق تخدعك ملامحه التي تشبه الراحل يونس شلبي، وتخفي خلفها صحافياً ألمعياً ناجحاً.. تفتكر إحنا بنتسرق حضرتك؟.. لم ينتظر إجابتي.. واستطرد.. أصل يا أستاذ قريت ان دولة رومانيا الصديقة كان عندها ثورة عظيمة، وقتلوا رئيسهم نيكولاي تشاوشيسكو والحربايه مراته بالرصاص، وفرحوا وهللوا وبعدين حصلت حاجات خلتني مش عارف أنام من الكوابيس، وعمال أفكر.. ممكن ده يحصل عندنا؟

أجبته: يا سيدي مصر مش رومانيا، ومبارك مش تشاوشيسكو وسوزان مش إيلينا.

وواصل صديقي حديثه وكأنه لم يسمع شيئا: باقولك في رومانيا كان الجيش والشعب ايد واحدة زي ما كان عندنا والشعب الروماني كان بيكح تراب زينا، وشبابه المثقف قادوا الثورة ضد الفساد اللي كان معشش في رومانيا زي ما كان معشش عندنا،.. وضد انعدام العدالة الاجتماعية والفقر اللي كانوا مبتليين بيه عشان أصحاب وصاحبات تشاوشيسكو، وصاحبات ايلينا كانوا بالعين رومانيا وسارقين خيرها زي ما كان عندنا يا أستاذ!!

أبعدت نظري عن عينيه المندهشتين وانا اقول بصوت أخفت قليلا من ذي قبل: يا أخي قلت لك مصر مش رومانيا.

بدا صديقي وكأنه لم يكن ينتظر ردي أبدا وواصل حديثه:

.. وبعدين بعد الجيش ما أعدم مباركشسكو وسوزانينا بتوع رومانيا جه واحد اسمه إيون إيليسكو، وكان من الصف الثاني في الحزب الوطني الشيوعي بتاع رومانيا، وكان صاحب تشاوشيسكو برضه، وجمع «فلول» رومانيا في بتاعة اسمها جبهة الخلاص، ويمكن كان اسمها الاخلاص لشاوشيسكو مش فاكر، وبدأ سعادتك يظبط لواءات المجلس بتاع رومانيا لحد ما سيطر على البلد، وجاب واحد من الثوار ظبطه ومسكه التلفزيون والاعلام كله، وشويه شويه كوِّش عمنا ايليسكو على رومانيا، لكن الشباب الروماني الواعي الثوري حسوا أن الثورة بتتسرق منهم، وصوتهم بدأ يعلا.. قام إيليسكو ده قال عليهم خونة وعُملا للامبريالية، وعندهم أجندات وبيقبضوا، وسحبهم على المحاكمات واحد ورا التاني، والقضاة بتوع رومانيا كانوا في الأصل متظبطين من أمن الدولة بتاع رومانيا برضه، وطسوهم أحكام خفيفة ابو سنتين تلاتة «عبال» ما أخونا إيليسكو يهضم رومانيا، مش بس كده، ده كان بيلعب بالعمال وغير المثقفين والناس الغلابة ويخليهم يهاجموا الشباب الثوري ويقتلوهم عشان مفهمهم ان الشباب دول ضد استقرار رومانيا.. وبعدين سعادتك عمل انتخابات «نزيهة» وانتخبوه رئيس لرومانيا 3 دورات، والثورة الرومانية دخلت المتحف الروماني سعادتك.. وسجلت في موسوعة جينيس ريكورد على أنها ثورة مرات ثور.. و..

ولم أتركه يستكمل حديثه وصرخت فيه.. هوأنا ناقصك حريقة تحرقك أنت وثورة رومانيا.. يا أخي افهم مصر مش رومانيا.. والقاهرة مش بوخارست.. والمشير مش إيليسكو.. مصر مش رومانيا.. مصر مش رومانيا.. مصر..



حسام فتحي

hossam@alwatan.com.kw

twitter@hossamfathy66



شكل الحرامي جديد ولا دي بدله قديمه

مستني بيها العيد ويحزّم التحزيمه

شايف الخواجه بعيد بيظبّط الأفلام

وكل يوم بيزيد الغش في السيمه

٭٭٭

طلع الرصاص م الأخ وانطخ في المغدور

مطر الحقايق رخ غرّقنا في المحظور

ثورتنا حبّة ورق ولاّ كلام.. وفلول

عبّاره عاشقه الغرقْ وقطرنا مكسور؟

مختار عيسى (يوميات يناير)

من غرائب الحجاج وطرائفهم

من غرائب الحجاج وطرائفهم



عبد السلام البسيوني | 31-10-2011 00:23

غير معقول أن يتقدم رجل لممارسة الطب وهو به جاهل، لا يعرف أبجدياته، ويخلط بينه وبين الحجامة، أو عملِ حلاّقي الصحة!

وغير معقول أن يدعي أحد أنه خبير في هندسة السيارات ؛ لمجرد أنه رأى لها كتالوجًا، أو شاهد سيارة مرسومة في كراس ابنه الصغير!

لكن معقول.. ومعقول جدًّا.. أن يأتي مسلم بالغ عاقل مثقف مستطيع، ليؤدي فريضة الحج، وهو ميحْ/ أستيكة/ أبياااااااض، لا يعرف شيئـًا عن هذه الشعيرة!

هو بالغ يقينًا لأنه بلغ العقد الرابع أو الخامس أو السادس من عمره المبارك (!)

وهو عاقل بالتأكيد لأنه لا يهلوس في الطريق، ولا يلبس ثوبه بالمقلوب، ولا يرمي الناس في الشارع بالطوب.

هو مثقف لأنه حاصل على شهادة محترمة في الطب أو الهندسة أو الإعلام أو الأدب - أو حتى الشريعة - وبارع في تخصصه، وشغال سِنْير اسْتَفّ.

وهو مستطيع لأنه دفع من حرّ ماله ما يمكنه أن يسدّ جشع كثير من التجار الذين يلهلبون الأسعار في الموسم، فضلاً على أنه قادر بدنيـًّا، ولا يحول بينه وبين طاعة الله تعالى شيء..

لكن هذا البالغ العاقل المثقف المستطيع (تبارك الله/ اللهم لا حسد) يأتي إلى الحج ومخه أشد بياضًا من اللبن ؛ فليس عنده أية فكرة عن المناسك..

فهو لا يفرق بين منى مكة، و(منى زكي)، وباب السلام و(باب الحديد)، وربما اعتقد أن مزدلفة اسم لمحطة سكة حديد بين مكة وجدة، وأن عرفات التي يقف عليها الحجاج هي الجدة الكبرى لأبي عمار!

بل ربما ظن المسكين أنه ينال لقب حاج بمجرد وصوله إلى مطار جدّة الدوليّ؛ فأعظم الشعائر عنده أن يصل إلى مكة، ويشتري سجادة صلاة، ومسبحة، ويحمل مطّارة من ماء زمزم ؛ ليصير بذلك حاجـًّا، وابن حاج كمان!

إن الناس يحتاجون إلى تعليم كثير لأركان دينهم - وبخاصة الحج - وإن على العلماء الكرام أن يطوروا - ما استطاعوا - من كيفية عرض المناسك، وشرح تفاصيلها ؛ خصوصـًا للذين يحجون لأول مرة.

فمجرد سرد محظورات الإحرام وواجباته وأركانه وأنواع الدماء وما شابه ليس كافيـًا لتعليم الناس الآن ؛ إنهم يحتاجون إلى تطبيق عملي يقدّم من خلال شاشة التليفزيون، وأجهزة الفيديو، وفي المساجد ؛ من خلال أفلام وثائقية، ومجسّمات، وخرائط، وتكرار، وإلحاح..

وليت وزارات الأوقاف في العالم الإسلامي تفرض على كل ناوٍ للحج أن يحضر هذه الدورات، وأن يتابعها، حتى لا يذهب لأداء الفريضة بذهنٍ خالٍ تمامـًا، فالواجب أن نعبد ربنا عز وجل على بصيرة، مستحضرين نوايانا في كل خطوة نخطوها في الحج وغيره..

فأخطر الناس على الشيطان هم العالمون بأمر دينهم.. أما عباد الله من ماركة أكثر بياضـًا فما أسهل أن يُخـترقوا، وما أسهل أن تفسد عبادتهم، وما أسهل أن يضيع منهم جهد بدني بذلوه، ومال كثير ادّخروه، ووقت ثمين هم أحوج ما يكونون إليه في الدنيا والآخرة..

شر البلية: وإن الفاحص المتأمل ليرى من أفعال بعض الحجّاج ما يجعل الحجر يستلقي على قفاه من شدة الضحك (على أساس أن شر البلية ما يضحك)..

لذا فإنني جمعت لك قارئي العزيز هذه الغرائب، والمدهشات، من خلال مشاهداتي في مواسم الحج، ومن خلال سماعي وقراءاتي، حيث بدأت علاقتي به بالضبط قبل ثلاثين سنة، منذ حجتي الأولى في صحبة نخبة علماء الأمة آنذاك: العلامة ابن باز، وصاحب المنة الكبرى عليّ بعد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم الشيخ الشنقيطي، وأستاذي الرائع الشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ الغنيمان، والشيخ عمر فلاتة، والدكتور محمود ميرة وغيرهم، وكان الشيخ الزنداني في هذا الوقت شابًّا يرافق الحملة نفسها، التي أرسلتها الجامعة الإسلامية في المدينة والمنورة، والتي اختارت في صحبتها بعض طلاب الجامعة ممن يملكون نصيبًا من الجرأة الميدانية، والقدرة على التعامل مع الحجيج، وقد أحسن بي ربي الكريم؛ إذ جعلني أحدهم، لأنعم بصحبة هذه الكوكبة من العلماء المباركين في مستهل حياتي. ثم كان خروجي مع حملات عديدة مرشدًا وموجهًا للحجيج، ما عرضني لمواقف تدمي الفؤاد، وأخرى تضحك الجماد، وثالثة تدعو للتفكير والتأمل..

لكن اسمح لي - ونحن في أيام عيد كريمة - أن أرسم على شفتيك قارئي العزيز بعض الابتسامات غير المصطنعة، لأنها من مشاهدات ومواقف حقيقية، يمكن أن ترسم صورة واقعية، دقيقة، لحالنا أفرادًا وأمة/ متعلمين وجهالاً/ رجالاً ونساءً/ حجاجًا صادقين أو حجاجًا بالصدفة، أو بالاستهبال..

فصلّ معي على سيدك النبي أيها القارئ الكريم، واحتمل هذه الوقائع الحقيقية جدًّا التي شهدتها وعايشتها بنفسي، عبر سنين طويلة. وقليل منها من (مساء) الحبيبة، توأم (الأسرة) الغالية:

ريح لا ينقض الوضوء! شاب زي الفل ما شاء الله جاء - بمنتهى الجدية - يسأل مرشد الحملة عن صحة صلاته، بعد أن خرج منه ريح: هل يكمل الصلاة أم يتوقف؛ فقوبل باستغراب، وسأله الشيخ: معقول يا فلان؟ كل الناس يعرفون أن خروج الريح ينقض الوضوء، ويـبطل الصلاة؟!

فقال ببراءة عجيبة يحسد عليها: ولكنه ريح طيّب، لم يكن منتنـًا ولا مشمومـًا؟!

ثياب الإحرام مالهاش لزمة! شاب ما شاء الله (زي الجدار) رافق مجموعة من المسافرين إلى مطار جدّة، ثم واصل الطريق معهم إلى مكة المكرمة، وعليه السكينة والوقار.. دفع الفضول بأحدهم ليسأله: يا أخي: ما دمت داخلاً مكة، لماذا لم تنو الحج هذا العام، وتستفيد من المناسبة؟!

- أنا نويت الحج فعـلاً.

- هه؟ نويت الحج؟ كيف وأنت على سنجة عشرة، بالقميص والبنطلون؟

فقال (أيضـًا ببراءة يحسد عليها): ألا ينفع أن أحجّ بالقميص والبنطلون؟! هوّ لازم الفوطة البيضا دي يعني؟!

واحد ممكن.. بس الأتوبيس كله؟! وقف الشيخ يشرح لمجموعة من الحجاج تركب أتوبيسًا ماذا عليهم أن يفعلوا بعد تجاوز الميقات.. وركّز - بقدر الله تعالى - على قضية ترك الطيب: ممنوع استخدام العطور/ ممنوع الكلونيا/ ممنوع العطر/Don’t use any Perfume/ برفيوم نهِي.

ونزل الشيخ من الباص قليلاً ثم عاد، فإذا أحدهم قد أمسك بزجاجة عطر بلية، ودار على أهل الباص - جميعًا - فطيّبهم جزاه الله خيرًا، ثم عاد هاشًّا باشًا، فرحًا بإنجازه التاريخي وهو يقول في سعادة: حطيت عطر للركاب جميعـًا (!)

الغريب أن ركاب الباص جميعًا - وكانوا من البدو المتنورين - لم ينهوه، ولم يرفضوا، بل قبلوا التعطر شاكرين!

الشرطة تركت الأغبياء! استدرج بعض اللصوص المهرة عددًا كبيرًا من الحجاج العجم إلى لافتة ضخمة زرقاء، في ناحية من الطريق، مكتوب عليها: (إلى الجمرات)، وأوهموهم أن هذه اللافتة هي الشيطان ابن الشيطان، وهي الجمرة الكبرى، وأن عليهم أن يرجموها بكل قوتهم! وبدأ الناس (باسم الله والله أكبر.. طاخ) ومزّقوا اللوحة من كثرة ما رجموها.. وفي الوقت ذاته كان اللصوص يمزّقون جيوبهم، وينشلون متاعهم!

لكن الشرطة السعودية انتبهت للأمر، فطوقوا المكان، وأمسكوا باللصوص..

ومع أسفي الشديد فات الشرطة أن يمسكوا الحجاج الذين لا يفرقون بين لافتة زرقاء، في ناحية من الطريق، مكتوبة بعشر لغات، وبين الجمرة الكبرى (!).

بالشبشب! وعلى ذكر الشيطان الرجيم، فإن الرمي - كما هو معلوم - مسألة رمزية، وتوقيفية، نتبع فيها فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فليس العمود الذي يرجم هو إبليس نفسه.. لكن كثيرًا من الناس قد سكنهم اعتقاد جازم أن إبليس لعنه الله قد استوطن هذا العمود بالذات.. لذا فإنك تراهم يرمونه بكثير من التشفي والغلّ، لعل أحدًا أن يخلع عينه بطوبة، أو يصيبه بحجر، فيوقعه بالضربة القاضية، ويريح الدنيا منه ومن شروره..

فترى إحداهنَّ تخلع (شبشبها) من رجلها وهي تصرخ فيه: يخرب بيتك، أنت اللي طلقتني من جوزي يا بن الكلب، وهُبْ بالشبشب..

وترى آخر يمسك بعصاه الطويلة، ويظل يضرب في البناء الحجري، وهو يهدر كالفحل: اللاّ يهدّْش.. الله يلعنش.. يا الهيس!

وترى ثالثًا قد أمسك بكبشة من الحصى يضربها مرة واحدة، لكن السيئ أنه لا يصيب بها الشيطان، بل تستقر في الأقفية العارية، والرؤوس الحليقة ع الزيرو، لأن هذا يقع غالبًا بعد الحلق.. واسألوا رأسي التي طالما جرحت أو ثقبت من حصى الحجاج!

وليت أحدًا يقف هناك عند المرمى، ليعرف أن الناس يحقدون على إبليس حقدًا شديدًا.. فكيف ظهرت في بلادنا عبادة الشيطان؟!

الشيطان الكبير بس! يجهل كثير الحجاج الكثير من الأحكام، فيسهل خداعهم، أو وقوعهم في مآزق يفسد بها حجهم.. وقد بلغني أن بعض المترفين قضى أيام الحج في أحد الفنادق الكبرى حول الحرم، معتقدًا أنه حج حج (آخر رواقة) لأن كل الناس تركوا له المكان وراحوا!

ويشبه هذا ما يحكيه أحدهم من أنه يوم انتهى الناس من الذهاب من منى إلى عرفة للوقوف بها لاحظ هو وغيره مجموعة من الناس من جنوب أفريقيا، لم يذهبوا مع الذاهبين. وعندما سألوهم يحسبون هناك ما يعوقهم عن النفرة لعرفة، قالوا: احنا جايين نضرب الشيطان الكبير وبس، ولن نذهب لعرفة!

حاول الشباب إقناعهم بخطأ ذلك فعجزوا، وتدخلت الشرطه بلا فائدة! وجلس الحجاج (الخبراء) في منى، وراحت عليهم الحجة!

اللهم لا حسد: المفروض في السعي بين الصفا والمروة أن المسافة بينهما ذهابًا تحسب مرة، وإيابًا تحسب أخرى. وكثير من الأشخاص السمان والمراهيق يتعبون بعد ثلاث أو أربع لفات..

ومما أذكره هنا: شاب رياضي (ما شاء الله.. إيه وَنْ) أراد أن يثبت أنه أحسن من الآخرين، وأشدّ إخلاصـًا في أداء الشعيرة.. فأخذ يجري - على نَفَس واحدٍ - من الصفا إلى المروة اثنتي عشرة مرة (لفّ المستطيل كله ستّ مرات كاملة، جريـًا بلياقة كاملة - ما شاء الله - وهذا بالحساب الصحيح اثنتا عشرة سَعْية) وبعيدًا عن العلمين الأخضرين - وقد وضع (ذيله في سنانه، وهات يا رَمح)..

أشار إليه أحدهم ألا يهرول - كان يجري كأنه في سباق أربعمائة متر - وبعد أخذٍ ورد، قيل له - في شيء من الشك -: كم مرة سعيت، وهل درت المكان كله ركضـًا.. فقال بشموخ واعتزاز: - إيه.. الحمد لله/ - كم مرة؟/ - ست مرات/ - كيف؟

أشار بيده: بدأت من هناك من عند الصفا، ثم ظللت أجري حتى وصلت إليها مرة ثانية.. وعددت من ذلك ست لفّات كاملة.

وكاد السائل أن يضربه من الغيظ، لأن هذا السائل كان سمينـًا، قد تسلخّ من مجرد سعيتين اثنتين: من الصفا إلى المروة وبالعكس!

مكان فُل أوبشن! رأيت امرأة من إفريقيا تجلس في وسط الشارع تمامـًا، كأنها في فندق سبع نجوم، وكان بجانبها كوز ماء، فإذا دخل وقت الصلاة استنجت أكرمكم الله وهي في مكانها لم تتزحزح، وتوضأت وهي في مكانها لم تتزحزح، وصلت وهي في مكانها برضه دون أن تتزحزح.. وكم خشيتُ أن تحاول الطواف حول الكعبة ؛ وهي - أيضـًا - في مكانها مسمرة لا تتزحزح!

ضريح مين ده؟ على طريقة معظمي القبور والأضرحة في العالم الإسلامي دخل رجل المسجد الحرام - لأول مرة - وحين رأى الكعبة المعظمة يشير سائلاً: مين اللي مدفون في الضريح ده؟!

القبلة فين؟ وامرأة أخرى أكثر وعيًا وثقافة من السابق، لما دخلت المسجد الحرام، ورأت الكعبة- شرفها الله - تتوسط المكان، فتتلفت هنا وهناك، فلم تجد محرابـًا كمحاريب المساجد (اللي خلقها ربنا) فسألت في حيرة: هانصلي الناحية انهين؟ فين القبلة؟

الّلا يسامحك يا رسول الله! وأشدّ من ذلك ما عبّرت به امرأة عن (زعلها خالص) من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن عدم مراعاته لآلام الناس (اللي دايين من آخر الدنيا، والمتاعب التي يتجشمونها، في سبيل أداء الفريضة؟!) إذ قالت أسوانة متحسرة:

الّلا يسامحك يا رسول الله، بقى مش جاي تجيب الحج اللا في الحتة الحر دي؟ ما كنت

خلّيته في اسكندرية والّلا حاجة!

فِيقي/ فيقي: من الآفات التي يعيشها بعض الحجاج والمطوفين، أنه يمسك بكتاب في يده، يقرأ منه أثناء الطواف، دون أن يفهم في أكثر الأحيان ما يقرأ – خصوصًا إذا كان غير عربي - فتخرج منه أشياء تثير الضحك، كما تشوش على الحجاج، وتقطع التركيز، وتفسد الخشوع:

سمعت أحدهم يصيح: وما تَوْ/ والناس وراءه يرددون: وما تَوْ/ فيقول: فيقي! ويردون: فيقي! (يقصد: وما توفيقي إلا بالله!)

ويروى أحدهم - والعهدة عليه – أنه في الشوط الثالث من طواف الوداع، كان يتحرك بجانبه مجموعة من حجاج شرق آسيا، وكان مطوّفهم يدعو، وهم يرددون وراءه: اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى!

حتى الهامش: ويحكى أحدهم أنه رأى مجموعة من النساء يبدو أنهن من الجمهوريات السوفيتيّة، يتقدمهن رجل من بلادهن يقرأ العربية؛ إلا أنه لا يفهمها. وكان الحاج يقرأ من كتاب الأدعية، وهن يردّدن وراءه، حتى صار يقول: طُبع، فيقلن: طُبع، فيقول: في الرياض! فيقلن: في الرياض، فيقول: في مطبعة، فيقلن: في مطبعة.....إلخ !

كله عند الحجاج دعاء! آخر يحكي: كنت أطوف حول الكعبة فسمعت رجلا يدعو بحماس اللهم.. اللهم.. اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث! ، فقلت له: يا أخي، هذا الدعاء تقوله إذا دخلت دورة المياه، فأجاب بسرعة:

ما في مشكلة..كله دعاء!

مش ملايكة.. دول سوريين! ومن المواقف التي تدخل في هذا الباب ما رواه أحدهم قال : كنت أطوف وحـدي طواف الإفاضة، ولم يكن الحرم مزدحمًا ساعتئذٍ على غير العادة، فأخذت أرفع يدي، وأدعو الله سبحانه، وكان صوتي مرتفعًا قليلاً، ومع كل دعوة كنت أسمع من خلفي صوتًا عاليًا وجماعيًّا يردد آمـيـن! وتكرر ذلك، وكنت إذا سكت سكت الصوت وحينها لا أدري كيف خطر ببالي أن الملائكة تؤمِّن على دعائي! لكن عندما التفت ورائي إذا بمجموعة من الحجاح الشاميين كانوا هم من يؤمن!

ظهر الشيطان! الاندفاع العاطفي دون تدبر، قد يحدث كارثة عظيمة لا يمحي أثرها.. يروي أحدهم أنه من شدة الزحام والتدافع عند رمي الجمار رأى حاجًّا كاد يسقط من أعلى الجسر، ولكنه تمسك بالحديد بقوّة، فسقطت ثياب الإحرام عنه، وكان هذا الحاج سيئ الحظ إفريقيًّا شديد السواد، ضخم الجسم، فلما رآه بعض الجهلة، ظنه الشيطان قد خرج، فصار يهتف بكل حماس: خرج الشيطان! ظهر الشيطان! وأخذ يسدد الجمرات يريد أن يصيب هذا المسكين، وبدأ الجهلة يرجمون هذا المسكين بالحصى والنعال، حتى أدركته سيارة الإسعاف وهو على وشك أن يفارق الحياة .

ستات ع الزيرو! معلوم أن بعض أحكام الحج تحتلف أحيانًا بين الرجال والنساء، ومنها أن الأفضل للرجال أن يحلقوا رؤسهم أو يقصروها، أما المسألة بالنسبة للنساء فهي شعيرة رمزية، فلا يقصصن من شعورهن إلا مقدار أنملة، لكن الجهل قد يدفع أحدهم للمساواة الكاملة في الأحكام بين الرجل والمرأة، ما يمكن أن يؤدي لكارثة..

يحكى أحدهم عن جده قصة رآها في الحج قبل أكثر من خمسين سنة، وذلك أن أحد الجهال جعل من نفسه مطوّفًا، فأوكل إليه رئيس المطوّفين تطويف اثنتي عشرة امرأة، وبعد أن انتهى معهن من رمي الجمار، أمرهن بحلق رؤوسهن بالموسى جميعًا، وعادت النساء إلى أهلهنّ بدون شعر!.. وتخيل.. سيدات زلبطات!

الحج للرجالة.. ستات لأ! الجهل أيضًا سبب كل بلاء، والتعالم أسوأ أشكاله.. يقول أحدهم: كنا نستمع إلى أحد المشايخ، وهو يتحدّث عن أحكام الحج، وتطرّق الحديث إلى كيفيّة حج النساء، وما يجب عليهن في الحج، فقاطعه أحد كبار السن قائلاً: يا شيخ، كيف تذهب النساء إلى الحج، والله تعالى يقول: {وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً}؟!

أنا ما أضيعش أبدًا: تعاهد بعض الزملاء – وكان عددهم تسعة عشر – أن يؤدوا فريضة الحج بشكل جماعي، واتفقوا على أن الذي يضيع منهم عن المجموعة يتوجّه إلى مكان النداء عن الضائعين، وينتظرهم هناك .

ضاع أحدهم، وكما هو الاتفاق، فقد ذهب إلى مكان النداء عن الضائعين، وقال للمنادي بكل ثقة: هذه أسماء ثمانية عشر شخصًا أريد أن أعلن عن ضياعهم!

ففزع المسؤول عن النداء، واستفهم من الرجل، ثم انفجر ضاحكًا، وعبثًا صار يحاول أن يقنعه بأنه هو الضائع وليس هم، وأن عليه تقديم اسمه لا أسماءهم، وأن عليه أن يبقى لينتظر أصحابه، ولكن الرجل بقي مصرًّا على أنهم هم الذين ضاعوا، وعندما جاؤوا ليأخذوه من مكان النداء صار يصيح فيهم: أين كنتم؟ لقد بحثت عنكم في كل مكان!

Want a cigarette ?: الدخان عند كثيرين يمثل نقطة ضعف هائلة، وحين يحج أحد المبتلين به يفتش بقة عن ان شيخ يمكن أن يقول له: لا بأس/ الدخان حلال..

بعضهم يكون ضعيفًا لا يستطيع مقاومة، وآخرون فيهم بجاحة واستباحة ظاهرة، حين يحضرون معهم الشيشة ولوازمها، ليعدلوا مزاجهم في منى الميمونة، ولقد رأيت بنفسي مقاولاً قد جلب الشيشة معه، وأعد المجلس لنفسه، ولشلة الصنايعية معه، وعاتبته بشدة يومها..

المشكلة أن بعض الناس - تحت مطارق الجهل أو الإعلانات والدعاية للتبغ - لا يعتقدون أنه حرام.. يقول أحدهم: رأيت امرأة عجوز تدخّن في منى! فقلت لها بالإنجليزية: التدخين حرام، وتزداد حرمته في الحج، فابتسمت و.... قدّمت لي سيجارة!

حياك الله: المرور بين يدي المصلي يزعجه، ويقطع عليه تركيزه، لذلك يسن له في الأحوال العادية أن يحجز بيده من يمر أمامه، يقول أحدهم: كنت أصلي في الحرم المكي، وبسبب الازدحام أراد أحد المعتمرين أن يمرّ من أمامي، مددت يدي لكي أمنعه، فمد يده وصافحني بحرارة!

قالوا للحرامي احلف! يشكل موسم الحج سوقًا رائجة للنشالين المحترفين، الذين بلغني أن بعضهم يسافر خصيصًا في الموسم للسرقة، وبعضهم يتفنن في ذلك، حين يخلق فوضى وتدافعًا يشغل به الناس ليسرقهم - كما مر في الذين رموا اللافتة على أنها الشيطان – وسمعت أن بعضهم يشتري المكان المميز - الذي يرد إليه الضحايا كثيرًا - من نشالين آخرين بمبالغ كبيرة، لأنه متأكد من الربح!

يروي أحدهم أنه أحس أثناء الزحام بشخص يريد أن يسرق منه محفظته، فأمسك بيده بقوّة، وأراد أن يسلّمه للشرطة، فصار الرجل يرجوه، ويحلف له أنه تائب، وأنه لن يكرّرها، فرحمه صاحبنا وأطلقه، وبعد أن ذهب السارق، وضع الرجل رقيق القلب يده في جيبه، فوجده ممزقًا.. فارغًا.. منهوبًا ؛ فلقد سرقت المحفظة!

حصار الشحاتين: وليست المشكلة قاصرة على النشالين وحدهم، فالمتسولون لهم حضور كثيف، وأساليب متنوعة، وإلحاح لا يكل، يظل أحدهم يتوسل ويكرر ويضغط بألف طريقة وطريقة حتى يستخرج منك ما يريد، من خلال شكله المشوه، او يده المقطوعة، أو رجليه الكسيحتين، أو عاهته المنفرة..

لكن للطرارين أيضًا عادة عجيبة، فإنك إذا أعطيت شحاذًا شيئًا، انشقت الأرض فجأة عن مائة مثله، يتحلقون حولك، لتعطيهم كما أعطيته..

يحكي أحدهم: كان معنا شخص يحجّ لأول مرّة، ولا يعرف طباع الحجّاج، ومشاكل المتسوّلين، فأراد أحد الأخوّة أن يصنع معه مقلبًا ظريفًا، فناوله ريالاً، وطلب منه أن يعطيه لأحد المتسوّلين – وكان ذلك بين مجموعة كبيرة من المتسوّلين – فما هي إلا لحظات حتى اختفى هذا الأخ بين أكوام الكتل البشريّة التي طوّقته تريد الصدقة، ولم ينج إلا بمساعدة أحد رجال الأمن!

مكسح أسرع من سعيد عويطة: ويظهر مكر الطرارين وكذبهم إذا (شموا) أن هناك كبسة من الشرطة.. وأدعوك أن تقف ذات مرة في أي مكان حول الحرم الشريف لتراقب عشرات المشوهين والعميان والنصابين من فاقدي الأيدي والأرجل وذوي العاهات، يفترشون الأرض على الطرق المؤدية للحرم يستجدون الناس. ثم راقب إذا جاء شرطي أو سيارة من سيارات مكافحة التسول، وقل لي ما النتيجة!

استِبَـرُّوكِية! يتبرك العامة بأي شيء من رحاب المدينة أو مكة، ويهمهم جدًّا أن يحملوا أي شيء حتى لو لم يكونوا سيستفيدون منه.. المهم أنه من عند سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم!

وأذكر أننا كنا نوزع كتبًا باللغة الإنجليزية والفرنسية للحجاج، فجاءت امرأة أمية تطلب كتبًا، فسألتها برفق: لمين يا حاجة؟ فقالت لابني/ عمره كم سنة؟ 7 سنين/ فضحكت وقلت: هذا لا يصلح له يا حاجة، دي كتب كبيرة عليه/ فقالت ببراءة: يا خويا ادِّيني أي كتاب، استبروكية من عند النبي عليه الصلاة والسلام.. وأعطيتها!

بناه المرحوم.... ولأن كل شبر هناك هو من آثار النبي عليه الصلاة والسلام فيما يعتقد عوام الناس وجهالهم، فإنهم يتبركون بأي شيء، حتى لو كان جدارًا أو بابًا أو قطعة خشب. ولقد كان أمام مقر البعثة القطرية في المعابدة بمكة المكرمة، مسجد نصلي فيه الجماعات، وكان عليه لافتة تحمل تاريخ بناء المسجد واسم بانيه، فرأيت رجلاً يتلفت حوله، ليتأكد أن أحدًا لا يراه - ولسوء حظه كنت أشاهد ما يفعله - ثم عرى صدره، وألصقه باللافتة الحجرية ، وأخذ يمسحه بها، ثم أخذ يدير خديه، ويمسح وجهه باللافتة.. التي كتب عليه.. مسجد كذا.. بناه فلان الفلاني، سنة كذا وكذا ميلادية!

أورِّي صورته لربنا! ومن هذا الباب ما حكته إحداهن: صلت بجانبي أخت من بدو سيناء كثيرة التلفت في الصلاة، وكانت امرأة كبيرة في السن وأمية، فنصحتها والدتي ألا تتلفت في الصلاة لكنها لم تستجب، واستمرت تتلفت أثناء صلاتها يمنة ويسرة، بل وتنادي ابنتها بصوت عالٍ أثناء الصلاة!

وبعد الصلاة التفتت إلي قائلة: يبدو أنكم أناس طيبون وتعرفون الدين، أنا عندي سؤال يا بنتي.. أنا معي صورة (عطيات ابني، وهو ما بيخلفشي، معلش أوري صورته لربنا علشان يديه ولاد؟

وأخذت تريني صورة ابنها.. فجحظت عيناي، وكدت أنفجر ضاحكة، لولا أني راعيت مشاعرها. فقلت لها: كلا يا حاجة هذا خطأ ؛ فهل ربنا عز وجل يجهل من هو (عطيات)؟ فقالت: أنا بس بادعي ربنا. وعايزاه يشوف ابني!

فوضحت لها الأمر بهدوء وأنا أدعو لها ولذريتها بالعلم النافع.

فوتوجينيك! قال: أثناء سعيه بين الصفا والمروة رأى أحد الحجاج الكاميرات التي تصوّر المسعى، فأشار إليها بحماس؛ لكي يظهر في الصورة بوضوح، بعد قليل صار مجموعة من الجهّال الذين بعده يقلّدونه، ويفعلون ما فعل؛ ظنًّا منهم أنه هذا من مناسك الحجّ!

وفي زمزم أيضًا! ليس غريبًا أن ترى امرأة متمكجية بكامل زينتها في الحج، لأنها – كما قلت – أتت للحج لمآرب غير الحج، أو لأنها جاهلة بالحلال والحرام، والجائز والممنوع. ومن ذلك ما ترويه سيدة:

نزلت مرة - منذ زمن بعيد - إلى بئر زمزم، فإذا إحدى الأخوات غير العربيات وقد بدأت تخلع ملابسها، حتى بدأت العورة تظهر، وهي في هذه الأثناء تسكب على نفسها من ماء زمزم! كلمتها، وأشرت إلى أن هذه عورة، ولا يجوز إظهارها، فجاءت الضربة القاضية: هذا كلو حريم ما في مشكلة!

هوّ يقرب لك؟! مشكلة جهل الحجاج بالمناسك ستبقى مشكلة أزلية، ما لم تتخذ الدول وسائل حاسمة يتعلم من خلالها الحجاج – تطبيقيًّا – كيف يؤدون المناسك، بشكل صحيح وميسر، دون تدافع، ولا مزاحمة، ولا دوس، ولا إزعاج للآخرين.

وفي جانب الأداء الجاهل للمناسك يروي أحدهم عن الداعية الكويتي الأستاذ محمد العوضي أنه في أحد مواسم الحج رأى سيدة أمية تريد أن ترمي (الشيطان) كما تعتقد، وكانت تحمل حجرًا كبيرًا جدًّا، ولما كان الأستاذ يخشى أن تصيب به الحجيج عندما ترميه، حذرها، طالبًا منها أن تترفق، وترمي حجرًا أصغر حجمًا، ما كان ردها إلا أن قالت بكل عفوية وحماسة: ليه هوا بيقرب لك واللا حاجة؟

اصحى يا حاج! شهدت في مواسم الحج بعض الحجاج في عرفات، يوم الفرصة الذهبية للعتق من النار، يومَ يباهي الملك سبحانه الملائكة بعباده الشعث الغبر، حين جاء المقاول بثلاجة مرطبات مفتوحة، وقد ارتفعت عليها الزجاجات المبردة (تلاًّ) من السوائل أشكالاً وألوانًا..

فلم تقترب الساعة من الحادية عشرة إلا والثلاجة (على الحديدة) والحجاج الكرام قد انطرح بعضهم أرضـًا ينفخ من شدة الحر - كنا في إبريل قبل اشتداد الحرارة - وبعضهم راح في إغفاءة عميقة، في حين تحلق قوم آخرون حلقة، ووجدوها فرصة للثرثرة عن أسعار (معرفش إيه) وآخر موديلات (لا أعرف ماذا) وكأنهم ليسوا في عرفات!

وظل واعظ الحملة يصرخ فيهم: يا ناس: أروا الله من أنفسكم خيرًا.. هذا يوم العتق من النار.. هذا وقت يحسُن فيه أن يخلو كل منكم يناجي ربه، يدعو بدعوتين من قلبه، ويستغفر من ذنبه، ويذرف دمعتين تحميان جسده من النار.

لكن عباد الله الكرام (ودن من طين.. وودن من عجين) تركوا الشيخ ينشق حلقه من الرجاء، وكأنهم لا يسمعونه.. وواصلوا معزوفات الشخير، والثرثرة، والنفخ، وشكوى سوء الحال.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..

والأنكى أن بعض حجاج الـ (فل أوتوماتيك) هؤلاء - ودون أي داعٍ - خرجوا من عرفات قبل المغرب، وركبوا الأتوبيسات المنتظرة خارج حدود عرفة "وراسهم وألف بتاعة" ألا يغادروا الأتوبيسات، لأنهم قد استراحوا في الكراسي، وليسوا مستعدين لترك أماكنهم لغيرهم (ومش مهم الحج)، والشيخ يصرخ فيهم: "يا ناس.. يا حجاج: لا تغادروا عرفات قبل دخول وقت المغرب، يا حجاج.. يا مسلمون".. ومرة ثانية (ودن من طين.. وودن من عجين)!

الحج السوبر سونيك! إن الترف يفقد الناس كثيرًا من حلاوة العبادة، ويميت في قلوبهم روح الحرص عليها، وإن التجار باتوا يتفننون في أنواع من الإعلانات عن الحج عجيبة: الحج السريع/ الحج السوبر/ الحج السوبر سونيك/ الرويال..

وأخشى أن يعلنوا في السنين القادمة عن استراحات فضائية مكيفة فوق فضاء عرفات، يستريح فيها الحجاج "الحيتان" مساء 9 ذي الحجة، وعن الطواف بحوامة بنتلي أو رولز رويس، هربـًا من الزحام، والسعي جلوسًا على كراسي لويس التاسع عشر، على سير أوتوماتيكي بحلقات ستانلسستيل، أو ذهب 24 بتاع، يدور حول الكعبة.. وعن رمي الجمار من الخيمة، بآلات خاصة "تُنَشِّنُ" على الجمرات من بعد عشرة كيلو مترات، مع توفير جوّ شاعري يناسب "رحلة الحج" وتقديم وجبات غذائية عالمية، وخدّامين يروّحون بمراوح ريش النعام على "سي الحاج" موديل سنة 2025 م. واللي يعيش ياما يشوف!

زغروطة حلوة: النداءات الجاهلة، والبدعية، والغريبة، ظاهرة شائعة أثناء الحج، ومن أشنع ما يمكن أن يصل إلى مسامعك في هذا المكان المقدس - قرب الكعبة المشرفة - الزغاريد التي تلعلع فجأة في الزحام، يتفجر بها حلق امرأة من العاميات، تعبيرًا عن فرحتها ودهشتها برؤيتها لبيت الله الحرام!

وكل عام وأنتم بخير وتقبل الله منا ومنكم .

albasuni@hotmail.com

من يسيء للإسلام؟

من يسيء للإسلام؟



نجلاء محفوظ | 01-11-2011 01:20

أشتعل غضبا كلما سمعت كلمة الإساءة للاسلام أو تشويه صورته، وأتمنى لو تمكنت من سحق رأس من يقولها ووضع رمادها في المكان الذي يستحقه إذا كان كارها للإسلام ومغرضا أو منافقا.

وإذا كان من الإسلاميين فإنني أتمنى لو قابلته وطالبته بكل الود والاحترام أن يمحو هذه الكلمات من قاموسه للأبد، فالإسلام أعز وأغلى من أن تمر به أية إساءة لا أن تفكر بالالتصاق به.

ودائما أرفض أن يضعنا خصوم ديننا في موقف الدفاع، فالفريق الذي ينزل الملعب ليدافع يخسر دائما، والهجوم دائما أفضل وسيلة للدفاع..

لذا أتساءل بكل الثقة لماذا لم نسمع صوتا يقول بأن التاريخ المهين للحروب الصليبية إساءة للمسيحية،

ولماذا لم نسمع صوتا "واحدا" يدين بذاءات زكريا بطرس وقناة الحياة ومواقع كثيرة لأقباط المهجر وغيرهم والكثير من الفيديوهات المنتشرة على اليوتيوب بأنها تسيئ للمسيحية التي تنادي بأن الله محبة وأحبوا أعدائكم وباركوا لاعنيكم..

بل ولماذا لم نسمع صوتا أو "همسا" بالإساءة للمسيحية عندما انفجر الحقد الصليبي ضد أسامة بن لادن ونرجو أن يكون شهيدا، وقاموا بإلقائه في البحر، حتى لا يكون مزارا بعد وفاته و يقررون "حرمان" محبيه من زيارته ويصادرون رغبة المسلمين في الاحتفاظ بمكانته، سواء كان هناك إتفاق أو إختلاف معه فلا يوجد شك في نزاهته، ولا نزكي على الرحمن أحدا بالطبع.

كما بالغوا بالاستخفاف بالمسلمين بالقول إنهم قاموا بتغسيله وفقا للشريعة الاسلامية وتناسو أن الشهيد لا يكفن، وأننا لا نلقي بموتانا في البحر.

لم نسمع صوتا واحدا يدين المسيحية ومن جرؤ بالإدانة"الخافتة" قال إنها ضد الإنسانية!!

لم نسمع صوتا واحدا يدين قتل متعصب مسيحي لمروة الشربيني لتمسكها بالحجاب، وسمعنا صراخات وبذاءات تنال من الإسلام تارة بسبب حرق كنيسة، وتتناسوا أن حرمة دم السملم أشد عند الجبار من هدم الكعبة، فلم نسمع إدانتهم لمقتل سلوى وأسرتها على يد اخوتها المسيحيين ولم نسمعهم يقولون إن هذا تشويها لسماحة المسيحية، ولم نسمع أصواتهم تلصق التشوية بالمسيحية للبذاءات التي سمعتها بنفسي عند اعتصام ماسبيرو ولا للمضايقات التي تحدث عنها مدير أمن التليفزيون المصري "للنساء" والتي جعلته عندئذ يقرر خفض العمالة إلى 25% لتقليل "المضايقات" !!



لم نسمع أن هذه المضايقات تسيء لروح المسيحية ولجوهرها وتصد الناس عنها و .. و..

وكل ال....... التي يقذفونها بوجوهنا.

لم نسمع أصواتهم ال........ عندما تحدى البابا شنودة القضاء ووقف ومعه أعضاء المجلس الملي يعترضون على حكم القضاء المصري بإباحة الطلاق ولم يتهمه أحد بالتعصب الذي يشوه سماحة ديانته أو بتحدى الدولة المدنية التي صدعوا روؤسنا بها.

ودائما يتضح أن الاسلام هو المستهدف من الكارهين له، وأن الإسلاميين يجب أن يكونوا أكثر يقظة وألا يستخدموا مفرداتهم الكريهة وألا تكون أبدا أداة من أدواتهم ال..... التي نتطهر دائما من الاقتراب منها ولنتنفس العزة بإسلامنا ولنبتسم و نهتف بعقولنا وبأرواحنا وقلوبنا وبدمائنا: أرفع رأسك قوف أنت مسلم.

ولنرفض "كذبهم"بأن قطع أذن ديمتري إساءة للإسلام وهو ما يثبت جهلهم فلا يوجد بالإسلام حد قطع الأذن وإنما هو عرف بالصعيد لمن يقوم بأعمال منافية للشرف ولنتوقف عند عدم "تلميحهم"بأن قيام ديمتري بأعمال منافية للأداب ليس إساءة للمسيحية .

ولصراخهم بأن إقامة الحدود بشع ومسئ لسماحة الاسلام، والحجاب والنقاب إهانة لشخصية المرأة وإساءة لصورة الاسلام بينما صرح وزير العدل البريطاني بضرورة التوقف عن العنف ضد المرأة التي تمتهن الدعارة والقول بأنها تقدم خدمات جنسية ويا له من تكريم للمرأة!!

وكما قال البعض الراهبة رمز للفضيلة والمحجبة رمز للتخلف فأين العدل بل وأين حرية الانسان في اختيار ملبسه رجلا كان أو إمرأة؟!



وعندما قال بوش إنه ينفذ نداء الرب لم يعترض أحد وهو المعروف بإدمان الخموروعندما قال إنه يشن الحروب الصليبية تجاهلوا كلامه وقالوا فلتة لسان وتناسوا أن فلتات اللسان تعبر عما يخفيه الانسان ولم يتباكوا على المسيحية وما لحقها من أذى بسبب كلامه وأفعاله المشينة..



فإذا قال لك أحدهم ما يغضبك من الحجاب رد بأن أمك وأختك غاليتان وليس كما قال علماني على اليوتيوب: أحب أن يبدو جمال جسد أمي وأختى..

وإذا قال لك أحد دينك لا يحترم العقل قل :ديننا يجزينا على الاجتهاد الخاطئ كما نفوز بثواب الاجتهاد الصائب مضاعفا وديننا يطالبنا بالتفكر وبالتدبر وبالتعقل ،ولا يوجد لدينا من يمتلك مفاتيح العفو أو الجنة إلا الخالق سبحانه وتعالى فهل هناك احترام للعقل وللإنسان أكثر من ذلك !!

ونأتي للسؤال الهام: من الذي يشوه الاسلام ومن الذي يسئ إليه؟..

ونرد بسؤال: هل إذا ذهبنا لأعلى جبل بالعالم ثم ألقينا ببعض الحشرات الزاحفة بأسفله، هل "ستنال" منه أم أن أصغر طفل لديه "قدر" من الذكاء سيقوم بسحقها بنعليه، ثم "ينظفه" قبل الدخول لمنزله.

وهو ما يجب علينا فعله والتوقف عن ترديد هذه الجملة البغيضة التي ابتكرها مشوهون عقليا وروحيا وقلبيا..

ولكل مسلم أقول بكل الود والاحترام :دينك شامخ ورائع وإذا حاول أحد قذفك بحجر فرد عليه بجبل المقطم وأخبره بخطاياه..