عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 30 يناير 2012

الإعلام والساقط يرفع إيده

الإعلام والساقط يرفع إيده



نجلاء محفوظ
29-01-2012 15:46

سطر الإعلام المصرى الحكومى وإعلام رجال الأعمال سطورا فريدة بتاريخ الإعلام منذ بداية الكون لنهايته..



فانفرد بكسر القاعدة باستضافة الناجحين ليكونوا "قدوة"وللاستفادة من رؤاهم للمستقبل، ولفظهم وفتح صدوره للراسبين برحابة واتساع وأحضان وترحيب بلاحدود ودشن نظرية إعلامية جديدة: الساقط يرفع إيده ويشوف الشعب عبيده وح ندعم الساقط ونزيده ونعادى الناجح ونكيده ونخلى الساقط سيده..



وانتحب الإعلام بضراوة..



والنحب هو أشد البكاء..



وقيل انتحب أى تنفس شديدا وهو ما رأيناه جميعا من احتقانهم عند حديثهم أثناء الانتخابات وبعدها..



وقيل تناحبوا أى تواعدوا للقتال إلى وقت ما..



استضافت منى الشاذلى محمد أبو حديد الذى حصل حزبه الأحرار المصريين على مقاعد قليلة ليصرخ بصيحات مجلجلة عن صدمته لعدم قيام مجلس الشعب بعمل عرض لكل مرشح لرئاسة البرلمان وقالها بالإنجليزية ليؤكد مجددا أنه ليس من الجهلة والبسطاء وأبدى فزعا مهولا كيف لا يشارك الشعب باختيار رئيس البرلمان..



وتناسى أن التوافق يحدث قبل انعقاد البرلمان والجميع يعرفون بعضهم جيدا ولن يعلموا اتجاهاتهم السياسية فى دقائق..







وظهر بفضائيات يندد بخروج بيان لمجلس الشعب لايتضمن كل ما اقترحته اللجنة التى تركها تعمل وانصرف فى الـ12مساء وظهر البيان الساعة الثالثة فجرا وقال ماعنديش خبرة برلمانية وكنت بخاف أعدى من شارع مجلس الشعب وطالب بأحقيته برئاسة اللجنة التشريعية!!



واستضافت لميس الحديدى نور فرحات وقالت بود بالغ: كان يفترض أن تكون رئيسا لمجلس الشعب وتناست "رسوبه" بالانتخابات وأعطته الفرص الواسعة للهجوم على البرلمان وصرخ: أعضاء "البرلمان" ليس لديهم خبرة سياسية وكأننا مطالبون بانتخاب الفلول "للاستمتاع"بخبراتهم..



وقال الراسب بالانتخابات جورج إسحاق: كل المصريين يمتلكون صوتين صوت انتخابى يستخدمه لاختيار من يمثله داخل البرلمان وآخر احتجاجى للتصدى لأى جهة لا تحقق تطلعات الشعب وطالبنا بقراءة كتاب راشد الفرشى عن الحريات فى الإسلام لتعلم مبادئ الإسلام الصحيح وتعامله مع الأديان الأخرى مطالبًا بالابتعاد عن العنصرية!!



وانتشر عصام سلطان بجولات مكوكية بالفضائيات ليزهو بخطابه لرئيس مجلس الشعب بحسم الشرعية التى ثار حولها جدل كبير خلال عام كامل لتصدر قانوناً من سطر واحد وهى ''ثورة 25 يناير هى أساس الحكم ومصدر الشرعية فى جمهورية مصر العربية وتلتزم كافة مؤسسات وهيئات وأجهزة الدولة بتحقيق أهدافها".



وأثبت سلطان "علمه" الواسع فلا يوجد قانون بالكون يصدر بهذا التعبير الفضفاض ودشن لديمقراطية قام بتفصيلها على مقاس الأقلية..



واحتفلت برامج التوك شو"بالشو" الذى قدمه سلطان بمجلس الشعب أثناء مسرحية ترشحه للرئاسة وقدم نفسه بصورة مسيئة لمن "تفاءل" بانتخابه!!



وهلل رشحت نفسى لأننى لست جبانا"وأهان"المئات الذين لم يترشحوا!!



واعترض الراسبون على توزيع اللجان بمجلس الشعب وذكرونا بالتلميذ الراسب الذى يسارع للمدرس الذى يعطيه الدروس الخصوصية ليشكو له من نجاح زميله الذى ينجح بمجهوده ويتفوق دون الدروس الخصوصية..



ولا يوجد بالعالم نواب يسارعون للفضائيات لينتحبوا هم والمكلمون والمكلومات بالإعلام اعتراضا على قرارات البرلمان واتفق مع من يرون ذلك ميزة ليرى من "تورطوا"بانتخابهم ماذا فعلوا بمصر وليحرموهم من الاقتراب من شارع مجلس الشعب مستقبلا..



ومن سوء الأدب إدعاءالراسبين وحلفائهم بالإعلام أنهم وحدهم لديهم الكفاءة لرئاسة اللجان، بينما الأغلبية تفتقر للكفاءة فالشعب جاهل واختار عديمى الكفاءة وترك الراسبين "العباقرة".







واحتفل الراسبون وحلفاؤهم بالإعلام برأس السنة بالتحرير وصرخوا وارتدت مكلومات الإعلام السواد بالعيد الأول للثورة حزنًا على الشهداء!!



ونهديهم تصريح أحدهم مأمون فندى: بعد عام كامل على الثورة، مازال نصابو الإعلام، كما هم فى أماكنهم.



ورغم سخريتهم من البسطاء لكنهم يطبقون المثل"الشعبى": الغجرية ست جيرانها..



الثلاثاء، 24 يناير 2012

الثورة والعنصرية

الثورة والعنصرية



نجلاء محفوظ
22-01-2012 14:38


يفخر المصريون بوجود الهرم الأكبر بالجيزة ومنارة الإسكندرية وهما من عجائب الدنيا السبع بمصر..



وأضاف عباقرة الاستخفاف بالمصريين عجيبة ثالثة "ينفرد" بها المصريون عبر الكون..



فأى ثورة بالعالم تقوم لترسيخ الكرامة والمساواة بين المواطنين وأضاف "سماسرة" الثورة وأبواقها الصاخبة بعدًا عنصريًا وتغافلوا أن العنصرية كريهة والثورة نقية..



تتخذ العنصرية موقفا سلبيا ظالما تجاه إنسان آخر لانتمائه لجماعة معينة.



ويفضل العنصرى عنصره على غيره من عناصر البشر ويتعصب له، وإبليس اللعين أول عنصرى لقوله: "َأنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين".ٍ



وتتناقض العنصرية مع المواطنة حيث كافة أبناء الشعب سواسية بدون أدنى تمييز وفقا للدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادى أو الانتماء السياسى والموقف الفكرى..



وعار على من يصرخون مطالبين بالمواطنة أن "يجهلوا" ألف باء عدالة إنسانية "ويتطاولون" على الشعب المصرى لأنه "تجرأ" وخالف رغباتهم ومارس إرادته الحرة رغم "التجييش" الإعلامى غير المسبوق قبل التعديلات الدستورية وللآن وقد علمت من مصدر موثوق أن د. الجمل كان واثقا من فوز فريق لا للتعديلات وأعد الإعلان الدستورى وفقًا لذلك "وصدم" واضطر لتغييره..



وسارعت أبواقهم بوصف الشعب بالجهل والغباء وأنه "عبيط وبينضحك عليه"!!



وصرخ عبد الحليم قنديل: التصويت للتيار الدينى حول المجتمع لغبار بشرى!!



وكشفوا أنفسهم: الشعب ليس جاهزا للديمقراطية واتضح أنهم مثل المخلوع وعمر سليمان..



ونتوقف مع دعاية الكتلة الوطنية: هل يوجد عاقل لا ينتخب الكتلة؟؟؟ ألا تعرف أن من مؤسسيها الدكتور العظيم محمد غنيم والدكتور الجليل مجدى يعقوب والعالم الكبير فاروق الباز والدكتور العظيم محمد أبو الغار..



ويردد أنصار البرادعى أنه خسارة فى المصريين وأنه أعظم من أن يحكمنا ولا نرضى له بالخسارة، لذا لن ننتخبه إذا تفضل بالعودة للترشح..



وأبدى جلال أمين انزعاجه البالغ من عدم تدخل السلطة بعمل اللازم لمنع هذا السخف وشبه انتصار الإسلاميين بالنكسة.



ويسخرون ممن يلفظهم بوصفه بحزب الكنبة ويسبون البسطاء فليس لديهم وعى ولا يستطيعون الاختيار وقامت الثورة لإنصاف الشعب من سيطرة اللصوص وليس لإهانته، ويتجاهلون أن أرقى منطقة بمصر هى التى انتخبت الفلول بمصر جديدة سواء من كان بالحزب الوطنى أو عمرو حمزاوى الذى كان يقدم نفسه قبل الثورة كبيرا للباحثين بمعهد كارينجى الأمريكى، وبعد الثورة يتحدث كأستاذ بالجامعة المصرية ولا عزاء للوعى..



وأفاضت أهداف سويف الكاتبة وخالة علاء عبد الفتاح بذكر تواضعه مع البسطاء وعدم تعاليه عليهم رغم مستواه الأفضل!!



وقال منصور حسن السياسة بالنسبة للشعب كلام فارغ، فالشعب عايز ياكل عيش ويلاقى أنبوبة!!



وصرخت هبة زوجة طارق المتهم بمنع المطافئ من إطفاء المجمع العلمى: أنا محترمة وباشتغل بوظيفة مرموقة وزوجى كذلك "وازاى" يتكلموا علينا وكان نصف حديثها بالإنجليزية لإثبات تميزها عن البسطاء وردت المؤدبة ريم ماجد: كلامك وصل والناس اللى عندها دم اتعاطفت معاكى!!



وقال عضو بائتلاف الثورة الثوار ليسوا بلطجية إحنا مؤهلات عليا ونعرف أساتذة بالجامعة وبلطجية بلجنة سياسات الوطنى، فضلا عن بلطجية الإعلام..



وكثير من العنصريين لولا مجانية التعليم لم يكن لهم "رفاهية" الحلم بالتعليم والفقر ليس عيبًا، ولكن العار لمن يتبرأ من أهله ويصفهم بالجهل ليذيب إحساسه بالنقص ولكنه لا يتبخر بل "يبتلعه"ويبدو واضحا للجميع وووحده لا يراه..



وينطبق عليهم القول "البديع" حـيـن يصفك شـخــص بـكــلام لا يـلــيــق بــك فـلا تـغـضــب وابتــسـم لأنــه وفــر عـلـيـك اكتـشــاف ما كان يخفيه".



ونؤكد للمصريين ما قاله غاندى:



فى البداية سيتجاهلونك...



ثم سيسخرون منك...



وبعدها سيحاربونك...



وفى النهاية... ستنتصر.









السبت، 21 يناير 2012

أين الحرية يا بلد الحريات؟

أين الحرية يا بلد الحريات؟





كتب : أحمد صبرى عنتر

هند أحماس.. مواطنه مسلمة من أصل مغربى مقيمه فى فرنسا بلد الحريات المزعومة، أرادت أن تعيش بكامل حريتها ولكن تأبى العنصرية ذلك، أرادت أن تحصل على حقوقها باعتبارها مواطنة من الدرجة الأولى، ولكن تقف العنصرية حائلا بينه وبين حريتها، دائما ما نسمع أن فرنسا هى دولة الحرية والمواطنة والانفتاح وبلد الثقافات واحترام الآخر، ولكن ما نراه الآن هى قمة العنصرية والكراهية تجاه الآخر وخصوصا الإسلام، فرنسا تشن هجمة شرسة ضد الإسلام وليس النقاب فقط، حينما تمنع مواطنة مسلمة تعيش على أرضها من ارتداء النقاب وتوجه لها حكم بالسجن سنتين، لأنها ارتدت النقاب فى الأماكن العامة ومارست حريتها، ومن المعلوم أن فرنسا وبعض الدول الأوروبية يفرضون حظرا على ارتداء النقاب لأن ذلك يخالف العلمانية.



ويخالف تقاليد بلادهم، وفى المقابل حينما تعترض بعض الدول العربية على بعض مواطنيها لعدم الاحتشام أو الخروج بملابس عارية نجد أن هذه الدول الذى تفرض حظرا على ارتداء النقاب، تقوم وتقعد وتشن هجوم شرس، لأننا اعترضنا على الملابس العارية، ويقولون هذا قمة التخلف والرجعية وتضيق للحريات الشخصية هكذا يفعلون، أما فى بلادهم يسجنون.



كل مسلمة أرادت أن ترتدى النقاب ويفرضون عليها غرامات مالية، أليس هذا تضييقا على الحريات الشخصية وعنصرية تجاه المسلمين، هل لو ارتدت يهودية النقاب ستفرض فرنسا حظر عليها؟ بالتأكيد لا.. لأن هذه العنصرية تجاه الإسلام فقط، هذه الكراهية تجاه الإسلام فقط.



النقاب ليس هو كل الإسلام ولكن يمثل ويمس الإسلام لذلك هم يشنون هذه الهجمات الشرسة على النقاب وعلى كل مسلمة ترتديه.. أين العلمانيين والليبراليين الذين يدعون الحرية؟

أليست هذه حرية؟؟









ليبراليون من منازلهم!

ليبراليون من منازلهم!

عمرو حمزاوي يكتب :

يبدو أن قدر الليبرالية في مصر أن لا تعاني فقط من جهل خصومها بها، بل أيضا من جهل كثيرون ممن يتشدقون بها ويدعون الانتساب إليها. فإذا كان الخصوم يرادفون ظلما بين الليبرالية ومعاداة الدين ويتهمون الليبراليين دون وجه حق بالعمل على إخراج الدين من الحياة الخاصة والعامة، فأن متشدقين بالدفاع عن الحريات يرفضون الرأي الآخر ويقصون المختلفين معهم بديكتاتورية وبعنف لفظي وبحقائق مجتزئة ويبتلون الليبرالية من ثم بسلبيات تفض الناس من حولها ولا تجمعهم.



إلا أن أخطر ما في ممارسي الديكتاتورية باسم الليبرالية، والكثير منهم يسكن عالم التويتر والفيسبوك، هو محدودية معرفتهم بالفكرة الليبرالية التي لا يدركون منها ولا من المضامين القانونية والسياسية المرتبطة بتطبيقاتها في المجتمعات المعاصرة إلا القشور.


البعض من محدودي المعرفة هؤلاء أثار ضجيجا لم يهدأ إلى اليوم بعد تأييدي (في برنامج على قناة الناس) لحظر المواقع الإباحية على الانترنت واتهمني بالتخلي عن الليبرالية وقبول تقييد حريات الأفراد حماية لما أسميته الصالح العام صنفني في زمرة المتلونين وممالئي التيارات الدينية. وتمادى فريق في التسفيه والتسطيح بالدفع بأن من يقبل اليوم بحظر المواقع الإباحية سيطالب الغد بإجبار المواطنين على الصلاة وتنظيف الأسنان وممارسة الرياضة حماية أيضا للصالح العام. فريق آخر استدعى، دون معرفة، خبرة المجتمعات الغربية المعاصرة زاعما أنها لا تحظر مواقع على الإطلاق وأن أولى قواعد الليبرالية هي الامتناع عن فرض قيود على حريات الأفراد.


لهؤلاء وللرأي العام أقول أن جوهر الفكرة الليبرالية هو تعظيم الحريات الشخصية والمدنية للفرد وتمكينه من إدارة حياته باستقلالية ودون وصاية. أما في السياق المجتمعي بمجاليه القانوني والسياسي فأن جوهر الفكرة الليبرالية يتطور ليصبح ضمان الحرية والمساواة والعدالة والأمن لكل الأفراد ومن ثم تحقيق الصالح العام. ضرورة المزج بين تعظيم الحريات الفردية وتحقيق الصالح العام تضع المجتمعات الليبرالية دوما في مواجهة تحديات ترتبط بثنائية السماح والمنع وترتب إستجابات متنوعة (ومتغيرة) في المجالين القانوني والسياسي تفرض بعض القيود والضوابط على حريات الفرد وسلوكه الشخصي.


يحظر العدد الأكبر من المجتمعات المعاصرة قانونا التعددية الزوجية (زوجات وأزواج) ويقيد بذلك الحرية الفردية والسلوك الشخصي باسم الصالح العام، تماما كما تقيد حرية الفرد بإجباره على التعلم (التعليم الأساسي) ودفع ضرائب للخزانة العامة وأداء الخدمة العسكرية أو المدنية والحيلولة بينه وبين ممارسة العنف. وفي المجال السياسي، تجرم مجتمعات ليبرالية كثيرة الأفكار العنصرية وخطابات الكراهية والعنف وتترجم هذا التجريم لحظر للوسائط الناقلة لمثل هذه الأفكار والخطابات من صحف ومطبوعات وقنوات تليفزيونية ومواقع إلكترونية.


أما المواقع الإباحية على الانترنت، والتي هاج وماج المتشدقون بالدفاع عن الحرية ما أن أيدت حظرها في مصر، فتخضعها الكثير من المجتمعات الليبرالية لقيود مختلفة تصل للحظر في حالات عدة. على مستوى الاتحاد الأوروبي، تعد لجنة "حريات المواطنين والعدالة والشئون الداخلية" بالبرلمان الأوروبي منذ 2009 تشريعا يلزم جميع دول الاتحاد ال27 بحظر أو حذف المواقع الإباحية التي تستغل النساء القصر أو الأطفال وتتجر بأجسادهم. دون المستوى الأوروبي العام وبالنظر للتشريعات الراهنة، تشترك كل من الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا وإيطاليا وسويسرا بموافقة برلماناتها في مصفاة إلكترونية (child sexual abuse anti distribution filter) تهدف لمواجهة الإستغلال الجنسي للنساء القصر والأطفال بحظر المواقع الإلكترونية التي تروج لها. كذلك تعطي القوانين البريطانية شرعية لمنع نفس المواقع من خلال مصفاة إلكترونية أخرى (content filer system clean feed). وفي ألمانيا، مرر البرلمان في 2009 تشريعا يحظر المواقع هذه بعد مبادرات عديدة من جمعيات حماية النساء والأطفال ثم استبدل التشريع بآخر في 2011 يقضي بحذف المواقع وليس مجرد حظرها.


غير صحيح إذا أن المجتمعات الليبرالية لا تفرض بعض القيود والضوابط على حريات الفرد، ومن العبث مرادفة تأييد حظر مواقع إباحية تتاجر بأجساد النساء القصر والأطفال حماية للفئتين وضمانا للصالح المجتمعي العام بالتخلي عن الليبرالية والتنازل عن الدفاع عن الحرية. الأجدر بطائفة الليبراليين من منازلهم، التي ابتلينا بها في مصر من بين كوارث أخرى، استثمار بعض الوقت في القراءة حول التنزيل القانوني والسياسي للفكرة الليبرالية عساهم يدركون منها ما يتجاوز القشور.


إلا أن حديث القيود والضوابط، والذي لم أكن لأتطرق إليه لولا الضحالة والإسفاف البالغين لليبراليين من منازلهم، ينبغي أن لا يلهينا عن أن المطلوب في مصر المتطلعة اليوم للديمقراطية هو صياغة وتنفيذ أجندة تشريعية ليبرالية تضمن حقوق الإنسان وتعظم الحريات الشخصية والمدنية بعد عقود القمع والاستبداد. أجندة تشريعية تعيد النظر في القوانين المعمول بها في مجالات الطفولة والأمومة والأسرة وحقوق المرأة وضمانات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (من المسكن الآمن والتغذية الجيدة إلى التعليم والرعاية الصحية والمعاشات) والسياسية للمواطن، وكذلك تلك المنظمة للحريات الأساسية (حرية العقيدة وحرية التعبير عن الرأي وحرية البحث العلمي وحرية الفكر والفن والإبداع) والأصل بها جميعا الإطلاق وانتفاء القيود. بالقطع ليس لحظر مواقع إلكترونية (وما كان حديثي عن الأمر إلا في سياق رد على سؤال لمحاور لم أرغب في التهرب منه) أن يشكل أولوية لبرلمان ثورة أرادت الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، بل الأجدر هو التركيز على الحقوق والحريات التي نحتاج للتأسيس لها تشريعيا وسياسيا.




بين المرجو المأمول .. والواقع الممكن

بين المرجو المأمول .. والواقع الممكن
دكتور ياسر برهامي يكتب

الحمد لله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..

فقد أثارت مسألة (التوافق) التي يصر الكثيرون على تسميتها ( التحالف) بين السلفيين وبين الكتل السياسية المخالفة في البرلمان بما في ذلك الليبراليون – قدرًا كبيرًا من الشبهات حول طريقة معالجة السلفيين للمشاكل السياسية ، وأصر البعض على اتهامهم بالتلون والتنازل ؛ لأنهم بالأمس كانوا يرفضون الديمقراطي ، واليوم صاروا على رأس مبادرة التوافق .

والحقيقة أن وضوح السلفيين وثباتهم على مبادئهم ووفائهم بالتزاماتهم صار سمة أساسية لهم ، تكونت عبر سلسلة من الموافق يقر بها المحب والمبغض ، والموافق والمخالف ، لكن المشكلة في عدم فهم البعض – عن قصد أو غير قصد – لقضية الموازنة بين المرجو المأمول الذي يلزم أن يظل أمام أعيننا هدفًا واضحًا مثاليًّا مطلقًا كما جاء به الشرع ، لا نتنازل عنه في خطابنا وبين الواقع الممكن الذي فرض علينا التعامل معه مهما كان ناقصا وصادمًا ومخالفا للرجاء والأمل ، والذي لابد لنا أن نستوعبه ونعامله ، وكما جاء بذلك الشرع أيضًا فإنه (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة : 233] وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16] .

فالسلفيون ليسوا هم الذين قدموا للناس أصحابَ المناهج المخالفة ، ولا زكوا اختيارهم ؛ نصحا للأمة وحذرًا من الغش لها ؛ لأن صلاح الأمة في تقديم من يريد شرع الله ، ويسعى لإقامته ، ولكن قد أفرز توازن القوى داخل المجتمع وخارجه هذا الواقع من خلال الانتخابات ، والتي وإن لم تكن أيضا على المرجو على المرجو المأمول إلا أنها أفضل بكثير من الفوضى والتدمير الذي يريده الأعداء ، كذلك من الاستبداد والقهر الذي كان يمارسه النظام السابق .

فأصبح لزامًا على السلفيين أن يتواصلوا ويتحاوروا مع كل القوى السياسية التي أصبحت شريكة في البرلمان بل وخارجه ، وأصبح البحث عن نقاط الاتفاق التي نجتهد في توسيعها رعاية لمصالح البلاد ونقاط الاختلاف وكيفية معالجتها – أمرًا حتميّا ولازمًا .

وأصبح الوصول إلى جعل قضية مرجعية الشريعة الإسلامية وضبط الحريات بالشرع وثوابت مجتمعنا المسلم من قبل الليبراليين أنفسهم – مكسبًا كبيرًا لا يمكن لأحد أن يزايد عليه ، وقد تم – بحمد الله – ذلك في مبادرة الوفاق ، مع أن صدورها لم ولن يقطع حبل التوافق والتواصل مع إخواننا الإسلاميين الذين يجمعنا معهم قدرًا أكبر من الأهداف والتصورات المشتركة ، وإن وجد الخلاف بأنواعه ؛ السائغ وغير السائغ ، كما هي سنة الله في خلقه (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)[هود : 118 ، 119] .

يبقى أن نضيف أن (التوافق) الذي يختلف كثيرا عن (التحالف) الذي يلزمنا بترك ثوابتنا أو بالتنازل في خطابنا الديني أو السياسي عن عقيدتنا وفهمنا لمنهجنا .

هذا التوافق الذي ضم كثيرًا من الائتلافات والجبهات والكيانات التي لم تجد لها مكانًا تحت قبة البرلمان - قد منع إقصاء هذه القوى وإهمالها ، وبالتالي قد قطع الطريق على ضمها لقوى الفوضى والتخريب التي تحشد حشودها هذه الأيام في محاولة لتمزيق خارطة الطريق ، والقفز على إرادة الأمة ، وتحويل مسار الثورة عن السلمية إلى التدمير وعن بناء مؤسسات الدولة بالتدرج الممكن إلى ما يزعمونه (الشرعية الثورية) التي رفضها الشعب بمشاركته العظيمة في أو انتخابات حقيقية في العصر الحديث ، سيظل التاريخ ذاكرًا للمجلس العسكري أنه هو الذي أدارها بهذه الصورة ولم تحدث سيناريوهات أخرى توقعها البعض.

مازلنا نقول للقوى التي تحاول استغلال ذكرى 25 يناير والجمعة التي تليها لإحداث الفوضى (الخلاقة للخراب) الباب المفتوح أما الانضمام للتوافق وإن اختلفنا ، ولا نسعى ولن نسعى لتهميش أحد يريد خير البلاد ومصلحتها كما رأيتم ، فمدوا أيديكم فأيدينا ممدودة ،وإن أبيتم إلا أن تكونوا أبناء الأعداء ، فالأمة كلها لكم بالمرصاد .

بين المرجو المأمول .. والواقع الممكن

بين المرجو المأمول .. والواقع الممكن
دكتور ياسر برهامي يكتب

الحمد لله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..

فقد أثارت مسألة (التوافق) التي يصر الكثيرون على تسميتها ( التحالف) بين السلفيين وبين الكتل السياسية المخالفة في البرلمان بما في ذلك الليبراليون – قدرًا كبيرًا من الشبهات حول طريقة معالجة السلفيين للمشاكل السياسية ، وأصر البعض على اتهامهم بالتلون والتنازل ؛ لأنهم بالأمس كانوا يرفضون الديمقراطي ، واليوم صاروا على رأس مبادرة التوافق .

والحقيقة أن وضوح السلفيين وثباتهم على مبادئهم ووفائهم بالتزاماتهم صار سمة أساسية لهم ، تكونت عبر سلسلة من الموافق يقر بها المحب والمبغض ، والموافق والمخالف ، لكن المشكلة في عدم فهم البعض – عن قصد أو غير قصد – لقضية الموازنة بين المرجو المأمول الذي يلزم أن يظل أمام أعيننا هدفًا واضحًا مثاليًّا مطلقًا كما جاء به الشرع ، لا نتنازل عنه في خطابنا وبين الواقع الممكن الذي فرض علينا التعامل معه مهما كان ناقصا وصادمًا ومخالفا للرجاء والأمل ، والذي لابد لنا أن نستوعبه ونعامله ، وكما جاء بذلك الشرع أيضًا فإنه (لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة : 233] وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن : 16] .

فالسلفيون ليسوا هم الذين قدموا للناس أصحابَ المناهج المخالفة ، ولا زكوا اختيارهم ؛ نصحا للأمة وحذرًا من الغش لها ؛ لأن صلاح الأمة في تقديم من يريد شرع الله ، ويسعى لإقامته ، ولكن قد أفرز توازن القوى داخل المجتمع وخارجه هذا الواقع من خلال الانتخابات ، والتي وإن لم تكن أيضا على المرجو على المرجو المأمول إلا أنها أفضل بكثير من الفوضى والتدمير الذي يريده الأعداء ، كذلك من الاستبداد والقهر الذي كان يمارسه النظام السابق .

فأصبح لزامًا على السلفيين أن يتواصلوا ويتحاوروا مع كل القوى السياسية التي أصبحت شريكة في البرلمان بل وخارجه ، وأصبح البحث عن نقاط الاتفاق التي نجتهد في توسيعها رعاية لمصالح البلاد ونقاط الاختلاف وكيفية معالجتها – أمرًا حتميّا ولازمًا .

وأصبح الوصول إلى جعل قضية مرجعية الشريعة الإسلامية وضبط الحريات بالشرع وثوابت مجتمعنا المسلم من قبل الليبراليين أنفسهم – مكسبًا كبيرًا لا يمكن لأحد أن يزايد عليه ، وقد تم – بحمد الله – ذلك في مبادرة الوفاق ، مع أن صدورها لم ولن يقطع حبل التوافق والتواصل مع إخواننا الإسلاميين الذين يجمعنا معهم قدرًا أكبر من الأهداف والتصورات المشتركة ، وإن وجد الخلاف بأنواعه ؛ السائغ وغير السائغ ، كما هي سنة الله في خلقه (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)[هود : 118 ، 119] .

يبقى أن نضيف أن (التوافق) الذي يختلف كثيرا عن (التحالف) الذي يلزمنا بترك ثوابتنا أو بالتنازل في خطابنا الديني أو السياسي عن عقيدتنا وفهمنا لمنهجنا .

هذا التوافق الذي ضم كثيرًا من الائتلافات والجبهات والكيانات التي لم تجد لها مكانًا تحت قبة البرلمان - قد منع إقصاء هذه القوى وإهمالها ، وبالتالي قد قطع الطريق على ضمها لقوى الفوضى والتخريب التي تحشد حشودها هذه الأيام في محاولة لتمزيق خارطة الطريق ، والقفز على إرادة الأمة ، وتحويل مسار الثورة عن السلمية إلى التدمير وعن بناء مؤسسات الدولة بالتدرج الممكن إلى ما يزعمونه (الشرعية الثورية) التي رفضها الشعب بمشاركته العظيمة في أو انتخابات حقيقية في العصر الحديث ، سيظل التاريخ ذاكرًا للمجلس العسكري أنه هو الذي أدارها بهذه الصورة ولم تحدث سيناريوهات أخرى توقعها البعض.

مازلنا نقول للقوى التي تحاول استغلال ذكرى 25 يناير والجمعة التي تليها لإحداث الفوضى (الخلاقة للخراب) الباب المفتوح أما الانضمام للتوافق وإن اختلفنا ، ولا نسعى ولن نسعى لتهميش أحد يريد خير البلاد ومصلحتها كما رأيتم ، فمدوا أيديكم فأيدينا ممدودة ،وإن أبيتم إلا أن تكونوا أبناء الأعداء ، فالأمة كلها لكم بالمرصاد .

ماذا سيعمل هؤلاء لو استقرت مصر؟

ماذا سيعمل هؤلاء لو استقرت مصر؟
صــلاح الإمــام


ثمة سؤال بديهى غاب عن الكثيرين، وهو: ماذا سيعمل النشطاء والحقوقيون والغالبية العظمى من الإعلاميين فى الفضائيات التى ظهرت بعد الثورة وعدد من التى كانت موجودة قبل الثورة؟ .. وماذا سيعمل أعضاء الائتلافات التى باتت فوق الحصر إذا حل الاستقرار والهدوء فى مصر؟.

أعضاء هذه الحركات والمراكز والجمعيات والائتلافات يعملون الآن فى الشوارع والميادين، يصنعون الأحداث، ومنتجهم الوحيد هو إثارة القلاقل والمشاكل مع السلطة الحاكمة، المقر الرئيسى لعملهم هو "الشارع" أثناء النهار، واستديوهات الفضائيات فى فترة المساء والسهرة، فهم تارة يطالبون بتعويضات للمصابين والشهداء، فإذا دُفعت يطالبون بالقصاص، وإذا قدم المتهمون للمحاكمة لا يعترفون لا بأسلوب المحاكمة ولا بقرارات المحكمة، فإذا تم الاستجابة لهم يتجهون إلى مربع آخر ويثيرون مشكلة جديدة، فإذا سدت أمامهم كل الطرق لا يجدون من مشكلة سوى المطالبة بتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة، فإذا صدمتهم الحقيقة بأن تسليم السلطة يسير طبقا للجدول المتفق عليه يهتفون: "يسقط حكم العسكر"، فإذا أهملهم الإعلام لساعات دون أن يتكلم عنهم يعمدون إلى اختلاق صدام مع الجيش أو الشرطة، وتدور معركة حامية الوطيس، يسقط فيها ضحايا كثيرون بين قتيل وجريح، وينطلق رصاص من مسدسات كاتمة للصوت محمولة فى طيات ملابس بعض المتظاهرين، وفى هذه الحالة يعود هؤلاء إلى بضاعتهم الرائجة التى يسوقها الإعلام، فنرى نفس الوجوه الكالحة القبيحة تشتم وتفترى وتنتقد دون أن يقدر أحدهم على طرح برنامج متكامل لحل ما يراه مشكلة كارثية!!.

كان نجاح انتخابات مجلس الشعب بهذه الصورة التى أبهرت العالم أمرا مقلقا لمن لا يريدون الخير لهذه البلد، الذين ينفقون المليارات على صناعة الفوضى تمهيدا لتقسيمها وإزالتها من على الخريطة ككيان موحد قديم قدم الزمن، هؤلاء يدفعون بسخاء على عملائهم فى مقابل أن تستمر حالة الفوضى فى تصاعد مستمر، وما يتقاضاه العملاء مرهون ببقاء واستمرار الفوضى، فإذا استقرت الأمور فى مصر، ماذا سيكون عمل هؤلاء؟؟ لن تأتيهم الأموال والمساعدات، ولن تدعوهم الفضائيات، وسيتحولون بين ليلة وضحاها إلى مجرد نكرات، بل قد تلاحقهم يد العدالة لمحاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم فى حق هذا البلد تصل إلى حد الخيانة العظمى.

الحقوقيون كانت بضاعتهم الوحيدة قبل الثورة هى إثارة الفتن الطائفية، فاذا تشاجر مواطن مع بائع جرجير فى سوق الخضار وتصادف أن يكون أحدهما مسلمًا والآخر مسيحيًا، يهب هؤلاء الأشاوس فى الفضائيات (العميلة) ينشرون دعاواهم الكاذبة عن وجود تمييز، وعن ما صدعونا به من تعسف الدولة فى بناء الكنائس رغم أن الحقائق التى تكشفت بعد الثورة دحضت كل هذه الدعاوى، واتضح أن أكثر من 3000 كنيسة بنيت فى عهد مبارك والغالبية العظمى منها بدون أية تصاريح، ومع ذلك كان هؤلاء الحقوقيون يصرون على أن هناك تمييزا بين هذا وذاك، من خلال إعلام عميل ومشبوه شريك لهم فى هذه المخططات باعتبار أنه يقتسم معهم التمويلات الأجنبية، وبعد الثورة دخل الساحة من تسموا بالنشطاء والثوار، وبجانبهم وقف الحقوقيون الممولون من الغرب الاستعمارى البغيض، ومن فوقهم شكل الإعلام مظلة تكفل لهم الحماية الكاملة، بحيث يقلبون الدنيا ضجيجا إذا طالت يد العدالة أحدهم لمساءلته طبقا للقانون، والنتيجة أن تمادى هؤلاء حتى توحشوا، وظنوا أن ما يقومون به من اعتصامات تتعطل فيها المصالح وتشل فيها حركة المرور، تصوروا أن هذه الأمور حقًا مكتسباً لهم، فيظهر تجار حقوق الإنسان فى الفضائيات ينثرون العبارات البليغة الرنانة وكأنهم فى ساحات المحاكم يدافعون بشدة عن هؤلاء، ويكيلون عبارات الإطراء والتعظيم لهم، ثم يرسلون الفاتورة إلى من يمدهم بالمال فى بلاد الطاغوت.

لو استقرت مصر لن يجد الذين هم فى التحرير عملا يرتزقون منه، وستهجرهم كاميرات الفضائيات، ولذلك فهم ناقمون على مسيرة نقل السلطة التى تتم بشكل أكثر من رائع، وبداخلهم حالة حقد وغل قد تدفعهم لارتكاب أفعال جنونية، فكيف وهم اليوم يعيشون فى ترف ورخاء، ولهم حيثية وكينونة، وباتوا نجوما، ويتكلمون الكلمة فتتناقلها كل وسائل الإعلام داخل وخارج مصر .. كيف فى لحظة يفقدون كل هذا ويعودون إلى حالتهم الأولى يقتسمون تدخين سيجارة، ويقتسمون كوب الشاى على قهوة المعلم حُكشة وغيرها!! ..

من أجل ذلك لن يقبل هؤلاء بخيار العودة بسهولة، وقد لا يكون ثمة طريق لعودتهم إلى جحورهم إلا على أجسادهم .. ولمصر رب يحميها، ثم لمصر شعب عظيم يرفض أن تخترق مصر إلا على جثامينه أيضًا.

salahelemam@hotmail.com

أخيرًا يا أزهر؟ أخيرًا يا طيب!؟

أخيرًا يا أزهر؟ أخيرًا يا طيب!؟
عبد السلام البسيوني

عقود عدة مرت بى وحلقى مر، يغص بعلقمه، ويشرق بصابه!

طوالها والله كنت يائسًا، كسير النفس وأنا أرى الأزهر فى ضعف واستخذاء كاسرين، ورأس الكنيسة بحريةٍ يلقى أوامره، مهددًا (أكبر راس) فى مصر، فيستجيب لأوامره، ويُقضى الأمرُ فى غياب تيم، الذين لا يُستأمرون شهودًا أو غيابًا، وتُبرم تحت عيونهم اتفاقات العار الفائحة، وصفقات اللصوصية الفاضحة، وتُلقى الأوامر ليرد ممثلو (أكبر مرجعية سنية فى العالم) للحكومة: تحت أمرك يا فندم! حتى لو استباحت هذه الحكومة الحرام، ولو فتحت الأبواب لسبابى الدين والإسماعيلية البهرة والشيعة والبهائيين واليهود، أو احتفلت مع الصهيونى مصبوغ الكفين بدم المصريين والفلسطينيين بولى يهوه الصالح الحاخام أبى حصيرة (!) فى قلب دلتا مصر!

كم كنت يائسًا والله، وكم كانت نفسى كسيرة وآمالى حسيرة وأنا أرى الإسلام ورموزه يشوَّهون ويهانون باسم الفن والإبداع، والأزهرى والمتدين يقدمان فى صورة زرية غبية، يجترئ عليهما جهلةٌ منبتو الصلة بعقيدة الأمة وثقافتها ودينها، ليضربوهما بـوقاحاتهم فى مقتل!

كم كنت يائسًا والله، وكم كانت نفسى منكسرة حين كان رموز الأزهر يجارون الحكومة فى منهجها الأثيم الذى تتبناه لتجفيف المنابع، وتفريخ أعجاز نخل منقعر، من الضعاف الذين برَّحت بهم زمانة الجهل بالعلم الشرعى، والعِنة اللغوية الفاضحة، وعقم الرؤية الحضارية، والواقعية، والمجتمعية، والدعوية، ثم (يكملون جميلهم) بإلغاء الكتب التقليدية، واختصار سنى الدراسة، ويضعون المناهج (على كيف فضيلته) ولو استطاع وضع اسمه على مناهج الرياضيات والعلوم واللغات، ليفرخ الأزهر أزهريًّا عييًّا، لا يحفظ جزءًا من القرآن الكريم، ولا عشرة أحاديث صحاح، ويهرب جهده من حقل الدعوة، واعتلاء المنبر، والقيام بواجب البلاغ!

وكم رأيت أساتذة يحملون لقب (أ.د.) يصلحون على الأكثر للتدريس فى معهد إعدادى، رغم أننى أذكر أساتذة فى معاهد إعدادية كانوا أقوى من أساتذة يحملون (أ.د.)!

ورأيت أزهريين يعانون الحصر والعى حين يلقون درسًا فى مسجد، وينقطعون فى محاضرة، ويدغدغون فى أفضل الأحوال مشاعر العامة بأحاديث واهية، وأفكار عجيبة باسم ترقيق القلوب واجتذاب الناس، ليعطوا المتربصين بالإسلام شواهد لا تنتهى، لا عن ضعفهم وعجزهم، بل عن عجز الإسلام، أو - على الأقل - المرجعية السنية عن امتلاك القلوب!

كم كنت يائسًا والله، وكم كانت نفسى منكسرة حين أرى (أولاد الرفضة) يتجاسرون على سب كرام صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم جهرة، وحين أرى حاخامات اليهود يتطاولون، و(بعض) رجال الكنيسة الأقوى فى مصر (يشوطون) لا يبالون بإنكار منكر، أو احتجاج محتج!

كم كنت يائسًا والله، وكم كانت نفسى مهيضة فى السبعينيات الماضية حين رأيت الشباب المصرى التائه يفتش عن مرجعية يفىء إلى ظلها فلا يثق بالأزهريين، فيبحث عن مرجعية هنا وهناك، أو يصير هو مرجعية نفسه، ليظهر نبات خبيث نكد، ثماره الغلو والعنف والجهامة.. وحين زرَع الأمن فى بلدنا تيارات بعدد شعر الرأس، بعضها تاه فى بحار الخرافة، وبعضها خبط فى ظلمات العنف، وبعضها ترك التدين كله، وبعضها كوّن بثورًا دميمة فى وجه مصر، التى ارتفعت فيها أسماء علماء من السعودية والمغرب والعراق والشام، واختفى أثر علماء البلد؛ إلا من كان منتميًا لعمل إسلامى، ونشاط فى غير الأزهر!

كم كنت يائسًا والله، وكم كانت نفسى منكسرة، وكم فزعت وغضبت حين رصدت موقف الأزهر أول الثورة، وصمته المريب، ثم نطقه المحبِط المغضِب المَعيب، حتى غضبت وتكلمت بكثير من الوجع عنه أثناء الثورة..

ثم إذا بعناوين وتصريحات يومية تقريبًا تتسلل إلى عينى، وبالتدريج: شيخ الأزهر لشباب الثورة: التاريخ سيكتب أنكم أنقذتم مصر أو سلمتموها للفوضى/ شيخ الأزهر يهاجم القرآنيين ويدافع عن السنة النبوية/ الأزهر يستنكر تبول جنود أمريكيين على جثث أفغان/ مرشحو الرئاسة يؤيدون مبادرة الأزهر لتسليم السلطة للمدنيين/ بدء مؤتمر مشيخة الأزهر لاستعادة روح يناير/ الطيب يبحث ترتيبات إنشاء قناة فضائية تحمل اسم الأزهر/ الأزهر يعلن استعداده لرعاية المصالحة الصومالية/ وفد من علماء كردستان العراق يزور جامعة الأزهر/ كليات الأزهر العلمية "مسخ" لا تخرج داعية ولا طبيبًا/ شيخ الأزهر يحذر من مخططات أجنبية لضرب مصر/ الأزهر يدعو لانتخاب الأقدر على خدمة البلاد/ الطيب: لن نسمح باصطناع نزعات التشيع لتغطية الأهداف الطائفية والتوسعات الإقليمية، ونقيب الأشراف يتبرأ من الشيعة المنتسبين للنقابة/ الأزهر يعد وثيقة حاكمة جديدة حول الحقوق والحريات فى العالم العربي/ شيخ الأزهر يجرى اتصالات مكثفة بقيادات العسكرى لإنهاء الأزمة ويطالب بوقف العنف فورًا ضد المتظاهرين/ مسيرة من أئمة وشيوخ الأزهر تصنع درعًا بشريًّا بين المتظاهرين وقوات الأمن بالقرب من وزارة الداخلية/ شيخ الأزهر يحذر من مخططات تهويد القدس واستمرار الاستيطان/ الأزهر يعد وثيقة للدفاع عن القدس/ اتصالات مكثفة بين شيخ الأزهر ووزير الأوقاف لمواجهة التنصير فى المناطق الفقيرة/ استمرارًا للتوتر منذ دعوته لحماية دولية للأقباط: شيخ الأزهر يرفض تهنئة بابا الفاتيكان بعيد الأضحى/ شيخ الأزهر: من غير المعقول تطبيق قانون موحد! ولا يجوز أن يكون إمام كل مسجد كنيسة حتى نقول إن هناك مساواة بين المسلمين والأقباط/ شيخ الأزهر خلال استقباله نائب رئيس الوزراء البريطاني: نرفض المساعدات المشروطة من أى طرف كان، ومصر لا تعرف الصدام الطائفى!

معقول؟ هل صار الأزهر يتكلم فى كل القضايا؟ رفض مساعدات، ومواجهة تنصير، وتحذير من تهويد القدس، ووقف العنف ضد المتظاهرين؟ هل هذا الأزهر الذى عرفته!؟

معقول؟ نرفض تشييع مصر، ونرعى المصالحة الصومالية، مبادرة حضارية لدعم حرية العبادة، والتعبير والبحث العلمى والفن، ورفض لسلوك الأمريكان، وثيقة حول مستقبل مصر، وواحد من شيوخ الأزهر يهاجم مناهجه؟ هل هذا الأزهر!؟

هل أنا فى حلم، أم إن (تحت القبة شيخ) والأمور ستتغير، والقلعة تستعيد شموخها وتأثيرها ومهابتها وأصالتها وميراثها التليد!؟

يا رب لا تجعله سحابًا جهامًا، ولا سيفًا كهامًا، ولا سرابًا خادعًا، وانفخ فيه من روحك، وأعد لشيوخه وخريجيه العلم والخير والبركة والأثر والشموخ والمهابة.

اللهم واجعل أساتذته – وأساتذة التعليم المصرى كله - سمانًا لا عن ورم، كبارًا لا عن ادعاء، منيرين لا عن تشبع بما لم يعطوا!

اللهم وفقهم لمزج الدين بالعلم، والعلم بالسلوك، والسلوك باليقظة، واليقظة بالسماحة، والسماحة بالحزم، والحزم بالموازنة وطُهر البصيرة!

اللهم ووفقه ليقود – بحق – مصر فى هذه المرحلة الحرجة التى تموج بالفتن، والمؤامرات، وارتفاع رءوس الأعداء، واستقواء المنافقين بالخارج، وانتفاش البلطجية واللصوص والهجامين، وحرص كثيرين ألا ترفع مصر رأسها، ولا تستعيد دورها، وألا يسوسها دينها، ولا يعز أهلها!

اللهم واجعله شيخًا لكل المصريين لا لفريق واحد، أو منهج فرد.

اللهم ونجها من الخرافة والخرافيين، والعنف والعنيفين، والتربص والمتربصين، والتآمر والمتآمرين، واقدر لها اللهم أمر رشد، واجعل يومها خيرًا من أمسها، وغدها خيرًا من يومها.. وبركاتك يا طيب!

aalbasuni@hotmail.com

الجمعة، 20 يناير 2012

التعداد الطائفى!(2-2)

التعداد الطائفى!(2-2)
د. حلمى محمد القاعود

فى واشنطن تحدث مسئول مصرى على عهد السادات عن عدد النصارى وذكر رقمًا أقل مما تلهج به ألسنة المسئولين الكنسيّين ، ولكن ذلك لم يعجب رئيس الكنيسة الذى ذكر رقما أكبر ، ولم يغفر للمسئول المصرى ما قاله !

اختلفت الأرقام من مسئول كنسى إلى آخر ، وردد الكتاب والصحفيون الماركسيون الحكوميون والموالون للكنيسة الأرقام التى يرددها الكهنة وقادة التمرد وخونة المهجر فى تصريحاتهم ومقالاتهم ، وتراوحت تقديراتهم بين ثمانية ملايين إلى خمسة وعشرين مليونا ، ورتب بعضهم على ذلك مطالب بالمشاركة فى السلطة بثلث الوزراء وثلث المحافظين والثلث فى بقية المناصب المدنية والعسكرية بالدولة .

الحكومة المصرية رأت من جانبها أن تغلق الحديث عن عدد النصارى كى لا تدخل فى جدل مع هذا الطرف أو ذاك ، وصار العدد سرًا من الأسرار العليا ، وبعد التعداد العام الذى يجرى كل فترة يعلن الجهاز المركزى للمحاسبات بيانات الدولة فى شتى المرافق والقضايا دون أن يعلن عدد الطائفة !

كانت جهات أجنبية ذات مصداقية فى المجال البحثى قد أعلنت عن عدد الطائفة بما يخالف ما تردده ألسنة الناطقين باسم الكنيسة ، وقد كشف أحدث تقرير أمريكى نهاية عام 2009 أن المسلمين يشكلون نحو 95% من عدد سكان مصر، وأن الأقليات الدينية الأخرى تشكل فى مجموعها ما يزيد قليلا على 5% من عدد السكان.. وقدّر التقرير الصادر عن منتدى "بيو للدين والحياة العامة"، التابع لمركز "بيو" الأمريكى للأبحاث فى العام الماضى ، عدد المسلمين فى مصر بحوالى 78.5 مليون شخص، وقال إنهم يشكلون 94.6 % من إجمالى الشعب المصري. إلا أن التقديرات الرسمية المصرية تشير إلى أن نسبتهم تناهز 4% من عدد سكان مصر البالغ 83 مليون نسمة. لكن الكنيسة تشكك على الدوام فى تلك التقديرات.

وهذه النسبة التى تتراوح بين 4-5% فى المائة هى النسبة التى ترددت فى كل تعداد أجرته السلطة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى عهد السادات مع ملاحظة الفارق فى هجرة أعداد غير قليلة من النصارى وزيادة النسل لدى المسلمين !

ولكن رئيس الكنيسة يؤكد بصورة مستمرة، أن الكنيسة تعرف أعداد الأرثوذكس عن طريق "كشوف الافتقاد"، التى تعد بمنزلة تعداد داخلى لكل أسرة، قائلاً: "نحن نستطيع معرفة عدد شعبنا، ولا يهمنا العدد المعلن". وقد حدد فى أكتوبر 2008 فى خلال مقابلة مع قناة (O.t.v) الفضائية تعداد النصارى بــ 12 مليونًا استنادًا لآخر "كشوف الافتقاد"، على حد قوله.

ومع أن دولة العدل الإسلامية لا تفرق بين مواطنيها مهما تباينت أجناسهم وأعراقهم وعقائدهم ومذاهبهم وكثرتهم وقلتهم ، ولا تنقص من أقدارهم شيئا ، فإن قيادات التمرد الطائفى فى الكنيسة الأرثوذكسية تصر على المواجهة مع الأغلبية بالمنطق العددى ، وليس بالمنطق الإنسانى ، أو المنطق الشرعى الذى منحهم ما لم تمنحه العلمانية حين قال تعالى " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " (المائدة : 47) ، وحين أمر المسلمين بالعدل فى أكثر من آية حتى مع الأعداء " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " (المائدة :8) .

ومع ذلك فإن الكنيسة أو رئيسها تحديدا يصر على إجراء تعداد للنصارى من خلال ما يسميه " كشوف الافتقاد" ، متجاهلا وجود الحكومة المسئولة بل متحديا لها ، وها هو يعلن مؤخرا عن إعداد استمارة لبدء تعداد جديد لعدد النصارى فى مصر حيث تقوم كل إيبارشية بتوزيعها على الكنائس التابعة لها ؛ ويقوم خدام الكنائس بتوزيعها على النصارى التابعين للكنيسة فى منازلهم لملء الاستمارة التى تشمل بيانات كل فرد من حيث العنوان وبيانات محل الإقامة كاملة ، والاسم الرباعى و بطاقة الرقم القومى وتاريخ إصدارها وتاريخ الميلاد والحالة الاجتماعية والمؤهل والوظيفة ووسائل الاتصال (المحمول والبريد الإلكترونى ) ، وبعد تسليم الاستمارات للكنيسة تقوم بدورها بتسليمها للمطرانية ثم للمقر البابوى ، وذكرت الأخبار أن عملية توزيع الاستمارات قد بدأت منذ شهر ببعض محافظات الصعيد وجار توزيعها على باقى المناطق فى الجمهورية . وأشار مصدر كنسى إلى أن نتيجة التعداد من المتوقع أن تظهر بعد شهر لمعرفة أحدث تعداد للنصارى التابعين للكنيسة الأرثوذكسية !

وهكذا يبدو الولع الكنسى بمسألة التعداد الطائفى مصرّا على القيام بدور الدولة فى أهم خصوصياتها ، بل تحدّيها ، ليقول بعدئذ إنه يملك الحقيقة وحده ، وليتابع مسيرة التمرد فوق رءوس الجميع !

drhelmyalqaud@yahoo.com

الأربعاء، 18 يناير 2012

القول الفصل حول "حضور القداس" وفتاوى العصر

القول الفصل حول "حضور القداس" وفتاوى العصر

11-صفر-1433هـ 5-يناير-2012

كتبه/ زين العابدين كامل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا) (الأحزاب:70)، فالله أسأل أن يسدد ألسنتنا، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يغفر لنا زلاتنا، اللهم آمين.

يعلم ربي أنني لم أكتب هذه السطور اليسيرة إلا ابتغاء وجهه، فهو المطلع على خفايا الأمور، وما تخفي الصدور، ولم أرد أن أقدح أو أجرح في جماعة بعينها أو في حزب بعينه، أو أن أنتصر لجماعة أو لحزب، فوالله ما أردت إلا الحق، فالحق أحق أن يتبع، وقد سمعنا في الأيام القليلة الماضية مَن ينادي ويفتي بوجوب تهنئة النصارى في أعيادهم، ومَن ينادي بحضور "قداس النصارى" في الكنائس، وأن هذا مِن الإحسان والبر الذي أَمرنا الله به نحوهم، ويخطِّئ مَن قال بخلاف ذلك!

وأنا أقول: إنه مِن المعضلات توضيح الواضحات، لا سيما في وقت الفتن، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ بَلاءٌ وَفِتْنَةٌ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

فالفتن واقعة لا محالة كونًا وقدرًا، وإذا وقعت لا يثبت فيها إلا مَن عصمه الله ووفقه للثبات، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ) يكررها -صلى الله عليه وسلم-. (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

وقد شبَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- الفتن بقطع الليل المظلم، الذي لا قمر فيه ولا ضياء، فالساري فيه على شفا هلكة إن لم يكن معه نور يبصر به مواقع قدمه، والاختلاف كذلك واقع لا محالة، قال -تعالى-: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ . إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) (هود:118-119).

وقال رسول الله -صلى الله علية وسلم-: (فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ) (رواه أحمد أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

وأنا أود أن أشير إلى أن مَن يقول وينادي بتهنئة النصارى وحضور قداسهم لم يحسن تحرير المسألة، ولم يحسن كذلك إسقاط الدليل في موضعه، فحججهم بادية الضعف، ويمكن الرد عليها بسهولة ويسر، وهذا ما سنوضحه في الأسطر التالية.

وأنا أنصح القارئ الكريم أن يخلص النية لله -تعالى-، ولا يتعصب إلا للحق:

أولاً: قال الله -تعالى-: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) (النساء:140)؛ فكيف يجلس المسلم الموحد بالله في مكان يُكفر فيه بالله، ويُقال فيه أن الله -تعالى- له ولد، وأنه صلب ومات يوم الخميس، ثم قام يوم الأحد ليجلس على يمين الرب أبيه؟!

كيف تهنئه على قوله: إن عيسى -عليه السلام- صلب، والله يقول: (وَمَا صَلَبُوهُ) (النساء:157)؟!

كيف تهنئه على قوله: إن عيسى -عليه السلام- قُتل، والله يقول: (وَمَا قَتَلُوهُ)؟!

فما هو الرد على هذه الآية الكريمة المحكمة؟!

ثانيًا: قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) (الفرقان:72)، قال مجاهد: أي أعياد المشركين، وقال عكرمة: هو لعب كان لهم في الجاهلية. وقال الضحاك: هو كلام الشرك.

والسؤال: إذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع؛ فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل، لا مجرد الشهود فقط؟!

ثالثًا: عن أنس -رضي الله عنه- قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: (مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟) قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني)، ووجه الدلالة أن اليومين الجاهليين لم يقرهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تركهم يلعبون فيهما على العادة، والإبدال من الشيء يقتضي ترك المبدل منه؛ فما ردهم على هذا الحديث الصحيح؟!

رابعًا: عن عطاء بن دينار أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "وَلا تَدْخُلُوا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي كَنَائِسِهِمْ يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَإِنَّ السَّخْطَةَ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ" (أخرجه البيهقي، وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وابن مفلح).

فعمر -رضي الله عنه- نهى عن دخول كنائسهم يوم العيد. ومَن هو عمر؟ هو أحد الخلفاء الأربعة الذين أمرنا رسول الله باتباعهم في قوله: (فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ)، فما ردهم على كلام أمير المؤمنين عمر؟!

خامسًا: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (قَالَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ: إِيَّايَ فَزَعَمَ أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ: فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا) (رواه البخاري)، فكيف يجلس المؤمن في مكان يُسب فيه الله وهو لا ينكر، بل يجلس بإرادته، ويبارك لهم ويهنئهم على ذلك الضلال؟!

سادسًا: قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي نذر أن يذبح إبلاً ببوانة، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟). قَالُوا: لا، قَالَ: (هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟). قَالُوا: لا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَوْفِ بِنَذْرِكَ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني). -بوانة: موضع قريب من مكة- والشاهد أن وقت السؤال لم يكن العيد موجودًا، فكيف بالمشاركة في العيد نفسه؟!

سابعًا: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، فالمسلم يتشبه بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكذا بصحابته -رضوان الله عليهم- وبما عليه جماعة المؤمنين، أما التشبه بالكفار فمن أخطر الأمور على دين المسلم، وقد أمرنا أن نخالفهم حتى في الطاعات والعبادات، كما سنَّ لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صوم تاسوعاء مع عاشوراء مِن أجل المخالفة، وكذا تعجيل الفطر والمغرب وتأخير السحور وغير ذلك؛ فكيف نؤمر بمخالفتهم ونحن نجلس معهم في كنائسهم في قداسهم؟!

ثامنًا: أن الأعياد مِن جملة الشرع والمناهج والمناسك، قال -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) (المائدة:48)، فلا فرق بين المشاركة في المنهج والمشاركة في العيد، والأعياد ترتبط -دائمًا- بالعقائد والأديان، فعيد الفطر يأتي بعد طاعة الصيام، وعيد الأضحى يكون في أيام الحج، وهكذا عند غيرنا، أعيادهم تختص وترتبط بعقائدهم.

تاسعًا: قد نُقل لنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما فعله مع غير المسلمين مِن الأمور المباحة: كالبيع والشراء، والمؤاجرة، وقبول الهدية منهم والإهداء لهم، وعيادة مريضهم، والأكل من طعامهم، والتصدق عليهم عند المصلحة، ونحو ذلك، ولو أنه هنأهم في أعيادهم؛ لنقل ذلك إلينا أيضًا.

عاشرًا: "الإجماع": لم يُنقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا عن صحابته، ولا عن التابعين، ولم يكن على عهد السلف مِن المسلمين مَن يشركهم في شيء من ذلك، ولولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهيًا من ذلك؛ لوقع ذلك كثيرًا، والمانع هنا هو الدين، ومن الشروط التي وضعها أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه-، واتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم، أن أهل الذمة مِن أهل الكتاب لا يُظهرون أعيادهم في دار الإسلام، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها؛ فكيف يسوغ للمسلمين فعلها والمشاركة فيها؟!

أليس هذا من العجب العجاب؟!

وقد نقل شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله- في كتابه: "اقتضاء الصراط المستقيم" الإجماع على تحريم المشاركة في أعياد المشركين، وكذا العلامة "ابن القيم" -رحمه الله- في كتابه: "أحكام أهل الذمة"، وقد قال بالتحريم كذلك فضيلة الشيخ "عطية صقر" -رحمه الله- رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا.

وأخيرًا: الرد على ما استدلوا به:

اعلم أيها القارئ الكريم أن غاية ما استدلوا به آية في كتاب الله ليس لها علاقة بأمر المشاركة أو التهنئة، وهي قول الله -تعالى-: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).

فقالوا: إن الآية تأمرنا بالحب والمودة!

وأنا أقول: هذا كلام باطل، ومِن التأويل الفاسد المذموم لكتاب الله -تعالى-.

فلا مداهنة في دين الله -تعالى-، نحن أَمَرنا الله أن نعاملهم بالبر والإحسان والمعروف، نعم، لكنه في نفس الوقت أَمَرنا بعدم الحب والمودة.

قال ابن حجر -رحمه الله-: "البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتواد المنهي عنه في قوله -تعالى-: (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَه) (المجادلة:22)".

فالمعاملة الحسنة، والإطعام، والكسوة، ونحو ذلك هو مِن الإحسان والبر، والإقساط -العدل-، أما المشاركة في الأعياد؛ فليس هذا مِن البر، بل هو من الموالاة والمتابعة التي نهى الله عنها.

وأنا والله عجبتُ مِن بعض مَن ينتسبون للإسلام أو التيار الإسلامي، وهو يقول: إننا لا بد أن نحبهم؛ لأن الله أمرنا بذلك، ثم يستدل بالآية السابقة، وهو لا يفرق بين آية الممتحنة، وآية سورة المجادلة.

ولقد قرأت تفسير الآيتين -آية المجادلة، وآية الممتحنة- وكذا تفسير قوله -تعالى-: (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (لقمان:15)، في كتب التفسير التالية: "الطبري - ابن أبي حاتم - الوسيط للواحدي - البغوي - القرطبي - ابن كثير - فتح القدير للشوكاني - أضواء البيان - السعدي - الشعراوي"، فما وجدت أحدًا منهم يفسر البر والإحسان بالحب والمودة؛ فمن أين أتى هؤلاء بهذا التفسير الغريب؟!

ولقد أعجبني تفسير "الشيخ الشعراوي" -رحمه الله- حيث قال: "لم يفطن هؤلاء إلى أن هناك فارقًا بين الود والمعروف، فالود هو عمل القلب فأنت تحب بقلبك، ولكن المعروف ليس مِن عمل القلب؛ لأنك قد تصنع معروفًا في إنسان لا تعرفه، وقد تصنع معروفًا في عدوك حين تجده في مأزق، لكنك لا تحبه ولا توده، فأنت تصنع المعروف فيمن تحب ومن لا تحب، ولكنك لا تود إلا من تحب".

فلا أدري كيف استدل هؤلاء بآية سورة الممتحنة على وجوب الحب والمودة، والتهنئة، والمشاركة في الأعياد، ولم ينقل ذلك أبدًا عن أحد مِن المفسرين وأهل العلم المخلصين؟! فالله أسأل أن يعود هؤلاء إلى دينهم وأقوال علمائنا القدامى في مثل هذه المسائل الكبيرة المرتبطة بعقيدتنا، وأن يتوبوا إلى الله مِن القول عليه بغير علم ولا دليل.

ومِن أدلتهم -أيضًا-: أن الله -تعالى- أحل الزواج مِن الكتابية.

والجواب: نعم أحل الله الزواج من الكتابية في قوله -تعالى-: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (المائدة:5)، ولكن هل علم هؤلاء أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يكره ذلك، وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان لا يرى التزوج مِن النصرانية، ويقول: لا أعلم شركًا أعظم مِن أن تقول: إن ربها عيسى!

وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) (متفق عليه)، إذن فالحكم الجواز، والأولى الزواج بالمسلمة المؤمنة التي تربي الأبناء على توحيد الله، فهناك فرق بين الحب الفطري كحب الرجل لأمه وأهله وأبنائه وإن كانوا كفارًا مع وجود البغضاء لما هم عليه من الكفر والشرك، والحب الذي مبناه على عقيدة التوحيد والإسلام.

قال عمر: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام"، فلا تفرط -يا أخي- في عقيدتك وفي إسلامك، فلا مجاملة على حساب الدين، علمًا بأن العلماء أجازوا تهنئتهم في الأمور الدنيوية كأمر الزواج، وقدوم مولود، ونحو ذلك.

هذا ما تيسر جمعه في هذه المسألة، وقد تركتُ بعض الآثار، وأقوال العلماء؛ خشية الإطالة، وأرى أن في هذا القدر كفاية، فهذه الأسطر محصلة للمقصود، موصلة للمرغوب.

والله أسأل أن يجعلنا جميعًا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن نكون ممن يعلمون فيعملون، ويعملون فيخلصون، ويخلصون فيقبلون.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

حاكموا "بيشوي الكبير" أولاً

حاكموا "بيشوي الكبير" أولاً

7-صفر-1433هـ 1-يناير-2012
كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلن أكرر هنا ما ذكرتُه مِن أن الخيار الشرعي "الوحيد" في التعامل بين الأغلبية المسلمة وبين الأقلية النصرانية في مصر، هو: أن يتعلم أهل كل دين دينهم وعقائدهم، وأن يكون "التعايش السلمي" الذي جاء به الإسلام يوم أن كان "الكاثوليك الرومان" يلقون "الأرثوذكس المصريين" في الزيت المغلي! حتى أنقذهم "عمرو بن العاص" -رضي الله عنه-.

وعاش النصارى في مصر "أربعة عشر قرنًا" مِن الزمان بصفتهم "أسعد أقلية في العالم"؛ إلى أن أتتنا "المعونة الأمريكية"، وجاءت معها معاهدة السلام التي "قزَّمت مصر"، ونزلت بها مِن دور الدولة الإسلامية والعربية الكبرى إلى دولة منكفئة على نفسها لا تَرى إلا مصالحها -أو هكذا قال لنا المستبدون-!

ثم إذ بنا نفاجأ أن دور الدولة بدأ يتقلص داخليًا -ومِن آخر مظاهر ذلك: الإنذار الأمريكي شديد اللهجة بشأن اقتحام مقرات لمنظمات تتلقى دعمًا أمريكيًا، مع أن الأمر مبرر قانونيًا ومستوف لأركانه، ومع أن التحقيقات الأولية أثبتت كمًا كبيرًا مِن المخالفات!-.

وإذا كانت المعونة الأمريكية هي "فك الكماشة الأول" الذي أطبق على الدولة المصرية؛ فإن "كهنة التوريث" كانوا هم الفك الثاني؛ ولأن أمريكا تلاعب الحكومات بملف الأقليات بغض النظر عن موقفها هي مِن هؤلاء الأقليات؛ فإن "كهنة التوريث" قد التقطوا الخيط، وصاروا يقدِّمون تنازلات للأقليات؛ سواءً المعترف بوجودها في الشريعة الإسلامية والقانون المصري، والمجتمع المصري: كالنصارى، أو غير المعترف بهم: كالبهائيين!

وإن كان مِن المنطقي أن يحاول البهائيون وأمثالهم.. اختراق الدولة المصرية؛ أملاً في الحصول على وضع قانوني، وإن كان من المنطقي أن يسعى هؤلاء إلى التعاون مع جهات أجنبية؛ ولو كان على حساب قوة بلادهم؛ إلا أن الغريب حقًا أن يسعى "بعض رجال الكنيسة" ومعهم معظم نصارى المهجر، بالإضافة إلى "كهنة التوريث" مستغلين "مناورة أمريكا" بورقة الأقليات؛ ليحاولوا فرض واقع جديد على الشعب المصري، الذي لم يَعرف "مصطلح الفتنة الطائفية"؛ إلا على يد هؤلاء!

وبدأ هؤلاء في تخويفنا مِن الفتنة الطائفية، وليكون الحل عندهم ليس "التعايش السلمي"، والأخذ على يد كل مكدِّر لهذا التعايش، وإنما بمسلسل يمكن تسميته: بالـ"تدليل الطائفي"، والذي بلغ أوجَّه في أواخر عصر "المخلوع".

ومِن أبرز أمثلته: قضية السيدة "وفاء قسطنطين" التي ما زال الناس لا يعرفون -حتى الآن- أين هي؟! أفي حياتنا أم غادرت إلى العالم الآخر؟!

"وفاء قسطنطين" لمن لا يعرف.. أو لمن نسي.. أو لمن تناسى.. امرأة عاقلة راشدة، كل مشكلتها في الحياة أنها "زوجة لكاهن"، وأنها اختارت بمحض إرادتها أن تدخل في الإسلام في ظل قرار جائر يمثِّل هو الآخر إحدى حلقات "التدليل الطائفي"؛ عندما أصدرت "الداخلية" قرارًا يجعل أن مِن ضمن شروط إشهار الإسلام: أن يتم ما يسمونه: "جلسة مناصحة" بيْن مَن يريد الإسلام وبيْن اثنين مِن القساوسة، على أن يتم هذا في مديرية الأمن -لاحظ أن هذا قرار مِن السلطة التنفيذية اغتصبت فيه السلطة التشريعية، ولكن كل هذا يهون من أجل التدليل الطائفي!-.

ذهبت "وفاء قسطنطين" بكامل إرادتها تطلب تحديد تلك الجلسة؛ فإذا بالمَثَل القائل: "رضينا بالظلم والظلم مش راضي بينا" ينطبق عليها؛ إذ أصرت "الكنيسة" على أن تُعدِّل هي هذا القرار؛ لتجعل "مناصحة زوجات الكهنة" يجب أن تتم في الكنيسة، وبلا سقف زمني! مما يعني أنها لن تستطيع أن تُشهر إسلامها قط، ورفضت الداخلية -من باب الالتزام بالأوامر-.

فقامت مظاهرات في الكاتدرائية تَعامل معها "أمن مبارك" بكل رفق حتى أصيب "ثلاثة لواءات"! ثم جاءت "الأوامر السيادية" بتسليم "وفاء قسطنطين" إلى بيت تابع للكنيسة لتخرج منه بعد أسبوعين، وتُسجِّل محضرًا في النيابة أنها تراجعت عن إشهار إسلامها، ولتختفي بعدها إلى تلك اللحظة!

ومع هذا.. لم تتحرك "أمريكا"؛ لتدافع عن إنسانة سُلبت كل حقوق الحياة، بما في ذلك أنْ تعرِف أحدًا أو أنْ يعرفها أحد، أو... أو... وطبيعي ألا تُحرك جمعيات حقوق الإنسان "الممولة أمريكيًا" ساكنًا؛ لأن التمويل فيه بوصلة خفية، ولكن عملها مرئي -"أود أن أسأل سؤالاً جانبيًا: هل توجد منظمة حقوق إنسان مصرية تدافِع عن إنسان غير مرضي عنه أمريكيًا: كوفاء قسطنطين على سبيل المثال؟!"-.

المهم.. تم مواراة "وفاء قسطنطين" خلف أسوار ما، ولا تسأل: هل تقع تلك الأسوار جغرافيًا داخل مصر أم في القطب الشمالي؛ لأن المحصلة واحدة؟!

وخلف أسوار أخرى، هي: "أسوار الحبس الاحتياطي" كان هناك مواطنون مصريون آخرون يُحاكَمون بتهمة الشغب، ومقاومة السلطات، وإتلاف الأموال العامة والخاصة، وإصابة عدد من أفراد الشرطة، وهي تُهم كما ترى وكما تنادي أمريكا -دائمًا-: يجب أن تُناقش بعيدًا عن ديانتهم، وعن حالتهم النفسية وقت ارتكابهم هذه الجرائم!

ولكن "رجل الكنيسة الأول" قرَّر آنذاك مبدأ قانونيًا هامًا، وهو: "أنهم شباب غاضبون، ويجب أن يُبرَؤوا مِن التهم الثابتة عليهم"؛ وإلا سوف تلغي الكنيسة احتفالات الأعياد!

وعلى الرغم مما يتشدق به النظام مِن استقلال القضاء، والمساواة بيْن المواطنين أمامه؛ تم ذلك! -"أظن أن الذين ينادون بالمساواة كان يزعجهم أن يتم التمييز ضد الأقلية، ولكن نظام مبارك وولده جمال، ومعهما زكريا عزمي، ومنير فخري عبد النور، ومِن وراء الجميع "المدام" تخطوا المساواة إلى تمييز الأقلية!"-.

وخرج "جميع" الجناة... وأقيمت احتفالات الأعياد، وتنفست مصر الصعداء!

ليتكرر المشهد مرة ثانية... وثالثة... ورابعة... ومِن آخر ذلك ما وقع للأخت "كاميليا شحاتة"، التي غُيِّبت عن الواقع؛ بغض النظر عن إسلامها مِن عدمه!

ولينتقل الأمر مع كل مذنب في أية جريمة سواء تعلقت بمنع إسلام أحد، أو بناء كنيسة بلا تصريح، أو تزوير في مستندات رسمية -أول قرار اتخذه عصام شرف هو الإفراج عن قس يقضي عقوبة الحبس على جريمة تزوير في أوراق رسمية!-؛ حتى بدا للبعض أن القانون الجنائي قد تم تعديله؛ ليرفع الحرج عن أي شاب نصراني غاضب، وتَمثَّل هذا واضحًا في اقتحام واحتلال مبنى محافظة الجيزة، والذي تم التعامل معه بنفس هذه القاعدة!

وفي هذه الأثناء بدا للرجل الثاني في الكنيسة أن يجرِّب حظه، ويختبر آخر تعديلات قانون العقوبات.. وهل امتد رفع الحرج إلى حالات الرضا؟! وهل تم توسيعه ليشمل كبار السن؟!

فارتكب ثلاثة جرائم بشعة يُعاقِب عليها القانون:

الأولى: التشكيك في صحة "القران الكريم"، وخاصة قوله -تعالى-: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ) (المائدة:73).

الثانية: الزعم أن المسلمين ضيوف على مصر -"كررها ساويرس مؤخرًا في حديثه مع التلفزيون الكندي"-.

الثالثة: الدعوة إلى عصر استشهاد جديد.

ويبدو أن حدسه قد كان في محله، فلم يُحاسب قانونيًا؛ فقلنا: "لعله يُحاسب كنسيًا"، ولكن انقطاع الاتصال بينه وبيْن "بابا الكنيسة" -أيامها- حال دون ذلك! وأُشيع أن "بابا الكنيسة" قرَّر أن يعتذر للمسلمين عن تصريحات الرجل المُقرَّب منه.

وقلنا: "أخيرًا أراد الرجل أن يَرد قدرًا مِن التحيات التي يرسلها له المسلمون: بأزهرهم، وحكوماتهم، كلما أخطأ مسلم مهما كان سنه ودوافعه وعلمه يُحاسب -وهذا هو المطلوب-، ولكن، ورغم ذلك.. ورغم استعمال أقصى درجات الشدة -"حتى إن الشيخ أبا يحيى محبوس احتياطيًا حوالي عشرة أشهر إلى الآن؛ لأنه استدعى الشرطة؛ لنزع فتيل أزمة طائفية"-؛ إلا أنه بالإضافة إلى هذا كان جميع المسلمين يقدِّمون الاعتذار.

وعمومًا الاعتذار عن الخطأ يرفع صاحبه.

ولكننا لم نَرى مِن الكنيسة اعتذارًا على أي جريمة يرتكبها نصراني؛ فقلنا: "لعل فداحة الخطأ قد حَرَّكت الرجل ليعتذر"، ولكنه خرج علينا ليقول: إنه أسف؛ لأن كلام "الأنبا بيشوي" أحزن المسلمين. ثم أخذ يثني على "بيشوي"، ويصفه بالعقل والحكمة... إلى آخره!

والآن ونحن نرى "بيشوي الصغير" في أسيوط يَرسم النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في رسوم مسيئة تكاد تشعل الوطن، والكنيسة مشغولة باحتفالات عيدها، ومَن سَتُوجِّه إليه الدعوة، ومَن لن توجِّه إليه، والإعلام يحاكم مَن لا يحضر، وكأن حضور المناسبات غير الدينية صار مِن الواجبات السياسية؛ وإن أباه الدين الذي يقول: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون:6)!

فيا عقلاء الإعلام..

ويا عقلاء النصارى..

دعوكم مِن سياسة النفاق، وأعمِلوا قاعدة: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).

واحرصوا على "التعايش السلمي" قبل أن يحرقه "أبناء بيشوي"؛ ممن تربوا على إشعال الحرائق، وافتعال الأزمات.

نعلم أنكم تعتقدون أنه لا يوجد نبي صادق بعد عيسى -عليه السلام-، وأنكم تنتظرون عودته الثانية، ومِن ثمََّ فانتم لا تؤمنون بمحمد -صلى الله عليه وسلم-.

ومع هذا.. كان مِن تسامُح الإسلام معكم أن تعيشوا على هذه العقيدة معنا تعايشًا سلميًا، ولكن دون إظهار تلك العقيدة بيْن المسلمين؛ فضلاً عن إظهارها في صورة السب والطعن، والانحطاط، وسوء الأدب!

نحن نُجِلُّ عيسى وأمه -عليهما السلام-؛ لأن الله كرمهما؛ ولأنه في عقيدتنا نبي مِن أولي العزم مِن الرسل، وأمه صديقة، ومِن ثَمَّ فلا يَرد مطلقًا أن يسيء مسلم إلى عيسى -عليه السلام-؛ وإلا لخرج بذلك من الإسلام.

ونحن لن نُكرهكم على التصديق بمحمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله قال: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة:256).

تُرى: هل يوجد مَن يخاف على مصلحة البلاد، فيضع حدًا لهذه الفتنة الشعواء أم تبقى دائمًا أمريكا هي الحَكَم؟!

ومِن ثَمَّ تبقى "الفوضى الهدامة" لا "الخلاقة" هي المنهج.

ويبقى الصراع الطائفي متصدرًا المشهد.

واسأل العراق تخبرك..

فهـل نـفـيق قـبـل فـوات الأوان؟!

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف

الأستاذ "هويدي" والآخر السلفي

الأستاذ "هويدي" والآخر السلفي

22-محرم-1433هـ 17-ديسمبر-2011

كتبه/ عبد المنعم الشحات*

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالأستاذ "فهمي هويدي" أحد الكُتـَّاب الذين يَحملون على عاتقهم الدعوة إلى "قبول الآخر" أيًا كان هذا الآخر؛ سواء أكان هذا الآخر صاحب دين آخر لا سيما النصارى، أم صاحب "بدعة كلية" لا سيما الشيعة، أو صاحب أيديولوجيا مناقضة للإسلام درى صاحبها أو لم يدرِ: كالعالمانية!

والسلفيون على خلاف ما يظن الأستاذ "هويدي" يقبلون الآخر، ولكن وفق الميزان الشرعي لا وفق الرؤية الشخصية التي يراها الشخص أو فصيل، ثم يخلع عليها وصف العقلانية، رغم أنه عند التأمل سوف نجد أن: "العقل السليم يقر ما دلت عليه النصوص الصحيحة"، فمثلاً يُعمل السلفيون قوله -تعالى-: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة:256)، كاملاً غير منقوص مِن وجوب بيان الرشد (الإسلام) مِن الغي (كل ما عداه)، ثم عدم إكراه أحد على اعتناق الإسلام، بل التعايش السلمي معه دون المساس باعتقاد المسلم: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) (آل عمران:19).

هذا التعايش الذي بيَّنه قوله -تعالى-: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8).

وأما الشيعة: فدائمًا ما تعامل أهل السنة معهم بروح الأم التي تلملم أبناءها الخارجين عليها، وفيهم وفي أمثالهم قال إمام من أئمة الدعوة السلفية المباركة شيخ الإسلام "ابن تيمية" -رحمه الله-: "لو أني قلت مقالتكم لكفرت، ولكنكم عندي جهال". فعذرهم بجهلهم.

وشيخ الإسلام هو الذي عندما أعطاه ملك التتار أسارى المسلمين أبى إلا أن يضم إليهم أسارى أهل الذمة!

وأما العالمانيون: فعلى الرغم من أننا لم نلتمس لهم الحيل فنجعل منهم: معتدلاً، ومتطرفًا. أو نقسم عالمانيتهم إلى: جزئية، وأخرى شاملة، وإنما طالبناهم بالشريعة الشاملة التي دل عليها قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً) (البقرة:208)، ومع هذا فناظرناهم بالحكمة والموعظة الحسنة -"حتى اتهم كاتب هذه السطور باللين مع العالمانيين، لا سيما في مناظرة الدكتور عمرو حمزاوي، والدكتور عمار علي حسن!"-.

عمومًا.. المقصود هنا ليس بيان الاختلاف بين الأستاذ "هويدي" وبين السلفيين في قضية التعامل مع الآخر، ولكن المقام مقام العجب من أن سعة صدر الأستاذ "هويدي" لكل آخر تضيق عندما يكون الآخر سلفيًا! بل عندما يكون مظلومًا، بل ربما زاد هو المظلوم ظلمًا!

ومِن ذلك: أنه أبدى ارتياحه لعدم توفيقي في الانتخابات رغم أنه اعترف أن الإعلام استدرجني -على حد تقديره- للسؤال عن الخمر، والمايوه، وخلافه.. إلا أنه عاد واتهمني أنني أبيت إلا أن أحصر نفسي في دائرة المحرمات، وأنني أمثـِّل التطرف والتشدد منذ كنتُ طالبًا في الهندسة ناسبًا ذلك إلى أحد زملاء دراستي. ولا أدري: هل شاهد الأستاذ البرامج التي انتقدني بسببها أم لا؟! لأنني ألححت على السائلين أن يسألوني عن الإصلاح السياسي أو الاقتصادي أو عن مشكلات الشباب والبطالة؛ فأبوا إلا أن يسألوني عن هذه المحرمات القطعية التي لا أظن أن الأستاذ يملك أن يجيب عنها بغير ما أجبت أنا!

طبعًا بعض الإسلاميين انتبهوا أنني لم أحرِّم إلا ما حرَّم الله؛ ففروا من اتهامي بالتشدد إلى اتهامي "بالطيبة"! وأنني تعاملت مع الإعلاميين كما أتعامل مع أي سائل في المسجد دون أن أدرك نواياهم غير البريئة، كما دأب الصديق العزيز "جمال سلطان" على تقديم هذا التحليل "الذي لا يخلو من الطيبة"!

ولكن الواقع أنني أدرك ذلك أكثر من أي أحد آخر؛ بحكم كوني داخل الأستوديو؛ حيث تطبخ المؤامرات أمامي، ولكن الحلول التي يقدمها الآخرون وينتج عنها مع كثرة المنابر العالمانية، وتكرار مواقف الانسحاب مِن أمامهم، أو التهرب من الإجابة عن أسئلتهم أن في إسلامنا ما يُستحي من ذكره، وما يعجز أنصار الشريعة عن الدفاع عنه؛ مما يتولد عنه هزيمة نفسية، فمداهنة، فتراجع.

ومِن ثَمَّ: "فقد آليت على نفسي منذ برزت للإعلام ألا أتهرب من أي سؤال وألا أزخرف أية إجابة"؛ اللهم إلا من إزالة لبس أو توضيح غامض، أو احتراز لا بد منه؛ حتى وإن انتهت المعركة بما وصفه الأستاذ "جمال" بقوله: "أفحمناهم وفازوا هم بالكراسي"!

فإفحام خصوم الشريعة وإظهار الاعتزاز بها، والدفاع عن أصولها وفروعها، ومبادئها وأحكامها هي رسالتنا، التي كان ينبغي على الأستاذ "هويدي" ومَن وافقه مِن الدعاة الكرام أن يتقبلوا أصحابها؛ ولو باعتبارهم "آخر" يجب تقبله.

والحمد لله أن الخصوم لم يستطيعوا إزاحتي إلا ببتر التوضيحات التي أشرت إليها، وقاموا بنشر مقاطع إنترنت مبتورة مدتها أقل من دقيقة، ثم أضافوا إليها مئات الكذبات، ثم جيَّشوا كل "العالمانيين"، و"اليساريين"، و"الفلول"، و"أم الخلول"؛ ليكوِّنوا نواة تسند المنافس المدعوم أصلاً من فصيل إسلامي كبير -وهم الإخوان المسلمين-، ومع هذا احتاجوا إلى نواة أخرى -"أنزه إخواني في الإخوان أن يكُونوا هم من وقف وراءها، وأترك القضاء ليكشف عنها قريبًا -إن شاء الله"-؛ لأفقد أنا عشرين ألف صوت معظمها من جراء التراخي نتيجة أن الإعادة "إسلامية - إسلامية"، ويكسب المنافس خمسين ألف صوت إضافية جاءت من النواتين اللتين أشرت إليهما سابقًا؛ لينقلب الفارق والذي كان خمسين ألف صوت لصالحي في الجولة الأولى إلى ثلاثين ألف صوت للمنافس في جولة الإعادة، ومع هذا خرجت الأفراح والليالي الملاح ممن كان دوره في هذه النتيجة كدور النواة التي تسند الزير؛ ليس إلا!

وعلى قدر ما سرني فرح خصوم الشريعة بإسقاطي -حتى ولو كان لصالح مرشح آخر مدعوم من تيار إسلامي- بقدر ما آلمني أن يكتب كاتب إسلامي مبديًا الارتياح لعدم دخولي البرلمان -وهو في هذا الموطن وصف مخفف من الشماتة-!

ولكني سأحاول أن أقلب الأمرين فرحًا فأُسر بشماتة خصوم الشريعة مِن باب: "إذا فرح خصوم الشريعة بخسارتي فاعلم أنني من أنصارها".

ولن أتعامل مع شماتة الأستاذ "هويدي" بمنطق:

وظـلـم ذوي القـربى أشـد مـضـاضة على المرء من وقع الحسام المهند

ولكن سأتعامل معه بالمَثل البلدي القائل: "ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب"!

جمعنا الله وإياه وسائر القـُرَّاء تحت لواء الشريعة يوم يبعثون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* جريدة الفتح - العدد الثامن "الجمعة": 21 محرم 1433هـ - 16 ديسمبر 2011م.

www.salafvoice.com
موقع صوت السلف

الاثنين، 16 يناير 2012

مناضلو الفضائيات والفيس بوك

مناضلو الفضائيات والفيس بوك



نجلاء محفوظ | 15-01-2012 15:31

نحتفظ جميعًا بذاكرة جميلة تحتضن كلمة "نضال"، فتبتسم الروح عند سماعها وينتشى القلب ويقف العقل احترامًا..
والنضال "الحقيقى"برىء تمامًا عما يجتاح أرواحنا من غضب عارم وضيق شديد بقلوبنا وتحفز بعقولنا لرد الهجوم عندما نرى مناضلى ومناضلات الفضائيات والفيس بوك..

ينفرد الكائن المناضل الفضائى بصفات أهمها امتلاكه قدر ملحوظ من القدرة على الجدال بالبديهيات ويتنافس مع أقرانه فى قلب الحقائق وقول الشىء وضده فالشعب المصرى عظيم وحضارته سبعة الآلاف سنة ولم يقهره الغزاة، ونفس الشعب غبى وجاهل وأمى "وخدعه" الإسلاميون و"اشتروا"أصواته تارة بالأطعمة وأخرى بالوعد بالجنة..
ويذهلنا المناضل الفضائى بقدرات خارقة فى تغيير المواقف والحديث بثقة بالغة- لانعلم مصدرها- عن دوره البارز فى حماية الثورة وخوفه الهائل عليها..
ويستخدم يديه بالتلويح ولسانه بالشتائم ويقاطع معارضه ب.....و......ويلجأ للتهكم والسخرية ويمتلك حنجرة بالغة القوة وأدلة ضعيفة وبراهين واهية وأكاذيب مكشوفة..

ويراهن الكائن المناضل الفضائى على سرعة نسيان الشعب وربما على إصابته بالزهايمر بعد ما ناله عبر السنوات الماضية..
ولأن مناضلى ومناضلات الفضائيات لايستطيعون سوى الكلام والكلام والكلام بالاستوديوهات المكيفة والتنقل بين الفضائيات فبعضهم يحتفظ بملابس احتياطية فى سياراتهم لسرعة تغيير ملابسهم عند التنقل من فضائية لأخرى..
ويحتكرون البطولات الزائفة لأنفسهم وتساعدهم علاقاتهم الوطيدة بالمسئولين عن الفضائيات لفرضهم على المشهد السياسى عنوة ولتغييب الشعب المصرى ومواصلة خداعه وسرقة وعيه.

ولأن النجاح له ألف أب، فالثورة لديها مئات المناضلين والمناضلات الفضائيين، فطلعت زكريا ابنه كان بالتحرير وساويرس الذى اتهم الثوار بقلة الأدب قال: كلنا طلعنا بالتحرير حتى حسام بدراوى أمين الحزب الوطنى، والذى قبل اختيار المخلوع له بعد قيام الثورة واستقال قبل تنحى المخلوع بساعات صرح أنه طالب مبارك بالتنحى وأخبره بأن أسرته بالتحرير!!

وأعضاء لجنة الحكماء التى كانت تسعى لبقاء مبارك بالحكم حتى نهاية مدته، وهو ما يعنى إجهاض الثورة من مناضلى الفضائيات ومنهم عمرو حمزاوى وإبراهيم المعلم وساويرس وعمرو الشوبكى ويحيى الجمل وعمرو موسى وعمار الشريعى ونيفين مسعد وأحمد كمال أبو المجد.


ويردد مناضلو ومناضلات الفضائيات هتافات وشعارات ينفردون بها دون أى مناضلين من بداية الكون لنهايته..
ومنها: النخبة "ضمير" الشعب أو كما قال خالد يوسف الفنانون شكلوا وجداناً لشعب ويجب تمثيلهم عند إعداد الدستور أو "المناضل" المنتج السينمائى محمد العدل القائل: نحن كبار enough "أى بما يكفى"ولا أحد يجرؤ أن يعلمنا ماذا نفعل!!
ويستخدمون الكلمات الأجنبية ربما ليؤكدوا أنهم ليسوا من البسطاء أو الجهلة!!
ويعانون من طول بقائهم بالاستوديوهات فلا يسمعون كلام الشعب ولا يفهمون أحلامه ولا تتسع عقولهم لإدراك أن الشعب المصرى "حطم" القمقم!

مثل المستشارة تهانى الجبالى التى تؤكد أن الشعب المصرى لايمتلك ثقافة الديمقراطية وأعدت وثيقة دستورية باسمها لفرض ما "تحلم"به!!
وتناست أن الشعب اختار وأن الديمقراطية اختارتها أجيال و"مافيهاش فصال".
ويبدو مناضلو الفيس صورة من مناضلى الفضائيات حيث "الاحتماء"، بالأجهزة وبث الصراخات ونشر الأكاذيب فبثوا مؤخرا لقطات لذعر بالشارع المصرى من دعاة الأمر بالمعروف عند مداهمتهم للناس واتضح أنه مشاهد من فيلم سينمائى!!
ومن يتابعهم عند حشدهم لمليونياتهم يتجمد ذهولا من الأعداد المتوقعة بعد كل الحشود الفيسبوكية والتهديدات ويتبخر ذهوله عند رؤية العشرميات الناتجة عن دعواتهم..

ويشتركون مع مناضلى الفضائيات أنهم يتجاهلون هزائمهم المتتالية ثم ينكرونها تمامًا وأخيرًا يحكون عنها باعتزاز المنتصرين!!

ويبدو أنها أحد الآثار الجانبية التى اكتشفها المصريون لكثرة الجلوس أمام كاميرات الفضائيات وشاشات الكمبيوتر ويجب المسارعة بتسجيلها منعا لسرقتها كما يحاول مناضو الفيس والفضائيات سرقة مصر شعبا وثورة وحاضرًا ومستقبلا..

كبوات مستشار شيخ الأزهر

كبوات مستشار شيخ الأزهر



نجلاء محفوظ | 08-01-2012 14:07

أدعو الرحمن أن يتنفس كل أزهرى بدءًا من شيخ الأزهر الاعتزاز بأزهريته وأن يرفع رأسه لأنه مسلم أولا وأزهرى ثانيا وأن يتوقف المسئولون بالأزهر عن محاولاتهم للفوز برضا العلمانيين فلن يمنحونهم الرضا إلا بعد تنازلاتهم المتتابعة ومن يبدأ بالنزول لا يلحظ استمرار النزول وتكون النتيجة الحتمية التى يعرفها الجميع ونرفض ذكرها..

ولا نعرف سبب رفض شيخ الأزهر لاختيار متحدثا باسم الأزهر من أبنائه الأزهريين المعتزين بانتسابهم للأزهر شكلا وجوهرا..

ولا ندررى لماذا استعان سابقًا بالسفير طهطاوى ليتحدث باسم الأزهر رغم احترامنا وتقديرنا التام لانضمامه للثورة واستقالته من منصبه و لن نتجاهل تصريحه بأن مصر عاشت أزهى عصورها بفترة الليبرالية وكان عندئذ مستشارًا لشيخ الأزهر ونذكره بأن عهد الحكم الليبرالى بمصر قبل الثورة كان مليئا بالمظالم والاقطاع وكان البغاء مباحا بتصريح من الحكومة حتى تم إلغاؤه..

ونتوقف طويلا عند د محمود عزب مستشار شيخ الأزهر حاليا والذى يكثر من الظهور بالفضائيات ويبالغ بخطب ود العلمانيين..

ولنبدأ بالمظهر فتارة نراه يرتدى الكاجوال وأخرى ملابس غريبة وأقسم أننى لا أريد النيل منه ولكننى "أغار" على الأزهر وأهديهم قول البابا شنودة عندما سئل هل يمكن للقس ارتداء ملابس عصرية فرد: "يبقى يشوف مين اللى ح يعبره".

يوصل الزى الأزهرى رسالة "باعتزاز"صاحبه بأزهريته ولا يخجل منها ولا يريد ادعاء العصرية بالملابس الأخرى وربما كان ذلك دافع د .الطيب للتأكيد أنه سيلاقى ربه بهذا الزى ولن يخلعه ثانية كما فعل عندما ترك منصب الإفتاء ورأس جامعة الأزهر..

يفخر د. محمود عزب بالسنوات الـ 24 التى قضاها بفرنسا ويتباهى بخبراته عن الآخر ويبدو أنه نسى تماما كيف يتعامل معنا..

فنجده يصرح بأن الإسلام بمصر غير إسلام الجزيرة العربية ويعلن سعادته الفائقة أننا لا ندفن موتانا كأهل الجزيرة العربية وأننا ندفنهم على الطريقة الفرعونية وأننا ننحتفظ بكل عادات الفراعنة ومنها أربعين الموتى.

وتغنى بأن مصر قبل الأديان!! وأن المصريين لديهم إسلامهم الخاص وحمدت الرحمن إلا أنه لم يقسم إسلام المصريين إلى إسلام المدن والضواحى والقرى والمناطق النائية..

وصرح بنفس الحلقة بأن الأزهر سيسترد مكانته العالمية!!

ويبدو أن إقامته الطويلة بفرنسا أنسته الحديث الشريف "الإسلام يهدم ما كان قبله"وقول عمر بن الخطاب" نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".

ونعرف جميعا هوس الاستعمار الفرنسى بمحو الهوية الإسلامية لكل الأقطار التى احتلها وعار انضمام أحد العاملين بالأزهر لمحو إسلامية مصر ووصفها بالفرعونية..

ويذكرنا بما كتبه العلمانى د جابر عصفور من زوال قلقه عند ذهابه للأزهر و"استبشاره"بعد رؤية د. قزوق وزير لأوقاف الأسبق وهو يدير حوارات شيخ الأزهر مع العلمانين!! ومنهم من طالب بإلغاء خانة الدين بالرقم القومى ومن يسخر من الحجاب ومن يطالب بإلغاء القرآن من كتب اللغة العربية وووووووو

وفاض الكيل يا شيخ الأزهر ونحن نحاول فتح صفحات جديدة نتناسى فيها موقفك من الثورة ببدايتها وتحريمك للتظاهر بعد نقل المخلوع لسلطاته لسليمان ورفضك بعد تعيينك التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية الجديدة بالمسجد الأقصى لأن تنديدك لن يسفر عن جديد يذكر!!

وأحزننا تجاهل الأزهر للآية الكريمة: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"

وأقصد بذلك تصديق الكذبة بتبنى حزب النور لما أطلق عليه هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر و"تجاهل"نفى النور لذلك وإصدار بيان "عنتري"بأن الأزهر وحده المرجعية الإسلامية بمصر ونتمنى أن يقول هذا الكلام "لأصدقائه" العلمانيين الذين يتطاولون ليلا ونهارا على كل ما يمت بالدين ويغرقوننا بتفسيرات كاذبة ومغرضة..

ونرجو ألا يكون هجوم الأزهر على النور بسبب صوفية شيخ الأزهر وعداء بعض الصوفيين للسلفية فشيخ الازهر "يجب" أن يحمى نفسه من ذلك..

كما تجاهل الأزهر الرسوم المسيئة للرسول من صبى أسيوط ولم يطالب الكنيسة بالاعتذار وذهب مع المفتى ووزير الأوقاف ود زقزوق لتهنئنة البابا بالعيد كما تجاهل بذاءات بيشوى من قبل ويبدو أن بعض المسلمين بمصر صدقوا البذاءات وتعاملوا بنفسية الضيوف كما ادعى بيشوى!!

الأحد، 15 يناير 2012

هل أجبرتهم الجزية على الإسلام؟

هل أجبرتهم الجزية على الإسلام؟

لا يستطيع كذب الحاقدين أن يغطي تلك المساحة الهائلة التي ينتشر فيه ضياء الإسلام, ومهما أثار الحاقدون من غبار فلن يستطيعوا أن يطمسوا تاريخ الإسلام المشرق, لذلك كان التلفيق الرخيص واستغلال جهل الدنيا بديننا هو البديل الذي يحاول الحاقدون تقديمه كتفسير لهذا الانتشار الهائل للإسلام.

ومن أكثر ما يثيره هؤلاء الكذبة هو أن الجزية كانت السبب الأساسي في دخول أهل الكتاب الإسلام لعجزهم عن سدادها وهى فرية واهية لا تصمد لأبسط حقائق التاريخ؛ فالإسلام لم يكن أول من أخذ الجزية, فهي قانون عند كل الأمم بما فيهم اليهود والنصارى، فالعهد القديم الذي يؤمن به اليهود والنصارى يشرع الجزية ويذكر أن الأنبياء عليهم السلام أخذوا الجزية من الأمم المغلوبة حين غلبوا على بعض الممالك، كما صنع النبي يشوع مع الكنعانيين حين تغلب عليهم "فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر، فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم، وكانوا عبيداً تحت الجزية" (يشوع 16)، وقد جمع لهم بين العبودية والجزية.

ويذكرالعهد الجديد في إنجيل متّى أن المسيح سئل: "أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا؟ .. فقال لهم: لمن هذه الصورة والكتابة؟ قالوا له: لقيصر. فقال لهم: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه".

ويعتبر أداء الجزية للسلاطين حقاً مشروعاً، بل ويعطيه قداسة، ويجعله أمراً دينياً، إذ يقول بولس في رسالته إلى رومية: "لتخضع كل نفس للسلاطين، السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله، حتى إن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله، .. فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام".

وقد كان الكاثوليك يفرضون الجزية على أرثوذكس مصر قبل أن يفتحها المسلمون, فما سمعناهم يقولون أن الأرثوذكس تركوا طائفتهم إلى الكاثوليكية هربا من الجزية, بل العكس نجدهم يتفنون في ذكر صبر وصمود الأرثوذكس على عقيدتهم وفرارهم إلى الصحارى والكهوف, وأنهم كانوا يفضلون الموت على ترك طائفتهم.

كذلك يؤلف النصارى الحكايات الطوال عن بسالتهم في مواجهة عصر الاستشهاد حين ألقاهم الرومان للأسود الجائعة وأحرقوهم في الميادين، وذبحوهم تحت أقدام أصنامهم, ومع هذا لم نسمع أن واحدا منهم قد أرتد عن دينه, لكنهم لما عجزوا عن تبرير دخول النصارى واليهود في الإسلام عن رضا وقناعة ولم يجدوا في الإسلام أسود جائعة أو نار تحرق المخالفين, حاولوا تبرير هذا الفتح العظيم بالجزية
ونسى هؤلاء أن الجزية في الإسلام لم تزد في كل تاريخها عن أربع دنانير وتراوحت في أغلب أحوالها بين دينار ودينارين وأستشهد هنا بكلام المؤرخيين الغربيين انفسهم:
يقول المؤرخ بنيامين كما نقل عنه آدم متز في الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري: "إن اليهود في كل بلاد الإسلام يدفعون ديناراً واحداً".

ويقول دربير في كتابه (المنازعة بين العلم والدين): "إن المسلمين ما كانوا يتقاضون من مقهوريهم إلا شيئاً ضئيلاً من المال لا يقارن بما كانت تتقاضاه منهم حكوماتهم الوطنية".

ويذهب مونتسكيو في كتابه (روح الشرائع) إلى أبعد من هذا فيرى أن بساطة الجزية عجلت بانتشار الفتوحات الإسلامية فيقول : "إن هذه الإتاوات المفروضة كانت سبباً لهذه السهولة الغريبة التي صادفها المسلمون في فتوحاتهم، فالشعوب رأت – بدل أن تخضع لسلسلة لا تنتهي من المغارم التي تخيلها حرص الأباطرة – أن تخضع لأداء جزية خفيفة يمكن توفيتها بسهولة، وتسلمها بسهولة كذلك".

الأجمل من كل هذا أن الجزية هذه لم تكن تؤخذ من كل أهل الكتاب, بل من الشباب القادر على حمل السلاح والقتال, وقت الحر والعمل والكسب وقت السلم, ولم تؤخذ قط من النساء أو الأطفال أو الشيوخ أو حتى الرهبان، قال القرطبي في تفسيره: "قال علماؤنا: الذي دل عليه القرآن أن الجزية تؤخذ من المقاتلين... وهذا إجماع من العلماء على أن الجزية إنما توضع على جماجم الرجال الأحرار البالغين، وهم الذين يقاتلون، دون النساء والذرية والعبيد والمجانين المغلوبين على عقولهم والشيخ الفاني".

قال الإمام مالك في (الموطأ): "مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم، وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة".

ويشهد آدم متز في كتابه (الحضارة الإسلامية) فيقول: "فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار".

وبمثله شهد ول ديورانت في موسوعته (قصة الحضارة) بقوله: "ويعفى منها الرهبان، والنساء، والذكور الذين هم دون البلوغ، والأَرِقَّاء، والشيوخ، والعَجَزة، والعُمي، والشديد الفقر".

وليس هذا فحسب، بل تسقط الجزية عند العجز عن سدادها، يقول ابن القيم في كتابه (أحكام أهل الذمة): "تسقط الجزية بزوال الرقبة أو عجزها عن الأداء".

قال القاضي أبو يعلى في كتابه (الأحكام السلطانية): "وتسقط الجزية عن الفقير وعن الشيخ وعن الزَمِن".

والسؤال الهام لماذا يأخذ المسلمون الجزية؟
الجزية تؤخذ منهم لحمايتهم عوضا عن التحاقهم بجيش المسلمين ,لأن جيش المسلمون جيش عقيدة تحركه وتضبطه في كل شأنه, لذلك لا يعقل أن يلتحق به غير المسلمين، لذلك أخذت الجزية عوضا عن حمايتهم.

يقول المؤرخ توماس أرنولد في كتابه (الدعوة إلى الإسلام): "ولم يكن الغرض من فرض هذه الضريبة على المسيحيين لوناً من ألوان العقاب لامتناعهم عن قبول الإسلام، وإنما كانوا يؤدونها مع سائر أهل الذمة. وهم غير المسلمين من رعايا الدولة الذين كانت تحول ديانتهم بينهم وبين الخدمة في الجيش، في مقابل الحماية التي كفلتها لهم سيوف المسلمين".

ويقول ول ديورانت (قصة الحضارة): "ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح.. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية.. وكان لهم على الحكومة أن تحميهم".

لذلك ضمن النبي صلى الله عليه وسلم لربيعة الحضرمي الحماية حين أخذ منه الجزية، فكتب له: «وأن نَصْرَ آل ذي مرحب على جماعة المسلمين، وأن أرضهم بريئة من الجور» [رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى].

وكذلك ضمن عبادة بن الصامت للمقوقس عظيم القبط، حين قال: "نقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم، ونقوم بذلك عنكم إن كنتم في ذمتنا، وكان لكم به عهد علينا ..." [رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر وأخبارها].

وكتب خالد بن الوليد لبعض نواحي العراق : "فإن منعناكم فلنا الجزية، وإلا فلا حتى نمنعكم- أي نحميكم-" (تاريخ الطبري).

لذا قرر الفقهاء أن الجزية شرطها الحماية، قال أبو الوليد الباجي في (المنتقى شرح موطأ مالك): "الجزية تؤخذ منهم على وجه العوض لإقامتهم في بلاد المسلمين والذب عنهم والحماية لهم"، وبمثله قال الماوردي في الأحكام السلطانية، والنووي في مغني المحتاج وابن قدامة في المغني.

بل ينقل القرافي في (الفروق عن ابن حزم) إجماعاً للمسلمين لا تجد له نظيراً عند أمة من الأمم، فيقول: "من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صوناً لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة".

ويعلق القرافي فيقول: "فعقد يؤدي إلى إتلاف النفوس والأموال صوناً لمقتضاه عن الضياع إنه لعظيم".

بل يذهب الإسلام على أعظم من هذا بكثير، يقول ابن النجار الحنبلي في (مطالب أولي النهى): "يجب على الإمام حفظ أهل الذمة، ومنع من يؤذيهم، وفكُّ أسرهم، ودفع من قصدهم بأذى".

ولما أغار أمير التتار قطلوشاه على دمشق في أوائل القرن الثامن الهجري، وأسر من المسلمين والذميين من النصارى واليهود عدداً، ذهب إليه الإمام ابن تيمية ومعه جمع من العلماء، وطلبوا فك الأسرى، فسمح له بالمسلمين، ولم يطلق الأسرى الذميين، فقال له شيخ الإسلام: "لابد من افتكاك جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا، ولا ندع لديك أسيراً، لا من أهل الملة، ولا من أهل الذمة، فإن لهم ما لنا، وعليهم ما علينا"، فأطلقهم الأمير التتري جميعاً (مجموع الفتاوى 28).

وكل هذا يبطل كذب الحاقدين ويبرز نور الإسلام وعدله ورحمته ويكشف للجميع السبب الحقيقي لدخول الملايين في الإسلام, إنها الرحمة الإلهية التي جعلها الله سبحانه أحد أهم مميزات شريعته السمحة ولا يغفل عن هذا الدين إلا من رضي لنفسه بالعبودية للبشر والخزي والعذاب في الآخرة.

"ساويرس" مواطن مصري!

"ساويرس" مواطن مصري!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فأعلمُ -يقينًا- أن المهندس "نجيب ساويرس" يتمتع بالجنسية المصرية، تذكرتُ هذا وهو يُناشِد جموع المصريين: المحافظة على حصة شركته في "موبينيل"؛ حتى تبقى "موبينيل" مصرية -رغم أن الخلاف بينه وبين الشريك الأجنبي كان على السعر، وليس على مبدأ بيع حصته!-.
كما أعلمُ -أيضًا-: أنه عضو "لجنة حكماء مبارك"، ومِن بعدها: "لجنة عمر سليمان"، ثم عضو "لجنة يحيى الجمل"، و... و... انتهاءً بـ"المجلس الاستشاري".
وكلها لجان زعمت أنها للإنقاذ الوطني، ولكن مع اختلاف توجهات مَن دُعي إلى هذه اللجان، ومن دعا إليها تغيرت وجوههم وتوجهاتهم؛ اللهم إلا مِن "طلعة المهندس ساويرس"، الوجه الواحد صاحب مئات التوجهات!
لا أريد أن أصدر حكمًا استباقيًّا، فحالة كهذه تحتمل تفسيرًا آخر، وهو أن يكون الرجل هو الوحيد المُجمَع عليه في مصر مِن أقصاها إلى أقصاها! ولكن احتمالاً كهذا سوف ينهار عندما تعلم أن الرجل أسس "حزب المصريون الأحرار"، إلا أن أعضاء الحزب قالوا لصاحب المحل: "إن رئاسته للحزب سوف تكون سببًا لخسارته"، ومِن ثَمَّ توارى الرجل خلف لقب "مؤسس الحزب".
ثم إن الحزب تكتل مع غيره في "الكتلة المصرية"، ورغم مداعبة عواطف الجمهور بوصف "المصرية" مرة أخرى؛ إلا أن كتلته فقدت جاذبيتها فكان وزنها صفرًا -كما علق بعض الظرفاء على الإنترنت-! ولكن الصفر تحرك قليلاً؛ بفضل توظيف الدين في السياسة، وهو الأمر الذي ما فتئ "ساويرس" يدعي محاربته! والأدهى أنه تم توظيف دين ينهى كتابه المقدس أن تشتغل بالسياسة، ولكن هذه هي السياسة!
رفقاء مؤسس "المصريون الأحرار" في الكتلة المصرية هالهم عزوف "الكتلة التصويتية المصرية الحرة" عن اختيار كتلتهم؛ فعللوا هذا بوجود الحزب الذي يقوده "آسف: أسسه" ساويرس ضمن الكتلة.
طبعًا لم يأتِ هذا الرصيد السالب مِن فراغ، فمهما سَمى الرجل مشاريعه: التجاري منها، والخدمي، والحزبي بالمصري أو المصراوي أو المصريون أو المصرية؛ فبينه وبيْن المصرية الحقيقة مفاوز:
أولها: أنه لا يحترم دين الأغلبية المصرية -دين الإسلام-؛ فسب الدين على الهواء، وعلى تليفزيون الدولة الرسمي، وسخر مِن الحجاب، وطوَّح في زلة لسان مِن زلاته الكثيرة -واللسان مغرفة القلب-؛ ليجعله عادة إيرانية يزعجه وجودها في شوارع القاهرة!
وزلت فارته -mouse- فعملت ري تويت -retweet- على كاريكاتير يسخر مِن اللحية والنقاب! لعبت الفارة بذيلها لتوقع ذلك "الرجل الوطني" في شر أعماله فتبًا للفئران وابن عرس، وكل القوارض التي على ظهر البسيطة!
لقد ظن -أقصد ظنت الفأرة- أن اللحية والنقاب شعائر سلفية؛ فاتضح أنها إسلامية! يا لغباء تلك الفأرة.. ! لقد أعوزت الرجل أن يرمي نفسه بالغباء على الهواء مباشرة؛ لأن الناس لم يصدقوا أن الجريمة جريمة الفأرة.
وبحكم تخصصي في مجال الكمبيوتر، ومعرفتي بتلك المواقف المحرجة التي تنوب فيها الفأرة عن صاحبها؛ كدت أتعاطف مع "ساويرس" عندما هاتفني الأستاذ "يسري فودة" في الواحدة بعد منتصف الليل، وكنت لتوي قد أغلقت حاسبي بفأرته، ليخبرني بندم المهندس "ساويرس"، واعتذاره على الهواء "ستة عشر مرة"!
ولكني تذكرت أن سبه للدين على الهواء لم يكن للفأرة فيه ذنب، وأن سخريته مِن الحجاب لم يكن للفأرة فيه ذنب، وأن آفة الرجل في لسانه -وهو مغرفة القلب كما أسلفنا-.
ثم إني تذكرتُ مئات الشكاوى المقدمة "للنائب العام"؛ فأردت ألا أفتات على سلطته، وتركتُ الأمر للقضاء الذي تحرك أخيرًا، وحرك الدعوى ضد "ساويرس".
هذه الأخطاء هي نماذج لاعتداء "ساويرس" على دين الأغلبية في مصر، وهو أمر لا علاقة له بدينه هو شخصيًّا، فهي جريمة تصدر أحيانًا ممن ولدوا لآباء مسلمين، كما أن الغالبية العظمى من النصارى المحافظين على عهودهم، الحافظين للجميل يترفعون عن تلك الجريمة، بل يقول قائلهم: "إنه ابن الحضارة الإسلامية". مثل: الدكتور "رفيق حبيب".
وأما ثاني الأمور التي يبدو فيها "ساويرس" مخاصمًا "مصريته"؛ فهي: حرصه على السيادة الوطنية حيث جلس خاشعًا متوسلاً أمام مذيعة في التلفزيون الكندي مطالبًا أوروبا وأمريكا بالتدخل مِن أجل التصدي للنجاح البرلماني للإسلاميين!
ويا للعار.. حينما كانت المذيعة أذكى مِن رجل الأعمال الألمعي الذي يَعرف مِن أين تُؤكل الكتِف -ولكن الهوى يعمي ويصم!-.. لقد استدركت عليه المذيعة أن التدخل الغربي يعني: مزيدًا من التفاف الناس حول الإسلاميين؛ لمواجهة الإمبريالية الغربية، فخرج الرجل من "بركة إلى مستنقع"، مطالبًا بالتدخل السري الذي يبدو أنه أزعج المذيعة؛ ربما لأن عرض أمر كهذا في بلد ديمقراطي على شاشة تلفاز جدير بسقوطها بمن فيها.
ويبدو أن صاحبنا لم يفرِّق بيْن مبعوثات التحول الديمقراطي في العالم الثالث وبين مذيعات القنوات، فالكل في التنورة القصيرة سواء -كما يأتيك خبرها بعد قليل-؛ فلم يفطن صاحبنا إلى أن الكلام على الهواء لا بد أن يراعي سيادة الدول، وحق الشعوب في تقرير مصيرها و... و...

المهم: في آخر الأمر خرج الرجل مِن ورطته جزئيًّا بالمطالبة بدعم مادي علني أو سري -لا يهم-، وطبعًا وبلغة التاجر الذي يعرف أصول المساومة طالب بأن الدعم لا ينبغي أن يقل عن "مائة مليون دولار"، عندما أكد على أن لديه معلومة موثقة أن أميرًا قطريًّا ما دعم "الإخوان المسلمين" بهذا المبلغ، وأنه حينما عاتب دولة قطر اعتذروا بأن مبلغًا -تافهًا- كهذا يمكن أن يتصرف فيه أي أمير دون علم الدولة.
هذا الحديث يجرنا إلى النقطة الثالثة التي خاصم فيها "ساويرس" مصريته، وهي "عاداته وتقاليده": فقد كانت تلك المذيعة ترتدي تنورة قصيرة -أظن أنها أقصر ما يُسمح به في التلفزيون الكندي-، فلكل شعب ضوابطه وحدود حرياته، ولعل هذا ما شجع ساويرس أن يستعطفها من أن الإسلاميين يوشكون أن يمنعوه مِن شرب الخمر، وأن يمنعوا زوجته من لبس التنورات القصيرة "ولسان حاله يقول: كالتي ترتدينها أنت!".
وبغض النظر عن دين الرجل؛ فإننا لا نرى مِن عامة النصارى في مصر مَن يفاخر بارتداء زوجته للتنورة القصيرة، ولا حتى مَن يفاخر بشرب الخمر؛ فضلاً أن يصطحب ابنه إلى حاناتها، كما ختم برنامجه بأنه سوف يأخذ ابنه وبعض الأصدقاء ليسكروا؛ لأنه لا يضمن حال عودته إلى مصر: هل سيجد فيها خمورًا أم سيكون الإسلاميون قد منعوها؟!
لنترك الآن مجالس "سُكْر ساويرس"، و"تنورة زوجته القصيرة" -التي لم يرها كثير مِن الناس؛ فأبى ساويرس إلا أن يفاخر بها، ونعم الفخر!-؛ لنرى مصر في مخيلة "ساويرس"..
كلنا يخجل مِن المظاهر السلبية في بلادنا، ولكن عندما نتكلم عن مصر في ذاكرتنا يتكلم كل منا عن أهم ما يربطه بمصر؛ فمصر عندي هي: "الأزهر"، هي: "الألف مئذنة"، هي: "ساحات صلاة العيد"...
مصر عندي هي: "العاشر من رمضان"، مصر عندي هي: "مصر 28 يناير 2011"، شعب يُؤمِّن بعضه بعضًا بغض النظر عن الدين، وعن أي اعتبار آخر، ولكن مصر عند "ساويرس" لم تكن إلا مجرد أكوام القمامة، والشوارع غير النظيفة، والتي لم يجد شيئًا يربطه بمصر ويمنعه من الهجرة منها إلا هذه الأشياء -كما قال في حواره مع "المصري اليوم"-!
فإن قلتَ: إن هذه أمور نتفق مع الرجل أنها سلبيات -وإن كان الغريب أن يجعلها هي سر ارتباطه بمصر!-.
قلنا: فما بالنا به يسخر مِن الطعام الشعبي المصري "الفول - الطعمية"، وهو طعام كان يمكن أن يبقى قبوله له أو رفضه في نطاق اختياره الشخصي، أما إن يسخر مِن هذا الطعام الشعبي؛ فأظن أن هذا الأمر له علاقة بالانتماء والولاء، ومهما أحاط الشخص نفسه بألقاب: "المصرية، والوطنية"؛ فسيبقى اللسان دائمًا -والفأرة أحيانًا- مغرفة للقلب.
ساويرس مواطن مصري سَخِر مِن دين الأغلبية المصرية ومِن عاداتها، وطالب بالتدخل الأجنبي في شئونها، وهو الآن سيقف أخيرًا أمام إحدى محاكمها؛ ليحاكم على ازدرائه لدينها في القصة التي كانت "الفأرة" بطلتها!
وكم كنتُ أتمنى أن تكون المحاكمة في القصص التي كان بطلها اللسان؛ فهي أوضح وأدل وأولى بالمساءلة.
وعلى أية حال.. فلا ينبغي على المهندس "ساويرس" أن يحزن؛ فهذه دولة سيادة القانون التي يزعم أنه ينادي بها، كما أن مثوله أمام "القضاء المصري"؛ قد يكون شيئًا آخر يُذكِّره بالارتباط بمصر أفضل مِن أكوام القمامة، والشوارع المكسرة!

السبت، 14 يناير 2012

نص المرافعة التاريخية في قضية مبارك والعادلي

نص المرافعة التاريخية في قضية مبارك والعادلي
ننشر نص المرافعة التاريخية لـ خالد أبو بكر المحامى الدولى فى قضية قتل المتظاهرين المتهم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وابنيه علاء وجمال، وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق و 6 من كبار مساعديه.

وإلى نص المرافعة:
"سيادة الرئيس حضرات القضاة الأجلاء أقف أمام حضراتكم اليوم فى محاكمة جنائية لا سياسية ولا انتقامية، محاكمة فتحت بسم الله الحق العدل وستنتهى بمشيئة الله بحكم هو عنوان الحق والعدل.

محكمة جنائية ودعواى فيها مدينة قوامها ضرر وعلاقة سببية، فى محاكمة علمت العالم بأسره كيف يثور شعب على من ظلمه ويقف يطالب محاكمته باسم الحق والعدل، أما عن الضرر يا سيادة الرئيس فسنفتح القلوب كى تنطق بلسان حالنا إلى قاضينا، وأما عن الفعل الذى سبب لمن أمثلهم هذا الضرر، فقوامه أفعال كثيرة محكمتنا سنطرح من هذا الجرائم ما ينظر منها أمام عدله ويبقى ما تبقى من هذه لجرائم لغد ناظره قريب.

واسمحوا لى يا سيادة الرئيس أن أرفع لكم بلسان حال المجنى عليهم مظالمهم التى يثقون أن رب العالمين سيرشدكم إلى ردها، ومن أمثلهم يا سيادة الرئيس هم شاب من خيرة هذا المجتمع أذكر لحضرتكم بعض الشخصيات من أمثلهم لكى يتسنى للمحكمة الحق على تصرفاتهم:

أمثل اليوم وكيلاًَ عن المجنى عليهم الدكتور مصعب أكرم الشاعر الطبيب والجرح بمعهد القلب المهندس أحمد محمد حسن الفتى مهندس بشركة مصر للطيران المهندس طيار عمرو محمد طارق الحناوى بشركة الطيران المصرية.

أنا ومن أمثلهم ومن هم فى جيلنا لم نرَ أو نعاصر فى مصر رئيساً سوى المتهم الأول، كانوا يضعون لنا صورته فى فصولنا الدراسية واستمرار هذه الصورة إلى أن أصبحت موضوعه فى الفصول الدراسية الخاصة بأول أبنائنا، عشنا فى بلادنا حياة المواطن العادى الذى لا يعمل بالسياسة ولا يهتم بها وكان ما يهمه هو البحث عن العلم فى بداية الحياة والبحث عن النجاح فى العمل بعد الدراسة.

أنا ومن أمثلهم يا سيادة الرئيس وأحمد الله وأشكره لا ندعى أننا كنا نعانى مرضاً أو جهلاً، لكننا كنا نعيش حياة عادية مثل أبناء الطبقة المتوسطة من الشعب المصري، وجدنا أبنائنا يتعاملون مع حال بلادنا بقاعدة واحدة وهى الرضاء بالأمر الواقع.

كنا نرى ظلما وضيق حالة الكثيرين وعدم المساواة بين الغنى والفقير واحتياج أبناء وطننا للعلاج،، والبحث الدائم عن التقرب إلى كل من هم قريبون من السلطة كى ينجوا المواطن العادى من بطش أو قهر أو حرمان.

وعندنا بدأنا العمل فى معترك الحياة وجدنا أنفسنا مجبرين على التعامل مع واقع الحال فى بلادنا،، وكنا نسأل ما الذى ينقصنا كمصريين وقد تفرقنا فى بلاد العالم الأول أن نأخذ كامل حقوقنا فى بلادنا؟ ما الفرق بيننا وبين أى مواطن حر يشعر أن بلاده ملك خالص له؟ وماذا فعل البسطاء من أبناء وطننا كى يحرموا من لقمة عيشة تقويهم على حال بات يزداد سوء يوما بعد يوم؟ وكانت الصدور قد امتلأت بالظلم فى كل الفئات وفى جميع شرائح المجتمع، فلم يكن أمامنا ما نبكى عليه أو نهابه.

فتواعدنا وتلاقينا وإذا كانت اللقاءات فى الماضى لها شكل نمطى فلقاءات الحاضر اختلفت عدداً وموضوعاً وشكلاً ففى دقيقة واحدة يستطيع الآن ألاف البشر أصحاب الثقافات المميزة أن يلتقوا ويتحاورا ويتفقوا بل ويغيروا حاله أمة من ظلام إلى نور.

هذا ما تم استخدامه لبدء الشرارة الأولى لغضب جيل بأكمله، وجيل قرر أن مصر حرة وأن أبنائها أحرار، وأنا حاجز الخوف الذى ورثناه سيكسر بلا رجعة، قرر أن الماضى كان لهم ونحن الذين سنقوم فى حاضرنا بما يضمن أن ومستقبل أبنائنا، جيل ليس له ما يبكى عليه أكثر من حالة فاجتمعنا وقررنا ووحدنا النداء والمطلب الحرية وعدالة اجتماعيه.

والحقيقة المجردة يا سيادة الرئيس لم يكن لى بال كل من رج من بيته فى هذه اللحظة وفى بداية الأمر ولم يخطر أطلاقا أنه يسقط نظام ويقيم غيره، أبدا ولم يكن هناك منهج لاتجاه معنى يتوجهون إليه ولم يكن لدى هؤلاء الشباب أى طموح فى أغلبية برلمانية، ولا إعلانات دستورية، ولا حكومة توافقية، ولا مبادئ فوق دستورية. كل ما كان يهمهم أن تصل صرختهم إلى كل ألم كى يعدل عن ظلمة ويتنازل عن أطماعه ويتركنا نعيش وأبناؤنا فى بلادنا بحرية وعدالة اجتماعية.

فكانت أرداه الله وحدها هى الباعث وهى السبب فى أن تكون دعوة شباب هذا أجيل هى طريقة نور بلادنا بعد ظلامها ورفعتها بعد هوانها، نعم سمعنا قول المولى عز وجل يهز قلوبنا – أنما أره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذى بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون – من منا كان يتخيل هذه اللحظة التى نقف فيها الآن، الله أكبر لقد ظهر ثورة حق لشعب ولد حرا وحرم من حريته ** ثورة كان.

بدأنا جميعا نشعر بضرورة محاسبة كل من أجرم فى حق الشعب المصرى لم يعد لدينا قدرة على أن نسامح فى أى مظلمة تمت فى أرواح أو أموال شعبنا الوانا وأطيافا من أفعال أدت إلى أهدار لأموال ومقدرات أمه بأكملها لصالح مجموعة من الذين تملكوا السلطة وأبو ان يتنازلوا عنها بل أرادوا أيضا أن يورثوها لأبنائهم وكان يساعدهم فى ذلك حاشية تعمل فى كل مجالات العمل سياستها الأولى الولاء الكامل لمن هم فى الحكم ولأبنائهم ، واتينا إلى محكمتهم الموقرة نقف أمام عدلكم لنرفع مظالمنا إليكم ونشكو لكم من جسامة الثمن دفعناه من أجل أن ننال حريتنا ثمنا جد غاليا غاليا، دماء وأرواح خيرة شباب بلادنا فى وحدة من أبشع الجرائم التى شهدتها المجتمعات الحديثة وفى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ بلادنا فلم يسبق أن قام مصريون بقتل هذه الإعداد من أبناء وطنهم، قتلوا من حيث ائتمنوا، من نظام الدولة الذى قسم اليمين على أن يحافظ لى بناء وطنه وأن اليوم يا سيادة الرئيس أقف أمامكم بسبب ما أجبرنا على دفعه من ثمن وكل ما أطلبه منكم يا سيادة الرئيس باسم الحق والعدالة أن يدفع من أجبرونا نفس هذا الثمن عين بعين جسد بجسد روح بروح.

وأضاف، سيادة الرئيس أننى اتهم كلاً من: إسماعيل محمد عبد الجواد الشاعر حسين محمد عبد الرحمن يوسف – عدلى مصطفى عبد الرحمن فايد – أحمد محمد رمزى عبد الرشيد المتهم حبيب إبراهيم حبيب العادلى – والمتهم محمد حسنى مبارك السيد مبارك، حيث أتهمهم مجتمعين بالاشتراك فى جناية قتل عمد مع سبق الإصرار عن طريق التحريض والمساعدة وكذلك الشروع فى قتل وإصابة كل من ورد فى أوراق النيابة العامة أسمه كمجنى عليهم، وفى حدود دعواى المدنية هناك جرائم المدنية هناك جرائم وردت فى قرار الإحالة الذى صدر بمواد المتتابعة ولم فيه أن أشرح طبيعة هذه الجرائم وظروف حدوثها وأن ذلك كان هو السبب فى ما أحدثته من ضرر على من أمثلهم**.. إذا ما هى الأفعال التى ارتكبها هؤلاء وتسببت فى إحداث الضرر لمن أمثلهم؟.

المتهم أحمد محمد رمزى عبد الرشيد وكان يشتغل منصب مساعد وزير الداخلية رئيس قوات الأمن المركزى الذى كان الإله الصماء التى عليها التعامل بالقوة مع المواطنين طول فترة الحكم الماضية، والمتهم حبيب العادلى تحديث فى التحقيقات واصفا الأمن المركزى أنه الجناح العسكرى والقوة الضربة لهيئة الشرطة على حد وصفه.. وقد حدد القانون قواعد لفض الشغب، ولكن هذه القواعد كانت تكتب على الأوراق أما ما كان يحدث على الأرض فهو واقع مختلف، عدد قوات الأمن المركزى على مستوى الجمهورية العد هو الأكبر من نوعه فى أى دولة عربية وأفريقية، بل أن هذا العدد يفوق مجموعة قوات الأمن فى الشغب فى دول الإتحاد الأوروبى مجتمع لكن النظام اعتمد على قوة هذا الجهاز فى التعامل ع التحركات الميدانية للمواطنين طول سنوات الماضية.. وهنا وجب التفريق بين قوات الأمن المركزي، وبين فرق الأمن التابعة لمديريات الأمن المختلفة، الأولى تتبع المتهم أحمد رمزى والثانية تتبع ميرى الأمن فى المحافظات ولا يكن لهم تحريكها فى المأموريات الكبيرة دون الرجوع إلى المتهم عدلى فابد.

المتهم أحمد رمزى ذكر فى التحقيقات أن أمن الدولة تعطى تعليمات للأمن المركزى ووصف أن هذا التعليمات قد تأتى من رئيس الجهاز أو حتى من ضابط صغير يعمل بمباحث أمن الدولة.لما سؤل عن طبيعة تسليح القوات مساء 25 يناير قال لم توجد ثمة أسلحة لكن كان هناك درع وعصي، علما بأنه لما سؤل عن كيفية فض المتظاهرين فى اليوم ذاته قال بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، إذا هناك أسحله مش درع وعصا بس، والسلاح المطلق لقنبلة الغاز هى بنادق فييدرال ولها 3 أنواع من الذخيرة يمكن استعمالها من هذا السلاح النو الأول طلقات خارقة، خارقة حارقة، طلقة قنبلة غاز، لما سؤال عن طبيعة دور يوم 25 يناير قال أنا انتقلت من مكتبى بناء على طلب من المتهم إسماعيل الشاعر كى أساعده فى تحريك قوات الأمن المركزى إذا تواجد على مسرح الجريمة إسماعيل الشاعر وأحمد رمزي.

وقال أنا المتهم حبيب العادلى أمر الساعة 7 مساء بضورة فض المظاهرات، وهنا أنا عندى معلومة أن الحوار إلى دار بين العادلى وبين أحمد رمزى تليفونيا قال فيه حبيب العادلى بالنص أنا وعت الأستاذ جمال أن العيال دى هنفرقهم ولن يبيتوا فى الميدان.

وأطراف هذه المكالمة يعلمون من داخلهم أن هذه العبارة وردت فى الحديث الذى دار بينهم، وهنا أحمد رمزى قال حاجه لا تتفق إطلاقا ورايته الأولى أفاد أنه قال للوزير أنى أجل ساعة أو أثنين وذلك حتى لا يسفر الفض على إصابات أو وفيات، إصابات ووفيات إيه اللى ممكن تحدث بالدرع والعصا، والعلم المسبق بأثر الجريمة بات متيقنا فى هذه العبارة لدى كلا من أحمد رمزى منفذ القرار وحبيب العادلى متخذ القرار.. ويوم 28 يناير كان عدد قوات الأمن على مستوى القاهرة الكبرى 17 ألف فرد، وهناك يا سيادة الرئيس الخطة المهلكة التى لا تنم إلى عن جهل هى أن جزء من هذه القوة كان متواجدا فى ميدان التحرير ليواجه مظاهرات عددها يفوق الـ300 ألف متظاهر، ويقوم بمنعم من الوصول إلى الميدان.

لما سؤل من الذى كان يدير أى ميدان قال أن كل مدير أمن هو الذى كان يقود العمل فى الميادين التابع له وذكر لنا أحد الشهود أن غرفة عمليات شكلت برئاسة أحمد رمزى وإسماعيل الشاعر ومكانها كان ميدان التحرير.

وأفاد أن هنا خدمات ثابتة فى قلب ميدان التحرير ودى تتبع مدير الأمن وذكر لنا الشهود فيه بعد أن هذه الخدمات مسلحة بالسلاح الآلي، لما سؤل عن عدد المتظاهرين اللى كانوا فى طريقهم لميدان التحرير قال الساعة 5 كانت تصل إلى مليون شخص، مليون شخص يخرجون للتظاهر ويبقى رئيس لدولة غائباً ولا يعلم صدق النيابة عندما قالت انه كلام لا يصدقه عاقل.

وقال أن التعليمات الصادرة من الوزير ومن إسماعيل الشاعر هى منع الوصول، إذا نجاح المهمة يكمن فى منع الوصول، إذا الأمر كان من حبيب العادلى لكل من إسماعيل الشاعر وأحمد رمزى بمنع وصول مليون شخص إلى ميدان التحرير باستخدام ما لديهم من تسليح.

وأفاد مدير الأمن المركزى، أن مش قواته بس اللى كانت فى الميدان وإنما العديد من القوات، ده كلامه أنه هناك تعدد لنوع القوات وبالمنطقة تنوع لنوع التسليح والذخيرة، وحملة المسئولية عن أطلاق الخرطوش بشكل أفقى مباشر على المتظاهرين إلى ميدان الأمن المركزى بالقاهرة، وقال أن فى 12 مدير إدارة كل واحد يسال عن الوفيات التى حديثة فى إدارته، والحقيقة هنا سيادة الرئيس أنه ورد فى أقوال الضابط عصام حسن عباس فى سؤاله أمام عدالة المحاكمة أن التسليح كان بأسلحة نارية وأن تلك الأسلحة استخدمت فى التعامل مع المتظاهرين ده اللى قال كده ضابط فى الداخلية مش مجنى عليه.

والضابط حسين سعد قال أن أحمد رمزى حال تواجه بغرفة العمليات يوم 28 يناير أعطى تعليمات بضرورة تزويد القوات المتواجدة بالتحرير بأسلحة ناريه إليه مصدر هذه المعلومة ضابط برتبه لواء فى الداخلية وأنا لا أعلم لماذا يقوم لواء بالداخلية بسرد معلومة هامه فى تحقيق بهذا الشكل إلا إذا كانت حقيقة فهو بالطبع لم يأتِ بهدف إدارة زملائه وإنما الهدف الشهادة لوجه الله.. وهنا يا سيادة الرئيس وجد أن أمر كتابى جاء البند 181 الساعة 22.2 دقيقة مفاده بناء على تعليمات السيد مساعد الوزير وهو المتهم أحمد رمزى يتم أخطار مدير أدارة العمليات الخاصة بأن يتم التعامل مباشرة، وهنا نود أن نفرق بين نوع القوات لهذا المتهم فمنعما قوات فض الشغب وتفوقها فى التسليح قوات العمليات الخاصة، وظهر لنا أمرا ثانيا مدونا مفاده التعامل مباشرة.

وجاء أيضا فى النبد 244 الساعة 5.30 يوم 28 كتوجيهات مساعد الوزير يتم تذخير الأسلحة والبدء فى استخدام الخرطوش، يعنى ما فيش درع وعصى وغاز اللى كان بنسمع عنه وكلمة البدء تعنى أن هناك ما يليها، أما البند 286 الساعة 10.5 بتاريخ 28 كان كاشفا، ورد فيه أنه كتعليمات السيد مساعد الوزير تعزيز كافة الخدمات الخارجية بالسلاح الآلى والخرطوش، هو السؤال هنا يا سيادة الرئيس هذه البنود لا يعقل أن يكون المجنى عليه هم من صنعوها أو النيابة العامة قد اختلقتها كدليل وإنما هو محررة فى دفاتر رسمية ومن ضابط بالداخلية زملاء للمتهم وينتمون لنفس الجهة ولا مصلحة لهم إطلاقاً فى تغيير حرف واحد فى إى بند، دفاتر غرف السلاح ورد بها أوامر بتسليح القوات بأسلحة خرطوش وطلقات رش ومطاطى والآلى، هذا ما ورد فى الدفاتر الرسمية.

المتهم إسماعيل محمد عبد الجواد الشاعر هو مدير أمن القاهرة طول أربع سنوات وحتى وقت ارتكابه للجرائم وظل فى موقعة بعد الأحدث إلى أن تمت أقالته يوم 14 – 2 أى أنه ظل فى الخدمة طوال 20 يوم، كان رئيسا لمباحث قسم المعادى وذاع صيته وقتها، حتى عين مفتشا لمباحث منطقة المعادى والبساتين، وتولى منصب رئيس مباحث العاصمة، حيث توطدت علاقته مع المتهم حبيب العادلي، الوزير السابق، ليثبت "الشاعر" كفائتة فى قمع المظاهرات مع بداية الحراك السياسى الذى بدأته حركة "كفاية" ولمجهوده الذى اعتبره "العادلى رائعاً، أصدر قراراً بتعيينه مديراً لأمن القاهرة ليتولى زمام الأمور ليقمع مظاهرة أبريل فى 2009 ويقبض على العديد من الشباب بعد سحلهم أمام مجلس الشعب، وكذلك مظاهرات التنديد بمقتل "خالد سعيد" يوم 25 يناير وقف بقوة وسيطر على المظاهرات من مكانه بساحة المجمع.

يوم 10 – 3 – 2011 بجلسة تحقيق أقر بوجود بمسرح الجريمة، وقال وأنا نفسى كنت فى ميدان التحرير اختصاصه الوظيفى المسئول المباشر لمدير قطاع الأمن ومديرى قوات الأمن والبحث الجنائى ورئيس مباشر لكافة مأمورية أقسام القاهرة الكبرى.

الرئيس المباشر له هو المتهم عدلى فايد، طبيعة التسليح الذى تسلح به قوات التابعة له تبدأ بالسلاح الآلى والرشاش والطبنجات والأسلحة المطلقة لقنابل الغاز المسيل للدموع لا تصرف هذه الأسلحة إلى القوات إلا بأمر مباشر منه وفقا لطبيعة وظيفته، وعندنا سؤال عن كيفية التعامل مع المظاهرات أفاد فى التحقيقات أن جهاز أمن الدولة يقوم بإخطاره بالمعلومات وخطة التعامل يقوم بعملها مع مساعدة الوزير للأمن العام المتهم عدلى فايد ويكون تقرير أمن الدولة به معلومات عن المظاهرات ومكانها وهذه الأخطار يكون عن طريقة رئيس جهاز مباحث أمن الدولة المتهم حسن عبد الرحمن.

بعد إقرار الخطة للتعامل مع المظاهرة يتم تنفيذها بأمره هو شخصيا وفقا لما أورده بتحقيقات النيابة، وهنا أعطى لنا هذا المتهم فى معرض أجابته على أسئلة النيابة العامة أشارة لا تخلو من مضمون، سؤل عن كيفية تنفيذ خطة المواجهة والتسليح قال أوامر العمليات الأساسية لا تأتى التعليمات بها فى صورة كتوبة وأنها تقول كتعليمات شفوية مستديمة لكل القوات، وهل يسمح للضباط بحمل أسلحتهم النارية قال نعم يسمع بذلك لضباط المباحث ويقى هناك تنسيق بينى وبين قوات الأمن المركزى حال تواجد بالمظاهرات، حضر اجتماع مع الوزير ومساعديه وعرضت معلومات أكدت أن المظاهرات ستكون سلمية كان موجود بصحبة أحمد رمزى فى ميدان التحرير، أخبر أن فى الطريق إلى الميدان من اتجاهات مختلفة عدد يزيد عن 60 ألف متظاهر – هذا الكلام ورد أولا فى صورة معلومات.

ووصلت المجموعات إلى ميدان التحرير يعنى يوم 25 يناير مساء مدير أمن القاهرة علم بوجود عدد 60 ألف مواطن فى ميدان التحرير لما تقوم مظاهر 500 مواطن والفارق بينها وبين هذه التظاهرات، قال فى يوم 28 الوزير كان منسق معرفش مع مين لقطع الخدمة التليفونية والإنترنت.

يوم الجمعة بعد الصلاة كان معايا لواء من أمن الدولة وبتوع الأمن العام اللى نسيت أقول أنهم دايما كانوا حاضرين الاجتماعات اللى بعملها ولما رحت الوزارة سمعت صوت العيال قربت العيال دى يافندم اللفظ اللى كان بيطلق على المواطنين المصريين اللى ماتوا والأحياء منهم اللى علموهم فيها بعد معنى الرجولة.

إذا نخلص من ما تقدم أن مسرح الجريمة كان يدار بشكل مباشر وميدانى بواسطة المتهم إسماعيل الشاعر والمتهم أحمد رمزى وأنه كان على مسرح الجريمة قوات متعددة نوعا وتسليحا وأن كل ذلك كان يدور فى أشهر ميادين العاصمة على طول ساعات أيام الجريمة.

وأن الرئيس المباشر الذى يرجع إليه هو المتهم حبيب العادلى الذى وصف أحد الشهود اتصاله بموقع الأحداث بأنه لحظة بلحظة وده شىء بديهى فى القوات النظامية وحتى هذه المستوى يمكن تحديد طبيعة الأعمال التى قام بها القادة الميدانيين الذين يمثلون الفاعل الأصلى فى هذه الجريمة، وأن كان نعتقد أنه بمزيد من البحث كان من الممكن وليس من المستحيل التوصل إلى أسماء الضباط الذين تعملوا مباشرة فى توجيه أسلحتهم بأنواعها بشكل أفقى ومباشر ومن مسافات قريبة مع علمهم الأكيد بالأثر الفاعل لتلك الأفعال.

ورد ورد بأقوال الشهود ما يؤكد صحة ما ذكرناه:
سألتم سيادتكم الشاهد اللواء مهندس حسين موسى مدير إدارة الاتصالات والذى كان مسئولا عن هذا القطاع طول فترة الأحداث.

س: تحديدا من الذى أصدر أمر بتزويد قوات الأمن بالأسلحة الناري؟
ج: اللواء أحمد رمزي.
س: ما هى الأعمال التى أتاهما اللواء محمد عبدالرحمن – قائد القوات الخاصة؟.
ج: كان تعليماته أضربوا فى العيال دول وميهمكمش حاجه.
س: هل تم استخدام المدرعات الشرطة لتفريق المتظاهرين؟.
ج: طبعا تم استخدامها.
س: ما معلوماتك عن التعامل مع المتظاهرين أمام مبنى الحزب الوطنى بالتحرير؟.
ج: حمايته كانت عن طريق العمليات الخاصة برئاسة العميد إيهاب خلوصى والتجهيز كان بالأسلحة الآلية.
وعند سؤال سيادتكم للشاهد عماد بدر سعيد محمد الرائد المختص بالتدوين فى دفتر العمليات.
س: من هى رئاستك التى تدلى إليك بالمعلومات لتدوينها فى دفتر الأحوال؟.
ج: اللواء أحمد رمزي.
وعندما سألته أنا شخصيا من المسئول عن إدارة موقع الأحدث يوم 25 يناير؟.
ج: اللواء إسماعيل الشاعر واللواء أحمد رمزى وأقدم رئيس من الأمن العام.

عندما سألت المحاكمة النقيب محمد عبد الحكيم الضابط بالأمن المركزي.
س: عندما يصاب شخص بطلق رش فى العين ماذا يكون الأثر؟.
ج: هو عبارة عن طلقة من 5 إلى 6 بليات حديد إذا جاءت الإصابة فى العين تؤدى إلى صفيتها.

سألتم سيادتكم الشاهد عبد الحميد راشد أبو اليزيد مراقب سلاح والمسئول عن صرف الأسلحة.
س: ما هى الأسلحة التى تقوم بتسليمها لقوات الأمن المركزي؟.
ج: درع وخوذه وبنادق فيدرال وبنادق خرطوش ولكل مجند من 24 مجند عدد 50 طلقة رشاش و50 كاوتشوك وانه بناء على التعليمات اد معدل التسليح من 50 إلى 100 طلقة.

فى سؤال محمود وجدى عن مسئولية وزير الداخلية عن مواجهة التظاهرات؟.

ج: وزير الداخلية هو من يعطى التوجيهات لمعاونيه فى مواجهة هذا الحدث ثم المتابعة وفى يوصفه وتقديره للأحداث قال أن عملية غلق الميدان من قوات الشرطة يعتب فى تقديرى خطأ فى فض التظاهرات.

وأنا لو وزير الداخلية فى الوقت ده كنت طلبت من رئيس الجمهورية مخاطبة شعبه.

أنا لا أدعى علما يفوق علم قاضينا ولكن من القواعد القانونية التى أقرتها محكمة النقض المصرية:

من أعطى للفاعل أو الفاعلين سلاحا أو آلات أو أى شيء أخر مما أستعمل فى ارتكاب الجريمة مع علمه با أو ساعدهم بأى طريقة أخرى فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها.

الاشتراك بالتحريض مفاده هو وجود سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ومن غير لازم فى الاشتراك بمساعدة، أن يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلا مقصودا، ويتحقق فيه تسهيل ارتكاب الجريمة، للقاضى الجنائية الاستدلال على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة بطريقة الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه ما دام سائغا الاشتراك بالاتفاق، مناط تحققه، حرية القاضى الجنائى فى أن يستمد عقيدته من أى مصدر شاء أن يستدل علية بطريق الاستنتاج من القرائن التى تقوم لديه كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة.

لمحاكمة الموضوع سلطة تقرير أدلة الدعوى دون بيان العلة، إفصاحها عن أسباب أخذها أو اطراحها لها لاشتراك بطرقة المساعدة لا يشترك لتحقيقه أن يكوه هناك ثمة أتفاق سابق بين الفاعل والشريك، كفاية علم الشريك بارتكاب الفاعل للجريمة ومساعدته له فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لارتكابها.

المادة 77 من قانون العقوبات:
يعاقب بالإعدام كل من ارتكب عمدا فعلا يؤدى إلى المساس بالاستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أرضيها.

يتبقى لنا شركاء فى الاتهام عهد على النيابة العامة والمجنى عليهم أثبات الدليل على توريطهم فى الأحداث، وهنا أود الإشارة إلى قوة ومكانه ونفوذه المتهمين الآخرين فى التأثير على الشارع المصرى وقت الأحداث.

المتهم حبيب العادلى فتح معه التحقيق يوم 27 – 2 – 2011 علما بأنه اقل فى 31 – 1 أى فترة 27 يوم ولا أحد يعلم أين كان هذا المتهم قبل هذا التاريخ ومدى اتصاله وتأثيره على إدالة الثبوت فى الدعوة ولماذا تم التأخر فى فتح التحقيق معه وهذا كله تسال فيه النيابة العامة.

وحبيب العادلى كان رئيس لمباحث أمن الدولة قبل أن يصبح وزير الداخلية.

وفى أقواله أكد أن ليس الأمن المركزى وحده هو من تولى التعامل مع مسرحة الأحداث وإنما أيضا جميع قوات الأمن العام التابعة لمديريات الأمن، وهى جميعها تتبع ويرأسها المتهم عدلى فايد، فالقول أو محاولة استخراج شهادة لبيان ما هو حجم القوات التى تتبع عدلى فايد نوع من الالتفاف عن الواقع الذى رسمه هؤلاء بعيدا عن ما ينص عليه فى القانون ولما سؤل المتهم حبيب العادلى عن من هو المنوط به نقل أوامره لكافة القوات قال المتهم عدلى فايد والمتهم حبيب العادلى نفسه قال أن من كان منوط التعامل وتوجه إلى الميادين التى وقعت بها التظاهرات كلا من قوات الأمن المركزى وفرق الأمن وعناصر من الأمن العام ومباحث أمن الدولة، وهنا علينا أن نتخيل هذا التنوع فى القوات والذى يتبعه الضرورة تنوع فى التسليح.

حبيب العادلى قال أنه كان على اتصال برئيس الجمهورية وأخبره أن الموقف غاية فى الخطورة وأن اللجنة التى قررت قطع الاتصال عن المواطنين وتعطيل خدمات الإنترنت كانت برئاسة ورئيس الوزراء وعضويته ووزير الدافع ووزير الإعلام ووزير الاتصالات.

وجميعهم مجرمون، كل همهم هو نظرية باهته للمحافظة على نظامهم الواهن ولم يبالوا بأن كل مصاب كان فى حاجة إلى الاتصال بمن يسعفه وأنه لو تمكن من ذلك لربما لمن وصلنا إلى هذا العدد من المجنى عليهم.

لما سؤل هل أخطرت رئيس الجهورية بوقع قتلى فى الميادين؟ قال أنا أخطرته بوقوع أربعة قتلى فى السويس وقال – نتيجة طلقات رش – يعنى وزير الداخلية عرف أن سبب وقوع هؤلاء القتلى كان نتيجة لإطلاق طلقات رشد عليهم وهو احد أنواع الذخيرة التى كانت لدى القوات التى تعاملت مع المتظاهرين وأن الكلام ده كله رئيس الجمهورية عليه به.

وأفاد أيضا أن كل المعلومات تم أخطارها لرئيس الجمهورية بإخطارات شفهية.

وقال كما أن أخطر رئيس الجمهورية بأن هناك رصد لضيق المواطنين من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذكر والحقيقة أن الوضع ده كان صحيح.

وقال أن الاتصالات والتكليفات بينه وبين المساعدين فى الميادين لم تنقطع لحظة بلحظة.

لما سؤل طبيب الناس اللى فى التحرير دى أيه سبب وفاتهم؟.
قال يمكن الناس اللى هجموا على الأقسام سرقوا سلاح واستخدموه فى الشارع وده اللى سبب فى وقع ضحايا.

الحقيقة أنه قال أن قواته كان وجودها فى الميادين من 25 إلى 29 عمل نوع من الإعياء التام ولم تتوافر ليهم مقومات العمل – طيب مين اللى عمل كده وأمر القوات أنها تكون فى الشارع الفترة دى كلها.

دور حبيب العادلي
وقال إن فى إعداد المتظاهرات الكبيرة لا يجب أطلاق الخرطوش على المتظاهرين وإنما لازم نتركهم، بس الحقيقة كانت عكس كلامه تمام، وقال أن بعض فصائل الأمن المركزى كان معاها أسلحة خرطوش، وهذا يتناقض مع كلامه المتهم أحمد رمزى اللى قال أن القوات لم يكن فى تسليحها الخرطوش.

والحقيقة سيادة الرئيس أن هناك العديد من الأدلة المادية التى كانت من الممكن أن تساعد أجهزة الشرطة بقياداتها الجديدة بعد المتهم الأول ى أن تمد النيابة العامة بها.

جميعنا كان يتحدث عن الأسطوانة المدمجة التى تم أتلافها التى تضمنت اتصالات فيما بين المتهم حبيب العالى ومساعدوه.

ولكن هناك تسجيلات أخرى فى غرفة عمليات جهاز أمن الدولة تسمى ا د، وهذه التسجيلات تحتوى على تسجيلات كل أفراد أمن الدولة بإدارة الجهاز ولكن للأسف لم يتم البحث عنها أو ضمها للقضية.

كما أن جهاز أمن الدولة يتملك تسجيلات تليفونية للكثير من المواطنين أحذر المجتمع بأسره من أن تستخدم من قبل المتهمين ولا يساورنى أدنى شك أنهم كانت لديهم الفرصة بعد الأحداث للحصول على نسخه منها فقد ظلوا فى مناصبهم أسابيع بعد الأحداث.

قبل أن تطرق إلى المتهم الأول لدى رسائل لا تخلو مضمون.

لا أعرف إذا كن نجله علاء محمد حسنى مبارك قد وردت بخاطره أم لا هل كان يتذكر لحظة تقلد والده لأرفع الأنصبة بعد حرب أكتوبر؟ وهل قارن بين هذا الموقف ولحظة مثوله أمام هيئة المحكمة؟ أنا أسألك وبحث كيف تحول قائد فى قواتنا المسلحة إلى متهم بالاشتراك فى قتل شعبه وإهدار أمواله؟.

من السبب؟ ولماذا؟ ولمصلحة من؟ وهل تتذكر اللحظة لتى بكيت فيها ولله بكينا لبكائك عندما افتقدت عزيز عليك؟ أننى الآن أنقل لك شعور كل الأمهات والإباء الذين يعانون أكثر مما عانيت لان أبنائهم قتلوا غدرا قتلوا من حيث ائتمنوا، ألم تكن تعلم بسياسات أخيك والتى كان من شأنها الإضرار بتاريخ والدك العسكري؟ ألم تلاحظ هذا التدخل الكبير منه فى أمور تسيير الدولة؟ ألم تغار على والدك؟ لو كان بيدى لقدمتك إلى المحاكمة بتهمة المساهمة والسكوت على أحداث ظلم وزيف تمت فى البلاد بواسطة أخيك؟ دفعنا ثمنا جميعا.

أما المتهم جمال مبارك فأنا أشعر بالخجل عندما أقول له أنت متهم بقبول عطية فيلا نصف تشطيب فالحقيقة أن كلاً منا يسال الم تلاحظ سلطات الإدعاء نشاط هذا المتهم فى لمجتمع المصرى طول السنوات الماضية الم يكن هنالك علم لدى أجهزة الدولة بتدخله اليوم فى أعمالهم.

روى وزير العدل الأسبق المستشار محمود أبوب "رحمة الله" أن استدعى للقاء جمال مبارك فى مكتب جمال مبارك بدار القوات الجوية بحضور زكريا عزمى وحثنى على الإبقاء على التفتيش القضائى تابعا لوزارة العدل، ده فقط مثل واحد يضح للمحكمة إلى أى حد وصل نفوذ هذا المتهم.

لكنى أؤكد للجميع أن جاهزون للمواجهة، المواجهة الحتمية التى أعرف أن هؤلاء يصيغونها الآن لكل من شارك فى هذه الثورة، وأشهد الله أننا لم نتجنى على أحد ولم نظلم أحد ولم نكن نتمنى أن يكتب فى تاريخ مصر أن كان لها حاكما قتل شعبه وأهدر ماله.

أما رسالتى الأخيرة يا سيادة الرئيس وحيث أن المرافعة هى المتنفس الأوحد لحديث المحاماة وحيث أنكم مستأمنون على أن يقوم المحامى برسالته أسمحوا لى أن يكون هذا حديث القلب للقلب.

أما المتهم الأول يا سيادة الرئيس فقد فله ما له وعليه ما عليه فى العمل من أجل هذه البلاد أما وقوفه اليوم متهما فى محراب عدالتكم باتت رسالة إلى حكام المستقبل أن قضاء مصر وقضاتها لا يخشون فى الحق لومه لائم وسيحسب لمحكمتكم أنها أسست لدولة قانونا بدأت ولن تنتهى بمشيئة الله.

هذا الحاكم يا سيادة الرئيس أين كان وقت أن كان خيرة أبناء وطنه دمائهم تسير فى الشارع؟ وماذا فعل؟ وأين كان من ممارسات نظامه ووزيرة داخليته؟ وعندما علم بوقوع القتيل الأول ماذا فعل لكى يمنع وقوع الثانى ووقع الثانى فلماذا لم يتحرك لمنع وقوت الثالث وقع الأول والثانى والثالث وظل هل كما هو أبى وأن يقدم أى تنازلات فى بداية الأمر.

وبدل أن يخرج متحدثا إلى شعبة بعد خروج أكثر من 60 ألف شاب وفتاة إلى ميدان التحرير أهم ميادين عاصمته، ظل غائبا بل وأمر أن يخرج علينا صباح اليوم التالى مكتب الأمانة العامة للحزب الوطنى بما فيهم جمال مبارك وأحد عز وكل الوجوه التى سئم الشعب رؤيتها وقال أمين حزبه صاحب التاريخ الناصع صفوت الشريف نحن شامخون فى خطوة استفزازية بحسابات خاطئة كان يريد أن يرسل للعالم قوة النظام الحاكم فى الوقت الذى كان شعبه يحتاج إلى تطمينة وإلى معرفة ما هو مستقبل كل ساعة قادمة، كان الهدف هو أبقا أنا ويزول من يزول، وبالطبع إذا ما نجحت فى تفريق تلك المظاهرات أمالك من الأجهزة الإعلامية والمستشارين والأتباع والذيول الفاسدة ما تستطيع أن تخرج على المجتمع كى تبين أن الذين خرجوا على القانون كانوا قله مارقة وأن مصر بلد الأمن والأمان، والاستمرار فى نظرية لا تطبق إلى من أنظمة فاسدة وهى تسليط أجهزة الإعلام لتوصيل أحساس للموطن العادى أن الرئيس هو الأب، والرئيس هو الملهم، وتخرج الألسنة الكاذبة المضللة كى تزيد من تعميق هذه الأفكار وترسيخها لدى المواطن البسيط، والحقيقة أن معاناة المواطن البسيط فى هذا العصر اختلفت تماما عن معاناة القوى السياسية سواء اتفقنا معها أو اختلفنا فكان المسموح هو أن تتكلم لكن إلى حدود وأن تجتمع لكن دون أن تنفذ ما اتفقنا عليه.

سمح هذه المتهم لمعاونيه أن يقاموا أرادة شعبه، وأعتبر أن تقديم التنازلات لا يكون إلا كلما زادت الخسائر وأبى فى بداية الأمر أن يتنحى عن منصبة تاركا شعبه بعد ثلاثين عاما من الحكم الشمولى الذى يعتمد على النظام الأمنى الغاشم وسمح لأفراد أسرته أن يتعاملوا فى البلاد كأنهم ملاكها، ولا أحد يعلم حتى الآن كيف كانت تدور كواليس هذا الحاكم وما هو عدد الجرائم التى ارتكبت فى عهده وكم من مظلوم لم ترد إليه مظلمته حتى يومنا هذا.

كى يصبح ابنه رئيسا يموت أبنائنا، كى يرى كرسى السلطة يحرم شبابنا من نور أعينهم.

أننى يا سيادة الرئيس أتهمه بالاشتراك فى قتل أبنائنا أثناء الأحداث بأن سمح وعلم بقيام أجهزة الشرطة بالتعدى على الموطنين وقهرهم وضربهم بالأسلحة ودهسهم بالسيارات، ولم يحرك ساكنا هو الوحيد الذى كان قادر على أن يمنع وقوع تلك الجرائم ولم يفعل، أخل بواجباته وبقسم الله الذى كان مضمونه الحفاظ عل يشعبه وعلى مقدراته.

والجرائم كثيرة لكن أول الأمر مازالوا يبحثون ندعو الله أن يوفقهم إلى سرعة الانتهاء من كشف الجرائم التى تمت فى عهد هذا المتهم.

سيادة الرئيس حضرات القضاة الأجلاء أن دماء هؤلاء الشهداء أمانه فى عدلكم ونثق تمام الثقة أن رب العباد سيلهمكم إلى الحكم فيه قصاص عادل فى شفاء لا هات الأمهات التى فقدت أبنائهم وفيه نو وبصيرة لكل من فقد نور عينه من أبناء وطننا، وحيث أننى على ثقة تامة يا سيادة الرئيس أنكم ستصيغون حكما يشيد له التاريخ وسيكون مرجعا فى كل معاهد القانون، لذلك أطلب أن تخاطب المحكمة المشروع فى حكمها، بضروة سرعة إصدار قانون يجعل لمنصب النائب العام استقلاله التام عن أى مؤسسة من مؤسسات الدولة وأن يكون اختيار النائب العام وتعيينه بقرار من مجلس القضاء الأعلى.

وأطلب من سيادتكم يا سيادة الرئيس ومن هيئة محكمتك الموقرة الحكم على عقوبة وأشدها على كل من وردت أسمائهم فى قرار الاتهام.

وأطلب من الجميع أن يترجم على شهدائنا، وأخبر الجميع أن مصر أصبحت حرة لكل المصريين لا فرق فيها بين حاكم ومحكوم ولا رئيس ولا مرءوس، وسيبقى قفص الاتهام هذا مفتوحا لكل شخص أى كان حجمه أو قوته شرع فى أن يتجرأ على أبسط مواطن من أبناء الشعب المصري، أيا من كان هذا الشخص غنى أو فقير حاكم أو محكوم ومرشد أو مشير.

أننا لن نرضى أن يضيع ثمن ما فع من أجل هذه الحرية ونعاهد أن نحافظ على حرية بلادنا وأن كلفنا ذلك أرواحنا.

وإذا كنا نقف اليوم ياسيادة الريس نطلب منكم أن تحققوا لنا عدل الأرض فى هؤلاء فانى أبشرهم بعدل السماء والذى لا يحتاج إلى مرافعة وإنما يحققه رب العالمين يوم يقوم الحساب وإلى أن نلقى وجه ربنا الكريم إليكم رسالة من كل أم فقدت أبنها ومنكل أب يبكى أبنه يقولون لكل المتهمين مجتمعين، حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل، وفى النهاية أشكر عدالة المحكمة على حسن الاستماع".