الشعب المصرى جدير برئيسه
20
مايو
2012
07:31 PM
نحن مقبلون على انتخابات رئاسية يختار الشعب المصرى فيها رئيسه المقبل.. السؤال التقليدى الذى يوجه إلىّ :من ننتخب؟
الإجابة: انتخبوا من ينصر الدين ويقيم الشريعة، فالانتخاب شهادة منكم ستُكتب عند الله، فقد قال تعالى "سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ" الزخرف:19.
شهق البعض فى وجهى، وقال: "دين؟ إذن نترك العلم والزراعة والصناعة ونتفرغ للدين؟؟"
ظن هؤلاء السُذّج أننى أدعو إلى انتخاب رئيس من الدراويش ونزهد فى الدنيا ونعتكف جميعًا فى المساجد، لا زراعة ولا صناعة، ولا علم ولا تكنولوجيا، ولا يعرفون أن كل ذلك من الدين..!!
ومن الطبيعى أن الناس ستنتخب من هو على شاكلتها، فشبيه الشىء مُنجذب إليه، والطيور على أشكالها تقع، والشعوب جديرة بحكامها.
ولكننى أقدم هذه النصيحة المخلصة من كلام الله تعالى.
قال الإمام بن كثير فى تفسير القرآن العظيم فى تفسير قوله تعالى:
"وكذلك نولى بعض الظالمين بعضًا بما كانوا يكسبون" - الأنعام 129.
قال سعيد، عن قتادة فى تفسيرها: وإنما يولى الله الناس بأعمالهم، فالمؤمن ولى المؤمن أين كان وحيث كان، والكافر ولى الكافر أينما كان وحيثما كان، ليس الإيمان بالتمنى ولا بالتحلى.. واختاره ابن جرير.
وقال معمر، عن قتادة فى تفسيرها: (نولى بعض الظالمين بعضًا) فى النار، يتبع بعضهم بعضًا.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فى قوله: (وكذلك نولى بعض الظالمين بعضًا) قال: ظالمو الجن وظالمو الإنس، وقرأ: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين) [الزخرف : 36]، قال: ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس.
ومعنى الآية الكريمة: كما ولينا هؤلاء الخاسرين من الإنس تلك الطائفة التى أغوتهم من الجن، كذلك نفعل بالظالمين، نسلط بعضهم على بعض، ونهلك بعضهم ببعض، وننتقم من بعضهم ببعض، جزاء على ظلمهم وبغيهم.
وقال الشيخ السعدى رحمه الله فى "تيسير الكريم الرحمن فى تفسير كلام المنان":
"... كذلك من سنتنا أن نولى كل ظالم ظالمًا مثله، يؤزه إلى الشر ويحثه عليه، ويزهده فى الخير وينفره عنه، وذلك من عقوبات الله العظيمة الشنيع أثرها، البليغ خطرها.. والذنب ذنب الظالم، فهو الذى أدخل الضرر على نفسه، وعلى نفسه جنى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيد} ومن ذلك، أن العباد إذا كثر ظلمهم وفسادهم، ومنْعهم الحقوق الواجبة، ولَّى عليهم ظلمة، يسومونهم سوء العذاب، ويأخذون منهم بالظلم والجور أضعاف ما منعوا من حقوق الله، وحقوق عباده، على وجه غير مأجورين فيه ولا محتسبين.
كما أن العباد إذا صلحوا واستقاموا، أصلح الله رعاتهم، وجعلهم أئمة عدل وإنصاف، لا ولاة ظلم واعتساف..." فالحاكم العادل.. ظل الله فى الأرض.
وهذه كلمات من إمام الواعظين الحسن البصرى إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الذى اشتهر بالعدل وهو الحاكم الذى تحدث التاريخ الصادق عن عدله وتقواه.. ومنزلة الحاكم العادل عند الناس عظيمة.. وعند الله أعظم.. فدعاؤه مستجاب، وهو ظل الله فى الأرض، وهو من السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله، وسأل عمر بن عبد العزيز أيضًا عدى بن أرطأة عن صفات الحاكم العادل فأجابه: «فإذا أمكنتك القدرة على المخلوق فاذكر قدرة الخالق عليك، واعلم أن ما لك عند الله مثل ما للرعية عندك».. قال:
«لما تولى الخليفة عمر بن عبد العزيز الخلافة، بعث إلى الحسن بن أبى الحسن البصرى يسأله عن صفات الإمام العادل، فكتب البصرى: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل، وقصد كل جائر، وصلاح كل فاسد، وقوة كل ضعيف، ونصفة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.. والإمام العادل يا أمير المؤمنين والراعى الشفيق على إبله، والحازم الرفيق الذى يرتاد لها أطيب المراعى، ويزودها عن مواقع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنفها من أذى الحر والضرر، والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البارة الرفيقة بولدها، حملته كرهًا، ووضعته كرهًا، وربته طفلاً، تسهر لسهره وتسكن لسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته.
والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده..
يا حضرات السادة القراء : هل وصلت الرسالة؟
انتخبوا الإمام العادل الذى يسمع كلام الله ويسمعكم، وينظر إلى الله ويراكم، وينقاد لله ويقودكم، فلا يبدد المال، ويشرد العيال فيفقركم ويهلك مالكم.
وبصراحة بقى يعنى، العملية مش ناقصة ظلم ومعتقلات وتعذيب وسرقة وتشريد.
كفاية بقى اللى جرى، ولاّ عايزينه يرجع تانى؟!!
انتخبو اللى تنتخبوه، إنتوا حُرّين، فكما تكونوا يُولّى عليكم. مش كده ولاّ إيه؟؟
ألا قد بلغت؟ اللهم فاشهد.
اللواء الدكتور عادل عفيفى