عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 25 أغسطس 2011

إسلاميون عُبْط

إسلاميون عُبْط



عبد السلام البسيوني | 25-08-2011 01:06

هربت طوال رمضان من الكتابة في أي شيء عن الواقع السياسي، محافظة على سلامة قلبي، واحترامًا للشهر الكريم، لكن هذا الرجل أثارني وأزعجني وأغضبني هداه الله! فاضطررت لأكتب.. غفر الله لي، ولكم سادتي!

فالأمر حقًّا يدور بين السذاجة والاستهبال:

سذاجة الإسلاميين واستهبال العلمانيين!

العلمانيون تواصوا به - بل هم قوم طاغون - والإسلاميون سذج، أو منخدعون بالله تعالى، أو قليلو خبرة، أو يعانون ضعف ذاكرة مزمن؛ إذ يُلدغون من الجحر نفسه مائة مرة؛ فلا ينتبهون، ولا يحذرون، ولا يتعلمون، كصاحبنا النبيه (اللي خد سبعين قلم على سهوة)!

الخليع المجنون القذافي يصف شعبه كله بأنه مجموعات إرهابية إسلامية، تريد أن تجعل ليبيا دولة إرهابية يحكمها الظواهري وابن لادن... وهو المخلص الوطني الثوري!

عمر سليمان والعادلي، و(زير) السقافة، وبتوع الأحزاب الكرتونية، يرعبون الناس بأفلام إجرامية عن الإسلاميين، ومبارك يخوف من سيطرة الإخوان.. ويتشدق بأنه هو الوحيد الوطني الموثوق به، وصاحب الضربة ف بطنه!

بشار يصف الثوار بأنهم مجموعات إرهابية مسلحة، ويزعم كونه الممانع بن الممانع، الصامد بن الصامد، المتصدي بن المتصدي!

على صالح يتحدث عن القاعدة والحوثيين والبطيخ.. ويرى نفسه الحويط الحريص الواعر أبو العريف والمفهومية!

إسرائيل – ومعها دحلان وعبد ربه وشعث وعباس الحيطة - يتحدثون عن تطرف حماس، وبربريتها، وخيانتها، ويرون أن أزلام عرفات، ورجال (عِبس) هم الأشرف والأعرف، والأتقى والأنقى، والأطهر يدًا، والأنصع تاريخًا!

وقبلهم عبد الناصر/ بورقيبة/ بوخروبة الشهير (بومدين)/ صدام.. تونس.. الجزائر.. تركيا.. طوكر.. واق الواق!

وكثيرًا ما تقوم ثورات، وتثور حركات، ويدفع السذج الإسلاميون لها الثمن باهظًا: أرواحًا تزهق، ودماء تهرق، وتعذيبًا يؤود، وآهات تصعد، وغرمًا يبهظ.. وعند قطف الثمرة يخرج رويبضة، ممن يملكون ناصية الإعلام، فيتكلم عن التطرف، وعن التآمر! ثم (بقدرة الشيطان) يعتلي هو وعصابته الكرسي، ويترأس، ويحكم، ويلغي سجل هؤلاء الذين دفعوا الثمن الحقيقي، ويضربهم في مقتل، ثم ليصير هو البطل والوطني والقومي والسياسي والدبلوماسي وحامي الحمى!

أثار غضبي حديث لعبد الجليل سمعته على الجزيرة، صبيحة انتصار الثوار الليبيين، وفتحهم طرابلس، بعد أن سهرت معهم الليل بطوله إذ لم أطق النوم.. ثم صك مسمعي صوت هذا الإنسان يقول إن في الثورة متطرفين إسلاميين..

يخرب بيتك.. الناس يرقصون من الفرحة، وليل طرابلس نهار، وأصوات التكبير والتحميد والفرحة تملأ الأرض والسماء، ثم تخرج أيها البغيض – كملك الموت – لتسرق الفرح، وتقبض القلب، وتغثي النفس!؟

الناس تهتف: لا إله إلا الله.. القذافي عدو الله/ هذه بدر جديدة/ بركات شهر رمضان/ الله أكبر ولله الحمد.. وأنت تبدأ اللعبة، وتتهم الناس..

عملها عبد الناصر بعد ثورة 52، وكان قبلها قد زار مرشد الإخوان وبايعه هو ورجاله.. ثم اجتاحهم ونكل بهم..

في الجزائر أحرزوا 82 % في الانتخابات فانقلبوا عليهم واجتاحوهم..

وفي تركيا اجتاحوا أربكان وحزبه غير مرة.. حتى جاء أردوجان غصة في حلوقهم، ولو استطاعوا لصوروه قوادًا، أو تاجر مخدرات!

وفي فلسطين اجتاحوا حماس ولا يزالون، وفعلوا بهم الأفاعيل!

وفي تونس اجتاحوا النهضة وشردوا أتباعه ونكلوا بهم..

وفي ليبيا اجتاحهم العقير في حياته وقطع ألسنتهم ومثل بهم في سجونه..

السجون العربية لم تمتلئ بغير هؤلاء الإسلاميين خلال عقود خمسة أو ستة.. بينما كان غيرهم يرقص ويلعب، ويسيح في شرم وأشباهها، ويخترع البطولات الكاذبة مثل الضربة الجوية الأولى بتاع مبارك، وعمادة الحكام العرب للمجنون، والثقافة اللي (بتشر) من صالح، والتدين اللي كان (بينقط) من زين الهاربين (حامى الحمى والدين ، وباني المساجد كما يصفونه ويكتبون عنه في الصحف)!

وهم كانوا يعلنون بصراحة علمانية الدولة، وحربهم للإسلام تحت مسمى التطرف، وكراهيتهم لكل ما هو سني، وحركوا لذلك قنوات وصحفًا وأفلامًا ومسلسلات وشعراءَ بلاطٍ من عبيد إحسان وزارات الثقافة، أو عشاق الكاميرات والمانشيتات، يخترعون لأنفسهم أمجادًا وهمية، وإبداعات (تفطس من الضحك) عندما تعرضها على معايير الإبداع الحقيقي.. لكن الساحة ساحتهم.. والمِلْك مِلكهم.. ومن يجرؤ على الكلام!؟

لماذا هذا أيها الإسلاميون..

مائة مرة تأخذون (أقلام وخوازيق) على غفلة!

مائة مرة تُسرقون ثم تسحلون، وتعذبون، وتكتظ بكم السجون، ويكون غيركم هم الأبطال والمصلحين، وهم الغر الميامين؟

مائة مرة لا تتعلمون، ولا تقرؤون الساحة، وتتأملون الواقع!

مائة مرة تشن عليكم حملات الإقصاء والتهميش والتشويه والترويع، وأنتم تفتحون أفواهكم في بلاهة معجبة مدهشة محيرة!

يتهمكم أبناء الاستباحة بالإقصاء وقد أقصوكم مليون سنة.. ولا من مدافع حقيقي؟!

يتهمونكم بقصف الأقلام وهم الذين أغلقوا الصحف، وقطعوا الألسنة، وسجنوا أصحاب الرأي، وقتلوا بالاشتباه، وصنعوا حزبًا واحدًا تعدديًّا!

يتهمونكم بالطائفية، وهم الذين أشعلوها حربًا بين الإسلام والمسيحية، وبين الصوفية والسلفية، وبين الشعب والحكومة... واسألوا العادلي وحسن عبد الرحمن ووزراء الداخلية السابقين، وإرهابيي أمن الدولة!

يتهمونكم بالترويع والإرهاب، وهجماتهم الليلية على البيوت بجيوش عرمرم تقبض على مراهق في السادسة عشرة شيء عندهم قانوني ومشروع!

يتهمونكم باختراق القوانين، والقانون كان تحت أحذيتهم.. حتى اليوم!

يتهمونكم بالفساد وهم الذين باعوا البلد وسرطنوها وخصخصوها ومصمصوها وخربوها ودمروها، وأصابوها بالفشل الكلوي وفيروس سي والضغط وكل البلاوي اللي خلقها ربنا سبحانه وتعالى!

يتهمونكم بالجمود، وهم الذين شلوا البلاد والعباد وأرجعونا للوراء مليون سنة..

قاتل الله الظلم والظالمين.. ألا تستحون؟!

وهل كان فاروق حسني إسلاميًّا؟ وهل كان سليمان والعادلي وسرور وصفوت وعزمي وعز وعبيد ووالي والفقي وجمال مبارك وأبوه وسائر حرامية الدولة، (مقطعين سجاجيد الصلاة)؟ ألم يكونوا جميعًا علمانيين كارهين للإسلام (وريحته)؟ أم إن منتجعات شرم والغردقة والساحلين كلها كانت مساجد ومدارس للذكر والشكر، والعبادة والزهادة!؟

وكُتاب الفساد، وشعراء البلاط، وصحفيو الحنجلة ومسح الجوح؟ أليسوا جميعًا بين علماني عنيد، ويساري عتيد، ومرتزق مستفيد!؟ هل كانوا إسلاميين من ذوي اللحى، ومن المتنافسين في مسابقة حفظ البخاري؟

وحيد وعلاء حامد وعبد المعطي حجازي وطلب وعفيفي مطر ويوسف إدريس وعصفور والقرشانات إياهن.. أهم شيوخ الإسلام!؟

وهل كان الشيخ عادل إمام، والشيخة يسرا، والأخت إيناس، والحاجة دينا إسلاميين يا ظلمة؟

وهل جرؤ نظامكم الغبي المستبد المتطرف أن يمس عبدة الشيطان، وعصابات الشم من أبناء الحيتان؟ أو همّ أحد بأن يمس البهائيين أو الشواذ أو الملاحدة المتعالنين؟

ألهؤلاء الأمن وللمتدينين الثبور!

ما لكم؟ كيف تحكمون!؟

إن العلمانية قد سرطنت مصر عقودًا طويلة، وتأبى أن تفسح للنور فرجة ولو يسيرة، ويزعمون الخوف من (الإرهابي أبو دقن) كما يرسمه هؤلاء التافهون السخيفون في كاريكاتيراتهم الممولة من الداخل والخارج، وكلامهم اللزج على الشاشات والصفحات، والمنتديات، وصفحات الفيسبوك!

الإسلامي يكسر إشارة مرور – إن وجدت - فتقوم الدنيا ولا تقعد، وفضيلة الشيخ فاروق حسني (حماية) لا حس ولا خبر، والإمام الأكبر عمر سليمان لا يسأل عما يفعل، وسبابو الدين أصلح المواطنين!

يذكرني هذا بأصحاب قائمة العار في ثورة 25 يناير الذين كانوا مفضوحين، ومع هذا لا يزالون (نجومًا متألقين) يؤذون أعيننا على الشاشة كل يوم بوجوههم الصفيقة، وسحنهم الباردة: عمرو أديب، وتامر أمين، ومفيد فوزي، ولميس الحديدي، ومعتز الدمرداش، وهذه الوجوه الصلدة الباردة التي لا تستحي من الله ولا من الناس، ولولا أنها جَلدة على الإسلاميين ما بقيت، ولولا أنها علمانية ما جلست!

ويذكرني بعدد من تهم الدعارة نشرتها الصحف (القومية) وإدمان المخدرات، والفضائح الجنسية، طالت فنانين/ات ومثقفين/ات، ثم بعد شهر أو شهرين إذا بأبطالها وقد ازدادوا نجومية، وازدادوا تألقًا وشهرة، وكثرت عقود عملهم (ن) وظهروا بنيولوك، وصاروا فريضة على كل القنوات نجومًا للتنوير والتغيير، ورموزًا للوطنية والثقافة!

مالكم؟ كيف تحكمون؟

بأي ميزان وأي عدل، وأي عقل!؟

يخرب بيتكم.. قليلاً من الحياء من ربكم/ من دينكم الذي تنتسبون له ولو عن غير رغبتكم/ من التاريخ/ من الحقيقة/ من الوطن المسلم الذي تتشدقون بأنكم تتشدقون بحبه، وتتغنون بالانتماء له!

كفاية.. خربتوها الله.............

إنكم قتلة الوطن الحقيقيون، وكفاكم نفاقًا، وليٍّا بألسنتكم، وطعنًا في الدين!

قليلاً من الحياء يا أزلام العلمانية واليسارية والهيافة! واللا اللي اختشوا ماتوا؟

albasuni@hotmail.com

تقرير حقوقي تؤكد بالوثائق قتل الداخلية لسجناء عمدًا ودون محاولتهم الهرب خلال الثورة



بالفيديو: تقرير حقوقي تؤكد بالوثائق قتل الداخلية لسجناء عمدًا ودون محاولتهم الهرب خلال الثورة

الفيديو على هذا الرابط
http://tanseerel.com/main/articles.aspx?selected_article_no=27971

بعد يوم واحد من جمعة الغضب الذي شهد انسحاب قوات وزارة الداخلية من الشوارع، وتحديدًا في 29 يناير الماضي، شهدت السجون المصرية حالة خطيرة من الفوضى، حيث انتشرت الاضطرابات في كثير من هذه السجون، وهرب السجناء بأعداد كبيرة من خمسة سجون مصرية هي: أبو زعبل والمرج والفيوم ووادي النطرون وقنا.


ونشر التليفزيون المصري، ونقلت عنه العديد من وسائل الإعلام، روايات وزارة الداخلية حول محاولات النزلاء الهروب من عدة سجون، لكن تقريرًا نشرته "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، إحدى المنظمات الحقوقية المصرية المستقلّة، يكشف بعدًا آخر للصورة لم تنشره الرواية الرسمية، ولم تتناقله وسائل الإعلام.


يتعرض التقرير بشكل تفصيلي لعدد من الجرائم المروعة التي ارتكبتها السلطات بحق نزلاء سجون لم تشهد هروب أي من سجنائها. حيث يعرض هذا التقرير للشهادات والأدلة التي أمكن جمعها من خمسة سجون تقع في أربع محافظات مصرية وهي: سجون "طره" و"الاستئناف" في القاهرة، و"القطا" في الجيزة، و"شبين الكوم" في المنوفية، و"الأبعادية" في دمنهور.


وقال تقرير المبادرة إنهم اعتمدوا في إعداده على إجراء عدد ضخم من المقابلات الشخصية أو الهاتفية مع نزلاء بهذه السجون الخمسة أو أقارب لهم. وتضمنت الإفادات التي حصل عليها الباحثون شهادات من أقارب لسجناء لقوا مصرعهم داخل السجون. كما قام الباحثون بفحص عدد من شهادات الوفاة والصور الفوتوغرافية وتسجيلات الفيديو المصور عبر كاميرات هواتف محمولة داخل السجون أثناء وقوع الأحداث. وقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بحجب أسماء جميع السجناء الذين أدلوا بإفادتهم حفاظاً على سلامتهم.


وأشار التقرير المبني على دلائل وشهادات الواردة جمعتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن السجون الخمسة التي تناولها البحث جرى فيها قتل عدد كبير من السجناء بشكل جماعي بواسطة ضباط السجن، في الفترة ما بين 29 يناير و20 فبراير، مما نجم عنه مقتل أكثر من 100 سجين، وإصابة مئات النزلاء الآخرين داخل هذه السجون وحدها.


وتكشف الأدلة الواردة في هذا التقرير عن نمط متشابه من قتل السجناء داخل هذه السجون الخمسة لم يقتصر على الاستخدام المفرط وغير القانوني للأسلحة النارية بواسطة ضباط السجن، وإنما امتد إلى توجيه مجرى الرصاص إلى داخل عنابر السجن والزنازين، وضد سجناء غير مسلحين. كما تشير الدلائل الواردة في التقرير إلى أن قتل السجناء في هذه السجون الخمسة كان في أغلبه متعمداً، ولم يكن مرتبطًا على الإطلاق بمحاولات هروب أو أثناء التصدي لحالات تمرد داخل السجون.


وحتى إن احتجت سلطات السجون بأن استعمال القوة كان له ما يبرره من أجل منع هروب السجناء ـ وهو ما لم يثبت في أي من السجون الخمسة محل الدراسة ـ فإن القانون ينص على أن لحراس السجن الحق في استخدام الذخيرة الحية في مواجهة محاولات الهروب فقط في الحالة التي لا تتوفر فيها وسيلة بديلة، وبعد توجيه إنذار بإطلاق النار، وعبر توجيه الرصاص إلى ساق السجين.


غير أن الدلائل الواردة في هذا التقرير تظهر أن إطلاق النار في هذه السجون كان في أغلبه يستهدف الجزء الأعلى وليس الأسفل من أجساد الضحايا. في سجن القطا على سبيل المثال، تضم قائمة السجناء القتلى الصادرة عن نيابة شمال الجيزة الكلية أسماء 33 سجينًا لقوا مصرعهم في الفترة من 25 يناير إلى أول مارس 2011، منهم 31 سجينًا أشارت القائمة إلى أنهم لقوا مصرعهم نتيجة الإصابة بطلق ناري (أي بالذخيرة الحية)، وكانت الإصابة في 14 حالة منهم إما في الرأس أو الوجه أو الرقبة؛ في حين كانت إصابات 14 سجيناً آخرين في الصدر والبطن والظهر، أي أن 28 من أصل 31 سجيناً في قائمة النيابة تعرضوا لإصابات قاتلة في الجزء الأعلى من أجسادهم. كما أن أغلب حالات إطلاق الرصاص لم يسبقها توجيه أي إنذار للسجناء. وهو ما يشير مرة أخرى إلى أن الهدف من إطلاق النار لم يكن منع السجناء من الهرب، وإنما القتل العمد.


وفي سجن ليمان طره قام ضباط السجن يوم 29 يناير 2011 بإطلاق النار على السجناء داخل العنابر، مما تسبب في مقتل عدد منهم وإصابة عشرات آخرين. وفي بعض العنابر قام الحراس بإطلاق النار على السجناء داخل الزنازين، بينما ألقوا بالقنابل المسيلة للدموع داخل عنابر أخرى. وحين تمكن السجناء من الخروج من الزنازين للهروب من الغاز، أطلقت عليهم النيران في فناء السجن. ولم يتوقف الأمر عند إطلاق النار العشوائي، بل إن الشهادات الواردة من ليمان طره تشير إلى أن بعض رجال الأمن توجهوا إلى العنابر مباشرة وأطلقوا الرصاص على السجناء من مسافات قريبة.


أصر جميع السجناء الذين أجريت معهم المقابلات على أن إطلاق النار لم يكن موجهًا لسجناء حاولوا الهرب، وإنما كان موجهًا ضد من كانوا داخل العنابر.


كما اتفق السجناء على أن القتل كان عمدياً، حيث أصر أحدهم.


ضرب النار ماكانش فقط لتخويف الناس. كانوا بيصوبوا على الرأس. رأيت ذلك بعيني. رأيت أحد زملائي يتلقى رصاصة في رأسه لما كان في حوش العنبر. وخرج مخه خارج رأسه. الحوش محاط بسور عالي من الأسلاك والحديد، ارتفاعه حوالي 10 أو 15 مترًا، ولا يمكن يكون حاول الهروب.


غير أن أخطر الشهادات التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هي تلك الواردة من سجن الاستئناف، الذي جرى فيه قتل 14 سجينًا على الأقل يومي 30 و31 يناير 2011. حيث تشير دلائل متواترة إلى أن بعض نزلاء سجن الاستئناف الذين لقوا مصرعهم اصطحبهم ضباط السجن وربطوهم بالحبال واعتدوا عليهم بالضرب قبل أن يطلقوا عليهم الرصاص من مسافة قريبة. وفي حال ثبوت هذه التقارير من خلال تحقيقات رسمية ومستقلة، فإننا نكون أمام جريمة مروعة جرى فيها الإعدام الجماعي لعدد كبير من السجناء خارج نطاق القانون. وقد وصفت شقيقة أحد السجناء القتلى في إفادتها الواردة في هذا التقرير حالة جثة شقيقها التي وجدتها في مشرحة زينهم يوم 7 فبراير الماضي: كان جسده مليئًا بالكدمات. معصماه وكاحلاه كانا مليئين بالرضوض جراء التقييد، وكذلك كتفاه ورأسه، والرصاصة التي قتلته دخلت من أسفل الذقن وخرجت من رأسه؛ مما يدل على أن القتل كان عمدياً، وأنه تم حينما كان السجين تحت سيطرة الشخص الذي أطلق عليه النار.


بعد توقف إطلاق النار الكثيف على السجناء في أواخر شهر يناير، جمعت المبادرة المصرية دلائل على استمرار إطلاق النار بشكل عشوائي طوال مدة تتراوح ما بين 10 إلى 15 يومًا داخل أربعة من السجون الخمسة محل الدراسة (هي القطا والاستئناف وشبين الكوم وطره)، وهو ما أسفر عن سقوط المزيد من القتلى والمصابين بين السجناء. بينما تُرِكَ السجناء بدون حراسة أمنية داخل مباني هذه السجون، كما تم قطع المياه والكهرباء والطعام عن الأحياء منهم، فضلا عن استمرار إطلاق النار من آن لآخر على العنابر بغرض ترويع نزلائها.


وفي بعض الحالات خلال هذه الفترة تُركت جثث القتلى لأيام لتتعفن داخل عنابر السجون، ووسط السجناء الأحياء. حيث روى لنا العديد من السجناء أن جثث زملائهم ظلت ملقاة حيثما وقعت، وبعضها تُركتْ لأربعة أيام قبل أن يتم نقلها إلى المشرحة بسبب رفض الحراس الدخول إلى العنابر. بعض السجناء لفوا الجثث في بطاطين، وحاولوا نقلها إلى خارج العنابر، لكنهم تعرضوا لإطلاق النار. كما أكد أقارب السجناء الذين لقوا مصرعهم في الأيام الأولى من الأحداث أنهم لم يتمكنوا من التعرف على جثث ذويهم حين ذهبوا لاستلامها بسبب التعفن الشديد.


ولم يتلقَّ السجناء المصابون في سجون القطا والاستئناف وشبين الكوم وطره أي رعاية طبية حقيقية لمدة تقرب من 10 أيام منذ بدء عمليات إطلاق النار في الأيام الأخيرة من يناير. وبعد تدخل الجيش في وقت لاحق من شهر فبراير، تم ترحيل السجناء المصابين إصابات جسيمة، وفي حاجة ماسة للعلاج، إلى وحدات علاجية غير مجهزة في أغلب الأحوال. وروى العديد من السجناء أثناء تواجدهم في مستشفى سجن طره ـ علي سبيل المثال ـ أن العلاج الذي تلقوه كان بدائيًا للغاية، ومقتصرًا على الغيار على الجروح، ومسكنات الألم. وأضافوا أن المستشفى كان مزدحمًا للغاية وغالبية السجناء كانوا ينامون على الأرض، ولم تتوافر الأسرّة سوى للمصابين منهم إصابات شديدة. لكن إمكانيات المستشفى لم تكن كافية لعلاج الإصابات الشديدة، والعديد من حالات السجناء كانت بحاجة إلى النقل إلى مستشفيات خارجية. غير أن الترحيل تأخر كثيرًا بحيث تدهورت الحالة الصحية للكثيرين منهم.


وحتى بعد التحسن النسبي في الأوضاع داخل السجون ـ بعد قرابة أسبوعين من بدء الأحداث ـ فقد استمرت الانتهاكات وأحداث العنف متسببة في وفاة تسعة سجناء على الأقل، وإصابة عشرات آخرين في السجون الخمسة موضوع الدراسة. وقد تضمنت الانتهاكات خلال هذه الفترة إطلاق حراس السجن للرصاص بشكل غير قانوني على السجناء دون مبرر وبالمخالفة للقوانين واللوائح، فضلا عن عدم تقديم الحد الأدني من الحماية للسجناء الذين تعرضوا للعنف خلال مشاجرات عنيفة نشبت بين السجناء أنفسهم. كما تعرض نزلاء بعض السجون للعقاب الجماعي الذي تمثل في الاعتداء الجسدي واللفظي عليهم وسرقة متعلقاتهم من قبل ضباط السجن، وفي بعض الحالات ظهر أن هذه الإجراءات كانت بمثابة عقاب للسجناء على تسريبهم معلومات للإعلام بشأن الانتهاكات التي تحدث داخل هذه السجون.


أما أهالي السجناء، فلم يكن حالهم أفضل كثيراً من أقاربهم داخل السجون. فبداية من يوم 28 يناير 2011 وعلى مدى ثلاثة أسابيع تالية على الأقل، تم منع زيارة السجناء في السجون الخمسة محل الدراسة. وفي حالة اثنين من هذه السجون تعرض أقارب السجناء لإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع عليهم عند بوابة السجن عندما حاولوا الاطمئنان على ذويهم داخل السجن. وخلال تلك الفترة لم تتمكن الأسر من الحصول على أية معلومات حقيقية بشأن أقاربهم المحتجزين من السلطات المعنية. كما أن أقارب السجناء القتلى، لم يتلقوا سوى المعلومات المبهمة عنهم، وأحيانًا الأكاذيب الفاضحة، حين سألوا عن أقاربهم لدى سلطات هذا السجن أو ذاك، أو حتى عند سؤالهم عنهم في مصلحة السجون في القاهرة. كما أن العديد من الجثث تُركت لمدة شهر في المشرحة، وبعضها تُرك لفترة أطول من ذلك.


وبالرغم من العدد الكبير من الشكاوى المرفوعة والاتصالات والبلاغات التي قدمت لكل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية ومصلحة السجون، ومناشدتهم سرعة التدخل لوقف عمليات القتل والانتهاكات أثناء حدوثها، إلا أن هذه السلطات لم تتدخل بشكل فعال لوقف هذه الانتهاكات؛ بل إن وزارة الداخلية استمرت في استخدام القوة المفرطة ضد السجناء في الوقت نفسه الذي قامت فيه بالتعتيم على الانتهاكات، من خلال إصدارها لمعلومات غير دقيقة لأهالي السجناء ووسائل الإعلام.


وقد أبدت النيابة العامة تقصيرًا وتجاهلاً شديدين في التحقيق في هذه الانتهاكات، وماطلت بدون مبرر في التحقيق؛ بما يثير تساؤلات جدية حول موقف النيابة العامة من هذه القضية. وحتى وقت كتابة هذا التقرير، أي بعد مضي ستة شهور على حدوث هذه الانتهاكات، لم تتم إحالة أي من القضايا ذات الصلة المقدمة للنيابة العامة إلى القضاء.


إن هذا التقرير، وإن اقتصر على عدد محدود من السجون، إلا أن تشابه الأحداث الواردة فيه على اختلاف السجون وبعدها عن بعضها البعض ـ من القتل العمد الذي بدأ في توقيت واحد في السجون الخمسة، والتجويع، والمعاملة غير الإنسانية التي تلت عمليات القتل، وتراجع قوات الأمن عن تأمين مباني السجون محل الدراسة ـ يطرح تساؤلات مهمة تبقى إلى اليوم بدون إجابة، قد يكون من أهمها: من المسئول عن توجيه الأوامر بالقتل والمعاملة غير الإنسانية للسجناء على هذا النحو المتماثل في سجون مختلفة؟ وتحتاج الإجابة عن هذا السؤال إلى إجراء المزيد من التحقيقات في كافة سجون مصر، بداية من أحداث 25 يناير الماضي. حيث لا يمكن أن يكون هذا التقرير بديلاً عن التحقيقات التي يجب أن تتم بواسطة سلطات مستقلة ومحايدة، لها سلطة تخولها الدخول إلى كل سجون مصر، واستجواب كافة السلطات المعنية، خاصة وأن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد حصلت على معلومات بشأن أحداث عنف وقتل تمت في سجون أخرى، بالإضافة إلى السجون الخمسة المتضمنة هنا في هذا التقرير، تظل في حاجة إلى إجراء المزيد من التحقيقات.


ولا يصح هنا الاكتفاء بعمل اللجنة القومية لتقصي الحقائق (التي عينت بالقرار رقم 294/2011 الصادر من رئيس الوزراء) والتي قامت بالتحقيق في الانتهاكات التي حدثت خلال ثورة 25 يناير، وفي الأحداث التي جرت في خمسة سجون شهدت ثلاثة منها حالاتٍ من الهروب الجماعي وهي (وادي النطرون، وأبو زعبل، والمرج) إضافة إلى سجنين لم يشهدا هروبًا للسجناء وإن كانا قد شهدا انتهاكات بداخلهما هما (طره والقطا). فملخص التقرير ـ الذي لم تنشره السلطات في نسخته الكاملة بعد ـ لم يقدم صورة شاملة لما حدث داخل السجون التي تمت زيارتها، كما لم يحدد المسئولية بشأن قتل وإصابة السجناء. وكذلك فإن اللجنة لم تقم بزيارة السجون الأخرى التي شهدت أحداث عنف مماثلة، وذلك بالرغم من أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خاطبت اللجنة يوم 28 مارس بما توافر لديها من معلومات عن سجون "القطا ودمنهور وشبين الكوم وطره"؛ بشأن الاستخدام غير القانوني للقوة ضد السجناء، بواسطة حراس هذه السجون، والمعاملة غير الإنسانية للسجناء. كذلك أرسلت المبادرة المصرية إلى اللجنة قائمة بأسماء 94 سجينًا قيل إنهم قُتلوا على يد حراس السجن في ثلاثة من هذه السجون.


ورغم هذا القصور، إلا أن ملخص التقرير الرسمي قدم بعض الإفادات التي تتشابه مع خلاصات هذا التقرير. فقد أشار إلى أنه.


"قرر بعض المساجين ـ في سجون لم يهرب منها أحد ـ أن الشرطة أطلقت الأعيرة النارية والخرطوشية في اتجاه العنابر والزنازين بالرغم من عدم وجود تمرد، وأن عدداً من المساجين قتلوا وأصيبوا أثناء وجودهم داخلها...كما قرر عدد من المساجين في سجون مختلفة أن رجال الشرطة العاملين في السجن أطلقوا في اتجاه العنابر والحجرات قنابل مسيلة للدموع مما أشعر نزلاء السجن بالاختناق ومحاولة الخروج من العنابر".


وعن سجن القطا أشار جزء من التقرير نشرته صحيفة الشروق اليومية إلى أن اللجنة لاحظت "انتشار آثار الرصاص الحي والخرطوش بشكل مكثف للغاية داخل العنابر، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول أسباب إطلاق الرصاص المتعمد على السجناء بداخل العنابر".


وقد طرح ملخص التقرير ـ الصادر في يوم 19 أبريل الماضي ـ احتمالين لتفسير حدوث عمليات الهروب الجماعي من بعض السجون: إما أن الهروب جاء نتيجة للفراغ الأمني الذي نجم عن انسحاب قوات الأمن من مواقعها في تلك السجون في الساعات الأخيرة من يوم 28 يناير؛ أو أنه كان نتيجة لهجوم مسلح على السجون، قامت به عناصر من خارج السجن، في محاولة لمساعدة السجناء على الهرب.


وتضمن ملخص تقرير لجنة تقصي الحقائق إشارة إلى أن اللجنة تلقت كتاباً من مصلحة السجون بتاريخ 3 إبريل 2011 يفيد أن عدد الوفيات من المساجين 189 سجيناً وعدد الإصابات 263، وذلك في جميع سجون مصر البالغ عددها 41 سجناً وفقاً للتقرير.


غير أن الرقم الحقيقي للقتلى من السجناء قد يكون أعلى من رقم 189 الذي قدمته مصلحة السجون للجنة تقصي الحقائق، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أنه وقت صدور تقرير اللجنة يوم 19 أبريل 2011، لم يكن قد تم التعرف على جثث السجناء كلهم. ففي 9 يونيو تم دفن 19 جثة مجهولة الهوية بأوامر من رئيس الوزراء. وقد ورد في بعض التقارير الإعلامية أن بعضًا من أصحاب هذه الجثث كانوا يرتدون ملابس السجن حين جيء بالجثث إلى المشرحة.


بالتالي، فإن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تطالب الحكومة بما يلي:
1. تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة، مسئولة عن التحقيق في كافة الانتهاكات التي مورست ضد السجناء بداية من 25 يناير 2011؛ على أن تتضمن مهام اللجنة تحديد الانتهاكات التي تمت في حق السجناء، وتحديد المسئولية بين مسئولي مصلحة السجون، ومستويات السلطة العليا، فيما يتعلق بإصدار الأوامر باقتراف هذه الانتهاكات الجماعية. وعلى هذه اللجنة أن تقدم تقريرًا شاملاً بما توصلت إليه، وأن تقدمه إلى مكتب النائب العام، وأن يتم نشر هذا التقرير على الرأي العام.

2. تقديم التعويضات الملائمة لأسر القتلى من السجناء وللمصابين منهم.

كذلك تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام بما يلي:
1. ندب قاضي تحقيق لتولي التحقيقات في القضايا المتعلقة بالقتل والانتهاكات داخل السجون الخمسة محل الدراسة؛ على أن يمتد التحقيق ليشمل مدى تقصير النيابة العامة في التعامل مع البلاغات المقدمة بشأن هذه الانتهاكات.

2. التحقيق في بلاغات الجرائم التي ارتُكبت ضد السجناء بشكل حيادي ومفصل ودون تأخير، بما في ذلك استدعاء الضباط المتهمين بالقتل للتحقيق معهم، وطلب الحصول على كافة التقارير الطبية، وتقارير الطب الشرعي للسجناء المصابين، ومن قُتلوا منهم، وسماع شهادات أطباء مستشفيات السجون والطب الشرعي بهذا الخصوص.

3. إحالة كافة الضباط والمسئولين الآخرين الذين توافرت بشأنهم أدلة كافية إلى المحاكمة الجنائية دون إبطاء.

كما تطالب المبادرة المصرية وزارة الداخلية ومصلحة السجون بما يلي:
1. الوقف الفوري عن العمل لجميع الضباط المتهمين بقتل وإصابة السجناء، حتى الانتهاء من إجراء التحقيق والمحاكمة.

2. عدم التسامح إطلاقًا مع أي استخدام غير قانوني للقوة أو السلاح ضد السجناء، وإبداء التعاون الكامل مع لجنة تقصي الحقائق وجهات التحقيق.

3. ضمان التزام أوضاع السجون بالقوانين المصرية والمعايير الدولية في كل الأوقات، بما في ذلك ما يتعلق بتوافر وتقديم الرعاية الطبية والماء والغذاء والأمن داخل عنابر السجون.






الأربعاء، 24 أغسطس 2011

العفاف في الشعر

العفاف في الشعر



عبد السلام البسيوني | 22-08-2011 02:00

ظل الشعر العربي سجلاً للأحداث، راوية للأخبار، كاشفًا عن الأخلاق الممدوحة والذميمة. وكان من طبع العربي الفخر إلى درجة (الفشر) حتى إنه ليتمادى حين يصف نفسه بالصفات الحميدة والعالية التي يباهي به الرجال، ويتيه بها على الخصوم، وكان من هذه الأخلاق: العفة التي تاه بها كبار الشعراء؛جاهلييهم وإسلامييهم، أموييهم وعباسييهم، متقدميهم ومتأخريهم. وسأورد هنا نماذج من أشعار الفخر التي تغنوا فيها بالعفة، واعتبروها تيجانًا فوق رؤوسهم؛ فها هو عنترة العبسي، يتحدث عن عفته عن مد يده للغنيمة:

هلاَّ سألت الخيل يا ابنة مالك......إنْ كنت جاهلة بما لم تعلمي

يخبرك من شهد الوقيعة أنني......أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وهاهو السموأل بن عادياء العربي نزعة اليهودي دينًا،يفخر بعفة ثيابه، وعلو همته، ومنعته:

إذا المرء لم يَدْنَس من اللؤم عِرْضُهُ......فـكل رداء يرتديـه جميـل

وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها......فليس إلى حسن الثناء سبيل

تُعيِّـرُنا أنـا قلـيل عديـدنـا......فقلت لها إن الكـرام قليـل

وهاهو الحارث بن عبد المطلب يضرب مثلاً في العفة، فيروى أهل السير (ولا أوثق هنا) أن عبد المطلب بن هاشم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد على بعض ملوك حمير، فألطف منزلته وأكرمه، وكان عبد المطلب لا يسافر سفرًا إلا ومعه ابنه الحارث - وكان أكبر ولده، وكان شاباً جميلاً - فقال له الملك: يا أبا الحارث! أحبّ أن ينادمني ابنك.

فأذن له أبوه في ذلك. وكانت زوجة الملك من أجمل النساء، فعشقت الحارث بن عبد المطلب، ودعته إلى الفاحشة، فأعلمها أنه محصن عن الزنا، ولا يخون نديمه!

فألحَّت عليه، وشكت إليه غلبة الشهوة والفتنة به، فكتب إليها:

لا تطمعي فيما رأيت فإنـني......عـفّ منادمتي عـفيف المئزر

فاقنَيْ حياءَك وأعلمي أني امروٌ......آبي لنفس أن يعيَّر معشري

أنَّى أُزَنُّ بجـارتي أو كنَّتي......أو أن يقال صبا بعرسِ الحميري

ثم إنه أخبر أباه فصوّب رأيه وقال له: يا بني! إن لنساء الملوك طماحًا.

فلما رأته قد عزفت نفسه عنها ويئست منه قالت: والله لا أدعه تتمتع به امرأة أبدًا، سقته السمّ! ثم ارتحل مع أبيه، فلما قدم مكة مات.

وعن العفة عما في أيدي الناس كتب عروة بن أذينة بيتين في منتهى الحكمة والسمو بالنفس، وعدم إذلالها مقابل أي مقابل:

لقد علمتُ وما الإشراف من خلقي......أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعـى إليه ، يُعنِّـيني تَطلبـه......وإذا قعـدْتُ أتـاني لا يعنِّـيني

وقال أبو العتاهية:

إن كان لا يُغنيك ما يكفيكا......فكل ما في الأرض لا يُغنيكا

أما العبقري الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله تعالى أستاذ اللغة، وأبو عذرتها، فله قصة مع الأمير سليمان بن حبيب بن المهلب تعكس عزة نفسه، وتيهه بكرامته، فقد استدعاه الأمير يستزيره، على عادة الأمراء مع طالبي الدنيا، فأبى الخليل ، وكتب إليه:

أبلغ سليمان أني عنه في سَعة......وفي غنىً غير أني لستُ ذا مال

شُحًّا بنفسي؛ إني لا أرى أحدًا......يموت هزلًا ولا يبقى على حال

فالرزق عن قدَر؛ لا الضعف يمنعه......ولا يـزيدك فيه حَولُ محتال

فغضب سليمان وقطع عنه ما كان يجرى عليه، فبلغ الخليلَ ذلك، فقال:

إن الذي شق فمي ضامن ......للرزق حـتى يتوفاني

حرمتني مالًا قليـلًا فما......زادك في مالك حرماني

فبلغ البيتان سليمانَ فخجل مما فعل، وكتب إلى الخليل يعتذر إليه، وأضعف الراتب! وقال النابغة الشيباني الأموي:

غني النفس ما استغنت غنيٌّ......وفَقرُ النفسِ ما عَمِرتْ شَقَاءُ

إذا استحيا الفتى ونشا بحلمٍ......وسادَ الحيَّ حالفَهُ السَّناءُ

وليس يسود ذو ولدٍ ومالٍ......خفيف الحلم ليس له حياء

ومن يَكُ ذَا حَيًا لم يُلْقِ بؤسًا......يَنُخْ يومًا بِعَقْوتهِ البلاَءُ

وكلُّ أُخوَّة ٍ في الله تبقى......وليس يدوم في الدنيا إخاء

أَصِبْ ذا الحِلْمِ منك بِسَجْل وُدٍّ......وصله، لا يكن منك الجفاء

وكل جراحة ٍ توسى فتبرا......ولا يَبْرا إذا جرحَ الهِجاءُ

يؤثر في القلوب له كلومٌ......كداء الموت ليس له دواء

وها هو عَبيد بن الأبرص الأسدي، الشاعر الذي كان يقول إن الجن تلهمه أشعاره، يتحدث عن العفة، في شعر مليء بالحكمة:

كـفى زاجـرًا لـلمرء أيامُ دهرهِ......تـروح لـه بـالواعظات وتغتدي

إذا أنـت طـالبتَ الرجال نوالهم......فـعِفَّ ولا تـطلب بـجهد فتنكدِ

عـسى سـائل ذو حاجة إن منعته......مـن اليوم سؤلاً أن يسرك في غدِ

ولا تـقعُدن عنِ سعي ما قد ورثته......وما اسطعتَ من خير لنفسك فازددِ

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه......فـكل قـرين بـالمقُارن يـقتدي ولا تـأملن ود امرئ قلَّ خيره......ولا تـك عن وصل الصديق بِأَحْيَدِ

ويقول الشاعر الفارس أبو فراس الحمداني تائهًا بنفسه وأخلاقه وعفافه:

غيري يغيره الفَعَال الجافي......ويحولُ عن شيمِ الكريم الوافي

لا أرتضي ودًّا إذا هو لم يدم......عند الجفاء وقلّةِ الإنصافِ

تعس الحريصُ وقلّ ما يأتي به......عوضًا من الإلحاح والإلحاف

إنّ الغنيَّ هو الغنيّ بنفسه......ولوَ انَّهُ عاري المناكب حافِ

ما كلُّ ما فوق البسيطة كافيًا......فإذا قنعتَ فكلُّ شيء كافِ

وتعاف لي طمع الحريص أبوّتي......ومروءتي وفتوتي وعفافي

ما كثرة الخيل الجياد بزائدي......شرفًا ولا عدد السَّوام الضافي

ومكارمي عدد النجوم ومنزلي......مأوى الكرام ومنزل الأضياف

شيم عرفت بهن مذ أنا يافع ولقد عَرفت بمثلها أسلافي

وأما عن عفة النظر فها هو الشنفرى الهجام قاطع الطريق يتحدث عن حياء وعفة أميمة فيقول في وصف لها دقيق بليغ:

لقد أعجبتني لا سقوطًا قناعها......إذا ما مشت ولا بذات تلفت

كأن لها في الأرض نسيًا تقصه......على أمها وإن تكلمك تبلت

أميمة لا يخزي نَثاها حليلها......إذا ذكر النسوان عفت وجلت

إذا هو أمسى آبَ قُـرَّةَ عينِـه......مآبَ السعيد ِ لم يسلْ أينَ ظَلَّـتِ

فَدَّقَتْ وجَلَّتْ واسْبَكَرَّتْ وأُكْمِلَتْ......فلَو جُنّ َإنسانٌ مِنَ الحُسْنِ جُنَّتِ

ولقد عُرف العفاف في العرب والمسلمين بشكل كبير، فلم يك أمر الحب عندهم بالشهوة الطينية الصرفة، بل رسموا له معالم فيها كثير من الترفع والتعفف، حتى اختلط الأقوام والأعراق، وانتقلت عادات، وتغيرت أخلاق، فتبدل الحال للنقيض، حتى قال بعض الناس: كان أرباب الهوى يسرون فيما مضى، ويقنعون بأن يمضغ أحدهم لبانًا قد مضغته محبوبته، أو يستاك بسواكها، ويرون ذاك عظيمًا، واليوم يطلب أحدهم الخلوة وإرخاء الستور، كأنه قد أشهد على نكاحها أبا سعيد وأبا هريرة رضي الله عنهما!

يقول أحمد ابن أبي عثمان الكاتب:

وإني ليرضيني المرور ببابها......وأقنع منها بالوعيد و بالزجر

ويقول أبو فراس:

فيا نفس ما لاقيت من لاعج الهوى......ويا قلب ما جرّتْ عليك النواظر

ويا عفتـي ما لي وما لك كلمـا......هممت بأمر همّ لي منـك زاجر كأن الحجا والصوت والعقل والتقى......لديّ، لربات الخـدور ضرائـر ولي فيك من فرط الصبابة آمر......ودونك من حسن الصيانة زاجر عفافُك غيٌّ إنمـا عفـة الفتـى......إذا عفّ عن لذاته وهو قـادر

وعن العفة عن أعراض الناس قال الشاعر:

عفوا تعف نساؤكم في المحرم......وتجنـبوا ما لا يليـق بمسلم

إن الزنـا دين فإن أقرضته......كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

يا هاتكًا حُرمَ الرجال وقاطعًا......سبل المودة عشت غير مُكرَّمِ

لو كنت حُرا من سلالةِ ماجدٍ......ما كنت هتَّاكًا لحرمة مسلمِ

من يـزنِ يُـزنَ به ولو بجداره......إن كنت يا هذا لبيًا فأفهمِ

وفي عفة النظر عن الجارات قال عنترة:

وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي......حتى يواري جارتي مأواهـا

إني امرؤ سمح الخليقة مـاجد......لا أتبع النفس اللّجوج هواها

ويروي الأبشيهي في المستطرف:

وإني لعف عن فكاهة جارتي......وإني لمشنوء إلي اغتـيابها

إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها......زؤورا ولم تأنس إلي كلابها

ولم أك طَلابا أحاديث سرها......ولا عالما من أي حوك ثيابها

وتروى بعض كتب السيرة أن امرأة ذات جمال دعت عبد الله بن عبد المطلب أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نفسها؛ لما كانت ترى على وجهه من النور، فأبى، وقال:

أما الحرام فالممات دونه......والحل لا حل فأستبينه

فكيف بالأمر الذي تبغينه......يحمي الكريم عرضه ودينه

وفي نهج البلاغة كلام عن العفة أجتزئ منه:

ألا ما الهوى والحب بالشيء هكذا......يذل به طوع اللسان فيوصف

ولكنه شيء قضى الله أنه......هو الموت أو شيء من الموت أعنف

فأوله سقم وآخره ضنى......وأوسطه شوق يشف ويتلف

وروع وتسهيد وهم وحسرة......ووجد على وجد يزيد ويضعف

وأنشد الإمام النحوي المبرد كلامًا في العفاف عن المعاصي بليغًا بديعًا:

مَا إن دَعَانِي الهَوَى لِفَاحِشَةٍ......إلا عَصَاهُ الحَيَاءُ وَالكَـرَمُ

فلا إلى محرم مـددت يدي......ولا مشت بي لريبة قَـدَمُ

ويتحدث إبراهيم بن محمد بن عرفة المهلبي الواسطي:

كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني......منه الحياء وخوف الله والحـذر

كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني......منه الفكاهة والتحديث والنظـر

ونجد توبة بن الحمير يطلب من ليلى الأخيلية شيئًا يسيرًا، فقالت:

وذي حاجة قلنا له لا تبح بها......فليس إليها ما حييتَ سـبـيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه......وأنت لأخرى صاح وخلـيل

وتروي كتب الأخبار أن بثينة دخلت على عبد الملك بن مروان فقال: يا بثينة: ما أرى شيئًا مما كان يقول جميل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه كان يرنو إلي بعينين ليستا في رأسك،قال: فكيف صادفتِه في عفته؟ قالت: كما وصف نفسه:

لا والذي تسجد الجبال لـه......ما لي بما دون ثوبها خبر

ولا بفيها ولا هممت بهـا......ما كان إلا الحديث والنظر



albasuni@hotmail.com


الاثنين، 22 أغسطس 2011

حسينية في مدريد وبرشلونة

حسينية في مدريد وبرشلونة



د. أشرف سالم | 22-08-2011 01:56

يحرص الشيعة على إقامة الحسينيات والتوسع في إنشائها في كل مكان يحلون فيه، بدرجة ربما تفوق حرص أهل السنة على إقامة المساجد، والحسينيات هي أماكن عبادة أقرب لما نعرفه بالزوايا أو الخلاوي، مخصصة للبكائيات الحسينية المتمثلة في الترديد المتكرر للقصة المأساوية لحادثة قتل الأمام الحسين بن علي رضي الله عنه البشعة الدامية في موقعة الطف بكربلاء، وترديد الأشعار البكائية التي رثته رضي الله عنه من حفاظها الذي يسمى واحدهم الرادود، الذين يرنمون تلك الأشعار بنغمات حزينة ومقاماتٍ كئيبة تولد ردود أفعال بائسة من لدن الحضور ومنها ما يسمى بالتطبير وهو لطم الوجه وضرب الصدر وجرح وإدماء البدن بالآلات الحادة والسلاسل المعدنية كل ذلك مصحوب بأعلى درجات البكاء والعويل والنحيب.

ولا يقتصر دور الحسينيات على ذلك بل هي مفتوحة على مدار العام كدور للعزاء في الحسين رضي الله عنه وخاصة في العديد من المواسم والمناسبات التي نعلمها ونجهلها ومن أهمها ذكرى استشهاده رضي الله عنه في يوم عاشوراء، ثم ذكرى أربعينيته في العشرين من صفر، ثم أيام أخرى لكل منها شروط وطقوس ومناسك، ولعلكم تتذكرون في السنوات الأخيرة القوائم التي يصدرها وينشرها الشيعة في المنطقة الشرقية بالسعودية؛ بأسماء المحلات التي لا تلتزم بإغلاق أبوابها يوم عاشوراء، والدعوة لمقاطعتها والتنكيل بها على اعتبار أن ممارستها للحياة الطبيعية في هذا اليوم دليل فرح أصحابها بمقتل الحسين رضي الله عنه!.

وينقلنا ذلك إلى عقيدة مغلوطة تسبب الكراهية الشديدة من معظم الشيعة لعموم أهل السنة، اعتقادًا منهم بأن دم الحسين ذنبٌ في رقبة كل سنيٍ على وجه الأرض يتحمل وزره ويحمل مسئوليته حتى تقوم الساعة، ويجوز بل ينبغي الثأر منه انتقامًا لهذا الدم الطاهر البريء، وعبثٌ إقناعهم في ظل الشحن الأعمى الذي يقوم به الملالي (ويرتزقون من ورائه) بأنه لا يوجد بشرٌ واحد من أهل الأرض في عالمنا المعاصر مسلمهم وكافرهم يحمل أي ذنب أو إثم في مقتل الحسين رضي الله عنه الذي تم سنة 680 ميلادية أي منذ 1330 سنة، وعبثٌ كذلك إقناعهم بأنه لا يوجد سني واحد في عالمنا يوجد لديه مبرر واحد في أن يسعده مقتل الحسين، أو يفرح بميتة بشعة لسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم مضرجًا في دمه بيد الغيلة والغدر مات معه فيها كوكبة من سادة المسلمين وآل بيت نبيهم الكريم عليه السلام بيد حثالة خسيسة نجسة، لأن هذه البكائية وروح الثأر والانتقام للحسين أضحت المحور الرئيس للعقيدة الشيعية، ولعل ما فعلوه من فظائع شنيعة بأهل السنة في العراق عندما سيطروا عليها بالحراب الأمريكية أقوى وأقرب الدلائل على ذلك.

لا أعرف لماذا استرسلت في هذه المقدمة ولكن ما ذكرني بها أن الموضوع الذي أود التحدث فيه أنني استقبلت على الإيميل ومن أكثر من صديق فاضل رسالة تندد وتحذر من اهتمامنا وتشجيعنا كعرب ومسلمين لفريقي كرة القدم برشلونة وريال مدريد الأسبانيين، وتذكرنا الرسالة بأن هؤلاء هم الذين طردوا المسلمين من الأندلس في مقتلة يشيب من هولها الولدان قلما عرف التاريخ مثيلاً لها، وتدعم الرسالة سرد هذا التاريخ الأسود بإيراد عدد من الصور المرسومة لوسائل القتل والتعذيب الفظيعة المفجعة التي كانت تستخدمها محاكم التفتيش الإسبانية بحق المسلمين، الذين تعرضوا إما للقتل أو الاستعباد والسبي أو الطرد أو التنصير.

ولكوني والحمد لله قارئ جيد للتاريخ الأندلسي المجيد ولنهاياته التعيسة البائسة، فأنا أعرف عن هذه النهاية المؤلمة أشد مما حملته لي هذه الرسالة وصورها المصاحبة، ولأني أيضًا قارئ للأدب الأندلسي فما اطلعت عليه من قصائد البكاء لفقد الأندلس ما يصيب كل مسلم بكمد وأسى وحسرة ومرارة يكفي لتذكيرنا بها قصيدة أبي البقاء الرندي الخالدة، وغيرها مما أسهبت فيه كتب التاريخ الإسلامي ولخصه أستاذي الدكتور محمد موسى الشريف في كتابه الصغير حجمًا العظيم قيمة ونفعًا "استجابات إسلامية لصرخات أندلسية".

ولعلي إذ أنصح بالرجوع لهذه المراجع حرصًا على تذكير من يحصرون المسئولية في وقوع هذه الكارثة الأفظع في تاريخ المسلمين إلى الحقد الصليبي الأسود والذي هو مفترض وطبيعي ومنطقي، ولكن دون التغافل عن العوامل الأخرى التي يبرزها المقارنة بين أوضاع المسلمين على مدار ستة قرون من العزة في الأندلس قدموا فيها للعالم أزهى صور الحضارة بشتى صورها ومناحيها، وبين القرنين الأخيرين الذين شهدا الغرق في البذخ والترف، والتشرذم والتفكك إلى دويلات وطوائف، والتقاتل على الكراسي والخيانات والدسائس والاستقواء بالعدو الخارجي؛ وإهمال مقومات بقاء الدولة وصيانتها عزيزة مستقرة مهابة، حتى هان المسلمون فنُكل بهم وطُرد حكامهم شر طردة، وذرفت دموع آخر حكام غرناطة بعد أن سلم مفتاحها للصليبيين، فتهكمت عليه أمه ببيت الشعر الذائع: ابك مثل النساء مُلكًا مضاعًا *** لم تحافظ عليه مثل الرجالِ.

وإذا كنت أحد المحرضين على الدراسة الجيدة والمتعمقة والشاملة للتاريخ الإسلامي بكل مراحل الصعود والهبوط في منحناه، إلا أنني أتساءل عن علاقة ما أوردته رسالة الإيميل عن النهاية المأساوية للإسلام والمسلمين في الأندلس، وبين تشجيع فريقي برشلونة وريال مدريد!، مع العلم بأن هذه الأحداث الدامية وقعت عام 1492 أي منذ 520 عامًا، فما بال معدي الرسالة يسكتون عمن يشجع الفرق الإنجليزية كالمانشستر يونايتد والأرسنال وغيرهما بينما جراح بريطانيا العظمى التي أدمت العالم الإسلامي لا زالت تنزف، وغيرهم ممن يشجعون إي سي ميلان ويوفنتوس الإيطاليين وبنفيكا وأندرلخت البرتغاليين وليون وسان جيرمان الفرنسيين، ودولهم فعلت ببلادنا أنكى الأفاعيل منذ عقود وليست قرون، بل ما بالهم يسكتون عمن يشجع النادي الأهلي المصري الذي كان أول رؤسائه مستر ميتشل أنس (الانجليزي) ثم سعد باشا زغلول العلماني المتهم بالماسونية والذي كان أول من حرض على نزع حجاب المرأة؟، وعمن يشجع نادي الزمالك المصري الذي كان أول رؤسائه جورج مرزباخالقاضيالبلجيكي ليجعله صرحًا عنصريًا لنخبة المستعمرين الذين استعبدوا الشعب المصري.

مع العلم بأن هذه النوادي الأوروبية الكبرى هي بمثابة شركات متعددة الجنسيات، وبعض الفرق الأسبانية ومنها برشلونة على سبيل المثال لا يكاد يكون فيها لاعب أسباني واحد، بل أن اللاعبين المسلمين بدأوا يزاحمون أقرانهم فيها بوضوح وعن جدارة كمسعود أوزال وكيتا ويايا توري وسامي خضيرة وكريم بن زيمة وإبراهيموفيتش وغيرهم، فهل إذا توقفنا عن متابعة وتشجيع فرق كرة القدم الأوروبية سيعيد للمسلمين مجدهم الضائع وعزهم المهدر وأراضيهم السليبة؟، وهل سيعزينا فيمن أقامت لهم محاكم التفتيش في الأندلس هولوكوست يعد وصمة في جبين التاريخ الإنساني؟، وإذا كنا نبكي على هؤلاء الذين استشهدوا منذ خمسة قرون فما بالنا لم نفعل شيئًا لمن استشهدوا منذ سنوات في جنين وقانا وسربرينتشا وجروزني؟، بل وللذين يستشهدون يوميًا على مسامعنا وأمام أعيننا في غزة وبغداد وقندهار؟ ناهيك عن مصراتة ودرعا وتعز.

فإلى من يريدون لنا أن نفتح حسينية في برشلونة ومدريد نبكي فيها على شهداء الأندلس، نحن في معركة تتجاوز مساحات الحسينيات ولا تحتمل محاولات الهروب إلى الأمام وخلط الجد بالهزل والحرص المزمن على تعكير الأجواء وإفساد أدنى المتع على البسطاء محرومي المتعة في مجتمعات البؤس والشقاء، فأمة المليار ونصف مسلم في معركة صراع حضاري مشتعلٌ وهجها، معركة أمة فقدت شعوبها الحرية والكرامة والعدالة، ففقدت معها آمال النهضة التنموية الشاملة، وتذيلت الأمم فلم تجد بيديها السفلى المعطلة المكبلة شيئًا تقدمه للعالم المعاصر، سوى أن تصفق لميسي وكاكا وكريستيانو رونالدو.

د. أشرف سالم

الجمعة، 12 أغسطس 2011

أمريكا باعت مخزونها الذهبى .. هل هى النهاية؟!



أمريكا باعت مخزونها الذهبى .. هل هى النهاية؟!
مجدي حسين




نشرت صحيفة يوربيان يونيون تايمز فى 31 مايو 2011 هذا التقرير المثير:


روسيا تقول ان الاسباب التي وراء سجن رئيس صندوق النقد الدولي جاءت جراء إكتشاف ان جميع الذهب الاميركي ذهب ادراج الرياح ..
فى تقرير جديد أعد لرئيس الوزراء الروسى بوتين بواسطة وكالة الأمن الفيدرالية جاء أن الرئيس السابق لصندوق النقد الدولى دومينيك شتراوس كاهان والذى اتهم واعتقل فى الولايات المتحدة جراء جريمة جنسية فى 14 مايو الماضى ، فقد جاء ذلك بعد اكتشافه أن كل الذهب المودع فى مستودع الولايات المتحدة لسبائك الذهب والكائن فى فورت نوكس قد فقد أو أصبح مجهول المصير. ووفقا للتقرير السرى لوكالة الأمن الفيدرالية الروسية فان شترواس كاهان قد أصبح قلقا بصورة متزايدة فى أوائل شهر مايو بعد أن بدأت الولايات المتحدة تماطل فى تسليم 191 طن من الذهب من المفترض أنها تعهدت بتسليمها لصندوق النقد الدولى وفقا للتعديل الثانى لمواد الاتفاقية التى وقعتها الهيئة التنفيذية فى ابريل 1978 ، وكان هذا الذهب سيباع لتمويل مايسمى حقوق السحب الخاصة كبديل لما يسمى العملات الاحتياطية .

وأضاف التقرير السري ان شترواس كاهان اثار حفيظة مسئولي الحكومة الامريكية المقربين من اوباما بالاتصال بعناصر منفلتة داخل وزارة الاستخبارات الامريكية الذين وفروا ادلة دامغة ان كل الذهب المفترض أن يكون مودعا لدى الولايات المتحدة قد ذهب أدراج الرياح! ويضيف التقرير أنه حال تلقى شتراوس كاهان هذه الأدلة من المخابرات الأمريكية قام باجراء ترتيبات سريعة لمغادرة الولايات المتحدة الى باريس ، ولكن عندما اتصل بعملاء المخابرات الفرنسية حذروه من أن السلطات الأمريكية تسعى للقبض عليه فهرب الى مطار نيويورك وكانوا حذروه أيضا من استخدام هاتفه المحمول حتى لاتتبع الشرطة الأمريكية آثاره . ولكن بمجرد صعود شتراوس كاهان الى متن طائرة الخطوط الفرنسية ارتكب خطأ فادحا بالاتصال بالفندق من هاتفه المحمول على الطائرة ليطلب منه تحويل المكالمات التى وصلته بعد مغادرته للفندق ، وهذا ماساعد الشرطة الأمريكية على اكتشاف مكانه ومنعه من السفر . خلال الأسبوعين السابقين – كما يقول التقرير – تمكن شتراوس من الاتصال بصديقه الحميم محمود عبد السلام عمر وهو مصرى ومن رجال البنوك ليساعده فى استرداد الأدلة التى كان قد حصل عليها من عناصر وكالة المخابرات الأمريكية ، وقد أدى ذلك الى اتهامه – أى عمر – من قبل السلطات الأمريكة بجريمة جنسية فورا !!( أى يوم 30 مايو) وأيضا وبالدقة مثل شتراوس : التحرش الجنسى ضد خادمة فى أحد الفنادق الكبيرة ، وهى تهمة غير قابلة للتصديق كما صرح عمر البالغ من العمر 74 عاما وهو مسلم ملتزم .

في خطوة مذهلة ومحيرة في موسكو وبعد ان قرأ بوتيتن هذا التقرير السري اليوم أمر بنشره في موقع الكرملين الرسمي كدفاع عن شتراوس كاهان ليصبح أول زعيم عالمي يؤكد ان رئيس صندوق النقد الدولي السابق كان ضحية لمؤامرة اميركية ويضيف. بوتين "من الصعب بالنسبة لي تقييم الدوافع السياسية الخفية ولكن لا يمكنني أن أصدق الحكاية بالطريقة التي قدمها الامريكان ، انه موضوع لا يستوعبه العقل."مش داخل دماغي "، يضيف بوتين .

ثمة ملاحظة مثيرة للاهتمام بصدد هذه الأحداث هى أن واحدا من اكبر رجال الكونجرس بالولايات المتحدة والمرشح الرئاسي لعام 2012 رون بول عبر عن اعتقاده بأن الحكومة الأميركية قد كذبت بشأن احتياطياتها من الذهب الكائن في فورت نوكس. وصرح عضو الكونغرس بول ان الحكومة الامريكية ومجلس الاحتياطي الاتحادي قاما باخفاء الحقيقة حول احتياطيات الذهب الاميركي كما انه طرح مشروع قانون في أواخر عام 2010 ليفرضا (مراجعة) من قبلهما ، ولكن هذا المشروع قد اخفق من قبل القوى الموالية لاوباما بعد ذلك . وعندما سأله الصحفيون مباشرة اذا كان يعتقد عدم وجود الذهب في فورت نوكس أو مجلس الاحتياطي الاتحادي ، وكان رد عضو الكونجرس "بول""أعتقد أنه محض احتمال". المثير للاهتمام انه قد لوحظ بعد 3 أيام على الاقل بعد اعتقال شتراوس ان صرح عضو الكونغرس بول في مناشدة جديدة للولايات المتحدة لبيع احتياطاتها من الذهب قائلا:، "نظرا لارتفاع السعر الآن ، ومشكلة الديون الهائلة التي تواجهها ، ونحن الآن و، بجميع الوسائل ، في ذروة عملية البيع. " افادت تقارير متفرقة من الولايات المتحدة لسنوات ، انه ليس هناك ذهب للبيع!! ( غدا فضيحة أخرى تتعلق بالذهب الأمريكى)






الخميس، 11 أغسطس 2011

جمعة مجاذيب الأجندات

جمعة مجاذيب الأجندات



ممدوح اسماعيل | 11-08-2011 01:58

فى حالة هوس وانفلات عقلى لكل أصحاب أهواء معاداة الشريعة السمحاء

تقابلت قلوب مختلفة متنافرة ولكنها إجتمعت على معاداة حب الشريعة السمحاء

كل ذلك حدث عقب مليونية 29 يوليو التى إنطلقت فيها قلوب المحبين تهتف قبل ألسنتها مصر إسلامية الشعب يريد تطبيق شرع الله فإحمرت وانتفخت أوداجهم وغاظهم مشهد ملايين اجتمعت على حب الله فصرخوا فى صوت واحد مكتوم فى حفرة مظلمة الحقونا الحقونا ياغرب ياأمريكا إنهم يهتفون من قلوبهم بحب الله

وحب شرع الله هايرجع مصر تانى لقد ضاع جهد ومخطط مائتين سنة من المؤامرات والفتن والإستبداد والقهر لتضييع حب الله وحب شرع الله من قلوب المسلمين قى مصر وظلوا يصرخون فى حالة تشبه مجاذيب القبور يصرخون لكل موالى لهم إلحقونا سوف يمنعون الرقص والفن الهابط والزايط وأغانى الفيديو كلاب ويمنعون العرى والخنا والفساد ويقيمون دولة عدل وصلاح

فهمس فيهم شيطان قائلاً لابد أن تجمعوا أى جماعة شكلها إسلامى معاكم لأن شكلكم وحش يعنى كلكم علمانىوليبرالى وماسونى والجميع يعلم أن بعضكم يقبض من ماما أمريكا بتاعته يعنى فضيحتكم بجلاجل

فصرخ أحدهم وجدتها صوقية صوفية فرد عليه أحدهم مين من الصوفية؟ فقال بسرعة لايوجد أفضل منهم العزمية الطريقة المهلبية المعادية للسلفية فصاح الجميع فى حالة هوس مجاذيبى صوفية صوفية عزمية تبيض وشنا وماحدش يقول علينا كارهين للإسلامية

ومع تقديرى للخلاف فى الرأى إلا أن ماحدث يؤكد حالة من الإنفلات العقلى فقد أعلن مجاذيب الأجندات والأهواء عن مليونية رداً على مليونية حب الاسلام وتفنن أحدهم وسماها حب مصر كأنه يريد أن يقول للناس أن الذين يحبون الإسلام لايحبون مصر مع أن حب الاسلام هو أكبر ضامن لحب مصر والإنتماء لمصر

والكارهين للإسلام من العلمانيين والليبراليين وغيرهم كلهم يحبون أى اسم غير اسم إسلامى ومعروف أنهم يحبون أهوائهم وأفكارهم الغربية ولايحبون فكر يؤكد هوية مصر العربية الإسلامية بل كلهم معادين لمصر لأن من يحب مصر يحب هويتها وأصلها وشعبها المسلم العربى الذى يحفظ كل مسيحى بعكس مجاذيب الأجندات الغربية الذين نجحوا فى استمالة بعض المسيحيين لهم ولكنهم غير ضامنين لحريتهم ولاحقوقهم مطلقاً

صديق لى سألنى ماذا نفعل مع ما أعلن عن مليونية رداً على المليونية الإسلامية التى أفزعت الفئران فى جحورها والغربان فى أوكارها قلت له لاشىء فرد غاضباً نتركهم قلت له نعم هذه هى قواعد اللعبة الديمقراطية نتركهم نفضحهم فتنكشف حقيقتهم وهم أعلنوا أنهم سيجعلونها ليلاً كى يتجمع الفضوليين فلا يذهب اليهم أحد فرد صديقى لكن البعض اقترح نذهب ونناقشهم قلت له هم يريدون ذلك يريدون ناس و لحى تظهر امام الكاميرات فى عدد لأنهم يفتقدون العدد فجمعوا الصوفية والحمد لله المجلس الصوفى فضحهم وقرر ان لايذهب معهم فأولى بنا وكل مسلم محب للإسلام أن لايذهب لقوم اجتمعوا على معاداة من يحب الإسلام فسكت صديقى ثم قال لكن يبدو أن فى الحكومة من يشجعهم ويظهر العداء بقوة قلت مثل من قال على السلمى نائب رئيس الوزراء صرح أن وثيقة فوق الدستور ستعلن قلت لصديقى على السلمى لم يتعظ بمن سبقه يحيى الجمل وهو ليبرالى يتودد اليهم ولكنه يفتقد إلى السياسة بتصريحه هذا لأن معناه معاداة واضحة لكل التيار الإسلامى ولجموع كبيرة من الشعب المصرى وهو يحاول أن يظهر فى الصورة فيظن أن بلعبه بالنار سينجح فى لفت الإنتباه الغربى له ولكنه سقط بسرعة فرد صديقى لكن مالعمل قلت أولاً -يبدو أن افطار الاخوان لم يحقق نتيجة فى على السلمى لأنه كان معانا فى افطار أعتبره أعظم رسالة فى حب مصر فقد نجح الإخوان فى إفطارهم أن جعلوه بنكهة مصرية خالصة فجزاهم الله خيراً لكن فيه ناس مهما عملت قلوبهم الهوى غالب عليها لكن مش مهم _ثانياً-مهم جداً التصميم من الإسلاميين على رفض هذه الوثيقة بكل الطرق والآليات والصوت العالى وصوت الحق والشعب هو الغالب بإذن الله لأن خطورة هذه الوثيقة تعنى تضييع كل جهد برلمانى ومهما تم من تقنين لدستور سوف يصطدم بتلك الوثيقة

ثالثاً- بالرجوع لجمعة المجاذيب التى أتوقع أن تكون فضيحة للتيار المعادى لهوية مصر أمنى أن لاينفعل أحد من هوس المجاذيب وتصريحاتهم على الفضائيات لآن غالبهم يقول مدد ياأمريكا وبعضهم مدد ياايران وبعضهم مدد ياهوايا وبعضهم مدد ياماركس ويالينين والحمد لله كل حبال المدد ووصلاته مقطوعة لأن المدد لايأتى إلا من عند الله

فلاتنشغلوا بمجاذيب الأجندات ولاصوتهم العالى بالاستغاثة مدد مدد وهتافهم الزائفة مدنية وعلّموهم أننا أصل المدنية وأننا مسالمين وحضاريين وأننا نريد دولة مدنية إسلامية ونرفض الدولة الدينية الشيعية والمسيحية والعلمانية لآن العلمانية ضد ارادة الشعب المصرى المسلم المحب لإسلامه والمعتز بهويته

ومدد ياالله للمحبين لدينك الناصرين لشرعك

ممدوح اسماعيل محام وكاتب

Elsharia5@hotmail.com

عفة الألفاظ والتعابير

عفة الألفاظ والتعابير



عبد السلام البسيوني | 11-08-2011 02:07

بات كثير من – تحت مطارق الانفتاح - مكشوفين جرآء لحد الوقاحة: في أجسامنا، وألسنتنا، وطروحاتنا، وصار عندنا أدب للفراش، يصف دقائق العلاقة المحرمة، وأفلام للفراش تصور ما يتخيل وما لا يتخيل مما لا يرضاه أهل الحياء والخوف من الإله، و(نكت) للفراش داعرة فاجرة مكشوفة، ورسوم للفراش خارجة مرذولة، وصور للفراش ماجنة منفرة، وكرتون أطفال للفراش مفسد مضل (!) واخترعنا ملابس لقلة الحياء، وأنشأنا أماكن للعري وقلة الحياء، وابتكرنا محلات تعرض خصوصيات ملابس النساء لقلة الحياء، وتنتج أدوات جنسية لقلة الحياء..

ولقد ذكرت فيما سبق أن البشرية المتدينة أعطت ظهرها لأنبيائها؛ كأن موسى عليه السلام لم يكن، وكأن مريم عليها السلام ما كانت مثلًا للطهر والعفة، وكأن عيسى صلى الله عليه وسلم ما كان بتولًا طاهرًا، وكأن محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن أشد حياء من العذراء في خدرها.. فقاد الغرب المسيحي حملات التدعير والفجور والاستباحة لأقصى الدرجات، واعتبروا من رسالة (مستنيريهم) كسر التابوهات المقدسة الثلاثة – ومنها الجنس – حتى باتوا يمارسونه عيانًا في الحدائق العامة، والمواخير المرخصة، وعلى الشاشات، بدعم سياسي ومالي هائل، وبمجهود فكري تنظيري مسعور، وتبعهم في ذلك ذيول الاستغراب، والمنبطحون من (مسقفينا) وأدعياء التحرير بيننا بمنتهى الوقاحة والاجتراء، وليتهم فعلوا ذلك وسكتوا، إذ قاموا كالمساعير – بحكم كون الإعلام في قبضتهم - يقطعون كل لسان ينادي بفضيلة، أو يدعو للعفاف، أو يستنكر الفجور والمروق والاستباحة، ويتهمونه بأخس التهم وأدنئها!

وقد أشار ربنا تعالى إلى العلاقة بين الرجل والمرأة بلغة رفيعة غير خادشة، بحيث إنك لتقرأ المصحف كله أمام ابنتك البكر، أو أختك المصون، أو حتى أمام امرأة غريبة، دون أن تخشى لفظة خادشة، أو كلمة نابية!

وذكر الله تبارك وتعالى العلاقة الجسدية - في أحوالها ولوازمها - في مواضع كثيرة من المصحف الشريف، وأتحدى أن تزعجك لفظة، أو إشارة.. تأمل معي:

• {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ} (187) سورة البقرة.

• {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} (187) سورة البقرة.

• {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} (237) سورة البقرة

• {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} (222) سورة البقرة.

• {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (21) النساء.

• {مِن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ} (23) سورة النساء. والدخول: الجماع!

• {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} (6) سورة المائدة. وفي قراءة سبعية: (أو لَمَسْتُم النساء)، واللمس الجماع.

• {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} (189) سورة الأعراف.

• {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} (56) سورة الرحمن.

وانظر إلى أدب الأنبياء عليهم السلام وتعابيرهم العفيفة:

** قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ - أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ - كُلُّهُنَّ يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) متفق عليه!

** وفي مسلم عن عائشة قالت سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم كيف تغتسل من حيضتها قال: فذكرت أنه علمها كيف تغتسل، ثم تأخذ فرصة من مسك، فتطهر بها، قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: تطهري بها سبحان الله، واستتر - وأشار لنا سفيان بن عيينة بيده على وجهه - قالت عائشة: واجتذبتها إلي، وعرفت ما أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: تتبعي بها أثر الدم.

** وقالت امرأة رفاعة القرظي في الحديث المتفق عليه: (كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَأَبَتَّ طَلاَقِي، فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ، إِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ! فَقَالَ: (أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ! حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك).

وقال صلى الله عليه وسلم (...وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟! قَال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟! فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) مسلم.

فانظر لهذه المشاهد القرآنية التي تصف لقاء بين رجل وامرأة (دقة قديمة/ متدينين/ بمقاييسنا متشددين أو متطرفين) وانظر إلى عفة كل منهما: يقول تعالى عن لقاء بين موسى صلى الله عليه وسلم وشابتين محتاجتين لنخوته وقوته: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ، وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ، قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا؟ قَالَتَا: لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء، وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا، ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ، فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء؛ قَالَتْ: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا، فَلَمَّا جَاءهُ، وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ، قَالَ: لا تَخَفْ؛ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) القصص:23-25! إنها شابة صالحة، عفيفة حيية، وهو قوي أمين، حيي عفيف، كلمته على استحياء أو جاءته ماشية على استحياء، وهو نفسه عفيف في نظره وطلبه (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير)!

وانظر إلى مريم عليها السلام حين رأت الملك في متعبدها، وخلوتها مع ربها تبارك وتعالى، ماذا قالت؟: (.....فتمثل لها بشرًا سويًّا * قالت: إني أعوذ بالرحمن منك؛ إن كنت تقيًّا * قال: إنما أنا رسول ربك، لأهب لك غلامًا زكيًّا * قالت: أنى يكون لي غلام، ولم يمسسني بشر، ولم أك بغيًّا!؟).

وانظر إلى تعابير القرآن حين يتناول أمرًا جنسيًّا صريحًا؛ كيف يعبر عنه: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا، فَمَرَّتْ بِهِ، فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا: لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا؛ فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف:189-190) يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى:

والتعبير القرآني يلطف ويدق ويشف عند تصوير العلاقة الأولية بين الزوجين: (فلما تغشاها) تنسيقًا لصورة المباشرة مع جو السكن، وترقيقًا لحاشية الفعل، حتى ليبدو امتزاج طائفين لا التقاء جسدين؛ إيحاء "للإنسان" بالصورة "الإنسانية " في المباشرة . وافتراقها عن الصورة الحيوانية الغليظة!

فما أرقّ وما أرقى!


وجه الحكمة في العقوبات الإسلامية


وجه الحكمة في العقوبات الإسلامية



عبد الرحيم جرين | 10-08-2011 02:48

هناك عامل لا بد من أن يلاحظ في جميع هذه المسائل ، بما فيها المسائل عن العقوبة بموجب الشريعة الاسلامية هو أن هناك عددا قليلا جدا من المسائل (إن وجدت) في حياتنا التي هي مفيدة كليا دون بعض الضرر ، أو أنها ضارة كلية دون بعض الفائدة.

يتضمن كل شيء فوائد ومضار بدرجة أكبر أو أقل. لنتتخذ الخمر على سبيل المثال. ورغم أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أنها أم الشرور ، ذكر في القرآن أنها تحتوي على بعض المنافع ، ولكن الضرر الذي هو أكبر بكثير من الفائدة وهذا كان سببا كافيا لتركها تماما. حقيقة أن شيئا قد تكون فائدته صغيرة لا يبرر ذلك الاخذ به ، لأن نتائج ضرره أكبر. وبالمثل شيئا قد يكون له بعض الضرر ، ولكن فائدته أكبر بكثير ، ولذا لا يمكن حظره بسبب أن له درجة صغيرة من ضرر. وإذا كنا دائما نتبع القاعدة أن نتجنب الاشياء ذات الضررالاكبر ونتعامل مع الاشياء ذات المنفعة الأكبر ، حياة الإنسان والمجتمعات ستتجه نحو الخير. إذا تجاهلنا هذا المبدأ فالضرر لا محالة سيهيمن على اوضاعنا ويدمر مجتمعاتنا.

هذا هو الهدف من القانون الإسلامي (الشريعة) التي تعمل على هيمنة المنافع على الضرر. بالطبع هناك دائما إمكانية للنزاع حول حقيقة ما يشكل الضرر والمنفعة. هل هي محض مادية ، أو أنها تشمل المسائل النفسية والروحية أيضا. في الواقع نحن بحاجة إلى اتخاذ كل ذلك في الاعتبار.

حتما هذا يعود بنا إلى مسألة أساسية. من يحدد الضرر والنفع؟ الطبيعة البشرية معقدة جدا والتفاعل بين العوامل واسعة حتى أنها كثيرا ما تتجاوز قدرات العقل البشري المحدود لجميع هذه العوامل فيها وهذا هو السبب في أننا نعتقد أننا بحاجة إلى الله وتوجيهاته فهوصاحب الكمال والمعرفة الكاملة. ومن غير الله لديه المعرفة والفهم لرؤية تعقيدات الحياة الفردية والجماعية ، وبالتالي ليوفر لنا الأجوبة والتعليمات في كيفية أفضل.

نحن فقط الحاجة إلى النظر إلى المجتمع الغربي لرؤية أمثلة عن كيف يفشل البشر فشلا ذريعا في العثور على أجوبة بسيطة ، ولو نسبيا ، في الأمور الأساسية!

وأحد الأمثلة التي تتبادر إلى الذهن هي كيفية الذهاب الى الحمام. المسلمون يدركون جيدا أن تعليمات دينهم من 1400 عام تتحدث عن كيفية استعمال المياه النظيفة مع أنفسهم ؛ وكيف يتوضؤون قبل الصلوات الخمس ، وأن النظافة نصف الإيمان. وكان هذا قبل وقت طويل من العلم وما اكتشف عن الجراثيم. وهذا هو السبب في المجتمعات الإسلامية في العصور الوسطى لم تعاني من العديد من الأمراض والأوبئة التي قضت على الغرب. في الواقع على الرغم من أن العلم الحديث قد أصبح متاحا ، لكن الناس في الغرب قد فشلوا لترجمة هذه المعرفة إلى الاخلاق والعادات اليومية! لا يوجد حتى الآن المياه للغسل منها في المراحيض العامة . أما بالنسبة للرجال فتجد مبولة حيث من المفترض أن تبول على الجدار ، مما يتسبب في أن البول ليرتد رزازة أكثر من مرة على الملابس و الجسم ، بطريقة تكفي ان الواحد يستحم في منطقة بوله! ولا يزال كثير من الناس لا يغسلون أيديهم بعده!

وإذا كانت المجتمعات العلمانية فشلت في حل مثل هذه الأمور البسيطة ، هل يمكن أن يكون من المتوقع أن تنجح في مسائل أكثر تعقيدا من تلك التي تحكم المجتمع؟

كثيرا ما نسمع شكاوى عن وحشية العقوبات في الإسلام ، مثل قطع يد السارق. مما لا شك فيه ، لأولئك منا الذين يعيشون في الغرب مثل هذا العقاب تبدو قاسية ، ولكن ما هو البديل ، لنعرض لما يسمى ب "انسانية" المجتمعات العلمانية ؟

رجل سرق وتم إرساله إلى السجن. لنترك جانبا كيف يكون السجن نفسه مروعا ، وأنه يكلف الكثير من العمل الشاق ،وكيف يدفع المواطنون الأمناء لهذه السجون من خلال الضرائب ؟ هناك يلتقي اللص باللصوص ، وأيضا بالخاطفين والقاتلين ، والمغتصبين... ويجتمعون والحديث عن ماذا؟ لقد كان هذا سيئا للغاية ولن نفعل ذلك مرة أخرى؟ لا ، إنهم يتبادلون المعلومات. يعلمون بعضهم بعضا كيف ليكونوا أفضل لصوص ، ومجرمي قتل واغتصاب وعندما يحين الوقت لاطلاق سراحهم وهم الآن مجهزون بمعرفة لم تتسن لهم من قبل. وهم معتقدون أنهم سوف يسرقون مرة أخرى ، على نحو أفضل في المرة القادمة ولن يقعوا في يد الشرطة.

هل الجاني امتنع عن ارتكاب الجريمة؟ لا يبدو الأمر كذلك. 80 ٪ يعودون إلى الجريمة.

هل تم حماية المجتمع من هؤلاء المجرمين؟ لا يبدو الأمر كذلك. الجريمة في زيادة.

يجوز لأحد أن ينتقد الإسلام ، ولكن ما هو البديل ؟

لقد رسم الله لنا نماذج المجتمع التي هي مختلفة جذريا عن تلك المجتمعات ا لعلمانية "المستهلكة" .التي تقرر من خلال الإعلان المستمر على أن النجاح والسعادة الدنيوية من خلال شراء السلع نجد الإسلام يرشدنا إلى طريق السعادة الروحية والهناء. بالطبع ، ليس من الضروري أن المجتمع الغربي جاهل بالحاجة إلى الأخلاق والآداب العامة ، ولا هو المجتمع الإسلامي جاهل بالحاجة إلى الرفاهية المادية والرخاء ، ولكن أين هو الاختلاف وما هو الهدف؟ وهل تختلف الحال؟ بالطبع ، أنه يجعل الفرق شاسعا. في المجتمعات حيث الممتلكات المادية تعتبر وسائل السعادة للشعب سوف يفعلون ما يمكنهم للحصول على تلك الممتلكات المادية ، حتى لو كان يتطلب سرقة أو قتل. ولعل هذا هو السبب في أننا لا نشعر بالارتياح لهذه العقوبات القاسية لأننا أنفسنا في مثل هذه المجتمعات نتعاطف مع هذه "الحاجة إلى الحصول على شيء". المجتمع الاسلامي بصفة عامة لا يتعاطف مع لص على الإطلاق. ما لم يكن بدافع الجوع أو حاجة ماسة ، وفي تلك الحالة يسقط الحد(أي حد قطع اليد) .

ربما هذه مجتمعة هي الأسباب التي جعلت المجتمعات الاسلامية التي تتبع أخلاقيات وتنفذ الشريعة الإسلامية تميل إلى أن تكون حرة وآمنة إلى حد كبير من هذه الجرائم. وهناك العديد من الشهود ، على ذلك ، حيث تجد متاجر المجوهرات في تلك الدول الاسلامية يترك الباب مفتوحا دون حراسة في وقت الذهاب للصلاة وعند العودة يجدون كل شيء في مكانه .

الشريعة الاسلامية تمنع اللص من سرقة وتحمي المجتمع من اللص.

كل هذا ، يجب أن يلاحظ ، في سياق إطار من أخلاقيات المجتمع بأسره الذي يعمل والقانون يطبق بصورة عادلة ومنصفة وفعالة. {(لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها) إضافة من المترجم}.

حالة الزنا.

كل هذا ينطبق أيضا على مسألة رجم الزاني والزانية.

الإسلام يركز على حماية وضمان سلامة الأسرة. وهي في الواقع ما يضمن سلامة و رفاهية المجتمع.

كما أن هناك اهتماما كبيرا بمسألة الأخلاق العامة. وهي نزعة طبيعية في المجتمعات البشرية لتبرير أعمالنا في سياق كيف يتصرف الآخرون . الإسلام يصر على ان أفعالنا ينبغي القيام بها لارضاء الله لا غيره. و عندما يبدأ الشر والخطايا تمارس علنا يتصور الناس أن هذا الفعل ليس حقا سيئا وضارا ، لأنه بعد كل شيء ، يقوم به آخرون. ونتيجة لهذا الجريمة تصبح أكثر وحشية على نطاق واسع وسريع مع دوامة الهبوط المعنوي يحدث في نهاية المطاف تفكك المجتمع. يحرم الاسلام التجسس وإساءة الظن ، ولكن عندما تمارس الخطايا علانية فذلك يحتوي على ثلاثة أخطاء : جريمة ضد النفس ، وتحديا للقانون وبالتالي القانون وصانعه ، وإهانة لحسن ترتيب المجتمع. مثل هذه الجرائم وبالتالي الحاجة إلى عقوبات مناسبة وفعالة أن يكون بمثابة تحذير الى الآخرين. جريمة عامة تستحق عقوبة عامة.

الزنا يعاقب بالإعدام ، وبصورة بطيئة ومؤلمة . دلالة عن كيف تضر هذه الجريمة بالمجتمع. وهذا لا بد من أجل اثبات جريمة الزنا و تنفيذ العقوبة فلا بد من أن ترى من قبل أربعة شهود موثوقين عدول غير مشكوك في سمعتهم.!

وعلينا أيضا أن نأخذ في الاعتبار أن مجتمعات المسلمين تتخذ كل الاحتياطات لتجنب الوسائل التي يمكن أن تؤدي إلى الزنا. عري العامة ممنوع. في الواقع هناك قانون صارم فيما يتعلق باللباس . وهذا جزء من الحكمة وراء الحجاب. انه عمل من المسؤولية الاجتماعية التي تساعد على تكوين مجتمع متناغم. أيضا تجنب الاختلاط الحر بين الجنسين . فلا ينبغي أن تكون هناك خلوة بين رجل وامرأة أجنبية . ومرة أخرى في هذا السياق الزنا أمر لا يغتفر ، والقصاص العادل شديد.

وهناك اتجاه آخر من الحكمة التي من مثل هذا العقاب يمكن أن يكون مفهوما ، وهذا هو مقتل اثنين من المجرمين يمنع الموت والعذاب لكثير من الابرياء. ومما لا شك فيه أن الخيانة الزوجية تسبب الكثير من هجر الشريك وربما قتله وربما في بعض الحالات الأطفال أيضا. هذا هو الضرر الذي يمكن أن نراه كل يوم . و الأكثر الآثار النفسية على شريك مهجور ، والأطفال وأسرهم واسعة النطاق ، ويمكن أن يؤدي إلى مشاكل سلوكية في نهاية المطاف . "الضرر" من عقوبة الزنا يقابله "صلاح" وحماية المجتمع الأوسع.


وفي نهاية المطاف لا ينبغي لأحد أن يقبل أو يرفض الإسلام بصفة عامة أو لأي جزء محدد من ذلك لأنه يختلف أو يتفق مع مفاهيمه الخاصة و منها التراث الثقافي. فالأخلاق والقانون والعقوبات في نهاية المطاف هي أشياء لا نستطيع بسهولة قياسها بطريقة موضوعية. العقوبة التي قد تبدو قاسية جدا في ثقافة واحدة ربما تكون ضرورية ومتقبلة في ثقافة أخرى. إذا لا معنى لجعل هذا معيارا للنقد. ولعل الأقرب هو أن نرى : "هل هذه العقوبات تؤتي ثمارها ام لا؟" الإسلام نظام حكم ممتاز سجل في هذا الصدد. ليس فقط قبل1400 عام ، بل لا يزال حاليا ينجح العديد من الشعوب والثقافات التي تستخدمها في جميع أنحاء العالم. ما أعتقد أن عدد قليل من نظم الحكم يمكن أن تقترب منه مطابقة.

ترجمة :نهى أبوكريشة


الأربعاء، 10 أغسطس 2011

المال الطائفي والجوائز الأدبية (3–6)


المال الطائفي والجوائز الأدبية (3–6)



د. حلمي محمد القاعود | 10-08-2011 02:40

تتابع السيدة المسيحية " مرام " ، والدة ماجد عبود ، سرد جوانب من حياتها في سياق حديثها عن واقعها الجديد في القاهرة ، وتعود إلى الفترة التي قضتها في أسيوط ، فتشير إلى رؤية المسلمين للمدارس التي أنشأها الغرب الاستعماري في العاصمة وبعض المدن المصرية الكبيرة ، فتقول :

[ عملت بالتدريس في مدرسة من مدارس الإرساليات الأجنبية التي يقول عنها المسلمون " مدارس التبشير المسيحي " في الصعيد . مرتباتها جيدة برغم ما يقال عن الطابع التطوعي للعمل فيها ، والطلاب أغلبهم من المسيحيين ..] ص 118 – 119 .

ويبدو أن السيدة مرام لا تعلم أن الكنيسة الأرثوذكسية كانت طوال القرن التاسع عشر تستغيث بالخليفة العثماني ليمنع المنصرين الكاثوليك والبروتستانت من تحويل الأرثوذكس إلى مذهبيهما ، فصدر الفرمان العثماني المسمى بالخط الهمايوني لحماية نصارى مصر من التنصير الغربي ، وعرفت المدارس التي أقاموها بمدارس التبشير المسيحي لدى المسلمين والنصارى على حد سواء ، ولكن المتمردين الطائفيين في كنيسة شنودة يتجاهلون ذلك ، بل يغالطون ويكذبون ويبتزون.. وهو ما أنتج جيلا نصرانيا مسكونا بالتعصب والانعزالية والانفصالية وكراهية شركاء الوطن ، وفقا لمنهج مدارس الأحد وجماعة الأمة القبطية ، وفكرة الشهادة التي أرساها رئيس الكنيسة الحالي منذ جلوسه على كرسي مار مرقص عام 1971م.

وتتحدث السيدة مرام عن زوجها المهاجر ... وقصة هروبه بجلده وفقا لتعبيرها في الرواية ، واهتمام الصحافة الغربية بحكايته المفتعلة وتصويره ضحية للمسلمين الإرهابيين الذي يضطهدون النصارى ، ويتعاملون معهم بمنتهى القسوة والوحشية : [ منحته الصحافة العالمية أسماء جديدة : " المبعد "؛ " المطرود "؛ " المسيحي الذي أبعده المسلمون عن بلده " ؛ " الهارب من إرهاب المتطرفين في مصر ". وراء كل مبعد قصة ، وهذه حكاية لمن تمكن من الفرار بجلده في اللحظة الأخيرة ] ص 122 .

وتصور السيدة مرام المسيحية قسوة المسلمين على النصارى ، عبر تهديداتهم التي لا تنقطع ، وتقارن بين حال زوجها الذي هرب وحالها مع ابنها وهما يتعرضان لهمجية المسلمين ، الذين تركوا زوجها يهرب دون أن يمسه سوء.. كيف ؟ وهل هذا الأمر مقنع فنيا ؟ تقول السيدة مرام :

[ عاودت التهديدات وصولها إلينا ، كأن التاريخ المرّ يصر أن يعود من جديد ، ما جرى مع عبود ، وكان يحكيه لي ، ها هو يجري معي ومع ابنه ، حالته أفضل منا . يملك وسائل الهروب . أما نحن ، فأمامنا التهديدات ووراءنا التهديدات . هددوني بخطف ماجد وهو عائد من مدرسته ، وخوفوني بإلقاء ماء النار على وجهي ، أسلوب العصا ... والعصا !] ص 123 .

وفي سياق تحليل السيدة مرام المسيحية لهروب زوجها ونجاته من الاضطهاد الإسلامي ، وضحكه عليها وعلى ابنها ، دون أن تتحرك لديه غريزة الأبوة على الأقل بالعطف على أسرته ، فتشير إلى نذالته الضمنية ، ومحاولة التعلل بالاستعداد لاستقبال الزوجة وولدها ، ولكن الأخطر من ذلك هو الحديث عن عدد النصارى الذين تقصر عليهم صفة الأقباط ، مع أن كل سكان مصر مسلمين ونصارى وغيرهم أقباط ، فتقول إنهم اثنا عشر مليونا :

[ مرت أيام وأسابيع وشهور وسنوات ، ولم ينته من ترتيب أحواله ! يضحك على من ؟ حتى لو كان يستعد لاستقبال أقبط مصر جميعا ، الاثني عشر مليون قبطي الذين يعيشون في البر ، ما احتاج إلى كل هذا الوقت؟ ... ] ص 127 .

وبلا شك فالمرأة هنا صوت للكاتب ،وهي صوت زاعق وفج وكاذب أيضا ، لأن مؤسسة بيو الأميركية ثم الفاتيكان ، قد حسما مسألة عدد غير المسلمين الذي لا يتجاوز أربعة ملايين ونصف مليون تجمع كل الطوائف المسيحية بمذاهبها المتعددة .. فإذا افترضنا أن الكاثوليك يبلغون مليونا ، والبروتستانت يبلغون ربع مليون ، وأتباع مكسيموس الذين يتزايدون باستمرار قد وصلوا على مائة وخمسين ألفا عدا بقية الطوائف ، فإن أتباع كنيسة شنودة التي تدعي الاضطهاد وتريد أن تفرض إرادتها على الأمة كلها بما فيها الطوائف المسيحية المخالفة ، وترى أن المسلمين غزاة ، وان العرب بدو متخلفون.. يبلغ عدد أتباعها ثلاثة ملايين على الأكثر ، ولكن يبدو أن مؤلف الرواية أراد أن يقنع القارئ بالقوة أن القوم قوة هائلة ينبغي الخضوع لها بحكم العدد ، وليس بأخلاق الإسلام التي تحض على البر بغير المسلمين ، والإحسان إليهم ، والعدل معهم ؛ طالما لم يقاتلونا ، ولم يخرجونا من بيوتنا وأراضينا ، ولم يسيئوا إلينا .. ولكن للكاتب رأيا آخر، أو للسيدة مرام رأيا آخر !

وهذه السيدة فيما يبدو حريصة على انتقاد السلطة أيضا ، وليس عامة المسلمين وحدهم ، فهي تستنكر ضمنا عدم منح لقب الأم المثالية لامرأة مسيحية في الاحتفال السنوي بيوم الأم في شهر مارس ، وهو استنكار نؤيده بكل قوة ؛ فالمرأة – أي امرأة - تستحق اللقب إذا أثبتت أنها أوقفت حياتها ، على أولادها، وضحت من أجلهم في غيبة الأب ، ولكن واقع الحال يشير إلى أن أغلبية النصارى إن لم يكن كلهم يعيشون حياة مريحة ، وأن الكنيسة تتكفل بالفقراء والمحتاجين ، فيحيون حياة جيدة بالقياس إلى المسلمين الذي يعيش أغلبهم تحت خط الفقر ، كما تقول التقارير الدولية والمحلية ، تقول السيدة مرام في غمزة يظهر فيها صوت الكاتب مع أنه يحاول إخفاءه ، ولكنه لا يستطيع :

[ تربية ماجد تعطيني الحق في لقب الأم المثالية على البر كله . هل سبق أن كانت الأم المثالية من ديانتي نفسها ؟ لست متأكدة من ذلك ؟ ] ص 131 .

وفي كل الأحوال تنسي السيدة مرام أنها لم تعان إلا شهورا قليلة أو ما يقرب من سنة ، عقب انتقالها من أسيوط إلى القاهرة ، ثم هجرة زوجها الذي ضحك عليها وعلى ابنه ، ولو أنها عانت

مثل بقية النساء المسلمات الفقيرات المكافحات سنوات طويلة تؤكد بطولتها ؛ لكنت من أوائل الذين يطالبون بمنحها اللقب المأمول .

إن السيدة مرام تنطق بلغة أخرى غير اللغة الطبيعية لامرأة في مثل حياتها ، نشأت في بيئة الصعيد الطيبة المتسامحة المتضامنة في السراء والضراء ، بدليل أنها تدعي أمورا لا وجود لها في الواقع ، هل يتصور أحد أن يقوم المسلمون بسكب البنزين على بيت النصراني وحرقه في وضح النهار ؛ لأنه استعان بمربية مسلمة لابنه ؟ هل المسلمون يتعاملون مع غيرهم بمنطق الولاية ؟ إن السيدة مرام تنطق بصوت الكاتب الزاعق المتحامل ، فتقول :

[ .. فهل أجرؤ على إحضار مربية مسلمة ؟ لو فعلت هذا لسكبوا البنزين على بيتي وأحرقوه في عز النهار ، ولامتنع الجميع عن إطفاء النيران . هل سأعود إلى عنب ديبة ؟ إلى حكاية والد ماجد ، ومشكلته في عمله ؛ إلى السؤال القديم : ولاية من على من ؟! ] ص 132 .

وتذهب السيدة مرام إلى أبعد من ذلك التحامل والادعاء الكاذب ، فتري أن أصحاب الذقون أو " السنية " سبب كل ما حل بالنصارى وبالبلد .. إنهم رمز الدم ، وهم يشبهون الأفاعي والثعابين ، ويذكرها الأذان بهم خمس مرات في اليوم :

[ شاهدت أصحاب الذقون ، الذين يسميهم الناس " السنية " ، أعتبرهم السبب في كل ما حل بنا . طردوا عبود خارج الحدود ، وتسببوا في هجرتي إلى حيث أعيش، وأوصلونا إلى حالنا . هم السبب في كل ما جرى في البلد . ......... مجرد وجودهم يصبغ السماء بلون الدم . عندما أنام أحلم بهم ، على شكل أفاع وثعابين . أستيقظ من نومي قلقة من كوابيسهم التي تأتيني . أحاول نسيانهم ، صوت الأذان الذي لا مفر منه ، ويتكرر خمس مرات في اليوم ، يذكرني بهم ] ص 134 – 135 .

إلى هذا الحد يا مرام ؟ أو من تقف وراء مرام ؟ يصبح الأذان الذي سمعه النصارى على مدى أربعة عشر قرنا من الزمان ، رمزا للقتلة والسفاحين والأفاعي والثعابين ؟


الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

العفة المنقرضة

العفة المنقرضة



عبد السلام البسيوني | 08-08-2011 01:45

دعنا إذن قارئي الحبيب نبحر في تاريخ بعض الأخلاق، التي أزعم أنها على وشك الانقراض، وحاول معي أن ندق جرس تنبيه، أو نوقد إشارة حمراء، لعل أحدًا ينتبه إلى أن جلدنا يسلخ، وهويتنا تمسخ، وعقلنا يسلب، وأننا سنكون شيئًا ذا قيمة إذا استعدنا هذه القيم الهاربة، واستمتنا في استعادتها، والتمكين لها، ونشرها، وعضضنا عليها بنواجذنا، وإلا فيا ضيعة الأجيال القادمة - وهم أبناؤنا وأحفادنا، وأمل الأمة ومستقبلها - ويا حسرة على تاريخ كان مجيدًا فاتسخ وهان وضُيع - مع سبق الإصرار والترصد - ويا ويلي من مستقبل نباع فيه بيع العبيد، ونستعيد باختيارنا أيام النخاسة المباشرة وغير المباشرة، ونكون تحت رحمة نخاسين قساة القلوب، عديمي الضمائر، ما رأينا منهم عبر التاريخ رحمة ولا خيرًا ولا نزاهة ولا إنسانية!

من الأخلاق المعرضة للانقراض والزوال: خلق العفاف أو العفة التي كان الناس المحترمون يسمون أبناءهم بها، فلو نبشت في الأسماء منذ القدم فإنك ستجد اسم عفيف، وعفة (عفت بالتركية) وبتول، وطاهر، ومريم، وطاهرة، ونحوها..

وتجد عند الغربيين أسماء مثل: ميريام وميري وماريمار وفرجينيا، ونحوها.. كما كانوا يضفون القداسة على الراهبات العذراوات: سينت هيلانة، وسينت كاترين، وسينت ماريانا، وسينت تريزا، وسينت لويزا، وسينت تكلا، ومئات أخريات منهن!

وتجد خلق العفة مرتبطًا بنماذج بشرية عليا كسيدنا يوسف عليه السلام، وجريج العابد، والكفل من بني إسرائيل، والذين سُد عليهم الغار، ومريم بنت عمران العذراء البتول الطاهرة النقية، مرورًا بمحمد صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وعلماء الأمة وآحادها، وصولا إلى أيامنا هذه، التي صار خلق العفة فيها – عند كثيرين – جمودًا، و(قفلنة) وتزمتًا، وماضيًا غير جدير بالإحياء، ببركة (المسقفين) بتوع الإعلام والمرئي والمسموع والمقروء، الذي يقود الأمة المسلمة (في الجملة) إلى حتفها!

والعفاف أو العفة: ضبط النفس أن تنساق وراء شيء لا يرضي الله تعالى، ويخدش المروءة..

وفي لسان العرب هي: الكَفُّ عما لا يَحِلّ ويَجْمُلُ. يقال: عَفَّ عن المحارِم والأَطْماع الدَّنِـية..

وهي تركُ الشهوات، وحِفْظ الفَرْج مما لا يَحِلُّ..

والعفة في الفلسفة: امتناع اختياري عن إرضاء حاجة أو رغبة طبيعية، كما ورد في المحيط.

وَاِمْرَأَةٌ عَفِيفَةٌ، وَحصَان، وَحَاصِن، وَمُحْصَنَة، وَنِسَاءٌ حُصُنٌ، وحَوَاصِن، وَمُحْصَنَات، وَفُلانَة مِنْ ذَوَاتِ الصَّوْنِ، وَذَوَاتِ الْحَصَانَةِ، وَذَوَاتِ الطُّهْرِ، وَرَبَّات الْعَفَافِ!

وَيُقَالُ: اِمْرَأَة قَاصِرَة الطَّرْف أَيْ لا تَمُدُّ طَرْفَهَا إِلَى غَيْرِ بَعْلِهَا، وَاِمْرَأَة نَوَار أَيْ نَفُور مِنْ الرِّيبَةِ، وَنِسَاءٌ نَوْر..

وفي التنزيل: {ولْيَسْتَعْفِف الذين لا يَجِدون نكاحًا}؛ وفي الحديث الصحيح: (ومن يَسْتَعْفِفْ يُعِفّه الله) والعفيف هو: التقي الذي إذا خلا بالحسناء خاف الله عز وجل، وحصن فرجه، كما قال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد قسم الراغب الأصفهاني العفة قسمين، أحدهما: العفة عن المحارم، وثانيهما: العفة عن المآثم .

وهي في الفهم الغربي قريبة جدًّا من الفهم المسلم، خصوصًا العفة عن العلاقات الحرام، لولا أنهم لا يعرفونها الآن، ولا يرضونها سلوكًا، ومعتقدًا، ومنهج حياة؛ ففي المعجم الإلكتروني dictionary.reference.com جاء:

Chastity is sexual behavior of a man or woman acceptable to the moral norms and guidelines of a culture, civilization, or religion.

In the western world, the term has become closely associated (and is often used interchangeably) with sexual abstinence, especially before marriage. However, the term remains applicable to persons in all states, single or married, clerical or lay, and has implications beyond sexual temperance.

In Catholic morality, chastity is placed opposite the deadly sin of lust, and is classified as one of seven virtues.

وكانت تعني العذرية، والطهارة أو النقاء من العلاقات الجنسية غير المشروعة، virtuous or pure from unlawful sexual intercourse وهي معتبرة في الأديان الإبراهيمية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية، والافتئات عليها جريمة أخلاقية: جاء في المرجع نفسه: In Jewish, Christian and Islamic religious beliefs, acts of sexual nature are restricted to the context of marriage. For unmarried persons therefore, chastity is identified with sexual abstinence. Sexual acts outside or apart from marriage, such as adultery, fornication and prostitution, are considered sinful!

وأزعم أن هذه المفاهيم لم تعد ذات بال، في الممارسات المعاصرة؛ على مستوى الدنيا تقريبًا! بل إن نقيضها هو الهاجس الذي يستولي على الناس – باختلاف شرائحهم - وكما مر فإن المرأة، والرجل العفيف، المستعلي على شهوته، والمترفع عن شهوانيته، صار مغموصًا مريبًا، متهمًا بالتطرف، أو الجمود، أو التخلف، أو الماضوية، وبتنا مكشوفين في أجسامنا، وألسنتنا، وطروحتنا، وصار عندنا أدب للفراش، وأفلام للفراش، و(نكت) للفراش، ورسوم للفراش، وصور للفراش، ومحلات تعرض خصوصيات ملابس النساء بمنتهى العلانية، بل صارت المحلات تبيع أدوات جنسية، تخجل الكريمة من مجرد رؤيتها، ويحمر وجه الحر!

لقد أعطت البشرية المتعلمنة ظهرها لأنبيائها؛ كأن مريم عليها السلام ما كانت مثلًا للطهر والنقاء، حتى غلب عليها لقب (العذراء Virgin Mary) ، وكأن موسى عليه السلام ما كان عفيفًا حييًا، وكأن عيسى صلى الله عليه وسلم ما كان بتولًا طاهرًا، وكأن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يكن أشد حياء من العذراء في خدرها! فقاد الغرب المسيحي حملات التدعير والفجور والاستباحة لأقصى الدرجات، واعتبروا من رسالة (مستنيريهم) كسر التابوهات المقدسة الثلاثة – ومنها الجنس – حتى باتوا يمارسونه عيانًا في الحدائق العامة، والمواخير المرخصة، وعلى الشاشات، وفي القنوات المخصصة لذلك، بدعم سياسي ومالي هائل، وبمجهود فكري تنظيري مسعور، وتبعهم في ذلك ذيول الاستغراب، والمنبطحون من (مسقفينا) وأدعياء التحرير بيننا بمنتهى الوقاحة والاجتراء، وليتهم فعلوا ذلك وسكتوا، إذ قاموا كالمساعير – بحكم كون الإعلام في قبضتهم - يقطعون كل لسان ينادي بفضيلة، أو يدعو للعفاف، أو يستنكر الفجور والمروق والاستباحة، ويتهمونه بأخس التهم وأدنئها!

ولا شك أن القطاعات الكبرى – لولا التعمية والمخادعة الإعلامية - لا تقبل هذه المستويات المتدنية لو خاطبنا فطرتها السوية!

وأذكر أنني قابلت ذات يوم جملة من السيدات المسنات الأمريكيات، فداعبتهن، بعد أن سألتهن عن أسمائهن، فكانت منهن أكثر من مريم (ميري) فقلت لهن: إنني عيسويٌّ أعظِّم عيسى الطهور، ومريميٌّ أحب مريم أكثر من أي واحدة منكن، وأعلم أن القرآن لم يذكر اسم أية امرأة غيرها، بل خصها بسورة كاملة تستعرض عفافها وسيرتها الزكية، ولأن ابنتي وزوجتي وأختي والنساء حولي يلبسن مثل لبسها، وليس منكن واحدة تلبس مثل مريم عليها السلام، بل إنكم في أوربا والغرب كله تحاربون الحجاب الذي كانت ترتديه، وطلبت منهن أن ينظرن حولهن ليرين المسلمات المحجبات مثل مريم عليها السلام – وكنا في مكان واسع مكتظ بالناس - فتلفتن ليجدن خُمُرًا كثيرة على الرؤوس، فنظر بعضهن إلى بعض في اندهاش، كأنما انكشف لهن شيء ليس بالبال فجأة، وقالت إحداهن: كلام معقول.. هذا صحيح جدًّا!

ولطالما تحدث القرآن الكريم عن العفة في صورها الكثيرة، كما تحدثت السنة المشرفة عنها في أحاديث لا تحصر، أذكر منها طرفًا يسيرًا؛ فلست في مقام الحصر والاستقصاء:

ففي العفة عن العلاقة الحرام والنظر الحرام يقول تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}.

ويقول تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ، وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

وأمرنا باتخاذ أسبابها، حماية لأنفسنا من الضعف والانزلاق، فقال جل ذكره: (قُلْ لِلـْمُؤْمِنينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصارِهِمْ وَيَحْفَظوا فُروجَهُمْ ذلِكَ أزْكى لَهُمْ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما يَصْنَعونَ * وَقُلْ لِلـْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُروجَهُنَّ وَلا يُبْدينَ زينَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنْها..... )

ويحكي لنا القرآن الكريم عن عفاف يوسف عليه السلام (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِه، وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ، وَقَالَتْ: هَيْتَ لَكَ، قَالَ: مَعَاذَ اللّهِ؛ إِنَّهُ رَبِّي، أَحْسَنَ مَثْوَايَ، إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)!

وفي صحيح مسلم أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى) وفي رواية ثانية: وَالْعِفَّةَ!

وقد ضمن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم للعفيف دخول الجنة، حين قال صلى الله عليه وسلم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه - فرجه - أضمن له الجنة)!

وحدثنا عن السبعة الذين يكرمهم الله تعالى بظل عرشه، يوم تكون الشمس فوق الرؤوس يوم القيامة: ( … وشاب دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله)!

وحين سأل هرقل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: بماذا يأمركم؟ قال أبو سفيان: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق (والعفاف) والصلة!

فقال هرقل يتأكد مما سمع: سألتك بم يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم حتى أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه، والحديث متفق عليه .

وفي العفة من الأمثال شيء كثير أذكر منه: تجوع الحرّة ولا تأكل بثديها/ المنية ولا الدنية/ النار ولا العار/ العفة جيش لا يهزم/ إياك وما يعتذر منه/ من لم يقنع باليسير لم يكتف بالكثير/ العفّة أكرم من الابتذال.. وغيرها.

وهاهم أحفاد هرقل وأذنابهم يقودون الحملات؛ لقتل الحياء على كل مستوياته وصوره؛ فيا لله للبشرية التعيسة التي تشتري هلاكها بمالها، وتجرع السم باختيارها!

عفة إيه يا عم!؟

عفة إيه يا عم!؟



عبد السلام البسيوني | 04-08-2011 02:20

في العقليات الغربية الحاكمة للدنيا، والتي صارت لغيرها أنموذجًا يترسم، ومنهجًا يحتذى، وتقدمًا، وانعتاقًا، وحرية، والتي أضحت الغول المهيمن بقيمه وأخلاقياته، والذي ينتشر انتشار الوباء المبير، وتحت مطارق العلمنة، وانتشار المدارس الوجودية والعلمانية الليبرالية، والإلحاد الصريح المعلن، بدأت البقية الباقية من القيم تهرب أو تنسحب من المجتمعات؛ فاسحة المجال لقيم أخرى ضدها، لتتربع مكانها في دنيا الناس، وتصير قاسمًا مشتركًا في حياتهم:

انسحبت الغيرة من القلوب والعقول في الغرب المتحضر؛ لتفسح المجال لدياثة علنية أو مبطنة، تحت مسميات الحرية، والاستنارة، والعقلنة، وحرية الاختيار، والإسقاط النفسي، ومراعاة العقل الجمعي، وما شابه، لنرى الأب يوصل ابنته بنفسه لصديقها؛ متمنيًا لها قضاء وقت طيب، ولنرى الزوج جالسًا مسترخيًا، وابتسامته تملأ وجهه، بينما غريب، أو صديق للأسرة، أو زميل عمل يراقص زوجته، ويعتنقها بمودة شديدة، وأخونا مبتسم سعيد؛ كأن زوجه ليست متهالكة في حضن ذكر آخر...

وانسحبت العفة من القلوب والعقول لتفسح المجال لوقاحة مستبيحة، تعلن أن من حق الولد أو البنت/ الذكر والأنثى كليهما أن يعرف ويجرب الجنس الآخر، قبل الزواج وأثناءه وبعده، لا يجدون في ذلك غضاضة، ولا مخالفة لدين أو مروءة أو قيمة؛ لأنهم اصطنعوا لأنفسهم دينًا آخر غير ما جاء به الرسل، وقيمًا أخرى غير تلك التي جاءت بها الكتب السماوية، وسكنت الفطر السوية!

وانسحبت المروءة من القلوب والعقول، لتفسح المجال لأخلاق الانتهازية والنذالة والنفعية، واستغلال أي أحد في سبيل تحقيق أعلى حد من نفع الذات، رافعين شعار: ماذا سأربح؟/ أنا ومن بعدي الطوفان/ الآخرون هم الجحيم.. بل عمموا هذا على مستويات أعلى وأخطر:

فصارت السياسة مدرسة للدهاء والخسة والغدر، وأعلنوا أنها بلا قلب، وبلا قيم وأخلاقيات بل هي سلوك براجماتي بحت، على الدين والقيم أن تتنحى عنه بعيدًا!

وصارت التجارة ممارسة بلا رحمة، وباتت الشركات العملاقة والمصارف الكبرى تلعب بمصائر ملايين ومليارات من البشر؛ لتحقق المزيد من الأرباح، بغض النظر عما سيحصل لهؤلاء البشر من كوارث وجوائح وانتكاسات!

بل إن مهنًا نبيلة كالطب وصناعة الدواء صارت مسارح للعبث بأرواح الناس وأعمارهم وصحتهم، وصارت شركات الدواء تفرض قوانينها (النذلة) لتحقق ما لا يتخيل من الأرباح، التي تصب في النهاية في جيب فرد، أو مجموعة محدودة من الأفراد، وليمت الناس، ولتمت الضمائر، ولتعترض الأديان ما شاءت، فمنهج هؤلاء اليوم ودينهم: ربح غمر، وغدًا خمر وأمر، ولا رب، ولا آخرة، ولا حساب!

وقد بدأ كثير منا– متأثرين بالفيروسات المستوردة - يرون العفة جمودًا، وتزمتًا، ونكوصًا للوراء، وأننا تغيرنا مع الانفتاح، بعد أن صار العالم حارة واحدة ضيقة، وأنه لم يعد ثَمّ داعٍ لأخلاق ديناصورية بالية، مثل الستر، والعفة، والغيرة، والمروءة، والنخوة، فالناس غير الناس، والزمان غير الزمان، وباعتبار أن أخلاق أيامنا هذه هي أخلاق الفهلوة، والروشنة، والأدمغة الموزونة، والمزاج العالي (كما يعبر العيال الصيع)!

ويشترك في ترسيخ هذا المفهوم المنحرف عوامل كثيرة، أتكلم منها الآن فقط عن وسائل الإعلام (الميمونة) التي تقدم لهذه الأمة الذبيحة – خصوصًا في رمضان المعظم - نماذج فذة من الراقصات، وتجار المخدرات، والسياسيين الفاسدين، ورجال الأعمال النصابين، لتعمق في الجيل - بل في الأمة كلها - مناهج الأونطة، والبلطجة، والسطحية، وسقوط الهمة، والانحراف القيمي والخلقي والديني، وتجعل المجد للهلس والهلاسين، والانحراف والمنحرفين!

وتؤكد هذه الوسائل (المدعومة) أن رسالتها تنويرية، وأنها تحاول إخراج الأمة من وهدتها الحضارية، وتؤكد أننا لو تابعنا هذا الرِّجْز الذي تنشره، فستحل مشاكل الأمة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والسكانية والماضية والحاضرة، ومن خلال هذه الغثائيات التي يملكها مجموعة من رجال الأعمال (الأوفياء) سنزرع الصحراء، ونبني المصانع، ونقضي على البطالة، ونرفع مستوى التعليم، ونزيد الوعي، ونستفيق من حالة البؤس الحضاري، ونواجه جبروت (الصديق) الصهيوني اللدود!

وتنتج مصر وحدها (وهي التي تستجدي قمحها وأرزها وملبسها وسلاحها، وكل شيء يهمها) نحو 70 مسلسلاً، وتتعدى ميزانية إنتاج المسلسلات قريبًا من جنيه (بس) هذا غير البرامج التي تكرس الغباء والتفاهة وقلة الأدب.

وفي هذه المسلسلات (التنويرية) الرمضانية وغير الرمضانية، كمية من الأفكار العارية، والأجساد العارية، والعورات المكشوفة، والجرأة والتطاول، والاستهبال والغش، كميات أقلها ينجس البحر، حتى إن الإعلام الصهيوني نفسه تعجب من هذا كما ذكرت المصريون (6/9/ 2010) واستغربت مستوى الإباحية المعروض في رمضان الماضي عند المسلمين، ولفتت جيروزاليم بوست في تقرير لها إلى الكم الكبير من المشاهد والكلمات البذيئة الخارجة، التي تخدش الحياء، ومستويات العري، والإيحاءات الجنسية التي لا تتناسب مع قداسة الشهر الكريم..

وتخيل عناوين مائة مسلسل بواقع (50 مسلسل× 30 حلقة في المتوسط = 1500 حلقة! يعني 50 حلقة لكل يوم تقريبًا! وحلها أنت أيها الكريم!

هذا قارئي العزيز عدا المسلسلات، والبرامج الغبية التي لا نهاية لها – وهي أضعاف عدد المسلسلات - من الكاميرات الخفية، وبرامج المقالب، والفوازير، والمسرحيات، والاستضافات، وبرامج الاستظراف والسماجة، وبرامج الطبخ، واللقاءات مع المحاريس نجوم الدنيا، الذين عقمت الأمة أن تكرر أمثالهم، والذين تفوقوا على كل علماء الطب والفيزياء والأدب والفن والشريعة والقانون، وسائر العلوم!

كيف يمكن متابعة ذلك؟ أليس هذا حصارًا كاملًا للعين والعقل والقلب والحواس، بحيث لا يستطيع المرء فكاكًا من هذا الغول القبيح؟

وأسأل حضرتك بالله أن تخبرني: من يطيق هذا الكم الهائل من الغثاء والزبالة؟

وما الأثر الذي تتوقعه لهذه الكمية الهائلة من المسلسلات، والبرامج المعادية لرمضان، السارقة لروح رمضان، المعتدية على قداسة رمضان؟!

وكيف تقبل الأمة هذا الاستخفاف الهائل بمشاعرها وشعائرها وأيامها ولياليها المباركة، التي ينبغي أن تكون معمورة بالذكر والدعاء والصلاة والصيام والقيام والقرآن والصدقة والاستغفار والتبتل!؟

وما الذي أدى بنا إلى هذا الحال المخزي، من السقوط والخدر، وتسليم القلب والعقل لمن يبصق أو يبول فيه، ويملؤه بالقاذورات الفكرية والبصرية والحضارية!؟

وما الذي جرأ هؤلاء (المبدعين) على الانتهاك العلني لعقولنا؟

ما الذي يرزقهم التبجح بالزعم بأنهم يعرضون سلبيات المجتمع، ويقدمون نماذج واقعية، وأن المشاهد العربي ناضج كفاية ليختار ويفهم، وأن بيدك – أيها الرجعي الظلامي - أن تغلق التلفاز إن شئت (وما حدش بيضربك على إديك)!؟

وما الذي يعطيهم هذا الكم من الوقاحة لتقديم الأميات التافهات، من الكاسيات العاريات المتمكيجات المزيفات على أنهن نجمات/ فنانات/ مثقفات/ مبدعات/ رائدات/ قائدات وموجهات للأمة!؟

وكيف تكون مجتمعاتنا - كما في هذه المسلسلات - مجموعة من الشمامين، والمنحرفات، والعرابدة، والمستظرفين من (اللي دمهم يلطش)؟

أهذه بيوتنا، وبناتنا، وإخواننا، وآباؤنا، وزعماؤنا؟ أهذه قيمنا ومبادئنا، وطبائعنا، وحالنا الذي يُضحك العدو، ويدمي قلب الفاهم اليقظان؟!

أهذا رمضان يا أهل الإعلام؟ وكيف يقبل هذا مثقفونا، وكتابنا وإعلاميونا الذين يشاركون في نشر هذا الإفك المبين؟

مش مصدقني حضرتك.. افتح أية جريدة الآن أو مجلة/ افتح أية قناة حكومية أو خاصة، وأتمنى أن تكذبني، وتقول إنني مبالغ أو متشائم أو أرى الدنيا بنظارة سوداء!

-------------

أعظم آية في هذه العصر محاكمة مبارك وزبانيته:

شكرًا للمجلس العسكري/ شكرًا للقضاء المصري..

وقبل ذلك ألف شكر لشباب 25 يناير الواعي الصلب الذي نجح بتصميمه على تقديمه للمحاكمة؛ بإصراره، وثباته، ووعيه..

وهنيئا لك يا مصر بهذا الشباب..

واسلمي يا حبيبتي من الثعابين، والضباع، والبلطجية، ومصاصي الدم، ونهابي الحق، وجزاري التعذيب، والخارجين على القانون بكل أشكالهم..

hotmail@hotmail.com

عفة إيه يا عم!؟

عفة إيه يا عم!؟



عبد السلام البسيوني | 04-08-2011 02:20

في العقليات الغربية الحاكمة للدنيا، والتي صارت لغيرها أنموذجًا يترسم، ومنهجًا يحتذى، وتقدمًا، وانعتاقًا، وحرية، والتي أضحت الغول المهيمن بقيمه وأخلاقياته، والذي ينتشر انتشار الوباء المبير، وتحت مطارق العلمنة، وانتشار المدارس الوجودية والعلمانية الليبرالية، والإلحاد الصريح المعلن، بدأت البقية الباقية من القيم تهرب أو تنسحب من المجتمعات؛ فاسحة المجال لقيم أخرى ضدها، لتتربع مكانها في دنيا الناس، وتصير قاسمًا مشتركًا في حياتهم:

انسحبت الغيرة من القلوب والعقول في الغرب المتحضر؛ لتفسح المجال لدياثة علنية أو مبطنة، تحت مسميات الحرية، والاستنارة، والعقلنة، وحرية الاختيار، والإسقاط النفسي، ومراعاة العقل الجمعي، وما شابه، لنرى الأب يوصل ابنته بنفسه لصديقها؛ متمنيًا لها قضاء وقت طيب، ولنرى الزوج جالسًا مسترخيًا، وابتسامته تملأ وجهه، بينما غريب، أو صديق للأسرة، أو زميل عمل يراقص زوجته، ويعتنقها بمودة شديدة، وأخونا مبتسم سعيد؛ كأن زوجه ليست متهالكة في حضن ذكر آخر...

وانسحبت العفة من القلوب والعقول لتفسح المجال لوقاحة مستبيحة، تعلن أن من حق الولد أو البنت/ الذكر والأنثى كليهما أن يعرف ويجرب الجنس الآخر، قبل الزواج وأثناءه وبعده، لا يجدون في ذلك غضاضة، ولا مخالفة لدين أو مروءة أو قيمة؛ لأنهم اصطنعوا لأنفسهم دينًا آخر غير ما جاء به الرسل، وقيمًا أخرى غير تلك التي جاءت بها الكتب السماوية، وسكنت الفطر السوية!

وانسحبت المروءة من القلوب والعقول، لتفسح المجال لأخلاق الانتهازية والنذالة والنفعية، واستغلال أي أحد في سبيل تحقيق أعلى حد من نفع الذات، رافعين شعار: ماذا سأربح؟/ أنا ومن بعدي الطوفان/ الآخرون هم الجحيم.. بل عمموا هذا على مستويات أعلى وأخطر:

فصارت السياسة مدرسة للدهاء والخسة والغدر، وأعلنوا أنها بلا قلب، وبلا قيم وأخلاقيات بل هي سلوك براجماتي بحت، على الدين والقيم أن تتنحى عنه بعيدًا!

وصارت التجارة ممارسة بلا رحمة، وباتت الشركات العملاقة والمصارف الكبرى تلعب بمصائر ملايين ومليارات من البشر؛ لتحقق المزيد من الأرباح، بغض النظر عما سيحصل لهؤلاء البشر من كوارث وجوائح وانتكاسات!

بل إن مهنًا نبيلة كالطب وصناعة الدواء صارت مسارح للعبث بأرواح الناس وأعمارهم وصحتهم، وصارت شركات الدواء تفرض قوانينها (النذلة) لتحقق ما لا يتخيل من الأرباح، التي تصب في النهاية في جيب فرد، أو مجموعة محدودة من الأفراد، وليمت الناس، ولتمت الضمائر، ولتعترض الأديان ما شاءت، فمنهج هؤلاء اليوم ودينهم: ربح غمر، وغدًا خمر وأمر، ولا رب، ولا آخرة، ولا حساب!

وقد بدأ كثير منا– متأثرين بالفيروسات المستوردة - يرون العفة جمودًا، وتزمتًا، ونكوصًا للوراء، وأننا تغيرنا مع الانفتاح، بعد أن صار العالم حارة واحدة ضيقة، وأنه لم يعد ثَمّ داعٍ لأخلاق ديناصورية بالية، مثل الستر، والعفة، والغيرة، والمروءة، والنخوة، فالناس غير الناس، والزمان غير الزمان، وباعتبار أن أخلاق أيامنا هذه هي أخلاق الفهلوة، والروشنة، والأدمغة الموزونة، والمزاج العالي (كما يعبر العيال الصيع)!

ويشترك في ترسيخ هذا المفهوم المنحرف عوامل كثيرة، أتكلم منها الآن فقط عن وسائل الإعلام (الميمونة) التي تقدم لهذه الأمة الذبيحة – خصوصًا في رمضان المعظم - نماذج فذة من الراقصات، وتجار المخدرات، والسياسيين الفاسدين، ورجال الأعمال النصابين، لتعمق في الجيل - بل في الأمة كلها - مناهج الأونطة، والبلطجة، والسطحية، وسقوط الهمة، والانحراف القيمي والخلقي والديني، وتجعل المجد للهلس والهلاسين، والانحراف والمنحرفين!

وتؤكد هذه الوسائل (المدعومة) أن رسالتها تنويرية، وأنها تحاول إخراج الأمة من وهدتها الحضارية، وتؤكد أننا لو تابعنا هذا الرِّجْز الذي تنشره، فستحل مشاكل الأمة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والسكانية والماضية والحاضرة، ومن خلال هذه الغثائيات التي يملكها مجموعة من رجال الأعمال (الأوفياء) سنزرع الصحراء، ونبني المصانع، ونقضي على البطالة، ونرفع مستوى التعليم، ونزيد الوعي، ونستفيق من حالة البؤس الحضاري، ونواجه جبروت (الصديق) الصهيوني اللدود!

وتنتج مصر وحدها (وهي التي تستجدي قمحها وأرزها وملبسها وسلاحها، وكل شيء يهمها) نحو 70 مسلسلاً، وتتعدى ميزانية إنتاج المسلسلات قريبًا من جنيه (بس) هذا غير البرامج التي تكرس الغباء والتفاهة وقلة الأدب.

وفي هذه المسلسلات (التنويرية) الرمضانية وغير الرمضانية، كمية من الأفكار العارية، والأجساد العارية، والعورات المكشوفة، والجرأة والتطاول، والاستهبال والغش، كميات أقلها ينجس البحر، حتى إن الإعلام الصهيوني نفسه تعجب من هذا كما ذكرت المصريون (6/9/ 2010) واستغربت مستوى الإباحية المعروض في رمضان الماضي عند المسلمين، ولفتت جيروزاليم بوست في تقرير لها إلى الكم الكبير من المشاهد والكلمات البذيئة الخارجة، التي تخدش الحياء، ومستويات العري، والإيحاءات الجنسية التي لا تتناسب مع قداسة الشهر الكريم..

وتخيل عناوين مائة مسلسل بواقع (50 مسلسل× 30 حلقة في المتوسط = 1500 حلقة! يعني 50 حلقة لكل يوم تقريبًا! وحلها أنت أيها الكريم!

هذا قارئي العزيز عدا المسلسلات، والبرامج الغبية التي لا نهاية لها – وهي أضعاف عدد المسلسلات - من الكاميرات الخفية، وبرامج المقالب، والفوازير، والمسرحيات، والاستضافات، وبرامج الاستظراف والسماجة، وبرامج الطبخ، واللقاءات مع المحاريس نجوم الدنيا، الذين عقمت الأمة أن تكرر أمثالهم، والذين تفوقوا على كل علماء الطب والفيزياء والأدب والفن والشريعة والقانون، وسائر العلوم!

كيف يمكن متابعة ذلك؟ أليس هذا حصارًا كاملًا للعين والعقل والقلب والحواس، بحيث لا يستطيع المرء فكاكًا من هذا الغول القبيح؟

وأسأل حضرتك بالله أن تخبرني: من يطيق هذا الكم الهائل من الغثاء والزبالة؟

وما الأثر الذي تتوقعه لهذه الكمية الهائلة من المسلسلات، والبرامج المعادية لرمضان، السارقة لروح رمضان، المعتدية على قداسة رمضان؟!

وكيف تقبل الأمة هذا الاستخفاف الهائل بمشاعرها وشعائرها وأيامها ولياليها المباركة، التي ينبغي أن تكون معمورة بالذكر والدعاء والصلاة والصيام والقيام والقرآن والصدقة والاستغفار والتبتل!؟

وما الذي أدى بنا إلى هذا الحال المخزي، من السقوط والخدر، وتسليم القلب والعقل لمن يبصق أو يبول فيه، ويملؤه بالقاذورات الفكرية والبصرية والحضارية!؟

وما الذي جرأ هؤلاء (المبدعين) على الانتهاك العلني لعقولنا؟

ما الذي يرزقهم التبجح بالزعم بأنهم يعرضون سلبيات المجتمع، ويقدمون نماذج واقعية، وأن المشاهد العربي ناضج كفاية ليختار ويفهم، وأن بيدك – أيها الرجعي الظلامي - أن تغلق التلفاز إن شئت (وما حدش بيضربك على إديك)!؟

وما الذي يعطيهم هذا الكم من الوقاحة لتقديم الأميات التافهات، من الكاسيات العاريات المتمكيجات المزيفات على أنهن نجمات/ فنانات/ مثقفات/ مبدعات/ رائدات/ قائدات وموجهات للأمة!؟

وكيف تكون مجتمعاتنا - كما في هذه المسلسلات - مجموعة من الشمامين، والمنحرفات، والعرابدة، والمستظرفين من (اللي دمهم يلطش)؟

أهذه بيوتنا، وبناتنا، وإخواننا، وآباؤنا، وزعماؤنا؟ أهذه قيمنا ومبادئنا، وطبائعنا، وحالنا الذي يُضحك العدو، ويدمي قلب الفاهم اليقظان؟!

أهذا رمضان يا أهل الإعلام؟ وكيف يقبل هذا مثقفونا، وكتابنا وإعلاميونا الذين يشاركون في نشر هذا الإفك المبين؟

مش مصدقني حضرتك.. افتح أية جريدة الآن أو مجلة/ افتح أية قناة حكومية أو خاصة، وأتمنى أن تكذبني، وتقول إنني مبالغ أو متشائم أو أرى الدنيا بنظارة سوداء!

-------------

أعظم آية في هذه العصر محاكمة مبارك وزبانيته:

شكرًا للمجلس العسكري/ شكرًا للقضاء المصري..

وقبل ذلك ألف شكر لشباب 25 يناير الواعي الصلب الذي نجح بتصميمه على تقديمه للمحاكمة؛ بإصراره، وثباته، ووعيه..

وهنيئا لك يا مصر بهذا الشباب..

واسلمي يا حبيبتي من الثعابين، والضباع، والبلطجية، ومصاصي الدم، ونهابي الحق، وجزاري التعذيب، والخارجين على القانون بكل أشكالهم..

hotmail@hotmail.com

أسرِجْ خيلَك يا رمضان

أسرِجْ خيلَك يا رمضان



عبد السلام البسيوني | 01-08-2011 01:29

أقبلْ بفيوضِك يا رمضان/ أقبل غيثًا يروى مَحْلَ الأرضِ/ ويجلو عطشَ القلبِ الظمآن/ يحيي الميْتَ.. ينبه عقلَ الغافلِ والوسنان/ يُعلي إحساس الإنسان/ ويرقق أفئدةً قاسيةً أثقلها النسيان/ أعجزها إصرُ الطغيان!

أقبل بفيوضك يا رمضان/ أقبل وأعِدْ للإنسان الإنسان/ أقبل غيمةَ عطرٍ فائحةً بأريج الغفران/ أطلق ألسنةَ الناس بآي الفرقان/ صفِّدْ بقواك عُرامَ الشيطان/ طارد بخيولك كلَّ فلول الطغيان/ سلسل كلَّ أبالسة الشرِّ بأصفاد من إيمان/ امْحُ بنورك ظلمات البهتان/ طهر أفئدةً غشَّاها الران!

هات جيوشَ ملائكةِ الرحمن على غيماتِ الرحمة/ ازرع في النفس بذورَ الحكمة/ ارفع بالتحرير عن الناس غَواشي النقمة/ بَشِّرْ بشِّر يا رمضان/ ازرع وردَ الآمالِ بقلبِ الأمة/ بدِّد بضياكَ جيوشَ العتمة/ ارفعْ في الناس الهمة/ شد العزمة/ ادفعنا ادفعنا ادفعنا نحو القمة / يا رب أزل عنا بالألطاف سُدول الغمة!

نحن نسينا يا رمضان/ نحن نسينا أنا علمنا الناسَ معاني الغفران/ ونسينا أنا قُدْنا السحْبَ بعدلٍ وبإحسان/ وجنينا ثمر الخير بجنات القرآن/ ونسينا أنا لم نعبد غيرَ الرحمن/ هل تلمسُ حالَ الأمة يا رمضان؟/ هل تدرك أنا صرنا تحت نعالِ المحتل؟/ هل تدرك أن نظام العدل بأمةِ أحمدَ مختل؟/ هل تدرك أنا ذيلُ الأمم الآن!؟

يا رمضاااااان/ أسرج خيلَك وتعال فإنا في شوق هدّار/ وحِّدْنا فالخُلْف دمار/ أخرجنا من هذي النار/ أخرجنا من هَرْجٍ قـتَّال وسعار/ أخرج أمتَنا من هلَكاتِ العار/ انقلنا لرياضِك فالسُّوأى تنقدحُ شرار!
آه يا رمضان/ القلب ثقيل يا رمضان/ القلب ثقيل/ والليل طويل/ والحد كليل/ والباطل لا يعطينا مهلة/ الباطل يرتقب الغفلة/ والحق يناشد أهلَه/ طارد هذا الليل أيا رمضان ونوِّرْ ليلَه/ أوقد في عقل الأمةِ شعلة/ اجعل من رحمات الله علينا ظُلَّة!

طال الليلُ أيا رمضان/ كنا للفردِ ركوعًا/ سِرنا للحتْفِ جموعا/ وسجدنا للحزب خنوعا/ صفقنا للبغي جميعا/ وسُقينا ذلاًّ وضريعا/ ويريدون بأن نبقى العمرَ خضوعا/ الباااااااطل يأبى أن يرحل يا رمضان..

آهٍ ممن جعلوك مراحًا للمغموصين/ من جعلوك طعامًا للمقبوحين/ من سلبوك طهارتك وروحك تلك الحلوة/ لا أوحشنا منك الله/ لا أوحشنا الرب عطاءك/ لا أوحشنا الرب ضياءك/ لا أوحشنا المنان سخاءك!

تعال أيا رمضان تعال/ هات البركاتِ وهات الآلاءَ تعال/ انفخ فينا من عزةِ ربًّ متعال/ هات النصرةَ أطلِع معك الفجر/ انثر فينا روح اليرموك وعين الجالوت ووادي برباطَ وبدر/ أكِّـدْ فينا الثقة بخلاق الأكوان/ علمنا أن نستشرفَ رحمات الرحمن/ أن نتلقف كل عطايا المنان/ طهر منا قلبًا وجوارحَ ولسان/ تعال تعال أيا رمضان!

خذ أيديَـنا يا رمضان/ أيقظنا/ طهرنا/ أشعلنا/ أطلقنا قوةَ خيرٍ للإنسان/ أرِ كلَّ الدنيا كم هو خيْــرٌ دينُ الديان/ كم هو عدلٌ/ كم هو بِرٌّ/ كم هو نُعمى للأكوان!

اهطل بركاتٍ/ وأفِض رحماتٍ/ قَرِّبنا من روضات الجناتْ/ اغمرنا في بحر الطاعات/ اغسلنا بالرضوان وبالحسنات/ اغسل أقدامًا غاصت في أوحال الزلات/ أشعل ظلمة ليل يسكننا بالأنوار وبالنفحات!
بشرنا بشر يا رمضان/ بشرنا بالقدر وفضل الرحمن/ وامض بنا في درب الغفران.
أهلاً أهلاً أهلاً رمضان!
albasuni@hotmail.com


القرامطة والوحدة الوطنية



القرامطة والوحدة الوطنية
في شهر فبراير / شباط 1982 نفذت القوات السورية مذبحة تاريخية بحق مدينة حماة، فدمرتها وقتلت قرابة 40 ألفا من سكانها، وشردت أكثر من مائة ألف، واختفى نحو 17 ألف لا يعرف مصيرهم حتى اليوم. لم يكن في ذلك الوقت وسائل إعلام ولا انترنت ولا هواتف نقالة ولا كاميرات تصوير لمعرفة ما جرى طوال 27 يوما من الهجوم على المدينة. مع ذلك فقد عرف العالم بالمذبحة ولو متأخرا لكنه لم يفعل شيء على الإطلاق.

عشية اليوم الأول من شهر رمضان المبارك شرعت ذات القوات بتنفيذ مذبحة جديدة، بحق المدينة قتلت فيها أكثر من 300 مواطن، فضلا عن موت 40 من الأطفال الخدج في حواضنهم في المستشفيات، وقطع للمياه والكهرباء تسبب بفساد الأدوية والمحفوظات الطبية والمواد الغذائية، وأغلقت الطرقات لمنع السكان من مغادرة المدينة، وتشن حملات اعتقال وترويع مماثلة طبق الأصل لما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني، حيث لا يجرؤ مواطن على النظر إلى الشارع من وراء ستار نافذة!!

بل أن استخباراتها العسكرية أحرقت 1200 سجين في السجن المركزي للمدينة لحرمانهم من أية فرصة في الحياة فيما لو تطورت الأمور وخرجت عن السيطرة، وما زالت تعيث في المدينة فسادا وخرابا ودمارا لا حدود له. ورغم الحصار الإعلامي المحكم إلا أن الصور وصلت، والأخبار انتشرت منذ اللحظات الأولى للهجوم؛ فلو افترضنا جدلا أنه كان ثمة ما يبرر الصمت على مذبحة الأمس!! فما الذي يبرر مذبحة اليوم وكل العالم يتابع على مدار الدقيقة ما يجري في حماة والمدن السورية؟

قبل أن تقتحم دبابات T82 دير الزور فقدت المدينة 67 قتيلا في القصف المدفعي الذي تتعرض له منذ أمس الأول. وأرسلت الحكومة السورية 15 طائرة مروحية، شنت غارات وإنزالات على المدينة وبعض الوحدات العسكرية المنشقة مستخدمة الغازات والقنابل المسمارية. مع ذلك خرجت مستشارة الرئيس بثينة شعبان لتفاخر بأن دبابة واحدة لم تدخل الدير!!! وكأن الأصل أن تدخل وتدمر وتحرق وتقتل وتفتك بالبشر والحجر والشجر!!! لكنها لم تقل لماذا لم تدخل بعد دبابات النظام إلى الدير؟

بخلاف المجتمع، فالنظام السوري هو نظام طائفي بامتياز، في الجيش والسياسة والاقتصاد والاجتماع والأمن والمعتقد. نظام يجيد الغدر بصورة لا يتصورها العقل، ولا رصيد له إلا الدموية والكذب المجلجل في أفحش أشكاله وصوره البشرية. وبخلاف الشائع فإن مصدر قوته الدولية والإقليمية وحتى العربية قائمة على الطائفية!!! وهذا يعني أن لغة السياسة والمصالح والقانون وحقوق الإنسان والجوار ليست واردة في حسبانه ولا هي من مفردات قواميسه ومعاجمه. فمن يستطيع التعايش مع هكذا نظام سوى القوى العلمانية، من اليساريين أو القوميين العرب، الذين لم يستطيعوا التحرر من أسر الديماغوجيا التي يعيشونها منذ عقود؟ هؤلاء كالسمك في الماء؛ إذا خرج من بيئته مات على الفور. بمعنى أنهم يدافعون عما يؤمنون به أكثر مما يدافعون عن نظام دموي.

لو استحضرنا تحالفات النظام، وسلسلة الأفعال الإجرامية له، وطرق سفك الدماء عنده، ولغة النظام وأبواقه الإعلامية، ووقفنا عليها، فعلاً فعلاً ومفردةً مفردةً، وطابقناها مع عقائده وشرائعه الوحشية، ثم فتشنا في بطون التاريخ الإسلامي فلن نجد مثيلا لهذا النظام سوى القرامطة .. هؤلاء الذين كانوا يقتلون الحجاج المسلمين ويلقون بهم في بئر زمزم وهم يقولون: « أين هي الطير الأبابيل»!!!؟ هذه هي حقيقة النظام الذي تَسلَّط على رقاب الشعب السوري منذ خمسة عقود حيث لا حصانة لرضيع أو طفل أو شيخ أو عجوز أو امرأة أو شاب، ولا حرمة لدين أو مسجد.

ومع أن الثورة السورية تواجه، على الأرض، نظاما لا يمكن له أن يمتلك من أسباب القوة والفعل إلا السبب الطائفي، بكل ما ينتجه من كوارث ومظالم ومذابح وحشية، منذ اليوم الأول للثورة، إلا أن الإعلام الثوري يبدو في واد ووقائع الثورة في واد آخر!!! ولأنه، إعلام مسكون بهاجس الاتهام بالطائفية، صار يتجنب بث الأخبار الوقائية التي تنقل تحركات الشبيحة والجيش وقوى الأمن، وهي تحاول التحذير من عمل وشيك الوقوع، بل أنه يرفض نقل أي خبر عن طائفية النظام وقتلته. وهو بهذا كمن يحاول، عبثا، حجب الشمس وليس تغطيتها بغربال فحسب.

إذ ما من منطق لهذه السياسة الإعلامية بينما يعترف الأمريكيون والغرب والعرب بطائفية النظام الصارخة، وفعالياته الميدانية ذات الوحشية الفريدة في الحقد والقتل!!!؟ وما من منطق لهذا الحذر الإعلامي وسط تصريحات مدوية، وهي تحذر من رغبة النظام في جر البلاد إلى حرب طائفية!!؟ لذا فالتحذير من طائفية النظام أو مواجهة طائفيته لا تعني البتة الوقوع في شرك الطائفية. ولسنا ندري ما هو موقف الإعلام الثوري، مثلا، من اجتماع عشائر دير الزور وحديثهم الصريح عن طائفية النظام، وحتى عن الطائفة نفسها؟ وما هو الموقف مما وصلت إليه العشائر من قناعات تؤكد أنه ما من سبيل للنجاة بالأرواح من هذا النظام إلا بقتاله؟ ولما يكن الأمر كذلك فلماذا يكون قتالا ولا يكون جهادا؟

منذ السبت ( 6/8/2011) بدأت المواقف السياسية تنقلب رأسا على عقب. فالمهلة التي أعطيت للنظام السوري تجرعت تركيا والسعودية فظاعتها غدرا وخداعا مريرين، أحرج قيادات البلدين، ومعهما الأمين العام الجديد للجامعة العربية، وأجبرتهم على الإدلاء بتصريحات شديدة ومفاجئة. لاسيما وأن النظام السوري قدم نفسه كعصابة قتلة لا تتمتع حتى بأية لباقة دبلوماسية في التعاطي مع الأحداث. فأردوغان « الغاضب أو العاتب»! يعلن عن إرسال وزير خارجيته إلى سوريا لنقل « رسالة حازمة»، لكنه تلقى ردا من مستشارة الرئيس مغموسا بلغة الشبيحة ذات الصدى القرمطي: « سنسمعه كلاما أكثر حزما»!!! أما الملك السعودي فيدعو النظام، بصريح العبارة، إلى وقف ما يراه « آلة قتل!»!! وهو أقوى تصريح عربي ضد نظام عربي منذ بدء الثورات العربية حتى الآن. والعجيب في مثل هذا التوصيف أنه يخلو من أية مصطلحات سياسية أو دبلوماسية خلوا تاما!!! ولعل القادم من الأيام سيكشف لنا حقيقة هذه التصريحات وأثرها.

يبقى القول الصريح أن النظام السوري طائفي، ويستعمل الطائفة النصيرية في حكمه وقمعه وقتله، وإذا كان هذا لا ينسحب على الطائفة كلها فهو يعني أيضا أن ما يجري لا يبرئ الطائفة من كونها وقود النظام وأداته الفتاكة .. أما حلفاؤه من الروافض سواء في إيران أو لبنان فهم رؤوس الطائفية والمشروع الصفوي .. ومؤيدوه من القوميين واليساريين فهم من عتاة الديماغوجيين الذين لا يجدون مخرجا من ورطتهم، كالنظام تماما، إلا بالهروب إلى الأمام ... وكلهم يخوضون معركة موت أو حياة!!!

لمّا تصل الأمور إلى هذا الحد؛ فليس من الحكمة في شيء أن يستمر التهرب من المعطى الطائفي، وهو يفرغ كل أحقاده في الناس بلا هوادة. ولن يكون من المجدي تأخير الحسم بطائفية النظام بحجة الوحدة الوطنية، وكأن القرامطة، قديمهم وحديثهم، حكم وقتل حرصا منهم عليها!!!