عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

حتى لا نكون وقودا

حتى لا نكون وقودا



قديما قالوا : من لم يعتبر بغيره ، صار عبرة لغيرة ، وكلماتي في هذا المقال هي دعوة للتفكير من خلال عرض لأمور مرت بنا في الماضي عسى أن نصل لمآلات خيرا مما وصل إليه من سبقونا.



ففي خضم التفاعلات الجارية على الساحة المصرية ينبغي على المسلمين أن ينظروا للصراع الذي تفرضه عليهم الكنيسة الأرثوذكسية نظرة كليه لا جزئية .وذلك حتى لا يكونوا هم الوقود الذي يحترق ليستفيد منه الجميع ويكونوا هم الخاسر الوحيد.



وسريعا لو نظرنا لعمليات التغيير المفصلية التي مرت في تاريخ مصر الحديث نجد أن الخاسر الأكبر فيها كان المسلمون، فبدءاً من أيام محمد على كان قادة التغيير والثورة على الاحتلال الفرنسي الشيخ عمر مكرم وإخوانه من شيوخ الأزهر وطلاب العلم الشرعي حتى تم طرد الاحتلال؛ ثم تولى حكام على مصر قام هؤلاء الشيوخ الأفاضل بعزلهم حتى عينوا محمد على باشا واليا على البلاد، وساعدوه في دحض الغزو الإنجليزي لمصر عام 1907م ، ثم ماذا كان بعد أن استتب الوضع لمحمد على؟ !!



أول من تم التنكيل بهم كان عمر مكرم ثم بدأ الإنقضاض على أحكام الشريعة الإسلامية بدءاً من ذلك الزمان خطوة خطوة حتى وصل الحال لما نحن فيه الآن.



في أحداث الثورة العرابية وما انجلت عنه من احتلال للبلاد من قِبَل الإنجليز أدى إلى تراجع التيار الإسلامي ، وانسلخت مصر تماما ونهائيا عن دولة الخلافة الإسلامية ، وخرجت الدساتير العلمانية، وبدأ تصنيع المشكلة القبطية بشكل أكثر حرفيه لتدوم طويلا.



ثم جاءت ثورة الثالث والعشرين من يوليو عام 1952م ، فكان أول من تم التنكيل بهم هم المسلمون واستمر الأمر ما يقرب من عقدين من الزمن ، وتم تأميم الأزهر ومصادرة أوقاف المسلمين.



ثم ما كان بعد حادث المنصة في عام 1981م والذي انتهى بقتل الرئيس السادات ؛ فالجميع بلا استثناء قد استفاد من قتل الرئيس حتى النصارى، الجميع خرج من حالة التحفظ التي فرضها السادات قبل موته ، وبطرك النصارى عاد من وادي النطرون بعد عزله، وكان الخاسر الوحيد المسلمون واتهموا وما زالوا حتى اليوم بالإرهاب.



وهكذا كان المسلمون أحيانا هم وقود التغيير وفي الوقت نفسه لم ينالوا سوى الخسارة والتنكيل والإبعاد سواء شاركوا في التغيير بصورة مباشرة كما وقع أثناء الاحتلال الفرنسي وبعده أم بصورة غير مباشرة كما كان في الثورة العرابية وثورة يوليو 1952م.



النقطة الثانية التي ينبغي أن نعيها من تلك الأحداث أن من يقطف الثمرة في النهاية يكون من داخل مطبخ السلطة القائمة ، وهم الذين يفترض فيهم أنهم يدنون بالولاء للسلطان القائم، فإذا بهم ينقلبوا عليه ويقطفوا ثمرة التغيير ، فمحمد على كان قائد كتيبة عسكرية من المفترض أنه يدين بالسمع والطاعة إلى والي البلاد المعين من قبل الخليفة.

وعرابي لو كانت نجحت ثورته إنما كان قائد بالجيش الذي يدين بالولاء للملك، وضباط ثورة يوليو كانوا كذلك ، وهكذا من جاء بعدهم.



ومن الجدير بالملاحظة أيضا أن الدور الطائفي كان حاضرا في خلفية الصورة، فما كان غائبا عن تلك الأحداث جميعها، فالنصارى القبط قام فريق منهم يساند الاحتلال الفرنسي بالكراع والسلاح بالإضافة للمساندة الإدارية والدعم اللوجستي . وفي أثناء الثورة العرابية قام رجل ملطي مقيم بمدينة الإسكندرية وطبقا لمخطط متفق عليه مسبقا بطعن مسلم بسكين فثارت ثائرة المسلمين على الأجانب المقيمين بها والذين كانوا من النصارى بالطبع ، فقام الأسطول الإنجليزي بتوجيه إنذار بتسليم المدينة لحماية النصارى ، وبقية القصة معلومة للجميع.



وقبل ثورة يوليو كانت هناك أحداث طائفية جرت في مدينة السويس ، وقبل حادث قتل الرئيس السادات كانت هناك أيضا الأحداث الطائفية التي مرت بها البلاد وظلت في تصعد مستمر من عام 1976 وحتى عام 1981 والتي ختمت بما عرف بأحداث الزاوية الحمراء ، ثم عزل بطرك النصارى الأنبا شنودة.



وبعد ذلك العرض فليس بجديد من القول أن مصر الآن تمر بمرحلة مخاض ربما تكون سابقة لحالة تغيير مفصلية في تاريخ البلاد ، ولو أن هذه المرحلة مرت كالمراحل السابقة وخرج المسلمون خاسرون فيها ، فربما يحتاجون إلى عشرات أو مئات من السنين لستعيدوا عافيتهم من جديد، نسأل السلامة والعافية .



ولعل هذا هو السبب في حالة الاستفزاز التي تمارسها الكنيسة تجاه المسلمين ، إذ يرون أنهم أمام فرصة تاريخية ربما لن تكرر مرة أخرى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

إذ أن المسلمين يمرون بأزمة اقتصادية وغذائية طاحنة ربما تودي ببلادهم إلى حالة المجاعة ، ومن ثم هلاك قدر كبير منهم بالأمراض والجوع إضافة لم سيصبهم من يأس وإحباط ، علاوة على وجود حالة من العداء الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء.



وثم أمر آخر وهو انتخابات مجلس الشعب ، ولو تجولت بنظرك في الصعيد وفي الريف لوجدت أن أغلب المرشحين ينتمون إلى عائلات كبرى والبوادر توحي بتصاعد حدة المنافسة لحد ربما يصل إلى عمليات قتل ربما على سبيل الخطأ ، ولو وقع هذا في خمس أو عشر دوائر فقط لأشعل هذا أغلب الريف إذ أن العائلات تكون ممتدة على عدة محافظات فربما تحدث حادثة بالفيوم ترى أثرها في بني سويف وهكذا ، مما يعني انقسام حاد بين غالبية المسلمين .



قد لا تكون الصورة بهذه القتامة ، وقد يكون كل هذا محض خطأ يا ليت ، ولكنه ربما يكون هو الواقع الذي لا نرجوه .



وعلى هذا فالمشكلة التي أمامنا هي كيف نتفادى هذا؛ بخاصة الأزمة الغذائية الماثلة أمامنا الآن. مع استمرار العمل للدفاع عن الحقوق المهدرة، وصد حالة الاستفزاز التي تمارسها الكنيسة وكأنها ترجوا جر البلاد لأمر دبر بليل.



ما أتصوره هو أننا بحاجة إلى عمل اجتماعي ودعوي جاد ، لنحافظ على أنفسنا وأخواننا من فتن الفقر ، ونردهم إلى دينهم ردا جميلا.



وبخصوص النصارى فالأمر يحتاج أيضا إلى دعوة مستمرة ، فهم في حالة تحول مستمر إلى الإسلام، بجانب تحول البعض منهم للطائفة الإنجلية ، إضف على هذا انخفاض معدل الخصوبة لديهم ؛ مما يعني أنهم بعد فترة وجيزة سيكونون من حكايات التاريخ ، ولكن حتى يتحقق هذا فلا بد من استمرار الدعوة ودعمها.



عدم الانخداع بأبطال التغيير الذين قام الإعلام غير الأمين على دينه بترويجهم للعامة على أنهم أمل مصر في التغيير.



لا بد وأن تعود قضية أقامة الشريعة لمكانتها الصحيحة من جميع قضايانا ، ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) فغياب الشريعة عن إدارة شئون البلاد هو رأس كل فتنة وأصل كل بلاء نمر به .



قد لا يرى البعض أن هذه ليست تصورات صحيحة ؛ فله ذلك فكما قلت في بداية المقال أنها دعوة للتفكير للحصول على مآل أفضل مما جرى لمن سبقونا، وليس الغرض من طرح حلول . فعسى أن نكون وفقنا في العرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق