عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 20 ديسمبر 2010

التعتيم لن يفيد أحد

التعتيم لن يفيد أحد

النذير العريان هذا مثل يضرب لرجل أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة فنزع ثوبه وأشار به إليهم ليخبرهم بما دهمهم .

وإنما يفعل ذلك لأنه أبين للناظر وأغرب وأشنع منظرا فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب.

وإنما أراد المرصد الإسلامي من خلال رسالته الإعلامية أن ينذر قومه جميعا؛ على اختلاف توجهاتهم وبقطع النظر عن انتمائتهم.

فالتعتيم الإعلامي على الجرائم التي ترتكب في حق البلد ليست في مصلحة أحد، وإنما هي تشجيع للطائفية على المضي في غيها مستهترة بالجميع، مما من شأنه أن يفضي إلى مخاطر كارثية على أمن البلد واستقراره، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وحالة تربص وانتهازية سياسية من أطراف عدة تسعى لستغلال الأزمات الطائفية للترويج لنفسها على حساب الوطن، بدعوى إنقاذه، وهي تقدمه لهوانه.

فالمواجهة والمصارحة خير من التعتيم الذي ليس في مصلحة أحد، فمشكلة شركاء الوطن نفسية، فهم يعتقدون ولو بطريقة غير شعورية بأن الظلم وعدم محاباة الأقباط ألفاظ مترادفة. تلك المشكلة النفسية منشأها الأكاذيب التي تركت بلا تفنيد فصارت مع طول الوقت حقائق بالنسبة لهم. ويراد لها أن تكون حقائق بالنسبة لنا نتحاكم إليها.

فالنصارى الأرثوذكس الذين يحلوا لهم تسمية أنفسهم بالأقباط معتبرين أنفسهم أصحاب البلد وفق خيالهم؛ لا يعيشون في الوطن، ويختارون العزلة، ريثما يأتي الوطن الذي يعيش بداخلهم، وطنهم الخاص. وهذه هي حقيقة قول كهنهم وزعيمهم التي تتوراى في ثياب محبة الأوطان.

وبقطع النظر عن هذا ينبغي أن يعرف الجميع والنصارى الأرثوذكس في المقدمة أنه ما كانت لهم دولة أو حتى كنيسة يتعبدون فيها قبل دخول الإسلام وتاريخهم شاهد على هذا ويذكر أنهم كانوا فئة مضطهدة معذبة، فأي شيئا سلبه منهم الإسلام حتى يكنوا له كل تلك الكراهية؟، ويعتبروا أهله ضيوفا وغزاة، ويتوعدون بطردهم وقتلهم كما جاء على لسان قائد الكتيبة الطيبية القس متياس نصر منقريوس، والذي يظهر بين أتباعه وهم يرفعون على صدورهم صور الصليب والمسدس.

فأكذوبة أن مصر كانت نصرانية؛ هي التي تستغل لتثير شجون العوام من الأرثوذكس بصفة خاصة، وتجعلهم يصدقون في بلاهة أحاديث الاضطهاد الإسلامي، ويرون الآخر شيطانا سواء كان مسلم عادي أم ممن تطلق علىهم أجهزة الإعلام متشدد أو حتى رجل أمن أو رجل سياسية. فالكل محتلين غزاة، يتوعدهم قائد الكتيبة الطيبية بأن: "يفرمهم، ولا يحرم طفل أو امراءة أوشيخ". هكذا القتل من أجل الهلاك كما يقول كتابه وكما يعتقد رجل المحبة.

وعملية التعتيم والتغطية الإعلامية التي ترسخ لمشهد النصرانى الملاك، الذي ينضح محبة، ويصلي من أجل أعدائه، وهي صورة خلاف الواقع البشري على الأقل.

أما الواقع العلمي فقد كفنا مؤنته اللواء مجدي أيوب محافظ قنا البروتستنتي المذهب حين ذكر أن النصاري هم الذين يستفزون المسلمين. وكذلك القمص أنسطاسي وهو يصف راهب الكشح قائلا : (يا ويل البلد اللي هتترسم فيها يا يسري.. ها تخربها) وبالفعل فإن القمص أخذ بعض الشباب المسيحي علناً وقام بتكسير مشروعات ومحلات المسلمين في البلد في خضم الأحداث وضرب بعضاً منهم.

الواقع العملي الذي يخبرنا عن حكومة منفى بألمانيا شكلها ما يسمى بأقباط المهجر؛ وتم التغطية وكتمان الخبر إعلاميا، كخبر سفينة الأسلحة القادمة من إسرائيل.

ولكن الأخطر في ذلك الغطاء الإعلامي أنها تجعل التطرف الأرثوذكسي يفعل ما يفعل دون شعور بالخطأ أو الخجل مما ارتكبه فهو دائما مظلوم، فترفع عنه العبأ النفسي للجرم الذي يرتكبه، فيستحل جميع ما يفعل، فيستنكف حتى عن الاعتذار، ولا يقبل اللوم.

الخطوة الأولى للعلاج ليست في مزيد من التدليل والتعتيم والحديث عن وطنية هذا وحكمة ذاك، ولكنها المكاشفة والمصارحة، وتزييف الأباطيل التي شاعت بينهم. وبيان الحقيقة فالمصيب يقال له أنت على صواب، والمخطئ يأخذ على يده ويعرف حقيقة خطأه.

فمن (أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤديه إليك ، ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤديه إليك إلا ما دمت عليه قائما). وهذه هي طبائع البشر في الغالب.

وهكذا جاءت رسالة المرصد، مريرة نعم ولكن متى كان الدواء مستساغا للمريض، وهكذا هو مشهد النذير العريان مستبشعا ، ولكن أطاعته طائفة من قومه فنجوا، وطائفة أخرى راحت تجادل هل كان يستحق الأمر أن يخلع الرجل ثيابه لينذرهم، فهلكوا.

إن تلك الحالة الطائفية التي باتت من المقرارت اليومية، بدأت تغري آخرين بممارسة نفس السجال الذي تمارسه الطائفة الأرثوذكسية، ومع إحساس لدي المسلمين بفقد حقوقهم، وغلو متزايد في الاعتماد على الخارج، ومحاولة استنساخ تجربة الصهاينة في فلسطين، أصبح الأمر لا يحتمل السكوت. وإن كان البعض قد يعتبر هذا مبالغة، فنحن نتمنى من كل قلوبنا أن تكون فعلا مبالغة ومحض أوهام وأن نكون فعلا أسرى لنظرية المؤامرة.

في حوار دار بين إسماعيل صفوت قائد جيش الإنقاذ العربي في عام 1948 وعبد القادر الحسيني، يقول إسماعيل: «يا عبد القادر يظهر أنكم تخافون من اليهود، ولذلك فإنكم تقدرون قواتهم أكثر من اللازم، ونحن نعرف الحقائق أكثر منكم، ولدينا من القوات ما نستطيع معها القضاء على اليهود، أعني دعهم يحتلون القدس وحيفا ويافا، فإننا سنسترجعها حالا». وإنما أردت بهذا ضرب المثال ليكون عبرة حتى نتجنب مخاطر آنية ومستقبلية، فمن كان يمكنه أن يتصور مجرد تصور فقط ما آلت إليه الأوضاع خلال عشرين عاما فقط. وليس مرادنا تطابق المثال من كل وجه.

المشكلة الحقيقية ليست فينا، ولكنها في الآخر؛ الذي يريد تحقيق المثال ويسعى لإنزاله على أرض الواقع بجيمع أوجهه. وهو ما جعله يستمرأ التمرد متدثرا بغطاء إعلامي يدلس له ويضفي على أفعاله الشرعية. وهذا الإعلام صانع الوهم يحيي أتباعه في عالم افتراضي، ومن ثم يحاولون اصطناع هذا الوهم في عالم الواقع. وهكذا فالتأثير متبادل فالتمرد يغطى إعلاميا ويصور على أنه دفاعا عن الحق فيدفع لمزيد من التمرد. وهو أيضا ليس في مصلحة مروجوه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق