عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 27 أكتوبر 2011

يا خير أجناد الأرض احذروا شرّ الأجناد

يا خير أجناد الأرض احذروا شرّ الأجناد
كنا، وما زلنا وسنظل، في صف الأمة، وفي حضن عقيدتها، ودينها، وتراثها، وحضارتها، ومع معذبيها، ومظلوميها، ومستضعفيها، ومجاهديها، وعلمائها الأفاضل .. مثلما كنا، وما زلنا وسنظل، ضد طغاتها، وفاسديها، ومستبديها، ومجرميها، وعملائها، وخونتها، ومخذليها، ومحبطيها، ومسترزقيها، وطائفييها، ورؤؤس الشر والفتن والبغي فيها .. وضد قوى الهيمنة العالمية، والاستكبار، والعدوان، التي سامت الأمة ألوان القهر من القتل والعذاب، والتجويع، والإفقار، والتخريب، والتحريف، والمساس بعقيدة الأمة، وأنبياء الله ورسله، والصحابة الكرام، منذ عشرات السنين .. كنا، وما زلنا، ولن نحيد عن هذا الطريق بعون الله، ولن نسأل الله، عز وجل، إلا الثبات على الحق، والانتصار له ولأهله، والعفو والغفران عن التقصير.

لأكثر من خمس سنوات مضت، ونحن نتولى، مختارين طائعين، الدفاع عن الأمة، ودينها، والوقوف على نوازلها، وتقصي الحقيقة، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ودون تحريف أو خداع أو تزوير أو تهويل، وخضنا معارك إعلامية وحقوقية وشرعية وأخلاقية وقيمية وأكاديمية طاحنة، لم نتلون بها، ولم نداهن أو نخادع، ولم نخض فيها مع الخائضين .. وواجهنا فيها البؤس والبأساء والضراء، وكل صنوف المواقف، من الاحترام والتقدير، مرورا بالتخذيل والتشويه والتجاهل وحملات التشكيك والطعن في الأعراض وحتى الإسقاط، وانتهاء بالحرب الشعواء، بلا مبدءٍ أو أخلاقٍ أو رادعٍ من ضمير أو دين.

ما هالنا، خلال هذه المسيرة، إلا أولئك الذين يصرون على تقديم المصالح على العقائد، وبالتالي حشرنا دائما في ثنائية ظالمة لا يقبلها عقل ولا دين. فإذا حذرت هؤلاء: « إيران صفوية» قالوا لك: « من لم يكن مع إيران وحزب الله فهو ضد المقاومة»!!! فإما أن تكون معهم، فيما يؤمنون به، وإما أن تكون من المشبوهين، إن لم تكن من العملاء والمأجورين. وإذا حذرتهم من « أمريكا عدو الأمة والشعوب»، احتجوا قائلين: « لن نسمح لأحد أن يحشرنا في دعوى النظام» الذي يزعم المقاومة والممانعة.

هكذا هم أصحاب المصالح والأهواء الذين يابون أن يحتكموا للعقائد، ولو مرة في أشد النوازل خطرا على الأمة!!! فأنت بالنسبة إليهم، وفي آن واحد: « ضد المقاومة» و « مع المقاومة». هؤلاء، هم أنفسهم، « جماعة ما البديل»؟ الذين لا يريدون حتى أن يعتمدوا على أنفسهم، أو يدركوا طاقاتهم وإمكانياتهم، صارت الاستعانة عندهم بـ « الشياطين» أسهل من الاستعانة بـ «الله»، ناصر المستضعفين. وحتى بعض من حسنت نواياهم، وصحت عقائدهم، وقعوا بذات الفخ الذي وقع به أرباب المصالح، وصاروا يبررون ارتكاب المخالفات الشرعية بكفر الطغاة وظلمهم وجبروتهم، وكأن إنكار المخالفة منحت القذافي صك الغفران!!!

فقد لقي عدو الله ورسوله والمؤمنين حتفه، بأبشع صورة، هو وابنه المعتصم، ووزير دفاعه، وعددا من أعوانه. ولا ريب أنها نهاية تمناها كل من عرف هذا الطاغية المريد، وتاريخه الدموي، واستبداده العظيم، ووحشيته، وفرعنته، التي فاقت كل الحدود. وإذا ما صحت الروايات؛ فمن العجيب حقا أن يصرخ القذافي بآسريه « ارحموني .. ألا تعرقون الرحمة» أو يرد على من صفعه الأولى: « أنت بقدر ولدي»، ثم يرد على الصفعة الثانية: « أنا بقدر أبيك»!!! فمن سيرأف برجل، هدد شعبه بالقتل، واتهمه بـ« الجرذان»، ولم يرحم في حياته شيخا ولا شابا ولا امرأة ولا طفلا ولا ابنا ولا أبا؟ ومن سيبكي عليه سوى جاحد بحق الله، أو ظالم بحق نفسه، أو أن يكون مثله، أو مغفل اتخذ إلهه هواه؟

فالقذافي كفر بلسان العلماء، بعد أن تأله على الله عز وجل، وأنكر السنة، وحرف في كتاب الله، وعذب المسلمين، وقتلهم في السجون، وألقى بهم في مقابر جماعية، ونهب ثروات الأمة، وأفقر الشعب الليبي، وفرض عليه التجهيل، وألزمه بتعلم كفره، وشرد الكثير منه في المنافي، وأوقع الأذى بكل الأمة، واعتدى على الشعوب، وتاجر بها، وبعقيدتها، وقضاياها، ونسج تحالفات ألحقت أفدح الأضرار بالأمة والبلاد، وخاض حروبا إقليمية مدمرة، وسفك من الأرواح ما لا يعد ولا يحصى، ولم يعد في ملفه مقدار ذرة من خير، علها تشفع له، حتى صار لكل الأمة عنده ثأر، وجاءت نهايته مطابقة لما نقله أَبِو موسى الأشعري عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين قال: « إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ». وبالتالي فكل الأمة لها عليه وعلى نظامه حقوق ومظالم، ومن حقها أن تشهد محاكمة علنية، تقتص فيها منه ومن أمثاله من القتلة. فلماذا أسدل الستار عليه دون احترام لحقوق الناس ومظالمها سواء في ليبيا أو في خارج ليبيا؟

حين هدد سيف الإسلام بـ « أنهار الدماء» (20/2/2011) وصفناه بـ « الوضيع ابن الوضيع» وبـ « الكلب ابن الكلب»، وسألناه: « ... ضد من تطلق هذه التهديدات التي تستحق أنت وأبيك عليها، خاصة بعد تنفيذها على نطاق واسع، سحلا وتمثيلا في وسط شوارع وساحات الأرض؟». ولو قتل المعتصم وأبيه، في معركة، أو ألقى الناس القبض عليهما، وتعرضا للسحل، لقلنا بأنها فورة غضب، انتابت الذين ظُلِموا. لكن ما يستفز النفس والعقل، حقا، هو ذاك التبرير « العاطفي» لمقتل القذافي وابنه وأعوانه، واتهام « المستنكرين» لمقتله بـ « المتباكين » عليه.

بطبيعة الحال ثمة فرق، بين من تباكى عليه، جهلا أو حزنا أو خسارة لمنفعة جناها، ومن استنكر خشية من نهج انتظم، لا شريعة فيه ولا أخلاق ولا قانون. فما شاهدناه، من تصرف مشين بحق الطاغية، لا يمكن أن يبرره قانون أو شرع أو أخلاق، فضلا عما كسبه من تعاطف بعد كل ما ارتكبه من جرائم. أما المعتصم فقد كان حيا، كأبيه، وفي وضعية الأسر الهادئة، لكنه قتل .. و قتلت بقية الحاشية، وقبلهم عبد الفتاح يونس .. أما وسائل الإعلام فلم تتوقف، ومنذ شهور، عن نقل التقارير الحقوقية، وهي تتحدث عن تجاوزات، وانتقامات، وتصفيات، وإعدامات بالجملة، لمعارضين أو خصوم، لا ندري صدقها من كذبها.

لكن، طالما لا يوجد أي تفسير منطقي أو شرعي أو قانوني لما حدث سابقا، ويحدث؛ فستظل المخاوف مشروعة، والأسئلة مطروحة حول حقيقة وقائع الثورة الليبية، وإلا من يجزم بأن ما يجري وافق الشرع، بما يحفظ للناس حقوقهم، وممتلكاتهم، وحياتهم؟ ومن يستطيع أن يؤكد، أو ينفي، بأن عمليات القتل، ليست سوى إعدامات بأوامر من « الناتو»؟ إذ لا يعقل أن يكون هذا السيل من التقارير، مجرد تكهنات أو معلومات مغرضة، ولم يعد مقبولا أن نستمع لمزيد من التهديدات التي يطلقها عبد الجليل، بين الحين والحين، بالاستقالة من رئاسة المجلس الانتقالي، أو تحذيراته من « المتطرفين القلة»، أو وعوده بإجراء التحقيقات اللازمة، دون أن تتضح الصورة بما يكفي لطمأنة الناس والأمة. وإلا فمن سيأمن على نفسه وحقوقه في ظل هذا الغموض؟ ومن سيضمن ألا يتحول ما يجري إلى نهج سياسي وقانوني؟ وبالتالي إلى أدوات ابتزاز لأعضاء المجلس الانتقالي نفسه، الذين يبدو أنهم « النشوة» التي يعيشونها جعلتهم بمنأى عن المساءلة في يوم ما؟

العجيب أن وقائع الثورة الليبية تجري وكأنها في المريخ، وليس في العالم العربي. بل أن عامة الناس، وليس خاصتهم، فحسب، انقسموا حولها أكثر مما انقسموا على الثورات العربية الأخرى. وانقلب الكثير منهم عليها بعد مقتل القذافي وابنه. وبدت الثورة، لنا ولغيرنا، كأنها شأن « الجزيرة» و « الناتو» أكثر مما هي شأن الأمة. فعلامَ يصفق الناس للمجلس الانتقالي: هل على طمأنة المستشار عبد الجليل للغرب، الذي لم يحتمل تصريحا له يرى في الشريعة « المصدر الرئيسي للتشريع»!!!؟ وكأن في ليبيا نصارى حتى يكون هناك مصدر آخر للتشريع!!! أو ربما سيكون فيها نصارى فيما بعد!!! أوليست هذه العبارة اليتيمة « المصدر الرئيسي للتشريع»، شكلا ومضمونا، هي المادة الثانية من الدستور المصري، التي تخوض الكنيسة، واللبراليون والعلمانيون واليساريون والزنادقة، ضدها حربا شعواء لشطبها؟ ويهددون بلائحة المبادئ الحاكمة للدستور، أو بتنصير مصر، وطلب «الحماية الدولية»، بسببها؟

ما من ثورة حظيت بتغطية إعلامية من قناة « الجزيرة» كـ « الثورة الليبية»!!! لكن ما من ثورة حظيت بهذا الكم الهائل من الغموض كـ « الثورة الليبية»!!! فجأة ظهر مصطفى عبد الجليل يتحدث عن حكومة ليبية بالمنفى، وما هي إلا يومين أو ثلاثة، حتى تحول الحديث إلى مجلس انتقالي لم ترينا « الجزيرة» من أعضائه إلا حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، أمثال محمود جبريل وعلي الترهوني ومحمود شمام وعبد الحفيظ غوقة وعبد الرحمن شلقم، ممن وصفهم الشيخ علي الصلابي بـ « المتطرفين العلمانيين»، واتهمهم صراحة بـ « سرقة أموال الشعب الليبي» .. قبل هذا التصريح وبعده اختفى « الصلابي» من على منبر «الجزيرة»!!!

وطوال التغطية الإعلامية حرصت « الجزيرة» على التعمية التامة عن تشكيلات الثورة الليبية، المكشوفة بأدق تفاصيلها لـ « الناتو»، واستضافت، من الليبيين، من طعنوا بالجهاد والمجاهدين، واتهموهم بـ « التطرف» و « القلة» و غياب أي « تأثير» لهم، حتى جاء فرج العشي، أفندي، ليصف المقاتلين بـ « ثوار الفيس بوك»، ممن يحبون « المزيكا» و « الغُنى»!!! وكأن ليبيا خلت إلا من هؤلاء الفجرة.

وطوال التغطية الإعلامية، أيضا، حرصت « الجزيرة» على التحريض الدائم على طلب «الحماية الدولية»، وكانت ذكية، حقا، وكغيرها من القنوات العالمية، في استغفال كل الأمة حين باغتتنا، فجرا ( 18/3/2011)، من قاعة مجلس الأمن، وهو يصوت على قرار يسمح بفرض حظر جوي على ليبيا!!! بينما صمتت، صمت القبور، خلال الأيام الخمسة الماضية، عن أية مناقشة لمشروع القرار المقترح، الذي سلمه مندوبا فرنسا وبريطانيا لحكومتيهما، يوم صدور الغطاء السياسي والقانوني من الجامعة العربية ( 13/3/2011)!!! وما أن بدأ الحظر، وشرعت الطائرات بتدمير ليبيا، حتى انتشت « الجزيرة»، لكن مع الوقت، صارت تشعر بالاستفزاز، والارتباك، والعصبية، كلما « تأخرت» ضربات « الناتو»!!!

لسنا نشك في كون قناة « الجزيرة» أكثر القنوات التي قدمت التغطية للثورات. لكننا لسنا موضع خداع، ولا غبن، حتى تستغفلنا « الجزيرة»، وتستغفل معنا الأمة، فيما تبطنه من أجندات متوحشة، وهي تجهد في الزج بالأمة، ليل نهار، لتكون فريسة سهلة بين أنياب « المركز»، فضلا عن تمرير سياساته والترويج لها، والارتماء في أتون اللبرالية .. الفلسفة المحببة إلى قلبها.

فقد كانت، وما زالت، من أشد الناس عداوة، وبغضا، وتشويها، للجهاد والمجاهدين. وبدأت لبراليتها تتضح بجلاء، مع انطلاق الثورات العربية. ومن تتبع تغطيتها للثورة المصرية، لا شك أنه، أصيب بالدهشة، لتأخرها المريب إلى حدود العصر حتى دخلت على خط الثورة، في حين كانت فضائيات العالم منشغلة بالحدث المصري!!! ولا شك أنها كانت أوضح في تنكرها للثورة السورية طوال أيام عديدة، حتى صارت موضع استنكار وشبهة، على لسان بعض الفضائيات الإسلامية.

الأخطر في لبرالية « الجزيرة» يكمن في انحيازها الفاضح ضد عقيدة الأمة، وبلا أي حياء، أو مسؤولية. فما أن رحل طاغية مصر؛ حتى طالعتنا بواحدٍ من أعدى أعداء السنة والمسلمين، وكل ما يمت، بصلة، للقوى الإسلامية .. فقدمت لنا الصحفي، البائس، إبراهيم عيسى، عبر إعلان صاخب: « صالووووون إبراهيم عيسى»، وكأنها تقدم للأمة « محمد الفاتح» أو « فتح القسطنطينية»!!! لكن الفضيحة المجلجلة، والرائحة النتنة، أقفلت « الصالون» القبيح قبل أن يفتح بابه.

لذا لا عجب من « الجزيرة»، أن تصم آذانها عن الإعلام اللبرالي المصري، ورموزه، المتحالفين مع النظام البائد، ومع القوى الصهيوينة العالمية، ومراكز البحث والإعلام الدولية، المعادية للأمة، فهؤلاء الفلول المشبوهة هم الذين يقلبون الحقائق ضد الإسلاميين، جهارا نهارا، وهم الذين يعلنون عداءهم السافر ضد الإسلام، ويتطاولون على الله، عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. لا عجب أن يصيب « الجزيرة» طرش، أو حتى عمى، وهي تعلم علم اليقين، ما تخطط له كنيسة شنودة، وحلفاؤه من اللبراليين واليساريين والعلمانيين، الأعزاء على قلبها، وقلب إبراهيم عيسى، وأمثاله. ولا عجب أن تستضيف، لأكثر من مرة، امرأة معتوهة، على شاكلة وفاء سلطان، وهي تعلم أنها أفجر مخلوقات الله في عدائها للمسلمين وسب الله عز وجل.

لن تتعظ «الجزيرة» أبدا، لأنها صاحبة أجندة أشد خطرا ووحشية ممن سبقها. فهي اليوم؛ القناة الإعلامية المعتمدة، التي تروج بكل فجاجة للتدخل الدولي في الثورات العربية. فما أن انتهت من ليبيا حتى صوبت منابرها نحو سوريا. ومنذ أكثر من شهر، لم نعد نسمع، أو نرى على شاشاتها، إلا احتجاجات شعبية، ترفع يافطات تطالب بـ « الحماية الدولية»!! وكأن «الجزيرة» لم تجد من بين عشرات الاحتجاجات في المدن والأرياف إلا يافطة « الحماية الدولية»!!!! وكأن الشعب السوري يئس إلا من نصرة « الناتو»!!!

بالأمس؛ تصدرت قطر الغطاء العربي للتدخل في ليبيا، واليوم يبدو أن ليبيا الجديدة، عازمة على لعب نفس الدور، ونقل التجربة إلى سوريا .. فلديها الثأر من النظام الطائفي الذي دعم القذافي، ولديها المال، ولديها مجلس وطني « شقيق»، فما الذي سيضير المجلس الانتقالي، صاحب المليارات، أن يدفع ثلاثين أو خمسين أو مائة مليون دولار، لدعم الثورة السورية، والتمهيد لرفع يافطات « الحماية الدولية»، نكاية ببشار الأسد!!؟ وما الذي سيضير المجلس الوطني، بزعامة برهان غليون، أن يتأسى بـ« شقيقه»، ويستنجد به؛ لاسيما وأنه أكثر من حظي بالتغطية، مقارنة بـ 14 مجلسا تم تشكيلها خلال شهور الثورة؟

في 27/4/2011 ، وخلال زيارته لبنغازي، عارض السيناتور الأمريكي، جون ماكين، أي تدخل عسكري في سوريا، لكنه في 23/10/2011 أدلى، في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي بالأردن، بتصريحات قال فيها: « الآن وقد أوشكت العمليات العسكرية في ليبيا على الانتهاء، فإن التركيز سينصب مجددا على احتمال النظر في القيام بعمليات عسكرية جزئية لحماية أرواح المدنيين في سوريا»!!! ولسنا ندري كيف يمكن أن تكون هناك حماية، بنظر الدكتور غليون، بغير ما قاله « فضيلة» السيناتور؟ لكننا نخشى أن يكون البديل الذي يبحث عنه « المركز»، منذ بداية الثورة، قد صار متوفرا. ويا سعد واشنطن ولندن وباريس و « الجزيرة»، بهذه الفريسة الثمينة !!! حقا يا سعدهم!!!

هؤلاء الذين يمهدون للتدخل الدولي، ويدافعون، باستماتة، عن دعوة « الناتو»، لفرض الحظر الجوي يقولون أنهم مستعدون أن يدفعوا أي ثمن مقابل التخلص من النظام!!! أي ثمن!!! ولا ريب أن هذا الاعتقاد والسعي أبعد ما يكون عن المصالح الشرعية والدنيوية، وأقرب ما يكون إلى مصالحهم وأهوائهم. فهم بهذا الفعل إنما يعبرون عن خصومة شخصية مع النظام وليس عن مصير أمة أو عن عقيدتها، بل أنهم يحشرون الثورة السورية في مربعاتهم، ويسعون لجرها، إما إلى نهاية وخيمة ومبكرة، وإما إلى تقديم الأمة كلها وجبة دسمة على موائد اللئام. فإذا ما ظنوا، عبثا، أن لديهم ما يكفي لدفع أي ثمن؛ فسيكتشفون، متأخرين، أنهم عاجزون عن الوفاء بالتزاماتهم. فمن أين سيدفعوا البقية الباقية؟

لن يكون لديهم ما يدفعوه، حتما، إلا دمار سوريا، وذبح أهلها، وخيانة قضايا الأمة، وعقيدتها، وحقوقها، التي فرط بها النظام الطائفي، حين نصب نفسه، منذ قيامه، درعا يحمي « إسرائيل»، ويذبح الحركات الوطنية، ويمارس الابتزاز والقتل، ويهدد بإشعال الشرق الأوسط في ست ساعات. ولو أن الأمور ستسير على هذا المنوال، فما الذي سيمنع بقية الثورات العربية المنتظرة من طلب الحماية الدولية أسوة بمن سبقها؟ فهل يدرك هؤلاء أن مراهناتهم على « المركز» تعني التسليم التام بسياساته ومطالبه وشروطه؟ وهل يدركوا عواقب ما يروجون له من كوارث، وهم يحبطون الأمة، ويلقون بالثورات العربية في أحضان « الناتو»؟

هؤلاء لا يؤمنون قط بوجود مشكلة بين الأمة و « المركز»، وعلى رأسه الأمريكيين. وهم أشبه ما يكونوا بالنظم السياسية المستبدة. ففي أول اختبار جدي صاروا، مثلها، يسابقون الزمن في تحقيق مصالحهم، ولو في عقر ديار الأعداء العقديين للأمة. وفي المحصلة لا فرق بينهم وبين النظم المستبدة، أو القوى السياسية الحليفة لها، أو الأيديولوجيات الوضعية الهدامة. هؤلاء دائما ما يبحثون عن المساومات، وعن أسهل الطرق، ولو على حساب الأمة، ولو على حساب عقيدتها ومصيرها ودماء أهلها.

ففي سوريا، وبحسب هؤلاء، فإن 23 مليون، سوري، أغلبيتهم الساحقة من أهل السنة، عاجزون اليوم عن مواجهة نظام طائفي تجتمع، على إسقاطه، كل أمة المسلمين!!! وكأنهم يقولون للعالم نحن أمة عاجزة !!! فإنْ كنا كذلك؛ فما من حاجة لنا بالتحرر، وما من حاجة لنا بالاحتجاج ودفع الظلم. لأننا، قبل التدخل الدولي، سنكون ملزمين بالإجابة على السؤال: هل سيأتينا « الناتو»، حقا، بالحرية على أجنحته البريئة؟ وهل نحن قادرون على الاحتفاظ بها؟ وهل سنجرؤ على مواجهة « إسرائيل»، أو انتزاع هضبة الجولان منها، وإعادة المهجرين من أهلها إليها؟ وهل نحن قادرون على التخلص من الهيمنة ونحن نستعين برموزها وقواتها؟

هؤلاء كانوا يتمسكون، في بداية الثورة، بتعبير « السلمية»، ويحاربون كل من يتحدث عن مجاهدة النظام، ولا يطيقون سماع كلمة « جهاد» ولا « روافض» ولا حتى « علوية». لكنهم اليوم يتحدثون عن كل شيء، ويحرضون بأقصى طاقاتهم، على طلب « الحماية الدولية»، ولا يرتضون حتى نصيحة، ويزعمون أنهم يعرفون عقيدتهم ولا يحتاجون من يذكرهم بها!!! وهي نفس مواقف الليبيين في الأيام الخمسة الأولى حين وصلت الثورة إلى أبواب ثكنة العزيزية دون حاجة لـ « الناتو»!!! لكنهم بعدها انقلبوا مطالبين بسرعة فرض « الحظر الجوي»!!! ويا له من حظر!!!

في ليبيا ثمة كعكة كبيرة من النفظ، تتربع على ساحل طويل يطل على أبواب أوروبا. وثمة بلاد صارت موطئ قدم لـ « المركز»، في حربه على الأمة ومراقبتها في عقر دارها، والتدخل فيها بأسرع الأوقات وأسهل السبل. فماذا يوجد لدى سوريا، من مكاسب سيحققها الغرب، غير « أمن إسرائيل»، والعمر المديد لها، ونظرية « التوازن» التاريخية؟ والمشروع « الصفوي» الذي سيظل يعمل بأريحية تامة؟ ألم تكن عسكرة الثورة السورية، يا دعاة « الحماية الدولية» أقل كلفة، من إنعاش « سايكس - بيكو»، وتخريب البلاد، وتحريف العقيدة، ومسخ أخلاق الأمة؟ بلى.

يا أهل الشام الأحرار

• الناس في تدافع رباني التوجيه .. ولن يستطيع أحد وقفه، أو حرفه، أو التحكم به، أو التسلط عليه ... فهي سنة الله في خلقه ... وتشرفنا نحن العرب المسلمين بشرارتها ... كما سبق وشرفنا الله بمبعث خاتم الأنبياء والرسل .. وعظماء الصحابة ..

• والأمة اليوم؛ في دورة تاريخية يمكن أن تكونوا، أنتم بالذات، مفتاحها إلى الدورة الحضارية، حيث يعز فيها الإسلام والمسلمين ... فأنتم خير أجناد الأرض ..

• وكل الأمة تتطلع إليكم .. وتثق بكم .. إيمانا، منها بعقيدتها، أنكم ملاذها في زمن الفتن والملاحم ... وما يصيبكم يصيب غيركم من الأمة ...

• فلا تثقوا بغير الله، عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم صحابته الكرام ... وتراث السلف الصالح .. وإن الله يدافع عن الذين آمنوا ... فاصبروا وصابروا ورابطوا ...

• ولا تستعينوا بشرّ أجناد الأرض .. ولا تقبلوا بأية دعوى للتدخل الدولي فتحبط أعمالكم .. وتحبطوا، معكم، أمة الإسلام برمتها ... ولا تصدقوهم أو تنتظروا منهم خيرا .. واعلموا أن الأمة لن تسقط بأيدي دعاة التدخل .. وأن دين الله ماض بعز عزيز أو بذل ذليل .. وسينصر الله من ينصره ..

وفقكم الله، ونصركم، وحفطكم، ورحم قتلاكم، وشافى جرحاكم، وفك أسراكم، وواسى ثكلاكم، ورزقكم من حيث لا تحتسبوا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق