عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

علاء الأسواني.. صناعة نجم وتصنيع كاتب

علاء الأسواني.. صناعة نجم وتصنيع كاتب
كانت السلسلة الأولى التي أوقفتها الحوادث سلسلة مقالات عن الدكتور علاء الأسواني بعنوان: صناعة نجم وتصنيع كاتب.

موضوع المقالات لم يكن لها علاقة بعلاء الأسواني. إنما كنت أريد تناول طريقة صناعة نجم سواء كانت موهبته تستحق أم لا، وذلك لاستغلاله أو استعماله بعد ذلك، لترويج فكرة أو لدحض اتجاه.

وعلى سبيل المثال فإن تناول شخص ما بالرعاية والتفخيم والجوائز وتسليط أجهزة الإعلام عليه لكي تصنع منه نجما.. يجعل من هذا الشخص بوعيه أو بدون وعيه أسيرا لمن صنعه.. فإذا أوعز الصانع لهذا النجم بعد عشرين عاما ليزور إسرائيل مثلا أو يدعو لها أو أن يهاجم الإسلام أو أن يدافع عن البهائية فإنه سيفعل على الفور.. ليس بالضرورة لكونه مرتزقا أو خائنا أو عميلا.. بل في أغلب الأحوال لا يكون كذلك.. لكنه يكون أسيرا لأمرين: ضعف النفس أمام الغواية خاصة عندما تكون هناك مصلحة شخصية محققة في مواجهة ضرر غير محدد للوطن..

الأمر الثاني هو أن الجهات التي ترعاه وتجعل منه نجما تحرص طول الوقت على إجراء غسيل مخ له.. على تغيير اقتناعاته وأفكاره.. واضعة في الاعتبار أنها كلما نجحت في إقناعه كلما قل الثمن الذي يجب أن تدفعه له.. والتغيير هنا يكون خطيرا جدا.. لأنه يزلزل قواعد البيت بينما تبقى الواجهة كما هي فتكون في الخداع أفعل.
كانت الفكرة في إطار اهتمامي الشديد كل الوقت حتى بدأت بنشر المقال الأول فيها منذ شهور، حيث تحدثت عن طرفة موحية، حين أرادت المخابرات الأمريكية أن تمتحن ولاء المتقدمين لها، فاختطفت أشقاء المتسابقين على المركز الأول وطالبت من المتسابقين الدخول لقتل أشقائهم.. اختلفت ردود الفعل.. لم يكن المتسابقون يدركون أن المسدسات محشوة بالبارود فقط لكي تصدر صوتا دون رصاص.. لكن المتسابق الذي فاز.. هو الذي خنق أخاه بيديه ولاء للجهاز عندما لم يسعفه المسدس المحشو بالبارود فقط!.


لقد ظل علاء الأسواني سنوات طويلة كاتبا مغمورا ومرفوضا لا يقر بأهميته أحد ( قارن ذلك مع ما في المقارنة من ظلم بنجيب محفوظ الذي اكتشفه النقاد من أعماله الأولى.. وعلى رأسهم الشهيد سيد قطب).. وفجأة انفجرت الإشادة به بعد حملة هستيرية من الترويج والإشادة بروايته "عمارة يعقوبيان" والتي يرى معظم النقاد المتخصصين أنها رواية متوسطة القيمة. بل إنني أرى أنها دون ذلك. فالرواية ليست سوي تقرير صحافي ركيك يخطئ في التفاصيل أخطاء فادحة مثل جهله بكيفية صلاة الجمعة.

هذه الحملة الهائلة من الترويج أثارت ريبتي على الفور.. إنها من نوع الحملة الهستيرية على خلية غزة.. قنابل دخان تخفي أمرا يدبر وولادة سفاح!. ثم أنها حملة تنبني على عمل واحد وهذا أمر نادر جدا في عالم الأدب ويدل على نفاد صبر القائمين على عمليات تصنيع النجوم وصناعة الكتاب، فلو أننا نظرنا إلى منتجاتهم السابقة مع الكتاب العالميين لوجدنا الشهرة لا تحيط بالكاتب إلا بعد عشرات السنين والأعمال.
كنت أستطيع أن أفهم ذلك..
فلقد انكشفت النخبة القديمة كلها.. بدت سوأتها وأصبحت عارية نتنة مقززة.. ومن ثم اشتدت الحاجة إلى وجه أو وجوه جديدة تنتج على عجل .. تماما كما يفعلون بطلاب الكلية الحربية وقت الحروب حيث ينتهون من تخريجهم بعد دراسة بضعة شهور بدلا من أربع سنوات.
لذلك أستطيع أن أفهم اختيار علاء الأسواني وإخضاعه لعملية صناعة نجم وتصنيع كاتب.
لكن ما فات المصنعين أن العمل الذي اعتمدوا عليه عمل رديء يكشفهم أكثر مما ينفعهم..
نعم.. من الناحية الأدبية فإن "عمارة يعقوبيان" عمل رديء.. شكلا ومضمونا..
لا أريد أن أغوص في بحور النقد وإن كنت سألمسها-عبر النقاد- لمسا سريعا.. لكنني أتناول بعض الأخطاء الفادحة في تفاصيل الرواية كانت كفيلة بالقضاء عليها لولا الحاجة الشديدة إلى كاتب جديد نجم.
من هذه الأخطاء الفادحة الفاضحة أن الكاتب لا يعرف كيفية أداء صلاة الجمعة ولا خطبتها.. ولو أن الروائي كان نصرانيا أو يهوديا أو حتى بهائيا لكان عليه أن يدقق في تفاصيل روايته حتى لا يقع في أخطاء فادحة..
هل يمكن تصور وجود مسلم - دعنا الآن من كونه مثقفا أو كاتبا مسلما أو غير مسلم- لا يعرف تفاصيل صلاة الجمعة وخطبتها؟!..
بعيدا عن الآراء الفقهية فإن لصلاة الجمعة وضعا خاصا في الوعي الجمعي للمسلمين.. حتى أننا نرى في أحيان كثيرة من لا يقربون من الصلوات إلا صلاة الجمعة.. كما أننا نرى هذه الصفة القبيحة في ملوك ورؤساء يتقربون إلى شعوبهم ويخدعونها بأداء صلاة الجمعة دون بقية الصلوات.
الذي يجهل هذه الصلاة إذن إما غير مسلم وإما بلغ من الجهل بالإسلام هاوية سحيقة لا تبيح له ولا تتيح أن يتكلم عن الإسلام ولو في رواية.
لذلك ذهلت وأنا أقرأ رواية علاء الأسواني:"عمارة يعقوبيان" خاصة في الصفحات 134-137..
ولقد انتظرت طويلا أن يستعرض أحد النقاد أو حتى الصحافيين هذا الخطأ الفاضح والفادح والمضحك في الرواية.. إذ يبدو أن الراوي لم يصل الجمعة أبدا..!!
دعك من أخطاء فادحة كقوله على لسان خطيب الجمعة في المسجد في ص135:
إن شريعة الحق جل وعلا لا تناقش ولا ينظر فيها بل تطاع وتنفذ فورا بالقوة ولو كره الكارهون.
.."تعالت الهتافات والتكبيرات ترج أركان المكان"
(فهل سمع أحد منكم خطيب الجمعة يتفوه بمثل هذا؟.. وها حضر واحد منكم صلاة جمعة تتعالى فيها الهتافات التي ترج المكان.. فإن قال متنطع أن هذا كان يحدث في الأزهر لكانت الإجابة أنه كان يحدث بعد انتهاء الصلاة تماما ولا علاقة له بالصلاة.. ثم أنه لم يحدث إلا بعد طبع الرواية بأعوام)..
"دعكم الآن من أن الشيخ السلفي الوهابي الإرهابي يمتدح حزب الله الشيعي وحماس السنية!!"
( وتذكروا أن المرشح الخاسر في انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة ماكين كان عرضة للسخرية والتهكم الشديد لأنه اتهم إيران بمساعدة طالبان .. إذ يجهل-لأنه بروستانتي متعصب- ما بين السنة والشيعة خاصة إيران وأفغانستان ).. لم يغفر الشعب الأمريكي لماكين خطأه وجهله لكن نقادنا العلمانيين كانوا على استعداد للصفح دون حدود عن علاء الأسواني مادام يتناول الإسلام بطريقة المستشرقين..
ولم يكن الأمر خطأ مطبعيا أو زلة قلم.. لأن المسخرة تصل بالكاتب إلى حد لا يمكن تصوره.. وتذكروا أن يتحدث هما يحدث أثناء خطبة صلاة الجمعة فيقول في ص 136:
اشتد انفعال الطلاب ونهض أحدهم من الصف الأمامي واستدار نحو الحشد وهتف بصوت متقطع من فرط الحماس "إسلامية إسلامية ..لا شرقية ولا غربية.. ورددت الهتاف خلفه مئات الحناجر..ثم أخذ الطلاب جميعا ينشدون نشيد الجهاد.. بصوت واحد قوي هادر كالرعد.. ثم يواصل في ص 137:
ولعلعت عشرات الزغاريد من مقصورة الطالبات..
( هل سمع أي مسلم في أي بقعة من الأرض المصليات يقاطعن الخطيب بالزغاريد؟!)
من أين جاء لعلاء الأسواني أن الرجال يهتفون والنساء يزغردن أثناء خطبة الجمعة..؟!
***


معظم النقاد الجادين لم يرحبوا بعلاء الأسواني ولا بروايته .. لقد جاء الترحيب والإشادة من سياسيين .. ومع ذلك لم يقل لهم أحد أن للأدب شفرة لا يستطيع فكها سوى العلمانيين والشواذ!!.
في كتابه "شرفات ونوافذ" (2006) كتب الناقد –العلماني البارز- فاروق عبد القادر أن علاء الأسواني في "عمارة يعقوبيان" كاتب كاره للوطن والمواطنين, بل وكاره للبشر وقد نال الناقد العقاب القاسي على تجرؤه على مهاجمة الأسواني فهوجم وشوه وشهر به. في نفس الصدد نشرت صافيناز كاظم (المصور 30 و 2006) أنها تقززت من الرواية, وأنها من أقبح ما قرأت مكتوباً على ورق, وأن مؤلفها بذل جهداً في شرح الممارسات الشاذة والزانية, ولم يستطع لقصور قدراته الفنية أن يمررها من دون خدش حياء القارئ. وكتب إبراهيم العشري أنها رواية مزيفة للوعي, معادية لثورة يوليو, اللوطي فيها هو صوت الوعي, وابن الباشا الوفدي هو صوت الانتماء. بينما نشر الناقد الفلسطيني فيصل دراج (الحياة 25 أبريل 2006) أن الرواية تشوه الواقع المصري, ولا تندد بالسلطة كما توحي ، وكتب الناقد الكويتي طالب الرفاعي (الحياة 18 مايو 2006) أن الرواية يسيطر عليها هاجس الجنس, وتقدم خلطة تقوم على الجنس والدين والسياسة بلغة عادية بعيدة عن أي ابتكار أو فنية، وربما لم يناصرها من مصر إلا الدكتور جلال أمين وهو أستاذ في الاقتصاد وفي العلوم الاجتماعية, وجمال الغيطاني وهو من الأدباء وليس من النقاد. واختار بعض نقاد الأدب تجاهلها تماماً. وقد فجر الكاتب المصري صبري العسكري(70 عاما)أحد أشهر القانونيين الأدباء ومحامي اتحاد الكتاب والأدباء المصريين قضية وهي عبارة عن دراسة نقدية أسماها "عمارة يعقوبيان بين الإبداع والاستنساخ" يكشف فيها أن رواية "عمارة يعقوبيان" الشهيرة سرقها الكاتب والطبيب علاء الأسواني واستنسخها من مسرحيات الكاتب الراحل نعمان عاشور ، وقال العسكري إن أسرة صديقه نعمان عاشور لجأت إليه مشتكية مما قام به الأسواني لما اعتبرته سرقة لحق فكري وأدبي لوالدهم، موضحين أنه استغل علاقة والده الكاتب عباس الأسواني بوالدهم نعمان عاشور.
ولقد فجر الكاتب الفرنسي المعروف "ميشيل بوتور" "81 عاما" مفاجأة في ندوته بالمركز الثقافي الفرنسي حينما أكد علي انه قام في الثمانينيات بكتابة رواية بعنوان "العمارة" تحمل تفاصيلها نفس تفاصيل فيلم "عمارة يعقوبيان"!! بطولة عادل إمام ونور الشريف وهند صبري.

***


كان هاجس صناعة نجم وتصنيع كاتب يسيطر علىّ.
لقد ادعى علماني من كلاب النار أن الأنبياء لم يحملوا رسالة من السماء بل تم تصنيعهم. ولم يكن ذلك سوى افتراء شيطاني.. فالذين يُصنّعون هم هذا الكاتب وأمثاله. والشواهد على ذلك عديدة منها كتاب الحرب الباردة الثقافية: المخابرات الأميركية وعالم الفنون والآداب -المؤلف: فرانسيس ستونز، ترجمة: طلعت الشايب -عدد الصفحات: 510 -الطبعة: الأولى 2002 -الناشر: المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة.
ومؤلفة الكتاب فرانسيس ستونر سوندرز شابة بريطانية من مواليد عام 1966 وتعيش في لندن، وتعمل باحثة ومخرجة أفلام تسجيلية، وقد تخرجت في مجال الأدب الإنجليزي بجامعة أكسفورد، وقد بدأ اهتمامها بالموضوع عام 1993 عندما قرأت مقالاً يزعم أن وكالة المخابرات الأميركية كانت وراء نجاح "مدرسة نيويورك" في الفن، وقدمت برنامجا تلفزاً في القناة التلفزة في بريطانيا بعنوان "الأيدي الخفية! الفن والمخابرات المركزية"، ثم تابعت بحثها في مادة أرشيفية هائلة وأجرت لقاءات مع مسئولين وعملاء سابقين لوكالة المخابرات المركزية.
وتولت المخابرات المركزية cia تكوين واجهة ثقافية تحارب الشيوعية بالوسائل الثقافية وترويج الذوق الأميركي في الطعام واللباس والغناء والفن. وأنشئت فروعاً لها في 35 دولة، وأصدرت أكثر من 20 مجلة ذات تأثير كبير، وكان يكتب في هذه المجلات شخصيات فكرية مشهورة مثل المؤرخ أرنولد توينبي والفيلسوف برتراند راسل وهربرت سبنسر. لقد ضخت المخابرات الأميركية عشرات الملايين من الدولارات على مدى سنوات لمنظمة الحرية الثقافية، وأنشأت أيضا منظمة أوروبا الحرة التي كانت تدير إذاعة أوروبا الحرة ومقرها برلين وكانت موجهة إلى دول أوروبا الشرقية وتبث بست عشرة لغة، وتبث المحاضرات والكتابات المعادية للشيوعية. وكانت الهيئة ورجالها يتدخلون في مراحل الإعداد للأفلام والأعمال الفنية والمسرحية بالحذف والتغيير والإضافة وفق إستراتيجية محددة في أذهانهم قائمة على معاداة الشيوعية وترويج الثقافة الأميركية والتغاضي عن العيوب والأخطاء.
من أجل ذلك جندت المنظمة يساريين سابقين ، حيث كانت هناك مصلحة مشتركة حقيقية، وكان هناك اقتناع بين الوكالة وأولئك المثقفين الذين استؤجروا لكي يخوضوا الحرب الثقافية، والذين تم وضعهم وأعمالهم مثل قطع الشطرنج في اللعبة الكبرى.
سنفاجأ ونحن على صفحات الكتاب، بكتَّاب عالميين، كانوا أداة طيعة في يد منظمة الحرية الثقافية التي تديرها المخابرات الأمريكية . سنفاجأ بأسماء مثل: أرنست همنجواي، آرثر ميللر، إيليا تولستوي (حفيد الروائي الروسي الشهير)، روبرت لويل، أندريه مالرو، جون ديوي، كارل ياسبرز، إلبرتو موارفيا، هربرت ريد، ستيفن سبندر، أودن، نارايان (الهندي)، ألن تيت، إيتالو كالفينو، فاسكو براتوليني، فضلا عن الفنانين تشارلي شابلن، مارلون براندو، رونالد ريجان (الذي أصبح فيما بعد رئيسا للولايات المتحدة) وغيرهم. لقد أصبح عشراتٌ من المثقفين الغربيين مرتبطين ب cia عن طريق حبل الذهب السري.
كما عملت المنظمة على تغيير بعض أحداث ونهايات روايات جورج أورويل: مزرعة الحيوانات، والإله الذي فشل، ورواية 1984 لتخدم مصالحها.

***


كنت قد نبهت إلى صناعة نجومية علاء الأسواني منذ سنوات.. بل وقلت انتظروا حصوله على جائزة نوبل.. وأن المطلوب منه أن يظل خلية نائمة ليهاجم وضعا ما أو يؤيد فكرة ما عندما يوحى إليه بذلك..
ونسيت الأمر كله وسط الشواغل والهموم .. وإن كان يخطر بالبال كل حين وآخر عندما أفاجأ بموقف أو برأي يصدر عن الأسواني يؤكد هواجسي.. ثم كان ما أثار انتباهي مؤخرا إلى علاء الأسواني الذي بدأ يكتب مقالات هجوم ضارية وقحة على بعض الكتاب الإسلاميين على رأسهم الأستاذ الدكتور إبراهيم عوض أستاذ الأدب العربي بجامعة عين شمس. ولقد فكرت طويلا وقد استبدت بي الدهشة عن سبب هجوم علاء الأسواني عليه. للدكتور إبراهيم عوض أعمال جليلة في الدفاع عن الإسلام يكتبها منذ عشرات السنين. وله أكثر من خمسين كتابا في النقد والأدب والفكر والدفاع عن الإسلام. ولكن ما حدث أخيرا أنه واجه التبشير والتنصير وزكريا بطرس بموسوعية هائلة وخفة ظل لا تبارى أدت إلى قمع أولئك المبشرين قمعا شديدا.
عجز بطرس وأقرانه عن مواجهة إبراهيم عوض.. لقد كشفهم وعراهم تماما .. وبدت معركتهم خاسرة كليا حتى أن أي محاولة لدعمهم محكوم عليها بالفشل. لذلك كان المطلوب مواجهة إبراهيم عوض في مجال آخر ومن جبهة أخرى مع تجاهل السبب الرئيسي للهجوم عليه وهو مناصرة زكريا بطرس.
كان للأمن الباطش الجبار الغبي تراث عريق في صياغة التهم في الحرب النفسية.. إن كل أعداء نظام الحكم كانوا يريدون قتل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وعادل إمام.. وهان الأمر أخيرا حتى وصل إلى سيد القمني.
الاتهام بمحاولة الإساءة (أو القتل) للمشاهير إذن حيلة قديمة.
لم يكن من المستطاع الهجوم على إبراهيم عوض معترفين بأن سبب مهاجمته والتنديد به بوقاحة تصل إلى حد التجريح هو الانتقام لما فعله بزكريا بطرس.. لم يكن ذلك سيقبل من العامة.. لكن المقبول تماما أن يتم الهجوم عليه بتهمة الإساءة إلى نجيب محفوظ ويوسف إدريس (مع تجاهل ذكر زكريا بطرس تماما). فإذا استطاعوا أن ينالوا من مصداقيته وقيمته العلمية في جبهة نجيب محفوظ فسوف ينعكس ذلك تلقائيا على جبهة زكريا بطرس..
كانت المواجهة الموضوعية المباشرة مستحيلة ولذلك كان ضروريا الالتفاف بمواجهة غير مباشرة وغير موضوعية.
وأظن أن هناك من أوعز للأسواني بالهجوم على الأستاذ الدكتور إبراهيم عوض بتهمة الإساءة إلى نجيب محفوظ ويوسف إدريس والإساءة لجائزة نوبل وادعاء أنها تمنح لأسباب سياسية. كان الهجوم وقحا ومسفا يبتغي التجريح والإهانة لا النقد.
وكنت حساسا جدا بل وخبيرا بمثل هذا الأسلوب لأحس البصمات الغريبة على الفور.
تحرك الهاجس داخلي.. فلمثل هذه المواقف يتم تصنيع كاتب ومنحه شهرة عالمية كي يتصدى لأمثال الدكتور إبراهيم عوض ذات يوم، وليرفع شأن الصليبيين واليهود فوق شأن المسلمين وليرحب بإسرائيل.
لم يكن كلام الأسواني عن إبراهيم عوض صحيحا فهو يعترف لنجيب محفوظ وإدريس بأستاذيتهما وجدارتهما وينتقد مزاياهما وعيوبهما. أما المثير للدهشة حقا هو أن علاء الأسواني نفسه هو الذي اتهم نوبل بالتحيز وعدم المصداقية في حوار صحافي معه أجراه : كمال الرياحي /تونس في 23 أكتوبر 2007 حيث يقول الأسواني بالنص: "وكما نعلم جميعنا أن نوبل الأدبية متحيزة دوماً وتختلف عن نوبل العلمية التي لا تستطيع أن تتحيز لان في الأدب وجهات نظر وفي العلم حقائق محدودة لدينا كتاب عظام لم يحصلوا عليها رغم استحقاقهم وهناك كتاب متواضعين حصلوا عليها وقد ظل محفوظ يبدع ويتألق حتى أصبح من الوقاحة استمرار تجاهله"..
المضحك أيضا، أن علاء الأسواني لن يلبث حتى يعرّض بنجيب محفوظ كما نشرت صحيفة المصريون : بتاريخ 4 - 4 – 2009: " ألغت قناة فضائية عربية كبيرة برنامجا كانت قد بدأت تسجيله مع الروائي علاء الأسواني بعد أن اشترط اختياره للنقاد الذين يتحدثون عن رواياته في البرنامج ورفض العديد من الأسماء التي انتقدت أعماله ، مصادر القناة التي تحدثت "للمصريون" أبدت استياءها الشديد من طلبات الحصانة المتشددة التي حاول فرضها على البرنامج ، كما أثار استياءها لغة التعالي التي تحدث بها عن نفسه عندما وصف أعماله بأنها عالمية أكثر شهرة من أعمال نجيب محفوظ" !!.

***
لا يتسع المجال هنا لصياغة كل الأفكار التي أعددتها للنشر في هذا الموضوع الهام عن كيفية صناعة الكتاب والمفكرين بل والرؤساء والملوك لتغيير مستقبل ووجدان الأمة والقضاء-في النهاية- على الإسلام. لكنني أكتفي بموقفين يفسران لماذا اتخذتُ من علاء الأسواني نموذجا لمئات وألوف..
الموقف الأول هو اشتراكه في معرض باريس الدولي الذي استضاف ‘إسرائيل’ كضيف شرف في دورته الأخيرة بمناسبة مرور 60 عاما علي قيام دولة الكيان الصه، حيث أيده الليبراليون الجدد مثل جمال الغيطاني وسمير فريد بل واعتبروا أنه يدشن كونه كاتبا عالميا من تلك اللحظة(!!!)..(إذا بليتم فاستتروا !)..
المثير أن الكاتب الإسرائيلي "أهارون شابتاي" بعث برسالة إلي وزارة الثقافة الفرنسية قال فيها: إن "دولة تستمر في الاحتلال وترتكب كل يوم مجازر بحق المدنيين لا تستحق أن تدعي لأي أسبوع ثقافي"، وأضاف في رسالته إن ذلك "ضد الثقافة وعمل بربري متنكر بزي الثقافة ويعبر عن دعم فرنسا لإسرائيل".. وأكد أن "إسرائيل ستستغل هذه الفرصة للدعاية لنفسها كدولة الثقافة والشعراء لتتستر علي ما ترتكبه من جرائم بشعة بحق الإنسانية". ليس هذا فقط، بل نظم كتاب يهود مقاطعون ــ من جنسيات مختلفة ــ ندوة موازية للمعرض بباريس، وأعلن العديد من الكتاب الإسرائيليين ومنهم "بني زيفار" عن مقاطعتهم للمعرض احتجاجا علي ما تقوم به حكومتهم من انتهاكات بحق الفلسطينيين. أما علاء الأسواني فقد راح يلقى الخطب هنا وهناك.. وقد أبى إلا أن يتجاوز قضايا الأمة الساخنة مثل فلسطين و العداء الصه و الاحتلال الأمريكي و الغربي للعراق و أفغانستان إلا أنه يبدو أنه قدر بأن إثارتها سوف تضر بالاحتفاء الغربي به, مفضلا تناول موضوع دسم يقف على أجندة الإدارة الأمريكية ووكلاءها كما نص تقرير راند المعروف ألا وهو " محاربة الوهابية". فباعتباره " خبيرا في الإسلام" و"فقيها متضلعا" وهو يرى الآذان مشنفة لسماعه انبرى علاء الأسواني في التحذير من الوهابية في النرويج و التحذير من السماح للوهابيين من الإمامة وتدريس أبناء المسلمين في النرويج!! مضيفا " سماحته" " أن الوهابية تركز على أمور شكلية مثل الحجاب والصلاة"!!! ..
الحجاب والصلاة أمور شكلية يا علاء الأسواني..؟!
والبهائية رقي وسمو وحضارة من حقها أن تعيش وإلا أصبحنا متخلفين كطالبان الذين يجب محقهم.. يا علاء الأسواني.. أمن أجل هذا صُنِعت؟!..
كان الحضور يعبرون عن التعاطف مع العرب و المسلمين والنأي عن جرح مشاعرهم و لكن أبى علاء الأسواني إلا أن يخرق القاعدة ، مرسلا برسالته المخزية لمن يعنيهم الأمر : يمكنكم الاعتماد عليّ في معركتكم الجديدة .
كان هذا بعض ما نشرته الصحف عن موقف علاء الأسواني..
الموقف الثاني هو ما حدث في احتفال عالمي بمدينة فيينا في مارس 2008 في حضور مستشار النمسا "جوزين بوار" بمقر منتدى مستشار النمسا الأسبق برونو كرياسكي مع المشاركة مع معهد رينر العالمي في منح علاء الأسواني جائزة برونو كرياسكي العالمية التي تمنح كل عامين لكاتب وكتاب سياسي ذا توجة لحقوق الإنسان كما ترأس لجنة التحكيم مندوب النمسا لدى البرلمان الأوروبي د. سوبودا الذي أكد استحقاق علاء الأسواني هذه الجائزة عن جدارة لروايته عمارة يعقوبيان وقد أكد سوبودا أن رياح التغير في مصر والعالم العربي لابد وأن تكون من داخل تلك المجتمعات لأن الثقافة العربية لا تقبل الانتقاد من خارج حدودها وخاصة من الغرب الذي كان دائما في صراع مع العالم العربي ولذا لزم التغير عبر الكتاب والمبدعين العرب.
أرجو أن يعيد القارئ قراءة الفقرة السابقة مرة أخرى..
(القوم لا يخفون نواياهم)..
لقد كانت الهوامش التي كتبتها عن استغلال المثقفين ضد قضايا أمتهم تكفي لكتاب ضخم.. ولكن المجال الآن لا يتسع لمزيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق