عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 27 أكتوبر 2011

شاهد على زمن الطغاة

شاهد على زمن الطغاة:
خطب الدكتاتور الموزونة،
كتب محمود درويش: ....
سأختار أفراد شعبي/ سأختاركم، واحدًا واحدًا/ سأختاركم كي تكونوا جديرين بي/ إذن، أوقفوا الآن تصفيقكم كي تكونوا جديرين بي، وبحبي/ قفوا - أيها الناس - يأيها المُنتقون كما تُنتقى اللؤلؤة: لكلِّ فتىً امرأة/ وللزوج طفلان: في البدء يأتي الصبي/ وتأتي الصبية من بعد.. لا ثالث/ وليعم الغرامُ، على سُنَّتي/ فأحبوا النساء، ولا تضربوهنَّ إن مسَّهُنَّ الحرامُ/ سلامٌ عليكم.. سلامٌ.. سلامُ!

سأختارُ من يستحق المثول أمام مدائح فِكري/ ومن يستحق المرور أمام حدائق قصري/

سأختار شعبًا محبًّا، وصلبًا، وعذبًا/ سأختار أصلحكم للبقاء، وأنجحكم في الدعاء لطول جلوسي/ فتُبّا لما فات من دولٍ مزقتها الزوابعْ! لقد ضقت ذرعًا بأميّة الناس/ يا شعبي الحرّ، فاحرسْ هوائي من الفقراءِ، وسرب الذباب، وغيم الغبار/ ونظِّفْ دروب المدائن من كلِّ حاف، وعارٍ، وجائعْ/ فتُبّا لهذا الفساد، وتُبّا لبؤس العِباد الكسالى، وتُبا لوحل الشوارعْ!

سأختاركم وفق دستور قلبي: فمنْ كان منكم بلا علّة فهو حارسُ كلبي/ ومنْ كان منكم طبيبًا أعيّنه سائسًا لحصاني الجديدْ/ ومنْ كان منكم أديبًا أعيّنه حاملاً لاتجاه النشيد/ ومنْ كان منكم حكيمًا أعيّنه مستشارًا لصك النقود/ ومنْ كان منكم وسيمًا، أعيّنهُ حاجبًا للفضائحْ/ ومنْ كان منكم قويًّا أعيّنهُ نائبا للمدائحْ/ ومنْ كان منكم بلا ذَهبِ، أو مواهب فلينصرفْ/ ومنْ كان منكم بلا ضَجَر ولآلئ فلينصرفْ/ فلا وقت عندي للقمح والكدح.. ولأعترفْ/ أمامك يأيها الشعب يا شعبي المُنتقى بيديّ بأني أنا الحاكمُ العادلُ/ لابد من برلمان جديد، ومن أسئلة: مَنِ الشعبُ، يا شعبُ؟ هل كلُّ كائنْ/ يُسمى مواطنْ؟/ تُرى هل يليق بمَن هو مثلي قيادة لص، وأعمى، وجاهلْ؟/ وهل تقبلون لسيّدكم أن يساويَ ما بينكم، أيها النبلاء، وبين الرعاع اليتامى الأرامل؟/ وهل يتساوى هنا الفيلسوف مع المتسوّل؟ هل يذهبان إلى الاقتراع معًا كي يقود العوام سياسة هذا الوطنْ؟ وهم أغلبيتكُم، أيها الشعب، هم عددٌ لا لزوم له إن أردتُمْ نظامًا جديدًا لمنع الفِتنْ!

إذنْ، سأختار أفراد شعبي: سأختاركم واحدًا واحدًا كي تكونوا جديرين بي، وأكون جديرًا بكمْ/ سأمنحكم حق أن تخدموني/ وأن ترفعوا صوري فوق جدرانكم/ وأن تشكروني لأني رضيت بكم أمّةً لي/ سأمنحكم حق أن تتملوا ملامح وجهي في كلِّ عام جديد/ سأمنحكم كل حق تريدون: حق البكاء على موت قط شريد/ وحق الكلام عن السيرة النبوية في كلِّ عيد!

لكم أن تناموا كما تشتهون: على أي جنب تريدون.. ناموا/ لكم حق أن تحلموا برضاي وعطفي، فلا تفزعوا من أحدْ/ سأمنحكم حقكم في الهواء، وحقكم في الضياء، وحقكم في الغناء/ سأبني لكم جنّة فوق أرضي.. كُلوا ما تشاؤون من طيباتي/ ولا تسمعوا ما يقول ملوك الطوائف عني/ وإني أحذركم من عذاب الحسدْ!/ ولا تدخلوا في السياسة إلا إذا صدر الأمر عنِّي/ لأن السياسة سجني/. هنا الحُكْمُ شورى:/ أنا حاكمٌ مُنتخبْ/ وأنتم جماهير مُنتخبة/ ومن واجب الشعب أن يلمس العتبة/ وأن يتحرى الحقيقة ممن دعاه إليه، اصطفاه، حماه من الأغلبية/ والأغلبية مُتعِبة مُتْعَبَة/ ومن واجبي أن أوافق، من واجبي أن أعارض، فالأمر أمريَ والعدل عدلي، والحق مُلكُ يديّ/ فإما إقالته من رضاي/ وإما إحالته للسراي/ فحق الغضبْ/ وحق الرضا لي أنا الحاكم المُنتخبْ/ وحق الهوى والطرب/ لكم كلكم..

أنا الحاكم الحرُ والعادل/ وأنتم جماهيري الحرّة العادلة/ سننشئ منذ انتخابي دولتنا الفاضلة/ ولا سجن بعد انتخابي، ولا شعرَ عن تعب القافلة/ سألغي نظام العقوبات من دولتي؛ فمن أراد التأفف، خارج شعبي، فليتأفف/ ومن شاء أن يتمرّد، خارج شعبي، فليتمردْ/ سنأذن للغاضبين بأن يستقيلوا من الشعب، فالشعب حرٌّ/ ومن ليس منّي ومن دولتي، فهو حرّ/ سأختاركم واحدًا واحدًا مرّة كل خمس سنين، وأنتم تُزكونني مرّة كل عشرين عامًا إذا لزم الأمر، أو مرّة للأبدْ.. وإن لم تريدوا بقائي، لا سمح الله، إن شئتم أن يزول البلدْ/ أعدت إلى الشعب ما هبَّ أو دبَّ مِنْ سابق الشعب كي أملك الأكثرية، والأكثرية فوضى/ أترضى، أخي الشعب؟! أترضى بهذا المصير الحقير.. أترضى؟ معاذك!

قد اخترتُ شعبيَ، واختارني الآن شعبي/ فسيروا إلى خدمتي آمنين/ أذنت لكم أن تخروا على قدمي ساجدين/ فطوبى لكم، ثم طوبى لنا أجمعين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق