عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الجمعة، 20 يناير 2012

التعداد الطائفى!(2-2)

التعداد الطائفى!(2-2)
د. حلمى محمد القاعود

فى واشنطن تحدث مسئول مصرى على عهد السادات عن عدد النصارى وذكر رقمًا أقل مما تلهج به ألسنة المسئولين الكنسيّين ، ولكن ذلك لم يعجب رئيس الكنيسة الذى ذكر رقما أكبر ، ولم يغفر للمسئول المصرى ما قاله !

اختلفت الأرقام من مسئول كنسى إلى آخر ، وردد الكتاب والصحفيون الماركسيون الحكوميون والموالون للكنيسة الأرقام التى يرددها الكهنة وقادة التمرد وخونة المهجر فى تصريحاتهم ومقالاتهم ، وتراوحت تقديراتهم بين ثمانية ملايين إلى خمسة وعشرين مليونا ، ورتب بعضهم على ذلك مطالب بالمشاركة فى السلطة بثلث الوزراء وثلث المحافظين والثلث فى بقية المناصب المدنية والعسكرية بالدولة .

الحكومة المصرية رأت من جانبها أن تغلق الحديث عن عدد النصارى كى لا تدخل فى جدل مع هذا الطرف أو ذاك ، وصار العدد سرًا من الأسرار العليا ، وبعد التعداد العام الذى يجرى كل فترة يعلن الجهاز المركزى للمحاسبات بيانات الدولة فى شتى المرافق والقضايا دون أن يعلن عدد الطائفة !

كانت جهات أجنبية ذات مصداقية فى المجال البحثى قد أعلنت عن عدد الطائفة بما يخالف ما تردده ألسنة الناطقين باسم الكنيسة ، وقد كشف أحدث تقرير أمريكى نهاية عام 2009 أن المسلمين يشكلون نحو 95% من عدد سكان مصر، وأن الأقليات الدينية الأخرى تشكل فى مجموعها ما يزيد قليلا على 5% من عدد السكان.. وقدّر التقرير الصادر عن منتدى "بيو للدين والحياة العامة"، التابع لمركز "بيو" الأمريكى للأبحاث فى العام الماضى ، عدد المسلمين فى مصر بحوالى 78.5 مليون شخص، وقال إنهم يشكلون 94.6 % من إجمالى الشعب المصري. إلا أن التقديرات الرسمية المصرية تشير إلى أن نسبتهم تناهز 4% من عدد سكان مصر البالغ 83 مليون نسمة. لكن الكنيسة تشكك على الدوام فى تلك التقديرات.

وهذه النسبة التى تتراوح بين 4-5% فى المائة هى النسبة التى ترددت فى كل تعداد أجرته السلطة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى عهد السادات مع ملاحظة الفارق فى هجرة أعداد غير قليلة من النصارى وزيادة النسل لدى المسلمين !

ولكن رئيس الكنيسة يؤكد بصورة مستمرة، أن الكنيسة تعرف أعداد الأرثوذكس عن طريق "كشوف الافتقاد"، التى تعد بمنزلة تعداد داخلى لكل أسرة، قائلاً: "نحن نستطيع معرفة عدد شعبنا، ولا يهمنا العدد المعلن". وقد حدد فى أكتوبر 2008 فى خلال مقابلة مع قناة (O.t.v) الفضائية تعداد النصارى بــ 12 مليونًا استنادًا لآخر "كشوف الافتقاد"، على حد قوله.

ومع أن دولة العدل الإسلامية لا تفرق بين مواطنيها مهما تباينت أجناسهم وأعراقهم وعقائدهم ومذاهبهم وكثرتهم وقلتهم ، ولا تنقص من أقدارهم شيئا ، فإن قيادات التمرد الطائفى فى الكنيسة الأرثوذكسية تصر على المواجهة مع الأغلبية بالمنطق العددى ، وليس بالمنطق الإنسانى ، أو المنطق الشرعى الذى منحهم ما لم تمنحه العلمانية حين قال تعالى " وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه " (المائدة : 47) ، وحين أمر المسلمين بالعدل فى أكثر من آية حتى مع الأعداء " ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى " (المائدة :8) .

ومع ذلك فإن الكنيسة أو رئيسها تحديدا يصر على إجراء تعداد للنصارى من خلال ما يسميه " كشوف الافتقاد" ، متجاهلا وجود الحكومة المسئولة بل متحديا لها ، وها هو يعلن مؤخرا عن إعداد استمارة لبدء تعداد جديد لعدد النصارى فى مصر حيث تقوم كل إيبارشية بتوزيعها على الكنائس التابعة لها ؛ ويقوم خدام الكنائس بتوزيعها على النصارى التابعين للكنيسة فى منازلهم لملء الاستمارة التى تشمل بيانات كل فرد من حيث العنوان وبيانات محل الإقامة كاملة ، والاسم الرباعى و بطاقة الرقم القومى وتاريخ إصدارها وتاريخ الميلاد والحالة الاجتماعية والمؤهل والوظيفة ووسائل الاتصال (المحمول والبريد الإلكترونى ) ، وبعد تسليم الاستمارات للكنيسة تقوم بدورها بتسليمها للمطرانية ثم للمقر البابوى ، وذكرت الأخبار أن عملية توزيع الاستمارات قد بدأت منذ شهر ببعض محافظات الصعيد وجار توزيعها على باقى المناطق فى الجمهورية . وأشار مصدر كنسى إلى أن نتيجة التعداد من المتوقع أن تظهر بعد شهر لمعرفة أحدث تعداد للنصارى التابعين للكنيسة الأرثوذكسية !

وهكذا يبدو الولع الكنسى بمسألة التعداد الطائفى مصرّا على القيام بدور الدولة فى أهم خصوصياتها ، بل تحدّيها ، ليقول بعدئذ إنه يملك الحقيقة وحده ، وليتابع مسيرة التمرد فوق رءوس الجميع !

drhelmyalqaud@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق