قطار الاسكندرية العظيم
خالد الشافعي | 12-01-2011 23:35
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد
فمن الهوان ، والقهر ، ونذير الشؤم ، ومن أصعب ما يعيشه أهل الإصلاح فى هذا الزمان ، أن تحتاج أن تثبت البدهيات ، أصعب شىء فى الدنيا أن تحاول تثبت للناس أن النهار نهار ، وأن الليل ليل ، والمكابر لا يسلم ولو شهدت عليه أعضاؤه ، وليس يصح فى الأذهان شىء إذا احتاج النهار إلى دليل .
أصعب وأعقد ما يواجه أهل الإصلاح اليوم هو نجاح الطابور الخامس فى تقبيح الحق ، وتحسين الباطل وقلب الحقائق عند عوام الناس ، حتى صار الحق باطلاً والباطل حقاً .
لولا هذا ما احتجت أن أكتب مقال اليوم لأقول للعالم أن رموز الدعوة السلفية بالأسكندرية هم شامة فى جبين الزمان ، ودرة فى جبين المكان ، وأن هؤلاء الأماجد الأفاضل – والله حسيبهم - لو كانوا فى زمان غير الزمان ، ومكان غير المكان ، لحملهم الناس على الرؤوس ، ولكان لهم شأن غير الشأن ، وقدر غير القدر .
وهم وإن كانوا يعانون فى بلادهم من الجحود والنكران ، فعسى ربهم أن يكون قد نظر لهم فرضى عنهم وقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .
ثلة السلفية السكندرية المباركة ، حالة قلما يجود بها الزمان ، قطار يمشى منذ أربعين سنة على القضبان ، قطار حدد وجهته منذ المحطة الأولى ، فاستشار ، واستخار ، ثم توكل على مولاه وانطلق لا يلوى على شىء إلا تعبيد الناس لربهم ، وإعادة الخلق إلى حظيرة العبودية ورفع المناكير .
مضى القطار فى طريق غير معبد ، وصحراء الغربة الثانية القاحلة - ولا يغرنك ما تراه اليوم من سهولة الدعوة نوعاً ما وكثرة الغرباء وفشو السنة لقد كان طريق إلى منتصفه مضنياً شاقاً يشبه طريق غرباءنا الأوائل -
مضى القطار فى طريقه ، يقاوم شياطين الإنس من المنافقين والعلمانيين والطغاة ، ويقاوم شياطين الجن وقد راع الفريقين أن يستفيق الناس ، وراعهم هذه الهرولة إلى الله . مضى القطار يفتح الطريق ، ويضىء السبيل لملايين الملايين حتى كانت الثمرة مما نراه الآن ( أستئذنكم أن أكفكف دموعى الساخنة الحارة من مشاعر الإمتنان )
مضى قطار الطبيب محمد إسماعيل ، والطبيب ياسر برهامى ، والطبيب سعيد عبد العظيم ، والطبيب أحمد حطيبة وغيرهم من العظماء ، يشق رمال الغربة ، ويفجر فى صحراء المادية القاسية يفجر للناس ينابيع الماء ، فشرب الناس وشربوا حتى ارتووا وعرفوا أنهم كانوا موتى حتى شربوا ماء الهداية .
مضى القطار بهدوء وثقة وإرادة حديدية وعين لا تفارق الهدف العظيم ، نبحتهم ألوف الكلاب ، وحاربتهم خفافيش الظلام ، وسقط فى الطريق من سقط من غيرهم ، وانحرف من انحرف ، وبدل من بدل ، وفتن من فتن ، وحارب دعوتهم من حارب ، وطعن فيهم من طعن ، فما التفتوا لأحد ، ولا انشغلوا بالمهاترات ، وظل قطار الأسكندرية يمضى فى طريق النجاة .
شرحوا مئات الكتب وأخرجوا ألوف الخطب وأنقذوا ملايين الخلق فى صمت شريف وانكار ذات عجيب .
إن ثلة الأسكندرية السلفية المباركة هى التى أعطت الطعم اللذيذ ، والشكل النهائى لسلفية هذا العصر وهى التى نشرتها وشرحتها وقدمتها للعالم .
ومن رأى منهم ما رأيت ، عرف أن ما أقوله ليس من باب الغلو ، إنما هو من باب الوفاء ، من رأى ياسر برهامى وهو خارج من المسجد بشبشب قديم إلى عيادته الفقيرة وعيادة أخيه جمال برهامى ، وطريقة الشيخ فى استقبال المرضى كما حكى لى واحد من الناس أنه يستقبل مريضاً بمقابل زهيد ، ويليه مريض بالمجان .
ومن رأى محمد اسماعيل وقد طرقت باب بيته وفتح لى فإذا عنده شيخه يراجع معه حفظه من القرآن ، ومن رأى سعيد عبد العظيم وهم الدعوة يكاد أن يقتله ، ومن رأى أحمد حطيبة فى المسجد لم يتخلف عن الصلاة ودالدروس من عشرات السنوات .
من رأى عرف أن الذين يكيلون لهؤلاء الفرسان النبلاء التهم إنما هم مجانين بلهاء ، وأنه لولا سلفية الأسكندرية بعد الله عز وجل لكانت مصر يغوص أهلها فى الدماء ، وسلفية الأسكندرية هى النسخة المطابقة للأصل من وسطية الإسلام ونحن نمهل المخالفين سنة أن يثبتوا عكس هذا الكلام .
والله الذى لا إله إلا هو إن سلفية الأسكندرية قدمت لهذه البلاد مالا يعلمه إلا الله من الخدمات ، وأنه لولا أن الجحود والنكران والجهل بأقدار الخلق صار هو بضاعة هذا الزمان ، لولا ذلك لتقدم هؤلاء الفرسان طوابير الشرف ، ولقلدتهم الدولة أرفع الأوسمة والنياشين بدلاً من الراقصة اللولبية واللاعب الفنان !! لكن الذى يسلى المرء أنهم والله حسيبهم فعلوا ما فعلوا طلباً لما عند الرحمن ، وأنه يوماً ما هناك على أرض الحساب سيجدون إن شاء الله أرفع الأوسمة فى الكتاب .
اللهم جازهم عنى وعن سائر المسلمين خير الجزاء ، فإن لهم فى أعناق كل مسلم جميل لا يجزى عليه إلا اللطيف المنان .
kaledshafey@yahoo.com
قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)....... اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا علي عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنبي ربي اغفر فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق