عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الثلاثاء، 18 يناير 2011

اضرب راسك في الحيط ..و

اضرب راسك في الحيط و

عبد السلام البسيوني | 18-01-2011 00:42

لا أزال أصر على أن قوانين حقوق الإنسان الدولية، التي صاغتها الأمم المتحدة، ولجان حقوق الإنسان، لم تستوعب كل الحقوق التي ينبغي أن يكتسبها الآدمي الثالثعشري - نسبة للعالم الثالث عشر العظيم بتاعنا - بمجرد خروجه للحياة، دون منةٍ من أحد، ودون صناعة مخارج قانونية، وثغرات دستورية تسلبه هذا الحق، تحت دعاوى القوانين الاستثنائية، أو الفَتْوَنة الوظيفية، أو الوجاهة والخفة الشخصية، بل هي حق إنساني، وفريضة دستورية، وضرورة حضارية!

وخذ مثلاً عندك: حق هذا الإنسان في البهدلة، والمرمطة، وتسويد عيشة سيادته، وكله بالقانون، والدستور، والورق الرسمي! الأمر الذي تنفرد به وحدها دول العالم الثالث عشر، أين نُص على ذلك؟ هل ذكرته مواثيق حقوق البتاع، أو الأمم المنتحلة؟

هل تحدثت لجان حقوق الإنسان الغبية عن هذا الحق؟ أين؟ دلوني أرجوكم!

إن أغلبية شعوب الأرض الثالثعشرية قد اكتسبت (حق البهدلة) بجدارة، ودون نصوص، وقوانين، وملاحق قوانين، وحواشٍ على القوانين، ومذكرات تفسيرية، وفقرات إيضاحية، بل إن الكائن البشري الثالثعشري يستمتع بحقه في البهدلة بشكل يومي (نصيبًا مفروضًا) حتى إنه لو مر به يوم بغير بهدلة لتشاءم، وقال: اللهم اجعله خير! إيه اللي بيحصل في الدنيا؟!

بعض النصوص الرجعية المتزمتة (القروسطية على حد تعبير أبو الغيط) تزعم - لا أدري لماذا - أن الله عز وجل خلق الإنسان مكرمًا، حرًّا، طلْقًا، لا أدري على أي أساس!

فهل هذه النصوص مثلاً ستفهم أكثر من القوانين، ومن الترزية المتخصصين في تفصيلها على مقاس الأيديولوجيا؟ وهل يعرف القرآن مصلحة ابن آدم أكثر من الأساتذة الكبار واضعيها؟ صراحة مش معقول!

صحيح أن الله تعالى ذكر أن الإنسان مخلوق مكرم، وأنه حر، وأنه مختار مُريد، لكن أين حقه الثالثعشري الأزلي في البهدلة والإذلال وصفع قفاه، أتحدى أن تأتوني بنص قرآني واحد يذكر ذلك.

لقد منح الله تبارك وتعالى الكرامة للآدمي منذ خلقه بيده المقدسة، وسواه وعدله، في أي صورة ما شاء ركّبه، ومنذ نفخ فيه من روحه، وزرع في خلاياه النزوعَ للسمو والارتفاع عن حضيض المهانة، ووحل الارتكاس، وهذه مشكلة أي مشكلة.

ولقد كرمه الله تبارك وتعالى حين وضع فيه - وحده - العقل، ليميز الخبيث من الطيب، والحق من الباطل، والظلمات من النور، وليقرر بنفسه ما يريده لنفسه، دون سيف على رقبته مسلط، ولا ضغط على إرادته قاهر، فإذا فقد هذا العقل لسبب قهري عنه، سقطت عنه المساءلة، وابتعدت عنه المسؤولية، ولم يكن لأحد - حتى ربنا الكريم العدل الحق المبين - أن يسأله: ليه، وإمتى، وازاي؟ فحسبه بفقدان عقله بلاءً ونقصًا.

ولقد كرمه الله تبارك وتعالى حين جعله ذلك الكائن المختار المُريد الحر: إن شاء آمن وإن شاء كفر/ إن شاء أطاع وإن شاء عصى/ إن شاء اقترب وإن شاء ابتعد. ومنع رسله عليهم السلام من أن يفرضوا على الناس شيئًا، أو يجبروهم على دين: (ليس لك من الأمر شيء/ لست عليهم بمسيطر/ لكم دينكم ولي دين)، [الناس سواسية/ كلكم آدم/ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!].

ولقد كرمه الله تعالى حين أسجد له الملائكة، في شخص أبيه آدم عليهم السلام، مستخلفًا إياه - لا الملائكة - على الأرض، بل كان من كمال التكريم أن سخر الله سبحانه مليارات ممليرة من الملائكة أحيانًا لخدمته ومتابعته؛ فهناك ملائكة يدعون له، وآخرون يوصلون إليه رزقه، أو ينزلون له المطر، أو يدفعون عنه من البلاء ما لم يقدره الله تعالى، أو يحضرون حلق الذكر، أو غير ذلك.

ولقد كرمه الله تبارك وتعالى حين سخر له الكون كله - بحاره وأنهاره/ نجومه وأجرامه/ ممراته ومجراته/ نباته وحيوانه/ أرضه وسماءه، وأذن له بالارتفاق بذلك كله، وفحص سننه، وتوظيفها ليعيش (إما شاكرًا وإما كفورًا) على أساس (إن إلى ربك الرجعى) (وأن إلى ربك المنتهى)!

ولقد كرمه الله تبارك وتعالى حين خلق له من الإمكانات، وزرع فيه من الفضول، ما لا يرضى معه بواقع، أو يستقر على حال، بل يبقى دائمًا في نزوع نحو التفرد والكمال، لأن الدنيا لا تُعمر إلا بمن لا يسلِّمون بالكائن، بحثًا عما هو أتم وأكمل.

صور كثيرة وعظيمة لتكريم الآدمي وتحرير إرادته، وعقله، وحركته، ليصير شيئًا عظيمًا، ليستحق أن يكون الخليفة في الأرض، الباني للحضارة، المعلي للقيم والمكارم، بتفويض من ربه العظيم، الذي [يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها].

لكن أين حق الكائن الثالثعشري في البهدلة؟ هذا ما لم ينص عليه القرآن العظيم، ولا أشارت إليه السنة المشرفة، ولا جاء في كلام سادات الناس من العلماء الأعلام، والمفكرين الكرام، ولا حتى لجان حقوق اللي كان إنسان! طب دا كلام؟!

طيب: أين حقه في الذلة والبهدلة والمرمطة وسواد الوجه والتلذذ بالتقطيم والتأنيب والمهانة بين يدي موظف عام جلف، يؤخر أوراقه شهرًا وشهرين، وسنة وسنتين - وإن كان عاجبه - وربما أقسم له هذا الموظف المعقد أن ورقه لن ينتهي أبدًا، وروح اشتكيني! واضرب راسك بالحيطة، وأعلى ما ف خيلك اركبه!

هذا – فقط - من خصائص موظفي العالم الثالثعشري؛ من أصغر موظف ثالثعشري، لأستاذ الجامعة الثالثعشري برضه! تصوروا؟ حتى أستاذ الجامعة، يمكن أن يقول لطالب بالفم المليان: طول ما أنا في الجامعة مش هاتنجح! تصوروا؟ كأنها تكية أبوه! وعند سيادته ألف طريقة وألف مبرر وألف حل لتطفيش التلميذ يا ولداه!

أين حق الكائن الثالثعشري في الذلة بين يدي مدير إدارة، أو رئيس قسم، أو موظف أعلى شوية منه؛ يتصرف كأن الإدارة بتاعة اللي خلفوه، ورثها كابرًا عن كابرًا، فهو ينفي ويثبت، ويرقِّي ويفنِّش، ويرفع ويخفض، وييسر ويعطل، مرددًا بشكل دائمًا: الإدارة بتاعتي/ الموظفين اللي عندي/ شغلي/ هارفدك/ هافصلك/ هاخرب بيتك؟!

أين حقه في الذلة بين يدي سواق أتوبيس أمي، بيفك الخط بصعوبة، حبكت معاه، كباية شاي في الخمسينة، فلما اعترض بعض الركاب، صرخ بمنتهى البجاحة: الأتوبيس عطلان يا أفندية/ مش طالعين النهاردة، والأفندية كلهم يرجون، ويتوسلون إلى (عم الاسطى) ليحرك الأتوبيس، وهو يوبخهم، ويسبهم بيه بيه، لأن البتاع بتاع أبوه!

أين حقه في الذلة بين يدي ملازم ثاني - فرعون صُغيَّر - حديث التخرج، يمسح به الأرض، ويصفع قفاهـ، وينتهك عرضه بعصا في الشارع على عينك يا تاجر، لأنه لا يحمل بطاقة شخصية - داخل بلده - ربما لأن شكله لا يعجب البيه (الصغيَّر) اللي متخرج من شهرين، أو حتى الذي لا يزال تحت التدريب!

أين حقه في أن تحفى قدماه بحثًا عن شيء شريف، يقتات منه، ويطرق من أجله كل الأبواب، ويجرب كل الحلول، فلا يجد في النهاية إلا شلة مقاطيع يتعاطى معهم البانجو والسبرتو، هربًا من واقع أليم، وأمل لا أمل في ظهوره؟

أين حقه في الذلة بين يدي (نائب) عنه، أو شخص توسط به لنيل بعض الفتات، ذهب إليه طامعًا راجيًا آملاً متوسلاً منكسرًا ذليلاً محبطًا دامعًا راجفًا واجفًا، لعله أن يعينه على وظيفة للفتى العاطل بمرتبة الشرف، الجائع بامتياز، المتبهدل بتفوق، المركون بمعْلّمة، المهمَّش مع سبق الإصرار، المعزول بالإرادة الكاملة هو وإخوته وأصدقاؤه ودفعته وأبناء جيله أجمعون!

هل نصت الدساتير في العالم الحر المستنير على هذه الحقوق، المكفولة آليًّا - ومنذ الميلاد - لآدميي العالم الثالثعشر؟!

أقترح على الأخ بان كي مون، وبتوع حقوق الإنسان، ولجان الحريات، والمشرعون من دون الله، وترزية القوانين، ألا يلتفتوا للقوانين (الناقصة) المفصلة لإنسان العالم الآخر، ويسنوا قوانين لإنسان العالم الثالث عشر، يسجلون بها حقه التليد في البهدلة، والهوان، وضرب الجزم، وإلا فهذا تسيب، وغياب للقانون، في الأنظمة الشمولية الديمقراطية الجميلة، التي تعيش على القانون، والتي يرفل مواطنوها في أنواع من الحريات، لم يحلم بها بتوع عجين الفلاحة، ولا سكان رواندا!

واللا أنا غلطان؟!

_______________________



يعوي الكلبُ/ إن أوجعه الضربُ

فلماذا لا يصحو الشعبُ/ وعلي فمه ينهض كلب/ وعلي دمه يقعي كلب؟

الظلم بساحتنا يسعى فلماذا نرفض أن نحبوا/ ولماذا ندخل أبرهةً في كعبتنا ونؤذن للكعبة ربُّ

نحن شعوب يأنف منها العارُ ويسخر منها العيبُ

وتباهي فيها الأمراض ويمرض فيها الطبُّ

لا ذنب لنا.. لا ذنب لنا.. نحن الذنبُ

albasuni@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق