وجريمة الاعتداء الهمجي على شيخ الأزهر
جمال سلطان | 03-01-2011 00:38
العنف المنفلت الذي تصرف به مئات من المتطرفين الأقباط أمس ضد رموز الدولة ورموز المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية لا يمكن أن يمر دون مساءلة ، وإلا فتحنا باب الفوضى على مصراعيه ، لن يتسامح المصريون مع الدولة إذا تساهلت في التحقيق والردع القانوني للإهانة التي لحقت بشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وقيادات مجمع البحوث الإسلامية على أبواب الكاتدرائية ، كما لا يمكن أن يتسامح المصريون مع الإهانات التي لحقت بممثل رئيس الجمهورية ، بغض النظر عن أي خلاف مع شاغل المنصب ، ولكنه في النهاية رمز الدولة وسيادتها .
هناك حالة من الغضب استبدت بملايين المصريين أمس ، مسلمين وأقباط ، لأن جريمة التفجير الذي وقع في الاسكندرية هي إهانة للوطن وإساءة لمصر ، ولكن أن يحاول البعض استغلال هذا الغضب من أجل ارتكاب اعتداءات إجرامية مقابلة على خلفية طائفية صريحة ، فهو الأمر الذي ينبغي أن نضرب على يد مرتكبيه بكل قوة ، وبصرامة لا تقل عن الصرامة التي نتخذها ضد من يرتكبون أعمالا على شاكلة جريمة كنيسة القديسين في الاسكندرية ، كما أنه لا بد من كشف الغطاء عن بعض القيادات الدينية الكنسية التي لم تنل حظا من الكياسة أو الحكمة أو خبرة التاريخ ، والتي تتصرف بقدر غير قليل من الحمق والصبيانية لإشعال حريق يذهب ضحيته البسطاء والفقراء والمهمشون ، الذين يتحولون إلى وقود في محرقة طائفية لا قيمة لها ولا معنى إلا محاولة بعض الكهنة ممارسة ما يمكن تسميته باستعراض العضلات الطائفية في الشارع ، وذلك أن أحدا لن يمكنه تجاهل أن التظاهرات المتزامنة في مواقع مختارة بعناية في القاهرة والاسكندرية وغيرها أمس كانت بتنسيق وترتيب جهات معروفة ، وأن صمت القيادات الكنسية تجاهها مثل إشارة واضحة المغزى .
وإذا كانت الدولة سوف تتسامح مع الاعتداء الذي تعرض له الدكتور مفيد شهاب الذي ذهب لحضور جنازة ضحايا الجريمة بوصفه ممثلا لرئيس الجمهورية ، بما يعني أن الاعتداء الذي وقع عليه ومحاولة الفتك به هو اعتداء على رئيس الجمهورية نفسه ، إضافة إلى العديد من القيادات السياسية والتنفيذية التي حضرت ، إذا كان بمقدور الدولة التسامح مع إهانة رموزها إلى هذا الحد ، فإن جموع المصريين لا يمكن أن نطالبهم بالتسامح مع إهانة بالغة لأهم رمز ديني رسمي للإسلام في مصر ، وهو شيخ الأزهر ، وكذلك مفتي الجمهورية وغيرهم من العلماء ، كما لا يمكن أن نبرئ قيادات الكنيسة من المسؤولية عن الجريمة التي وقعت على أبواب الكاتدرائية أمس .
والحقيقة أن الدهشة تحيرني من صمت البابا شنودة على هذه الإهانات التي تعرض لها ضيوفه من كبار رجال الدولة من رموز الدين الإسلامي ، هل لم يسمع البابا شنودة بما حدث على باب الكاتدرائية وهو بداخلها ، هل لم يصله خبر الاعتداء على ممثل رئيس الجمهورية في العزاء ، لماذا صمت البابا على هذه الحماقات والإساءات التي يمكن أن تولد من المخاطر ما لا يعلمه إلا الله ، لماذا لم يصدر البابا بيانا أو كلمة يستنكر فيها هذه الجرائم التي ارتكبها متطرفون أقباط ، لقد استنكر ملايين المصريين ونخبتهم على الفور الجريمة التي وقعت أمام كنيسة القديسين من باب الالتزام بالمسؤولية أمام الوطن ، أيا كان مرتكب الجريمة ، فلماذا لم يبادر البابا شنودة بإدانة فورية للاعتداء على ضيفه شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية من باب المسؤولية الأخلاقية أمام الوطن أيضا .
إن على جميع من أدانوا ـ بحق ـ جريمة كنيسة القديسين من باب المسؤولية أمام الوطن والالتزام بوحدته وسلامة نسيجه الاجتماعي ، أن يدينوا بنفس الوضوح والصراحة تلك الجريمة التي وقعت أمس بالاعتداء الهمجي على فضيلة شيخ الأزهر وفضيلة مفتي الجمهورية اللذين ذهبا لتقديم واجب العزاء للبابا شنودة في الكاتدرائية ، وعلى الجميع أيضا أن يطالبوا البابا شنودة بأن يعلن بوضوح كاف إدانته لهذا العمل الإجرامي والتنديد بمرتكبيه .
almesryoongamal@gmail.com
قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)....... اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا علي عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنبي ربي اغفر فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق