عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 13 فبراير 2012

الوجه الحقيقي للنصارى

الوجه الحقيقي للنصارى



إنَّ الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.



أما بعد فهذه أمثلة لبلاد كان للنصارى الكلمة العليا فيها على المسلمين فانظر ماذا فعلوا بهم لتكون منهم على حذر, ولكي لا تغتر بكلماتهم البراقة وتنسى ما تكنه صدورهم لك, ولتعرف حقيقتهم التي تخفى على كثير من السذج من المسلمين.







نمازجُ حقيقيةُ حكمَ فيها النَّصارى المسلمين



وقولُ الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]







النَّموزجُ الأوَّل



المسلمون تحت حكم النَّصارى في الأندلس (أسبانيا)



في السطور التالية ترى أحوال دولةٍ مسلمةٍ وقعت تحت حكم النَّصارى فكان من شأنهم أنهم أعطوهم العهود والمواثيق ثم كان منهم ما سترى.



ولكن قبل ذلك لابد أن تعلم أنَّ هذا البلد هي الأندلس –أسبانيا الأن- وأنَّ الحاكم النصراني الذي حكمها هو الملك فرديناند وزوجته إيزابيلا وأنَّ هذه الأحداث وقعت منذ حوالي أربعة قرون, وإليك ما حدث:



الملك فرديناند نموزج لحاكم نصراني يحكم المسلمين([1])



أ- عهوده ومواثيقه التي أعطها للمسلمين عندما دخل بعض الإمارات الإسلامية في الأندلس:



تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم وَرِباعِهِم وعقارهم.



إقامة شريعتهم على ماكانت، ولايُحْكم على أحد منهم إلا بشريعتهم وأن تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كذلك، وأن لايدخل النَّصارى دار مسلم ولايغصبوا أحداً، ولا يتطلع على دور المسلمين، ولايدخل مسجداً, ولايُمْنَع مؤذن ولا مُصَلٍّ ولا صائم ولاغيره من أمور دينه.



يقول الاستاذ محمد عبد الله عنان ([2]): لقد ارتضاها([3]) المسلمون والشكُّ يساورهم في وفاء أعدائهم، ولما أَنْسَى فرديناندُ وإيزابيلا ريب المسلمين وتوجسَهم أعلنا في يوم 29 تشرين الثاني "نوفمبر" مع قَسَمٍ رسمي بالله أن جميع المسلمين سيكون لهم مطلق الحرية في العمل في أراضيهم، أو حيث شاؤوا، وأن يحتفظوا بشعائر دينهم ومساجدهم كما كانوا، وأن يسمح لمن شاء منهم بالهجرة إلى المغرب، ولكن سوف نرى أنَّ الأيمان والعهود لم تكن عند مَلَكي النَّصارى سوى سِتار للخيانة والغدر، وأنَّ هذه الشروط الخلابة نُقضِت جميعاً لأعوام قلائل من تسليم غرناطة، ولم يتردد المؤرخ الغربي بروسكوت نفسه أنَّ يصفها بأنها أفضل مادة لتقدير مدى الغدر الإسباني فيما تلا من العصور.



ومرت سنون، وخبا أثر مصرع الأندلس شيئا فشيئا في نفوس المسلمين، وأُسدل ستار من النسيان عليه، ولكن مأساة المسلمين المتنصرين "أو الموريسكين" لم تقف، وظهرت محاكم التفتيش التي هدفت إلى إبادة المسلمين في الأندلس .



لقد بدأت بمصرع غرناطة مرحلةٌ مؤلمة ومؤسفة لشعب مغلوب، وعدوٍّ خائن نقض شروط المعاهدة بنداً بنداً، فمنعوا المسلمين من النطق بالعربية في الأندلس، وفرضوا إجلاء العرب الموجودين فيها، وحُرِّقَ مَنْ بَقِيَ منهم، وزاد الكردينال "كمينسس" على ذلك، فأمر بجمع كل ما يستطاع جمعه من الكتب العربية ونظمت أكداساً في أكبر ساحات المدينة، وفيها علوم لا تقدر بثمن، بل هي خلاصة ما بقي من التفكير الإنساني وأحرقها.



ب- كيف نقضوا العهود, ومحاكم التفتيش([4]):



هدفت محاكم التفتيش إلى تنصير المسلمين بإشراف السلطات الكنسية وبأشدِّ وسائل العنف، ولم تكن العهود التي قطعت للمسلمين لتحول دون النزعة الصليبية التي أَسْبَغت على سياسة أسبانيا الغادرة ثوب الدين والورع ولما رفض المسلمون عقائد النَّصارى ودينهم المنحرف وامتنعوا عنه وكافحوه، اعتبرهم نصارى الاسبان ثوَّاراً وعملاء لجهات خارجية في المغرب والقاهرة والقسطنطينية، وبدأ القتل فيهم وجاهد المسلمون ببسالة في غرناطة والبيازين والبشرات([5])، فَمُزِّقوا بلا رأفة ولا شفقة ولا رحمة.



وفي تموز (يولية) 1501 أصدر الملكان الكاثوليكيان([6]) أمراً خلاصته: إنَّه لما كان الله قد اختارهما لتطهير مملكة غرناطة من الكفرة، فإنه يُحظر وجودُ المسلمين فيها، ويعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال.



فهاجرت جموعُ المسلمين إلى المغرب ناجيةً بدينها، ومَن بَقِيَ من المسلمين أخفى إسلامه وأظهر تنصره، فبدأت محاكم التفتيش نشاطها الوحشي المروع، فعند التبليغ عن مسلم أنه يخفي إسلامه، يُزجُّ به في السجن وكانت السجون مظلمة عميقة رهيبة، تَغصُّ بالحشرات والجرذان، يقيد فيها المتهمون بالأغلال بعد مصادرة أموالهم لتدفع نفقات سجهنم, ومن أنواع التعذيب إملاء البطن بالماء حتى الاختناق ، وربط يدي المتهم وراء ظهره، وربطه بحبل فوق راحته وبطنه ورفعه وخفضه معلقاً، سواء بمفرده أو مع أثقال تربط معه، والأسياخ المحمية، وسحق العظام بآلات ضاغطة، تمزيق الأرجل وفسخ الفك.



ولا يوقف التعذيب إلا إذا رأى الطبيب حياة المتهم في خطر، ولكن التعذيب يستأنف متى عاد المتهم إلى رشده أو جفَّ دَمُه.



وقرار المحكمة لا يتمُّ إلَّا عند التنفيذ في ساحة البلدة، وهو إمَّا سجن مؤبد، أو مصادرة أموال وتهجير، أو إعدام حَرقاً وهو الحكم الغالب عند الأحبار الذين يشهدون مع الملكين الكاثوليكيين حفلات الإحراق.



ومما يذكر أنَّ هناك عذاباً اختص به النساء المسلمات وهو تعرية المرأة إلا ما يستر عورتها، وكانوا يضعون المرأة في مقبرة مهجورة ويجلسونها على قبر من القبور، ويضعون رأسها بين ركبتيها ويشدون وثاقها، وهي على هذه الحالة السيئة، ولا يمكنها الحراك، وكانوا يربطونها إلى القبر بسلاسل حديدية، ويرخون شعرها فيجللها وتظهر لمن يراها عن كثب كأنما هي جِنيَّة لا سيما إذا ما أرخى الليلُ سدوله، وتُترك المسكينة على هذه الحال إلى أن تُجِنَّ أو تموت جوعاً ورعباً.



لقد قام النَّصارى بإجبار المسلمين على الدخول في دينهم، وصارت الأندلس كلُّها نصرانية، ولم يبق فيها من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله إلَّا من يقولها في قلبه وفي خُفْية من الناس وجعلت النواقيس في صوامعها بعد الأذان، وفي مساجدها الصِّور والصُلبان، بعد ذكر الله وتلاوة القرآن، فكم فيها من عين باكية وقلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعذورين لم يقدروا على الهجرة واللحاق بإخوانهم المسلمين قلوبهم تشتعل ناراً، ودموعهم تسيل سيلاً غزيراً، وينظرون إلى أولادهم وبناتهم يعبدون الصُلبان، ويسجدون للأوثان، ويأكلون الخنزير والميتات، ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات، فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم



كانت تلك المحاكم والدواويين تلاحق المسلمين حتى تظفر بهم بأساليب بشعة تقشعر لها القلوب والأبدان, فإذا عُلم أنَّ رجلاً اغتسل يوم الجمعة يصدر في حقه حكماً بالموت، وإذا وجدوا رجلاً لابساً للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيَصدر في حقه الإعدام.



لقد تابع النَّصارى الصليبيون المسلمين حتى إنهم كانوا يكشفون عورة من يشكّون أنه مسلم فإذا وجدوه مختوناً أو كان أحد عائلته كذلك فليعلم أنه الموت ونهايته هو وأسرته



وكان دستور محاكم التفتيش في ديوان التحقيق يجيز محاكمة الموتى والغائبين وتصدر الأحكام في حقهم وتوقع العقوبات عليهم كالأحياء, فتصادر أموالهم وتعمل لهم تماثيل تنفذ فيها عقوبة الحرق, أو تنبش قبورهم وتستخرج رفاتهم لتحرق في موكب "الأوتودافي" وكذلك يتعدَّى أثر الأحكام الصادرة بالإدانة من المحكوم عليه إلى أسرته وولده فيقضي بحرمانهم من تولي الوظائف العامة وإمتهان بعض المهن الخاصة.



وكان أعضاء محاكم التفتيش يتمتعون بحصانة خارقة وسلطان مطلق تنحني أمامه أية سلطة وتحمي أشخاصهم وتنفذ أوامرهم بكل وسيلة وكان من جراء هذه السلطة المطلقة أن ذاع في هذه المحاكم العسفُ وسوء استعمال السلطة والقبض على الأثرياء بل كثيراً ما وُجِدَ بين المحققين رجالٌ من طراز إجرامي لايتورعون عن ارتكاب الغصب والرشوة وكانت أحكام الغرامة والمصادرة أخصبَ مورد لاختلاس المحققين والمأمورين وعمال الديوان وقضاته, وكانت الخزينة الملكية ذاتها تغنم مئات الألوف من هذا المورد, هذا بينما يموت أصحاب الأموال الطائلة في السجن جوعاً.



وكان العرشُ([7]) يعلم بهذه الآثام المثيرة ولايستطيع دفعاً لها, ولأنه كان يرى فيها في الوقت نفسه أصلح أداة لتنفيذ سياسته في إبادة الموريسكيين الذين ظلوا دائماً موضع البغض والريب وأبت أسبانيا النصرانية بعد أن أرغمتهم على اعتناق دينها أن تضمهم إلى حظيرتها وأَبَتِ الكنيسة الإسبانية أنَّ تؤمن بإخلاصهم لدينهم الجديد ولبثت تتوجس من رجعتهم وحنانهم لدينهم القديم وترى فيهم دائماً منافقين مارقين.



وإليك مايقوله في ذلك مؤرخ إسباني كتب قريباً من ذلك العصر وأدرك الموريسكيين وعاش بينهم حيناً في غرناطة: "وكانوا يشعرون([8]) دائماً بالحرج من الدين الجديد فإذا ذهبوا إلى القداس في أيام الآحاد فذلك فقط من باب مراعاة العرف والنظام, وهم لم يقولوا الحقائق قط خلال الاعتراف وفي يوم الجمعة يحتجبون ويغتسلون ويقيمون الصلاة في منازلهم وفي أيام الآحاد يحتجبون ويعملون, وإذا عَمَّدوا أطفالهم عادوا فغسلوهم سراًّ بالماء الحار, ويسمون أولادهم بأسماء عربية وفي حفلات الزواج متى عادت العروس من الكنيسة بعد تلقي البركة تنزع ثيابها النصرانية وترتدي الثياب العربية ويقيمون حفلاتهم وفقاً للتقاليد العربية"([9]).



وقد وصلت إلى المؤرخين وثيقةٌ هامة تلقي ضوءاً أكبر على أحوال الموريسكيين في ظل التنصير وتعلقهم بدينهم القديم وكيف كانوا يتحيلون لمزاولة شعائرهم الإسلامية خفية ويلتمسون من جهة أخرى سائر الوسائل والأعذار الشرعية.



ج- القواعد النَّصرانية الإسبانية في معاملة من أُكْرِهوا على النصرانية:



لقد نقل إلى المؤرخين (الدون روني) مؤرخ ديوان التفتيش الإسباني وثيقةً من أغرب الوثائق القضائية تضمنت طائفة من القواعد والأصول التي رأى الديون المقدس أن يأخذ بها المسلمين المتنصرين في تهمة الكفر والمروق، وإليك ماورد في تلك الوثيقة الغريبة.



"يعتبر الموريسكي أو العربي المتنَصِّر قد عاد إلى الإسلام إذا امتدح دين محمد، أو قال إنَّ يسوع المسيح ليس إلهاً وليس إلا رسولاً, أو أن صفات العذراء أو اسمها لاتناسب أمَّه، ويجب على كل نصراني أن يبلغ عن ذلك, ويجب عليه أيضاً أن يبلغ عما إذا كان قد رأى أو سمع بأن أحداً من الموريسكيين يباشر بعض العادات الإسلامية, ومنها أن يأكل اللحم في يوم الجمعة وهو يعتقد أن ذلك مباح, وأن يحتفل يوم الجمعة بأن يرتدي ثياباً أنظف من ثيابه العادية, أو يستقبل المشرق قائلاً باسم الله، أو يوثق أرجل الماشية قبل ذبحها، أو يرفض أكل تلك التي لم تذبح، أو ذبحتها امرأة, أو يختن أولاده أو يسميهم بأسماء عربية، أو يعرب عن رغبته في اتباعه هذه العادة، أو يقول إنه يجب ألا يعتقد إلا بالله وبرسوله محمد، أو يُقْسِم بأيمان القرآن، أو يصوم رمضان ويتصدق خلاله، ولايأكل ولايشرب إلا عند الغروب، أو يتناول الطعام قبل الفجر (السحور) أو يمتنع عن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر, أو يقوم بالوضوء والصلاة بأن يوجه وجهه نحو الشرق ويركع ويسجد ويتلو سوراً من القرآن, أو أن يتزوج طبقاً لرسوم الشريعة الإسلامية أو ينشد الأغاني العربية, أو يقيم حفلات الرقص والموسيقى العربية, أو أن يستعمل النساءُ الخضابَ في أيديهن أو شعورهنّ، أو يتبع قواعد محمد الخمس([10])، أو يلمس بيديه على رءوس أولاده أو غيرهم تنفيذاً لهذه القواعد, أو يُغَسِّل الموتى ويكفنهم في أثواب جديدة أو يدفنهم في أرض بكر, أو يغطي قبورهم بالأغصان الخضراء أو أن يستغيث بمحمد وقت الحاجة([11]) مُنْعِتاً إياه بالنبي ورسول الله, أو يقول إنَّ الكعبة أول معابد الله أو يقول إنَّه لم يُنَصَّر إيماناً بالدين المقدس, أو أنَّ آباءه وأجداده قد غنموا رحمة الله لأنهم ماتوا مسلمين"...انتهى كلامه.



د- ماذا فعل القساوسة بالمسلمين في أسبانيا إبان محاكم التفتيش:



لقد استمرت محاكم التفيش قروناً عدة وعندما احتل نابليون أسبانيا بعد قيام الثورة الفرنسية أصدر مرسوماً سنة 1818م بإلغاء محاكم التفتيش في إسبانيا، ولكن رهبان "الجزويت" أصحاب المحاكم الملغاة استمروا في القتل والتعذيب، فشمل ذلك الجنود الفرنسيين، فأرسل المريشال "سولت" الحاكم العسكري الفرنسي لمدريد الكولونيل "ليمونكي" مع ألف جندي وأربعة مدافع، وهاجم دير الديوان، وبعد احتلال الدير وتفتيشه عنوة لم يعثروا على شيء فقرر الكولونيل "ليموتكي" فَحْصَ الأرض، وعند ذلك نظر الرهبان إلى بعضهم نظرات قلقة أمر الكولونيل جنده برفع الأَبْسِطَةِ، فرفعت، ثم أمر بأن يصبوا الماء بكثرة في أرض كلِّ غرفة على حدة, ففعلوا فإذا الماء يتسرب إلى أسفل في أحدى الغرف، فعرفوا أنَّ الباب من هنا يفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جوار رِجْلِ مكتب الرئيس, وفُتِحَ الباب بقحوف البنادق، واصفرت وجوه الرهبان وكستها غَبَرَةٌ, وظهر سُلَّمٌ يؤدي إلى باطن الأرض ونزل القائد الكولونيل وجنده, ويذكر هذا الإنسان في مذكراته مايلي:



فإذا نحن في غرفة كبيرة مربعة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، ربطت بها سلاسل، كانت الفرائس تقيد بها رهن المحاكمة وأمام ذلك العمود عرش "الدينونة" كما يسمونه، وهو عبارة عن "دكة" عالية يجلس عليها رئيس الديوان، وإلى جانبيه مقاعد أخرى أقل ارتفاعاً معدة لجلوس جماعة القضاة ثم توجهنا إلى غرف آلات التعذيب، وتمزيق الأجسام البشرية.



وقد امتدت تلك الغرف مسافات كبيرة تحت الأرض, وقد رأيت بها مايستفز نفسي، ويدعوني إلى التقزز ماحييت رأينا غرفاً صغيرة في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الأفقية مُمدًّا بها حتى يموت, وتبقى الجثة في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من الأجداث البالية تُفتح كُوَّة صغيرة إلى الخارج، وقد عثرنا على عدة هياكل بشرية مازالت في أغلالها سجينة.



والسجناء كانوا رجالاً ونساءً تختلف أعمارهم بين الرابعة عشرة والسبعين، واستطعنا فكاك بعض السجناء الأحياء وتحطيم أغلالهم، وهم على آخر رمق من الحياة، وكان فيهم من جُنَّ لكثرة مالاقى من عذاب، وكان السجناء عرايا زيادة في النكاية بهم، حتى اضطر جنودنا أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها لفيفاً من النساء السجينات.



وانتقلنا إلى غرف أخرى فرأينا هناك ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم وكانوا يبدؤن بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين، وذلك كله على سبيل التدريج حتى تأتي الآلة على البدن المهشم، فيخرج من الجانب الآخر كتلة واحدة.



وعثرنا على صندوق في حجم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه الرأس المُعَذَّب، بعد أن يربط صاحبه بالسلاسل في يديه ورجليه فلا يقوى على الحركة وتقطر على رأسه من ثقب في أعلى الصندوق نقط الماء البارد، فتقع على رأسه بانتظام في كل دقيقة نقطة, وقد جُنَّ الكثيرون من ذلك اللون من العذاب، قبل أن يحملوا به على الاعتراف، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت.



وعثرنا على آلة ثالثة للتعذيب تسمى السيدة الجميلة، وهي عبارة عن تابوت تنام فيه صورة فتاة جميلة مصنوعة على هيئة الإستعداد لعناق من ينام معها، وقد برزت من جوانبها عدة سكاكين حادة, وكانوا يطرحون الشاب المعذَّب فوق هذه الصورة, ثم يطبقون عليه باب التابوت بسكاكينه وخناجره، فإذا أُغْلِق مُزِّق الشاب وتقطَّع إرباً إرباً.



كما عثرنا على جملة آلات لسل اللسان، ولتمزيق أثداء النساء وسحبها من الصدور بواسطة كلاليب فظيعة، ومجالد من الحديد الشائك لضرب المُعَذَّبين وهم عرايا حتى يتناثر اللحم عن العظم.



ولما شاهد الناس بأعينهم وسائل التعذيب جُنَّ جنونهم وانطلقوا -كمن به مسٌّ- فأمسكوا برئيس الدير ووضعوه في آلة التكسير، فدُقَّتْ عظامُه دقًّا، وسحقتها سحقاً.



وأمسكوا أمين سرِّه، وزفُّوه إلى السيدة الجميلة، وأطبقوا عليهما الأبواب، فمزَّقته السكاكين شر ممزَّق، ثم أخرجوا الجثتين، وفعلوا بسائر العصابة وبقية الرهبان كذلك.







النَّموزجُ الثَّاني



المسلمون في البوسنة والهرسك تحت حكم النَّصارى؟



لعلك سمعت عن مأساة المسلمين في البوسنة والهرسك, فلقد شاهد العالم أجمع ما فعله الصرب النَّصارى بالمسلمين هناك, وأنْ أُخبرك بما حدث كاملاً فإننا نحتاج من الوقت الكثير, ولكن دونك هذا المقتطفات من دروس الشيخ سلمان العودة أثناء أزمة البوسنة والهرسك وهو يحكي جانباً مما حدث هناك, وإليك كلمات الشيخ:



"لعل أول ما يخطر في البال هو ما يلاقيه المسلمون في جمهورية البوسنة والهرسك، فعدد الهاربين اللآجئين إلى دول العالم من هذه الجمهورية المسلمة يزيد على مليوني إنسان!! وعدد الشباب الذين حُشدوا وحُشِروا في معسكرات الاعتقال الصربية، أكثر من مائة ألف إنسان!! حشروا فيما يزيد على أربعين معسكراً، في أوضاع وظروف مأساوية لا يمكن تصورها، والكثيرون منهم هم عبارة عن هياكل عظمية ليس فيها إلا هذه الأنفاس التي تتردد، إمَّا بَقِيَّةٌ مِن حياةٍ وإلا فالموت منهم قاب قوسين أو أدني! هذا الحصار على البقية الباقية من أرض المسلمين هناك وإلاَّ فإن أعداء الإسلام قد سيطروا على نحو (70%) من الأرض الإسلامية، أمَّا (30%) فهي المنطقة التي تدور فيها حرب الشوارع، ويقتل فيها المسلمون في بيوتهم، أما الحديث عن الاعتداء على أعراض المسلمات بالقوة والاغتصاب من قبل جنود الصرب، فهو حديثُُ بشعٌ فظيعٌ فوق مستوى ما يتصوره إنسان.



أما الحديث عن الآلاف من الأطفال الذين منهم من قتل بصورة بَهِيمية بشعة، والكثيرون منهم وصلوا إلى البلاد الأوروبية، حيث يُنَصَّرُون هناك، ويكفي أن تعلم أن ألمانيا فقط استقبلت ما يزيد على مائتي ألف إنسان مسلم من تلك البلاد!! وحدِّث ولا حرج عن البلاد الأخرى وهى كثيرة في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكرواتيا وصربيا وفي بلاد أخري كثيرة.



لم يكتف العدو بالحصار، ولم يكتف بحرب الشوارع، بل أصبحت الطائرات تقصف المدن الإسلامية بقسوة وضراوة، وأصبحت تستخدم حتى القنابل المحرمة دولياًّ كقنابل النابالم، والقنابل والأسلحة الكيماوية والجرثومية والعنقودية وغيرها، والعالم كله يتفرج, ويطمئن الصربُ لأنه لا يمكن أن يتدخل ولا يفكر في التدخل لأن البوسنة والهرسك ليست الكويت.



وأوروبا قالتها صريحة: نحن لا نريد دولة إسلامية أصولية في أوروبا، والرئيس بوش حذر رئيس البوسنة والهرسك (علِي عزت) من العرب والأصوليين، وقال: هذه خطوط حمراء يجب أن تقفوا دونها, فماذا يملك المسلمون؟! حتى الإغاثة تتم تحت سيطرة الأمم المتحدة، وهناك معلومات مؤكدة حتى في الصحف غير الإسلامية، تؤكد أنَّ مندوبي الأمم المتحدة سواءً من العسكريين، أو القائمين على أعمال الإغاثة، أنهم ينحازون دائماً إلى جانب الصرب، وهاهنا تقارير عدة في مجلة المجتمع، وفي مجلة روز اليوسف المصرية، وفي تقارير غربية كثيرة، تؤكد انحياز موظفي الأمم المتحدة إلى جانب الصرب، لأنهم في الغالب من النَّصارى، حتى في موضوع الإغاثات والمساعدات الإنسانية" انتهى كلام الشيخ سلمان العودة.



وهذه كلمة من كلمات الداعية الكبير الشيخ محمد حسان([12]) وهي بعنوان: الحقد الصربي في البوسنة والهرسك وكان ذلك أيضاً أثناء تلك الأزمة:



" أيها المسلمون! هل سمعتم بمجزرة إخوانكم في جمهورية البوسنة والهرسك الإسلامية؟! يا من تلذذتم بالفراش! يا من تلذذتم بالطعام! يا من تلذذتم بالشراب! يا من عافستم الأزواج والأولاد! يا من وضعتم بين أيديكم أصناف وألوان الطعام والشراب! هل سمعتم بما حدث لإخواننا وأخواتنا المسلمات في جمهورية إسلامية، في قلب جزيرة البلقان، في يوغوسلافيا، هل سمعتم ما حدث لإخوانكم المسلمين في جمهورية البسنة والهرسك؟! أيها المسلمون في كل مكان! أيها الغافلون النائمون! انتبهوا، استيقظوا، أفيقوا واطردوا النوم والغفلة عن عيونكم، وعن قلوبكم؛ لتعلموا أن الحروب الصليبية ما انتهت ولن تنتهي إلا إذا شاء الله، وإلا إذا عاد المسلمون إلى ربهم جل وعلا، وإلى إسلامهم، إلى مصدر عزهم، وإلى مصدر شرفهم.



هل سمعتم ماذا يفعله النَّصارى في يوغوسلافيا بإخواننا وأخواتنا في جمهورية البوسنة والهرسك المسلمة؟! والله إنَّ العين لتدمع، وإن القلب ليتمزق، وإنَّا لما يحدث لإخواننا على مرأى ومسمع من الدنيا لمحزونون! أين دعاة حقوق الإنسان؟! أين الذين ينتمون للديمقراطيات؟! أين الذين يرقصون على مسرح حرية الاعتقادات؟! خرست ألسنتهم! وماتت قلوبهم! حلال لهم حرام على الموحدين، حرام على المسلمين! على مرأى ومسمع من الدنيا، يُذْبح المسلمون ذَبْحَ الخراف وهم ينظرون!! فتعالوا بنا لعلَّ الأعينَ الجامدة أن تدمع، ولعل القلوب الميتة أن تحيا، وأن تستيقظ وأن تقوم من سباتها العميق، وأن تنفض عن كاهلها غبار الوسن والنوم الذي طال وطالت مدته، تعالوا بنا لنطير على جناح السرعة إلى إخواننا وأخواتنا, إلى المسلمة التي صرخت بأعلى صوتها: وا إسلاماه! وا معتصماه! تقول: يا مسلمون هُتِك عِرضي! وبُقرت بطني! ووضع قائد المليشيات النصراني الكافر نطفةً حية في بطنها! وسخر وضحك بأعلى صوته وهو يقول لها: هأنا أريد أن أرى هل ستنجبين ذكراً أم أنثى؟! على مرأى ومسمع من الدنيا، على مرأى ومسمع من المسلمين السُّذَّج! من المسلمين الذين فتحوا بلادهم للنصارى! وفتحوا قلوبهم للنصارى! وفتحوا بيوتهم للنصارى! ويأتي المسلمُ الغافل ليسألني ويقول لي: يا شيخ! إنَّ لي صاحباً نصرانياً، هل عليَّ إثم في زيارته؟! اسمعوا أيها الغافلون! ماذا يصنع النَّصارى بإخواننا الموحدين، إنَّ أخواتنا المسلمات ينادين ويقلن: واإسلاماه! واإسلاماه! وامعتصماه! ولكن: ما ثَمَّ معتصمٌ يُغيث من استغاث به وصاح! ذبحوا الصبي وأمَّهَ وفتاتها ذات الوشاح وعَدُوا على الأعراض في انتشاء وانشراح يا ألف مليون([13]) وأين همُ إذا دعت الجراح, ما ثَمَّ معتصم يغيث مَن استغاث به وصاح يا الله! قَلَّ الظَّهيرُ، وقَلَّ الْمُعِين، وانعدمت المروءة، وانعدمت الشهامة، وانعدمت النخوة، وضاع عهد الرجال وأتى عهد النساء، وأقبل عهد الحريم! فلتزلزلي يا أرض! ولتزمجري يا جبال! ولتزمجري يا سماء! مضى عهد الرجال وأتى عهد النساء، وذُبِح المسلمون تذبيح الفراخ، هُتكت أعراضُ نسائنا، هتكت أعراض أخواتنا، تصرخ عليك المسلمة وتقول: يا مسلم! يا أخي في الله! بُقرت بطني، وهُتك عرضي، وضاع شرفي ولكن أين الإسلام؟! وأين المسلمون؟! وأين المعتصم؟ إنا لله وإنا إليه راجعون!



مجازر على مرأى ومسمع من العالم([14]):



وتمتد هذه المجزرة يا عباد الله! ففي الأسبوعين الماضيين حدثت مجزرة جماعية كبرى للمسلمين والمسلمات في جمهورية البوسنة والهرسك، على مرأى ومسمع ممن يتغنون بحقوق الإنسان وحقوق حرية الاعتقادات وغيرها! ما الذي حدث؟! وما الذي جرى؟! والنَّصارى في كل مكان يباركون هذه المجازر وهذه الدماء التي سفكت رخيصة لا قيمة لها، والمسلمون يفتحون بلادهم للنصارى ويفتحون قلوبهم للنصارى، ويفتحون أعمالهم للنصارى، والنَّصارى في كل بلاد المسلمين يأكلون ويشربون ويتنعمون! وتمت المجزرة بتوجه قائد الملشيات الصربية النصرانية الفاجر الكافر إلى قرية من قرى جمهورية البوسنة والهرسك، وأطلق عليها نيران مدفعيته الثقيلة فأبادها على رءوس أطفالها ورجالها ونسائها! وراح الجنود يمثلون بجثث المسلمين والمسلمات، ويسكبون على هذه الجثث الطاهرة زجاجات الخمر التي كانت بأيديهم، ويرسمون بالسكاكين الصلبان على أجسادهم الطاهرة! لماذا؟ لأن عقيدة الذبح عند النَّصارى الصرب يتعلمونها في المدارس وفي الكنائس، بل ويؤيد ذلك البرلمان الصربي! فقد أصدر البرلمان الصربي قراراً بأن ذَبْحَ المسلمين وذبح المسلمات إنما هو قربان إلى الله جلَّ وعلا." انتهى كلام الشيخ.



النَّموزجُ الثَّالثُ: قَسْوَةُ نصارى الفلبين وغِلْظَتُهم على المسلمين



أما ما حدث للمسلمين في الفلبين فهو لا يختلف كثيراً عن ما حدث في أسبانيا والبوسنة ودونك جانباً مما جرى هناك, وقد سقته إليك من مجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة:



((فقد تآمر رئيس الفلبين النَّصراني ماركوس([15]) والرهبان والقسس في الفلبين بإمداد من اليهود في فلسطين، ومن النَّصارى في الدول الغربية على المسلمين وقرروا إبادتهم وأُنْشئت مُنظمةٌ نصرانية إرهابية أطلق عليها: (إيلاجا) أي جماعة الفئران على اعتبار أنها منظمة شعبية، والواقع أنَّ ماركوس هو الذي أمدَّها وأيَّدها بكل الوسائل، بل يقال: إنَّه هو الذي أنشأها، وقد ارتكبت هذه المنظمة من الفظائع ما يترفع عنه وحوش الغاب، فطردت المسلمين من ديارهم وأرضهم، وأحرقت بيوتهم ومساجدهم ومزارعهم ومصاحفهم، وقتلوا علماءهم وأئمتهم، وهتكوا أعراض نسائهم ومثلوا بشهدائهم، حيث يقطعون رءوس الأطفال وآذان الرجال وأثداء النساء، وينالون جوائز على هذا التمثيل من المنظمات السِّرْية مقابل كلِّ أذن أو رأس أو ثدي يحضرونه))([16]).



وفي النهاية كنت أَوَدُّ أنَّ أُكَلِّمُكَ عن ما يحدث للمسلمين على يد النَّصارى وغيرهم في العراق وأفغانستان والشيشان والصين وبلاد أُخرى كثيرة, ولكن هذا يؤدي بنا إلى التطويل وهو ما لا أريده.



وفي الختام أدعو الله عز وجل أن ينفع بتلك الكلمات هؤلاء المسلمين الذين لا يعرفون عن دينهم شيئاً ولا يعرفون ما الذي يدبِّره النَّصارى لهم. وأسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وسببًا للفوز بالرضى والقبول، وأن ينفع الله به المسلمين والمؤمنين، وأن يجمعنا مع نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة ويحشرنا تحت رايته بعد أن يحيينا على سنته ويمتنا على شرعته.







--------------------------------------------------------------------------------



([1]) هذه الوقعة كاملةً اختصرت من كتاب دولة الموحدين/ الفصل الثالث لعلي محمد محمد الصَّلابي.



([2]) المؤرخ محمد عبد الله عنان صاحب كتاب ديوان التحقيق والمحاكمات الكبرى, وكتاب عصر المرابطين والموحدين في المغرب والأندلس طُبِع في القاهرة 1964م.



([3]) يعني الشروط السابقة.



([4]) جاء في الموسوعة العربية العالمية عن محاكم التفتيش مايلي: محاكم التفتيش هيئات أنشأتها الكنيسة الرومانية الكاثوليكية للقبض على من سموهم المهرطقين المارقين -لأشخاص المعارضون لتعاليم الكنيسة- ومحاكمتهم. أقيمت محاكم التفتيش في كثير من أجزاء أوروبا، ولكن محكمة التفتيش الأسبانية كانت هي الأكثر شهرة. وأشهرها تلك المحاكم التي أقامها فرديناند الخامس وزوجته إيزابيلا للتجسس على أهل الأندلس الذين فرضت عليهم النصرانية، وقد نَكَّلَتْ بالمسلمين بوحشية.



([5]) أسماء لبعض الأماكن في أسبانيا.



([6]) فرديناند وزوجته إيزابيلا.



([7]) يعني مَلِك النَّصارى.



([8]) يعني المسلمين الذين دخلوا في دين النَّصارى قهراً.



([9]) انتهى كلام المؤرخ الأسباني.



([10]) لعله يشير إلى حديث بُنِيَ الإسلام على خمسٍ.



([11]) وَضْعُ الأغصان الخضراء غير مشروع وكذلك الإستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره.



([12]) راجع دروس الشيخ على الشبكة العنكبوتية.



([13]) يعني يا ألف مليون مسلم.



([14]) هذا تكملةٌ لدرس الشيخ محمد حسان.



([15]) كان رئيساً للفلبين آنذاك.



([16]) راجع مجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، العدد الثالث من السنة الخامسة محرم سنة 1393هـ / فبراير 1973م ص 105 وما بعدها.









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق