عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الأحد، 5 فبراير 2012

ليلة القبض على سوزان ثابت

ليلة القبض على سوزان ثابت








هشام النجار
05-02-2012 15:00



المشهد لسوزان ثابت، وهى تبكى ملكها راكعة على أرضية قصر العروبة لا تريد مفارقة الكنوز والنفوذ والملك العريض، والمشهد ممتد لسوزان وهى تحاول بكل ما تملك من أعوان وأموال وخيانات لإعادة هذا الملك مرة أخرى ولو بالدم والهدم.. سوزان تعاكس حركة التاريخ وتريده أن يتوقف ويثبت عند نقطة بعينها، وهذا مستحيل؛ لأن حركة التاريخ لا يتحكم فيها بشر، وقد حاول ماركس وانجلز فى بيانهما الشيوعى الأول الذى كان عنوانه "القوانين العلمية لحركة التاريخ" بقرار بشرى عجيب أن الشيوعية هى المحطة الأخيرة، وأنها هى التى ستحكم حتى النهاية فكان مصيرها السقوط والانهيار السريع.. وكذلك فى المعسكر الغربى الرأسمالى قال فوكاياما إن الرأسمالية هى الحاكمة حتى نهاية الكون فى كتاب عنوانه يلخص الغرور والاستكبار البشرى "نهاية التاريخ "، لكن فوكاياما نفسه عاد بعد عشر سنوات من كتابه هذا وكتب مقالاً يتراجع فيه عن تلك الفكرة القاصرة المستكبرة، وبعد "نهاية التاريخ" الذى توهم فيه أن النظام الغربى الليبرالى فى السياسة والرأسمالى فى الاقتصاد هما وحدهما النظامان اللذان يتناسبان مع الفطرة الإنسانية؛ بزعمه، يعود فوكاياما ويعترف فى كتابه "الانفراط العظيم" بضرورة العودة إلى القيم الإنسانية بعد مظاهر التفكك والتمزق وازدياد مظاهر الجريمة التى أصابت الأسرة والمجتمع فى أوروبا، أى أنه يدعو ضمنياً إلى العودة إلى الإسلام، قبل أن يحدث "الانفراط العظيم"!



سوزان ثابت التى كانت تقدم نفسها للمصريين وللعالم كمثال للمرأة المتنورة المثقفة ليست سوى امرأة جاهلة ضحلة التفكير، فقيرة الخيال، فقد ظنت كما ظن ماركس وفوكاياما فى البداية أن قوانين التاريخ متاحة للبشر يتحكمون فيها كيف يشاءون، وليست – كما يقرر توينبى– عجلة محمولة على محور، تعيد إنتاج دورتها، والمحور ينقل القدر الإنسانى طبقاً عن طبق إلى ما هو خير وأبقى، كما يقرر المتحكم الوحيد فى حركة التاريخ جل شأنه فى كتابه الخالد أن "الزبد يذهب جفاء، وأن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال".



لا تدرى سوزان ثابت عن حركة التاريخ شيئاً، لذلك نتابع اليوم غشمها وغباءها وتحديها لعجلة التاريخ فى محاولات مزرية بائسة لإيقافها على مجدها الأسطورى وعلى ملك زوجها وابنها، بينما عجلة التاريخ تدور وعما قليل ستدهسها وكل من تتقوى بهم للوقوف أمام إرادة الله النافذة.



سوزان ثابت تسعى فى مشهد جنونى دموى بما تملكه من أموال وفلول لتثبيت حركة التاريخ! ألم تقرأ تلك الجاهلة كيف سقطت الشيوعية التى أراد واضعوها تثبيت حركة التاريخ عليها؟ ألم تقرأ تلك الجاهلة كيف ينهار اليوم النظام الرأسمالى الغربى الذى يتحسب منظرو ومفكرو وكتاب الغرب اليوم للحظة القوط الكبرى؟



سوزان ثابت أرادت الانتصار فى مصر للثقافة الفرنسية والقيم الفرنسية والأخلاق الفرنسية.. مستخدمة وزيرها فاروق حسنى كرأس حربة، لكن ألم يرن فى أذنها يوماً ما قاله لاكوست وزير المستعمرات الفرنسى "وماذا أفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا"؟؟



سوزان ثابت أرادت الانتصار فى مصر للثقافة البريطانية والقيم البريطانية حيث اعتبرت نفسها بمثابة اللورد كرومر والمندوب البريطانى فى مصر، لكن ألم تطلع تلك الجاهلة على رأى أحد أهم وأكبر فلاسفة بريطانيا جورج برناردشو، وقد سأله قومه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عن المخرج من نكستها التى منيت بها فى الحرب فأجاب فيلسوف بريطانيا وأديبها المعروف فى كلمة واحدة: "الإسلام"، وقال الرجل "لو كان محمد صلى الله عليه وسلم نبى الإسلام حيًا لحل مشكلات العالم وهو يحتسى فنجانا من القهوة"!



لا أحد يا سوزان ولا إمبراطورية ولا أية قوة فى العالم تملك إصدار واتخاذ قرارك الغبى بالاستمرار حتى النهاية.. وكل حاكم وكل إمبراطورية وكل قوة فى العالم قالت إنها ستستمر إلى الأبد وستحكم وستتوارث الحكم طواها النسيان، لتدور عجلة التاريخ.. وصولاً لما هو خير وأبقى.



هتلر يا سوزان، قال فى كتابه "كفاحى" إنه سيقيم إمبراطورية الألف عام.. هذا كان قرار هتلر.. هذا قرار البشر، أما قرار الخالق وحكمه" والله يحكم لا معقب لحكمه"، فقد قدر الله جل وعلا اختزال الألف عام فى اثنتى عشرة سنة فقط.. قتل هتلر رميًا بالرصاص وانتحرت عشيقته.



موسولينى الزعيم الفاشى الشهير يا سوزان.. سعى لإحياء الإمبراطورية الرومانية من جديد، وقف ذات يوم فى شرفة قصره فى روما مخاطبا الإيطاليين قائلا: "سنغرز راياتنا فوق النجوم فى الفضاء".. بعد أن غزا إثيوبيا وانتصر على المجاهدين فى ليبيا بقيادة المجاهد الليبى العظيم عمر المختار.. فماذا حدث لموسولينى الذى أراد أن يمتد سلطانه ونفوذه إلى الفضاء؟ فما لبث بعد خمسة عشر عامًا فقط أن هزم شر هزيمة، وأصبح الثائرون عليه يلاحقونه فى كل مكان، وهو يهرب منهم كالفأر المذعور حتى ألقوا القبض عليه متخفياً فى زى ألمانى فى أحد الأتوبيسات.. وحوكم وأعدم هو وعشيقته، ثم علقوهما من أرجلهما، عقاباً على خيانتهما واحتيالهما على الإيطاليين.



زين العابدين.. يا سوزان، الذى كان يلاحق المصلين ويمنع الصلوات وقراءة القرآن.. قيل إنه لم يجد علاجًا لأزماته واضطراباته النفسية بعد هروبه إلا فى قراءة القرآن.. لم يجده فى الأدوية المهدئة ولا المنومات ولكن وجده فى القرآن الذى كان يمنعه ويمنع قراءته فى المساجد! وزوجته لم تجد حيلة لكى تمشى بحرية فى شوارع جدة للتسوق والشراء إلا بارتداء الحجاب.. الحجاب الذى كانوا يحاربونه ويلاحقون من ترتديه فى تونس فى الشوارع ووسائل المواصلات!



والقذافى.. يا سوزان، الذى وصف شعبه بالجرذان وأراد أن يحكم العالم كله وليس ليبيا فقط وليس إفريقيا فقط.. فكانت لديه أحلام جنونية لحكم العالم والسيطرة عليه هو وعائلته بأموال الشعب الليبى وبخيرات ليبيا وكنوزها، فأذله الله وجعل نهايته كما شاهد العالم شبيهة بنهاية فار أجرب عريان.. فالقرار ليس بيد القذافى، إنما هو قرار كونى إلهى فوقى يرتبط بمسيرة التاريخ ومصائر الأمم.



وزوجك اليوم.. يا سوزان، مبارك الذى حكم بفلسفتك وتوجيهك بالحديد والنار.. وأفقر شعبه وأذله وأمرضه وأجاعه وأهانه.. هاهو يتجرع من نفس الكأس حتى الثمالة، فبعد أن كان شعبه لا يجد أحدًا ينقذه منه ومنك ومن ولدك.. ها هو يستنجد ويستغيث ذليلاً على سريره المتحرك فلا يجد أحداً ينقذه من شعبه عندما قرر القصاص منه.



ألا تذكرين يا سوزان ليلة القبض على إيلينا شاوشيسكو وزوجها طاغية رومانيا نيكولاى شاوشيسكو.. لقد وقف شاوشيسكو وزوجته أمام عجلة التاريخ فدهستهما، تمسكًا بالشيوعية بعد أن سقطت وماتت وشبعت موتاً، فأفقرا شعبهما وأجاعا الرومانيين، فقرروا القصاص من الطاغية وزوجته، لتدور عجلة التاريخ وصولاً لما هو خير وأبقى، فت اقتياد الزوجين معصوبى العينين إلى أحد معسكرات الجيش الرومانى خارج العاصمة بوخارست، وهناك أعدما، وقد تطوع ثلاثمائة رومانى لتنفيذ حكم الإعدام بالطاغية الرومانى وزوجته.



تعجلى أكثر وأكثر يا سوزان فى إعادة ملكك ونفوذك وكنوزك وقصورك.. تعجلى وأوغلى أكثر فى الدماء البريئة، فإننى أرى ليلة القبض عليك قريبة جداً يا سوزان.



أقرب مما تتخيلين.



إننى أرى فى سورة الرعد العظيمة مشهد سوزان وعائلتها هنا فى هذه الآية الخالدة بعد أن ضرب الله تعالى المثل الكبير، الذى يعبر عن حقيقة كونية خالدة، أما ما ينفع الناس هو الذى يمكث فى الأرض، انظروا معى هنا إلى مبارك وزوجته وعائلته فى قوله سبحانه: "للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به، أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد".





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق