عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الثلاثاء، 7 فبراير 2012

ابتسامة حبيب العادلى المُستفزة.. تفتح خزينة الأسرار

ابتسامة حبيب العادلى المُستفزة.. تفتح خزينة الأسرار

د. أحمد عبد الدايم محمد حسين
30-01-2012 15:46



الابتسامة الخفية فى السياسة كالسجادة المليئة بالعقد، لا تُوحى لعينيك بشىء ملموس يمكن الإمساك به. أما الابتسامة العريضة الواضحة كالسجادة المزركشة بأجمل الفنون، تُجبرك أن تتلمس أسرارها وخباياها. هكذا تجبرنا ابتسامة حبيب العادلى، وزير الداخلية الأشهر فى نهاية عهد مبارك، لأن نجعل لها موضوعاً يستحق النظر، كونها مُحملة بالعناوين المبيتة، والمضامين المليئة بالأسرار، لكن أهم ما يعنينا هنا، أنه فى الوقت الذى تنتظر فيه غالبية الشعب المصرى اقتياده إلى المشنقة ذليلاً خاضعاً منكسراً، يطل علينا مستفزاً بتلك الابتسامة الخبيثة، التى تبث الفتنة وتزرع اليأس والقنوط فى قلوب المكلومين فى أبنائهم وأمنهم وأرزاقهم، فابتساماته المُستفزة خلال جلسات المحاكمة له ولمبارك، قد أثارت الاحتقان فى قلوب الثوار، وأشعرتهم بأنه يخرج لسانه لهم، وأنه شخص على درجة فائقة من البرود وعدم الإحساس بالمسئولية.



ورغم ما قيل من تحليل لتلك الابتسامة بأنها مصطنعة لإقناع نفسه بالاطمئنان، وأنه يُظهر عكس ما يبطن، وأنها تنم عن شخصية تشككية، تتسم بالفردية وتجاهل الآخرين، إلا أن اَخرين صفَّقوا لها ومدحوها، لا حباً فيها ولكن لمغزاها ومضمونها. السؤال يطرح نفسه، هل العادلى يقصد هذا الاستفزاز للشعب؟ أم أن الأمر وراءه خبايا وأسرار؟ الإجابة تقول بأن ابتسامته المستفزة تخفى حرباً مشتعلة بين زميلى القفص المتخاصمين، مبارك وحبيب العادلى؛ بدليل تهليل القوى التى تسانده لها. وبنظرة للوراء قليلاً، يمكننا إيجاد تفسير لتلك الحرب المبطنة بين الرجلين والقوى التى تقف خلفهما. وحتى تكتمل القراءة لأسرار تلك الابتسامة وخفاياها، نختار من بينها خمس ابتسامات فقط لتحليلها:



الابتسامة الأولى، وهى التى شارك فيها مع بلدياته من رجال الداخلية فى احتفال عيد الشرطة لسنة 2010 . فتلك الابتسامة وما تحويه من غمز ولمز فى حق مبارك، وتركيز الكاميرا عليها، لتنقل الرسالة داخليًا وخارجيًا بأن الشائعات التى حيكت حول الرجل، قد نزعت منه الاحترام الواجب فى مثل هذه المناسبات، يدرك بأن ما قاله فريد الديب خلال جلسات المحاكمات عن تأييد مبارك للثورة، ربما يكون صحيحاً. فما حدث له فى تلك المناسبة، جعلته يقتنص فرصة مظاهرات 25 يناير 2011 ليتشفى فى الداخلية، وهى تنهار وتركل بالأقدام والأحذية. وربما يختلف البعض مع هذا الطرح، بحجة أن انهيار الشرطة هو انهيار لحكمه، فكيف يستساغ هذا الأمر نظرياً؟ وفى هذه الحالة يمكننا تقديم حجة مضادة، بأن قولهم ربما يكون صحيحاً، إذا كان الرجل قد ضمن الحكم له أو لابنه. لكن طالما وصلته الرسائل من مقربيه، بأنه لن يدخل فى الحسابات الرئاسية القادمة، فمن الطبيعى ألا يبدو كالمغفل الذى حكم على نفسه بنفسه، ويكون قد شارك بنفسه فى استبعاده من الحكم بطريقة شرعية.



الابتسامة الثانية، وتلك عرضها التليفزيون المصرى يوم 25 يناير 2011 فى برنامج حديث المدينة. وبدا فيها وكأنه غير مهتم بما حدث من مظاهرات فى ذلك اليوم. وهى بلاشك ساعدت فى إنتاج جمعة الغضب يوم 28 يناير.



الابتسامة الثالثة، وتلك نقلها لنا المقربون منه يوم 28 يناير 2011، حينما أمر مبارك الجيش بالنزول للشارع، ففى ظل تلك الأحداث الجسام وقتل الثوار، أطلق العادلى ابتسامته المستفزة متبوعة بقوله "خلى الجيش ينفعك"، لتعكس تلك الحرب بين قوتين تديران البلد، وهما فى حالة عدا ومكر شديدين، وكل منهما يسعى لتوريط الاَخر، وهذه الابتسامة ربما تكون هى الوحيدة التى خرجت لتخفى هزيمتها، وهزيمة فريقها المسيطر على البلد بالحديد والنار؛ ولتعلن بأن الرباط الذى جمع بينهما طيلة 30 سنة قد انفرط دون رجعة، مع أن كليهما يستخدم الشعب وقوداً لمعركته.



الابتسامة الرابعة، وهى التى انطلقت فى أول جلسة جمعت بينه وبين مبارك، وهذا الابتسامة هى الأشد تأثيراً ودلالة، فهى تخفى قدراً من الغمز واللمز، وتنطق بالشائعات والأقاويل التى حاكها ورجاله حول مبارك. وربما تكون هى السبب الرئيسى فى مشهد الرئيس المقعد عن الحركة، بل من المرجح أن سرير المرض ما هو إلا حيلة ذكية من مبارك، لتجنب أى ابتسامة يطلقها العادلى شماتة فيه، وهى نفسها التى تشرح مسألة التخلص من المكالمات المسجلة بين الرجلين، وبين العادلى ورجاله، لاحتمال تضمنها كلاماً نابياً وجارحاً وغمزاً ولمزاً وقدحاً فى الرجل، وطعناً فى أصله وفصله، ومن هنا تأتى رباطة جأش العادلى وابتسامته لتقول بأنه مثلما حاصرناك فى سلطانك، سنحاصرك لنرغمك على عدم الحديث عن أى شيء، وإلا.



الابتسامة الخامسة، برزت هذه خلال مرافعة فريد الديب الأخيرة، ولعل تسريبها لوسائل الإعلام فى ظل قرار منع النشر، لا يكشف لنا تلك القوى التى تحارب بعضها بعضًا على حساب الوطن فقط ، بل يوصل رسالة للقوى المضادة، بأن يعملوا على تستيف القضية بدلاً من إظهار الفضائح لهم؛ ابتسامة العادلى فى المرة الأخيرة تعبر عن نصر لا عن هزيمة. فبعدما حدث ما حدث مع الجيش، تأتى تلك الابتسامة لتقول بأننا موجودون فى كل مكان، وأن القوى الأخرى سلاحها ضعيف.



لعن الله جميع المشاركين فى بث تلك الابتسامات وتسريبها للناس، دون شعور بأدنى مسئولية بمدى تأثيرها وتصديرها للإحباط واليأس فى قلوب المكلومين من أبناء وطننا العزيز. ولعن كل القوى الخبيثة التى تهتم بمصالحها فقط، ولا تلقى بالاً لأى اَلام يمكن أن تسببها للاَخرين.



د. أحمد عبد الدايم محمد حسين



أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر جامعة القاهرة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق