عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 24 مارس 2011

سامحك الله يا شيخ يعقوب!!

سامحك الله يا شيخ يعقوب!!



عصام تليمة | 24-03-2011 00:55

صدمت بشدة من الكلمات التي صرح بها الشيخ محمد حسين يعقوب، حول نتيجة الاستفتاء على المواد التي عدلت في الدستور، والتي طلب من الشعب أن يقول: إما نعم، وإما لا عليها، وكانت الأغلبية مع من قالوا: نعم. وإذ بتصريحاته بأنها كانت غزوة وكان النصر فيها للدين، وأن من لم يقبل بها فعليه أن يرحل حيث يشاء. وأود أن أقف هنا عدة وقفات مع الشيخ وتصريحاته الصادمة للجميع.

أولا: من خرج وقال: نعم، أراد بذلك خدمة وطنه، ومن خرج وقال: لا، أراد بذلك خدمة وطنه، كل بما فهم، وكل ما لاحت له مصلحة الوطن في أي من الكلمتين: نعم، أو لا.

ثالثا: مسألة النيات والقلوب، في المصلحة التي يرتجيها من قال: لا، أو من قال: نعم، أمر موكول إلى الله، وليس لنا أن نشق عن قلوب الناس، لنقول: إن نوايا من قالوا: لا، أرادوا به التلاعب والطعن في المادة الثانية من الدستور، وأن نيتهم الهجوم على الإسلام، فكل هذه نيات لا يعلمها إلا الله، وحتى لو طالبوا بإعادة النظر في المادة الثانية من الدستور، وكل المواد، مرحبا بكل من يريد، والاستفتاء والاقتراع الحر فيصل وحاكم بين الجميع، ولسنا أوصياء على أحد من الشعب، فضلا عن الشعب المصري كله. ولذا لا يجوز منطق التخوين الذي ساد في لهجة ولغة بعض من علقوا على هذا الاستفتاء قبل وبعد.

ثالثا: من حق من صوت بنعم، أن يفرح بنتيجة تصويته، فهو أمر طبيعي، أن الإنسان يسر بأن ما تبناه من رأي كانت النتيجة معه، لكن ليس من حقه أن يكون فرحه مشتملا على شماتة، أو تقريع للطرف الآخر، ما دمنا قد اتفقنا أن كل من صوت بنعم أو لا أراد مصلحة وطنه، والكل متفق على الهدف العام، تعديل الدستور كاملا، بما يناسب مصر بعد ثورتها، لكن الخلاف متى يتم التعديل الكامل؟

فليس مقبولا إذن أن نكبر، وأن نعلن أنها غزوة؛ (غزوة الصناديق). فنحن لسنا في حرب مع أبناء وطننا وأمتنا، سواء من قال نعم، أو قال: لا، وفي كل الانتخابات التي ستأتي إن شاء الله، لا نريد أن تسودنا هذه الروح، وهذه النفسية، التي تشعرنا أننا في حالة حشد وشحن للناس، فتصويت الإنسان على انتخاب أو استفتاء ما أمانة سيسأله الله عنها إن وضع صوته في غير موضعه الذي يرضي ضميره ويريحه أمام الله عز وجل، وليس مقبولا أن نحول هذه العملية السياسية إلى حرب كلامية، أو شحن ديني وهو ما وقع فيه كثير من الأطراف الدينية مسلمين ومسيحيين، وسياسيين من كل الفصائل السياسية، كنا نتمنى أن نعلو بأخلاقنا ووطنيتنا على هذه الأمور، لا مانع أن نقوم بتوعية الناس بالعملية السياسية، وأن نشجع الجماهير على الخروج للتصويت، كل بما يقتنع به، وكل فصيل يوضح وجهة نظره، دون تخوين، أو إقصاء، أو اتهام للآخر.

أما هذه الروح التي ظهرت في كلمة الشيخ محمد حسين يعقوب، فروح لا نحبها أن تكون في أي مصري فضلا عن داعية إسلامي، الإسلام الذي يأمر الإنسان بالتواضع عند النصر أمام أعدائه، فما بالنا والأمر هنا ليس فيه منتصر وخاسر، وليس فيه عدو وصديق، فالكل هنا رابح، والكل إخوة أبناء وطن واحد.

نرجو أن تغيب هذه الروح السيئة في خطابنا، وأن نغلق على الشيطان بابها، ويوم أن يكون لمثل هذه المفردات في قاموسنا الحياتي، مثل: غزوة، وانتصرنا، وسحقنا، وغيرها، أن تمحى من مفرداتنا، وأن تستخدم في موضعها الصحيح مع عدو الوطن والأمة الواضح، وليس مع أبناء الوطن الواحد، الحالة التي يقبل فيها أن نغزو ونحارب أبناء وطننا، هي: أن نغزوهم بالحب والإخاء، على غرار ما قاله الإمام حسن البنا: سنقاتل الناس بالحب. ومثل قوله رحمه الله: ونحب كذلك أن يعلم قومنا: أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيب إلى هذه النفوس أن تذهب فداء لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، وما أوقفنا هذه الموقف منهم، إلا هذه العاطفة التي استبدت بقلوبنا، وملكت علينا مشاعرنا، فأقضت مضاجعنا، وأسالت مدامعنا، وإنه لعزيز علينا جد عزيز أن نرى ما يحيط بقومنا ثم نستسلم للذل، أو نرضى بالهوان، أو نستكين لليأس، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم، لا لغيركم أيها الأحباب، ولن نكون عليكم يوما من الأيام. (من رسالة دعوتنا لحسن البنا). هذا هو الخطاب الذي نرجو أن يسود في خطابنا الإسلامي، لا خطاب التشنج، والتشظي، والمحتقن، نريد خطابا في هذه المرحلة يحول النار بردا وسلاما على قلوب الناس، لا أن نشعلها نارا تذهب بالأخضر واليابس، ولا أظن الشيخ يعقوب يغيب عنه مثل هذا الكلام، وأتمنى أن تكون زلة لسان، يتوب إلى الله منها، ويتبرأ منها، ولا يعود إليها، وهو خطاب أوجهه أيضا لغلاة الطرف الآخر من العلمانيين الذين يبحثون عما يستفز الناس، ويهيجهم بلا داعي.

أخيرا: ليس مقبولا من الشيخ يعقوب تلويحه بيده لمن لم يعجبه نتيجة الاستفتاء، أن يرحل، وأن في كندا وأمريكا متسعا له، ليهاجر إليها إشارة منه إلى إخوتنا الأقباط، وهو أمر مرفوض تماما من الشيخ يعقوب ومن غيره، فالأقباط ليسوا ضيوفا، وليسوا رعايا، نلوح لهم بالإجلاء أو الطرد، فليس مقبولا أن يطرد أو يهدد إنسان بالطرد من بيته ووطنه، ولا أملك إلا أن أقول له ما قاله عمر بن الخطاب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.

إن القبطي والمسلم وكل مصري على أرض مصر مواطن، له كامل حقوق المواطنة، وعليه كامل واجبات المواطنة، وليس مقبولا من الشيخ مثل هذا الخطاب، الذي يسيء إليه، ويسيء إلى دعوته ودينه قبله، وهو ما يزيد من هواجس الناس حول دور الإسلاميين في السياسة في المرحلة القادمة، وما يتمناه غلاة العلمانيين من زيادة هذه الجرعة من الخوف من الإسلاميين.

أرجو من الشيخ يعقوب أن يراجع نفسه وخطابه، وأن يبادر بنفسه بتقديم اعتذار يليق بمكانته الدينية، عما صدر منه، فقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم: أن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وعلاج خطئه هذا الاعتذار لمن أساء إليهم، وهو اعتذار يعلي من مكانته، ويجعله يكبر في عيون الناس، أما الإصرار على هذا الكلام فهو خصم من رصيده، بل ضياع له، وإساءة له، ولدعاة الدعوة السلفية، الذين نجلهم ونقدرهم.

Essamt74@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق