عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 14 مارس 2011

المستثنى بإلا :جودت الملط وعصام شرف

المستثنى بإلا :جودت الملط وعصام شرف



د. إبراهيم أبو محمد | 14-03-2011 00:29

متن وحاشية

• هذا القلم ومنذ أن تعلم صاحبه القراءة والكتابة لم يكتب ولو لمرة واحدة كلمة ثناء أو مدح لحاكم مهما كان ، رئيسا كان أو ملكا ،لأن صاحبه قد عاهد الله ورسوله والوطن ومنذ سنوات وعيه الأولى ألا يكتب مدحا وثناء لغير الله ورسوله والوطن .

• هذا القلم كتب كثيرا ناقدا نقدا بناء هادئا حينا وحينا آخر صارخا وهادرا ومدويا، تناول كبار المسئولين في عالمنا العربي كله، وقد تسببت الكتابة لصاحبها في متاعب ومشقات كثيرة، كانت تبدأ عادة بحظر النشر والتضييق ، وأحيانا بالمنغصات في السفر ذهابا وعودة ، ومن ثم فليس في هذا المقال ما يوجب الحرج أو يدفع إلى سوء الظن بكاتبه .

• ذلك هو المتن وأما عن الحاشية فنقول :

• إذا كان الاستبداد والطغيان والقهر يظهر أسوأ ما في الإنسان كفرد فيجعله يتصرف بغرائزه لا بعقله ، وبسلوك الوحوش أحيانا لا بفطرته ولا بقيمه الأخلاقية ، ويُخْرِج أسوأ ما في المجتمع من كائنات بشرية تحكمها وتسيطر عليها لغة المصالح ، وتتصرف بمنطق العصابات كما حدث في أربعاء الغضب 2 يناير حيث غزوة بنى جحش في ميدان التحرير، والمعروفة إعلاميا بموقعة الجمل ، إذا كان الاستبداد والطغيان والظلم والقهر يفعل كل ذلك ، فإن نفس القانون السيئ الذى يسود على مستوى الفرد هو ذاته القانون الذى يحكم حركة المجتمع، فتبدو الدنيا وكأنها غابة ، يتكرس فيها منطق تقوية الأقوى وإضعاف الأضعف، فليس وجود الفقراء فيها إلا ليستكثر الأغنياء من الخدم ، كما أن وجود الضعفاء في الغابة ليس إلا وسيلة ليكونوا طعاما للأقوياء.

• وصدق الماوردى حين قال " البلد السوء يجمع السفل ويورث العلل ، والولد السوء يشين السلف ويهدم الشرف، والسلطان السوء يخيف البريئ ويصطصنع الدنئ، ولعلى أضيف أيضا "ويقرب المنافق ويمنح الموافق والمرافق "

• هذه بعض الثمار المرة للاستبداد ومؤسساته وأجهزة أمنه التى تساعده وتحمى نظامه، يتجرعها الناس قهرا وإذلالا ، وتجسسا عليهم وانتهاكا لخصوصياتهم.

• فإذا هبت رياح الثورة المحملة بنسيم الحرية والكرامة والعدالة واحترام الإنسان، سكنت ريح الخماسين المحملة بجراثيم الوضاعة والنفاق والكذب والمعصية وفقدان المناعة .

• نسيم الحرية يعيد التوازن المفقود ، ورحيق العدل والمساواة يستدعيان أجمل ما فى الإنسان من قيم ، هذه القيم تمثل في عالم البشر عماد الحياة قبل الاقتصاد والثروة ومصادر الدخل القومى وبخاصة في الأمم ذات التاريخ الحضارى.

• الأمم ذات التاريخ الحضاري يَكمُن في وجدانها الجمعى هذه القيم الثمينة والغالية ، فتنضح في السلوك الراقى طيبة وتواضعا وهدوءا يملأ نفس صاحبه، فيعيش متصالحا مع ذاته ومع الآخرين، ويسلم فكره وتصرفاته من الشذوذ والعلة ، ومن ثم لا تسمو فقط التصرفات في الإنسان المهذب ذى الطباع السوية والتربية السليمة المستقيمة على السقوط والإسفاف والتنكر لأقدار الرجال، وإنما تتحلى بأعلى قيم التواضع والخلق الكريم لدرجة أنها تعتذر عن فعل مشين لم ترتكبه، وتطلب السماح والعفو عن ذنب لم تقترفه، وتطيب خاطر رجل جريح من أجل بلده قال فلم يسمع له، وصرخ منبها للمخاطر فلم يلتفت إليه أحد.

• لغيابى عن مصر مدة طويلة ـ وإن لم تغب هي عنى رغم بعد المسافة وتنائى الديار ـ فأنا لآ أعرف المستشار جودت الملط، وكذلك الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء المختار بإرادة الأمة، ولم أشرف بأي من الرجلين من قبل ، لكنى ضمن متابعاتى لأحوال بلدى وما يجرى فيها تشرفت كمصرى بسماع حوار للرجل الأول عبر اليوتيوب في قناة الحياة عن أحوال مصر وما كان يحدث فيها من فساد.

• حديث الرجل رفع ضغط دمى وأنا أستمع إلى الأرقام المخيفة بل المرعبة التى يتحدث عنها المستشار الملط مع السيدة مقدمة البرنامج والتى تدير الحوار معه عبر الهاتف، وأحسست بمعناة الرجل الشريف حين يوضع ضمن غابة من اللصوص المحترفين ـ فقد جربت ذلك من قبل ـ

• مجرد وجود الرجل الشريف ضمن غابة من اللصوص يجعله في نظر البعض عرضة لأن يصيبه دخانهم الذى يحجب الرؤية ويزكم الأنوف، ومن ثم فقد تتناوله أقلام غير مسؤولة تقذف الاتهام مجازفة وبغير دليل، وهى لم تحضر جلسات ما كان يسمى بالبرلمان "مجلس الشعب" ولا تعرف ما ذا قال الرجل فيه ،وكيف كان يصرخ مدفوعا بخوفه على بلده ورعايته لمسؤولياته التى جلبتها له الأقدار أو جلبته إليها ، ولطالما حذر من الخطر ودخل في مشدات واشتبك وعلا صوته بدق أجراس الخطر تحت قبة المجلس، لكن أحدا لم يلتفت لما يقوله الرجل ، ولماذا يلتفتون وأصابع اتهامه تتوجه إليهم؟

• دخل على خط الحوار طرف آخر كان هو الدكتور عصام شرف وبدأ معتذرا وراجيا من أخيه الأكبر أن يمسحها فيه، وأنه قيمة وقامة للوطن، وأنه على الرأس من فوق، وتاج فوق الرؤوس .

• الكلمات ضمدت جراح الرجل الكبير "المستشار الملط "وكانت بلسما مسح الغبار الذى عكر صفو نفسه وأزال عنه بعض ما يعانيه.

• اللغة والطريقة التى تحدث بها د. شرف بدت وكأنها جديدة علينا ، صحيح أننا كنا نعرفها من قبل يوم أن كنا كبارا، يعرف كل منا لأخيه حقه وقدره ومكانته ، لكننا هجرناها بعدما قزَّم الاستبداد كل شئ بما فيها قيم الناس وأخلاقهم .

• اللغة الممزوجة بالخلق والتى تنضح بتواضع الكبير أعادت إلينا مصر بفطرتها وعقلها وخلقها

• أعادت إلينا مصر الحضارة والتاريخ والإنسان المبدع .

• مصر الفلاح والعامل ،والإنسان الطيب والبسيط.

• مصر العقل والفكر والثقافة.

• مصر الرشد والطيبة والخلق .

• مصر الشباب العفي والعفيف والطاهر.

• لا أدرى لماذا خانتنى عيونى فانهمرت دموعها ـ وقلما يحدث ذلك ؟

• هل كان هذا حنينا للغائب الذى عاد إلينا ؟

• هل كانت الدموع تعبيرا عن فضاء في الوجدان ظل فارغا لمدة ثلاثين سنة ثم امتلأ فجأة بطريقة تخاطب الرجلين معا ؟

• أم أن الدموع كانت تعبيرا عن فرحة النفس بخُلُقٍ ظننا أنه ضاع ودفن بين ركام الخرائب الذى خلفها لنا النظام المخلوع ؟

• لكم تمنيت أن احتضن الرجلين معا .

• أن أحتضن فيهما القيم التى عادت إلينا .

• أن احتضن فيهما مصر التى أحبها وتحبنى .

• أن أحتضن فيهما القيمة والقامة .

• القيمة التى تعادل ثراء الدنيا كلها وثروة العالم بأجمعه ، والقامة التى لا تستذل ولا تستكين وتظل شامخة رغم الجراح وطول المعاناة .

• أن أحتضن في الرجلين إقدام البطل الذى ينطق بالحق دوما ولا يهادن الباطل مهما تضخم وانتفخ .

• أن أحتضن في الرجلين الكامن الحضارى العريق الذى يجعل مصر تُحَدِّثَ أخبارها بأنها قد عادت عفية ، وأنها بأخلاق بنيها ورجالها قد أَذِنَ لها ربها بعد غياب طال وغفلة دامت أن تُحَدِّثَ عن نفسها .

• جرت عادة العرب أنهم يقبلون الرجل في كتفه إذا كان كريما ، فإذا كان جليلا ومهيبا وعظيما قبلوه في جبهته تقديرا له وعرفانا بفضله .

• ولكم تمنيت أن ألتقي بشباب الثورة وأحتضنهم وأقبل أيديهم وجباههم لأنهم أعادوا إلينا غائبا كنا قد فقدناه.

• أعادوا إلينا الحرية التى سُلِبَتْ منا ، وأعادوا إلينا قيم الأصالة والأخلاق التى تاهت وضاعت وانداست تحت أحذية العصابات التى حكمت مصر فشوهت جمالها الآخاذ وجثمت على صدرها حينا من الدهر فأطفأت إشراقة وجهها الألاق وعزلتها وحبستها عن الدنيا ثلاثين سنة فأخرجت أسوأ ما فيها.

• قبل هذا الحوار الذى دار بين العظيمين الملط وشرف كنت قد شاهدت حوارا آخر كان رئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق طرفا أول فيه ، بينما كان العزيز الحر د.علاء الأسوانى والرائع حمدى قنديل طرفا ثانيا .

• من قبلهم أيضا شاهدت المناضل د. عبد الحليم قنديل وغيره كثيرين لا أعرفهم شخصيا.

• سمعت أيضا المستشار الملط وهو يردد في الحوار متسائلا :ألا يخافون الله؟ ألا يتقون ربهم ؟

• وأقول لهم جميعا وللمستشار الملط : أبشر سيدى وأنت قاضى تعرف قانون العدالة ، "وأبشرو أيها الأحرار فأشد الناس عذابا يوم القيامة من أشركه الله في سلطانه فجار في حكمه .

• واعلموا وأنتم العلماء القيمة والقامة، أنه ليس للجائر جار ، ولا تعمر له دار.

• وأن أقرب الأشياء صرعةُ الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم.

• كنت قبل أن استمع لهذا الحوار أخاف على مصر من ثورة مضادة، فأعداؤها أغنياء وخبثاء، ولهم في الدهاء والتزوير والتدليس باع طويل .

• لكنى بعد سماع الرجلين ـ الملط وشرف ـ ومن قبلهم أولئك الرجال ،أدركت أن مصر عادت إلينا.

• صحيح أنها جريحة لكثرة ما فعلوه بها من تشويه ، لكنها ستظل محمية ومحروسة بعين الله أولا، ثم بفضل أبنائها الشرفاء، الذين يمثلون القيمة والقامة ،والذين يحملون في وجدانهم هذا الرصيد الحضارى المستكن والكامن والذى يطوى في جنباته عراقة حضارة اختزنها التاريخ في نفسية المصرى آلاف السنين .

• وعلى غير عادتى ـ صمت نهارى وأسهرت ليلتى ـ أتوسل لربي ومعى أهل بيتى أن يحفظ الوطن، وأن يحفظ له أعظم ثروة فيه، وهم أؤلئك الرجال الشرفاء، الملط وشرف والأسوانى وقنديل وغيرهم كثيرون لا أعرفهم، لكن سيدى ومولاي يعرفهم ، وأن يحفظ لمصر هؤلاء الشباب الذين أعادوا البسمة المخطوفة والفرحة الغائبة لشفاه وقلوب ثمانين مليونا هم كل سكان المحروسة.

• وأبشرى يامصر ... فلك السلامة دائما .... وأبدا يا أمى.... لن تستكينى.



د. إبراهيم أبو محمد

أكاديمى مغترب

رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية

ورئيس إذاعة القرآن الكريم في أستراليا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق