التوريص !!
د. مصطفى رجب | 17-03-2011 00:20
التوريثُ مشروعٌ ما في ذلك شك ، لكن مشروعيته تقتصر على الملكية الخاصة ، فورثة المتوفَّى الشرعيون يكتسبون ملكية ماكان يملكه بمجرد تقسيم تركته ، أما ما كان يمارسه من عمل عام فلا يحق لهم أن يرثوه عنه ، ولو حدث ذلك فإن كلمة (التوريث) ستصبح قابلة للعبث اللغوي الذي قد ينحرف بها إلى ما لا يصح قوله أو كتابته ..!!
أما (التوريص ) فهو نطق شعبي للتوريث يخرج به إلى معنى كريه من أراده فليلتمسه في المعاجم العربية القديمة .
وقد كان الرئيس مبارك ( الذي تميز بحكمته كما قال الأستاذون : القط والدقاق وسرايا وابراهام ) حكيما حين ألغى – بفروسية نادرة – خمس درجات كانت تُضاف إلى مجموع درجات بعض أبناء أساتذة الجامعات لتحسين الكليات التي يرغبون في دخولها ، والتي تم إقرارها لهم تقديرا لمكانة آبائهم وسابق عطائهم ، ثم ألغتها المحكمة إرساء لمبدأ المساواة .
غير أن حكمة فخامته لم تلبث أن ترهَّلتْ حين سمح لضباط الشرطة الكبار أن يُلحِقوا أبناءهم بكليتهم حتى لو كانوا صما وبكما وعميانا ، وسمح بذلك لأبناء الضبط ولأبناء المستشارين ، ثم حذت حذوه البنوك والمصانع والشركات والضرائب وغيرها وشاع في المجتمع تعبير ( أبناء العاملين ) .
ولعل حكمة فخامته انكشفت قليلا حين تقاعس عن تعيين نائب لفخامته لمدة ثلاثين عاما بحجة أنه لا يجد الرجل المناسب - كما كان يقول لسائليه عن السر .- مع عمله الدؤوب على أن يورِّث مهنته [ الرياسة] لابنه أسوة بما يفعل الضبط والقضاة والإعلاميون والعاملون جميعا .
من أجل ذلك بدأ فخامته مسلسل التوريص بتعيين د. حاتم الجبلي وزيرا للصحة ، وكان والده المرحوم الدكتور مصطفى الجبلي وزيرا للزراعة لمدة عام وشهرين ( من 17يناير 1972- 26مارس1973)
ثم قام بتعيين د. عمرو عزت سلامة وزيرا للتعليم العالي عام 2005 في إحدى وزارات نظيف ، وقد كان والده المرحوم الدكتور محمد عزت سلامة وزيرا للقوى الكهربائية ( من 25مارس 1964-30سبتمبر 1965) ثم وزيرا للإسكان والمرافق ( من أول أكتوبر 1965- 10سبتمبر 1966) ثم وزيرا للتعليم العالي ( من 10سبتمبر 1966-19يونية1967)
وقد حذت حكومات ثورة 25 يناير 2011 حذو فخامة الرئيس السابق فجاءت بالمهندس محمد عبد المنعم الصاوي وزيرا للثقافة ، وكان والده المرحوم الأستاذ عبد المنعم محمود الصاوي وزيرا للإعلام والثقافة ( من 2 فبراير 1977-5 أكتوبر 1978) ولما لم يمكث ابن الصاوي غير سبع ليال وستة أيام وزيرا لوزارته شغلها والده من قبل . فقد أخرجوه وجاؤوا بالدكتور عماد أبو غازي وزيرا للثقافة ، وقد كان والده الأستاذ الدكتور بدر الدين أبو غازي وزيرا للثقافة من قبل ( من 18نوفمبر 1970- 14مايو 1971) .
وإذا كان الوجدان الشعبي المصري يقر بأن (ابن الوز عوام ) وبأن ( الولد سر أبيه ) فإنني أطالب بإعطاء حكومة ( تيسير !! ) الأعمال الفرصة الكافية من الوقت بعد ما أعادت د. عمرو عزت سلامة وزيرا للتعليم العالي وجاءت بابني وزيري ثقافة سابقين للوزارة ذاتها ، أطالب هذه الحكومة الرشيدة بأن تأتي لنا في أقرب تعديل لها بابن الحاج علي مصيلحي وزير التضامن وابن الحاج عصمان وزير التنمية الاقتصادية ، وابن السيدة عائشة وزيرة العمل ، وبابن الدكتور هاني هلال ، وبابن شقيق السيد فاروق ( لأنه لم يتزوج ولم يتسرَّ ) كما جاءت بان شقيق د. بطرس بطرس غالي وزيرا للمالية لأن عمه لم يُعْقِب .
فأنا في الحقيقة لم أعد أطيق حياتي منذ غابت عن أبصارنا ابتسامات الحاج علي مصيلحي وهاني هلال وعثمان وملافظهم ( اللي بتنقط عسل ) !!!
Mostafaragab2@gmail.com
قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)....... اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا علي عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي و أبوء بذنبي ربي اغفر فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق