عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 24 مارس 2011

عمرو خالد رئيسا

عمرو خالد رئيسا



وليد أبو النجا | 24-03-2011 00:49

يجيد الأستاذ عمرو خالد إعادة تقديم نفسه بين الحين والآخر، كحال كثير من النجوم، وذلك بعمل (New Look) معنوي، فأول الأمر كان واحدا من جماعة الإخوان المسلمين، ثم صار داعية إسلاميًا يلقي الدروس والخطب والمواعظ في النوادي، ثم في المساجد، ثم في التلفزيونات، ثم في الفضائيات، ثم أعاد تقديم نفسه كمصلح اجتماعي يتبنى المبادرات، ويطلق الحملات، ويحرك الشباب، ويذهب إلى الدانمارك ليحاورهم في الوقت الذي يقاطعهم فيه علماء الإسلام وأمة الإسلام ... وها هو الآن بعد ثورة 25 يناير يعيد تقديم نفسه في ثوب السياسي الذي يؤسس حزبا، والذي أعلن أنه سيترشح لرئاسة جمهورية مصر العربية ولكن في الوقت المناسب.

ولا عيب على الإنسان في تطوير نفسه، أو إعادة تقديمها للناس في صورة جديدة، بل هو مطالب بذلك، ولكن العيب كل العيب أن يتقمص الإنسان شخصية غير شخصيته، أو يقوم بدور ليس له، أو يتزيا بما ليس له بزي، أو يطلب منصبا لا تبلغه قدراته وإمكانياته، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور".

وليس معنى دعوة آلاف الشباب لعمرو خالد للترشح للرئاسة، أن يتصوَّر الأستاذ عمرو خالد أنه أصبح سياسيا له رؤية وشعبية، وأن يضحي - جزاه الله خيرا -ويستجيب لمطالب الشباب التي لا يستطيع لها ردا، فينشأ حزبا سياسيا، ويترشح للرئاسة. وكان الأولى به أن يقدم للشباب نموذجا في حسن الموازنة بين القدرات والتطلعات، بين المواهب والملكات والأهداف والغايات، بين المهمة التي يمكن للإنسان أن يؤديها والآماني التي تداعب الخيال، والتي هي رؤوس أموال المفاليس.

ولعل الأستاذ عمرو خالد ما زال يذكر من زمن المشيخة واحدة من حكم ابن عطاء الله السكندري حين يقول: الناس يمدحونك بما يظنونه فيك، فكن أنت ذامًّا لنفسك بما تتيقنه منها، فمن الغباوة أن تترك يقين ما عندك لظنِّ ما عند الناس.

ولا نريد للأستاذ عمرو خالد أن يكون في السياسة مثل الرجل الذي قال عنه الخليل بن أحمد: ورجل لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري ...

إن نجاح الإنسان في مجال من المجالات لا يعني أنه قادر على النجاح في كل مجال، فكلٌّ ميسَّرٌ لما خلق.

ثم أين هو التاريخ السياسي لعمرو خالد، وقد كان واحدا من جماعة الإخوان المسلمين، وسئل عشرات المرات عن انتمائه للإخوان، فأنكر إنكارا شديدا.

و أين هي آراؤه السياسية؟ وقد صرح عشرات المرات أنه لا يخوض في السياسة ولا يتكلم فيها، وأنه بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

وأين هي مواقفه الوطنية في عشرات الأحداث التي مرت بمصر والعالم العربي واختار الأستاذ عمرو خالد أن يسكت عنها طائعا مختارا.

وقد صرح الأستاذ عمرو خالد عقب الندوة التي ألقاها بدعوة من د. عبد السلام المحجوب مرشح الحزب الوطني بالأسكندرية فقال: (لا أدخل في قضايا حزبية أو سياسية، ولا ولم ولن أقف موقفًا سياسيًا في صف جانب ضد جانب، ولكن أنا صاحب رسالة تنموية إصلاحية أصر على توصيلها ليس عبر الإعلام والبرامج والفيس بوك والإنترنت فقط، ولكن أريد أيضًا أن تكون وجهًا لوجه في المساجد والنوادي والجامعات). فإن كان إعراضه عن السياسة من أجل الدعوة فها فقد فُتحت أبواب الدعوة على مصراعيها، وللسياسة رجالها، وإن كان إعراضه عنها لعدم تأهله لها، فما الذي تغير؟

هل نزل وحي السياسة على الأستاذ عمرو خالد بعد 25 يناير، الآن بعد أن أصبحت السياسة حلالا زلالا، ومغنما لا مغرما، قرر الأستاذ عمرو أن يخوض غمارها طائعا مختارا ملبيا لطلبات الجماهير. بعد أن صارت الممارسة السياسية مجانية، لا تكلف صاحبها شيئا، بل ربما ضمنت له إلى جانب كرسي الإعلام كرسي البرلمان، وربما ذهبت به إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى كرسي الحكم، كما يحلم البعض.

وإذا كنا نطالب الإعلاميين الذين كانوا يسبِّحون بحمد النظام من وقت قريب، ثم صاروا يدبِّجون المقالات، ويكيلون المديح للثورة وشبابها: بأن يحترموا أنفسهم، ويعفوها من هذا التناقض، فمداد أقلامهم في مدح النظام لم تجف. فكذلك نطالب من آلى على نفسه ألا يخوض غمار السياسة، وأن يتبرأ منها في كل حوار ومقال وبرنامج، أن يحترم نفسه، ولا ينقلها هذه النقلة الكبيرة، من الإعراض عن السياسة، إلى رئيس حزب، ومرشح للرئاسة.

كنا ننتظر من الأستاذ عمرو خالد أن يعرف أهمية الدور الذي يقوم به، وأن يعتز به، فيظل داعية إسلاميًا، ويحاول أن يطور نفسه في هذا المجال، ويستكمل أدوات الدعوة اللازمة له بالقراءة والاطلاع والتتلمذ على أهل العلم، وهو أمر يحتاج جهدا كبيرًا من الأستاذ عمرو خالد، أكثر من جهده في تأسيس حزبه المنتظر.

كنا ننتظر منه أن يساهم بدور في المجال الاجتماعي، وقد أصبح المجال مفتوحا، فيطلق مبادرات الإقلاع عن التدخين، أو محاربة الإدمان مستفيدا من حضوره الإعلامي الطاغي.

كنا ننتظر منه أن يخرج علينا بفكرة جديدة في تقديم البرامج، كتلفزيون الواقع وبرنامج مجددون.

لقد كان الأستاذ عمرو خالد سيزيد في نظر متابعيه ألف مرة، لو صرح أن دوره هو الدعوة إلى الله، وتحفيز الشباب، وغرس القيم والأخلاق، وأنه متمسك بدوره، تاركا السياسة لأهلها.

قد يقول قائل: لماذا يُحجر على إنسان في ممارسة السياسة، وصندوق الانتخابات هو الفيصل، وهذا حقٌّ بلا ريب، غير أن الانسحاب المشرِّف، أكرم ألف مرة لأهل الدعوة من السقوط المدوي.

ثم هل أعلن الحزب الذي يعتزم الأستاذ عمرو خالد إنشاءه، عن برنامجه حتى يوافق عليه الشباب، أو يتحاورون حوله، أو يرفضونه، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون التفافًا حول شخص عمر خالد؟ ثم من هي الشخصيات الفكرية والسياسية والثقافية والعامة التي ستنضم إلى حزب الأستاذ عمرو خالد؟

ماذا سيفعل الأستاذ عمرو خالد في سياسة مصر الداخلية والخارجية، في قضية حوض النيل، واتفاقية عنتيبى، واتفاقية كامب ديفيد، وأي حرب محتملة تشنها إسرائيل على غزة، والعلاقات المصرية الأمريكية، والمعونة المريكية؟ ماذا سيفعل الأستاذ في الإصلاح الاقتصادي، والصناعة، والمشكلات اليومية للشعب المصري؟ ما هي رؤيته في الاكتفاء الزراعي، وبخاصة محصول القمح، هل سنزرع جميعا أسطح المنازل، كما في صناع الحياة؟

يا أستاذ عمرو خالد، هي نصيحة لكنها ليست من معجب، وهي حقيقة والحقيقة دائما مرة: إن رئاسة مصر ليست برنامجا من ثلاثين حلقة يقدم في رمضان تعده في سنة كاملة، وليست مزادا خيريا تبيع فيه القميص الذي ارتديته في ميدان التحرير، وليست محاضرة تلقيها من أوراق صغيرة موضوعة أمامك، وليست حوارا تلفزيونيا اتفق على أسئلته قبل إجرائه، وهي أمور مهمة بلا شك تلك التي تقوم بها، وهي خير لك وأبقى، ولكن رئاسة مصر أثقل وأكبر وأعمق من ذلك بكثير، ورحم الله الشاعر الذي يقول:

إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق