عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الثلاثاء، 10 مايو 2011

يا متـطرف يا مجرم!

يا متـطرف يا مجرم!



عبد السلام البسيوني | 09-05-2011 01:29

شكرًا وألف ألف شكرٍ لهذه الكلمة الترويعية الهلامية الساخنة المبهمة: التطرف!

إنها مفتاح الفرج، ومنفذ الخلاص، وحجة البليد، ومَخرج اللئيم، و(لِبانة) العلماني إذا فسد، وذريعة السياسي إذا فجر، وبرهان الحاكم إذا استبد، وحيلة الألعبان إذا استباح، ودليل المراوغ إذا اتَّهَم، ونافذة الأيديولوجي اللئيم إذا أراد أن يمرر أمرًا مريبًا!

إذا أردت أن تصم خصمك بباكيدج شتائم نخبوية (مثل الظلامية والرجعية والتخلف والتشدد والتآمر ... إلخ) فقل إنه متطرف أو متشدد!

إذا أردت أن تقول إنه خارج الزمان، وراء الحضارة فقل إنه متطرف أو متشدد!

إذا أردت أن تقول إنه خطرٌ على العقول، وعلى الناس، وعلى أمن البلد، فقل إنه متطرف أو متشدد.

إذا أردت أن تقول – بشكل غير مباشر – إن رأي سيادتك هو الأعقل والأفضل والأحرى بالقبول، فصف من لا يعجبك رأيه أو شكله إنه متطرف أو متشدد!

هي كلمة مناسبة جدًّا للوصم، والاتهام، والتخويف، والنفي، والإقصاء، والاستعداء!

فرعون مصر الغبي أكد أن سيدنا موسى وأخاه هارون عليهما السلام متشددان متطرفان، متآمران لقلب نظام الحكم، وأكد أن منهجه القهري التسخيري المجرم هو الأمثل، والأجدر بالاتباع: (إنْ هذان لساحران/ يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما/ ويذهبا بطريقتكم المثلى)!

وقذاف الدم يرى منهجه هو الأمثل، ويرى خصومه مجموعة جرذان، ومتآمرين، ومتطرفين!

وعلى سالح يرى المنتفضين ضده من أجل الحرية مجموعة خارجين، ومتآمرين، ومتطرفين!

والأسد يرى أن الكارهين له (وللي خلفوه) مجموعة خونة، ومتطرفين، وعملاء، ومتآمرين!

وكذلك رآهم مبارك وعمر سليمان، وزكي بدر، وعبد الحليم موسى، وكل وزراء الداخلية الحلوين (المعتدلين): رأوهم مجموعة من المتآمرين، والإخوان المسلمين، وحذروا الغرب صراحة من التطرف الديني المتوقع، إذا هم بالذات أزيحوا عن منصة التفرعن والجبروت!

وقبل ذلك وبعده يرى الغرب كل من تضع الحجاب – مجرد الحجاب – متطرفة بنت هرمة! ناهيك عن الملتحي، والداعية، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والقائل بأحقية الإسلام بقيادة العالم، مهما كان معقولاً وهادئًا، ومجاملاً.. حتى إن بريطانيا التي كانت عظمى، ترى في يوسف القرضاوي قمة التطرف، فمنعته من الدخول لحرمها الآمن!

وترى النخبة من مصابيح الدجى في بلادنا نفسها قمة الاستنارة، معتقدين أن الإسلاميين أجمعين ديناصورات لمّا تنقرض، وأن عليها أن تلحق بأخواتها المنقرضات!

ويندهشون كثيرًا عن طروحات بعض هذه الكائنات الأحفورية التي تخالف استنارتهم: فالكلام عن (الأباحة) في السينما عندهم: ظلامية ورجعية وأرثوذكسية (آسف: سلفية)! ولو سولت لك نفسك أن تنكر لقطة بورنو قليلة أدب (عريانة ملط) بين فتان وفتانة، في فراش أثيم، فأنت متطرف متشدد متخلف!

ولو رفضت على الشاشة لقطات مائجة شبقة، وحركات هائجة نزقة - مثلما عرض في بعض مسلسلات شهر رمضان المعظم الفائت - فأنت ظلامي رجعي قروسطي!

ولو قلت إن الإبداع غير (قلة الأدب) ولا علاقة له بسب الدين، ولا استباحة الحرام، ولا تعري الفتّانات، ولا (أباحة) الممسلين، ولا العدوان على المقدسات، فسيادتك لا مؤاخذة يعني ....!

كذلك فإن الكلام عن العيب في السياسة: ظلامية ورجعية وبهتان وأرثوذكسية (آسف تاني: سلفية):

فلو أنك قلت إن التزوير الذي يمارسه المسؤولون الكبار حرام، والغش كارثة، وسرقة البلد خيانة، ولو أنك اجتهدت في فضح العمالة، والهبر، والتآمر الرسمي، لخرج أزلام النظام، عبر إعلام النظام، بأروع توليفات النظام، من التهم اللذيذة، التي تبدأ نتيجتها بسبع سنين سجنًا، إلى تأبيدة، إلى قطع الرقبة، مع التعذيب، والتنكيل، وبهدلة ابن ابن ابن عم صاحبك.. لأن حضرتك متطرف متشدد أرثوذكسي (يوووووه.. آسف)!

ونتيجة لتطرف سيادتك وظلاميتك ورجعيتك فإن مصر تحتاج إجراءات استثنائية لحماية الناس منك، فتفرض الطوارئ على عشرات الملايين، وتعمل لهم جميعًا ملفات، ويتصنت عليهم، وتكتب فيهم تقارير، وتجفف ينابيع اقتصادهم، وتعليمهم، وأخلاقهم، وسياستهم، وصناعتهم، وزراعتهم وكل شيء، وتعامل البلد كلها بمنتهى التطرف.. مقاومة للتطرف!

قذاف الدم الآن يقاوم التطرف: فيلغَّم المواني، ويسمّم المياه، ويستخدم من شدة وطنيته راجمات الصواريخ يرجم المتطرفين، وبالطائرات يقصف (المدن)، ويدك البلد كلها بمنتهى التطرف.. مواجهة للتطرف!

الشاويش علي سالح يبهدل الدنيا بمنتهى التطرف.. مواجهة للتطرف!

ابن الأسد يحرك الدبابات والمصفحات، ويقطع كل الاتصالات، ويسلخ الناس في الشوارع، ويملؤها بالدم والروْع بمنتهى التطرف.. ليواجه التطرف!

إسرائيل والدنيا معها تمسح غزة وجنين، وتهدم المساجد والمدارس وورش الحدادة، وتقتل النساء والأطفال والمقعدين بمنتهى التطرف.. مواجهة للتطرف!

الأنكل السام يمسح أفغانستان، ويدمر باكستان، ويدك العراق من أقصاه لأقصاه بمنتهى التطرف.. مواجهة للتطرف!

الثعبان الأحمر يمسح من الوجود الشيشان، ويقتل رؤساءها جوهر دوداييف، وأصلان مسخادوف، وسليم خان ياندرييف، والقائد شامل باساييف، وغيرهم، رحمهم الله، بمنتهى التطرف.. مواجهة للتطرف!

ولك أن تنظر للصحافة المصرية الآن، وتتأمل مقالات العلماليين والهِبراليين واليساريين (السابقين) والإعلاميين الحلوين (بأساليبهم المتخلفة غير الحرفية) وترصد عدد مرات ورود كلمات التطرف والتشدد والسلفية، وأعتقد أن سيادتك ربما لن تفاجأ - بأنها بدون منازع - أكثر الكلمات دورانًا على الألسنة وفي المقالات والبرامج! ويا لها من شماعة عظيمة، يعلق عليها كثيرون عارهم، وعجزهم، وانتماءاتهم الحقيقية، وولاءاتهم الفعلية!

بالمناسبة فإن الدين المسيحي الشائع في مصر، ومناطق أخرى واسعة من العالم، هو الدين الأرثوذكسي؛ فهل تعرف ما معني الأرثوذكسية في اللغة الإنجليزية؟

إن معناها عند أصحابها من اليهود والنصارى: استقامة الفكر والإيمان!

وهي عند الأديان النصرانية الأخرى: السلفية/ والتعصب/ والتقليدية، والتشدد، والتطرف! والشخص الأرثوذكسي هو السلفي، أو المتشدد، أو المتعصب!

وهي يهودية الأصل، وفي معناها السلبي عندهم (كما جاء في الموسوعة اليهودية):

In negative terms, Orthodoxy sees itself as the only legitimate bearer of the Jewish tradition, rejecting all other modern Jewish trends as deviations. Encyclopedia of Judaism:

وكثيرًا ما استعمل بعض (المتنورين) زي الخواجة محمد أركون هذا المصطلح للتعبير عن السلفية الإسلامية! تصور!

نهاركم تحريف!

-------------

يقول نزار في رائعته: أنا مع الإرهاب (باختصار):

متهمون نحن بالإرهاب/ إذا كتبنا عن بقايا وطن مخلعٍ مفككٍ مهترئ/ أشلاؤه تناثرت أشلاء/ عن وطن يبحث عن عنوانه وأمة ليس لها أسماء/ عن وطن لم يبق في آفاقه حرية حمراء أو صفراء/ عن وطن كل العصافير به ممنوعة دوما من الغناء/ عن وطن كُتّابه تعودوا أن يكتبوا من شدة الرعب على الهواء/ عن وطن يشبه حال الشعر فى بلادنا/ فهو كلام سائب مستورد/ وأعجمى الوجه واللسان/ فما له بداية/ ولا له نهاية/ ولا له علاقة بالناس أو بالأرض أو بمأزق الإنسان/ عن وطن يمشى إلى مفاوضات السلم دونما كرامة ودونما حذاء!

لم يبق في أمتنا معاويةٌ ولا أبوسفيان/ لم يبق من يقول لا في وجه من تنازلوا عن بيتنا وخبزنا وزيتنا/ وحولوا تاريخنا الزاهي إلى دكان/ لم يبق في حياتنا قصيدة ما فقدت عفافها في مضجع السلطان/ قد تعودنا على هواننا/ ماذا من الإنسان يبقى حين يعتاد الهوان؟!

أبحثُ في دفاتر التاريخ عن أسامةَ بن منقذٍ/ وعقبةَ بن نافعٍ/ عن عمر/ عن حمزة/ عن خالد يزحف نحو الشام/ أبحث عن معتصم بالله حتى ينقذ النساء من وحشية السبي ومن ألسنة النيران/ أبحث عن رجال آخر الزمان/ فلا أرى في الليل إلا قططًا مذعورة تخشى على أرواحها من سلطة الفئران!

متهمون نحن بالإرهاب إذا رفضنا موتنا بجرافات إسرائيل تنكش في ترابنا/ تنكش في تاريخنا/ تنكش في قرآننا/ تنكش في تراب أنبيائنا/ إن كان هذا ذنبنا ما أجمل الإرهاب!

متهمون نحن بالإرهاب/ إذا رفضنا محْونا على يد المغول واليهود والبرابرة/ إذا رمينا حجرًا على زجاج مجلس الأمن الذي استولى عليه قيصر القياصرة/ إذا رفضنا أن نفاوض الذئب وأن نمد كفنا لأميركا ضد ثقافات البشر/ وهي بلا ثقافة/ ضد حضارات الحضر/ وهي بلا حضارة/ أميركا بناية عملاقة ليس لها حيطان!

متهمون نحن بالإرهاب إذا رفضنا زمنًا صارت به أميركا المغرورة الغنية القوية/ مترجمًا محلفًا للغة العبرية! متهمون نحن بالإرهاب إذا رمينا وردة للقدس للخليل أو لغزة والناصرة!/ إذا حملنا الخبز والماء إلى طروادة المحاصرة!

متهمون نحن بالإرهاب إذا رفعنا صوتنا ضد الشعوبيين من قادتنا/ وكل من غيروا سروجهم

وانتقلوا من وحدويين إلى سماسرة/ إذا اقترفنا مهنة الثقافة/ إذا قرأنا كتابًا في الفقه والسياسة/ إذا ذكرنا ربنا تعالى/ إذا تلونا سورة الفتح/ وأصغينا إلى خطبة الجمعة/ فنحن ضالعون في الإرهاب!

أنا مع الإرهاب إذا كان يستطيع أن يحرر الشعب من الطغاة والطغيان! وينقذ الإنسان من وحشية الإنسان! أنا مع الإرهاب إن كان يستطيع أن ينقذني من قيصر اليهود أو من قيصر الرومان/ ما دام هذا العالم الجديد مقتسمًا ما بين أمريكا وإسرائيل بالمناصفة/ بكل ما أملك من شعر ومن نثر ومن أنياب/ ما دام هذا العالم الجديـــد بيـن يدي قصاب!

أنا مع الإرهاب/ إن كان مجلس الشيوخ في أميركا هو الذي في يده الحساب/ وهو الذي يقرر الثواب والعقـــــــاب/ ما دام هذا العالم الجديد/ يريد ذبح أطفالي ويرميهم للكلاب!

من أجل هذا كله أرفــــع صوتـي عاليًا: أنا مع الإرهاب/ أنا مع الإرهاب/ أنا مع الإرهاب!

______________

ملحوظة: أرسلت هذه المقالة قبل أحداث العنف الطائفية الأخيرة، وأقول هنا من كل قلبي:

لعنة الله على من يشعل الفتنة، ولعنة الله على وطاويط الظلام والنافخين في النيران، ولعنة الله على كل من يتربص بمصر، ولعنة الله على من يقود ثورة مضادة تريد أن تعيدنا للقمع والطوارئ الدكتاتورية.. لا رد الله أيامها.

ويأيها المسلمون انتبهوا، ويأيها النصارى انتبهوا، ويا أمتي لا تسقطي في الفخ!

ودعائي للمشير طنطاوي، وللدكتور شرف، والمجلس العسكري أن يلهمكم الله الرشاد، وتحموا البلاد من مخططات الفساد، وتطفئوا الفتنة، وتحموا الأمة..

واسلمي يا مصر!

albasuni@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق