عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 19 مايو 2011

الأقلية المزعجة!

الأقلية المزعجة!

محمود سلطان | 19-05-2011 00:55

خطورة ما يحدث في مصر الآن، أن حالة القلق من تحولات ما بعد الثورة، والخوف من استئثار الإسلاميين بالسلطة، أحدث قدرا كبيرا من الفوضى في المفاهيم السياسية، وباتت "الديمقراطية" في عقل النخبة التي تدعي "المدنية" أو"اليبرالية" عرضة للإصابة بـ"التشوه الجيني".. فالديمقراطية بحسب ما يأملونه اليوم، ليست كما استقرت عليها التقاليد السياسية في العالم المتمدين.. بفحواها المتعارف "حكم الأغلبية" مع حفظ حقوق الأقلية.. إذ باتت في أبواق الشغب العلماني المصري، "حكم الأقلية السياسية" مع إهدار حقوق الأغلبية!..
وفي حين بات من المستقر في أدبيات الديمقراطيات العريقة في العالم، مبدأ "الشعب مصدر السلطات".. فإن النخبة العلمانية المصرية، باتت تسوق لمبدأ "النخبة مصدر السلطات"!.. أي تتولى "النخبة" التي يخضع اختيارها لـ"المزاج" وليس إلى "الانتخاب" كتابة الدستور! .. وإذا لم تنجح "النخبة السياسية" في أن تمسي هي "مصدر السلطات" فإن البديل هو "النخبة العسكرية"!
المفارقة أن الإسلاميين هم الأكثر التزاما بـ"الأصولية" الديمقراطية لثقتهم في انحياز الشارع لهم.. فيما خلع الليبراليون إزائها "يدا عن طاعة" وشرعوا في تفصيل صيغة للحكم لا تخرج كثيرا عن نظم الحكم الشيوعية الحديدية، حيث استبدلوا منطق "ديكتاتورية البرولوتاريا" بمبدأ "ديكتاتورية النخبة"، بكل الاكسسوارات التي تجمع الإثنين بنزعتها المتطرفة نحو العنف والعسكرة والعقاب الجماعي للجماهير التي خذلتها.
ثقة الإسلاميين في الديمقراطية، ونزعة العلمانيين نحو العسكرة، هذه القسمة لا تبعث على التفاؤل.. فالتيار الأخير المتطرف، رغم انه يمثل الأقلية السياسية، والتي لا تتعدى تجلياتها الصوتية أكثر من 25 مشاغب أو "بلطجي" إعلامي.. إلا انها أقلية قادرة على الإزعاج وارباك الاصلاح السياسي، وبإمكانها تعطيل مسيرة التحول الديمقراطي، فهي لا تكف عن ابتزاز الحكومة الانتقالية والسلطات العسكرية التي تدير شؤون البلاد، حيث لا يرى الأخير غيرها على شاشات الفضائيات.. ويعلم انه كلما اتخذ قرارا لا يأتي بحسب شهواتها، فإنها ستطل ليلا ضيفة على فضائيات رجال الأعمال الفاسدين، حاملة المطاوي والجنازير والسلاسل والسيوف لإرهاب صانع القرار وحمله على النزول عند مطالبها.
مفهوم "الأقلية" على تعدده وتباينه واتساعه، اختلف كثيرا هذه الأيام، إذ لم تعد الأقلية هي الجماعة السياسية او الإثنية او الدينية الأقل عددا و"مستضعفة".. بل باتت "الأقلية" و"الأكثرية" ـ بمعناها السياسي الجديد ـ تحدد اصطلاحا وواقعا بما تملكه من ادوات قوة للإيذاء والردع والعقاب (إسرئيل ـ جنوب السودان ـ الكنيسة المصرية نموذجا).
وبالتالي فإن الاستخفاف بأقلية تملك أدوات للازعاج والإيذاء.. وتحديها من خلال الاستقواء بـ"اغلبية" مسالمة ومجردة من أية ادوات مناظرة.. هذا الاستخفاف والتمادي في تجاهل هذه الحقائق على الأرض وعدم تقديرها بشكل صحيح ربما تكون عواقبه كارثية.. واعتقد أن الحالة المصرية في الظرف التاريخي الراهن، تحتاج فعلا إلى وعي جديد يكون أكثر إحساسا بالمسؤولية وهو يتعاطى مع مكونات المجتمع المصري بكل تناقضاته وصراعاته .. وللحديث بقية لاحقا إن شاء الله.
almesryoonmahmod@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق