عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 13 يونيو 2011

(549) مدرسة يا مفتري؟! ليه؟

(549) مدرسة يا مفتري؟! ليه؟



عبد السلام البسيوني | 13-06-2011 01:20

صفة أصيلة فينا نحن شعوب العالم الثالث: أننا نحول الزعيم إلى وثن، نتغنى به وبأمجاده وعبقريته ووطنيته على مدار الساعة، كأن الله تعالى لم يخلق رئيسًا غيره! وربما طالبنا شعوب العالم أن تقتدي بنا، وتستنسخ من فخامته نسخًا، ولا تضيع على نفسها الفرصة التاريخية السانحة! وربما قلنا إنه لا يُسأل عما يفعل، ولا تدركه الأبصار، ولا تأخذه سنة ولا نوم، هذا إذا لم نتواضع ونتنازل ونقل إنه الخليفة الراشد السادس!

وطالما دققت بنفسي في الشوارع، والمؤسسات، والمخابر، والدوائر الرسمية، وسألت أناسًا من دول متقدمة من باب التأكد، فلم أجد عندهم أصنامًا للزعماء الأحياء، والرؤساء الحاكمين (أيام حكمهم) ولم أسمع بأناشيد وطنية تتغنى بعبقرية الزعيم، وشَعره المسبسب، وعيونه الناعسة، وأسمائه الحسنى، وصفاته العلا.. ولم أجد صورًا معلقة في المصالح الحكومية، و(ملطوعة) على السنت، والبنس، والنص يورو، ولا حتى الخمسمية كمان!

لكنننا نجد صورَ وتماثيل وأخبار قادتنا وسادتنا وكبرائنا (في العالم الثالث كله) في الميادين، وعلى الأعمدة، وعلى الجدران، وعلى الفلوس، وعلى الطوابع، كما نجد اسم قداسته مقررًا في المدارس، ومفروضًا علينا كالصلاة وبر الوالدين، ونسمع التسبيح المخجِل باسم فخامته في التلفزيون والإذاعة والجرانين: سيادته دخل الحمام/ حضرته لبس البيجامة/ جلالته صلى الجمعة/ جنابه افتتح دورة مياه/ فخامته وجّه لعمل خطة عشرية لتطوير صناعة المقشات البلح.. وكأنما يستغلون هذا الزن ليرسخوا صورًا نمطية خاصة في أذهان الناس، تعملق هؤلاء، وتؤلههم، وتجعلهم فوق الشكوك، بله المساءلة! وليستروا الحقائق التي تكتشفها الشعوب مباشرة حين يعتقل جلالته بتهمة الخيانة العظمي بعد انقلاب عليه، أو بعد سقوط فخامته برصاصة، أو إصابته بطلقة فيس بوك تقضي عليه، وتكشف عوراته، ليراه شعبه الوفي (ملط) على حقيقته؛ فلا هو ملهم، ولا زعيم، ولا أمين، ولا بني آدم حتى!

فضولي الجامح يؤزني (للنكش) أزًّا، لقراءة الواقع المزعج، والإجابة عن سؤال شاغل: هل يشكل هذا الأمر ظاهرة؟

نعم إنه ظاهرة قديمة من أيام الفراعنة، كرسها عبد الناصر (حبيب الملايين) فالسادات (الرئيس المؤمن)، فمبارك (بتاع كله) الذي أُطلق اسم فخامته أو اسم واحد من أسرته - فقط - على 549 مدرسة مصرية! ناهيك عن المحطات والمباني والمؤسسات والمصالح الحكومية والمشروعات والكباري.. ولو جمعنا ما سمي من مرافق باسم عبد الناصر (صاحب الهزائم الثلاث الكبرى) والسادات (صاحب هزيمة كامب ديفيد) ومبارك (صاحب إيه واللا إيه!) ومن سيأتي بعد، فسيحين على مصر حين من الدهر وليس فيها شبر إلا وقد سمي باسم زعيم ملهم، وقائد (فلتة) من هؤلاء!

ليس هذا هو المدهش الوحيد الذي صادفني أثناء (نكشي) بل رأيت أننا كرمنا خونة، وعملاء، ومتآمرين على مصر في القرن الأخير؛ ممن باعوا البلد، أو اشتروها لحسابهم، من المصريين وغير المصريين! ما صدمني وأدهشني، فتعال معي قارئي الحبيب في جولة (أنكِّد) على سيادتك بها:

** هل سمعت عن إسماعيل باشا صدقي الذي سمي باسمه شارع رئيس في القاهرة؟

يقول العارفون: (لم تر مصر قبل الثورة أيامًا أشد سوادًا من أيام وزارات إسماعيل صدقى باشا، فقد كان يضرب بها المثل فى الظلم والتعسف والقهر والبلطجة، وهو الذي بدأ مصائبه بإلغاء دستور الأمة ١٩٢٣، ووضع دستورًا آخر «تفصيل» للملك فؤاد، أعطاه كل الحقوق الممكنة، بعد أن سلبها من الأمة والبرلمان، وهو الذي التحف بحماية دار المندوب السامي، والذي وقع على معاهدة صدقي بيفن، التي ألزمت مصر بتقديم المساعدات للمحتل الإنجليزي في حالة الحرب، وإنشاء الثكنات التي فرضت أعباء مالية جسيمة، وجعل السودان مستعمرة بريطانية يحرسها جنود مصريون، بعد أن كانت مصرية)!

فكيف نكرمه بإطلاق اسمه على شارع من أهم شوارع العاصمة!؟

** أتعرف عبد الخالق ثروت؟ ذلك السياسي المصري اللامع في العقود الأولى من القرن العشرين!؟ لقد انحاز بالكامل للإنجليز، وعمل منذ بداية حياته الوظيفية سكرتيرًا للمستشار القضائي الإنجليزي، وكان المحتلون وراء اختياره وزيرًا للحقانية 1914 في وزارة حسين رشدي باشا الأولى، وكم جرت مراسلات سرية بينه والمندوب السامي دون علم القصر! وهو الذي يرى الأستاذ العقاد أنه كان أستاذًا في (الكيد مع اصطناع الطيبة والبراءة)؟ لماذا يكون في قلب القاهرة شارع كبير يحمل اسمه منذ الثلاثينيات؛ رغم أنه كان قد غُير، فأعادته الثورة ثانية باسمه! ما هذا!؟

** أتعرف بطرس غالي؟ ذلك الذي وصفه الإنجليز أنفسهم بأنه (إنجليزي أكثر من اللازم، ومصري أقل من اللازم) والذي وافق على تمديد امتياز شركة قناة السويس 40 عامًا إضافية، وراقب المطبوعات، وخنق الرأي، وصادق على أحكام محكمة دنشواي بإعدام 6 فلاحين مصريين تحرشوا بجنود بريطانيين قتلوا عجوزًا مصرية أثناء صيدهم للحمام. واغتاله الشاب إبراهيم نصيف الورداني لعمالته للإنجليز!؟

فكيف نكرمه بإطلاق اسمه على شارع من أهم شوارع العاصمة!؟

** أتعرف الأرمني نوبار باشا الذي قال فيه الشاعر والسياسي والعسكري الوطني العظيم، رب السيف والقلم، محمود سامي البارودي:

خبثتَ، فلو طُهِّرتَ بالماء لاكتسى...........بِك الماءُ خُبثًا لا يحِلُّ بِهِ الغَسْلُ

فوجهك منحوسٌ، وكعبكَ سافِلٌ...........وقلبكَ مدغولٌ، وعقلكَ مُخْتَلُّ

بِك اسودّتِ الأيام بعدَ ضِيائها...........وأصبح نادي الفضل ليس به أهلُ

فما نكبةٌ إلا وأنت رسولها...........ولا خيبةٌ إلا وأنت لها أصلُ

أذُمُّ زمانًا أنت فيه، وبلدةً...........طلعتَ عليها، إنهُ زَمَنٌ وَغْلُ

ذِمامُكَ مخفورٌ، وعهدك ضائعٌ...........ورأيك مأفونٌ، وعقلك مُختلُّ

مخازٍ لو ان النجمَ حُمِّلَ بَعضَها...........لعاجله من دون إشراقهِ أفْلُ

فسرْ غير مأسوفٍ عليك، فإنما...........قُصارى ذميم العهد أن يقطع الحبلُ

كيف نكرمه بإطلاق اسمه على شارع من أهم شوارع العاصمة!؟

** أسمعت بمصطفى فهمي رجل الإنجليز في مصر؟ ذلك الذي قال فيه الدكتور يونان لبيب رزق:كان تشكيل مصطفى فهمي الوزارة انتصارًا كاملاً لتغلغل الاحتلال البريطاني في الشؤون المصرية، وإذا كانت موقعة التل الكبير في سبتمبر سنة 1882 تسجل استسلام مصر العسكري للغزو البريطاني، فإن تشكيل وزارة مصطفى فهمي بعد ذلك بتسع سنوات يسجل استسلامها السياسي الكامل للاحتلال!

فكيف نكرمه بإطلاق اسمه على شارع من أهم شوارع العاصمة!؟

** أتريد أن تندهش أكثر يا سيدي؟ أتعرف (حي) جاناكليس؟ إنه منسوب لرجل مهم جدَّا جدًّا في تاريخ مصر الحديثة، إنه نيكولا بيراكوس الشهير بجاناكليس مالك مزارع العنب، ومؤسس مصانع الخمر الشهيرة في مصر! تصور! تاجر خمور!

** أتعرف (حي) لوران أيضًا في الإسكندرية!؟ إنه منسوب للمجاهد الكبير إدوارد لوران صاحب مصانع الدخان، وكان له شارع باسمه "شارع لوران" يعرف الآن باسم شارع محمد إقبال! تصور! بتاع دخان!

** أتعرف (حي) سموحة؟ إنه يا سيدي منسوب للمجاهد الوطني الكبير جوزيف سموحه، اليهودي العراقي الذي وفد علي مصر ليتاجر في الأقمشة!

** أتعرف (حي) باكوس؟ إنه مسمى - من باب التكريم - باسم باكوس أو باخوس إله الخمر عند (الإجريج) الذين كانوا يسكنون الحى بكثرة في القرن الفائت!

** أتعرف حي زيزينيا؟ إنه منسوب لليوناني زيزينيا قنصل بلجيكا العام في مصر، الذي أدرك أهمية مدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر، فاشترى الأرض بثمن بخس، ثم عاد وباعها للحكومة المصرية، لمد خط الترام!؟ تاجر شاطر يعني!

لماذا هذا؟ ولماذا نسمي ميدانًا عربيًّا على اسم الملك فيكتور عمانويل الثالث آخر ملوك إيطاليا؟ ألأنه – فقط - عاش أيامه الأخيرة في الإسكندرية ودفن بها!؟

** وما لنا ومعسكر القيصر (كامب شيزار) وكرموز وبوكلي واستانلي وسابا باشا وسان مارك وسان جورج وسان استيفانو وجليم وديلسبس وشامبليون الحرامي المزور؟ لماذا نكرم هؤلاء؟ وعندنا مئات الألوف ممن يستحقون التكريم الحقيقي!؟

متى سنسمي شوارعنا وأحياءنا بغير أسماء الزعماء (الأونطة) بل بأسماء المنجزين الحقيقيين، أيقونات الحرية والعلم والأدب والفن والدين والسياسة: ممن لم يتلونوا، أو يكرسوا باطلاً، أو يباركوا طغيانًا:

o زويل وفاروق الباز ومصطفى عمرو السيد ومجدي يعقوب

o سليمان خاطر ومحمد عبد العاطي صائد الدبابات والشاذلي وأبو غزالة

o الفيس بوك والتويتر والإيميل واليو تيوب و(ارحل يعني امشي)

o الشهداء و25 يناير والمجلس العسكري

o جمعة الغضب/ وجمعة الرحيل/ وجمعة الانتصار/ وجمعة التطهير

o أحمد زكي ومشرفة وسميرة موسى ونجيب محفوظ (وزير الصحة الأسبق)

o محمود سامي البارودي وشوقي وحافظ

o العقاد والزيات وحسين هيكل ونجيب محفوظ

o سيد ومحمد قطب وحسن البنا والقرضاوي وأبو زهرة

o الخضر حسين وشلتوت والمراغي

o الرافعي ومحمد أحمد الغمراوي وأنور الجندي وباكثير

o جمال حمدان وعبد الوهاب المسيري وزغلول النجار

o عبد السلام هارون والإسكندراني وعباس حسن وعمر الدسوقي

o الجبرتي وعبد الله النديم وبيرم التونسي وأحمد فؤاد نجم

o سيد درويش والشيخ إمام وعم الشيخ أمين الديب

o جمال قطب ومحمد حسني وعبد العزيز الرفاعي

o مجلة المصريون الإلكترونية!

نهاركم صدق ووفاء!

albasuni@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق