عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الأربعاء، 29 يونيو 2011

الخط الهمايونى

الخط الهمايونى

كان السلطان عبد المجيد هو الذي تولى حكم الإمبراطورية العثمانية عامي 1839-1861 وهو صاحب الفرمان المرشح بالخط الهمايوني كجزء من برنامج الإصلاح العام. ولقد تضمن الخط الهمايوني مبدأين أساسيين هما: "أن سعادة الأحوال الكاملة من كل وجه يجب أن تشمل جميع المواطنين؛ لأنهم متساوون في نظر السلطان، الجميع متساوون"، وهذا هو الأصل في صدور الخط الهمايوني.

ما المقصود بالخط الهمايوني؟
"يقصد به الفرمان العالي الشهاني الصادر من السلطان عبد المجيد خان"، وهو الفرمان الذي صدر لإرجاء الامبراطورية العثمانية كافة، وكان أحد أعمال الإصلاح الذي قامت به السلطنة العثمانية في ذلك الوقت.

صدر هذا الفرمان العالي في أوائل شهري جمادي الآخر سنة 1272 هجرية فبراير سنة 1856م، وكان هذا المرسوم أو الفرمان العثماني ليس مقصودا به مصر وحدها، بل كان يشمل كافة الولايات أو الدويلات التي كانت تابعة للامبراطورية العثمانية، وما اشتمل عليه في حديث عن الطوائف ليس المقصود به الأقباط وحدهم.

كان والى مصر وقت صدور الخط الهمايوني سعيد باشا الذي تولى الحكم بين عامي 1854-1863 وفي عصره شهدت مصر إصلاحات بخصوص الأقلية القبطية، تمثلت في رفع الجزية نهائيا عن الأقباط، والسماح بانخراط أبناء الأقباط في سلك الجندية، وهذا المناخ هو الذي استقبل فيه الأقباط فرمان الخط الهمايوني الذي أكد في إطار الإصلاحات العامة للخلافة العثمانية.

مضمون الخط الهمايوني
تضمن الخط الهمايوني إصلاحات سياسية تمثلت في إدارة شئون الأقليات العرقية في الامبراطورية العثمانية، وأيضا تنظيم شئونهم الدينية، ولذلك كان الخط الهمايوني شاملا جميع الطوائف الدينية والمذاهب المختلفة التي تعيش في ظل الامبراطورية العثمانية.

وقد نص الخط الهمايوني على الآتي:
أولاً: "حفظ الناموس في حق جميع تبعتي الموجودين في أي دين كان بدون استثناء"، وهو ما نعرفه في لغة الدساتير المدنية بالمساواة بين المواطنين أمام القانون دون تمييز بسبب اللون أو الجنس أو العقيدة.

ثانيًا: بعد أن تصلح أصول انتخاب البطاركة الجاري والحالة هذه يسير كذلك إجراء أصول تعيينهم لمدة حياتهم، وهذا الأمر يستجيب لطموحات الكنيسة ورعاياها الذين يؤمنون بأن أحدًا لا يستطيع أن ينزع سلطة البابا طالما كان على قيد الحياة.

ثالثًا: لا يجوز أن تقع موانع في تعمير وترميم الأبنية المختلفة بإجراء العبادات في المداين والقصبات والقرى التي جميع أهاليها من مذهب واحد، ولا في باقي محلاتهم والمكاتب والمستشفيات والمقابر حسب هيئتها الأصلية، لكن إذا لزم تجديد محلات نظير هذه، فيلزم عندما يستصوبها البطريرك أو رؤساء الملة أن تعرض صورة رسمها وإنشاءها مرة إلى بابنا العالي؛ لكي تقبل تلك الصورة المعروضة، ويجري اقتضائها على موجب تعلق إرادتي السنية الملوكانية أو تتبين الاعتراضات التي ترد في ذلك الباب في ظروف مدة معينة.

الأصل هنا في بناء الكنائس هو الإباحة المشروطة بموافقة البطريرك وتصديق السلطة الإدارية، ولقد جاء في موضع تالي من النص ذاته والسياق نفسه، أنه متى لزم الطائفة أبنية يقتضي إنشاؤها جديدا يلزم أن تستدعي بطاركتها أو جماعة مطارنتها الرخصة اللازمة من جانب بابنا العالي، فتصدر رخصتنا عندما لا توجد في ذلك موانع ملكية من جانب دولتنا، والمعاملات التي تتوقع من طرف الحكومة في مثل هذه الأشغال لا يؤخذ عنها شئ.

إن النص يفرق في بدايته بين الترميم والإصلاح أو التجديد وبين الإنشاء والتأسيس. والنص يخلو تماما من ذكر المواقع أو أهلية عليها تلك التي تحول دون بناء كنيسة، ولكن حدد جملة الاعتراض الوحيدة وهي أن تكون موانع ملكية من طرف دولتنا العليا.

رابعًا: ينبغي أن تؤخذ التدابير اللازمة القوية لأجل تأمين من كانوا أهل مذهب واحد مهما بلغ عددهم؛ ليجروا مذهبهم بحرية، ثم تمحى وتزال مؤيدا من المحررات الديوانية جميع الألفاظ والتعبيرات والتمييزات التي تتضمن تدني صنف من صنف آخر من صنوف تبعة سلطتي السنية؛ بسبب المذاهب أو اللسان أو الجنسية لا يمنع أحد أصلا من تبعتي الشهانية عن إجراء فرائض ديانته .

هذا النص يؤكد على سيادة القانون بغض النظر عن الأقلية العددية، فاشتملت على التعدد اللوني والعرقي والديني والمذهبي ويظهر من النص أن حق ممارسة العقيدة حقا مطلقا.

خامسًا: أن جميع تبعة دولتي العلية من أية ملة كانوا سوف يقبلون في خدمة الدولة ومأموريتها بحسب أهليتهم وقابليتهم يقبلون جميعا عندما يفون الشروط المقررة سواء كان حق جعة السن أو الامتحانات في النظامات الموضوعة للمكاتب بدون فرق ولا تمييز في مكاتب دولتي العسكرية والملكية.

والمقصود بالنص الحرفي هنا هو أن الانتماء العضوي لجسم الدولة أصبح حقًا شرعيًا مقررًا دون تفرقة أو تمييز بسبب الدين أو المذهب أو اللون أو العرق، حق الاعتقاد أولاً، ثم حق ممارسة شعائر هذا الاعتقاد ثانية، ثم حق خدمة الدولة أيًا كان هذا الاعتقاد ثالثًا.

كما أن المساواة الحقيقية تستلزم المساواة في الوظائف أيضًا، فينبغي أن يكون المسيحيون وباقي التبعية غير المسلمة مجبورين أن ينقادوا بحق إعطاء الحصة العسكرية مثل أهل الإسلام، وهذا الحق في التجنيد والترقي إلى أعلى المناصب العسكرية في مساواة تامة بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم.

إذن الخط الهمايوني وثيقة إصلاحية متقدمة بمقاييس زمانها، ولم يكن القصد منها الحد من حريات الأقلية المسيحية أو القبطية في مصر، وإنما الخط الهمايوني أرسى وكرس مبادئ ثمينة، كحرية العقيدة، وحرية ممارستها، وحق المواطنة الكاملة دون تمييز لأصحاب الأديان والمذاهب.

الخط الهمايوني والإصلاح الديني
الفرمان العالي الشهاتي الصادر من السلطان عبد المجيد خان سنة 1856م كان له أثر ايجابي على الكنيسة الإنجيلية بمصر، ويمكن تلخيص هذا في النقاط التالية:
1- السماح بتنظيم الطائفة الإنجيلية.

2- تنظيم الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية.

3- العبادة:

أ‌- تسهيل إقامة وإنشاء دور العبادة.

ب‌- حرية ممارسة العبادة والشعائر الدينية.

ج‌- توفير الأمن والأمان، والراحة والسلام لرعية الطائفة الإنجيلية.

الملاحظ من قراءة نصوص هذا الفرمان أن هناك تمييز بين الطائفة الإنجيلية والطوائف والمذاهب الأخرى، كما أن القراءة توحي بأن الفرمان صدر أصلاً من أجل الطائفة الإنجيلية دون غيرها من الطوائف الأخرى في مصر وفي غيرها من ولايات الإمبراطورية العثمانية. إلا أن الحقيقة تقول غير ذلك؛ لأن الفرمان العالي كان يهدف إلى إصلاح سياسي واجتماعي وديني عام وشامل لجميع الأقليات والطوائف والمذاهب التابعة للإمبراطورية العثمانية.
==========
مدونة الوزارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق