عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الأربعاء، 22 يونيو 2011

حادثة شرف

حادثة شرف



فراج إسماعيل | 22-06-2011 01:11

قال محمد العرابي المرشح وزيرا للخارجية: لن يكون هناك فرق كبير بين العربي والعرابي، رافضا التعليق على ما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس حول الفترة التي عمل خلالها في إسرائيل وصداقته للبعض هناك خلال إقامته في أحد أحياء تل أبيب.

ترشيح العرابي جاء مفاجئا وصادما لمن يعرف أن بين سنوات خدمته التي خرج منها إلى المعاش في نهاية يناير الماضي، تلك التي قضاها في إسرائيل وذكرت بها الصحافة العبرية معتبرة أن وزير خارجية صديقا لدولتها هبط أخيرا على رأس الدبلوماسية المصرية.

بداهة فان اختيار الوزارات السيادية من شأن رأس الدولة التي يمثلها المجلس العسكري حاليا، إلا أن الوزير الجديد اختاره عصام شرف الذي يعوزه الخيال السياسي بدليل أن ترشيحاته للوزراء والمسؤولين تلقى دائما اعتراضات كأنه لا يجد في طريقه إلا هؤلاء!

المشكلة شرف نفسه، فقد جاء رئيسا لحكومة على طريقة "حادي بادي" بمعنى أن اختياره تم عشوائيا. المسألة ليست طيبة قلب الرجل ولا أدبه الجم، لكنها قدرات إدارية وسياسية وإبداع يحتاجه المسؤول عن الإدارة التنفيذية لشؤون مصر في أصعب أوقاتها للخروج من عنق زجاجة فاصلة بين سجن نظام سابق وفضاء نظام قادم.

في الأوقات الفاصلة العصيبة لا ينبغي المغامرة وإنما الحكمة والتروي. مصر كانت بحاجة إلى رئيس حكومة قوي وسياسي بارع وذكي وليس إلى مهندس طرق لم يدخل الحياة السياسية من قبل.

هل التجريف الذي مارسه نظام مبارك طوال عهده الثلاثيني كان سببا في البوار وندرة الكفاءات؟!

في رأيي أنه مهما حدث من تجريف فإن مصر مليئة بالكفاءات، لكن أحمد شفيق ضحك على الجميع بفزاعة أنه لا أحد مستعد لرئاسة حكومة مصرية تستغرق شهورا قليلة في فترة عصيبة، وأنه لم يجد من يقبل منصب الوزير (المؤقت)!

صدقناه فأرحنا انفسنا عند أول طالب للولاية. عند عصام شرف!

كنت في ميدان التحرير عندما جاءني اتصال من أحد الأصدقاء يخبرني باختيار عصام شرف. لم اتذكره حتى وهو يخبرني أنه كان وزيرا للنقل لمدة قصيرة. تذكرت فقط حادث قطار الصعيد الذي أدى لإقالته.

تخوفت كثيرا من المغامرة. كل مؤهلاته أنه خرج لميدان التحرير مع الثوار.. ماذا عساه أن يفعل في وقت حساس يحتاج لقدرات خاصة وإبداع وفقه سياسي؟..

كانت مصر هادئة رغم مضي وقت قصير على الثورة والانفلات الأمني الذي أطلق لجامه العادلي. لم تمر أيام طويلة حتى تحققت مخاوفي، فاختياراته للوزراء جاءت عشوائية بطريقة "حادي بادي". كان الرجل خائفا مرتجفا فابقى على يحيي الجمل لعله يسد ما نقص، لكن الجمل مشكلته أجندته الخاصة وأفكاره الصادمة للمجتمع، وكسله السياسي، ومن هنا أصبح عبئا عليه لا ساعدا أو مساعدا.

القائد الطيب المرتعش اغرى على مزيد من الانفلات. البلطجية ملأوا ربوع مصر. تجار المخدرات استغلوها فرصة فجابوا الصخر بالواد. الشرطة تمردت هي الأخرى. المحتجون على أي شيء ملأوا الشوراع والميادين. انهارت سلطة الدولة وهيبتها.

ولولا الجيش وقدراته وتدخله لتفككت الدولة خصوصا مع بدء نذر الفتنة الطائفية.

ولأنه لا يملك خبرة ولا ابداعا جعل مصر عرضة للبيع في المزاد العلني. أعاد كوابس الخديوي اسماعيل بفتحه باب الاقتراض الخارجي على مصراعيه، ولو جاء شخص آخر قوي، لوهب كل فكره وامكانياته لخدمة الأمن، فإذا توفر أصبحت مصر قبلة للزائرين من أنحاء العالم الذين كانوا يشتاقون لرؤية ميدان التحرير الذي صنع المعجزة.

الأمن مع التركيز على الاحتياجات العاجلة للمجتمع يساوي استقرارا ودخلا وإعادة سريعة للاستثمار، والناتج يكفيه لتجاوز المرحلة الانقالية بدون اقتراض اضعفنا كثيرا وجعلنا نفقد قرارنا والطريق الذي اخترناه لأنفسنا.

لم يعر شرف أي اهتمام لهذه الأمور. عشق السفر كمبارك وجاء محملا بالقروض. أعلن عن مشروعات قومية مع أنها ليست من مهام حكومة تسيير أعمال. تعرض لسن قوانين خطيرة كقانون دور العبادة الموحد في وقت قصير وفي غيبة البرلمان. ارتاح للتصوير بجانب أحمد زويل في مشروعه العلمي مع أنه لا داعي للتعجل في ظل أمور أكثر عجلة.

عين محافظا لقنا دون أي تفكير فكاد يقسم مصر لأول مرة إلى نصفين منذ عهد مينا موحد القطرين، وأخيرا رشح أو عين العرابي رغم أنه قضى سنوات من خدمته في إسرائيل، وهذه كافية لصرف النظر عنه والبحث عن شخص لا يثير أي شبهة.

ومع ذلك ليس أمامنا سوى أن ننتظر الشهور الثلاثة القادمة لننتخب البرلمان وتؤول السلطة إلى حكومة منتخبة تعرف أن الشعب سيحاسبها ويقيلها إن خرجت عن الجادة، وندعو الله أن يعين الحكومة القادمة على ما سيتركه شرف من أعباء وكوارث.

تنصيب شرف رئيسا لحكومة مصر، هي حادثة مؤلمة بكل المقاييس. والالتزام بما قاله الشعب في استفتاء 19 مارس سينقذنا من أن تؤدي تلك الحادثة لبتر أطرافنا واعاقة أي محاولة للعودة إلى الحياة الطبيعية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق