عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 9 يونيو 2011

الرفق بالحيوان ليس تدليلاً للكلاب والقطط

الرفق بالحيوان ليس تدليلاً للكلاب والقطط


الرِّفْق بالحيوان - كما نفهمه مِن شريعتنا - يعني توفيرَ حاجتها مِن الطعام والشراب، ومكان ملائم يؤويها ويقيها الحرَّ والبَرد، وعدم إجهادها أو تحميلها فوقَ طاقتها، ومداواتها إنْ مرِضت، وأن نحسن ذبْحَها إنْ كانت من تلك التي سخَّرها الله وذلَّلها لنا لخِدمتنا وأكْلنا، أما الحيوانات الأُخرى السائبة التي تَعيش في محيطنا وسِواها مِن الحيوانات البريَّة، فقد نهانا دِينُنا عن حبسها أو أذيتها؛ لتظلَّ قادرةً على الاعتناء بنفسها مِن جلب لأقواتها وتكاثرها؛ لأنَّ الله - سبحانه وتعالى - خلقَها وأودَع فيها الغرائزَ التي تمكنها أن تفعلَ ذلك دون عون أحد؛ يقول تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، ولا يَعني ذلك عدمَ مساعدتنا لها هي الأُخرى - إن تَطلَّب الأمر - بإطعامها وسقايتها، وإبعاد الأذية عن ضعيفها وصِغارها، وتأمين محميَّات للبعض منها لحِفظ أنواعها المهدَّدة ما أمكن، كما أنَّ دِيننا ينهانا عن قتْل الحيوانات المؤذية إلاَّ في حالات محدودة للضرورة، وحتى إنَّه ينهانا عن سبِّ الحيوانات كما في حديثِ الدِّيك.



ألاَ يُعد كل ذلك قانونًا متكاملاً مِن الخالق لحقوقِ الحيوان لرحمته والرفق به، بُني على أساس متين مِن الثواب والعقاب، وتنظيمًا شاملاً لعلاقة الإنسان بالحيوان يتفوَّق على كلِّ القوانين التي صاغَها الآخرون وجمعيات حقوق الحيوان التي نُعيَّر بها بين حين وآخَر؟!



لسْنا بحاجة - لكي نُبرهِن على رِفقنا بالحيوان - أن نقلِّد ما عند الغير، بأنْ نجعل بعضًا من هذه الحيوانات كالكلاب والقطط وغيرها تستوطن بيوتنا وتعيش معنا كأفراد مِن العائلة، وتنام على أرائكنا، وتعْبث بكلِّ شيء في منازلنا، وقد تجالسنا على موائدِ الطعام ونصطحبها إلى محلاَّت خاصَّة بها؛ لكي تستحمَّ وتسرِّح شعرها، ونلبسها ملابس البشَر، ونشركها في المسابقات والاستعراضات، ونُوصي لها بأموالنا بعدَ وفاتنا، فهي لم تُخلَقْ لرغد العيش هذا والدلال الزائدِ في أماكن هي ليستْ بيئتها الطبيعيَّة المناسبة، ولا أن تغدق عليها الأموال دون مبرِّر، بينما الكثيرون مِن البشر حولَنا لا يجدون شيئًا من ذلك! حسبها أن نكفَّ عنها أذيتنا لتعيش بسلام.



إنْ هم رغِبوا أن يعبثوا بطبائع الأمور لإسعاد حيواناتهم والترفيه عنها، فهذا شأنهم، ومَن أراد مِن بني جلدتنا أن يحذوَ حذوهم فهذا شأنُه أيضًا، ولكن عليه أن يكفَّ عن إعطائنا الدروسَ والعظاتِ عن كيفية الرِّفق بالحيوان على طريقتهم، خصوصًا بعد أن نذكِّره أنَّ رأفتهم هذه ببعض حيواناتهم الأليفة لا نشاهدها في تعامُلهم مع الحيوانات الأخرى عندَ ذبحها أو التخلُّص منها، فهم يلجؤون إلى طرق لا تقرُّها شريعتنا، مِن ضرب للرؤوس بآلاتِ الحديد الثقيلة إلى صَعْق بالكهرباء، وحتى إلْقاء الحيوانات حيَّة في مكائن التقطيع والفَرْم، وكذلك فإنَّ إسلامنا لا يُجيز لنا أن نرغمَ الحيوانات على مقاتلةِ بعضها كما في صِراع الدِّيكة الذي يَنتهي عادةً بموت أحدها، لا غرَض من ذلك سِوى التسلية والمراهنات على حسابِ بؤس هذه الكائنات!



ويُحرِّم علينا إسلامُنا أيضًا أن نعذِّب الحيوانات ليجنَّ جنونها وتهيج لفرط ألَمها كما يفعلون في رِياضة الروديو في الغرْب الأمريكي، أو إذاقتها صنوفَ العذاب بغرز الحِراب في أجسادها؛ تمهيدًا لقتلها بطريقةٍ وحشية كما في مصارعةِ الثيران الإسبانية، حالهم بذلك لا يختلف كثيرًا عن بعضِ الصيَّادين في أدْغال إفريقيا الذين يقتلون طرائدَهم بوحشية بالِغة، فيقومون أحيانًا بنزع قرون بعض الحيوانات وأنيابها الثمينة، وهي حيَّة تاركين لها الألَم والموت البطيء، وحتى إنَّ التعذيب للحيوانات في بعضِ دول الشرق الأقصى يصِل إلى حدِّ سلخ جلودها حية، وإحدى أفخم ولائمهم أكْل مُخ قرْد نيء وهو حيٌّ بعد كسْر رأسه وانتزاعه منه مباشرة على مائدة الطعام، في مشاهدَ مروِّعة تقشعِرُّ منها الأبدان، ويَدْمَى لها القلب، فأيُّ أناس هم هؤلاء نُزِعت من قلوبهم أدْنى درجات الرحمة والرأفة، وأيَّ مبدأ يسيرون عليه؟!



أليس في طُرقهم هذه في التعامُل مع الحيوانات بالتدليل المفرِط لبعضها، أو الاستمتاع بتعذيب وقتْل البعضِ الآخَر تناقضٌ عجيبٌ لا يفسِّره سوى منطق التسلية والسادية واللامبالاة على حسابِ هذه المخلوقات، التي لا حولَ لها؟ وهل نجحتْ جمعياتهم لحقوقِ الحيوان في وقْف هذه الممارسات البغيضة؟!



المسلم الحق ليس بحاجةٍ لقانون وضْعي ليردعَه عن مِثل هذا الظلم الفاحِش بحقِّ هذه الكائنات المسكينة المغلوبة على أمرِها، فالحمد لله على نِعمة الدِّين.



مِن المفيد قبل أن ننتهي أن نذكِّر اللاهثين خلْف الغرب والشرق بصراعاتهم بأنَّ آخر ما ورَد إلينا منها عبْرَ وسائل الإعلام: إقدام رجل أسترالي على إعلان الزواج بكلبتِه وإقامتِه لهذه المناسبة حفلاً خاصًّا دعا إليه لفيفًا من الأهل والأصدقاء، فتحت أيِّ بند مِن الرفق بالحيوان يُمكن تصنيفُ هذا العمل؟!



والله إنَّ الأسماع لتتأذَّى مِن خبر كهذا، ولا يملك صاحبُ عقل سليم إلا أن يتساءَلَ بعجب: أيّ رِفق هذا الذي فيه تَعدٍّ على فِطرة العيش السليم للإنسان والحيوان على حدٍّ سواء.



ربما لو أنَّ هذه الكلبةَ امتلكت بعضَ ما للبشر مِن إدراك ونطقتْ لرفضتْ هذا العريس، وطالبت باستبدال كلب مِن بني جنسها به، أو اختارتْ أن تظلَّ أرملةً ما بقِي من عمرها!



اللهمَّ احفظْ علينا دِيننا وعقلَنا وفِطرتنا السليمة، وجنِّبها الزيغَ والانحراف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق