عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الثلاثاء، 12 أبريل 2011

لغة الاستهياف والاستهبال في أجندات الرئاسات العربية

لغة الاستهياف والاستهبال في أجندات الرئاسات العربية



عبد السلام البسيوني | 12-04-2011 01:14

الاستهياف في اللغة: ازدراؤك من أمامك، واعتقادك (هيافته) وقلة قيمته، وهوانه! واستهباله هو: ظنُّك بلاهته وضعف عقله، وهما أسلوب تعامل تستخدمهما الرئاسات العربية بشكل واسع النطاق جدًّا مع شعوبها؛ تمامًا كما فعل فرعون لعنه الله حين (استهيف) المصريين، واستخف بهم (فأطاعوه؛ إنهم كانوا قومًا فاسقين)! وهذا حكم إلهي عجيب على من لديه قابلية الاستهياف أو الاستحمار: أنه فاسق، من قوم فاسقين!
الله أكبر: أيتحمل المنصاعون للاستهياف والاستهبال مسؤوليةً شرعية، يعاقبهم الله عليها؛ إذ بها يرضون، ويقبلون؟ ما انتبهت لها من قبل، وإنها والله لأمر فظيع وخيم!
وهل (يستهيف) الأمةَ قادتــُها فعلاً، ويستخِفُّون بها، ويمررون أجنداتهم واتفاقاتهم وخبائثهم (مستحمرين) بها الشعوب التي كثيرًا ما تصفق، وتهتف، أو تصمت، وتبتلع ألسنتها، وتبيع أحرارها ومفكريها وعلماءها وأبناءها، وتتركهم في السجون والقهر والقمع؛ إرضاء لـ(مستهبلهم)، المستخف بهم!؟ التاريخ والواقع المعيش يقولان: نعم!
فلقد استهبل الأباطرة والكهنة أصحاب الحكم الإلهي شعوبهم، وركّعوا أوربا وجهّلوها ألف سنة كاملة غير منقوصة!
واستحمرهم مشعلو الحرب الصليبية في إطلاق حملة من الأطفال Croisade des Enfants لتحرير مهد المسيح من المسلمين الكفرة.. حملة من أطفال فعلاً انطلقت مرتين! بادت بالرياح والطاعون والغرق، وبيع من تبقى من المستحمَقين المغرر بهم عبيدًا، بأيدي قراصنة الحروب، وتجار البشر!
واستخف السفاح الباطني الحسن الصباح صاحب قلعة أَلَموت أتباعه حين أقنعهم أن عنده جنة ونارًا وحور عين؛ فأطاعوه، وتحولوا إلى قتلة مردة، يسارعون للموت دون تردد..
واستغبى الباطنيون والرفضة الذين يبنون دينهم على المنامات والأوهام والأكاذيب التي يصدقها أتباعهم (المستحمَرين) الذين رضوا بالانغماس في المتعة الحرام، والدين الحرام، بينما الملالي (يهبرون) خمس الموجود وخمس الدخل، ويعيشون ولا شهريار!
واستحمر متعصبو ألمانيا وإيطاليا شعبيهما في الحرب العظمى الثانية ليريقوا عشرات الملايين من الأرواح؛ إرواءً لجنون العظمة الذي يستبد بهم!
ويستبله زعماء العالم الثالث عشر كله شعوبهم - بمنتهى الاستهانة والوضوح - حتى إنهم يصفعون هذه الشعوب على أقفيتها سنة واثنتين وعشرًا وعشرين وثلاثين وأربعين.. والشعوب تستنيم للضرب والصفع والانتهاك!
سُنّة فرعونية لا يمكن إنكارها ولا تجاوزها؛ حتى يغير الناس ما بهم، فيغير الله حالهم، ويردهم لآدميتهم، ويرد عليهم حريتهم وقرارهم! كما نؤمل من نتيجة ثورة يناير هذه!
راجعوا حال أمتنا خلال العقود الماضية وحاسبوني، بعد أن تُراجعوا المآل الذي ألنا إليه بوجود أمثال مبارك والقذافي وحافظ فشار وسالح وصدام وزياد بري، وكيف نزحوا أموالنا، وضربوا ديننا، وهدموا أمجادنا، وسرقوا مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، ورهنونا لأعدائنا باتفاقيات عار لا يغسلها ماء البحار من المحيط للخليج، ومن المتوسط لبحر العربب!
ويتخذ مسلسل (الاستهياف) أشكالا كثيرًا نبتلعها كما يبتلع بعضنا وصفات الدجاجلة الذين يصفون للأعمى ورك نملة، ومصران بعوضة، وعصير زلطة، ونصف حنظلة، مؤكدين أنه بذلك (سيُفَنْجِلُ) عينيه، ويبصر ولا زرقاء اليمامة!
= لقد أقنعونا بعدم محاكمة الرؤساء لأنهم فوق المحاكمة، في الحكم أو خارجه، كأن الرئيس مهما بلطج وخان شعبه، وأهان دينه وتاريخه (لا يسأل عما يَفعل، وهم يُسألون!) في أي دستور وبأي ميزان؟ ولو حصل واضطر هو وأهله للخروج فلا بد من خروج كريم يليق بجلالته محملاً بما سرق وما نهب! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا بأن جرائم نظام مبارك كلها مالية وبس: سرقة، ونهب ملايين، واقتطاع أراضٍ، ونحو هذا! فماذا عن انتهاك القانون مليار مرة؟ وماذا عن إهدار كرامة الشعب والتعذيب المقنن برضاهم وتسترهم وتبريرهم؟ وماذا عن احتكار البلد لعصابة؟ وماذا عن خيانة البلد، والنوم مع العدو في لحاف واحد، بعد اتخاذه خدينًا وعشيرًا؟ وماذا عن تدمير التعليم والإعلام والدستور وكل مرافق مصر؟ وماذا عن تفصيل قوانين القمع؟ وماذا عن بيع القطاع العام وتدمير الزراعة ورهن الأمة لعدوها الألد؟ قمة الاستهبال والاستهياف!
= واجتهدوا – بتلقين من الخارج العدو - في إقناع الناس أن أنهم غير مؤهلين للديمقراطية، وأنهم غير ناضجين بما يكفي ليعيشوا كالبشر، فلا يصلح لهم إلا القمع!
= وأقنعونا بأن كل من يقول لا، أو يعترض، أو يشكو، هو خائن، جحود، كنود، لا يشكر نعمة الله بأن جعل الأمة في ظلهم العالي! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وسموا حزبهم: الوطني الديمقراطي، وتغزلوا بمحاسنه، وتغنوا بمفاتنه، وكيف يكون وطنيًّا وهو حزب في خدمة رجل، وفي عهده سطرت اتفاقيات تسليم مصر، وبيع قطاعها العام، وسُلم أمنها للموساد يديرها رسميًّا!؟ وكيف يكون ديمقراطيًّا، وهو عدو لأية معارضة، وأستاذ في قطع الألسنة، ومعارضوه أحزاب داجنة مستأنسة، وهياكل ورقية أوهى من بيت العنكبوت! ؟ قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا زمنًا أن التدين ضد الحرية وضد الحضارة، وأن الدين والنهوض ضدان نقيضان، فلكي تصير متحضرًا عليك أن تخلع دينك (وتصيع) وسخروا لذلك إمكاناتهم كلها، سياسية، وحِزنية، وتعليمية، وإعلامية، وأمنية! قمة الاستهبال والاستهياف!
= واجتهدوا في إقناع الخارج بأن الإسلاميين يهددون أمن العالم، وأن عليهم أن يضربوهم بأيد من حديد؛ إقرارًا للأمن، وضبطًا للأمر! وافصلوا قوانين لذلك!
= وأقنعونا أن من يسلبون أمن الدولة هم (أمن الدولة) وأن الجلاد ضابط مكرم، وأن الإرهابي الرسمي (باشا) يجب تعظيمه، وطأطأة الرأس دونه! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا أن تاريخنا مظلم، وأن خلفاء وأمراء الأمة الغابرين كلهم كانوا مستبدين إرهابيين ظلمة؛ حتى الذي دوخ الفرس والروم، والذي كان يحج عامًا ويغزو عاماً، والذي قاوم التتار، والذي قهر الصليبيين، والذي كان يقرب العلماء ويبعد السفهاء! وأنهم أعدل منهم عدلاً، وأفهم منهم فهمًا، وأبصر بالأمور وأحذق! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا بوجود إرهابيين ومؤامرات هم يلفقونها، ويصنعونها، ويديرون فاعليها، كما حصل في تفجيرات مصر، والخلايا الإرهابية المزعومة التي يكشفون عنها، وكأحداث الفرقة في اليمن، وفتنة الروافض الحوثيين، والخلايا الإرهابية في تونس، وفي سوريا، ثم يعتقلون أطفالاً ( كما رأينا هذه الأيام في درعا، ومع طل الملوحي، وكما تفعل إسرائيل في غزة، بجانب كبار سن كانوا يحتجزونهم بالمطارات، ويسومونهم العناء والعنت، ويدمرون عائلات، ومصائر شباب يحتاجهم الوطن)! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وكان الزعيم يخدر شعبه بألف مخدر، ويجعل البانجو أرخص من الهواء، ويصف معارضيه بأنهم يتعاطون حبوب هلوسة! ويستعين بالبلطجية ثم يصف الأشراف المتظاهرين بأنهم بلطجية، ويكون حولة مئات من المنتفعين، فيجعلهم ملايين، وضده ملايين يقول إنهم فئة مندسة (إن هؤلاء لشرذمة قليلون!) قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا بالقُطْرِية، والعصبية المحلية، فلا علاقة للمصري بما يجري في غزة وتونس ونواكشوط وبغداد وتيزي أوزو، أو البوسنة وكراتشي وكابول وبشكيك، أو بوروندي ورواندا ونيجيريا وحوض النيل! قمة الاستهبال والاستهياف!
= وأقنعونا أن مجلس الشعب كان لخدمة الشعب، وأن مجلس الشورى كان مجلس شورى! وقد رأيناهما مجلسين مزورين، مليئين بذوي الكروش المنتفخة بأموال الفساد والمخدرات وسرقة أموال الدولة، وتمرير قوانين البلطجة الوطنية الديمقراطية! و.. و.. و.. و! قمة الاستهبال والاستهياف!
لكن هل كان فينا من يسمع لهم؟ نعم، ونعم، ونعم!
لقد صمتت الأمم المسلمة عقودًا.. ولا يزال على الفيس بوك بعض الطيبين ممن يناصرون مبارك وعمر سليمان، ولا يزال كثير من أفاعي النظام ومرتزقته يُحكمون رأيهم، ويفتلون حبالهم لاستعادة ولي النعمة، ورجاله من الهوامين والقوارين، الذين انكشفت سوءاتهم (وهم لا يستحون بالمناسبة من كشفها لأنهم يستبيحون الانكشاف والتعرية لأقصى حد)!
فهل نعود لأيام الاستحمار والاستهياف أم إن الأمة أفاقت حقًّا وانتبهت!
___________________
في قصيدته (حبيب الشعب) قال مطر:
صورةُ الحاكمِ في كلِّ اتِّجاهْ/ أينما سِرنا نراهْ/ في المقاهي/ في الملاهي/ في الوزاراتِ وفي الحارات والباراتِ/ والأسواقِ والتلفازِ والمسرحِ والمبغى/ وفي ظاهرِ جدرانِ المصحّاتِ/ وفي داخلِ دوراتِ المياه/ أينما سرنا نراه !
صورةُ الحاكمِ في كلِّ اتّجاهْ/ باسِمًا في بلدٍ يبكي من القهرِ بُكاهْ / مُشرقًا في بلدٍ تلهو الليالي في ضُحاهْ/ ناعِمًا في بلدٍ حتى بلاياهُ بأنواعِ البلايا مبتلاةْ/ صادحًا في بلدٍ مُعتقلِ الصوتِ ومنزوعِ الشِّفَاه/ سالمًا في بلدٍ يُعدمُ فيهِ النّاسُ بالآلافِ يوميًّا بدعوى الاشتباهْ!
صورةُ الحاكم في كُلِّ اتّجاهْ / نِعمةٌ منهُ علينا/ إذْ نرى ، حين نراهْ/ أنَّه لمَّا يَزَلْ حَيًّا!
..... وما زِلنا على قيدِ الحياةْ!
albasuni@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق