عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 28 أبريل 2011

أنا قلت ما نِخْتِلفش!؟

أنا قلت ما نِخْتِلفش!؟



عبد السلام البسيوني | 25-04-2011 00:48

لم أقلها والله، بل أعتقد أن الاختلاف ضرورة، وأن بالاختلاف ينمو الدين و(يواكِب)، وأن الحضارة قامت على الاختلاف، وأن الإبداع لا ينمو إلا بالاختلاف، والعلم لا يحلق إلا بالاختلاف، وأن الله تعالى وحده هو الفرد الأحد، ولم يخلق في الكون واحدًا فردًا، بل كل شيء أزواج وأشباه، لا متطابقات متساويات! حتى إنه تعالى جعل من آياته الدالة على أحديته وعظمته: اختلاف ألسنتنا وألواننا، واختلاف بصمات أجزائنا، واختلاف مشاربنا وأهوائنا، واختلاف طبائعنا وأمزجتنا، لتتم عمارة الأرض، وتقوم سنة التدافع، ويهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة!

تخيل الكون بدون هذا التنوع المعجز، والاختلاف الباهر! تخيل ملامح وجوهنا وقد تطابقت، وعقولنا وقد استوت، وأحجامنا وقد خرجت من (فورمة واحدة) فكيف ستكون الحياة ونكون!؟ ألن تكون غبية رتيبة مملة، ألن نكون أشبه بالروبوتات والكائنات الإلكترونية السخيفة التي تزحم عيوننا في أفلام الإثارة؟

تخيل النساء وقد صرن جميعًا نسخة واحدة متطابقة – حتى ولو كن على هيئة أجمل الجميلات - فليس منهن من يميزها أنف أسيل، أو شعر رسيل، أو طرف كحيل، أو قد مائل مميل، أو أنوثة فائحة! هل سيكُنّ نساءً أم (بلوى مسيَّحة)!؟

تخيل الفاكهة وقد صارت كلها عنبًا (بس) أو مانجة فقط، أو بطيخًا أونلي، أو جوافة نُتْ مور! هل ستكون فاكهة، أو جديرة بأن تسمى!

تخيل الشجر والزهر لونًا واحدًا ونوعًا واحدًا، ليس فيه أحمر وأصفر، ولا أزرق وأخضر، ولا بنفسج وورد، ولا خزامى وفل، ولا أوركيد وياسمين! فقط نوع واحد: هل سنظل به متعلقين؟!

تخيل الحضارة دون قلم وورقة، دون كتاب وديوان، دون كمبيوتر وفضائية، دون ملعب ومعمل! هل ستكون حضارة، أو جديرة بأن تسمى!

تخيل الإسلام وليس فيه حنفية ومالكية، ومحدثون وفقهاء، وسلفية وصوفية، وأثريون وعقليون، وحركيون وإصلاحيون، تخيل عالمنا وقد زحمه لغويون لا يتكلمون بغير لغة: وناءَ بكلكلِ! أو متقعرون لا يستخدمون إلا منطق: أصقعت العتاريف! وتخيل شعرنا كله بلغة مقامات الحريري، فلم تكن موشحاتٌ ولا مقطعات، ولم يظهر المتنبي وأبو تمام، ولم يكن شوقي ولا البارودي، ولم يكتب نزار ولا مطر، ولم يلْحن نجم ولا إيمان بكري!

مش داهية بالله عليك أيها الكريم!؟

تعال نتفق قارئي حبيبي على أن الله تعالى جعل ما نتفق عليه أقل القليل، وأن أكثر الكثير محل اختلاف، لتعمر بنا الدنيا وتقوم الحضارة..

تعال نتفق قارئي حبيبي على أنه ليس ثم ما نتفق عليه إلا المعلوم من الدين بالضرورة – كما يقول الأصوليون والفقهاء – وأما الباقي فـ (لا بد أن نختلف فيه)!

(ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك؛ ولذلك خلقهم) تصور! للاختلاف خلقهم، وللتدافع والصراع، والتنوع والإبداع!

حتى في المدرسة الواحدة، والمذهب الواحد، وتلاميذ الأستاذ الواحد يحصل الاختلاف الكبير، وأرجوك أثبت لي العكس.. منذ محمد صلى الله عليه وسلم حتى اليوم، وحتى ما شاء الله تعالى!

الغربيون (العفاريت) يعتبرون الاختلاف مزية، ويحرضون عليه، ويدعون له، ويرحبون به، ويسمونه (التعددية) فعندهم تعددية سياسية، وتعددية ثقافية، وتعددية فكرية، وتعددية دينية، وتعددية فنية، وتعدديات لا يحصيها إلا الله..

في الرسم وحده تجد الرومانتيكية والواقعية والواقعية الاشتراكية والطبيعية والدادائية والتجريدية والسريالية والتعبيرية والتكعيبية والانطباعية والرمزية والوحشية، وغيرها.. ولكل وجهة هو موليها، وفلسفة يترسمها، وغايات يتوخاها، وله إبداعاته، وله مفتونوه، أعجبني ذلك أم لم يعجبني، وأعجب حضرتك أم لم يعجبك!

أما نحن فموحدون (بالمعنى السلبي طبعًا) ولا نريد غير ذلك:

الرئيس في عالمنا العربي واحد (للأبد) - حتى لو ثبت أنه لص، أو عميل، أو جاهل، أو ميت الدماغ، أو معدوم الضمير - بسبب ضرباته الأرضية والجوية، وإنجازاته المضرية، وعطاءاته العنترية، وكأنه ترأّس ليأخذ لا ليعطي، ولينام لا لينجز، وليخلد لا ليموت، وليحصي أنفاسنا شريكًا للكرام الكاتبين!

وحزبنا واحد لا شريك له، وهو دائمًا حزب الشرفاء الأحرار، وسواه أحزاب الخيانة والعمالة، والرجعية، والإمبريالية، والتآمر والانقضاض على المكتسبات الحزنية! حتى لو نشّف البلد، وجفف المنابع، وهيَّف الناس، وكبس على الأنفاس!

وحركاتنا الدينية أيضًا مستبدة – أقولها ولو كره الإسلاميون - تعشق أن تكون وحدها بارزة مائزة، وأن يكون رأيها فذًّا لا معقب له، ولا مخالفة له، كأن أشباه العلماء فيها معصومون، رأيهم الرأي ومشورتهم المشورة، وكأن مخالفتهم جريمة وافتئات ونشوز!

ويعشق منتسبوها رموزها أحيانًا لحد التوثين، فهناك من يعتقد أن عطسة الشيخ فلان إبداع مرموق، وكُحة العلامة علان اجتهاد فائق غير مسبوق، وأن مخالفة المجتهد ترتان مروق!

وإبداعنا – كذلك - ينبغي أن يكون على مدرسة واحدة هي الحاكمة السائدة:

فإذا كان القابضون على مقاليد الإعلام حمرًا فاقعين يسوؤون الناظرين، وجب أن يكون الإبداع مَريدًا جحودًا ملحدًا وابن ملحد!

وإذا كان (حداسيًّا) وجب أن يكون تائها مسطولاً مخدرًا ضبابيًّا لا يفهمه حتى كاتبه! ويكون غيره من أشكال الإبداع رجعية وظلامية وسلفية ونكوصًا وانحرافًا وضلالا!

وإذا كان (إبداعًا) دينيًّا وجب أن يكون خطبة منبرية منظومة بلغة مملة، أو مكتوبًا بطريقة مخلة، أو تمثيلاً (يفطّس م الضحك)! وعزّ فيه الإبداع التقني، والتجسيد الدرامي، والتشكيل الفني، والتهويم الشاعري! وعلى هذا فانسج أيها الحبيب!

هذه النظرة (تشل) النهوض، بكل ما تعنيه كلمة الشلل! تشل الحياة، وتشل الإبداع، وتشل الدين، وتشل التغيير، وتشل الحضارة، والله تعالى سيسألنا عنها!

الاختلاف يا سيدي نعمة قدرها غيرنا، وحُرِمناها وربما حرّمناها، وهذا الخطأ عينه!

فلا بد من الاختلاف؛ على أن يكون رشيدًا مرشدًا، وجيهًا موجهًا، خالصًا ومخْلصًا، مضيفًا ومكملاً، غير عنيف، ولا رافض، ولا مستحوذٍ، ولا مُقْصٍ، ولا أناني غبي!

الاختلاف الذي يزيد ولا ينقص، ويعطف ولا يعنُف، ويحبب ولا يبغِّض، ويبر ولا يعق!

الاختلاف الذي لا يسب السابق ولا يحقر اللاحق، ولا يرى نفسه (جاب الديب من ديله) يحكون أن أبا العلاء العبقري أحس أنه فلتة، وأن لا أحد مثله، فتمطى، وقال متباهيًا:

وإني وإن كنت الأخيرَ زمانُهُ .......... لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل!

فقال له غلام شكس: يا عمووووو، عمو أبو العلاء: الألفباء تمانْية وعشرين حرف، ممكن تزود عليها حرف واحد بس؟ ممكن عموووو؟ فخجل عمو واعترف أن الصبي غلبه!

نريد الخلاف الذي يرفض المقولة الغبية: ما ترك الأول للآخر شيئًا، ويرفض أكذوبة عنترة: هل غادر الشعراء من متردم.. فقد غادر الشعراء الكثير الكثير، وترك الأول للآخر ما يعجز عنه الحصر..

دعونا نختلف دون تشاتم، وتعالم، دون إقصاء وحجر، دون أنانية وبخل، دون تحريض واستعداء؛ كما فعل عمو المفتي الكبير اللي رايح واشنطن بوست ليستعدي العم السامّ على أهل الإسلام! شنشةَ أخزمَ القديمة!

الله ينتقم من كل مجرم جائر أعمى البصيرة!

----------------

قال لزوجه: اسكتي وقال لابنه: انكتم/ صوتكما يجعلني مشوش التفكير!

لا تنبسا بكلمةٍ/ أريد أن أكتب عن حرية التعبير !

albasuni@hotmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق