عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الاثنين، 4 أبريل 2011

جرت الرياح بما لا تشتهى السفن

جرت الرياح بما لا تشتهى السفن



لواء د. عادل عفيفي | 04-04-2011 00:38

في 28 مارس 2011أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما بقانون رقم ( 12 ) لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية.

تضمن القانون الجديد مميزات عدة مثل إلغاء لجنة شئون الأحزاب والعمل بعد الموافقة دون اللجوء إلي المحكمة كما كان معمولا به من قبل.

إلا أن القانون أثار جدلا بين السياسيين بسبب تغليظ الإجراءات أكثر من القوانين السابقة فقد اشترط 5000 مؤسس بتوكيل الشهر العقاري في حين أن القانون القديم اشترط 1000فقط وقبل ذلك كان 50 مؤسسا فقط .

وهكذ فقد أخذ القانون الجديد بالشمال أكثرمما أعطاه باليمين.

تضمن ذلك القانون قواعد موضوعية لم تكن متوقعة حسبما كان يقال بعد ثورة 25 يناير من تعديل قانون الأحزاب السياسية القائم رقم 40 لسنة 1977لتسهيل وتوسيع المشاركة الشعبية فى العمل السياسى ، وتحتاج هذه القواعد إلى مناقشة .

من ذلك مايلى :

أولا :مادة 4 فقرة ثالثا :تنص على :

"عدم قيام الحزب فى مبادئه أو برامجه أو فى مباشرة نشاطه أو فى اختيار قياداته وأعضائه على أساس دينى أو طبقى أو طائفى أو فئوى أو جغرافى أو بسبب الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة "

ونحن لا نجد مبررا لذلك النص إلا استبعاد الدين الإسلامى أو الشريعة الاسلامية من الموضوع،من حيث النص على أن مبادئ الحزب وبرامجه يجب ألا تقوم على أساس دينى .

وهذا الشرط يتعارض مع ( مـــــــادة 2 ) من الإعـــــلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 30 مارس 2011 التى تنص على أن :

" الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع "

فإذا كان الإسلام دين الدولة ،فما الذى يمنع من تكوين الأحزاب فى مبادئها أو برامجها على أساس هذا الدين .

كان يكفى فى هذا الصدد الضوابط التى جاء بها القانون فى الفقرة الثانية من تلك المادة الرابعة وهى " عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع المبادئ الأساسية للدستور أو مقتضيات حماية الأمن القومى المصرى أو الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى " ، وكذلك ما جاء بالفقرة السادسة التى اشترطت " علانية مبادئ الحزب وأهدافه وأساليبه وتنظيماته ووسائل ومصادر تمويله."

لقد كانت المادة 4 فقرة أولا من قانون الأحزاب السياسية قبل تعديله مؤخرا تنص على أنه يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي:

عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:

مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.

مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.

الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية."

ومن ثم فإن التعديل الأخير قد استبعد عبارة " مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ".

ثانيا :ومن ناحية أخرى ، فإن هذا القانون قبل تعديله كان ينص فى مادته السابعة على أنه :

"يجب تقديم إخطار كتابى إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها فى المادة ( ٨) من هذا القانون عن تأسيس الحزب موقعًا عليه من ألف عضو على الأقل من أعضائه المؤسسين مصدقًا رسميًا على توقيعاتهم ، على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل وبما لا يقل عن خمسين عضوًا من كل محافظة ، وترفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب، وبصفة خاصة نظامه الأساسى ولائحته الداخلية وأسماء أعضائه المؤسسين وبيان الأموال التى تم تدبيرها لتأسيس الحزب ومصادرها ، واسم من ينوب عن الأعضاء فى إجراءات تأسيس الحزب ....."

أما التعديل الذى جرى فقد زاد الأمور تعقيدا من حيث زيادة عدد الأعضاء المؤسسين من ألف إلى خمسة ألاف ،والعدد المطلوب من كل محافظة ( عشرة محافظات على الأقل) 300 عضو بعد أن كان 50 عضوا.

فقد نصت المادة 7 بعد تعديلها على أنه :

يقدم الإخطار بتأسيس الحزب كتابة للجنة الأحزاب المنصوص عليها فى المادة / 8 من هذا القانون مصحوبا بتوقيع خمسة آلاف (كان العدد ألف عضو كما سبق البيان) عضو من أعضائه المؤسسين مصدقا رسميا على توقيعاتهم،على أن يكونوا من عشر محافظات على الأقل ،بما لايقل عن ثلاثمائة عضو من كل محافظة ."كان العدد قبل التعديل خمسين عضوًا".







ثالثا :كان القانون فى المادة رقم 8 ينص على أنه :

"ويتولى مؤسسو الحزب أو من ينوب عنهم فى إجراءات تأسيسه نشر أسماء مؤسسيه الذين تضمنهم إخطار التأسيس على نفقتهم فى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار خلال ثلاثين يومًا من تاريخ الإخطار ، وذلك على النموذج الذى تعده لهذا الغرض لجنة شئون الأحزاب السياسية مع إبلاغ اللجنة خلال ثلاثة أيام من تاريخ النشر بما يفيد تمامه ."

أما النص بعد تعديله فقد أصبح كالتالى :

" ويتولى مؤسسو الحزب أو من ينوب عنهم فى إجراءات تأسيسه نشر أسماء مؤسسية الذين تضمنهم إخطار التأسيس على نفقتهم فى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار، وذلك على النموذج الذى تعده لهذا الغرض لجنة شئون الأحزاب، مع إبلاغ اللجنة بحصول الإعلان.

ويعد الحزب مقبولا بمرور ثلاثين يوما على تقديم إخطار التأسيس دون اعتراض اللجنة.....

وفى حالة اعتراض اللجنة على تأسيس الحزب، تصدر قرارها بذلك، على أن تقوم بعرض هذا الاعتراض خلال ثمانية أيام على الأكثر على الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا لتأييده أو إلغائه، ويعتبر القرار كأن لم يكن بعدم عرضه على هذه المحكمة خلال الأجل المحدد.

وتنشر القرارات التى تصدرها اللجنة بعدم الاعتراض على تأسيس الحزب أو الحكم القضائى برفض الاعتراض على تأسيسه فى الجريدة الرسمية وفى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار أو الحكم."

وعلى هذا النحو جاء القانون الجديد مخيبا للآمال ،فهو إن كان قد تخفف فى الاجراءات من جانب ، إلا أنه وضع شروطا بالغة التعقيد من جانب أخر من حيث زيادة عدد الأعضاء المؤسسين على النحو السابق ذكره ،كما أنه أبقى على شرط

نشر أسماء مؤسسية الذين تضمنهم إخطار التأسيس على نفقتهم فى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار خلال ثمانية أيام من تاريخ الإخطار ،وهو شرط لامعنى له ،وربما كان يمكن تحقيقه فى ظل النص السابق قبل زيادة الأعداد المطلوبة للتأسيس (مع ما فى ذلك من صعوبة بالغة بالنسبة للتكلفة المالية للنشر ) .

أما فى ظل القانون الحالى -بعد الثورة - الذى قيل أنه سيسهِّل أمر تكوين الأحزاب وإلغاء القيود المفروضة ، فإن شرط نشر أسماء الأعضاء المؤسسين" خمسة آلاف على الأقل فى صحيفتين يوميتين واسعتى الانتشار على نفقتهم، يتكلف مبالغ مالية هائلة تقترب من مليون جنيه ،وهو أمر لاطاقة للأحزاب الناشئة به .

إن هذا الشرط ،فضلا عن عدم منطقيته أوُ ضرورته ،يُعدُّ شرطا مانعا من قيام أحزاب جديدة تضم الأغلبية الصامتة من الجماهير التى لم يسبق لها المشاركة فى العمل السياسى من أمثالنا ،ولا يستطيع ذلك إلا التجمعات التى تستطيع دفع المبالغ المطلوبة للنشر ،مثل الحزب الوطنى الذى سيعود باسم جديد إذا حكم القضاء بحلّه ،وتجمع غنى آخر يعرفه المشرع والقارئ جيدا.!!

فهل يكون ذلك هو المقصود؟

وعلاوة على ذلك ،فإننا نعتقد أن المقصود منه هو إغلاق الباب أمام تجمعات السلفيين لتكوين أحزاب مستقلة عن الإخوان المسلمين وغيرهم،فى ظل الهجمة الشرسة على السلفيين من العلمانيين الذين يريدون إلغاء المادة الثانية من الدستور المتعلقة بالشريعة .

إنه شرط غير دستورى لأنه يخالف تلك المادة الثانية التى تقضى بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ،ذلك لأنه تكليف بالمحال أو بما فيه صعوبة أو مشقة ،وهذا غير جائز فى أحكام الشريعة ،فالتكليف بالمحال محال.

رحم الله أبا الطيب المتنبى(915 – 965) حيث قال :

ما كل ما يتمنى المرء يدركه --------- تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

*********

لقد جرت الرياح بما لا تشتهى السفن.

أما الرياح فهى قانون الأحزاب السياسية الجديد، وأما السفن فهى الغالبية الصامتة من أمثالنا ،التى ستعود إلى مقاعد المتفرجين .

هنيئا للعلمانيين وللحزب الوطنى بالقانون الجديد.

" إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ "

كاتب المقال مساعد وزير الداخلية سابقا.

adel.afify@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق