عون الرحمن

قصة كاميليا شحاتة

شرح كتاب العبادات

ما هكذا تورد الابل يا جمعة!!!؟

الخميس، 7 أبريل 2011

السلفيون وتقويض الثورة

السلفيون وتقويض الثورة



أشرف عبد المقصود | 07-04-2011 01:17

الناظر يوميا إلى صحافة إشعال النار والفتن وما تلقيه من إثارة واتهامات وجرائم تُلقي بها كل يوم على الرأي العام وتنسبها للتيار السلفي يرى في الأفق نذير خطر يٌحدق بالجميع ولا تؤمن عواقبه ..
فالتيار السلفي - الذي يٌعد من أبرز مناقبه أنه ضد العنف والتكفير- فجأة تحول بقدرة قادر وبين يوم وليلة - إلى حامل لواء العنف وكل مصيبة تحل بوطننا هو السبب فيها من ( الفتنة الطائفية وهدم الأضرحة وتأخير السياحة وتأديب المتبرجات وغلق المقاهي وإخراج الناس من الدين وتكفيرهم .. إلخ ) مع إنني استطيع أن أحصى مئات الكتاب والأبحاث التي كتبها علماء السلفية ردا على التكفيريين ودعاة العنف وتأصيل هذه المسائل بما لا تجده عند غيرهم . إضافة إلى المواقف المسجلة لهم تاريخيا - ولا ينكرها إلا جاحد - في رفضهم للعنف من بعض الجماعات المسلحة طيلة العقود الماضية في مصر وخارجها .. فكل يوم نحن بانتظار تهمة جديدة وغدا وبعد غد.. وهلم جرا ولن يستطع أي مراقب لهذه الصحف المنفلتة أن يتابع سيل الاتهامات المتلاحق يوميا . وربما نسمع أن السلفيين هم من أثاروا الشغب في نهاية مبارة الزمالك والأفريقي التونسي لا سيما وأن الأمر فيه ( جلابية !! وأنهم من تسبب في ارتفاع أسعار الطماطم " ، والمساكين من التيار السلفي يردون يوميا على هذه المعارك الوهمية قائلين : ( والله لم نفعل ) .. ( والله ليس لنا شان بهذه الحادثة ) .. ولا أحد يسمع لهم !
* * *
الهدف الحقيقي أيها السادة من وراء هذه الاتهامات ، هو جعل السلفيين وقود فتنة كبرى مع التيارات الأخرى التي يؤلبونها عليهم خاصة الصوفية ، لما يعلمون من اختلاف بين الفريقين في بعض المسائل الاعتقادية . تنتهي هذه الفتنة بتقويض الثورة التي ينتظر الكثير من المصريين أن يفرحوا بنجاحها .
فالصحفي.الذي لا ضمير له هو الذي يبحث يوميا في صحافة الحوادث عن جريمة جنائية يمكن إلصاقها بالتيار السلفي - وهل عناصر أفرادها يمتون بصلة من قريب أو بعيد للتيارات الإسلامية . وأكثرهم من مرتزقة الصحافة الذين تربوا في عهد الطاغية المخلوع مبارك . والمنصف يعلم أن هذه الحوادث جنائية - يستدعونها متى ما أرادوا ثم يضخمونها لغرض إشعال الفتنة . وأن السلفيين لهم أخطاء كما لأي فصيل آخر ، ليس على رأسهم ريشة ، وليسوا بمعصومين ، وهذه الحوادث الفردية - أيا كان فاعلها ، مسلما أو مسيحيا أو إخوانيا أو سلفيا أو صوفيا ، مكانها ساحة القضاء ، وأنه ينبغي التحقيق ممن ورائها وقطع ألسنة الفتنة ، و( الحرامي بشيلته ) كما يقول المثل المصري ! ومما يدعو للدهشة أن بعض هذه الصحف نشر بعد ذلك أن تحقيقات النيابة في هذه الحوادث تبرئ ساحة السلفيين والله المستعان !


* * *
ومخطط تقويض الثورة يجري على طريقة ( فرق تسد ) حيث تتكاتف قوى عديدة لتفتت قوى ثورة 25 يناير- على كافة أطيافها وألوانها - محدثة صراعات ومشاحنات بين الأطراف المتعددة ، داعية لاستئصال التيار الإسلامي بكافة أطيافه والاستغناء عنه وليذهب إلى الجحيم . وقد انعكس هذا واضحا جليا في جمعة إنقاذ الثورة في الجمعة الماضية.. والهدف بكل وضوح كما قدمت : هو ضرب الإسلاميين بغيرهم من قوى الثورة لإحداث شرخ وانقسام .. هذا الانقسام ستكون تداعياته على الثورة خطيرة جدا مما يؤذن بتقويضها بالكلية . وقد قال الله تعالى ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) . فقد بدأت الثورة المضادة بالنفخ في الفتنة الطائفية وشغلنا أسبوعين بها ثم تحولت إلى النفخ في تحريض الناس للمطالبة بالمطالب الفئوية ثم إلى التحريض على الإخوان المسلمين ثم شيطنة السلفيين وإشعال فتنة بينهم وبين الصوفية .
* * *
ويأتي التحريض على السلفيين هذه الأيام في مقدمة المشهد ، ويدار في الخفاء بحنكة وبصورة لم يسبق لبها مثيل حتى في النظام البائد .. خاصة من إعلام الثورة المضادة .. وتشارك فيه بعض الجهات المشبوهة من متطرفي أقباط المهجر وبعض غلاة الشيعة ومتعصبة الصوفية وغلاة العلمانية مستخدمين الصحف والمجلات والفضائيات ومواقع الانترنت ورسائل المحمول .
وبين يدي طوفان هائل من الصحف والمجلات التي تسيطر عليها ثقافة الإشاعات والغير مهنية بالمرة. والتي جعلت نفسها منصة للاتهام وفي الوقت نفسه منصة للقضاء ، فراحت تكيل الاتهامات المجهزة إلى التيار السلفي ويتولى كبر هذه الفتنة صحيفة الأهرام التي لا تخلو يوميا - وطيلة الأسبوع الماضي وحتى اليوم من خبر مفبرك - عن تهمة رخيصة تلصقها بالسلفيين ، كما أن إدارة روزاليوسف الجديدة - والتي ليس لها إلا بضع أيام سارعت للسير على خطى من سبقتها – فراحت تسرد الأكاذيب تحت عنوان : ( صمت الدولة عن جرائم السلفيين ) وهذه مجلة الإذاعة والتلفزيون والتي بدل أن تنشغل بالخيبة الثقيلة للتلفزيون الرسمي سارعت لعمل ملف خاص تحت عنوان كتب بالخط العريض ( دين السلفيين ) .. إلخ . لقد ظننا أن الصحافة بعد الثورة ستكون للشعب وللثورة فإذا بها تمارس دجل النظام البائد وتزيد عليه إثارة الفتنة والمشاركة في تقويض الثورة فلا حول ولا قوة إلا بالله .
ثم يأتي دور البرامج الحوارية الفضائية وما بها من مذيعين ومحاورين ويلعبون على كل الحبال وجعلوا ضميرهم للإيجار – وراحوا بكل ما أوتوا من قوة وحماس ليخدِّموا على إفك هذه الصحف والمجلات ، هذه البرامج التي لا تمت للمهنية بصلة تستضيف طرفا وتتعمد أن تقصي الطرف الآخر إمعانا في التضليل وغالب من تستضيف من متطرفي العلمانية الذين يدعون لاستئصال التيار الإسلامي كله ، ويعادون التيار السلفي بصفة خاصة لأنه يتصدى لهم ويفضح زيفهم ودجلهم باستمرار . واليوم يستدرجون الصوفية لإيقاد فتنة تنتشر في أرجاء مصر.
* * *
أن أفهم أن العلمانية لا تفرق بين دين وآخر في الرفض والعداء ولكن الغريب أن الكثير من العلمانيين عندنا بمصر علمانيتهم فقط على الإسلام ، وتقطع ألسنتهم إذا تفوهوا بكلمة على أي مسيحي أو أي طائفة أخرى . وهم يمارسون عنصرية مقيتة تجاه الإسلام السني تحديدا ، فهم مستعدون أن يقبلوا أي لحية غير لحية السني سواء كانت لحية قسيس أو حتى هندوسي أو حتى شيعي ، أما لحية السني فهم لا يطيقون رؤيتها .. إنهم يتعاملون مع التيار الإسلامي السني بكافة فصائله بمنطق الاستضعاف الفرعوني ( يستضعف طائفة منهم ) ويتحالفون مع كل طاعن في الإسلام ، ويتعاملون مع الحرية التي يتشدقون بها كما يتعامل أحمد عز مع الحديد في مصر .
* * *

ولا أنسى في صدارة المشهد أن أشيد ببعض العقلاء في تيار الليبرالية الذين ينشدون الحرية الحقيقية للجميع دون تمييز ومن غير تزييف من أمثال الدكتور محمد البردعي - ولذلك شوّهت صورته بصورة لا مثيل لها في الصحف والمجلات والإعلام وفي المترو والسيارات وعلى جدران الحوائط والكباري . وغيره ممن يكرهون الاستئصال والإقصاء ، ويعلمون جيدا من الذي يهدف لتمزيق وحدة الصف المصري .
* * *
كما أعلم أن هناك عقلاء وزهاد من الصوفية يحبون الإخلاص وطريق الآخرة ولا يرضوا أبدا أن يسيروا وراء ما يروج له غلاة العلمانية والمنتفعين من إشاعات رخيصة تؤلبهم على السلفيين ، كما أنهم يعلمون أن بعض مشايخ الصوفية الآن يُصَفُّـون بعض الحسابات مع التيار السلفي لمخالفته لهم في بعض مسائل الاعتقاد فيعلون الآن من شأن الحلاف الأشعري والماتريدي مع السلفيين .
والعدل أيها السادة جميعا : أنه إذا حدث تجاوز من أي فرد كان ينسب نفسه لأي تيار فينبغي أن يتعامل مع المشكلة في نطاق صاحبها فقط دون رمي للناس بالباطل ، وإذا تعدى أحد حدوده من أي طرف فالقضاء هو الفيصل بين الجميع .
* * *
وكلمة أخاطب بها إخواننا من التيار السلفي - ولا أقصد هنا سلفية المرتزقة ومن ينسب نفسه لمنهج السلف وراح ينافق ويخذل الناس ويتكلم بالباطل وهو معروف عند التيار السلفي بانحرافه – وإنما أقصد بعض المشايخ من السلفيين المعتدلين - وشأنهم شأن الكثير من علماء الأزهر وغيرهم - الذين ظنوا أن جهاد الطاغية باللسان ومناصرة الثورة من أول يوم يؤدي للفتنة ، وكذا الذين صمتوا أيام الثورة ولم يكن لهم إيجابية من الثورة ثم تداركوا أمرهم بعد ذلك وانضموا لها .
أقول : إن بعض إخواننا من هؤلاء المشايخ لا يُحسن الخطاب السياسي البتة ، ولا يأبه لما ينطق به من كلام مرسل ، ( ومن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب ) كما يقول الحافظ ابن حجر ، وكيف لهؤلاء أن يتحدثوا بهذه الطريقة في أمر لا يحسنوه ولا يعرفوا دهاليزه فيجلبوا لأنفسهم ولإخوانهم من الشرور ما الله به عليم .
إن هؤلاء المشايخ ينبغي أن يتأملوا معي قول علي رضي الله عنه : ( حدِّثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يُكَذَّب الله ورسوله ) رواه البخاري ، وقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) رواه مسلم .
وكلمة لأتباع هؤلاء المشايخ ممن يتعصبون لهم ويرفضون أي نقد يوجه لهم ولو كان منصفا : ما الفرق في غلوكم في مشايخكم وبين ما ترفضوه من غلو لبعض الصوفية في مشايخهم ؟ حرروا عقولكم وأنصفوا واعدلوا واقبلوا الحق ممن جاء به ولو كان مخالفا لكم .
* * *
وللجميع أقول : إن ثورة 25 يناير هدية من السماء لشعب ظلم كثيرا ، ونعمة مَنَّ الله بها علينا وينبغي أن نشكره عليها ، لا أن نكفر بها . وإن من يتهاون منا في الحفاظ على هذه الثورة المجيدة من أي تيار سيندم أشد الندم ، وصدق القائل : إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
وحطها بطاعة رب العباد *** فرب العباد سريع النقم
قال الله تعالى : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) . اللهم فرج كرب المصريين .

أشرف عبد المقصود
Bokhary63@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق